
فاتورة الذكاء الاصطناعي تؤلم الشركات.. إنفاق ضخم لا يُترجم إلى أرباح
كانت هذه الظاهرة إشارة إلى أنه على الرغم من الاستثمارات الضخمة للشركات في التكنولوجيا الجديدة، لم تكن هناك أدلة تُذكر على تحقيق زيادة مقابلة في كفاءة العاملين، الذين خصصت لهم الشركات هذه التكنولوجيا.
واليوم، تظهر المفارقة نفسها، ولكن مع الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ووفقًا لبحث حديث أجرته شركة ماكينزي وشركاه، أفادت نحو 8 شركات من كل 10 شركات باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، ولكن عددا مماثلا منها أفاد بأنه "لم يحقق أي تأثير يذكر على صافي الربح".
وتشهد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تقدما ملحوظا مع برامج الدردشة الآلية مثل ChatGPT، مدفوعة بسباق تسلح محموم بين شركات التكنولوجيا العملاقة والشركات الناشئة فاحشة الثراء، مما دفع إلى توقع إحداث ثورة في كل شيء، من المحاسبة الإدارية إلى خدمة العملاء.
لكن العائد على الشركات خارج قطاع التكنولوجيا لا يزال متأخرا، ويعاني من مشاكل منها ميل برامج الدردشة الآلية المزعج إلى اختلاق الأمور.
هذا يعني أن الشركات ستضطر إلى مواصلة استثمار المليارات لتجنب التخلف عن الركب - ولكن قد تستغرق التكنولوجيا سنوات قبل أن تُحقق عائدا اقتصاديا على مستوى العالم، حيث تكتشف الشركات تدريجيا ما هو الأنسب.
مفارقة جيل الذكاء الاصطناعي
وتقول صحيفة نيويورك تايمز، إن المفارقة الجديدة، يمكن تسميتها بـ "مفارقة جيل الذكاء الاصطناعي"، كما وصفتها ماكينزي في تقريرها البحثي.
ومن المتوقع أن تزيد استثمارات الشركات في الذكاء الاصطناعي التوليدي بنسبة 94% هذا العام لتصل إلى 61.9 مليار دولار، وفقا لشركة IDC، وهي شركة أبحاث تكنولوجية.
في الوقت نفسه، فإن نسبة الشركات التي تخلت عن معظم مشاريعها التجريبية في مجال الذكاء الاصطناعي ارتفعت إلى 42% بحلول نهاية عام 2024، ارتفاعًا من 17% في العام السابق، وفقًا لمسح أجرته شركة S&P Global، وهي شركة بيانات وتحليلات، على أكثر من 1000 مدير تكنولوجيا وأعمال.
وقال ألكسندر جونستون، كبير المحللين في S&P Global، إن المشاريع فشلت ليس فقط بسبب العقبات التقنية، ولكن غالبا بسبب "عوامل بشرية" مثل مقاومة الموظفين والعملاء أو نقص المهارات.
وتتوقع شركة غارتنر، وهي شركة أبحاث واستشارات ترصد "دورات الضجيج" التكنولوجية، أن الذكاء الاصطناعي ينزلق نحو مرحلة تُطلق عليها "قاع خيبة الأمل".
ومن المتوقع أن يصل إلى أدنى مستوياته العام المقبل، قبل أن تصبح هذه التقنية أداة إنتاجية مثبتة، وفقا لجون ديفيد لوفلوك، كبير المُتنبئين في جارتنر.
نشوة مبكرة وكفاح للإتقان
وتقول الصحيفة الأمريكية، أن هذا كان هو النمط السائد مع التقنيات السابقة، مثل الحواسيب الشخصية والإنترنت، نشوة مبكرة، وكفاح شاق لإتقان تقنية ما، يليه تحول في الصناعات وفرص العمل.
وحتى الآن، كان الفائزون هم موردو تقنيات الذكاء الاصطناعي واستشاراته.
