
مصالح أمريكا في المنطقة تتعارض مع مصالح الكيان
إن أبسط مقارنة بين واقع علاقة الولايات المتحدة بالعرب، وعلاقتها بالكيان الصهيوني، تكشف مفارقة صادمة: فخيرات العالم العربي بأسره، من نفطٍ وغازٍ واستثماراتٍ ومدخرات، تتجه في نهاية المطاف إلى البنوك الأمريكية، سواء عبر التبادل التجاري غير المتكافئ، أو من خلال الأموال المنهوبة من قبل حكامٍ عملاء يتم تدويرها في المؤسسات المالية الأمريكية. بل إن أمريكا لا تتردد أحيانًا في معاقبة هؤلاء العملاء أنفسهم عبر تجميد أرصدتهم ومصادرة أموالهم متى انتفت الحاجة إليهم، كما حصل مع العديد من المسؤولين في اليمن والعراق ومصر وليبيا.
في المقابل، فإن الكيان الصهيوني لا يُمثل مكسبًا اقتصاديًا للولايات المتحدة، بل عبئًا ماليًا واستراتيجيًا هائلًا. فالدعم الأمريكي لهذا الكيان تجاوز حتى الآن أكثر من 150 مليار دولار منذ عام 1948، أغلبها في شكل مساعدات عسكرية مباشرة، وفق تقارير 'خدمة أبحاث الكونغرس الأمريكي (CRS)'. وحدها صفقة دعم واحدة، أقرتها إدارة أوباما عام 2016، قضت بمنح 'إسرائيل' 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات، بمعدل 3.8 مليارات سنويًا، دون مقابل اقتصادي حقيقي يُذكر، بل لقتل وإبادة الشعب الفلسطيني.
هذا الدعم ينعكس مباشرة على المواطن الأمريكي البسيط، الذي يُرهق بالضرائب لتمويل حروب لا ناقة له فيها ولا جمل، بينما يُحرم من نظام صحي شامل، ويغرق في ديون التعليم والسكن. فبحسب بيانات الاحتياطي الفيدرالي، يبلغ متوسط ديون المواطن الأمريكي أكثر من 90 ألف دولار، في حين يعيش نحو 12% من السكان تحت خط الفقر، في دولة ترسل ملياراتها سنويًا لحماية كيان عنصري يمارس أبشع أنواع القتل والاحتلال.
وفي السنوات الأخيرة، بدأ الرأي العام الأمريكي يُدرك هذا التناقض، فقد أظهر استطلاع لـ'مركز بيو للأبحاث' عام 2023 أن نسبة تأييد دعم 'إسرائيل' بين الشباب الأمريكيين تراجعت إلى أقل من 40%، مقابل تزايد التأييد لحقوق الفلسطينيين. وهذه ليست مسألة أخلاقية فحسب، بل اقتصادية أيضًا؛ فكل دولار يُرسل لحماية الكيان هو دولار يُسحب من جيب المواطن الأمريكي، ويُنفق على حرب لا تخدم إلا مصالح اللوبيات.
واليوم، ومع ظهور المارد اليمني من تحت الركام والحصار، باتت واشنطن أمام عدو مختلف تمامًا عن كل خصومها السابقين. إنه عدو لا تحركه المصالح المادية ولا تُرهبه العقوبات، ولا تنطلي عليه شعارات 'الديمقراطية' الأمريكية المزيفة. إنه عدو مشحونٌ بعقيدة قتالية متجذرة، ويمتلك قيادة لا تُساوم، وجيشًا شعبيًا خَبِرَ الميدان، وتحمّل أعتى التحالفات الدولية دون أن ينكسر أو يتراجع.
لقد فشلت واشنطن، ومعها تحالف العدوان في تطويع هذا العدو أو احتوائه، حتى بالترهيب الاقتصادي أو الحصار السياسي، فقرر اليمنيون نقل المعركة إلى قلب المصالح الأمريكية في المنطقة، كما ظهر جلياً في عمليات الحظر الملاحي في البحر الأحمر وباب المندب. هذه العمليات التي جاءت كرد مباشر على جرائم العدو الصهيوني في غزة، كشفت عن قدرة اليمنيين على تطويع الجغرافيا لخدمة قضيتهم الكبرى، وتحويل الممرات الدولية إلى أوراق ضغط سياسية واستراتيجية ثقيلة.
