
شهادات دولية تدين «الإبادة الجماعية » في غزة.. ما الذي قاله المشاهير؟
هذه المقاطع تشير إلى أن الأحداث التي تلت السابع من أكتوبر لم تكن مجرد رد فعل، بل كانت ترخيصًا لإطلاق 'شياطين' كامنة داخل المجتمع الإسرائيلي، الذي لم يعانِ قط من عواقب أفعاله الإجرامية؛ ما أدى إلى ثقافة الإفلات من العقاب والعنصرية الصارخة.
علاوة على ذلك، تبرز المقاطع المتداولة أن ما يجري يشكل قمة تاريخ طويل من التراكمات السلبية. ويعتقد أن المجتمع الإسرائيلي قد تجاوز عتبة أخلاقية، وأنه في هذه اللحظة، لا توجد إمكانية لإقناع الإسرائيليين بخطأ طريقهم. ما يعزز من قناعة هؤلاء النشطاء بأن ما يحدث في القطاع يؤكد الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني. هذا التحليل يعطي بعدًا تاريخيًا للأحداث، ويفسر العنف المتصاعد والمتواصل.
استهداف المدنيين وتشويه الحقائق
من ناحية أخرى، تقدم صحفية أمريكية في أحد المقاطع رؤية أخرى لما يحدث؛ إذ تدين بشدة ما تسميه 'تشتيت الانتباه' عن القضية الجوهرية. وتؤكد الصحفية أن جنود الاحتلال يطلقون النار عمدًا ويقتلون فلسطينيين يائسين، بينما يحاولون الحصول على مساعدات إنسانية، وهي حقيقة يتم التغاضي عنها. كما تشير إلى أن منظمة 'غزة الإنسانية' التي توزع المساعدات قد استدرجتهم، ليتم إطلاق النار عليهم بعدما شوهت سمعة 'الأونروا'.
وتتابع الصحفية قائلة: 'لا تنسوا أن أكثر من 200 شخص قد تم إطلاق النار عليهم وقتلهم على يد جنود إسرائيليين منذ أواخر مايو'.
كما تضيف أيضًا أنه لا يجب نسيان '232 صحفيًا في غزة تم ذبحهم على يد الجيش الإسرائيلي'. مؤكدة أن هذه هي جوهر القصة. وتختتم كلامها بوصف ما يحدث بالإبادة الجماعية في غزة وتعبر عن اشمئزازها من كل من يدافع عن هذه الأفعال.
صوت أنجلينا جولي وتواطؤ الحكومات
في سياق متصل، تقدم الممثلة أنجلينا جولي، وهي أيضًا مبعوثة خاصة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. شهادة قوية تدين فيها 'القصف المتعمد لسكان محاصرين ليس لديهم مكان يفرون إليه'.
علاوة على ذلك، تؤكد 'جولي' أن 'غزة كانت سجنًا مفتوحًا لما يقرب من عقدين من الزمن وتتحول بسرعة إلى مقبرة جماعية'. ما يعطي وصفًا صادمًا للواقع.
وإلى جانب ذلك، تبرز أن 40% من القتلى هم أطفال أبرياء. وتقتل عائلات بأكملها بينما يشاهد العالم، وبدعم من العديد من الحكومات'.
كما تضيف أن 'ملايين الفلسطينيين يعاقبون جماعيًا ويعاملون بلا إنسانية. وكل ذلك مع حرمانهم من الطعام والدواء بما يخالف القانون الدولي'. وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.
الضمير العالمي في مواجهة الجرائم
من ناحية أخرى، تقدم تصريحات 'جولي' اتهامًا صريحًا لقادة العالم بالتواطؤ في هذه الجرائم؛ حيث قالت: 'من خلال رفض المطالبة بوقف إطلاق نار إنساني ومنع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من فرضه على كلا الطرفين. فإن قادة العالم متواطئون في هذه الجرائم'. هذه الكلمات تلقي مسؤولية مباشرة على المجتمع الدولي، وتطالب بضرورة اتخاذ إجراءات فورية لوقف العنف.
في السياق ذاته، تظهر هذه المقاطع المتداولة أن هناك أصواتًا من مختلف أنحاء العالم تدين بشدة ما يحدث. وتشير إلى أن القصة الحقيقية لا تقتصر على ما يروج في وسائل الإعلام الرئيسة.
هذه الشهادات تعزز من الرواية الفلسطينية، وتقدم دليلًا إضافيًا على أن العنف الممارس بحق المدنيين في قطاع غزة هو انتهاك واضح للقانون الدولي.
جدل التمويل وتشويه سمعة المؤسسات
يسلط المقطع الثاني الضوء على جدل آخر يتعلق بتمويل المؤسسات الإنسانية. بينما تدافع الصحفية الأمريكية عن حقيقة أن منظمة 'مؤسسة غزة الإنسانية' تقدم المساعدات. يسمع صوت صحفية أخرى تقاطعها، قائلة: 'حماس كانت تدير مؤسسة غزة الإنسانية حتى. لقد أكدوا ذلك'.
في المقابل، ترد الصحفية الأولى بغضب قائلة: 11 مليون وجبة تم توزيعها. حماس تدير مؤسسة غزة الإنسانية، هذا شيء ليس لطيفًا على الإطلاق. أعرف أنك لا تحبين الحقائق يا آنّا، لكن هذه هي الحقيقة'. هذا الجدل يظهر كيف يتم استغلال أي معلومة لتشويه سمعة المؤسسات التي تقدم المساعدات. وهو ما يعقد من وصول الدعم الإنساني للمحتاجين.
تأثير الأصوات المستقلة في الرأي العام
تظهر المقاطع المتداولة أن الأصوات المستقلة، مثل: الممثلة أنجلينا جولي، والصحفية الأمريكية، لها تأثير كبير على الرأي العام. هذه الشخصيات، التي تقدم شهاداتها من منطلق إنساني، تسهم في كسر حاجز الصمت، وتعطي بعدًا إنسانيًا للأزمة. ما يحفز الناس على التفكير بشكل نقدي، والبحث عن الحقائق بعيدًا عن التغطية الإعلامية التقليدية.
