logo
ورقة تقدير موقف: المقاومة وحتمية الخلاف السياسي

ورقة تقدير موقف: المقاومة وحتمية الخلاف السياسي

معا الاخبارية٢٧-٠٢-٢٠٢٥

لندن- معا- جاءت التصريحات التي أدلى بها القيادي البارز في حركة حماس، موسى أبو مرزوق، لتعكس الكثير من الدلالات السياسية، ومنها التباين السياسي داخل الحركة، والأهم وجود اختلاف بشأن تداعيات عملية "طوفان الأقصى".
أعد مركز رصد للدراسات السياسية ورقةَ تقدير موقف تناولت هذه النقطة، موضحةً أن حركة حماس تُعد بالفعل واحدة من أبرز الفصائل الفلسطينية التي تمتد جذورها الأيديولوجية إلى جماعة الإخوان المسلمين، في حين أنها تحظى بدعم عسكري ومالي كبير من بعض الدول الخارجية، مثل تركيا وإيران.
لكن التصريحات الأخيرة لموسى أبو مرزوق، وفقًا للورقة البحثية، أثارت تساؤلات حول مدى تماسك الحركة داخليًا، وما إذا كانت تعكس انقسامات متزايدة بين تيارين رئيسيين داخلها: التيار الإخواني التقليدي، والتيار الخارجي الأكثر ارتباطًا بالمحور الذي تقوده تركيا من جهة، أو إيران من جهة أخرى.
طبيعة العلاقة بين حماس وإيران
رغم الاختلافات الأيديولوجية، تطورت العلاقة بين حماس وإيران منذ التسعينيات، حيث قدمت طهران دعمًا عسكريًا ولوجستيًا للحركة، مما عزز من قدراتها في مواجهة إسرائيل. غير أن هذه العلاقة مرت بتوترات، خاصة بعد الأزمة السورية عام 2011، عندما رفضت حماس دعم النظام السوري، ما أدى إلى فتور في العلاقات مع إيران. ومع ذلك، عادت العلاقات تدريجيًا إلى طبيعتها مع تصاعد المواجهات مع إسرائيل، حيث أدركت حماس أهمية الدعم الإيراني عسكريًا وماليًا.
أما بالنسبة لتركيا، فهي تحتضن في الوقت ذاته العديد من التيارات داخل الحركة، كما تُعد مصدر تمويل رئيسيًا لها، فضلًا عن كونها بوابة تحرك لعناصر الحركة إلى أوروبا، وتحديدًا ألمانيا وبريطانيا.
وتوضح الورقة أن هذا التوجه لحماس في تركيا معلن ومعروف، ولا أحد يخفيه، وهو ما دفع القيادات المركزية داخل الحركة إلى تحليل هذا التوجه وانتقاده في بعض الأوقات.
تباين التيارات داخل حماس
تُشير الورقة إلى أنه، في السنوات الأخيرة، بات واضحًا وجود تباين في توجهات قادة حماس بين تيارين رئيسيين:
1. التيار الإخواني: يمثله قادة تقليديون يسعون للحفاظ على علاقات متوازنة مع الدول العربية والإسلامية، خصوصًا مصر وقطر. يفضل هذا التيار نهجًا سياسيًا أكثر مرونة، ويرى ضرورة إبقاء الحركة ضمن إطارها الإسلامي السني التقليدي بعيدًا عن سياسات المحاور.
2. التيار الإيراني: يضم شخصيات مقربة من الجناح العسكري وتعتمد بشكل رئيسي على الدعم الإيراني في تطوير القدرات العسكرية للحركة. يميل هذا التيار إلى تبني مواقف أكثر تشددًا ضد إسرائيل، ويدعو إلى تعزيز التحالف مع إيران وحزب الله رغم الاختلافات الطائفية.
وقد صرّح الراحل يحيى السنوار، في أكثر من مناسبة، مشيدًا بالدعم الإيراني الذي قدم الكثير للحركة، في ظل امتعاض عربي معلن من سياساتها في بعض الأحيان.
انعكاسات الخلافات على مستقبل الحركة
تشير الورقة إلى أن اتساع الفجوة بين التيارين قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على تماسك الحركة، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها، مثل إعادة إعمار غزة، واستمرار الحصار، والتغيرات في مواقف بعض الدول الإقليمية من القضية الفلسطينية.
وفي حال تصاعد الخلاف، قد تجد حماس نفسها أمام خيارين:
• تعزيز علاقتها مع إيران وتركيا، مما قد يزيد من عزلتها عن المحيط العربي.
• العودة إلى استراتيجية أكثر استقلالية، تحافظ من خلالها على علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية الأخرى، لكنها قد تؤثر على قدرتها العسكرية.
وفي الخاتمة تخلص الورقة إلى أن تصريحات موسى أبو مرزوق تثير تساؤلات حول مستقبل الحركة وإمكانية حدوث تصدعات داخلها. ففي ظل الدمار الذي شهدته غزة، يبدو أن القيادة السياسية لحماس أمام تحدٍّ صعب يتمثل في تحقيق توازن بين الحاجة إلى الدعم العسكري الإيراني، وبين الحفاظ على علاقاتها الإقليمية دون الوقوع في فخ التبعية المطلقة لأي محور.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عن زيارة عباس والسلاح الفلسطيني في لبنان
عن زيارة عباس والسلاح الفلسطيني في لبنان