وحسب تقديرات شركات الشحن العالمية، فإن تأخر السفن أو إعادة توجيهها عبر رأس الرجاء الصالح يرفع تكاليف النقل بنسبة تصل إلى 300%، ويتسبب في خسائر يومية تتراوح بين 5 إلى 10 مليارات دولار لاقتصاديات الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة. هذه ليست مجرد ضغوط، بل رسائل صريحة بأن اليمن لم يعد تابعًا ولا مهمّشًا، بل رقم صعب في معادلة الإقليم، يملك اليد الطولى في التحكم بشريان التجارة العالمي، متى أراد.
وإذا كانت هذه العمليات تمّت بضوابط عسكرية محددة وبمراعاة الأهداف السياسية، فماذا لو قرر اليمن رفع سقف المواجهة؟ ماذا لو انتقل الاستهداف من السفن التجارية إلى المنشآت النفطية الخليجية التي تعتمد عليها واشنطن بشكل مباشر؟ أو إلى القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة من العراق إلى جيبوتي؟ أو حتى إلى حلفاء واشنطن في المنطقة الذين يؤمِّنون لها المصالح والغطاء؟
في ظل هذه المعادلة الجديدة، تبدو واشنطن مكشوفة في الإقليم أكثر من أي وقت مضى، إذ تواجه خصماً لا يساوم على القضايا المركزية، ولا يبحث عن دور وظيفي، بل يسعى لإعادة صياغة وجه المنطقة، ودحر كل نفوذ استعماري يقف عائقاً أمام تحرر الأمة ووحدتها. والمارد الذي خرج من اليمن لا ينوي العودة إلى القمقم، بل يتقدم بخطى واثقة نحو رسم خريطة جديدة، عنوانها: لا مكان للهيمنة الأمريكية بعد اليوم. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد محسن الجوهري

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 5 ساعات
- اليمن الآن
مزارعون في الجوف يشكون من نهب مليشيا الحوثي كميات من محصول القمح
شكا مزارعون في محافظة الجوف (شمال شرقي اليمن) من نهب مليشيا الحوثي كميات كبيرة من محصول القمح لهذا العام، والمماطلة في سداد مستحقات المزارعين المقدّرة بنحو مليار ريال. وأفادت مصادر محلية أن المزارعين سلموا محصولهم من القمح في نهاية شهر مارس الماضي إلى "مؤسسة تنمية وإنتاج الحبوب" التابعة للمليشيات تحت ذريعة شرائه عبر مؤسسة تابعة لها، بعد وعود بتسديد قيمته خلال يومين، غير أن المؤسسة امتنعت عن الوفاء بتعهدها التي تُقدّر بنحو 500 مليون ريال بالعملة القديمة، ما يعادل قرابة مليون دولار أمريكي، رغم مضي نحو شهرين على التسليم. وأوضحت المصادر بأن مؤسسة الحبوب الحوثية تجاهلت مطالبات المزارعين المتكررة بصرف قيمة منتجاتهم، مما فاقم من معاناتهم المعيشية، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. وتستخدم المليشيا ما تعرف بالمؤسسة وعددا من الشركات الزراعية مثل شركة "تلال اليمن" التي أنشأتها قبل سنوات بالشراكة مع القطاع الخاص ثم استولت عليها بالقوة، لممارسة الجباية وتراخيص واحتكار شراء وتصدير المنتجات الزراعية بشرائها من المزارعين بأسعار تحددها المليشيا في مناطق سيطرتها ومنع أي تاجر أو مزارع من تسويق منتجاته بنفسه إلى السوق بهدف التحكم بالنشاط الزراعي. يذكر ان هذا الانتهاك يأتي ضمن سلسلة من الانتهاكات المستمرة التي تمارسها المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، بحق القطاع الزراعي في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، مما يهدد الأمن الغذائي ويقوّض سبل العيش للمواطنين.


