logo
حرب لن تغير الخريطة

حرب لن تغير الخريطة

الشرق الأوسطمنذ 6 ساعات

ونحن نتابع أخبار الصراع المسلح في المنطقة الذي بدأ بالهجمات التي شنّتها إسرائيل على الأراضي الإيرانية نرى حرب الروايات التي تعادل في شراستها حرب الجبهات، فكل طرف يروي سير المعركة بطريقته، ويفسّر نتائجها بما يخدم رؤاه. وبعيداً عمّا يقوله الطرفان، فإن واقع التحليل الاستراتيجي بحاجة للخروج من ثنائية تكرار ما يقوله طرفا الحرب أو القراءة الرغبوية لما يتمنى المعلّق أن تؤول له الأحداث.
إنَّ الضربة الأولى التي وجهتها إسرائيل لإيران في 13 يونيو (حزيران) الجاري قطعت الطريق على المفاوضات التي كان من المفترض أن تتم بين إيران والولايات المتحدة حول البرنامج النووي الإيراني. كان الهدف المعلن من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تدمير البرنامج النووي أو على الأقل تعطيله، ثم تعالت التوقعات لتصل إلى تبديل نظام الحكم في طهران وفسح المجال لنظام جديد ينظر بودٍ لإسرائيل.
لم يكن التفوق الجوي لإسرائيل مفاجئاً للمراقبين، ولم يكن الفارق الكبير في حجم الخسائر البشرية والمادية مفاجئاً هو الآخر. فعدد الضحايا في الجانب الإيراني يفوق عشرة أضعاف ضحايا الجانب الإسرائيلي، وكذلك حجم الدمار المُشاهد. لكن المقارنة بهذا المقياس غير دقيقة بالنظر إلى وضع الجانبين.
تمتلك إسرائيل التطور التكنولوجي والسلاح الجوي المتطور جداً والسلاح النووي، وهذا ما يجعلها أقوى قوة عسكرية في المنطقة، ويضع جيشها ضمن أقوى جيوش العالم مقارنة بالمساحة التي تقوم عليها الدولة وتعداد سكانها. بالمقابل، تمتلك إيران ثقلاً ديمغرافياً مهماً من حيث المساحة وعدد السكان وتاريخ الوجود في المنطقة، إضافة إلى ترسانتها الصاروخية وأذرعها الإقليمية ضمن قوى اللادولة والتي تتوزع في العراق، سوريا، لبنان، اليمن. هذه الحقائق هي سبب تأخير المواجهة المباشرة حتى الآن، فالطرفان يعلمان أنهما غير قادرين على الإجهاز على بعضهما، ويدركان كذلك أن المواجهة ستكون مريرة وغير محسومة النتائج.
ومع دخول الولايات المتحدة على الخط بقصفها ثلاثة مواقع داخل إيران في 22 يونيو، تتغير السردية التي قدمتها تل أبيب لتشكك في الانتصار المزعوم. فلو كانت إسرائيل قادرة على إيران وحدها، فلماذا تحتاج تدخلاً أميركياً مباشراً؟ هذا التدخل الذي يزعم الإيرانيون أنه لم يتمكن من شلّ برنامجهم النووي قوّى سردية حكومة طهران عند الشعب الإيراني بأنهم -بالفعل- يواجهون الولايات المتحدة التي ينعتونها بـ«الشيطان الأكبر» وليس مجرد مواجهة مع إسرائيل.
على المستوى الإقليمي، كان للموقف الخليجي بقيادة السعودية دورٌ كبير في تجنيب المنطقة الدخول في هذه الحرب، فمنذ اليوم الأول أدانت الرياض الهجمات الإسرائيلية على إيران ببيان صريح رفضت فيه «الاعتداء على السيادة» في إيران. هذا الموقف كان بمثابة رسالة واضحة للإيرانيين بأنَّ احترام السيادة موقفٌ مبدئي لا نقاش فيه. وقد أثمر هذا الموقف بعد القصف الأميركي المباشر لإيران، فالاستهداف الإيراني للوجود العسكري الأميركي في المنطقة جاء متأخراً جداً في اليوم الثاني عشر للحرب، وقد أنذرت طهران واشنطن بأنها ستستهدف قاعدة العديد في قطر.
مع إعلان ترمب لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، يبدو أن الإيرانيين ينظرون لليوم التالي بعد الحرب، ويهمهم عدم خسارة العلاقات الإيجابية مع السعودية وبقية دول مجلس التعاون، والتي تعلم طهران بأنَّها بحاجة لها في هذا الوقت. هذا الموقف الإيراني نتيجة نجاح الدبلوماسية السعودية، والتي يجب ألا يتم إغفالها.
في حال التزمت الأطراف وقفَ إطلاق النار الذي أعلنه ترمب فجر الثلاثاء، فإن الحرب تكون قد توقفت وفق القاعدة المستمدة من المثل العربي «لا يموت الذئب، ولا يفنى الغنم». بمعنى أن استمرار النزاع الصريح بين تل أبيب وطهران يضمن لواشنطن عدم تمرّد حليفها عليها، ويضمن عدم تطور عدوها الأبرز. وبالنسبة إلى دول المنطقة، يضمن لهم عدم تفرّد إسرائيل بكونها القوة الوحيدة في المنطقة، فعدم الوصول إلى انتصار مطلق يعني بقاء التعددية القطبية وعدم وجود شرطي للمنطقة لا ينازعه أحد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 7 من جنوده في غزة
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 7 من جنوده في غزة