علاوة على ذلك، تشير هذه المقاطع إلى أن منصات التواصل الاجتماعي، مثل 'تيك توك'، أصبحت مساحة حيوية لتداول المعلومات والأفكار. ما يمكن النشطاء من الوصول إلى جمهور أوسع، ونشر وجهات نظر مختلفة عن تلك التي تروجها المؤسسات الرسمية. هذا التحول يعزز من دور المواطن العادي في تشكيل الرأي العام العالمي، ويمكنه من مواجهة الروايات السائدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
الدول المغلقة... رهينة "عقدة البحر" وتحديات المصالح
في ظل أهمية البحار كرابط جغرافي - إنساني تتصل به مصالح الدول والشعوب، تعيش بعض الدول ظروفاً جغرافية تجعلها مغلقة ضمن حدود لا توصلها لأي من المياه الدولية في البحار والمحيطات. مشكلة "الدول الحبيسة" لعب فيها عامل الظرف الطبيعي والتقسيمات الجغرافية لحدود الدول، ضمن إفرازات الاستعمار الحديث... فكيف تنظر الدول المغلقة إلى واقعها؟ وإلى أي مدى تستطيع تحقيق مصالحها كغيرها من الدول الساحلية؟ وما الأبعاد المترتبة ضمن التحديات ما بين علاج الانغلاق والتنافس الجيوسياسي؟ شهدت دولة تركمانستان في أغسطس (آب) الجاري، انعقاد المؤتمر الثالث للأمم المتحدة للدول الأقل نمواً التي لا تملك منفذاً بحرياً (LLDC3) الذي عقد في مدينة أوازا، تحت شعار "دفع عجلة التقدم من خلال الشراكات"، وشارك في المؤتمر ممثلون عن 32 دولة نامية غير ساحلية. ويأتي المؤتمر الذي يعقد مرة كل 10 أعوام كفرصة للدول النامية غير الساحلية للتداول حول المشكلات المترتبة، والعمل الجماعي لتحقيق مصالح مشتركة عبر تذليل المصاعب التي تواجهها. الانغلاق وما تعيشه بعض الدول المسماة بـ"المغلقة"، يشكل عقبة حقيقية على طريق تحقيق كثير من المصالح الاقتصادية والتنموية والسياسية، إذ تتحمل هذه الدول أعباء وكلفاً معوقة لحركتها التجارية ونموها الاقتصادي، مما يمثل عقبة في التنافس الحر مع العالم، والاعتماد على غيرها من دول مجاورة، وعجزها النسبي في جذب الاستثمارات الأجنبية. كل ذلك يرتب نتائج سلبية على اقتصادها ونموها مقارنة بغيرها من الدول الساحلية. ويظل العامل السياسي في علاقاتها مع الجوار الساحلي مصدر خطر مستمر يجعل مصالحها الاقتصادية عرضة للتقلبات السياسية، مما يؤثر في حركة تجارتها، فضلاً عن تحملها أعباء فتح طرق برية طويلة وإنشاء سكك حديدية، وما لذلك من انعكاسات سلبية على التنمية، إلى جانب الحرمان النسبي من التواصل الحضاري النشط مع العالم الخارجي. كسر الحواجز توجد في العالم 44 دولة مغلقة (غير ساحلية) 16 منها في أفريقيا، إلى جانب 12 دولة في آسيا، و10 دول أوروبية، ودولتين في أميركا الجنوبية. وما يسمى أوقيانوسيا تضم أربع جهات هي عبارة عن "جزر داخلية" و"أقاليم غير ساحلية" داخل بعض الجزر. وتشكل تلك الدول مجتمعة موطناً لأكثر من 500 مليون شخص. وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في خطابه أثناء مشاركته في المؤتمر بتركمانستان على ضرورة ألا تحدد الجغرافيا مصير الشعوب، داعياً إلى خطة تنموية طموحة تمتد عقداً مقبلاً لكسر الحواجز الاقتصادية وتحقيق العدالة العالمية. وقال الأمين العام في افتتاح المؤتمر، "إن الهدف هو تحديد الحلول التي يمكن أن تزيل الحواجز التي تواجهها هذه الدول وتعيد الإنصاف إلى التنمية العالمية. وحث قادة العالم على إعادة التفكير في التنمية للدول غير الساحلية"، حين قال "نجتمع اليوم لنؤكد حقيقة أساسية، المصير لا ينبغي أبداً أن تحدده الجغرافيا". حلول الأمم المتحدة وفي القارة الأفريقية تمثل دول كإثيوبيا وتشاد والنيجر وأوغندا وزامبيا وجنوب السودان نماذج لدول أفريقية غير ساحلية (مغلقة)، وفي وقت تعاني فيه معظم دول القارة السمراء تخلفاً اقتصادياً واجتماعياً لأسباب عدة يأتي الواقع الجغرافي الذي تعيشه الدول الأفريقية غير الساحلية كعقبة أساس تجاه التنمية واللحاق بركب العالم. وتعتبر إثيوبيا من أكثر الدول تأثراً بالانغلاق ضمن واقعها الإقليمي الذي تشكل فيه واحدة من أكثر الدول الأفريقية تعداداً للسكان (130 مليون نسمة)، إلى جانب حيثيات أخرى (تاريخية وآنية). وهناك من الدول من يمثل لها الانغلاق واقعاً لا فكاك عن ظرفه إلا عبر اتفاقاتها مع الجوار الساحلي في نشاطها التجاري والاقتصادي، وحركة استثماراتها المتبادلة مع العالم الخارجي، ومعظم هذه الدول تخلق مع الجوار الإقليمي الساحلي اتفاقات متفاوتة، وهي رهينة مصالح وظروف غير ثابتة. وبسبب ما تعاني الدول المغلقة من إشكال تبنت الأمم المتحدة عدداً من الاتفاقات كحلول وهي: - اتفاق الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) 1982 خصص الجزء العاشر منه لـ"حق المرور العابر" للدول غير الساحلية. ويعطي الاتفاق الدول المغلقة حق الوصول إلى البحر عبر أراضي الدول الساحلية المجاورة من دون فرض قيود، أو رسوم غير مبررة. وتنص على أن يكون المرور حراً