ومن بينهم مايكروسوفت وأمازون وغوغل، التي تقدم برمجيات الذكاء الاصطناعي، بينما تُعد إنفيديا الشركة الرائدة بلا منازع في مجال رقائق الذكاء الاصطناعي.
وقد تفاخر المسؤولون التنفيذيون في هذه الشركات بقدرة الذكاء الاصطناعي على إعادة تشكيل قوى العمل لديهم، مما يلغي الحاجة إلى بعض أعمال البرمجة المبتدئة، ويزيد من كفاءة العاملين الآخرين.
ويتوقع الكثيرون أن يحل الذكاء الاصطناعي في نهاية المطاف محل قطاعات كاملة من الموظفين البشريين، وهو منظور يحظى بتبني واسع النطاق ويتردد صداه في أوساط الشركات.
ففي مهرجان أسبن للأفكار في يونيو/حزيران، قال جيم فارلي، الرئيس التنفيذي لشركة فورد موتور، "سيحل الذكاء الاصطناعي محل نصف جميع العاملين ذوي الياقات البيضاء في الولايات المتحدة".
ويعتمد حدوث هذا النوع من التغيير الثوري، وسرعة حدوثه، على التجارب العملية للعديد من الشركات.
وصرح أندرو مكافي، الباحث العلمي الرئيسي والمدير المشارك لمبادرة الاقتصاد الرقمي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، "إن القوة التكنولوجية الخام هائلة، لكنها لن تُحدد مدى سرعة تحول الذكاء الاصطناعي للاقتصاد".
ومع ذلك، تجد بعض الشركات طرقًا لدمج الذكاء الاصطناعي - على الرغم من أن هذه التقنية لا تزال بعيدة كل البعد عن استبدال العمال في معظم الحالات.
ومن بين الشركات التي تتجلى فيها وعود الذكاء الاصطناعي وعيوبه، شركة USAA، التي تقدم خدمات التأمين والخدمات المصرفية لأفراد الجيش وعائلاتهم.
تجربة USAA
بعد عدة مشاريع تجريبية، أُغلق بعضها، قدمت الشركة مساعدًا للذكاء الاصطناعي لمساعدة موظفي خدمة العملاء لديها، والبالغ عددهم 16,000، على تقديم إجابات صحيحة لأسئلة محددة.
وتتابع USAA استثماراتها في الذكاء الاصطناعي، لكنها لم تقدر بعد العائد المالي، إن وجد، لبرنامج مركز الاتصال، لكن الشركة قالت إن استجابة موظفيها كانت إيجابية للغاية.
على الرغم من أن لديها تطبيقات برمجية للإجابة على أسئلة العملاء عبر الإنترنت، إلا أن مراكز الاتصال التابعة لها تستقبل ما معدله 200,000 مكالمة يوميًا.
قوال رامنيك باجاج، كبير مسؤولي تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي في الشركة، " إنهم يريدون صوتًا بشريًا على الطرف الآخر من الهاتف".
وهذا مشابه لتطبيق ذكاء اصطناعي طور قبل أكثر من عام للعاملين الميدانيين في شركة جونسون كونترولز، وهي مورد كبير لمعدات البناء والبرمجيات والخدمات.
وأدخلت الشركة أدلة التشغيل والخدمة الخاصة بأجهزتها في برنامج ذكاء اصطناعي مدرب على إنشاء ملخص للمشكلة، واقتراح الإصلاحات، وتسليمها بالكامل إلى الكمبيوتر اللوحي للفني.
وأثناء الاختبار، قلّص التطبيق من 10 إلى 15 دقيقة من مكالمة الإصلاح التي كانت تستغرق ساعة أو أكثر - وهي زيادة مفيدة في الكفاءة، ولكنها ليست تحولًا في مكان العمل بحد ذاته.
