
"إخوان الصدق" يوجّهون صفعة للاحتلال.. صاروخ يمني يخترق الدفاعات ويشل مطار "بن غوريون"
تقرير - شهاب
في حدث عسكري وصف بأنه "غير مسبوق" منذ بدء العدوان على قطاع غزة، نجح صاروخ يمني بعيد المدى، أطلقته القوات اليمنية، التابعة لحركة "أنصار الله" (الحوثيين)، في تجاوز أربع طبقات من أنظمة الدفاع الجوي لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ليضرب مباشرةً في قلب مطار "بن غوريون"، قرب مدينة "تل أبيب" وسط فلسطين المحتلة.
الهجوم الذي خلّف حفرة بعمق 25 مترًا، وأدى إلى عدة إصابات في صفوف المستوطنين، شكل اختراق أمني وعسكري هزّ الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية.
كما أن الضربة المفاجئة جاءت بعد أسابيع قليلة من غارات أمريكية على مواقع في اليمن، زعمت واشنطن أنها "مخازن صواريخ استراتيجية" تابعة للحركة، في إطار ما سماه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب "ردع التهديد اليمني لإسرائيل والمصالح الغربية".
غير أن الصاروخ الأخير شكّل، على ما يبدو، ردًّا عمليًا ينقض السردية الأمريكية حول فعالية تلك الضربات، ويبعث برسالة مفادها أن قدرات اليمن الصاروخية ما زالت فاعلة وقادرة على تجاوز أحدث الأنظمة الدفاعية، بما فيها منظومات "القبة الحديدية" و"مقلاع داوود" و"حيتس".
ويرى مراقبون أن هذا التطور قد يفتح الباب أمام مزيد من الضغوط السياسية والعسكرية على حكومة بنيامين نتنياهو، التي تواجه بالفعل انتقادات واسعة لفشلها في تحقيق أي نصر حاسم في غزة، وعجزها عن تحييد ما تسميه "التهديدات من الجبهات الخارجية".
#فيديو | حالة من الهلع جراء سقوط صاروخ يمني في محيط مطار بن غوريون بـ (تل أبيب). pic.twitter.com/R4eRDBDF9B — وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) May 4, 2025
"صدمة إسرائيلية"
كما فتح الاحتلال الإسرائيلي سلسلة تحقيقات موسعة لمعرفة كيفية تمكن الصاروخ اليمني من تجاوز كل طبقات الحماية الجوية والوصول إلى أحد أكثر المواقع حساسية في الكيان.
ووصف الإعلام العبري الحدث بـ"الاختراق المرعب"، فيما أقرّت مصادر أمنية بوجود "ثغرات كارثية" في منظومة الرصد والردع.
وقالت وسائل اعلام عبرية إن القيادة الأمنية قلقة للغاية من الإخفاق في صد الصاروخ اليمني الذي استهدف مطار بن غوريون، مشيرةً إلى أن هناك "مخاوف بإسرائيل من أن تقرر شركات طيران دولية تعليق رحلاتها بسبب استهداف المطار".
وعلى إثر ذلك، توسّعت موجة إلغاء الرحلات، حيث أعلنت سويسرا والنمسا وفرنسا إلغاء رحلاتهم إلى "إسرائيل" في الساعات المقبلة، بحسب وسائل إعلام عبرية.
#فيديو | قناة كان العبرية : لحظة استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني. pic.twitter.com/1aMNRF1xYe — وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) May 4, 2025
وتعليقا على سقوط الصاروخ اليمني، قال وزير الحرب بحكومة الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن "من يضربنا سنضربه 7 أضعاف"، وفق ما نقلته القناة الـ12 الإسرائيلية.
ومن جانبه، عبّر وزير الحرب السابق بيني غانتس عن غضبه من الحادث، قائلاً: "يجب الرد بقوة في طهران"، في إشارة ضمنية إلى وقوف إيران خلف تنامي قدرات القوى الداعمة للمقاومة في المنطقة.
وعلّق المراسل العسكري الإسرائيلي نوعام أمير على فشل المنظومات الدفاعية بقوله: "هل من الممكن أن الألمان يرون هذا الإخفاق ويفكرون مجددًا فيما إذا كانوا سيشترون منظومة حيتس؟"، معبرًا عن فقدان الثقة في أداء المنظومات الدفاعية لدى الاحتلال.