وسريعاً للبضائع والأشخاص، مع احترام سيادة الدولة الساحلية. - إعلان ألما آتا (1979) صدر في المؤتمر الأول للأمم المتحدة عام 1979 حول الدول النامية غير الساحلية، وأكد مسؤولية المجتمع الدولي في دعم الدول المغلقة عبر البنية التحتية، وتسهيل الاتفاقات التجارية، وتخفيض كلف النقل. - برنامج عمل فيينا (2014–2024) يمثل وثيقة أممية استراتيجية تضع خطة شاملة لمعالجة التحديات الخاصة بالدول المغلقة، ترتكز على عدد من البنود المساعدة، إلى جانب آليات دعم أخرى. ووصف غوتيريش المؤتمر كونه "يهدف إلى إطلاق عقد جديد من الطموح، من خلال 'خطة عمل أوازا' ونتائجها، وإطلاق العنان لإمكانات التنمية الكاملة للدول النامية غير الساحلية". وتمثل "خطة عمل أوازا" التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 2024، التزاماً عالمياً متجدداً ومعززاً لدعم تطلعات التنمية للدول النامية غير الساحلية. على رغم وجود هذه القوانين فهي رهينة لواقع التطبيق الذي يظل تحدياً، وتعتمد جملة الاتفاقات إلى جانب متبنيات الأمم المتحدة على حسن النيات والعلاقات السياسية للدول لإقرار الحقوق. وحدد الأمين العام للأمم المتحدة التحديات التي لا تزال الدول النامية غير الساحلية تواجهها، وهي "حواجز تجارية شديدة، وكلف نقل مرتفعة، ومحدودية الوصول إلى الأسواق العالمية". وحذر من أن "عبء الديون على الدول بلوغ مستويات خطرة". وفي حديثه عن ضعف تمثيل الدول النامية غير الساحلية في الناتج الاقتصادي والتجارة العالميين، أرجع غوتيريش ذلك إلى التفاوتات العميقة التي تديم التهميش. وعزا ذلك إلى "هيكل اقتصادي ومالي عالمي غير عادل لا يعكس حقائق عالم اليوم المترابط"، إضافة إلى إرث الاستعمار. ورحبت إثيوبيا ببرنامج عمل أوازا (2024–2034)، الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقال وزير النقل واللوجيستيات الإثيوبي، أليمو سيمي "إن هذه الحقوق يجب أن تنفذ بصورة شاملة ومتسقة مع القانون الدولي، لما لذلك من أهمية في دعم التنمية المشتركة وتحقيق سلام دائم". ودعت إثيوبيا إلى اتباع نهج عالمي تحويلي يضمن حقوقاً بحرية متكافئة للدول النامية غير الساحلية، مشددة على ضرورة تجديد الالتزام الدولي تجاه شراكات شاملة وفعالة تعالج التحديات الهيكلية التي تواجه هذه الدول. واعتبر سيمي أن "ضمان الوصول الآمن إلى البحر لا ينبغي أن يختزل في مجرد العبور، بل يجب أن يشمل مشاركة الدول غير الساحلية في الفرص الاقتصادية البحرية، إلى جانب حماية البيئة وتعزيز الأمن البحري". وأضاف، "تعتقد إثيوبيا أن الموارد البحرية في أعالي البحار، التي تغطي نحو نصف مساحة الكوكب، يجب أن تسهم في ازدهار جميع الدول، وليس فقط تلك التي تملك منافذ بحرية"، داعياً إلى اعتماد نماذج جديدة تضمن عدالة في الحقوق البحرية. ساحلية إثيوبيا إثيوبيا كنموذج أفريقي، إلى جانب الثقل الكبير في عدد سكانها الذي يمثل أحد الضرورات الاقتصادية والاستراتيجية الدافعة نحو الارتباط بالساحل، ظلت ذات صلة مباشرة ولعقود طويلة بالبحر، واستخدمت ميناءي "عصب" و"مصوع" مباشرة، فعلى مدى العصور القديمة والعصور الوسطى كانت معظم الممالك التي ازدهرت في إثيوبيا تملك سواحل على البحر الأحمر. وخلال فترة الاتحاد الفيدرالي ما بين عامي 1952- 1962 ظل ميناءا عصب ومصوع منفذي إثيوبيا البحرية للإطلال على العالم. أصبحت إثيوبيا دولة مغلقة بعد استقلال إريتريا الحديث في الـ24 من مايو (أيار) 1993 (التاريخ الرسمي لاستقلال إريتريا)، لتعتمد بنسبة كبيرة على موانئ الجوار الساحلي، سواء مع دولة جيبوتي التي تبعد عن أديس أبابا بنحو 910 كيلومترات تقريباً، أو استخدامها للميناءين الإريتريين "عصب" و"مصوع" اللذين يبعدان عن أديس أبابا توالياً بـ780 و10.60 كيلومتر تقريباً، وذلك بالاتفاق مع الحكومة الإريترية قبل الحرب الإثيوبية – الإريترية (1999-2000)، ثم أخيراً بعد تولي رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد السطلة في مارس (آذار) 2018، قبل أن تتوتر مجدداً علاقات البلدين مما حرمها أخيراً استخدام هذه الموانئ. التجربة الساحلية الطويلة التي امتدت أعواماً عدة، هي التي تحمل إثيوبيا على الحديث عن المنفذ البحري كحق شرعي. وتقول استراتيجية الماءين التي أخرجها معهد الشؤون الخارجية (IFA)، التابع لوزارة الخارجية الإثيوبية، إنه "في مفهوم الدولة الحديثة، من بين الأشياء التي تجعل أي دولة تصنف كدولة، هو امتلاكها الحدود الخاصة بها، وإن حدود البلدين يتم ترسيمها وتحديدها بأوضاع مختلفة، بعض الدول ليس لديها منفذ بحري لذا تضطر إلى استخدام دول الجوار التي لديها منفذ بحري للوصول إلى البحر". وتضيف الدراسة أن "الحاجة الماسة لهذه الدول هي الوصول إلى البحر والحصول على منفذ بحري، والسبب أنه إذا لم تستطع الوصول إلى البحر فلن تستطيع تصدير البضائع أو