
جوناثان باس: أحمد الشرع طلب مني فتح قناة تواصل مع إسرائيل
في استقباله كان الرئيس السوري أحمد الشرع الذي لم يألف بعد منزله الجديد، ولا يزال يسعى إلى لفت انتباه دونالد ترمب، الذي كان بدوره يكنس آثار سلفه في البيت الأبيض، ويزين مكتبه بالتحف الذهبية.
قبل وصول باس، زار وفد من إدارة جو بايدن دمشق في أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024 لاختبار القيادة الجديدة، وعندما بدأت إدارة ترمب عملها في يناير (كانون الثاني) الماضي نظرت هي الأخرى بتوجس إلى الساكن الجديد لقصر الشعب. وفي حين ترددت واشنطن تجاه فتح قناة تواصل رسمية مباشرة، كان السيد باس يحاول استكشاف دوره ضمن معادلة سوريا الجديدة.
التقى باس الشرع مرتين، خلال أبريل (نيسان) ومايو (أيار) الماضيين، وخرج للإعلام قائلاً إن الرئيس السوري مستعد للانفتاح على واشنطن ويحلم ببناء "برج ترمب" في دمشق. وعرض رجل الأعمال الأميركي من جانبه على الحكومة السورية خطة لتطوير قطاع الطاقة، وبدأ يضغط على إدارة ترمب لدعم القيادة الجديدة.
وفي حوار مع "اندبندنت عربية"، كشف باس عن رسالة بعث بها الشرع إلى الحكومة الإسرائيلية من خلاله، وفي مضمونها رغبة في التهدئة لا التصعيد، والتفاوض لا القتال، لكن مهمته غير الرسمية أثارت حفيظة الإسرائيليين وبعض المسؤولين الأميركيين.
جوناثان باس: عندما كنت أتفاوض مع الإسرائيليين، قلت لهم 'ماذا تفعلون بحق الجحيم، لقد سلمكم الشرع قائمة من 10 نقاط، فلماذا تهاجمونه؟'. ضحك الإسرائيليون وقالوا 'بلغه أننا قادرون على الوصول إليه أينما كان'
ولا يخفي رجل الأعمال الأميركي امتعاضه من فرنسا التي كانت أول دولة غربية تستقبل الشرع. يقول إن الرئيس إيمانويل ماكرون يريد أن تكون فرنسا "الحرس الثوري الجديد وروسيا الجديدة، والصين الجديدة في دمشق"، محذراً، "ماكرون أراد كل شيء، أراد الطاقة وأراد النفوذ، لكن الفرنسيين لا يملكون الشرعية ليملوا على الشرع ما يجب فعله".
أجواء اللقاء مع الرئيس السوري
زار رجل الأعمال الأميركي سوريا ثلاث مرات منذ صعود الشرع، آخرها هذا الأسبوع. ويقول إن الحكومة الجديدة تفتقر الخبرة، لكنها تمتلك نية الإصلاح.
ويستعيد تفاصيل لقائه الرئيس السوري ضمن حلقة جديدة من برنامج "حوارات أميركية"، قائلاً "وجودي في سوريا كان صدفة بحتة. قلت له 'سيادة الرئيس، لا أصدق أنني جالس أمامك في قصر الأسد'، فرد علي 'بصراحة، وأنا أيضاً لا أصدق'. لم يكن أي منا يتوقع أن نلتقي وجهاً لوجه. لم أكن أسعى إلى شيء فقد ذهبت كممثل لمنظمة إنسانية أميركية، ولم أكن أتوقع شيئاً إطلاقاً".
لكن زيارة باس تزامنت مع اقتراحه خطة من خمس مراحل لإعادة بناء قطاع النفط والغاز، تتضمن إطلاق شركة أميركية - سورية بمشاركة شركات كبرى، وتأسيس كيان قانوني مدرج في البورصة الأميركية، يسهم فيه صندوق سوري سيادي للطاقة بنسبة 30 في المئة.