فلسطين اليوم

timeمنذ 7 ساعات

  • فلسطين اليوم

عن زيارة عباس والسلاح الفلسطيني في لبنان

فلسطين اليوم الكاتب: أحمد الصباهي يسدل الشعب الفلسطيني الستار عن الذكرى الـ77 للنكبة، ليعيش صورها من جديد عبر حرب الإبادة في قطاع غزّة، حيث يخوض الفلسطينيون صراعاً مريراً مع آلة القتل الإسرائيلية التي تنهش أجسادهم وحيواتهم، في ظلّ نكبةٍ من نوع آخر، تتمثّل بالصمت العربي المدوي، ليس خارج منطق المواجهة فحسب، بل عبر إلقاء المسؤولية في ما آلت إليه أوضاع غزّة، على من يقاوم، ما يشجّع الاحتلال على الإيغال أكثر في الدم الفلسطيني. وبين هذا وذاك، تقف السلطة الفلسطينية عاجزة، فلا هي تخوض صراعاً كفاحياً بحدِّه الأدنى، فهذا خارج الحسابات أو "المغامرات"، ولا هي "تصمت"، حيث إنّ صراخها يملأ الفضاء الفلسطيني، من خلال مفردات لم تعد تجد لها صدى إلا في أروقة النظم العربية، من مفردات "الشرعية"، و"حصرية التمثيل للشعب الفلسطيني". أما "الطلقة الأولى" بالإشارة إلى تاريخ حركة "فتح" المجيد في البدايات، فقد سحبت مفعوله ممارسات السلطة على الأرض، فغيَّبته، وهو بالتالي يُستحضر فقط، للردِّ على منطق المقاومة حول سؤال مشروع: ماذا بقي من اتفاقية أوسلو؟ هذا إذا غضضنا الطرف عن مطالب السلطة للمقاومة بتسليم الأسرى والسلاح في غزّة... لنصل في النهاية إلى مسألة أنّه ليس لدينا نحن الشعب الفلسطيني رأي واحد، بل آراء، بين منطق المفاوضات والمهادنة، وبين من يطلق النار ويقاوم الاحتلال، وفي كلتا الحالتين يدفع الشعب الفلسطيني أكلاف ذلك. فهل ينطبق الأمر أيضاً على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بين مفهوم "المهادنة" و"المقاومة"؟ هذا يقودنا إلى الحديث عن الحالة الفلسطينية وحساسية وضعها في لبنان، وبالأخص عن دور السلاح الفلسطيني، الذي بالمناسبة، هو مرتبط بتاريخ "الثورة الفلسطينية والكفاح المسلح"، وهو ليس شيئاً طارئاً أو مستجداً، إذ جرت شرعنته عام 1969 عبر اتفاق وُقِّع في القاهرة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اللبنانية، في زمن الرئيس الراحل ياسر عرفات، وأخيراً لمسنا له دوراً في معركة طوفان الأقصى عبر إطلاق الصواريخ تجاه المستوطنات الإسرائيلية عند الحدود مع لبنان، فضلاً عن عمليات التسلّل. إذاً، تاريخياً لهذا السلاح رمزيته التي تعزّزت على مدار سنوات النضال، وارتبط بحقّ اللاجىء الفلسطيني في القيام بدوره بتحرير فلسطين، وضمان حقّ العودة. إلا أنه بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان عام 1982، وارتكاب الاحتلال الإسرائيلي عبر حزب "الكتائب اللبنانية"، مجزرة "صبرا وشاتيلا"، وغيرها من المجازر التي لحقت بالفلسطينيين إبَّان الحرب الأهلية، ومنها "مخيم تل الزعتر"، والتي دفع فيها الفلسطينيون أثماناً باهظة، اتخذ السلاح معنى آخر، له علاقة بحماية الوجود الفلسطيني. وبعد أن طوى اللبنانيون صفحة الحرب الأهلية عام 1990، لم تجرِ مراجعة جدّية، بحيث يستخلص فيها اللبنانيون