توريدها، كما تحرم من فرصة الملاحة في المحيطات والاستفادة من مواردها". وتشير الاستراتيجية إلى أنه "من الصعب الإشارة إلى الاتفاقات الدولية أو القوانين العرفية في ما يتعلق بطلب إثيوبيا الحصول على منفذ بحري، على أنها تساند هذا الطلب وتدعمه مباشرة. ومن هذا المنطلق ومع صعوبة الاعتقاد بأن إثيوبيا تحقق هدفها المطلوب بالقانون والحجج فقط إلا أنها إذا استطاعت الحصول على منفذ بحري باستخدام خياراتها الأخرى، سيكون لديها فرصة تقديم استدلالات وحجج من المبادئ القانونية لإسقاط القوانين التي حرمتها منفذها البحري". ضمن هذه الحيثيات المشار إليها، شهد يناير (كانون الثاني) من عام 2024 توقيع مذكرة تفاهم بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال (غير المعترف باستقلاله)، تمنح أديس أبابا منفذاً بحرياً في الإقليم مقابل الاعتراف الإثيوبي به كدولة مستقلة، مما فجر أزمة بين إثيوبيا والصومال، أدت إلى تدخل أطراف إقليمية أخرى هي مصر وإريتريا، ولا تزال تداعياتها مستمرة حتى الآن على رغم الوساطة التركية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) الإشكالات الجيوسياسية من جهته قال الباحث الإثيوبي في الشؤون الدولية علي حسين إن "الدول المغلقة أو الحبيسة تمثل واحدة من أبرز الإشكالات الجيوسياسية التي تتقاطع فيها العوامل الطبيعية مع التاريخية والسياسية. فغياب المنفذ البحري لا يعد مجرد عائق جغرافي، بل هو عامل يفرض واقعاً اقتصادياً وأمنياً معقداً، يجعل هذه الدول تعتمد بدرجات متفاوتة على جيرانها الساحليين للوصول إلى الممرات البحرية والأسواق العالمية. هذا الاعتماد قد يكون لبعض الدول جسراً للتكامل والتعاون، لكنه قد يتحول أحياناً إلى أداة ضغط سياسي واقتصادي إذا تداخلت المصالح الوطنية للدول مع حسابات النفوذ الإقليمي". وأضاف، "إن قدرة الدول المغلقة على تجاوز إشكالية الجغرافيا الانغلاقية تعتمد على إيجاد توازن ذكي بين الضمانات الدولية والترتيبات الإقليمية الخاصة، وبين حقها المشروع في الوصول إلى البحار وحق الدول الساحلية في حماية سيادتها. فالحلول الناجحة يجب أن تجمع بين رؤية استراتيجية طويلة المدى وسياسات عملية مرنة تراعي خصوصية كل حالة، مع الاستعداد الدائم لمواجهة المتغيرات الجيوسياسية". عقدة البحر أما في ما يتعلق بنظرة الدول الحبيسة إلى واقعها فيقول المتخصص في العلاقات الدولية محمد حسب الرسول "تتشكل لدى الدول الحبيسة عقدة اعتمادها اعتماداً كلياً على الدول الساحلية المجاورة لها للوصول إلى الموانئ البحرية. في ظل هذه الوضعية تبرز مخاوف من استغلال الدول الساحلية لوضعيتها في فرض رسوم أو أعباء كبيرة على الدولة المغلقة. وتؤدي الأزمات السياسية وغيرها إلى تهديد مصالح الدول المغلقة في ظل أي خلافات أو توترات سياسية بين الطرفين وهناك أمثلة كثيرة لذلك". ويتابع أن "الواقع الذي تعيشه الدول الحبيسة يظل غير مستقر تجاه المصالح الاقتصادية والتنموية وعملية الانفتاح على العالم، كل ذلك يدعو إلى حماية دولية لهذه الدول في تحقيق حياة طبيعية في ظل الحفاظ على مصالحها والعيش في استقرار". وفي ما يتعلق بمدى إمكان الدول المغلقة تحقيق مصالحها، يوضح حسب الرسول، أن "ذلك ممكن عبر علاقات طبيعية قائمة على الاحترام المتبادل بين الدولة المغلقة والساحلية، والاعتراف بالحقوق بين الأطراف في ظل التزام القوانين الدولية التي تمنح الدول المغلقة حقوقاً ثابتة في الوصول إلى البحر عبر أراضي الدول الساحلية من دون فرض رسوم غير مقنعة". أما عن الأبعاد المترتبة على التحديات المفروضة، بين علاج الانغلاق والتنافس الجيوسياسي، فيشير المتخصص في العلاقات الدولية إلى أنه "في ظل علاقات الأطراف يمكن أن تبرز أيضاً مخاوف لدى الدول الساحلية من سطوة دول كبيرة حبيسة ذات أطماع سرية في استقلال نفوذها وقوتها في تحقيق غاية الوصول إلى البحر بأي طريقة من الطرق". يتابع "في كل الأحوال ينبغي على الدول الحبيسة والساحلية تبني الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية سواء في الإنصاف والتعاون الاقتصاديين، وتسهيل التجارة والاستثمار في ما بينها، وأيضاً عدم المساس بالسيادة الوطنية للدول الأخرى، والتزام القوانين الدولية". رهينة مرجعيات الكاتب المتخصص في الشؤون الأفريقية يوسف ريحان يقول إن "قدر الجغرافيا في حظوظ تقسيمات الأرض بين الدول والجماعات ليس بجديد، فمنذ القدم يحكي التاريخ عن الممالك والإمبراطوريات والسلطنات التي كانت قائمة ومعظمها مشاطئة للبحر، فهي متقدمة بقوتها ونفذوها على بقية المناطق الأخرى البعيدة من المسطحات المائية وهذا أمر طبيعي في التميز السياسي. وعلى رغم أن ميزات الانفتاح البحري تزداد أهميته في عصرنا الحاضر، فإن التقسيمات الجغرافية للدول في عالمنا الثالث أخذت تموضعها الراهن على ضوء تقسيم المستعمر ورسمه للحدود وفق