وعن انطباعه بعد لقاء الشرع، قال باس إنه يأمل في أن يمتلك الرئيس السوري القوة اللازمة لمواصلة مهمته، لافتاً "ما شعرت به في قلبي وما رأيته في عينيه ولمسته بعد مصافحته، أنه رجل يؤمن بمسؤولية تجاه كل السوريين، يهود ومسيحيين ودروز وسنة وشيعة وعلويين".
وأضاف "عندما تجولت في دمشق، دخلت المتاجر برفقة يهود يرتدون 'الكيباه'، ولم أجد صورة واحدة للشرع. قلت له 'سيدي، لا توجد صورتك في الفندق ولا في المحال، لم أكن حتى أعلم شكلك' فرد قائلاً 'نحن لم نستبدل ديكتاتوراً آخر بديكتاتور'".
ويصف باس شخصية الشرع قائلاً إنه "الرجل المناسب، لأنه قادم من ماضٍ رأى فيه الكراهية بعينيه، حمل البندقية وكان في الجهة المقابلة لها. وأعتقد أنه في أعماق قلبه أدرك أن حامل البندقية مثل الملاكم الذي يخوض 12 جولة في الحلبة، أما المفاوض فيعيش ليرى اليوم التالي بعد 12 جولة. الشرع أدرك أن مستقبل شعبه سيبنى بالتفاوض لا القتال".
وتواجه الإدارة السورية اليوم تحدياً في احتواء الأقليات، مثل الدروز الذين يشتكون من تهميشهم في السلطة ويخشون تبعات إلقاء السلاح، وهي مخاوف طفت إلى السطح بعد صعود القيادة الجديدة وتجلت هذا الأسبوع ضمن الاشتباكات المسلحة داخل السويداء، بين فصائل درزية وقوات الجيش السوري مما يهدد مستقبل سوريا ووحدتها، خصوصاً بعد التدخل الإسرائيلي بقصف أهداف حكومية في دمشق رداً على العمليات في السويداء.
رسالة سورية إلى إسرائيل
كشف باس أن الرئيس السوري طلب منه فتح قناة تواصل غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل، وقال "سلمني الشرع قائمة من 10 بنود وطلب مني نقلها إلى الإسرائيليين. خرجت من القصر وذهبت فوراً للقاء المفاوضين الدروز لأفهم موقفهم، ومن ثم سافرت إلى إسطنبول، وأجلسني الشرع إلى جانب وزير الطاقة السوري لأفهم منه الوضع".
وأعرب رجل الأعمال الأميركي عن استيائه البالغ من الموقف الإسرائيلي، قائلاً "عندما وصلت إلى إسطنبول تواصلت مع الإسرائيليين حاملاً رسالة الشرع، لكنهم لم يُبدوا أية رغبة في سماعها ولم يكونوا سعداء بتواصلي". وكشف عن أن النقاط الـ10 تضمنت العودة لاتفاق فض الاشتباك لعام 1974 ووقف الهجمات الإسرائيلية على سوريا، وإقامة منطقة منزوعة السلاح داخل قطاع غزة.
وأوضح باس أنه أوصل الرسالة السورية إلى المسؤول المعني في وزارة الخارجية الإسرائيلية، قائلاً "قلت للإسرائيليين 'إذا لم ترغبوا في الإصغاء لها، فسأتوجه إلى الإعلام'. هناك من لم يعجبه ذلك بمن فيهم بعض الأميركيين، لكنني كنت أعلم أن الرئيس ترمب، رئيسي، سيقرأ ما يُنشر في الصحافة".
وأضاف "الشرع قام بخطوة كبيرة هذا الأسبوع عندما عرض منح الجنسية للفلسطينيين، جنسية فعلية لا بصفة لاجئ، وبذلك أخرج حركة السلطة الفلسطينية من المعادلة"، وهي خطوة وصفها بـ"الذكية والكبيرة"، فيما يبدو في سياق الإغراءات المقدمة لإسرائيل ضمن المفاوضات الجارية.