في حين ذكرت القناة "11" العبرية أن الصاروخ تسبب بوقوع 7 إصابات جسدية إحداها بحالة متوسطة، بينما تم تسجيل عشرات الإصابات بالهلع.
#فيديو | شرطة الاحتلال: الصاروخ اليمني الذي أصاب مطار بن غوريون أحدث حفرة بعمق 25 مترًا. pic.twitter.com/0maq5aN4j9 — وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) May 4, 2025
"إخوان الصدق"
وأعاد نشطاء ومدونون على مواقع التواصل الاجتماعي نشر تصريح سابق للناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، الذي أشاد فيه بالدور اليمني، واصفًا إياهم بـ"إخوان الصدق"، في إشارة إلى المواقف الميدانية المتقدمة التي اتخذها اليمنيون دعمًا وتضامنًا مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
من جهته، حذر القيادي في جماعة أنصار الله، نصر الدين بن عامر، شركات الطيران من التعامل مع مطار "بن غوريون" ومن مخاطر ذلك على سلامة طائراتها لأنه هدف لصواريخ القوات المسلحة اليمنية "حتى يتوقف العدوان على غزة ويرفع الحصار".
من جانبها، قال بيان صادر عن القواتِ المسلحةِ اليمنية إن القوةُ الصاروخية لها نفذت عمليةً عسكريةً استهدفتْ المطار بصاروخٍ باليستيٍّ فرطِ صوتيٍّ، وقد أصابُ هدفهُ بنجاحٍ.
وأضاف البيان: كان من نتائج العملية ما يلي:فشلُ المنظوماتِ الاعتراضيةِ الأمريكيةِ والإسرائيليةِ في اعتراضه وهروبُ أكثرَ من ثلاثةِ ملايينَ صهيونيٍّ إلى الملاجئ وتوقفُ حركةِ المطارِ بشكلٍ كاملٍ ولأكثرَ من ساعة.
وجددت القواتُ المسلحةُ اليمنيةُ تحذيرَها لكافةِ شركاتِ الطيرانِ العالميةِ من مواصلةِ رحلاتِها إلى مطارِ بن غوريون كونَه أصبحَ غيرَ آمنٍ لحركةِ الملاحة.
⭕️ بيان القوات المسلحة اليمنية بشان استهداف "مطار بن غوريون" في يافا المحتلة بصاروخٍ باليستيٍّ فرط صوتيّ أصاب هدفه بنجاح و"هدفاً حيوياً" في عسقلان المحتلة وتجديد تحذير شركات الطيران العالمية بأن "مطار بن غوريون" غير آمن- 4 مايو 2025م. pic.twitter.com/80IOfHpyfI — وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) May 4, 2025
"تطور نوعي"
الباحث والمحلل السياسي علي أبو رزق، قال إن "الصاروخ اليمني جاء بعد المجازر الأخيرة التي ارتكبتها الطائرات الإسرائيلية والأمريكية بحق عشرات اليمنيين، وكان هناك تصور أمريكي إسرائيلي أن جماعة أنصار الله قد تم ردعها تماما ولن تقدم على تصعيد كبير كما جرى اليوم".
وأضاف أن "هذا التصعيد من قبل اليمن يضرب السردية السياسية التي سادت في الإقليم منذ عشرات السنين ويتم الترويج لها بقوة هذه الأيام، حتى من قبل مناصرين متوهمين للقضية الفلسطينية، أن المصلحة الوطنية مقدمة على الأخلاقية السياسية، والمصلحة الوطنية مقدمة على المبادئ الدينية والقومية والعروبية، صاروخ اليوم يقول لهؤلاء أن المصلحة الوطنية قصيرة المدى لليمن تكمن في التوقف وليس مواصلة التصعيد".
وأشار إلى أن "الموقف اليمني يأتي في أحد أكثر الأوقات التي تعاني منها الأمة الإسلامية من ضعف وانحدار وهشاشة أو حتى موات، ليثبت هذا الموقف الأخلاقي أن هذه الأمة قد تمرض وتمرض وتمرض لكنها أبدا لا تموت".