وأقل من 2000 من أصل 25000 موظف خدمة ميدانية في الشركة لديهم إمكانية الوصول إلى مساعد الذكاء الاصطناعي، على الرغم من أن الشركة تخطط للتوسع.
وقال فيجاي سانكاران، كبير مسؤولي المعلومات والرقمية في جونسون كونترولز: "لا يزال الأمر مبكرا جدا، لكن الفكرة هي أنه بمرور الوقت سيستخدمه الجميع".
US
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة العربية للأخبار التقنية
منذ 2 ساعات
- البوابة العربية للأخبار التقنية
أبرز أدوات الذكاء الاصطناعي للطلاب لتنظيم الوقت وتحسين الإنتاجية
يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولًا كبيرًا في مجال التعليم؛ إذ يجعل الدراسة أكثر تخصيصًا وكفاءة وتفاعلية من أي وقت مضى. وابتداءً من تدوين الملاحظات لحظيًا وصولًا إلى إنشاء بطاقات مراجعة مخصصة، تساعد الأدوات الذكية في الوقت الحالي الطلاب في التعلم بالطرق التي تناسبهم. لكن ليست كل أدوات الذكاء الاصطناعي متساوية في الجودة. فمع انتشار المقالات والواجبات المكتوبة آليًا، زادت مخاوف المعلمين من أن تتأثر عملية التعلم بنحو سلبي. ومع ذلك، ظهر جيل جديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي المصممة خصوصًا للطلاب، والتي تهدف إلى تعزيز الإنتاجية وتحسين عملية التعلم. وفيما يلي، سنذكر خمس أدوات ذكاء اصطناعي حديثة يمكن للطلاب استخدامها لتنظيم الوقت، وتحسين عملية التعلم: 1- وضع الدراسة في ChatGPT أضافت شركة OpenAI وضعًا مخصصًا للدراسة في ChatGPT يحوّل روبوت المحادثة إلى مدرس شخصي. وبمجرد كتابة الأمر (/study) يمكنك اختيار المادة الدراسية، وتحديد مستواك فيها، واختيار الطريقة التي تريد التعلم بها. يستطيع الروبوت إنشاء بطاقات مراجعة تلقائيًا من ملاحظاتك الدراسية، أو تصميم اختبارات وأسئلة وأجوبة لمساعدتك في فهم المفاهيم المختلفة بفعالية كبيرة. وباستخدام هذه الأداة يتعلم الطلاب بسرعة أكبر؛ لأن الروبوت يعمل كمعلم خاص، وسواء كنت تستعد لاختبار في مادة الأحياء أو التاريخ أو الرياضيات أو أي مادة أخرى، فإن وضع الدراسة يوفر طريقة مريحة وفعّالة لتعزيز ما تتعلمه في الصف. 2- أداة NotebookLM تُعد NotebookLM من جوجل واحدة من أكثر أدوات الدراسة تميزًا في عام 2025؛ فهي تتيح للطلاب رفع المستندات الخاصة بالدراسة كالملاحظات، وملفات PDF، ثم طرح أسئلة عنها مباشرة. كما يمكنها إنشاء أسئلة وأجوبة ذكية، وخرائط ذهنية، وملخصات. ويمكن للطلاب طلب تحويل ملفاتهم الدراسية وملفات PDF إلى بودكاست للاستماع إليه في أثناء الدراسة. 3- منصة Canva Pro المدعومة بنموذج Veo 3 تحولت منصة Canva إلى شريك إبداعي متكامل مفيد للمشاريع الكبيرة أو العروض التقديمية. ومع إضافة نموذج Veo 3 من Google DeepMind، أصبحت المنصة استوديو بصري متكامل مدعوم بالذكاء الاصطناعي. يمكن للطلاب استخدامه لإنشاء عروض تقديمية ومقاطع فيديو ورسوم بيانية ومخططات بسهولة ودون الحاجة إلى مهارات تصميم كبيرة. 4- أداة Grammarly تُعدّ أداة Grammarly من أبرز أدوات الذكاء الاصطناعي لتصحيح الأخطاء الإملائية والنحوية. كما تقدّم اقتراحات لتحسين النصوص، وتضبط نبرة الكتابة، وتُعيد صياغة النصوص لزيادة الوضوح؛ مما يجعل كتاباتك أفضل وأكثر دقة. 5- أداة تُعدّ أداة مناسبة للطلاب الذين يسجلون المحاضرات أو الاجتماعات، فهي تنسخ الصوت لحظيًا وتحدد الأجزاء المهمة، وتنشئ ملخصات. يمكنك البحث في التسجيلات للوصول بسرعة إلى الجزء الذي تريده، أو تصدير النصوص إلى تطبيق الملاحظات. وهذا مفيد بنحو خاص للطلاب الذين يعانون صعوبات التعلم أو الذين يواجهون صعوبة في متابعة المحاضرين الذين يتحدثون بسرعة.