العبر، ما خلا المراجعة التي جرت بين منظمة التحرير ممثلة بالسفارة الفلسطينية في لبنان، وحزب الكتائب اللبنانية، والتي تُوِّجت برسالة اعتذار متبادل. ما زال الوجود الفلسطيني مثار جدل في لبنان وعلى مدى السنوات اللاحقة، وصولاً إلى الزمن الحاضر، ما زال العنصر الفلسطيني مثار جدل بين من يحمّله مسؤولية التسبّب بالحرب الأهلية من أصحاب التوجّه اليميني المسيحي، وبين من يعتبره أحد العناصر، وبين من يعتبر أنّ أزمة لبنان تاريخية في النزاعات والحروب الأهلية، وأنّ اللبنانيين والفلسطينيين كانوا ضحية السياسة الأميركية والإسرائيلية، التي انساقت معها قوى لبنانية، وبالتالي فإنّ العنصر الفلسطيني ضحية هذه التجاذبات والحروب، وهو ما أشار إليه كتاب الأستاذ صقر أبو فخر "الحرب الأهلية اللبنانية، لماذا اندلعت ومتى بدأت، الدوافع والروافع وتزوير الوقائع" أخيراً، فضلاً عن كتاب "اللجوء الفلسطيني في زمن الصراعات" الصادر عن لجنة الحوار الفلسطيني اللبناني التابعة لرئاسة مجلس الوزراء اللبناني، الذي توصّل إلى نتيجة مشابهة. بالتأكيد هذا لا ينفي الأخطاء والممارسات، وحتى التوجّهات التي فُرضت، أو ربما اختارتها منظمة التحرير والقوى الفلسطينية في أتون الصراع اللبناني، الذي كان انعكاساً لحالة الخلافات العربية والارتباطات الدولية ذات التوجّهات المتناقضة. وبعد التحولات والتبدلات التي جرت بعد السابع من أكتوبر، وخصوصاً في لبنان، قرأ البعض تراجعاً في دور حزب الله، فأعيد من جديد طرح موضوع تسليم السلاح الفلسطيني، وهذ المرّة بقوّة أكبر، فالظرف الحالي يخدم هذه التوجّهات، وربما بالقوّة وعبر الأمر الواقع، بعيداً عن حلّ قضايا اللاجئين الحقوقية والمدنية، مستندين في ذلك إلى توجّهات السلطة الفلسطينية بتسليم السلاح، التي عُبِّر عنها صراحة في جلسة المجلس المركزي أخيراً في رام الله. والسؤال المطروح اليوم في لبنان: من يضمن أمن المخيّمات بعد أن عانى سكانها من ويلات المجازر والحصار؟ من الذي يضمن عدم اعتداء الاحتلال عليها إن قرّر أن يشنَّ عدواناً جديداً على جنوب لبنان، وبشكل موسّع ليطاول المخيمات الفلسطينية في الجنوب؟ هل سيُقايض السلاح بالحقوق الفلسطينية؟ وهل سيجري التوافق على ذلك فلسطينياً بين السلطة، وفصائل معارضة تطالب بتنظيمه لا تسليمه كحركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية؟ وأين الحكمة والمصلحة التي تراعي الهواجس الفلسطينية والمطالب اللبنانية؟ بلا شك، هناك توجّس وريبة كبيرة تصاحب زيارة عباس للبنان، فلا توجّهاته السياسية، ولا سعيه الحثيث طوال السنوات الماضية في إطار الانقسام الفلسطيني للإمساك بورقة اللاجئين على حساب بقية القوى، فضلاً عن إهماله لحقوق اللاجئين، التي يتقاسم فيها المسؤولية مع بقية الفصائل، تبشّر بخير، فهي تثير المخاوف، بتغطية خيارات لا تتناسب وخصوصية وضع اللاجئ الفلسطيني في لبنان، لتضيف أزمة جديدة إلى أزمات اللاجئ من الفقر والبطالة وقلّة الفرص وانعدام الحقوق.