ولفت إلى أن "التصعيد اليمني يعيد تعريف الصراع كما يجب أن يكون، أنه إسرائيلي أممي وليس إسرائيلي فلسطيني فقط، وأن لا أمن ولا أمان ولا رخاء ولا استقرار في كل المنطقة حتى يتم رفع السلاح في وجه أو حتى اجتثاث هذا السرطان المسمى إسرائيل!".
كما قال الباحث والمختص في الدراسات الأمنية أحمد مولانا، إن "الرسالة الأبرز من هجمات الحوثيين ضد إسرائيل هي إبراز دعمهم لغزة مما عزز شرعيتهم داخل اليمن وفي العالم العربي والإسلامي، ووضع خصومهم المحليين في موقف حرج، حيث سيُفسر أي تحرك منهم على إنَّه جزء من ترتيب غربي لحفظ أمن إسرائيل".
وأضاف مولانا، أنه "رغم الخسائر وضراوة الغارات الأمريكية، ما زال الحوثيون يطلقون صواريخ بالستية باتجاه مطار بن غوريون وأماكن حيوية في إسرائيل، مما يشير لإخفاق الحملة الأمريكية الجوية في تحقيق أهدافها المعلنة حتى الآن".
رغم الخسائر وضراوة الغارات الأمريكية، ما زال الحوثيون يطلقون صواريخ بالستية باتجاه مطار بن غوريون وأماكن حيوية في إسرائيل، مما يشير لإخفاق الحملة الأمريكية الجوية في تحقيق أهدافها المعلنة حتى الآن. https://t.co/0UXnKnx9zU — أحمد مولانا (@amawlana84) May 4, 2025
على الصعيد التقني والدفاعي، قال الباحث المختص بالشؤون الدفاعية محمد أون المش، إن "الجيش الاسرائيلي أعلن عن انطلاق الصاروخ لحظة خروجه من اليمن، وكان مترقباً له، حاولت المقاتلات اعتراضه، وكذلك منظومات ثاد الأمريكية وحيتس الاسرائيلية، ولكنها لم تفلح في اعتراض الصاروخ".
وأضاف: "من الجانب اليمني، تطوير صاروخ بهذا الدقة من هذا المدى، ونجاحهم في اطلاقه رغم القصف الأمريكي المستمر بكثافة منذ أكثر من شهر، رسائل الى امريكا واسرائيل، والى دول المنطقة التي تصرف مليارات الدولارات في صفقات الباتريوت والثاد ظناً منها ان هذه المنظومات كافية لحمايتها في حال شن حرب ضد اليمن".
على الصعيد التقني والدفاعي:
- الجيش الاسرائيلي أعلن عن انطلاق الصاروخ لحظة خروجه من اليمن، وكان مترقباً له، حاولت المقاتلات اعتراضه، وكذلك منظومات ثاد الأمريكية وحيتس الاسرائيلية، ولكنها لم تفلح في اعتراض الصاروخ.
- من الجانب اليمني، تطوير صاروخ بهذا الدقة من هذا المدى، ونجاحهم… — Muhammed Ünalmış (@Muhammedunalmis) May 4, 2025
وسبق أن أعلنت جماعة أنصار الله (الحوثيون) سابقا استهدافها مطار بن غوريون الإسرائيلي مرات عدة، إحداها بصاروخ قالت إنه باليستي فرط صوتي نوع "فلسطين 2″، مشيرة إلى أنها "حققت نجاحا وأدت إلى توقف حركة الملاحة الجوية في المطار".
ويشن الحوثيون من حين إلى آخر هجمات بصواريخ ومسيّرات على الكيان الإسرائيلي، بعضها استهدف "تل أبيب"، قابلتها ضربات إسرائيلية لمواقع قالت إنها عسكرية للجماعة اليمنية، قبل أن توقف الجماعة هجماتها مع دخول وقف إطلاق النار بغزة حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وتستأنفها بعد تجدد العدوان على القطاع.