حلب اليوم
منذ 2 ساعات
- حلب اليوم
بين وقف الاستيراد والطقس القاسي.. ارتفاع أسعار الخضار في عزّ مواسمها
منعت الحكومة السورية استيراد بعض المنتجات الزراعية، خلال شهر أيلول المقبل، لحماية المنتج المحلي، وسط ارتفاع كبير في أسعار الخضار والفواكه. وقد أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة، يوم الخميس الماضي، قراراً يقضي بوقف استيراد (البندورة – الخيار – البطاطا – الباذنجان – الفليفلة – البصل – الثوم – الليمون – اللوز – الجوز – الفستق الحلبي – التفاح – العنب – الخوخ – التين) خلال الفترة المذكورة. جاء ذلك استكمالا لقرار مماثل قضى بوقف استيراد (البندورة – الخيار – البطاطا – الكوسا – الباذنجان – الفليفلة – التفاح – العنب – الخوخ – الدراق – الكرز – الإجاص – البطيخ الأحمر – البطيخ الأصفر – التين – التين المجفف – الثوم – البيض – الفروج الحي – الفروج الطازج) خلال شهر آب الحالي. ويعاني الفلاحون تراجع نتاجهم جراء الجفاف والتغيرات المناخية وموجات الحر المتتالية، مع ضعف البنية التحتية وارتفاع التكاليف، وهو ما انعكس على أسعار المنتجات الزراعية الصيفية، حيث تشهد الفواكه والخضار ارتفاعا في الأسواق، مع ضعف القدرة الشرائية، وسط حالة من الركود الاقتصادي. يقول مزارعون إن الإنتاج الزراعي تراجع في سوريا خلال هذا الموسم بشكل كبير، ولا يعود ذلك لارتفاع الحرارة فحسب، بل أيضا لاشتداد سرعة الرياح التي أضرت بمواسم الخضار في عدة مناطق، وهو ما يضاف لجملة المشاكل التي تعاني منها الزراعة، حيث تحتاج الخضرة لرياح معتدلة وجو حار لكن ضمن المعدلات الطبيعية. وشهد الأسبوع الماضي ارتفاعات كبيرة في درجات الحرارة التي تجاوزت الأربعين، مع رياح نشطة وهو ما تسبب بتيبّس الأوراق الخضراء وألحق الضرر بالنباتات وأدى لعجز الكثير منها عن إنتاج الثمار. وكانت البلاد قد تعرضت لجفاف في الشتاء الفائت، هو الأقسى منذ عقود بعيدة، مما ألحق بالمزارعين خسائر كبيرة فضلا عن تبعات الحرب والدمار والتهجير. ومع انقطاع الكهرباء يضطر المزارعون للجوء إلى الطاقة الشمسية والتي قد تبدو تكاليف الري بها مجانية، لكنها تحتاج الكثير من الأموال لإقامتها، حيث تتراوح في المتوسط ما بين 10 إلى 30 ألف دولار امريكي، بحسب سعة الأرض المروية، وهو ما ينعكس ارتفاعا في أسعار المنتجات الزراعية، فضلا عن زيادة أسعار الأسمدة والمبيدات الحشرية والمحروقات وكلفة النقل. ويزيد هذا الوضع مث الأعباء المالية على الأسر السورية، خاصة الأسر ذات الدخل المحدود، مع موسم 'المونة' الحالي للعديد من الأصناف، مثل البندورة ورب البندورة والملوخية والنعناع والبادنجان والكوسا وغير ذلك. وتشهد البلاد، منذ اكثر من عشرة أعوام ارتفاعا في معدلات الفقر وتراجعا في الأمن الغذائي، وفيما يسهم الإنتاج المحلي بشكل