لماذا يستكين العرب ؟!
لماذا يستكين العرب ؟!

جريدة الايام

timeمنذ 13 ساعات

  • جريدة الايام

لماذا يستكين العرب ؟!

كان يمكن للعرب وهم يعدون اثنتين وعشرين دولة عضواً في الأمم المتحدة، وبتعداد سكاني أكثر من أربعمائة مليون نسمة، وبجيوش واقتصاد وجغرافيا، مجتمعة لو كانت دولة واحدة، لكانت دولة عظمى عالمياً، دون شك، لكن حتى والعرب منقسمون على 22 دولة ونظام حاكم، كان يمكنهم أن يفعلوا شيئا مهما، بل حاسما خلال الأيام العشرة التي مضت، لجهة وقف حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية منذ أكثر من عام ونصف العام على الشعب الفلسطيني، وهو شعب من الأمة العربية، وكانت هناك مناسبتان مرتا خلال الأيام العشرة الماضية، وشكلتا مناسبتين مهمتين، لو كان القادة العرب على قدر المسؤولية القومية، لقاموا بواجبهم الذي يفرضه عليهم المنصب الذي يشغلونه، وبصلاحيات غير محدودة، ونقصد بشكل صريح مناسبتي زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لدول الخليج العربي، كذلك مناسبة انعقاد القمة العربية في العاصمة العراقية بغداد. والعرب يحيطون بإسرائيل من الجهات الثلاث، وللمفارقة فإن جامعة الدول العربية التي تعتبر الإطار الجامع للعرب، قد تأسست في نفس الوقت الذي جرى فيه اغتصاب فلسطين، وإقامة الكيان الإسرائيلي بدلاً من دولة فلسطين المستقلة، وهي قلب العرب، حيث شهدت عبر التاريخ أهم الحروب التي جرت بين العرب من جهة والاحتلالات الخارجية، من مغول وبيزنطيين، ففي عين جالوت، جرت معركة العرب مع المغول بعد أن احتلوا بغداد عاصمة الخلافة العباسية، وانتصر فيها العرب بالطبع، وفي حطين انتصر صلاح الدين وحرر القدس، ووضع نهاية الاحتلال الصليبي للمشرق العربي بعد أن استمر مائتي عام، والعرب اليوم، ليسوا أقل قوة مفترضة أو على الورق، إن كان عسكريا أو اقتصاديا، وليس هناك من مقارنة سكانية بين العرب وإسرائيل، ولا من حيث المساحة الجغرافية ولا حتى من حيث القوة الاقتصادية، وباختصار يمكن القول، إنه يمكن للعرب لو أرادوا، أو لو تحققت لهم الإرادة الحرة، أن ينفخوا على إسرائيل لتطير أو تتبدد. قبل عشرة أيام جاء دونالد ترامب في جولة للشرق الأوسط، انحصرت في ثلاث دول، هي: السعودية وقطر والإمارات، وكانت تلك جولته الخارجية السياسية الأولى، وقد لوحظ أنها اقتصرت على هذه الدول الثلاث، دون أن تشمل الجولة لا إسرائيل ولا دول عربية أخرى، مثل مصر والأردن، بما أكد بوضوح، أن الرجل اختار الدول الثرية، لأن الاقتصاد يمثل بوصلة خطه السياسي، ولأنه يعتبر أن التنافس المركزي لأميركا إنما هو مع الصين، وليس مع روسيا كما كان يعتقد سلفه الديموقراطي جو بايدن، وهو حصل ما سعى إليه من الدول الخليجية الثلاث، من استثمارات بلغت عدة تريليونات من الدولارات، بما يمكن الاقتصاد الأميركي من الوقوف في وجه الاقتصاد الصيني الذي يتفوق عليه في نسبة النمو السنوي، وفي ميزان التجارة بين البلدين، ومن الطبيعي أن تكون الدول الخليجية الثلاث قد حصلت على المقابل من ترامب، لكن فيما يخص الملف الفلسطيني، وصفحته المشتعلة المتمثلة بحرب الإبادة الإسرائيلية على فلسطين بجناحيها قطاع غزة والضفة الفلسطينية، لم يحدث أي شيء، وذلك بالرغم من تصريحات ترامب نفسه عشية زيارته تلك. قبل الزيارة أعلن ترامب أنه خلال الأيام ما بين الأربعاء والجمعة، وهي فترة وجوده في الخليج العربي متنقلا بين الدول الثلاث، سيكون هناك إعلان خاص بغزة، وكان يراهن على ما يبدو على ما يجري في الدوحة من تفاوض من الواضح تماما أنه يجري رغم أنف بنيامين نتنياهو، وذلك بعد أن قدمت حماس هديتها لترامب والمتمثلة بالإفراج عن عيدان اسكندر مزدوج الجنسية الإسرائيلية الأميركية دون مقابل، والعالم كله يعرف أن أميركا هي فقط من يمكنها أن تجبر إسرائيل على وقف الحرب، خاصة بعد أن تيقن العالم كله ومنه معظم الإسرائيليين وبحكم الوقائع من أن الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لم يتم ولن يتم إلا بالتفاوض، ورغم أن إسرائيل أعلنت بشكل صريح ووقح أنها ستطلق ما تسميه «عربات جدعون» بعد انتهاء زيارة ترامب، وذلك في حال عدم التوصل للاتفاق في الدوحة، وهي تدرك أن ذلك الاتفاق لن يكون، لأن