
وسط التوتر مع روسيا.. "التجنيد الإجباري" ليس مستبعداً في بريطانيا
في ظل التوتر المتصاعد مع روسيا، يزداد احتمال نشوب صراع أوروبي كبير، قد تحتاج فيه بريطانيا إلى إعادة فرض التجنيد الإجباري، وهو خيار لا تُفضله أبداً الحكومة العمالية برئاسة كير ستارمر، رغم أن واقع الحال في الجيش البريطاني، يقول إنه ليس مستعداً لمواجهات كبيرة على غرار ما تشهده الجبهة الأوكرانية.
التعبئة العامة في بريطانيا تُعيد إلى الأذهان أجواء الحرب العالمية الثانية قبل أكثر من 80 عاماً، لكن الزمن قد تغير ومعايير قوة الجيوش تبدلت فأصبح العامل البشري أقل أولوية من الأسلحة والتكنولوجيا المرتبطة بتطويرها، حسبما يرى البعض، فيما يعتقد آخرون أن عديد القوات المسلحة سيكون القول الفصل في الدفاع عن الحدود وصد العدوان عنها.
تعداد الجيش البريطاني يتراجع منذ عقدين من الزمن على الأقل، ويبدو أن العمل العسكري لم يعد جذاباً، ما لم تكبح الحكومة هذا التراجع، وتُبدل الاتجاه نحو ضم المزيد من القوات لمختلف القطع البحرية والجوية والبرية. وهذا الجهد ليس محصوراً بالإغراء المادي فقط، رغم أن الأجيال الجديدة تهتم للعائد المادي المجزي في وظيفة المستقبل.
ثمّة لجنة دفاعية متخصصة في البرلمان البريطاني، توصلت قبل أقل من أسبوعين إلى نتيجة مفادها أن لجوء الحكومة إلى "التجنيد الإجباري" احتمال ليس مستبعدا أبداً، وسيكون على سبيل الاستعداد للحرب العالمية الثالثة، ذلك "لأن الصدام مع الروس إن وقع، سيكون بمثابة حرب تتورط فيها جميع دول أوروبا بشكل عام".
في المملكة المتحدة، لجأت الحكومة إلى الخدمة الإلزامية مرتين في العصر الحديث، مرة في الحرب العالمية الأولى، وامتدت في الفترة من عام 1916 إلى عام 1920، وأخرى في الحرب العالمية الثانية، وبقيت من عام 1939 إلى 1960، انتهت خدمة آخر دفعة في هذا التجنيد عام 1963، لكن العديد من الجنود اختاروا الاستمرار في الجيش.
تقول اللجنة البرلمانية، إن عوامل مثل الصحة والعمر والمهنة استثنت أشخاصاً من التجنيد الإلزامي في الحرب العالمية الثانية، ومن المرجح أن يقع الأمر ذاته اليوم مع اختلافات قليلة، حيث أن المزارعين والخبازين وعمال المناجم وموظفي القطاع الطبي والمهندسين أعفوا من الخدمة قبل 80 عاماً بوصفها وظائف حيوية، أما هذه الأيام، فربما تضم القائمة تقنيين ومهن إلكترونية أو مهام أخرى تعكس اختلاف طبيعة المجتمع.
وفُرض التجنيد الإجباري في بريطانيا على الرجال فقط بين 18 و41 عاماً، لكن ربما تشمل أول خدمة إلزامية في المملكة المتحدة بالألفية الثالثة الذكور والإناث معاً، وهذا يمكن أن يزيد من عدد الذين يرفضون الخدمة الإلزامية بحجة رفضهم للحرب وتعارُض القتل مع أخلاقياتهم وفلسفتهم، تماماً كما حدث خلال الحرب العالمية الثانية.
أثارت هذه الذريعة، رفض 16 ألفَ بريطانياً للالتحاق بجبهات الحرب العالمية الأولى، و60 ألفاً في الثانية، ولا شيء يمنع وقوع الأمر ذاته هذه المرة وفقاً للجنة البرلمانية، وسيُضاف لهؤلاء عدداً ليس بقليل ممن يعانون مشكلات نفسية مختلفة، ليصعب حساب الإجمالي المتوقع للمستجيبين لنداء التجنيد الإجباري.