ولفت رجل الأعمال الأميركي إلى أنه فوجئ بالضربة الإسرائيلية على محيط القصر الرئاسي داخل دمشق خلال مايو الماضي، قائلاً "عندما كنت أتفاوض مع الإسرائيليين، قلت لهم 'ماذا تفعلون بحق الجحيم، لقد سلمكم الشرع قائمة من 10 نقاط، فلماذا تهاجمونه؟'. ضحك الإسرائيليون وقالوا 'بلغه أننا قادرون على الوصول إليه أينما كان'.
وأضاف "قلت لهم هذه ليست الطريقة التي نبدأ بها المفاوضات. الجميع يمكن أن يستهدف في أي مكان، مثلما فجر شاب نفسه وسط 25 مسيحياً لإيقاف مسار التقدم في سوريا. أي شخص يستطيع أن يحبط (مسار التقدم)، لكن هذا ليس دليلاً على انتصار أي طرف".
ووصف باس الوضع في سوريا خلال تلك الفترة بأنه كان على حافة الانفجار، وقال "ما رأيته داخل الشارع عندما كنت في سوريا أننا كنا على بعد أسبوعين إلى أربعة من حمام دم كبير. كانت هناك مناوشات بين الأتراك والإسرائيليين، وكان كل شيء يتجه نحو حرب أهلية، كما قال ماركو روبيو في جلسة استماع بمجلس الشيوخ".
كواليس اللقاء بين ترمب والشرع
قبل اجتماعهما خلال الـ14 من مايو الماضي لم يكن هناك شيء يربط ترمب والشرع غير مقترح طرحه الأخير ببناء برج ترمب في سوريا، وكشف عنه للمرة الأولى السيد باس عبر "رويترز". ويقول رجل الأعمال إن الرسالة من "برج ترمب" لم تكن متمحورة حول مبنى يستقطب الأثرياء، بل أراد الرئيس السوري مكاناً يحوي مساكن ومكاتب ومساحات تجارية.
ما الذي جرى خلف الكواليس لتتغير السياسة الخارجية الأميركية بهذه السرعة، ويقرر ترمب لقاء الشرع؟
يجيب "ما يمكنني قوله أن هناك شخصين جعلا اللقاء بين ترمب والشرع ممكناً وهما الأميرة ريما بنت بندر (السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة)، وتوم باراك (المبعوث الأميركي إلى سوريا)... أنا أصف توم باراك بالخزاف، لأنه رجل يأخذ كتلة طين ويحولها إلى مزهرية جميلة".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أفضت أول قمة بين رئيس أميركي ونظيره السوري منذ ربع قرن إلى خمسة مطالب قدمتها الإدارة الأميركية لحكومة الشرع، تمحورت حول إقامة علاقات مع إسرائيل ومكافحة الإرهاب والإشراف الكامل على السجون التي يقبع فيها مقاتلو تنظيم "داعش".
وعن أهمية قرار رفع العقوبات عن سوريا الذي أعلنه ترمب بعد طلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قال باس "من الظلم استهداف الشعب السوري بالعقوبات، الشعب السوري ذكي ومثقف ومجتهد ويحب وطنه، ويريد أن يصنع فارقاً. لا يريدون القتال وأن تنتهي جثث أبنائهم في أكياس، لقد عاشوا 40 سنة من أكياس الجثت، عاشوا 40 سنة وهم لا يستطيعون التحدث مع جيرانهم أو إخوتهم أو آبائهم أو أمهاتهم، ولا يريدون هذا المستقبل لأبنائهم".
ويعتقد باس أن روسيا حاولت تقويض الجهود الأميركية لاحتضان سوريا الجديدة، عبر توجيه الانتباه نحو أوكرانيا وإثارة إمكانية عقد قمة بين بوتين وترمب في تركيا، وقال "شعوري وقتها أن بوتين كان يحاول تقويض التحرك الأميركي الهادف إلى إخراج الشرع من الظلام، وأن الطريقة الوحيدة التي رأى أنها ستنجح كانت بخطف الأضواء عن اللقاء".