كبير في توفير احتياجات السوق، إلا أن تعزيز السوق المحلية بالاستيراد يخفض الأسعار. في المقابل تعمل الحكومة على حماية المزارع من تفاقم الخسائر، وبالتالي حماية المنتج المحلي، حيث أن للاستيراد تبعات سلبية في بعض الأحيان. وكانت وزارة الاقتصاد والصناعة قد أصدرت قراراً يقضي بوقف استيراد مادة الفروج المجمّد، بدءاً من 15 آب، 'بهدف حماية المستهلك من الأضرار الناجمة عن التخزين والتداول غير الآمن في الظروف المناخية الحالية والحد من تأثير ارتفاع درجات الحرارة، إضافةً إلى مراعاة متطلبات المصلحة العامة'.


عرب هاردوير
منذ 2 ساعات
- عرب هاردوير
ترامب يلوح بفرض رسوم جمركية تصل إلى 300% على الرقائق الإلكترونية
أشعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلًا واسعًا في الأسواق العالمية بعد تصريحاته الأخيرة التي ألمح فيها إلى احتمال فرض رسوم جمركية ضخمة على مجموعة من القطاعات الاستراتيجية، تشمل الفولاذ وأشباه الموصلات وربما الأدوية. وتأتي هذه التصريحات في وقت بالغ الحساسية بالنسبة لصناعة الرقائق، حيث يدرس ترامب فرض رسوم قد تصل إلى 300% على الواردات من أشباه الموصلات. مثل هذه النسبة، إذا تم تنفيذها، ستقلب موازين الصناعة الرقمية رأسًا على عقب، وستؤثر بشكل مباشر على أسعار الحواسيب والهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية الأخرى، فضلًا عن التطبيقات الحيوية في الذكاء الاصطناعي والسيارات الكهربائية. انعكاسات محتملة على حياة المستهلكين يؤدي أي ارتفاع في تكلفة استيراد الرقائق إلى زيادة مباشرة في أسعار المنتجات النهائية التي يعتمد عليها ملايين الأشخاص حول العالم. فعلى سبيل المثال، قد يقف المستهلك أمام خيار صعب يتمثل في دفع ما يقارب ستة آلاف دولار للحصول على بطاقة رسومية متطورة مثل إنفيديا GeForce RTX 5090، بعد أن كان سعرها يقترب من ألفي دولار فقط. لن يقتصر هذا الارتفاع الكبير في الأسعار على محبي الألعاب الإلكترونية أو محترفي التصميم، بل سيمتد ليشمل الطلاب والباحثين ورواد الأعمال الذين يحتاجون إلى أجهزة قوية لدعم مشاريعهم في مجالات البرمجة والذكاء الاصطناعي. سياسة التهديد المستمر يعتمد ترامب في نهجه الاقتصادي على إطلاق تصريحات صادمة تتعلق بالرسوم الجمركية، تصل أحيانًا إلى 200% أو 300%، دون أن يقدم جدولًا زمنيًا محددًا أو إطارًا قانونيًا واضحًا للتنفيذ. يترك هذا الأسلوب الأسواق في حالة من القلق وعدم اليقين، ويجبر الشركات على الاستعداد لسيناريوهات متعددة قد لا تتحقق مطلقًا. وينتج عن ذلك تعطيل الاستثمارات الحقيقية وتجميد مشاريع التطوير والبحث، إذ تخشى الشركات ضخ أموال ضخمة في بنية تحتية أو خطوط إنتاج جديدة ثم تجد نفسها أمام قرارات سياسية متغيرة. ارتباك سلاسل التوريد العالمية إضافًة إلى ذلك، تتأثر