#فيديو | يسرائيل هيوم: سقوط صاروخ باليستي أطلق من اليمن في مطار بن غوريون في (تل أبيب). pic.twitter.com/LTYGWgREsM — وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) May 4, 2025
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار اليوم المصرية
منذ ساعة واحدة
- أخبار اليوم المصرية
الحوثيون: خسائر الغارات الإسرائيلية والأمريكية على موانئ الحديدة تناهز 1.4 مليار دولار
قدّرت جماعة "أنصار الله" الحوثي اليمنية ، اليوم الأحد، أن حجم الخسائر الناجمة عن الغارات الجوية الأمريكية والإسرائيلية على موانئ الحديدة التي تديرها الجماعة في محافظة الحديدة، في غرب اليمن تناهز 1.4 مليار دولار أمريكي. وقالت مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية في بيان نقلته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" في صنعاء التي تديرها "أنصار الله"، إن "حجم الأضرار التي لحقت بموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، جراء غارات طيران العدوان الصهيوني - الأميركي منذ تموز/ يوليو 2024 حتى آيار/ مايو الجاري، وطالت البنية التحتية والمنشآت التشغيلية للموانئ، تسببت بخسائر مباشرة وغير مباشرة تجاوزت مليارا و387 مليون دولار". وأضافت أن "أكثر من 531 مليون دولار أضرار مباشرة، و856 مليون دولار خسائر غير مباشرة نتيجة توقف الخدمات وتعطل تدفق الإمدادات". وأوضحت أن "الغارات تسببت بتدمير الأرصفة (1، 2، 5، 6، 7، 8)، ورافعتين رئيسيتين، ومحطات كهرباء ومولدات، ومرافق خدمية ولوجستية، بما في ذلك الأرصفة العائمة والقاطرات والمستودعات، التي كانت مخصصة لتفريغ المواد الغذائية والإغاثية والدوائية". وتشن جماعة "أنصار الله" هجمات على إسرائيل والسفن المرتبطة بها وبالولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2023؛ رداً على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة. ومنذ استئناف تل أبيب عملياتها العسكرية في قطاع غزة في 18 آذار/مارس الماضي، كثفت جماعة "أنصار الله" في اليمن هجماتها على إسرائيل والسفن المرتبطة بها وبالولايات المتحدة وبريطانيا، ما دفع القوات الأمريكية إلى تنفيذ مئات الغارات الجوية على مواقع الجماعة في اليمن، قبل أن تتوصل الجماعة وواشنطن في السادس من أيار/مايو الجاري، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بينهما، لكن "أنصار الله" أكدت أن الاتفاق لا يشمل العمليات ضد إسرائيل.


وكالة شهاب
منذ 5 ساعات
- وكالة شهاب
خاص حلّوم معاتبًا الأمة: أي عارٍ هذا الذي نرضى أن يسجله التاريخ علينا؟! (فيديو)
خاص - شهاب وجّه السفير الفلسطيني الأسبق د. ربحي حلّوم نداءً عاجلاً إلى الشعوب العربية وأحرار العالم، مستنكرًا الصمت المطبق تجاه المجازر الوحشية والإبادة الجماعية التي يتعرض لها أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وسط قصف متواصل وتجويع وحصار خانق يطال الأطفال والنساء وكبار السن. وقال د. حلّوم في تصريح خاص بوكالة (شهاب) للأنباء إن "العالم أجمع يشهد ما يحدث في غزة العزة من مذابح جماعية وهدم للمنازل على رؤوس ساكنيها، بينما تقف أمتنا العربية صامتة، تتفرج وكأن ما يجري لا يعنيها. أي عارٍ هذا الذي نرضى أن يسجله التاريخ علينا؟" وأضاف: "في الوقت الذي تنتفض فيه شوارع العواصم الأوروبية – في إسبانيا، وإيرلندا، وإيطاليا وغيرها – دعماً لقضيتنا ورفضاً للإبادة التي تمارس بحق شعبنا، ما زالت شوارع عواصمنا العربية خالية من الحراك الشعبي الجاد، وكأن غزة ليست منا، أو كأن الدم الفلسطيني رخيص". وشدد د. حلّوم على أن غزة لا تدافع عن نفسها فقط، بل عن شرف وكرامة الأمة بأسرها، وقال: "غزة اليوم في خط المواجهة الأول، تصد العدوان نيابة عن جميع أبناء الأمة من المحيط إلى الخليج. فهل نعجز نحن عن تنظيم وقفة أو صيحة غضب؟". وطالب الدبلوماسي السابق، الجميع، شعوباً ونخباً ومؤسسات، بالتحرك العاجل على كافة الأصعدة، إعلاميًا: لتعرية الجريمة وكشف فظائع الاحتلال، وسياسيًا: للضغط على الحكومات للتحرك، وشعبيًا: بالخروج إلى الشوارع وإيصال الصوت الفلسطيني إلى كل العالم. وختم حلّوم تصريحه قائلًا: "تحية لصمود أهلنا في غزة العزة، أولئك الأبطال الذين يقاتلون نيابة عنا جميعًا، وسينتصرون بإذن الله. لن يبقى هذا الصمت إلى الأبد، فالشعوب العربية لا بد أن تصحو، والعار لن يدوم".