ردع يقلل فرص اللجوء للحرب
في حديث مع "الشرق"، حذر النائب الليبرالي والجندي السابق في الجيش، مايك مارتن، من احتمال كبير لحدوث حرب مع روسيا، وقال إن "الاستعداد للحرب يولد ردعاً يقلل من نسبة وقوعها، أو يقلص من إمكانية أن تتحول إلى حرب شاملة، لذلك لا بد من بناء جيش قوي يجعل الخصوم يفكرون بالسلام أكثر من المواجهة".
الضابط السابق في الجيش، توبياس إلوود، يحث الحكومة أيضاً على إعادة الخدمة الإلزامية لتعزيز القوة العسكرية للبلاد، وقال في تصريح لصحيفة "أدنبره"، إن البلاد "بحاجة إلى تعزيز عديد القوات البرية والجوية والبحرية، لكن من الضروري أيضاً أن يتوفر قدر أكبر من المرونة والاستعداد من منظور الردع الاستراتيجي".
من وجهة نظر الباحث في معهد الخدمات الملكية والأكاديمي المختص في العلوم العسكرية، سيدرهارث كوشال، هناك افتراضان على الأقل قابلان للطعن في جدلية التجنيد الإجباري، أولهما أن أسلوب الحرب المفضل لدى روسيا هو الاستنزاف، والثاني أن حلف الناتو يحتاج إلى أعداد كبيرة من القوات غير المدربة نسبياً لردع روسيا.
ويوضح كوشال في دراسة نشرها معهد RUSA، أن التجنيد الإلزامي سيُقوّض توسيع قدرات القوات المسلحة البريطانية على المدى القصير والمتوسط، فمنذ نهاية الحرب الباردة انخفض عدد الأفراد والقواعد ومرافق التدريب وأماكن الإقامة والمعدات بشكل كبير لمواكبة الطلب المتوقع الذي تنادي به القوات المسلحة لملء صفوفها.
وأوضح كوشال، أن فتح الأبواب أمام الخدمة الإلزامية دون إعداد، سيؤثر على تدريب القوات النظامية والاحتياطية الأكثر جاهزية، والتي تحتاجها المملكة لمتحدة لصفوفها الأولى والثانية، في حين أن زيادة قدرات نظام التدريب لاستيعاب شباب التجنيد الإجباري تتطلب استثمارات كبيرة بأموال كثيرة، وتستغرق وقتاً طويلاً لإنجازها وإتمامها.
إغراء المتطوعين
الدعوة إلى التجنيد الإجباري أطلقتها هيئة الأركان البريطانية في نهاية عهد حكومة المحافظين السابقة، برئاسة ريشي سوناك، إذ وعد بتطبيق الخدمة الوطنية الإلزامية على الشباب الذين يبلغون من العمر 18 عاماً إذا عاد حزبه "المحافظين" إلى السلطة في الانتخابات التي أجريت في الرابع من يوليو 2024، ولكنه خسر ذلك الاستحقاق.
الموقف الرسمي لحزب العمال إزاء الخدمة الإلزامية لم يتغير منذ وصوله إلى السلطة، وقد كرره مؤخراً وزير مكتب مجلس الوزراء، بات ماكفادن، عندما قال إن "لندن لا تفكر حالياً في التجنيد الإجباري، لكننا أعلنا عن زيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي، وعلينا إدراك أن العالم قد تغير ونحتاج إلى جهود مكثفة من أجل تعزيز قدراتنا العسكرية".
في حديث مع "الشرق" يقول عضو حزب "العمال"، ماثيو شليدر، إن الحكومة اختارت تحسين الظروف المالية والمهنية للعمل العسكري ليصبح أكثر جاذبية في أعين الراغبين بالانضمام إلى صفوف الجيش، وهذا من شأنه أن يعوض بسهولة عدد المتقاعدين من الخدمة سنوياً، ويقلص حجم المنسحبين منها، ويضيف مزيداً من المتطوعين.