مصالحه". ويضيف أنه "بالنسبة إلى الدول الأفريقية فإن منظمة الوحدة الأفريقية بعد تأسيسها عام 1963 عملت على حسم جدل الاختلاف على الحدود بناءً على الواقع الذي خلفه المستعمر بعد خروجه، من دون تحديد مرجعية واضحة وهذا التقسيم بطبيعة الحال أوجد دولاً مشاطئة ومنفتحة على مسطحات مائية وأخرى حبيسة. في أفريقيا مثلاً هناك 16 دولة حبيسة، وهي تختلف بنسب بعدها عن البحر، فهناك دول حبيسة تفصلها عن الدولة المشاطئة دول عدة، وأخرى تجاورها دولة مشاطئة مباشرة، وتأثير ذلك يختلف من دولة إلى أخرى حسب المسافات والوضع الاقتصادي للدولة وحسب مساحتها كذلك. ولا أحد يختلف في أن الدول المشاطئة، بخاصة في شرق أفريقيا المنفتحة على البحر الأحمر (أحد أهم الممرات البحرية العالمية)، كونها في منطقة تعتبر مصدراً للطاقة العالمية ويتصل فيها البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس، وهذا يكسب تلك الدول ميزة إضافية، وفقدان ذلك بالطبع يلقي على الدول الحبيسة أعباء اقتصادية تلقي بظلال سلبية عليها". وعن قدر الجغرافيا الانغلاقية بالنسبة إلى الدول، يوضح أنه "على رغم أن للانغلاق آثاراً اقتصادية سلبية في اعتماد الدول على غيرها وارتباط اقتصادها بأقدار السياسة والجوار الساحلي، فإن تحدي الجغرافيا لم يكن في وقت من الأوقات بالحاجز الصلد الذي يقف حجر عثرة، ويحول دون انطلاق الدول الحبيسة، فهناك تجارب تقدم وتطور لكثير من تلك الدول التي حققت معدلات نمو عالية فاقت في بعض الأحيان بعض الدول المشاطئة. فعلى سبيل المثال، حققت إثيوبيا ورواندا والنيجر وفقاً لبنك التنمية الأفريقي معدلات نمو تجاوزت الخمسة في المئة في العام الماضي 2024 وهي دول حبيسة". ويتابع "القارة الأفريقية بجميع دولها تحقق نهضتها ببناء الاقتصادات المشتركة، وتنفيذ اتفاقات التجارة والتعاون بين الدول والأقاليم والربط بينها بشق الطرق وسكك الحديد، وهو الطريق الأمثل والأقل كلفة للتخفيف من انعكاسات الانغلاق الذي يحول دون الانفتاح المباشر على البحر. كذلك فإن الدول الحبيسة لديها فرص في تحقيق معدلات نمو عالية، إذا تحقق لها السلام والاستقرار الحقيقيين". وعن التحديات ما بين علاج الانغلاق والتنافس الجيوسياسي يقول ريحان، "تظل تطلعات الدول الحبيسة للحصول على منفذ بحري رهينة بمرجعيات واثقة لا بد من الرجوع إليها لأنه ومن دون مرجعيات سينفتح باب كبير للاختلاف. وترك الباب مفتوح على عواهنه في أحوال كهذه سيقود إلى توترات يمكن أن تتطور لتصبح حروباً في منطقة مستهدفة وتسعى جهات خارجية إلى ضرب استقرارها وإعادة رسمها من جديد". الجغرافيا لعبة نفوذ من جهته يقول الكاتب والباحث في الشؤون الأفريقية عمار العركي إن "الدراسات الجغرافية والسياسية تشير إلى أن الدول المغلقة تواجه معضلة استراتيجية مزدوجة، بين الحلول العامة التي توفرها المواثيق الدولية، والحلول الخاصة التي تفرضها تفاهمات أو ترتيبات ثنائية مع جيرانها". ويضيف أن "الحلول العامة، مثل ما نص عليه اتفاق الأمم المتحدة لقانون البحار، تمنح هذه الدول حق الوصول إلى الموانئ، لكنها تصطدم بعوائق التنفيذ عندما تتشابك المصالح أو تتوتر العلاقات السياسية. أما الحلول الخاصة فتعتمد على اتفاقات ثنائية تمنح ممرات تجارية أو مناطق عبور، لكنها غالباً تأتي مشروطة بمكاسب سياسية أو اقتصادية للدول الساحلية. هذه الدول تنظر إلى واقعها كقيد جغرافي يحد من قدرتها على المنافسة في التجارة العالمية وجذب الاستثمارات، ويجعلها عرضة لتأثيرات الأطماع الجيوسياسية. وعلى رغم أن القانون الدولي يضمن لها مصالح عادلة، فإن ميزان القوة الفعلي يجعلها في موقع تفاوضي أضعف من نظيراتها الساحلية". وفي ما يتعلق بالتحديات يوضح العركي أن "التحديات تمتد من الأبعاد الاقتصادية، مثل ارتفاع كلف النقل، إلى الأبعاد الأمنية والسياسية، حيث تصبح خطوط الإمداد عرضة للانقطاع، والسيادة الوطنية عرضة للتأثر بمواقف الجيران". ويضيف "في عالم اليوم لم تعد الجغرافيا قدراً جامداً بقدر ما أصبحت ورقة في لعبة النفوذ. الدول المغلقة ليست مجرد 'ضحايا' موقع جغرافي، بل أطراف فاعلة أو مستهدفة في معادلات القوة الإقليمية والدولية. التاريخ المعاصر يكشف عن أن من امتلك أدوات التفاوض والتحالف نجح في كسر عزلة اليابسة، كما فعلت إثيوبيا حين ضمنت منفذاً عبر جيبوتي، أو كازاخستان حين ربطت اقتصادها بالموانئ الروسية والصينية. لكن الوجه الآخر للصورة أكثر قتامة، فالدول التي عجزت عن إدارة اعتمادها على جيرانها تحولت إلى ساحات ضغط ومساومة، وأحياناً إلى بؤر توتر، وقد يصبح المنفذ البحري ورقة مساومة في ملفات سياسية وأمنية أكبر بكثير من حجم التجارة أو النقل. في الجغرافيا السياسية من يملك الممرات يملك القرار، ومن لا يملكها يحتاج إلى ذكاء سياسي وشبكة تحالفات تبقيه على الخريطة كلاعب، لا كمجرد رهينة لموقعه".