الشرع مد غصون الزيتون لإسرائيل
يوم الأربعاء الـ16 من يوليو (تموز) الجاري وبعد الاشتباكات بين قوات الجيش السوري وفصائل درزية في السويداء، شنت إسرائيل غارة جوية استهدفت مقر وزارة الدفاع السورية وطالت الضربات محيط القصر الرئاسي في دمشق. وهذه هي المرة الثانية منذ مايو الماضي التي تقترب فيها نيران إسرائيلية من مقار القيادة العليا في سوريا.
هل ما زال الإسرائيليون يحاولون اغتيال أحمد الشرع؟
يرد باس "لا، أظن أن الإسرائيليين أدركوا أن الشرع يحظى بدعم الرئيس ترمب والغرب ويمتلك الدعم اللازم ليمضي قدماً ببلده"، موضحاً أن الشرع كان ذكياً باختيار أميركا وشركائها في الخليج، وقال "الجلوس على السور لا يجلب لك إلا الألم ولا يقود إلى نتيجة، لا يمكنك البقاء على الحياد، عليك أن تختار، إيران؟ الصين؟ روسيا؟ أم أميركا والغرب؟".
وعن المفاوضات التي جرت هذا الأسبوع في باكو بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين والتي كشفت عنها وكالة الأنباء الفرنسية، يعلق باس "آمل أن تؤدي إلى اتفاق. الشرع مد غصن الزيتون، مده للإسرائيليين من خلالي، ونأمل في أن يؤخذ هذا الأمر على محمل الجد. هذه ليست مكافأة سياسية لولاء الدروز تجاه إسرائيل، بل مكسب سياسي للمنطقة بأكملها".
وأضاف "الرئيس السوري دخل هذه المفاوضات بنية التوصل إلى اتفاق، وآمل أن يدخلها الإسرائيليون بالنية نفسها، وأعرف أن الأميركيين منخرطون بجدية لإصلاح هذا الوضع، وإيقاف القتل ونزف الدم داخل الشرق الأوسط".
مضايقات من مسؤولين أميركيين
تتقاطع الأدوار التي يلعبها باس بين السياسي والتجاري مما يثير الغموض والأسئلة حولها، ويعترف بتعرضه لمضايقات من مسؤولين في إدارة ترمب بسبب علاقته بالحكومة السورية وزياراته المتكررة إلى تركيا، وقال "تعرضت لتهديدات كثيرة من أشخاص نقلوا إلى الأمم المتحدة... لا أستطيع تسميتهم. لكن ما يمكنني قوله أن التعرض لنيران صديقة كان محبطاً".
ويعود رجل الأعمال الأميركي إلى اختصاصه، قائلاً "الأمر متروك لنا جميعاً للمضي قدماً، وعلينا أن نتوقف عن سؤال 'ماذا ستقدم لنا سوريا'. في الأسبوع الماضي فحسب تحدثت مع أكثر من 130 شركة أميركية، وكان سؤال هذه الشركات الأميركية هو 'من سيدفع؟' وأنا أقول لهم 'المسألة ليست من سيدفع المال، بل من سيستثمر في الشعب السوري، ومستقبل سوريا'. علينا أن ندرك أن مستقبل هذه المنطقة مرهون بمستقبل شعوبها، والطريقة الوحيدة للتغيير هي عبر الاستثمار في الوظائف والفرص".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 6 دقائق
- Independent عربية