نتنياهو بات يطالب باستسلام فلسطيني تام، وليس باتفاق يحقق بعض مطالب الطرفين. أي أن الطريق كان واضحا، حتى في هذه اللحظة، وبعد مضي عام ونصف العام، لم يفعل العرب شيئا مهما أو حاسما، أو يقارب ما هم عليه من أسباب قوة افتراضية، كان يمكن لدول الخليج، أن تحصل على ثمن الاستثمارات الهائلة في أميركا من ترامب، وكان يمكنها لو طلبت منه على الأقل أن يعلن رفع يده عن إسرائيل، وأن أميركا لم تعد مع مواصلة حرب الإبادة التي ينكرها كل العالم، ونصف الإسرائيليين، وعلى الأقل كان يمكنهم أن يطلبوا منه تحذيراً واضحاً لإسرائيل، بأنها إن أقدمت على إطلاق «عربات جدعون»، فإن أميركا ستتوقف عن تزويدها بالسلاح والعتاد، وهذا أضعف الأيمان، كان يمكن في حقيقة الأمر، إعلان موقف قوي بهذا الشأن. ثم جاءت القمة في بغداد، لتجمع بعض قادة الصف الأول، وبالطبع ممثلي الاثنتين وعشرين دولة، دون أن يتجاوز الموقف ما هو معتاد منذ عشرات السنين من إدانة ورفض وبيانات ورقية لا قيمة لها، وكان يمكن بالطبع أن يعلن عن قرارات قوية مؤثرة على إسرائيل، من مثل تعليق العلاقات الدبلوماسية لخمس أو ست دول عربية لها سفراء في إسرائيل، هذا إن لم نقل طردهم، كذلك كان يمكن لكل الدول العربية حتى تلك التي ليس لها علاقات مع إسرائيل، أن تعيد التأكيد على عدم التطبيع دون الدولة الفلسطينية، هذا أولاً، وثانياً، أن العرب مجتمعين وفرادى يؤكدون على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكل الأشكال بما في ذلك المقاومة المسلحة، فإذا كانت إسرائيل تحرق الدنيا، وتتدخل في شؤون إيران بحجة الدفاع عن أمنها، وتقول أميركا وغيرها إنها مع أمن إسرائيل، فإن العرب عليهم أن يقفوا مع فلسطين وقفة أميركا مع إسرائيل على الأقل، وكان يمكن للعرب أن يفعلوا ما يفعله اليمن من ضغط اقتصادي على كل ما يتعامل مع إسرائيل رغم شنها حرب إبادة منذ أكثر من عام ونصف العام، بأن يقاطعوا كل من يتعامل مع إسرائيل من دول، وأن يحاسبوا دول العالم على تصويتها في مجلس الأمن والجمعية العمومية. باختصار كان يمكن، وما زال ممكناً للعرب أن يفعلوا أو حتى أن يتخذوا موقفا من شأنه أن يجبر نتنياهو وما يمثله من يمين متطرف، يقف ضده نصف المجتمع الإسرائيلي نفسه، وكان يجب على القادة العرب أن يعلنوا موقف يائير غولان زعيم حزب الديمقراطيين الذي تشكل العام الماضي من ائتلاف حزبي العمل وميريتس، حيث قال إن إسرائيل ذاهبة لتكون دولة منبوذة عالميا على طريقة جنوب إفريقيا أيام الفصل العنصري وأن إسرائيل دولة تقتل الأطفال من باب الهواية، بل كان يمكن ويجب على العرب أن يحذو حذو الدول الأوروبية، ليس مجموعة أيرلندا، إسبانيا، بلجيكا والنرويج، بل فرنسا وبريطانيا وكندا، مع اليابان وهم دول من بين الدول السبع الكبار في الاقتصاد العالمي، الذين أعلنوا رداً على «عربات جدعون» بأنهم سيراجعون علاقاتهم التجارية مع إسرائيل، فيما تؤكد فرنسا وهي دولة عظمى، واحدة من خمس دول لها حق الفيتو في مجلس الأمن، بأنها ستعترف بدولة فلسطين الشهر القادم، رداً على الفاشية الإسرائيلية. إن إسرائيل بما هي عليه حاليا من حكومة فاشية، يمينية متطرفة، تؤكد تماما أنها تقوم بالقتل والتدمير في غزة لإجبار الناس على الذهاب لجنوب القطاع ومن ثم لدولة ثالثة، وتفعل الشيء نفسه في جنين وطولكرم بهدف التطهير العرقي تاليا، وهي تحلم بدولة إسرائيل الكبرى من الفرات للنيل، فإن لم يكن بشكل صريح فالسيطرة والنفوذ بإعادة ترتيب الشرق الأوسط، وإن لم يكن فإسرائيل الكاملة على أرض فلسطين التاريخية الانتدابية، وهكذا فإنه لم يعد مجديا أن يدفن العرب رؤوسهم في التراب، ويدعي بعضهم على الأقل أن إسرائيل بحكومتها الحالية قابلة للتعايش السلمي مع الآخرين، وأن التطبيع بات نتنياهو بشركائه الفاشيين يراه نتيجة فرض الأمر الواقع، وليس نتيجة تفاوض مع أحد، وهو لأجل هذا رفض ما سعى إليه بايدن، وحتى ما كان يمكن أن يعتبره ترامب هدفه الأسمى، نقصد التطبيع مع السعودية، لأن السعودية طلبت مقابل ذلك أفقاً سياسياً في الملف الفلسطيني يفضي لحل الدولتين، ومجرد الحديث عن أفق لدولة فلسطينية رفضه نتنياهو، بل اقترح على السعودية بفظاظة أن تقيم تلك الدولة على أرضها!