وكالة شهاب
منذ 5 ساعات
- وكالة شهاب
بين الضغوط الداخلية والتوازنات استراتيجية .... هل تتوقف بريطانيا عن تصدير الأسلحة إلى إسرائيل؟
خاص / شهاب يثير ملف صادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والحقوقية، وسط تساؤلات متزايدة حول مدى التزام حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر بتعهداتها القانونية والأخلاقية في ضوء الانتهاكات الموثقة للقانون الإنساني الدولي خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة. ورغم اتخاذ الحكومة البريطانية عددًا من الإجراءات الرمزية، بما في ذلك تعليق عدد محدود من تراخيص التصدير، إلا أن المعطيات تكشف استمرار تدفق المعدات العسكرية البريطانية إلى إسرائيل، ما يلقي بظلال من الشك حول جدية لندن في مراجعة علاقتها الدفاعية مع تل أبيب. تحولات في الخطاب وبحسب التقارير المعلوماتية والصحفية أعلنت حكومة المملكة المتحدة تعليق 30 ترخيصًا لتصدير مواد عسكرية لإسرائيل، بعد تصاعد الانتقادات الدولية لطريقة إدارة الجيش الإسرائيلي للعمليات في غزة. وشملت التصريحات الرسمية، ولا سيما من وزير الخارجية ديفيد لامي، لهجة حادة غير مسبوقة، إذ وصف ما تقوم به إسرائيل بأنه "تطرف خطير"، مؤكدًا أن "توسيع العملية العسكرية لا يمكن تبريره أخلاقيًا". كما علّقت لندن مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل وفرضت عقوبات على أفراد وكيانات في الضفة الغربية متهمة بالتورط في أعمال عنف ضد الفلسطينيين. هذه الإجراءات لقيت ترحيبًا من بعض الأوساط، إلا أنها لم تلبِّ مطالب عشرات المظاهرات الحاشدة التي شهدتها لندن ومدن بريطانية أخرى، والتي طالبت بوقف كامل وفوري لتصدير الأسلحة. وأوضح وزير الخارجية البريطاني دافيد لامي أن "توسيع إسرائيل العملية العسكرية لا يمكن تبريره أخلاقيا. هذه ليست طريقة لاستعادة الرهائن"، مضيفا "لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام ممارسات إسرائيل في غزة". وأكد الوزير في كلمة أمام مجلس النواب أن "أسلوب إدارة اسرائيل لحرب غزة يضر العلاقات الثنائية بين البلدين"، مشددا على أن "ما يحدث الآن (في غزة) هو تطرف خطير وندينه بأشد العبارات. حكومة نتنياهو تخطط لإجلاء الفلسطينيين من منازلهم، وعدم توفير إلا النذر اليسير من المساعدات لهم"، لافتا إلى أنه ليس هناك أي مخزون للأغذية والأدوية على الإطلاق في القطاع. وأعلن وزير الخارجية البريطاني تعليق لندن مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل بسبب الوضع في غزة. كما فرضت المملكة المتحدة عقوبات على عدد من الأفراد والكيانات في الضفة الغربية المحتلة، قالت إنهم مرتبطون بأعمال عنف ضد الفلسطينيين. وزاد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر انتقاده لإسرائيل، مشيرا إلى أن مستوى معاناة الأطفال في غزة "لا يحتمل" مطلقا وجدد دعوته لوقف إطلاق النار، وقال أمام البرلمان: "أريد أن أسجل اليوم أننا مذعورون من التصعيد من جانب إسرائيل". و تشير بيانات وزارة الأعمال والتجارة البريطانية إلى أنه في الفترة بين أكتوبر 2023 ومايو 2024، تم إصدار 42 ترخيصًا جديدًا لتصدير معدات عسكرية إلى إسرائيل، رغم الإعلان عن تعليق التراخيص في سبتمبر. ورغم انخفاض صادرات