Independent عربية
منذ 6 ساعات
- Independent عربية
مواجهات طاحنة بين الجيش و"الدعم السريع" في الفاشر وبابنوسة
تتواصل منذ أيام عدة المعارك والمواجهات والقصف المدفعي الثقيل المتبادل بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في مناطق عدة بمدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، بخاصة على المحور الجنوبي الغربي. كبح وسيطرة وكشفت مصادر عسكرية أن الجيش و"القوات المشتركة" الحليفة له، خاضا أمس الخميس اشتباكات عنيفة لليوم الرابع على التوالي، وتمكنا من كبح محاولة جديدة من "الدعم السريع" للتسلل نحو عمق المدينة ومقر الفرقة السادسة للجيش، وبسطا سيطرتهما الكاملة على معظم المحاور، مشيرة إلى أن الطيران الحربي تمكن من تدمير قافلة من إمدادات الأسلحة والذخائر على حدود السودانية - التشادية كانت في طريقها إلى المدينة. أوضحت المصادر أن الجيش و"المشتركة" نصبا مكمناً ناجحاً ضد "الدعم السريع"، أسفر عن تدمير أربع مدرعات والاستيلاء على تسع أخرى، ومقتل 16 من عناصرها بينهم مرتزقة أجانب. ومنذ منتصف الأسبوع الماضي استأنفت قوات "الدعم السريع" هجماتها العنيفة على المحور الجنوبي للمدينة، ضمن محاولاتها التقدم نحو دفاعات الفرقة السادسة مشاة للجيش. وعلى رغم نفي الجيش إحراز "الدعم السريع" أي تقدم نحو مقر قيادة الفرقة السادسة، فإن القوات ما زالت تؤكد تقدمها واقترابها من مقر قيادة الفرقة، مشيرة إلى أن حقول الألغام حول مقر الفرقة هي ما يعوق تقدمهم أكثر. درع حصينة وجدد قائد الفرقة السادسة مشاة بالفاشر، اللواء محمد أحمد الخضر، تأكيد أن الفرقة ستظل درعاً حصينة للدفاع عن البلاد والفاشر ومواصلة دحر الميليشيات المتمردة وفك الحصار عن المدينة. وأوضح الخضر، في كلمة له لمناسبة عيد الجيش المئوي، أن "القوات المسلحة والمشتركة والقوات النظامية الأخرى والمستنفرين والمقاومة الشعبية، سطروا ملاحم من المجد في معركة الكرامة الوطنية وظلت صامدة في وجه التحديات بعزم وإرادة قوية". ومع تصاعد المواجهات في الصراع المحتدم للسيطرة على مدينة الفاشر شمال دارفور منذ منتصف الأسبوع الماضي من دون انقطاع، بلغت الأزمة الإنسانية المأسوية ذروتها، وبات سكان الفاشر يواجهون خطر الموت جوعاً نتيجة النقص الحاد في الغذاء والرعاية الصحية. ويواصل وباء الكوليرا تفشيه المقلق في مناطق جديدة في دارفور، بخاصة في معسكرات طويلة وجبل مرة ونيالا وزالنجي ومحلية شعيرية بمنطقة خزان جديد، بازدياد مطرد في عدد الحالات اليومية المسجلة بمراكز النزوح، وفق المنسقية العامة للنازحين بدارفور. وأفاد آخر تحديث للمنسقية بأن إجمال الحالات اليومية منذ تفشي المرض بلغ 6119 إصابة و260 وفاة. وطالب والى شمال دارفور، الحافظ بخيت، المجلس باتخاذ خطوات عملية لإنفاذ القرار رقم 2730 الذي طالب فيه الميليشيات برفع الحصار عن الفاشر ووقف القتال والسماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق. ونوه بخيت في معرض ترحيبه ببيان مجلس الأمن الأخير في شأن أزمة الفاشر، بأن الأوضاع الإنسانية بالمدينة لا تحتمل التأخير في إيصال المساعدات الإنسانية، مبيناً أن الميليشيات عندما فشلت في إسقاط المدينة عسكرياً أصبحت تستخدم تجويع المواطنين ومحاصرتهم لإسقاطها مما يعتبر جريمة حرب مكتملة الأركان تستوجب المحاسبة والعقاب. عد الوالي هذه الحرب "وجودية تستهدف وحدة السودان"، مؤكداً أن "دارفور والفاشر تحديداً لن تكون البوابة للوصول إلى هذه الأهداف مهما كان الثمن". وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" أعلنت تسجيل وفاة 40 شخصاً في الأقل بسبب الكوليرا خلال أسبوع واحد بدارفور في ظل تفش واسع للمرض في البلاد. ونبهت المنظمة إلى أن فرقها الطبية عالجت أكثر من 2300 مريض في الإقليم، مشيرة إلى أن سكان السودان يعانون الآن أسوأ تفش للكوليرا تشهده البلاد منذ أعوام. إسقاط واشتباكات وفي غرب كردفان، دارت اشتباكات عنيفة بين قوات الفرقة 22 مشاة بمدينة بابنوسة وقوات "الدعم السريع" التي تحاصر المدينة منذ أشهر بعد تهجير معظم سكانها. ووقعت الاشتباكات أثناء هجوم شنته "الدعم السريع" للاستيلاء على المؤن ومعدات لوجيستية أسقطها الطيران الحربي لإمداد الفرقة 22 مشاة. وبحسب المصادر، تمكنت قوات الفرقة 22 من تسلم الإمدادات "وكبدت العدو خسائر كبيرة واستولت على ثلاث عربات قتالية". وتفرض قوات "الدعم السريع" حصاراً على مدينة بابنوسة منذ أشهر عدة، مع تصعيد وتيرة هجماتها المتكررة على المدينة منذ ذلك الحين، لكنها فشلت في إسقاط الفرقة نتيجة الدفاع المستميت عنها. آلاف النازحين في شمال كردفان تشهد مناطق وأرياف غرب مدينة بارا عمليات حربية نشطة نفذت خلالها "قوات العمل الخاص" عملية ناجحة خلف خطوط "الدعم السريع" بهدف الاقتراب أكثر وتضييق الخناق على مدينة الأبيض عاصمة الولاية، مما أدى إلى تشتيت عناصرها وأحدثت في صفوفها خسائر كبيرة، بحسب مصادر ولائية. وكشفت "شبكة أطباء السودان" عن وصول قرابة 3 آلاف أسرة مهجرة من 66 قرية بولاية شمال كردفان إلى ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض، بعد