تاريخ النشر: 23 أيار 2025
تاريخ النشر: 23 أيار 2025

جريدة الايام

timeمنذ 13 ساعات

  • جريدة الايام

تاريخ النشر: 23 أيار 2025

كان يمكن للعرب وهم يعدون اثنتين وعشرين دولة عضواً في الأمم المتحدة، وبتعداد سكاني أكثر من أربعمائة مليون نسمة، وبجيوش واقتصاد وجغرافيا، مجتمعة لو كانت دولة واحدة، لكانت دولة عظمى عالمياً، دون شك، لكن حتى والعرب منقسمون على 22 دولة ونظام حاكم، كان يمكنهم أن يفعلوا شيئا مهما، بل حاسما خلال الأيام العشرة التي مضت، لجهة وقف حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية منذ أكثر من عام ونصف العام على الشعب الفلسطيني، وهو شعب من الأمة العربية، وكانت هناك مناسبتان مرتا خلال الأيام العشرة الماضية، وشكلتا مناسبتين مهمتين، لو كان القادة العرب على قدر المسؤولية القومية، لقاموا بواجبهم الذي يفرضه عليهم المنصب الذي يشغلونه، وبصلاحيات غير محدودة، ونقصد بشكل صريح مناسبتي زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لدول الخليج العربي، كذلك مناسبة انعقاد القمة العربية في العاصمة العراقية بغداد. والعرب يحيطون بإسرائيل من الجهات الثلاث، وللمفارقة فإن جامعة الدول العربية التي تعتبر الإطار الجامع للعرب، قد تأسست في نفس الوقت الذي جرى فيه اغتصاب فلسطين، وإقامة الكيان الإسرائيلي بدلاً من دولة فلسطين المستقلة، وهي قلب العرب، حيث شهدت عبر التاريخ أهم الحروب التي جرت بين العرب من جهة والاحتلالات الخارجية، من مغول وبيزنطيين، ففي عين جالوت، جرت معركة العرب مع المغول بعد أن احتلوا بغداد عاصمة الخلافة العباسية، وانتصر فيها العرب بالطبع، وفي حطين انتصر صلاح الدين وحرر القدس، ووضع نهاية الاحتلال الصليبي للمشرق العربي بعد أن استمر مائتي عام، والعرب اليوم، ليسوا أقل قوة مفترضة أو على الورق، إن كان عسكريا أو اقتصاديا، وليس هناك من مقارنة سكانية بين العرب وإسرائيل، ولا من حيث المساحة الجغرافية ولا حتى من حيث القوة الاقتصادية، وباختصار يمكن القول، إنه يمكن للعرب لو أرادوا، أو لو تحققت لهم الإرادة الحرة، أن ينفخوا على إسرائيل لتطير أو تتبدد. قبل عشرة أيام جاء دونالد ترامب في جولة للشرق الأوسط، انحصرت في ثلاث دول، هي: السعودية وقطر والإمارات، وكانت تلك جولته الخارجية السياسية الأولى، وقد لوحظ أنها اقتصرت على هذه الدول الثلاث، دون أن تشمل الجولة لا إسرائيل ولا دول عربية أخرى، مثل مصر والأردن، بما أكد بوضوح، أن الرجل اختار الدول الثرية، لأن الاقتصاد يمثل بوصلة خطه السياسي، ولأنه يعتبر أن التنافس المركزي لأميركا إنما هو مع الصين، وليس مع روسيا كما كان يعتقد سلفه الديموقراطي جو بايدن، وهو حصل ما سعى إليه من الدول الخليجية الثلاث، من استثمارات بلغت عدة تريليونات من الدولارات، بما يمكن الاقتصاد