الأسلحة من 55 مليون دولار عام 2022 إلى 24.2 مليون دولار عام 2023، إلا أن تحليلًا جديدًا أجرته صحيفة الغارديان و"المنظمة التقدمية الدولية" كشف عن شحن 14 دفعة عسكرية من المملكة المتحدة إلى إسرائيل بعد بدء الحرب، بينها شحنات ضمّت أكثر من 160 ألف قطعة عسكرية، بما في ذلك ذخائر، مكونات طائرات، ومركبات مدرعة. كما تم تسجيل شحن 8630 قطعة من الذخائر الحربية من بريطانيا إلى إسرائيل منذ سبتمبر 2024، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى التزام الحكومة بقراراتها المعلنة. برز اسم شركتي BAE Systems وRolls-Royce وقال مراقبون أن من بين أبرز المزودين لإسرائيل خلال الحرب، خاصة في ما يتعلق بمكونات تُستخدم في الدبابات القتالية "ميركافا 4 و5"، والتي شاركت في اقتحامات كبيرة جدا في قطاع غزة ابرزها اقتحامات المستشفيات منها مستشفى الشفاء والمستشفى الإندونيسي وكمال عدوان وما يحدث الان ما إبادة وااسعة في رفح ، وفق ما وثقته منظمات حقوقية تبرير غير كاف. رغم إعلان الحكومة أن هذه الصادرات ضرورية للأمن القومي وسلاسل التوريد الدولية، يرى مراقبون أن هذا التبرير غير كافٍ من الناحية القانونية أو الأخلاقية، خاصة في ظل تقارير الأمم المتحدة حول الاستخدام المحتمل لهذه المكونات في قصف مدنيين. من جانبها وصفت النائبة عن حزب العمال، زارا سلطانة، استمرار الصادرات بأنه "خيانة لقيم حقوق الإنسان"، مؤكدة أن الحكومة "تكذب على البرلمان". من جهته، دعا وزير المالية السابق في حكومة الظل، جون ماكدونيل، إلى تحقيق برلماني شامل في الملف، معتبرًا أن الحكومة "ضللت البرلمان والشعب البريطاني بشأن حقيقة التورط في دعم آلة الحرب الإسرائيلية". أصدر أكثر من 44 مسجدًا ومؤسسة إسلامية، من بينها مسجد شرق لندن، ومسجد برمنغهام المركزي، وفينسبري بارك، رسالة مفتوحة تطالب بوقف تام لتصدير الأسلحة، والاعتراف الرسمي بدولة فلسطين. وأكدت الرسالة أن استمرار الدعم العسكري لإسرائيل يجعل بريطانيا "شريكة في ارتكاب الإبادة"، محذّرة من أن غضّ الطرف عن الانتهاكات في غزة يقوّض التزامات المملكة المتحدة بالقانون الدولي. ن جانب يرى الدكتور ريتشارد نورتون تايلور، المحلل العسكري في "ذا غارديان"، أن بريطانيا تجد نفسها "عالقة بين ضغط أخلاقي محلي متصاعد والتزامات استراتيجية عميقة مع الولايات المتحدة والناتو"، موضحًا أن "الخطاب السياسي الجديد لا يزال بعيدًا عن تغيير جوهري في السياسة الدفاعية". بدوره، يشير البروفيسور ديفيد ويرنر، المتخصص في القانون الدولي، إلى أن "استمرار تصدير الأسلحة في ظل استخدام محتمل لها في انتهاكات جسيمة قد يُعرض المملكة المتحدة للمساءلة القانونية أمام المحكمة الجنائية الدولية"، مؤكدًا أن "الامتثال للقانون الدولي الإنساني لا يمكن أن يكون انتقائيًا". مجرد موقف رغم اللهجة الجديدة من الحكومة البريطانية والضغوط الشعبية والمؤسسية المتزايدة، إلا أن الأرقام والوقائع الميدانية تشير إلى فجوة عميقة بين الخطاب والممارسة ، مما يجعل السؤال المطروح حاليا في الافق القريب البعيد هل تتحوّل لندن إلى نموذج أوروبي في مقاطعة التوريد العسكري لإسرائيل؟ أم أن توازنات المصالح الاستراتيجية ستبقي الموقف البريطاني مجرد "تصريحات سياسية دون تطبيق فعلي"؟.