كشف سبب اصطدام مروحية عسكرية بطائرة ركاب فوق واشنطن
كشفت تحقيق متعلق بحادثة اصطدام بين مروحية عسكرية أميركية وطائرة ركاب فوق واشنطن أدى إلى مصرع 67 شخصا، عن وجود اختلاف بين الارتفاع الحقيقي للمروحية وما تعرضه أجهزتها. وعقد المجلس الوطني لسلامة النقل، وهو الهيئة الأميركية المكلفة التحقيق في الحوادث الكبرى، جلسات استماع من الأربعاء إلى الجمعة، شملت استجوابات دقيقة لخبراء وجهات تنظيمية ومراقبي الحركة الجوية. ولم ينج أحد من حادثة التصادم الجوي التي وقعت في 29 يناير (كانون الثاني) الماضي بين مروحية عسكرية من طراز "سيكورسكي بلاك هوك" وطائرة ركاب من طراز بومباردييه "سي آر جاي 700" تابعة لشركة أميركان ايرلاينز. وكانت طائرة الركاب القادمة من ويتشيتا بولاية كنساس على وشك الهبوط في مطار ريغان الوطني، على بعد كيلومترات معدودة من البيت الأبيض، عندما اصطدمت بها مروحية في رحلة تدريبية. وبعد فحص البيانات المسجلة للمروحية، أبلغ المجلس الوطني لسلامة النقل عن وجود تضارب في قراءات ارتفاع المروحية. نتيجة ذلك وكجزء من التحقيق، أُجريت اختبارات على ثلاث مروحيات من نفس الطراز "سيكورسكي بلاك هوك ليما" تابعة لنفس الكتيبة. وأظهرت النتائج التي كشف عنها هذا الأسبوع وجود اختلاف بين الارتفاع الذي أشار جهاز قياس الارتفاع بالرادار وجهاز قياس الارتفاع البارومتري على متن الطائرة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأشارت المحققة ماري مولر إلى أن جهازي قياس الارتفاع "أظهرا اختلافات تراوح بين 80 و130 قدما (24 إلى 40 مترا) أثناء الطيران"، على الرغم من أن الفروقات كانت في حدود 20 إلى 55 قدما في بيئة اختبار متحكم بها. أضافت مولر "بمجرد أن بدأت دوارات المروحية بالدوران وإنتاج قوة الرفع والدفع، انخفضت قراءات جهاز قياس الارتفاع بشكل ملحوظ وظلت منخفضة طوال الرحلات". ووصفت رئيسة المجلس الوطني لسلامة النقل جينيفر هومندي هذا التضارب في قياس الارتفاع بأنه كبير، داعية إلى إجراء المزيد من التحقيقات. وأعربت هومندي عن قلقها من "احتمال أن يكون ما رآه الطاقم مختلفا تماما عن الارتفاع الحقيقي" للطائرة، مضيفة "اختلاف 100 قدم بعد كبيرا" في هذه الحالة. وسارع الرئيس دونالد ترمب عند وقوع الحادثة إلى تحميل المسؤولية لسياسات التوظيف القائمة على التنوع، على رغم عدم ظهور أي دليل على ذلك. ويعد هذا الاصطدام أول حادثة طيران كبيرة في الولايات المتحدة منذ عام 2009، عندما لقي 49 شخصا مصرعهم في سقوط طائرة تابعة لشركة طيران كولغان الأميركية بالقرب من بوفالو، نيويورك.