وبرأي شليدر، تحتاج المملكة المتحدة إلى الموازنة بين تطوير التسليح والعتاد وزيادة التعبئة البشرية في الوقت ذاته، وهذا يتطلب أموالاً كبيرة تجهد الحكومة لتوفيرها في ظل ظروف اقتصادية صعبة، وقد تجلى هذا في زيادة الإنفاق الدفاعي على حساب اقتطاعات مختلفة في تسهيلات كانت تقدمها بريطانيا لسكانها ولدول عدة حول العالم.
على ضفة المعارضة، فإن كيم بادينوج، لم تأتِ على ذكر الخدمة الوطنية منذ انتخابها زعيمة لحزب المحافظين، قبل أشهر. وفي تصريحات لقناة "سكاي نيوز" البريطانية قال وزير الداخلية في حكومة الظل (حزب المحافظين)، جريس فيليب، إن "الحزب لم يصدر بياناً سياسياً جديداً له بعد انتخابات 2024، ولن يلتزم شخصياً بتعهد طرح خلال استحقاق خسره الحزب".
جيل "زد"
إن طُبق التجنيد الإجباري، فقد يشمل جيل "زد" الذين ولدوا بين عامي 1997 و2012. وبحسب دراسة حديثة، فإن كثيرين من هذا الجيل يفضل العمل في خدمة التوصيل إلى المنازل على الانضمام إلى الجيش، وقد كشفت الدراسة التي شملت 2000 شاب تراوحت أعمارهم بين 15 و27 عاماً، أن أبناء جيل "زد" يحلمون برواتب تزيد على 70 ألف دولار بمجرد بلوغهم الثلاثين، وهو ما لا يوفره حالياً الانضمام للقوات العسكرية.
وفق الأرقام، فقد احتلت القوات البحرية المرتبة الرابعة بين الأعمال الجذابة للشباب البريطاني، فيما حلت القوات البرية في الخامسة والجوية في السابعة، وفي المقابل حلت خدمة التوصيل في المرتبة السادسة، وتصدرت شركات التقنية جوجل وأبل ومايكروسوفت قائمة أكثر ثلاث وظائف جاذبية بالنسبة إلى المنتمين سناً إلى جيل "زد".
صحيفة "ديلي إكسبرس" رصدت في استطلاع رأي، مبررات عزوف جيل "زد" عن القتال دفاعاً عن المملكة المتحدة، فتباينت الأسباب بين ما يُحمّل الحكومات المتعاقبة مسؤولية تدهور حال القوات المسلحة، وخائف من النتائج خاصة إذا ما كان لديه عائلة، وثالث لا يؤمن بحاجة الدول إلى بشر في الحروب، وأنه يمكن الاعتماد على روبوتات مقاتلة.