اليمن الآن
منذ 7 ساعات
- اليمن الآن
اليمن يحتفي بالعيد الوطني الـ 35 وسط جهود لإنقاذ البلاد من الانقلاب الحوثي
[23/05/2025 06:18] عدن ـ سبأنت يحتفي اليمن هذا العام بالذكرى السنوية الـ 35 للعيد الوطني للجمهورية اليمنية 22 مايو، في ظل مرحلة غير مسبوقة من التحديات الاقتصادية والخدمية، والظروف المعيشية والإنسانية الصعبة، تعود جذورها الرئيسية إلى قيام مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، في الـ 21 من سبتمبر عام 2014م، بالانقلاب على السلطة الشرعية. كما تسببت المليشيات الحوثية، من خلال مواصلة ممارساتها الإجرامية بحق اليمن واليمنيين، منذ انقلابها حتى الآن، بتعميق المعاناة الإنسانية، وفرض حصار على إنتاج وتصدير النفط والغاز، غير آبهة بحجم الدمار والخراب الذي ألحقه انقلابها في مقدرات ومقومات الوطن، ولاسيّما تكبيد الاقتصاد الوطني خسائر باهظة، بلغت أكثر من 126 مليار دولار، وكذا إدخال نحو 20 مليون من أبناء الشعب اليمني في قائمة المحتاجين للمساعدات الإنسانية. ورغم هذه الظروف بالغة التعقيد، تظل هذه المناسبة الوطنية العظيمة ذكرى خالدة في وجدان وأفئدة أبناء اليمن، وراسخة في سجلات تاريخ اليمن الحديث، كون العيد الوطني للجمهورية اليمنية الذي تحقق في الـ 22 من مايو عام 1990م، يعد تجسيداً واقعياً للأهداف والمبادئ السامية لواحدية الثورة اليمنية المباركة المتمثلة بثورة الـ 26 من سبتمبر عام 1962م الخالدة التي طوت إلى غير رجعة حقبة قاتمة السواد بكل ما تحمله الكلمة من معنى، سادها الظلام والعبودية والتخلف الذي كان يقوم عليه أساس حكم الإمامة الكهنوتي البغيض في شمال الوطن، وثورة الـ 14 من أكتوبر عام 1963م المجيدة التي فجّرها الثوار الأحرار من أعالي قمم جبال ردفان الشمّاء، ومهدت الطريق صوب تحقيق الاستقلال الوطني الناجز في الـ 30 من نوفمبر عام 1967م، من الاستعمار البريطاني الذي ظل جاثماً على صدر جنوب الوطن طيلة 129 عاماً. كما تُعد هذه المناسبة بمثابة دافعاً معنوياً وملهماً لتعزيز وحدة صف كافة القوى النضالية والوطنية المناهضة للمشروع الانقلابي الحوثي، وتعزيز الجبهة الوطنية الصلبة من أجل مواصلة معركة الوطن، واستكمال استعادة ما تبقى من أرض الوطن ومؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، ومغامرتها المحفوفة بالمخاطر لتنفيذ الأجندة الإيرانية على حساب مصالح ومكتسبات اليمن واليمنيين، إضافة إلى تحقيق السلام الشامل والدائم المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها والمتمثلة في المبادرة الخليجية والياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، و قرار مجلس الأمن الدولي 2216. وفي السياق، تقوم القيادة السياسية برئاسة فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ومعها قيادة الحكومة برئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك، وبدعم وإسناد من الدول الشقيقة والصديقة والمانحين وبمقدمتهم الأشقاء في المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، بمواصلة جهودها في التعامل مع مختلف التغيرات والتحولات السياسية والميدانية على صعيد الساحة الوطنية، وتحمّل المسؤوليات الوطنية الملقاة على عاتقها في سبيل إنقاذ البلاد وإنهاء الحرب التي اشعلتها مليشيات الحوثي، جرّاء ما تسببت به من استنزاف للخيرات، وتدمير للمقومات، وإراقة للدماء، وإزهاق للأرواح في البلاد، وكذا مواجهة التحديات المتفاقمة، وإيجاد الحلول العاجلة للأوضاع العامة المأساوية، وعلى رأس تلك الحلول استئناف تصدير النفط والغاز، باعتبارها خطوة رئيسية ومحورية لتحقيق الاستقرار والتعافي الاقتصادي، وتمكين الشعب اليمني من الاستفادة من موارده الطبيعية وتقليل الاعتماد على المساعدات الاقتصادية والإنسانية الخارجية. وتحذر المؤشرات الواقعية في المرحلة الراهنة، من استمرار توقف تصدير النفط والغاز، واستمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والخدمية والإنسانية والمعيشية بسبب التهديدات والجرائم الحوثية، كون ذلك يُسارع في تصاعد حِدة التداعيات الكارثية على اليمنيين ويهددهم بالخطر، وحرمانهم من الاحتياجات والمساعدات الإنسانية الأساسية التي من شأنها إبقائهم على قيد الحياة، نظراً لمدى خطورة الوضع القائم، والذي كان للأشقاء في المملكة العربية السعودية من خلال تقديم الدعم السخي لليمن، دوراً هاماً ومحورياً في تفادي انزلاق الوضع نحو مزيد من تدهور الخدمات وتفاقم الأزمات على مختلف المستويات.