الهجمات التي شنتها الميليشيات على قراهم. وأكد بيان للشبكة أن تلك الأسر تعرضت لعمليات طرد وتهجير قسري، ونهب للأموال والحيوانات، فضلاً عن حملات اعتقال لعدد من قادتها، في هجمات ممنهجة شنتها الميليشيات على مناطقهم في إداريتي أم سيالة وأم قرفة. وأكدت الشبكة أن هذه الأعمال الإجرامية أدت إلى تشريد آلاف الأسر مما يعرضهم لأخطار كبيرة بخاصة مع قرب موسم الزراعة الذي يعد شريان حياة لكثيرين في المنطقة. وأضافت أن "استمرار مثل تلك السياسات ستفاقم الأزمة الإنسانية في شمال كردفان، وتفشل الموسم الزراعي، مما يعني فرض جوع ممنهج على السكان الذين يعتمدون بصورة رئيسة في معيشتهم على الزراعة". لا مصالحة أو مهادنة إلى ذلك جدد قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، "العزم على المضي في معركة الكرامة وعدم المهادنة والمصالحة ودحر التمرد مهما كانت الكلفة". وهنأ البرهان، في كلمة ألقاها أمس الخميس لمناسبة مرور 100 عام على تأسيس القوات المسلحة، و71 عاماً على "سودنتها"، الضباط وضباط الصف والجنود على "المجد الذي بناه السودانيون، وهم نفسهم بناة هذه الحضارة العظيمة وهم نفسهم من بنوا القوات المسلحة وداوموا على إسنادها". وحيا قائد الجيش، "السودانيين الذين ظلوا يقفون إلى جانب القوات المسلحة"، مشيداً بـ"الأبطال المرابطين في الثغور في كل مكان، لا سيما في الفاشر وبابنوسة وكادوقلي وفي كل متحركات القوات التي تدافع عن الحق وتحمي السودان". على نحو متصل شدد رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، على ضرورة "تسخير كل الإمكانات المتاحة وتوفير الدعم اللازم لتمكين القوات المسلحة من أداء واجبها الوطني بفعالية وكفاءة، وتطويرها وتعزيز قدرتها القتالية لتحقيق التميز والريادة بين الجيوش العالمية". "تأسيس" ومجلس الأمن في المقابل، وتعقيباً على بيان مجلس الأمن الدولي، الرافض لقيام حكومة موازية لتحالف السودان التأسيسي (تأسيس) لتهديدها وحدة السودان، أكد التحالف أن "وحدة البلاد مبدأ غير قابل للمساومة ويمثل حجر الزاوية في مشروعه السياسي الهادف لإنهاء الحرب وبناء دولة علمانية تحقق الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية". وأكد المتحدث الرسمي باسم التحالف، علاء الدين نقد، الالتزام بتحقيق سلام عادل وشامل يعالج جذور الأزمة الوطنية ومسببات الحروب ويضمن مشاركة جميع المكونات السودانية في صياغة مستقبل البلاد، معتبراً أن التفاوض هو الوسيلة لإنهاء الحرب ولكنه لن يكون كسابقاته من جولات التفاوض التي عبث بها وخربها تنظيم "الإخوان المسلمين". وأوضح نقد أن "التحالف أطلق نداءات عدة تدعو المدنيين إلى مغادرة مناطق العمليات النشطة في الفاشر وفتح ممرات إنسانية آمنة لخروجهم"، مبيناً أن قواته أخرجت أكثر من 800 ألف مواطن من مدينة الفاشر إلى مناطق آمنة التزاماً بالقانون الدولي الإنساني. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) حماية المدنيين على الصعيد نفسه أكد المستشار القانوني لقائد "الدعم السريع" محمد مختار أن قوات تحالف "تأسيس" ملتزمة حماية المدنيين، وتأمين الطرق الآمنة لهم، وتقديم المساعدة للنازحين من مدينة الفاشر إلى مناطق الإيواء. وأوضح مختار أن قوات "تأسيس" اتخذت التدابير اللازمة، بما في ذلك تشكيل لجان تحقيق، ومعالجة الظواهر السلبية، وإقامة محاكم ميدانية عسكرية لكل من يعبث بأمن وحياة المواطنين. وكانت الحكومة السودانية قد رحبت بتجديد مجلس الأمن الدولي دعوته (الميليشيا) إلى رفع الحصار عن مدينة الفاشر ووقف القتال، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق وثمن بيان لوزارة الخارجية السودانية ما ورد في بيان مجلس الأمن من إدانة واضحة لانتهاكات "الدعم السريع"، مؤكداً أن "هذا الموقف يعكس الإجماع الدولي الرافض لتلك القوات، بما في ذلك مواقف المنظمات الإقليمية والدولية والأمين العام للأمم المتحدة والدول الصديقة". وأشار البيان إلى أن "المجلس أعرب عن قلقه العميق إزاء الاعتداءات على العمليات الإنسانية من قبل الميليشيات، وحثها على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني ومبادئ العمل الإنساني". دولياً، طالب الاتحاد الأوروبي قوات "الدعم السريع" وحلفاءها برفع الحصار عن مدينة الفاشر، امتثالاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2736 لعام 2024. ودعا بيان مشترك للجهات المانحة في شأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى السودان، صادر عن المملكة المتحدة ووكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة والنرويج والسويد وفرنسا وألمانيا وهولندا وإيرلندا وسويسرا وكندا، إلى جانب المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات، كلاً من الجيش و"الدعم السريع" إلى الوفاء بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي في حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، وإزالة جميع القيود وفتح كل الطرق الممكنة والاتفاق على طرق لتقديم المعونة الإنسانية عبر خطوط النزاع.