رفض جيل "زد" للتجنيد يمتد إلى حجج أكثر من ذلك، وبحسب دراسة مشتركة أجرتها مؤسسة "راند أوروبا" وجامعة "كينجز كولدج" في لندن، فإن تعلق هذا الجيل بالتقنية جعله أكثر انطوائية وعرضة للمشكلات النفسية، كما أن أفراده أقل جلداً وصبراً من الأجيال السابقة، على الاستمرار في الجيش، إذا ما انضموا إليه بدافع ما، لذا لا بد من مراعاة هذه الاختلافات، إضافة إلى معايير جسدية مستجدة عند تصميم برامج تدريب وتعليم عسكرية لهم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوئام
منذ 39 دقائق
- الوئام
بريطانيا تبدأ تأميم شركات السكك الحديدية
بدأت الحكومة البريطانية تنفيذ أولى خطواتها الحاسمة نحو إعادة تأميم قطاع السكك الحديدية، بإعادة شركة «ساوث ويسترن ريلويز» إلى الملكية العامة، في تحول تاريخي يعد الأول من نوعه منذ أكثر من ثلاثة عقود. وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة حزب العمال التي أعلنها رئيس الوزراء كير ستارمر لإصلاح منظومة النقل الوطني وتعزيز الخدمات العامة. وقالت وزيرة النقل البريطانية، هايدي ألكسندر، في بيان رسمي اليوم الأحد، إن هذا اليوم يمثل نقطة تحول مهمة في جهود الدولة لإعادة بناء قطاع السكك الحديدية، الذي عانى من 30 عاماً من التجزئة والخصخصة التي أثرت على جودة الخدمة. وأوضحت أن عملية إعادة التأميم لن تحدث بين ليلة وضحاها، لكنها بدأت بالفعل، مع التركيز على خدمة الركاب وتحسين أداء الشبكة. تعود جذور خصخصة شركات السكك الحديدية إلى منتصف التسعينيات في عهد حكومة المحافظين بقيادة جون ميجور، حيث تم فصل تشغيل القطارات عن إدارة البنية التحتية التي بقيت تحت إشراف الدولة. إلا أن ضعف أداء بعض شركات التشغيل دفع الحكومة مؤخراً لإعادة التفكير في هذا النموذج، خاصة بعد إدارة مؤقتة لأربع شركات من أصل 14 تحت الملكية العامة. وفي نوفمبر 2024، أقرت الحكومة تشريعات تسمح بإعادة تأميم مشغلي القطارات تدريجياً، إما عند انتهاء عقودهم أو في حال فشلهم في تقديم الخدمة المطلوبة، مع إنشاء هيئة جديدة تحت اسم «السكك الحديدية البريطانية العظمى» لإدارة الشبكة. وأوضحت الوزيرة أن الهدف من إعادة التأميم ليس فقط إلغاء هيمنة القطاع الخاص على أرباح السكك الحديدية، بل إعادة توجيه الخدمات لتخدم المصلحة العامة. ورغم أن التأميم ليس حلاً سحرياً، إلا أنه يمثل بداية حقيقية لمرحلة جديدة من التحديث والتطوير. وفي المقابل، استقبلت نقابات عمال السكك الحديدية الخطوة بترحيب واسع، معتبرة أن عودة القطاع إلى الملكية العامة تصحيح لمسار الخصخصة التي لم تحقق النجاح المرجو. وأكد ميك ويلان، الأمين العام لنقابة «آسلف»، أن هذه الخطوة تعيد السكك الحديدية إلى مكانها الطبيعي في خدمة المجتمع. ومن المتوقع أن تنضم شركتان إضافيتان إلى الملكية العامة بحلول نهاية عام 2025، مع انتهاء جميع عقود التشغيل الخاصة بحلول 2027، ما يُتوقع أن يوفر على الخزينة البريطانية حوالي 150 مليون جنيه إسترليني سنوياً من خلال إلغاء التعويضات المدفوعة لمشغلي القطاع الخاص. ويشار إلى أن مشغلي القطارات في كل من اسكتلندا وويلز مملوكان للدولة، حيث تُدار سياسات النقل بشكل منفصل عبر الحكومات المحلية. وعلى الرغم من هذه الخطوات الإيجابية، يواجه قطاع السكك الحديدية تحديات مستمرة، حيث تم إلغاء نحو 4% من خدمات القطارات خلال العام المنتهي في أبريل 2025، مما يعكس الحاجة الماسة إلى تحسينات مستمرة.