اليمن الآن
منذ 9 ساعات
- اليمن الآن
خطة (مساعدات غزة) مؤسسة إغاثة أمريكية تنفذها والأمم المتحدة ترفضها
أخبار وتقارير (الأول) وكالات: تهدف مؤسسة مدعومة من الولايات المتحدة إلى بدء العمل في قطاع غزة بحلول نهاية مايو/أيار الجاري. مؤسسة "إغاثة غزة" ستشرف على نموذج جديد لتوزيع المساعدات في القطاع الفلسطيني، لكن الأمم المتحدة تقول إن الخطة تفتقر للنزاهة والحياد، وتؤكد أنها لن تشارك فيها. السجل التجاري للمؤسسة في جنيف أظهر أنها أُنشئت في فبراير/شباط في سويسرا. وقال مصدر مطلع على الخطة لـ"رويترز" إن المؤسسة تعتزم العمل مع شركتين أمريكيتين خاصتين للأمن واللوجستيات، وهما "يو.جي سولوشنز" و "سيف ريتش سولوشنز". وأوضح مصدر ثان أن "مؤسسة إغاثة غزة تلقت بالفعل تعهدات بأكثر من 100 مليون دولار". ولم يتضح بعد مصدر هذه الأموال. وقالت دوروثي شيا القائمة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن في وقت سابق هذا الشهر إن مسؤولين أمريكيين كبارا يعملون مع إسرائيل لتمكين المؤسسة من بدء العمل. وحثت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة على التعاون، مشيرة إلى أن إسرائيل "ستسمح للمؤسسة بأن تباشر عملها دون المشاركة في إيصال المساعدات". آليات الخطة الجديدة وقالت "مؤسسة إغاثة غزة" إنها ستنفذ عملياتها في البداية من أربعة مواقع توزيع آمنة، ثلاثة في الجنوب وواحد في وسط غزة، وسيجري "خلال الشهر القادم افتتاح مواقع إضافية، بما في ذلك في شمال غزة". وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الخميس إن بناء مناطق التوزيع الأولى سيكتمل خلال الأيام المقبلة وإن إسرائيل تنوي "إقامة مناطق آمنة واسعة جنوب غزة. وأضاف: "سينتقل السكان الفلسطينيون إلى هناك حفاظا على سلامتهم، بينما نخوض معارك في مناطق أخرى". وأكدت مؤسسة إغاثة غزة أنها "لن تشارك أو تدعم أي شكل من أشكال التهجير القسري للمدنيين"، وأنه لا يوجد حد لعدد المواقع التي يمكنها فتحها أو أماكنها. وذكرت في بيان "ستستعين مؤسسة إغاثة غزة بمقاولين أمنيين لنقل المساعدات من المعابر الحدودية إلى مواقع التوزيع الآمنة. بمجرد وصول المساعدات إلى المواقع، سيتم توزيعها مباشرة على سكان غزة بواسطة فرق إنسانية مدنية". وأعلن مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون أن بعض منظمات الإغاثة وافقت على العمل مع "مؤسسة إغاثة غزة". ولم تعرف أسماء هذه المنظمات بعد. وأشارت المؤسسة إلى أنها تضع اللمسات الأخيرة على آليات إيصال المساعدات إلى من لا يستطيعون الوصول إلى مواقع التوزيع. وأضافت أنها لن تشارك أي معلومات شخصية عن متلقي المساعدات مع إسرائيل، وأن الجيش الإسرائيلي "لن يكون له وجود في المنطقة المجاورة مباشرة لمواقع التوزيع". الأمم المتحدة لن تتعاون وقالت الأمم المتحدة إن خطة التوزيع المدعومة من الولايات المتحدة "لا تفي بمبادئ المنظمة الراسخة المتمثلة في النزاهة والحياد والاستقلالية". وأوضح توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أنه لا ينبغي إضاعة الوقت على الاقتراح البديل. وفي إفادة قدمها فليتشر إلى مجلس الأمن، أوضح أن المشكلات في الخطة التي كانت إسرائيل أول من طرحها هي أنها "تفرض مزيدا من النزوح. وتعرض آلاف الأشخاص للأذى وتقصر المساعدات على جزء واحد فقط من غزة ولا تلبي الاحتياجات الماسة الأخرى وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية. تجعل التجويع ورقة مساومة". وتقول الأمم المتحدة إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هي العمود الفقري لعمليات الإغاثة في غزة. إلا أن إسرائيل تتهم الوكالة بالتحريض ضدها، وتتهم موظفيها "بالتورط في أنشطة إرهابية". وتعهدت الأمم المتحدة بالتحقيق في جميع هذه الاتهامات. وتؤكد مؤسسة إغاثة غزة أن العمل مع إسرائيل لإيجاد "حل عملي لا يعد انتهاكا للمبادئ الإنسانية". لماذا الخطة البديلة؟ ومنعت إسرائيل دخول جميع المساعدات إلى غزة منذ الثاني من مارس/آذار الماضي متهمة حركة حماس بسرقتها، وهو ما تنفيه الحركة. وتطالب إسرائيل بإطلاق سراح جميع الرهائن الذين جرى اقتيادهم لداخل غزة في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على بلدات بجنوب إسرائيل، والذي تقول إحصاءات إسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص. واندلعت على إثر الهجوم الحرب في قطاع غزة التي قتل فيها 53 ألف شخص. وفي أوائل أبريل/نيسان الماضي، اقترحت إسرائيل "آلية منظمة للمراقبة ودخول المساعدات" إلى غزة. لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سرعان ما رفضها وقال إنها تهدد "بمزيد من القيود على المساعدات والسيطرة على كل سعر حراري وحبة دقيق". ومنذ ذلك الحين، تزايد الضغط على إسرائيل للسماح باستئناف دخول المساعدات. وحذر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع مدعوم من الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي من أن نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة، وهو ما يعادل ربع سكان القطاع. وأقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن "الكثير من الناس يتضورون جوعا في غزة". ووسط جمود بشأن المقترح الإسرائيلي، دعمت واشنطن "مؤسسة إغاثة غزة" المنشأة حديثا للإشراف على توزيع المساعدات. وذكرت المؤسسة قبل أيام أنها تسعى إلى بدء العمل في غزة بحلول نهاية الشهر الجاري. في غضون ذلك، سمحت إسرائيل باستئناف دخول مساعدات محدودة بموجب الآليات القائمة حاليا. كيف تصل المساعدات؟ وتقول الأمم المتحدة منذ اندلاع الصراع إن عمليتها الإنسانية في غزة تواجه مشاكل بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية والقيود التي تفرضها تل أبيب على الدخول إلى غزة والعمل في جميع أنحاء القطاع وعمليات نهب من قبل عصابات مسلحة. لكن الأمم المتحدة أكدت أن نظامها لتوزيع المساعدات فعال، وهو ما اتضح بصورة خاصة خلال وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين قبل أن تستأنف إسرائيل العمليات العسكرية في منتصف مارس/آذار الماضي. وكانت إسرائيل تفحص المساعدات وتوافق عليها أولا ثم تُنقل إلى داخل حدود غزة حيث تستلمها الأمم المتحدة وتوزعها. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك يوم الإثنين الماضي "يمكننا العودة إلى ذلك النظام. لدينا آلية تعمل. لسنا بحاجة إلى إعادة اختراع العجلة". وأضاف "لسنا بحاجة إلى شريك جديد في عمليات الإغاثة ليملي علينا كيفية أداء عملنا في غزة". وأوضح فليتشر "ما تحتاجه الأمم المتحدة من إسرائيل لزيادة حجم المساعدات، هو فتح معبرين على الأقل إلى غزة، أحدهما في الشمال والثاني في الجنوب، وتبسيط الإجراءات وتسريعها وعدم تحديد حصص وعدم فرض عوائق أمام الوصول إلى غزة وعدم تعرض المساعدات للهجوم في أثناء توصيلها والسماح بتلبية مجموعة من الاحتياجات منها الغذاء والماء وأدوات النظافة والمأوى والرعاية الصحية والوقود والغاز".