الأمناء
منذ 2 ساعات
- الأمناء
صحيفة بريطانية : قاعدة أميركية في بربرة لمحاصرة الحوثيين مقابل الاعتراف بأرض الصومال
رغم قبول الحوثيين بوقف استهداف السفن الأميركية مقابل وقف القصف، إلا أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ترى في هذا الاتفاق خطوة ظرفية بانتظار البحث عن حلول دائمة لمحاصرة الحوثيين ومنعهم من تهديد الملاحة، وهو ما يفسر بحث البيت الأبيض عن إنشاء قاعدة عسكرية في مدينة بربرة بأرض الصومال تمكن من مراقبة أنشطة المتمردين المرتبطين بإيران والتحرك لحماية السفن. لكن تأسيس قاعدة في مدينة بربرة الإستراتيجية قد يجعل الولايات المتحدة تغير من تعاملها الحالي مع قضية الصومال، حيث تكتفي إلى الآن بدعم الحكومة المركزية في مقديشو، وتتجنب التعامل مع الأقاليم الانفصالية مثل إقليم أرض الصومال الذي يضع الاعتراف به شرطا وحيدا أمام منح القاعدة للأميركيين، وهو شرط يجد الاهتمام في واشنطن. ونقلت وكالة بلومبيرغ عن مصادر لم تسمّها قولها إن إدارة ترامب تدرس إنشاء قاعدة جديدة في أرض الصومال ، وأن الأخيرة اشترطت الاعتراف بها لقاء ذلك. وأرجعت الوكالة أسباب إنشاء قاعدة على البحر الأحمر بأنه يرتبط بتصاعد هجمات اليمنيين على السفن، وأن واشنطن تخطط لمنع الحوثيين على المديين المتوسط والبعيد من تهديد حركة شحن النفط وضرب التجارة في أحد أهم الممرات العالمية. ويرى مراقبون أن الخطوة الأميركية قد تزعج مقديشو، لكنها تظل خيارا ضروريا يمكن إقناع القيادة الصومالية به، ولو على مضض، كما أنه لن يؤثر على جهود الولايات المتحدة في تدريب القوات الصومالية ومشاركتها العمليات ضد حركة الشباب المتطرفة. كما أن إدارة ترامب ستعمل على أن تنأى بنفسها عن الصراع بين دول القرن الأفريقي سواء بين إثيوبيا وإريتريا أو بين إثيوبيا والصومال بشأن المنفذ على البحر الأحمر، وقد يوفر وجود قاعدة أميركية إضافية حلا لجزء من هذه الخلافات، كما قد يعطل تدخلات من خارج المنطقة لتغذية الصراعات. وكانت مذكرة التفاهم المبرمة بين إدارة أرض الصومال وإثيوبيا بشأن حصول الأخيرة على منفذ على البحر قد أثارت أزمة في منطقة القرن الأفريقي بعد أن اعتبرتها الحكومة الفيدرالية الصومالية اعتداء على سيادتها. وحاول الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود استقطاب الولايات المتحدة إلى جواره وإبعادها عن إقليم أرض الصومال، من خلال تقديم عرض سخي إلى واشنطن لإنشاء قواعد عسكرية، في موقف اعتبره مراقبون أقرب إلى رسالة يائسة في ظل توجه واشنطن للتقارب مع أرض الصومال. وبعد الانتخابات التي عقدت في أرض الصومال في نوفمبر الماضي، كثر الحديث عن إمكانية اعتراف واشنطن بأرض الصومال، وأن هناك مشاريع قوانين قدمت إلى بعض المجالس الأميركية الراغبة في الاعتراف بأرض الصومال. وقال رئيس الصومال في رسالة وجهها إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مارس الماضي إن بلاده مستعدة لعرض السيطرة الحصرية على قواعد جوية وموانئ إستراتيجية، تشمل القاعدتين الجويتين في باليدوجل وبربرة وميناءي بربرة وبوصاصو. وتمتلك الولايات المتحدة قاعدة أخرى في القرن الأفريقي وتم إنشاؤها في معسكر ليمونير بجيبوتي عام 2002. وجاء ذلك عقب هجمات 11 سبتمبر 2001. كما أن زيادة نفوذ الصين في القرن الأفريقي، وإنشاءها في عام 2017 