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
ماذا تعني إعادة تأميم شركة خاصة لتشغيل القطارات في بريطانيا؟
أصبحت شركة "ساوث ويسترن رايلويز" البريطانية اليوم الأحد أول شركة خاصة لتشغيل القطارات تعود إلى الملكية العامة، وذلك بموجب خطة حكومة حزب العمال لإعادة تأميم قطاع السكك الحديد المتردي. ومن المقرر إعادة تأميم جميع الشركات المشغلة للقطارات في بريطانيا خلال العامين المقبلين بناءً على السياسات التي أطلقها رئيس الوزراء كير ستارمر منذ عودة حزبه إلى السلطة في يوليو (تموز) الماضي بعد 14 عاماً في المعارضة. وكتب ستارمر على منصة "إكس"، "باتت (ساوث ويسترن رايلويز) خاضعة للملكية العامة. وهذه ليست إلا البداية"، وتعهد أن يعطي التأميم "الأولوية للركاب" مع "خدمات أفضل وعملية أسهل لشراء التذاكر وقطارات أكثر راحة". وقالت وزيرة النقل هايدي ألكسندر في بيان "اليوم هو لحظة فاصلة في عملنا لإعادة السكك الحديد إلى خدمة الركاب". ويعاني ركاب القطارات في بريطانيا إلغاءات متكررة للرحلات وارتفاع أسعار التذاكر وإرباكاً دائماً في شأن الخدمات التي يمكنهم الاستفادة منها. خصخصة عمليات السكك الحديد وجرت خصخصة عمليات السكك الحديد منتصف تسعينيات القرن الـ20 في عهد رئيس الوزراء المحافظ آنذاك جون ميجور، لكن شبكة السكك الحديد ظلت عامة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتخضع أربع من 14 شركة مشغلة في بريطانيا لإدارة الدولة بسبب أدائها الضعيف في السنوات الأخيرة، لكن كان يفترض أن يكون هذا حلاً موقتاً قبل العودة إلى القطاع الخاص. وفاز حزب العمال على المحافظين في انتخابات العام الماضي ليعود إلى "داونينغ ستريت" بتعهدات لإصلاح خدمات النقل في البلاد. "التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها" وأقر مشروع قانون في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 يسمح بإدخال الشركات الخاصة المشغلة للقطارات إلى الملكية العامة عندما تنتهي عقودها، أو قبل ذلك في حال سوء الإدارة، لتدار من قبل شركة "السكك الحديد البريطانية الكبرى". وقالت ألكسندر أن هذا من شأنه أن ينهي "30 عاماً من التشرذم"، لكنها حذرت من أن "التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها". ومن المقرر إعادة شركتي تشغيل قطارات تخدمان بلدات ومدناً في شرق بريطانيا وجنوب شرقها إلى الملكية العامة أواخر عام 2025، وكذلك، من المقرر أن تنتهي جميع عقود الشركات الحالية بحلول عام 2027. وتفيد الحكومة بأن إعادة التأميم ستوفر ما يصل إلى 150 مليون جنيه استرليني (200 مليون دولار) سنوياً، إذ لن يتعين عليها دفع رسوم تعويض للشركات المشغلة للقطارات. وفي أبريل (نيسان) الماضي سمح البرلمان البريطاني للحكومة بتأميم شركة "بريطانيا للصلب" بعدما تراكمت خسارتها حتى قدرت بأكثر من 900 ألف دولار يومياً.


Independent عربية
منذ يوم واحد
- Independent عربية
روسيا متهمة بإشعال الحرائق في ممتلكات ستارمر
يحقق مسؤولون أمنيون بريطانيون فيما إذا كانت روسيا متورطة في ثلاث حرائق متعمدة طاولت أخيراً ممتلكات خاصة مرتبطة برئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر، أولها اندلع في منزل عائلته شمال العاصمة لندن، والثاني استهدف سيارة تستخدمها زوجته، أما الثالث فقد وقع في منزل كان يمتلكه رئيس حكومة المملكة المتحدة. اعتقلت الشرطة البريطانية في تلك الحراق ثلاثة أشخاص، منهم اثنان يحملان الجنسية الأوكرانية والثالث روماني ولد في أوكرانيا، لكن السلطات المتخصصة تشتبه في أن هؤلاء لم يتصرفوا بدافع شخصي وإنما تآمروا مع غيرهم