سلاسل التوريد بشكل مباشر عند صدور مثل هذه التهديدات. فالشركات المصنعة للأجهزة الإلكترونية ولمنتجات الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى خطط طويلة الأجل قائمة على استقرار القوانين التجارية. لكن في ظل غياب الوضوح، تضطر هذه الشركات إلى إعادة التفكير في مواقع التصنيع وربما نقل بعض خطوط الإنتاج إلى الولايات المتحدة لتفادي الرسوم المحتملة. وغالبًا ما تكون هذه الخطوات الطارئة مكلفة جدًا، وقد تُعرض الشركات لمخاطر إضافية إذا تراجعت الحكومة الأمريكية عن القرارات أو عدلتها بعد فترة قصيرة. خلفية قانونية عبر المادة 232 يستند ترامب في تهديداته إلى صلاحيات تمنحها المادة 232 من القانون التجاري الأمريكي، والتي تخول وزارة التجارة التحقيق في تأثير الواردات على الأمن القومي، ثم رفع توصيات للرئيس الذي يمتلك بدوره سلطة تعديل الرسوم الجمركية كما يشاء. ومنذ أبريل 2025 تخضع واردات الرقائق لتحقيق رسمي بموجب هذه المادة، لكن لم يتم تحديد موعد واضح لإعلان نتائجه. يزيد هذا الغموض من حالة الترقب، ويجعل الأسواق العالمية في حالة انتظار طويلة وغير مضمونة النتائج. أثر الغموض على الاستثمار يشير خبراء الاقتصاد إلى أن حالة عدم اليقين قد تكون أشد ضررًا من الرسوم نفسها. فالمستثمرون يفضلون العمل ضمن بيئة واضحة المعالم، حتى وإن كانت مشددة، على أن يظلوا عالقين في دوامة الترقب والانتظار. كما أن استمرار هذا الوضع يدفع الشركات إلى تجميد قرارات التوسع والابتكار، ويؤثر سلبًا على القطاعات الناشئة التي تعتمد على الرقائق المتطورة، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة والسيارات ذاتية القيادة. انعكاسات على الأسواق الدولية لا تتوقف آثار هذه السياسات عند حدود الولايات المتحدة، إذ تمتد إلى الأسواق العالمية بحكم الترابط الكبير بين الشركات متعددة الجنسيات. وأي زيادة في تكلفة إنتاج الرقائق ستؤدي حتمًا إلى ارتفاع أسعار الأجهزة الإلكترونية في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط. كما أن دولًا عديدة قد ترى في هذه الخطوة استفزازًا اقتصاديًا يدفعها إلى الرد برسوم مضادة أو فرض قيود جديدة على المنتجات الأمريكية، الأمر الذي قد يشعل جولة جديدة من الحروب التجارية العالمية. صناعة الرقائق على مفترق طرق تجد صناعة أشباه الموصلات نفسها اليوم في قلب معركة تجارية وسياسية معقدة. وبينما يرى البعض أن تهديدات ترامب مجرد أوراق ضغط لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، يخشى آخرون من أن تتحول هذه التهديدات إلى واقع يغير شكل الأسواق العالمية لسنوات مقبلة. في جميع الأحوال، يظل مستقبل هذه الصناعة الحساسة مرهونًا بقرارات سياسية يصعب التنبؤ بها، وهو ما يجعل المستثمرين والمستهلكين على حد سواء في حالة ترقب وقلق دائمين.