الأميركي من الوقوف في وجه الاقتصاد الصيني الذي يتفوق عليه في نسبة النمو السنوي، وفي ميزان التجارة بين البلدين، ومن الطبيعي أن تكون الدول الخليجية الثلاث قد حصلت على المقابل من ترامب، لكن فيما يخص الملف الفلسطيني، وصفحته المشتعلة المتمثلة بحرب الإبادة الإسرائيلية على فلسطين بجناحيها قطاع غزة والضفة الفلسطينية، لم يحدث أي شيء، وذلك بالرغم من تصريحات ترامب نفسه عشية زيارته تلك. قبل الزيارة أعلن ترامب أنه خلال الأيام ما بين الأربعاء والجمعة، وهي فترة وجوده في الخليج العربي متنقلا بين الدول الثلاث، سيكون هناك إعلان خاص بغزة، وكان يراهن على ما يبدو على ما يجري في الدوحة من تفاوض من الواضح تماما أنه يجري رغم أنف بنيامين نتنياهو، وذلك بعد أن قدمت حماس هديتها لترامب والمتمثلة بالإفراج عن عيدان اسكندر مزدوج الجنسية الإسرائيلية الأميركية دون مقابل، والعالم كله يعرف أن أميركا هي فقط من يمكنها أن تجبر إسرائيل على وقف الحرب، خاصة بعد أن تيقن العالم كله ومنه معظم الإسرائيليين وبحكم الوقائع من أن الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لم يتم ولن يتم إلا بالتفاوض، ورغم أن إسرائيل أعلنت بشكل صريح ووقح أنها ستطلق ما تسميه «عربات جدعون» بعد انتهاء زيارة ترامب، وذلك في حال عدم التوصل للاتفاق في الدوحة، وهي تدرك أن ذلك الاتفاق لن يكون، لأن نتنياهو بات يطالب باستسلام فلسطيني تام، وليس باتفاق يحقق بعض مطالب الطرفين. أي أن الطريق كان واضحا، حتى في هذه اللحظة، وبعد مضي عام ونصف العام، لم يفعل العرب شيئا مهما أو حاسما، أو يقارب ما هم عليه من أسباب قوة افتراضية، كان يمكن لدول الخليج، أن تحصل على ثمن الاستثمارات الهائلة في أميركا من ترامب، وكان يمكنها لو طلبت منه على الأقل أن يعلن رفع يده عن إسرائيل، وأن أميركا لم تعد مع مواصلة حرب الإبادة التي ينكرها كل العالم، ونصف الإسرائيليين، وعلى الأقل كان يمكنهم أن يطلبوا منه تحذيراً واضحاً لإسرائيل، بأنها إن أقدمت على إطلاق «عربات جدعون»، فإن أميركا ستتوقف عن تزويدها بالسلاح والعتاد، وهذا أضعف الأيمان، كان يمكن في حقيقة الأمر، إعلان موقف قوي بهذا الشأن. ثم جاءت القمة في بغداد، لتجمع بعض قادة الصف الأول، وبالطبع ممثلي الاثنتين وعشرين دولة، دون أن يتجاوز الموقف ما هو معتاد منذ عشرات السنين من إدانة ورفض وبيانات ورقية لا قيمة لها، وكان يمكن بالطبع أن يعلن عن قرارات قوية مؤثرة على إسرائيل، من مثل تعليق العلاقات الدبلوماسية لخمس أو ست دول عربية لها سفراء في إسرائيل، هذا إن لم نقل طردهم، كذلك كان يمكن لكل الدول العربية حتى تلك التي ليس لها علاقات مع إسرائيل، أن تعيد التأكيد على عدم التطبيع دون الدولة الفلسطينية، هذا أولاً، وثانياً، أن العرب مجتمعين وفرادى يؤكدون