لتنفيذ مخطط رسمته دولة أجنبية يمكن أن تكون روسيا كما باح به مسؤولون كبار في الحكومة البريطانية. تعتقد لندن أن جهات روسية جندت المتهمين الثلاثة بطريقة ما، وقالت المدعية العامة سارة برزيبيلسكا أمام المحكمة "إن المؤامرة المزعومة غير مفهومة" حالياً، ولكن شرطة مكافحة الإرهاب التي تقود التحقيق فيها تعمل بعقلية منفتحة في شأن الدوافع، على رغم أن الأمر بالنسبة إلى البعض يرتبط أولاً وأخيراً بالدعم الكبير الذي تقدمه بريطانيا لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي المستمر على أراضيها منذ فبراير (شباط) 2022. ستارمر علق على الحرائق المتعمدة بالقول إنها "استهدفت البريطانيين وديمقراطيتهم والقيم التي يمثلونها"، أما الرد عليها فهو يناقش على أعلى المستويات السياسية والأمنية لتقدير الأفضل، وفق مسؤولين كبار في الحكومة البريطانية. تتحدث تقارير صحافية عن تصاعد الأعمال العدائية الروسية ضد الدول الأوروبية التي ساندت أوكرانيا عسكرياً وفرضت عقوبات اقتصادية على موسكو، ولكن حتى لو ثبت تورط الروس في الحرائق البريطانية فهل يعني هذا أن الكرملين هو من أصدر الأوامر بإشعالها، وهل يسهل أصلاً إثبات ذلك إن كان حقيقة؟ اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) المتورطون في الحرائق هم الأوكرانيان بيترو بوتشنوك البالغ من العمر 34 سنة، ورومان لافرنوفيتش 21 سنة، أما الثالث الروماني المولود في أوكرانيا أيضاً فاسمه ستانيسلاف كاربيوك، 26 سنة، وعلى رغم نظرية التخطيط الروسي لأفعالهم فإن الثلاثة يقفون اليوم أمام القضاء البريطاني بتهم جنائية وليس بدعوى التآمر على الأمن القومي. المسؤولون البريطانيون يقولون إن الأجهزة الأمنية تتعامل مع سيناريوهات مختلفة لا تستبعد أياً منها، وكما يحجم المنزل رقم 10 وسط العاصمة لندن عن إعطاء أي تعليق في شأن اتجاهات التحقيق وما تكشف عنه حتى الآن، يرفض المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف التعليق على الأمر. ثمة تقارير استخباراتية غربية كشفت أخيراً عن مؤامرات روسية لقصف طائرات وحرق مبان عامة وقطع روابط النقل واغتيال شخصيات بارزة تدعم أوكرانيا في دول مختلفة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قالت وكالة الأمن الإستونية إن الروس استأجروا عملاء لتحطيم نوافذ سيارة وزير الداخلية في البلاد خلال فبراير الماضي. قبل أيام قليلة كشفت المملكة المتحدة عن "حملة إلكترونية خبيثة" تطاول منظمات متعددة تقدم المساعدات إلى أوكرانيا، وبعد تحقيق مشترك مع حلفائها مثل أميركا وألمانيا وفرنسا، قال مركز الأمن السيبراني البريطاني إن وحدة عسكرية روسية تستهدف تلك المنظمات التي تعمل في مجالات الدفاع وتكنولوجيا المعلومات والدعم اللوجيستي منذ عام 2022. في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 حذر رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني المعروف باسم "أم أي 6"، ريتشارد مور، من أن الاستخبارات الروسية "أصبحت وحشية بعض الشيء"، وبحسب مسؤول آخر في المملكة المتحدة فإن "هجمات الحرق العمد كانت متهورة بصورة مثيرة للقلق، لأنها قد تشير إلى أن الجهات الروسية إذا ثبت تورطها، كانت تخاطر بخروج الأحداث عن السيطرة". وللمملكة المتحدة تاريخ مع الاعتداءات التي كانت روسيا المشتبه الأول في تنفيذها، لم يبدأ مع حرب أوكرانيا وإنما قبلها بأعوام، ولعل أبرز الأمثلة عليه كانت محاولة تسميم الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال وابنته يوليا في مدينة سالزبري البريطانية عام 2018 باستخدام غاز الأعصاب السوفياتي "نوفيتشوك".