logo
الامتحان الأصعب أمام الرئيس الشرع

الامتحان الأصعب أمام الرئيس الشرع

العربية٠٧-٠٥-٢٠٢٥

في اللحظة التي بدأ فيها السوريون يتلمّسون ملامح الغد بعد سقوط نظام الأسد وتشكيل حكومة انتقالية برئاسة الرئيس الشرع، سرعان ما تبيّن أن الطريق إلى الاستقرار ليس معبّداً بالنوايا وحدها، بل محفوف بتحديات معقدة تهدّد بتقويض حلم الدولة الوليدة. فعلى الرغم من التغيير السياسي المرتقب، فإن الواقع الاقتصادي يبقى كابوساً يثقل كاهل السوريين، إذ لا تزال الحكومة الانتقالية عاجزة عن تلبية أبسط احتياجات الناس بفعل العقوبات الأمريكية المفروضة، التي لم تفلح محاولات الشرع المتكررة لفتح قنوات حوار مع واشنطن في تخفيف وطأتها. ولعل تعنّت البيت الأبيض في شروطه يعكس عدم يقينه من جدية التحول السياسي في دمشق أو يخفي رهانات أكبر على انفجار الداخل السوري مجدّداً. لكن الاقتصاد ليس وحده ما يُضعف السلطة الجديدة؛ فالملف الكردي يترنح على وقع خلافات جوهرية ظهرت في الاجتماع الأخير للقوى الكردية، الذي حمل رائحة انقلاب ناعم على الاتفاق مع «قسد»، لا سيما ما يتعلق بمسألة اللامركزية. وما يزيد الشكوك خطورة هو ما يُرصد من تحركات عسكرية وحفر خنادق في مناطقهم، ما يشي بإعادة ترتيب أوراق القوة على الأرض، وكأن الجميع يتحضّر لجولة صراع جديدة. أما الانفجار الأمني في السويداء وأطراف دمشق، على خلفية التسجيل المنسوب زوراً لرجل دين درزي، فليس سوى رأس جبل الجليد في مشهد شديد التعقيد، إذ ترافقت هذه الأحداث مع موقف صارم من الشيخ حكمت الهجري، الذي رفض شرعية الحكومة الجديدة، وأعلن رفضه المطلق لأي سلطة أمنية تفرض نفسها على السويداء. هذا الرفض، وإن اتخذ طابعاً طائفياً، إلا أنه يعكس هشاشة الإجماع الوطني في لحظة يفترض أنها تأسيسية. غير أن الأخطر مما سبق، هو ظهور مجموعات وفصائل متشدّدة تتبنى خطاباً راديكالياً خارج سلطة الدولة، تهاجم الأحياء وتتصادم مع القوى الأمنية، كما حدث في جرمانا. هذه الجماعات، التي تنشط بدعوية متطرفة في مناطق المسيحيين، وتهاجم أماكن الترفيه، وتراقب الحياة الشخصية للناس، باتت تمثّل تهديداً وجودياً للنسيج الاجتماعي وللسلطة الناشئة. فهي لا تعترف بشرعية الشرع، ولا بخطابه التصالحي، بل تمثّل نقيضه وخصمه الأخطر. غير أن الخطورة الأكبر تكمن في العلاقة الملتبسة بين هذه الجماعات المتطرفة والإدارة الجديدة، إذ تشير تقارير إلى تسلل بعض عناصرها إلى جهاز الأمن العام، وهم ذاتهم الذين تلطخت أيديهم بالدماء خلال المواجهات في منطقة الساحل، حيث كانوا يعبّرون عن أنفسهم بطريقة وحشية وطائفية. من هنا، فإن المعركة ضد هؤلاء لا ينبغي أن تكون مؤجلة، فهي الامتحان الحقيقي للرئيس الشرع، وكل تأخير في مواجهتهم سيكلف سوريا المزيد من الدم والتشرذم، بل وقد يفتح الأبواب مجدّداً لتدخلات خارجية تبحث عن ثغرة. السؤال الذي يجب أن يُطرح اليوم ليس «هل ستواجه الحكومة الجديدة هذا الخطر؟» بل «متى ستفعل ذلك؟» وكلما كان الجواب أقرب، كان الأمل أكبر.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الشيباني: رفع العقوبات يعبّر عن إرادة إقليمية ودولية في دعم سوريا
الشيباني: رفع العقوبات يعبّر عن إرادة إقليمية ودولية في دعم سوريا