منشأة دعم بحري في جيبوتي، يدفع الأميركيين إلى زيادة نفوذهم العسكري في المنطقة، وهو ما شجع على توثيق التعاون مع أرض الصومال. ودرست الولايات المتحدة فكرة إنشاء قاعدة في بربرة، التي تضم أكبر ميناء في أرض الصومال. ومع فوز ترامب بالانتخابات نهاية 2024، وردت تقارير عن تزايد الضغط من أجل اعتراف الولايات المتحدة بأرض الصومال. ومنذ مارس 2025، أجرى ممثلون عن إدارة ترامب محادثات مع مسؤولي أرض الصومال لإنشاء قاعدة عسكرية أميركية بالقرب من بربرة. وسيكون هذا مقابل اعتراف رسمي، وإن كان جزئيًا، بأرض الصومال. وترى الباحثة جو أديتونجي في تقرير نشره موقع 'ذوكونفرسيشن' أن تعزيز التعاون الأميركي مع أرض الصومال يُهدد بإهمال الصومال. وسيُكافئ اعتراف الولايات المتحدة هرجيسا على جهودها للحفاظ على الاستقرار وتثبيت خيار الانفصال، وقد يُشجع دولا أخرى على الاعتراف بها. وهذا من شأنه أن يُوجه ضربةً للقوميين الصوماليين الذين يُطالبون بدولة واحدة لجميع الصوماليين. وصرّح رئيس أرض الصومال، عبدالرحمن محمد عبدالله بأن حكومته أقامت علاقات جيدة مع وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين، مشيرا إلى استعداد أرض الصومال لاستضافة قاعدة عسكرية أميركية في مدينة بربرة. وأشار، في مقابلة مع بلومبيرغ، إلى استعداد أرض الصومال لعرض صفقة موارد معدنية على الولايات المتحدة، لاسيما تلك المهمة مثل الليثيوم، مضيفا أن هذا جزء من جهود أرض الصومال للحصول على الاعتراف الدولي. وأكد أنه على الرغم من أن الاعتراف هو الهدف الرئيسي لأرض الصومال، إلا أن الطريق هو العمل مع المجتمع الدولي في مجالات الأمن والتجارة ومكافحة الإرهاب والقرصنة والتهريب. وتتمتع أرض الصومال بثروة غنية من الموارد الأخرى، مثل خام الحديد (القصدير)، والأحجار الكريمة، والمعادن الصناعية، بما في ذلك الجبس، ومنتجات الأسمنت، والذهب، وفقا لتقرير نشرته شركة 'أفريكان ماينينغ' في يونيو 2023.


الشرق الأوسط
منذ 4 ساعات
- الشرق الأوسط
«ماغا» والطريق إلى دعم غزة
هل اكتسبت القضية الفلسطينية زخماً حقيقياً في الأيام القليلة الفائتة، لا سيما في ظل الإعلان المشترك الذي صدر عن المملكة العربية السعودية وفرنسا، بعد مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بدعم قضية الدولة الفلسطينية المستقلة؟ من الواضح أن هذا هو ما جرت به المقادير، بخاصة في ظل الموقفيْن البريطاني والكندي، المتغيريْن بسرعة شديدة في الساعات الأخيرة لصالح عدالة قضية طال ظلم أبنائها وشتاتهم في رياح الأرض الأربع. إلا أن تغيراً مثيراً جداً يجري في الداخل الأميركي، وبات وعن حق يمثل ضغطاً متزايداً على إدارة الرئيس ترمب، وعلى شخص سيد البيت الأبيض بصورة غير متوقعة. التغير الذي نحن بصدد الحديث عنه يجري داخل حركة «ماغا»، التي ناصرت الرئيس الأميركي دونالد ترمب ودعمته على كافة الأصعدة، غير أنه بات من الواضح أن صورة الجوع والمجاعة، الفاقة والبؤس والمعاناة في غزة، أعطت زخماً جديداً للنقاش الذي كان يتصاعد على استحياء داخل أروقتها. ارتفع صوت المؤثرين بالنقد لإسرائيل، وكان النائب السابق مات غيتز، ومستشار ترمب السابق ستيف بانون، على رأس من أدانوا تصرفات إسرائيل وحذروا من أن هذه القضية تشكل عبئاً سياسياً على إدارة ترمب وقاعدته الشعبية. هل ما يجري في جنبات «ماغا» بداية لتغير جوهري في السياسات الأميركية؟ الأكيد أن إسرائيل حظيت دائماً بدعم واسع النطاق من الحزبين الأميركيين الكبيرين، الجمهوري والديمقراطي، لكنَّ صعود حركة «ماغا» في عهد ترمب يتحدى الأسس الآيديولوجية لهذه «العلاقة الخاصة». لم يعد سراً القول إن السياسة الواقعية التي تتبناها حركة «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» تسعى إلى الحد من مشاركة الولايات المتحدة في الحروب الخارجية، بحيث تقتصر على تلك التي تؤثر بشكل مباشر على مصالحها، بخاصة الطبقة العاملة المتواضعة أو المتوسطة التي تشكل قاعدة ترمب. لا تبدو «ماغا» وحدها من يغير اتجاهاته السياسية في الداخل الأميركي، بل تجاوز الأمر إلى غيرها من المؤسسات. على سبيل المثال، دعت مؤسسة «هيرتاغ»، أو التراث، التي تعد العقل المفكر والناطق لحكومة ترمب، برئاسة كيفن روبرتس، إلى «إعادة توجيه علاقتها مع إسرائيل، من علاقة خاصة إلى شراكة استراتيجية متساوية». تأثيرات «ماغا»، بفعل الدراما غير المسبوقة في غزة، تمتد إلى أكثر وأشد الأطراف والأطياف السياسية الأميركية يمينيةً، فعل سبيل المثال، أصبحت النائبة مارغوري تايلور غرين أول عضو جمهوري في الكونغرس يصف أفعال إسرائيل في قطاع غزة بـ«الإبادة الجماعية والأزمة الإنسانية في غزة»، وعدّت ما يجري على الأرض هناك من أعمال وحشية لا يقل بشاعة عن هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. أبعد من ذلك، فقد دعت تايلور إلى إلغاء تمويل بقيمة 500 مليون دولار لنظام الدفاع الصاروخي. ولعل القارئ المعمق للأحداث يدرك كيف أن الدعم غير المشروط لإسرائيل، الذي عُدَّ لعقود طوال حقيقةً أساسيةً وفكرةً عضويةً، بات اليوم موضع تحدٍ من قبل قاعدة تراب الشعبوية، وعلى رأسها «ماغا»، وأصبحت استدعاءات «العلاقة الخاصة» تقع على آذان صماء. تبدو «ماغا» في طور إعادة قراءة معمقة لفكرة أميركا العظيمة، وما الذي جعلها عند لحظات بعينها عظيمة بالفعل. تبين سطور التاريخ الأميركي أن المثل والقدوة، الحرية والمصداقية، احترام استقلال الدول الويستفالية، تقديم الدعم الإنساني من غير براغماتية ضيقة النظرة، هي ما جعلت أميركا «الدولة التي لا يمكن الاستغناء عنها بالفعل» (Indispensable). اليوم يبدو الرئيس الأميركي في أزمة موازنة بين دعمه لبنيامين نتنياهو وحكومته، وثورة الشك وسط شباب «ماغا»، حول جدوى نصرة إسرائيل ظالمة غير مظلومة، ولهذا لم يكن هناك من مفر من اعترافه بأن هناك حالةً غير مقبولة من الجوع في غزة. ومن باب الحقائق القول إن نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس هو القوة الآيديولوجية الضاربة في هذه الإدارة، وهو في الوقت ذاته رجل مؤسسة «هيرتاغ» المفضل، وقد كان لافتاً للنظر في مناسبة أقيمت في ولاية أوهايو، الأسبوع قبل الماضي، ذهابه إلى مدى أبعد من تصريحات ترمب، إذ ناقش صوراً «مفجعة» لأطفال صغار يتضورون جوعاً بوضوح، وطالب إسرائيل بالسماح بدخول المزيد من المساعدات. ما الذي يجري داخل صفوف «ماغا»؟ أفضل من قدم جواباً مقبولاً، عالمُ السياسة والدبلوماسي الأميركي السابق مايكل مونتغمري، الذي عدَّ أن «أي شعب متحضر لا يرى في التجويع سلاحاً مشروعاً في الحرب». هل يمكن لـ«ماغا» أن تغير أميركا بالفعل وتعيدها للعظمة الحقيقية عبر دروب الإنسانية لا المعارك القتالية؟