الوئام
منذ 6 ساعات
- الوئام
'إي1'.. خطة استيطان تهدد حل الدولتين
قال وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش يوم الخميس إن بناء مستوطنة جديدة، مثيرة للجدل، في الضفة الغربية، التي تحتلها إسرائيل، قد انطلق – وهو مشروع يخشى الفلسطينيون وجماعات حقوق الإنسان من أنه سيعرقل خطط إقامة دولة فلسطينية حيث سيجري تقسيم الضفة الغربية فعليا إلى قسمين. وتباهى سموتريتش بأن البناء، الذي من المتوقع أن يحصل على موافقة نهائية في وقت لاحق من هذا الشهر، يمكن أن يحبط خطط إقامة دولة فلسطينية. ويأتي الإعلان فيما قالت الكثير من الدول ، بما في ذلك أستراليا وبريطانيا وفرنسا وكندا، إنها سوف تعترف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل، في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكان البناء على قطعة أرض شرق القدس تسمى 'إي1″ قيد الدراسة لأكثر من عقدين، وهو مثير للجدل بشكل خاص لأنه أحد آخر الروابط الجغرافية بين مدينتي الضفة الغربية الرئيسيتين رام الله وبيت لحم. وتبعد المدينتان 22 كيلومترا عن بعضهما البعض جوا. ولكن بمجرد اكتمال مشروع مستوطنة إي1، فإنه سيدمر إمكانية وجود طريق مباشر وسيُجبر الفلسطينيين المسافرين بين المدن على الاستمرار في اتخاذ منعطف واسع يبتعد عدة كيلومترات عن طريقهم، مرورا بنقاط تفتيش متعددة، وهي عملية تضيف ساعات إلى الرحلة. وقال سموتريتش خلال حفل يوم الخميس:'هذا الواقع يدفن أخيرا فكرة الدولة الفلسطينية، لأنه لا يوجد ما يمكن الاعتراف به ولا يوجد من يعترف به'. وأضاف 'أي شخص في العالم يحاول اليوم الاعتراف بدولة فلسطينية – سيتلقى إجابة منا على الأرض'. ولم يعلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علنا على الخطة يوم الخميس، لكنه أشاد بها في الماضي. وتم تجميد التطوير في منطقة 'إي1' لفترة طويلة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الضغط الأمريكي خلال الإدارات السابقة. وأشاد سموتريتش يوم الخميس بالرئيس دونالد ترامب والسفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هوكابي باعتبارهما 'أصدقاء حقيقيين لإسرائيل لم يكن لدينا مثلهم من قبل'. ومن المتوقع أن تحصل خطة إي1 على الموافقة النهائية في 20 أغسطس/آب، لتتوج 20 عاما من الجدل البيروقراطي. ووفقا لمنظمة السلام الآن، التي تتتبع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية وقدمت اعتراضا، ورفضت لجنة التخطيط في 6 أغسطس/آب جميع الالتماسات لوقف البناء التي قدمتها جماعات حقوق الإنسان والناشطون. بينما لا تزال هناك بعض الخطوات البيروقراطية، إذا تحركت العملية بسرعة، يمكن أن تبدأ أعمال البنية التحتية في الأشهر القليلة المقبلة ويمكن أن يبدأ بناء المنازل في غضون عام تقريبا. وقال أحمد الديك، المستشار السياسي لوزير الخارجية الفلسطيني، لوكالة أسوشييتد برس(أ ب) يوم الخميس إن الموافقة هي 'خطوة استعمارية وتوسعية وعنصرية'. وتابع الديك: 'إنها تندرج في إطار مخططات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة لتقويض أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية على الأرض، وتفتيت الضفة الغربية، وفصل جزئها الجنوبي عن الوسط والشمال'. كما أدانت جماعات حقوق الإنسان الخطة على الفور. ووصفتها منظمة سلام الآن بأنها 'مميتة لمستقبل إسرائيل ولأي فرصة لتحقيق حل دولتين سلمي' وهو ما 'يضمن سنوات أخرى من إراقة الدماء'. وأدانت السلطة الفلسطينية والدول العربية تصريح نتنياهو في مقابلة يوم الثلاثاء بأنه 'مرتبط جدا' برؤية إسرائيل الكبرى. ولم يقدم رئيس الوزراء تفاصيل، لكن بعض مؤيدي الفكرة يعتقدون أن إسرائيل يجب أن تسيطر على الضفة الغربية وغزة المحتلتين. يعتقد آخرون أن هذا يعود إلى حدود إسرائيل التوراتية، التي تشمل أيضا أجزاء من دول عربية أخرى، مثل الأردن ولبنان الحديثتين. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أدان أيضا الإعلان وكرر دعوات الأمم المتحدة للحكومة الإسرائيلية بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية. وقال دوجاريك إن المستوطنات تنتهك القانون الدولي، 'وتزيد من ترسيخ الاحتلال، وتغذي التوترات، وتقوض بشكل منهجي قابلية إقامة دولة فلسطينية في إطار حل الدولتين'. وأضاف أنه إذا استمر بناء منطقة إي1، فإنه سيقسم الضفة الغربية إلى قسمين ويقوض بشدة 'آفاق تحقيق دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتصلة جغرافيا'. وتعتبر خطط إسرائيل لتوسيع المستوطنات جزءا من واقع صعب بشكل متزايد للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة حيث يتركز اهتمام العالم على الحرب في غزة. وكانت هناك زيادات ملحوظة في هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين، وعمليات الإخلاء من البلدات الفلسطينية ونقاط التفتيش التي تخنق حرية الحركة، بالإضافة إلى عدة هجمات فلسطينية على إسرائيليين.