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

الشيباني: رفع العقوبات يعبّر عن إرادة إقليمية ودولية في دعم سوريا

اعتبر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني اليوم الثلاثاء، أن قرار رفع العقوبات يعبر عن "إرادة إقليمية ودولية" لدعم سوريا، بعيد تأكيد دبلوماسيين لوكالة فرانس برس منح الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر لرفع كل العقوبات الاقتصادية المفروضة منذ اندلاع النزاع. وقال الشيباني خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في دمشق "إزالة العقوبات تعبر عن الإرادة الاقليمية والدولية في دعم سوريا"، مؤكدا أن لدى "الشعب السوري اليوم فرصة تاريخية وهامة جدا لإعادة بناء بلده". وأضاف "الخطة اليوم أن نستفيد من رفع العقوبات.. من يريد أن يستثمر في سوريا فالأبواب مفتوحة، من يريد أن يتعاون مع سوريا فليس هناك من عقوبات". الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات تصريح الشيباني جاء عقب إعلان دبلوماسيين في بروكسل أن دول الاتحاد الأوروبي أعطت اليوم الثلاثاء الضوء الأخضر لرفع كل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في محاولة لدعم تعافيها، عقب الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الاول). ومن المتوقع أن يعلن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي رسميا قرارهم في وقت لاحق اليوم، في خطوة تعقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الرياض الأسبوع الماضي رفع واشنطن عقوباتها عن سوريا. وجاءت الخطوة الأخيرة من الاتحاد الأوروبي بعد خطوة أولى في فبراير ( شباط) تم فيها تعليق بعض العقوبات على قطاعات اقتصادية سورية رئيسية. وقال مسؤولون إن هذه الإجراءات قد يُعاد فرضها إذا أخل قادة سوريا الجدد بوعودهم باحترام حقوق الأقليات والمضي قدما نحو الديموقراطية.

الاتحاد الأوروبي يوافق على رفع العقوبات الاقتصادية على سورية
الاتحاد الأوروبي يوافق على رفع العقوبات الاقتصادية على سورية

الاقتصادية

timeمنذ 2 ساعات

  • الاقتصادية

الاتحاد الأوروبي يوافق على رفع العقوبات الاقتصادية على سورية

أعطت دول الاتحاد الأوروبي الثلاثاء الضوء الأخضر لرفع كل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية في محاولة لدعم تعافي دمشق، بحسب ما أفاد دبلوماسيون. المصادر أشارت إلى أن سفراء الدول الـ27 الأعضاء في التكتل القاري توصلوا إلى اتفاق مبدئي بهذا الشأن، ومن المتوقع أن يكشف عنه وزراء خارجيتها رسميا في وقت لاحق اليوم. كانت دول الخليج قد بدأت تحركات لإقامة منتدى اقتصادي خليجي – سوري لبحث فرص الاستثمار في سورية ما يبرز توجها متصاعدا نحو تعزيز الانفتاح الاقتصادي على دمشق، وفقا لمصادر خليجية تحدثت لـ"الاقتصادية". ويهدف المنتدى المرتقب إلى فتح قنوات مباشرة للتعاون الاقتصادي والتجاري، واستكشاف الفرص الاستثمارية في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية، والزراعة، والطاقة، والصناعة، والسياحة، خصوصا في ظل جهود إعادة الإعمار التي تشهدها سورية بعد سنوات من النزاع. وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن أن قراره برفع العقوبات عن سورية أتى بطلب من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، وقال حينها: إن "ولي العهد السعودي قال له إن رفع العقوبات عن سورية سيعطيهم فرصة للحياة"، وفق تعبيره.

الأردن وسوريا يوقعان اتفاقية إنشاء مجلس التنسيق الأعلى بين البلدين
الأردن وسوريا يوقعان اتفاقية إنشاء مجلس التنسيق الأعلى بين البلدين

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

الأردن وسوريا يوقعان اتفاقية إنشاء مجلس التنسيق الأعلى بين البلدين

أعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أنه وقع، اليوم الثلاثاء، مع نظيره السوري أسعد الشيباني اتفاقية لإنشاء مجلس التنسيق الأعلى بين البلدين. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي في دمشق على هامش زيارة وفد وزاري برئاسة الصفدي إلى العاصمة السورية في زيارة رسمية لإجراء مباحثات مع الجانب السوري. وجدد الوزير الأردني التأكيد على وقوف بلاده مع سوريا في وجه الهجمات الإسرائيلية على سوريا، واصفاً إياها بأنها «لا قانونية ولا مبررة». وقال: «الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب السوري هي اعتداء على أمن الأردن أيضاً، لأن الجنوب السوري هو امتداد للأردن».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store