على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكل الأشكال بما في ذلك المقاومة المسلحة، فإذا كانت إسرائيل تحرق الدنيا، وتتدخل في شؤون إيران بحجة الدفاع عن أمنها، وتقول أميركا وغيرها إنها مع أمن إسرائيل، فإن العرب عليهم أن يقفوا مع فلسطين وقفة أميركا مع إسرائيل على الأقل، وكان يمكن للعرب أن يفعلوا ما يفعله اليمن من ضغط اقتصادي على كل ما يتعامل مع إسرائيل رغم شنها حرب إبادة منذ أكثر من عام ونصف العام، بأن يقاطعوا كل من يتعامل مع إسرائيل من دول، وأن يحاسبوا دول العالم على تصويتها في مجلس الأمن والجمعية العمومية. باختصار كان يمكن، وما زال ممكناً للعرب أن يفعلوا أو حتى أن يتخذوا موقفا من شأنه أن يجبر نتنياهو وما يمثله من يمين متطرف، يقف ضده نصف المجتمع الإسرائيلي نفسه، وكان يجب على القادة العرب أن يعلنوا موقف يائير غولان زعيم حزب الديمقراطيين الذي تشكل العام الماضي من ائتلاف حزبي العمل وميريتس، حيث قال إن إسرائيل ذاهبة لتكون دولة منبوذة عالميا على طريقة جنوب إفريقيا أيام الفصل العنصري وأن إسرائيل دولة تقتل الأطفال من باب الهواية، بل كان يمكن ويجب على العرب أن يحذو حذو الدول الأوروبية، ليس مجموعة أيرلندا، إسبانيا، بلجيكا والنرويج، بل فرنسا وبريطانيا وكندا، مع اليابان وهم دول من بين الدول السبع الكبار في الاقتصاد العالمي، الذين أعلنوا رداً على «عربات جدعون» بأنهم سيراجعون علاقاتهم التجارية مع إسرائيل، فيما تؤكد فرنسا وهي دولة عظمى، واحدة من خمس دول لها حق الفيتو في مجلس الأمن، بأنها ستعترف بدولة فلسطين الشهر القادم، رداً على الفاشية الإسرائيلية. إن إسرائيل بما هي عليه حاليا من حكومة فاشية، يمينية متطرفة، تؤكد تماما أنها تقوم بالقتل والتدمير في غزة لإجبار الناس على الذهاب لجنوب القطاع ومن ثم لدولة ثالثة، وتفعل الشيء نفسه في جنين وطولكرم بهدف التطهير العرقي تاليا، وهي تحلم بدولة إسرائيل الكبرى من الفرات للنيل، فإن لم يكن بشكل صريح فالسيطرة والنفوذ بإعادة ترتيب الشرق الأوسط، وإن لم يكن فإسرائيل الكاملة على أرض فلسطين التاريخية الانتدابية، وهكذا فإنه لم يعد مجديا أن يدفن العرب رؤوسهم في التراب، ويدعي بعضهم على الأقل أن إسرائيل بحكومتها الحالية قابلة للتعايش السلمي مع الآخرين، وأن التطبيع بات نتنياهو بشركائه الفاشيين يراه نتيجة فرض الأمر الواقع، وليس نتيجة تفاوض مع أحد، وهو لأجل هذا رفض ما سعى إليه بايدن، وحتى ما كان يمكن أن يعتبره ترامب هدفه الأسمى، نقصد التطبيع مع السعودية، لأن السعودية طلبت مقابل ذلك أفقاً سياسياً في الملف الفلسطيني يفضي لحل الدولتين، ومجرد الحديث عن أفق لدولة فلسطينية رفضه نتنياهو، بل اقترح على السعودية بفظاظة أن تقيم تلك الدولة على أرضها!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store