العربية

timeمنذ 42 دقائق

  • العربية

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 7 من جنوده في غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، عن مقتل سبعة من عسكرييه خلال أعمال قتالية في خان يونس بجنوب قطاع غزة. ونشر الجيش أسماء 6 جنود، بينما امتنع عن نشر اسم السابع، وقال إنهم قتلوا إثر انفجار عبوة ناسفة في مركبة مدرعة كانوا يستقلونها. وقال الجيش في بيان إن العسكريين الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و21 عاما ينتمون إلى كتيبة الهندسة القتالية 605 المسؤولة خصوصا عن تدمير البنى التحتية لحركة حماس في القطاع الفلسطيني. "قنبلة في مدرعة" وذكر الجيش أن هؤلاء القتلى سقطوا جراء انفجار لغم في ناقلة جند في مدينة خان يونس جنوب القطاع، أمس الثلاثاء، موضحا أن القتلى هم ضابط و6 جنود. ووفقا لتحقيق أولي أجراه الجيش الإسرائيلي، فإن فلسطينيا زرع قنبلة في مركبة مدرعة من طراز "بوما"، كان على متنها الجنود أثناء قيادتهم في خان يونس. أدى الانفجار إلى اشتعال النيران في المركبة، وفشلت محاولات إخمادها. وقال الجيش إن "جميع الجنود الذين كانوا بداخلها لقوا حتفهم في الحريق، بينما سُحبت بقايا المركبة المحترقة لاحقا إلى خارج غزة". وأضاف الجيش في بيانه أن جنديا من كتيبة الهندسة القتالية 605 التابعة للواء 188 أصيب بجروح بالغة، أمس الثلاثاء، في حادث منفصل بجنوب القطاع. ووفقا لبيانات الجيش الإسرائيلي، قتل 878 عسكريا بين ضباط وجنود منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. يذكر أن الحرب التي اندلعت في قطاع غزة عقب هجوم نفّذته حركة حماس ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل 55998 شخصا في قطاع غزة، غالبيتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة في غزة.

ويتكوف: المحادثات بين أمريكا وإيران واعدة
ويتكوف: المحادثات بين أمريكا وإيران واعدة

أرقام

timeمنذ ساعة واحدة

  • أرقام

ويتكوف: المحادثات بين أمريكا وإيران واعدة

قال ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط أمس الثلاثاء إن المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران "واعدة" وإن واشنطن تأمل في التوصل إلى اتفاق سلام طويل الأمد. وقال ويتكوف في مقابلة مع فوكس نيوز "إننا نتحدث بالفعل مع بعضنا البعض، ليس فقط بشكل مباشر ولكن أيضا عبر وسطاء. أعتقد أن المحادثات واعدة. ونأمل أن نتمكن من التوصل إلى اتفاق سلام طويل الأمد ينهض بإيران". وأضاف "يتعين علينا الآن الجلوس مع الإيرانيين والتوصل إلى اتفاق سلام شامل، وأنا واثق للغاية في أننا سنحقق ذلك".

البرنامج النووي الإيراني تراجع شهرين فقط.. مصادر ترجح
البرنامج النووي الإيراني تراجع شهرين فقط.. مصادر ترجح

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

البرنامج النووي الإيراني تراجع شهرين فقط.. مصادر ترجح

على الرغم من نفي الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريقه، كافة التقارير التي أشارت إلى عدم تدمير الضربات الأميركية التي طالت 3 منشآت نووية إيرانية البرنامج النووي الإيراني، فقد أكد مصدر مطلع أنه لم يتم القضاء على مخزونات اليورانيوم المخصب في إيران. وقال المصدر الذي لم يكشف عن هويته لمناقشة أمور سرية، إن الضربات ربما أخرت البرنامج النووي الإيراني شهرا أو شهرين فقط، حسب ما نقلت وكالة رويترز. فيما كشفت ثلاثة مصادر مطلعة أن تقييما أوليا للمخابرات الأميركية خلص إلى أن الهجمات الأميركية التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية مطلع الأسبوع، أخرت برنامج طهران النووي بضعة أشهر فقط. وذكر اثنان من المصادر أن التقرير الأولي أعدته وكالة مخابرات الدفاع، ذراع المخابرات الرئيسية لوزارة الدفاع (البنتاغون) وواحدة من 18 وكالة مخابرات أميركية. خلاف كبير فيما كشف أحد المصادر أن التقييم لم يكن مقبولا بشكل عام وأثار خلافا كبيرا. لاسيما أن هذا التقييم السري يتعارض مع تصريحات الرئيس دونالد ترامب ومسؤولين أميركيين كبار، منهم وزير الدفاع بيت هيغسيث، إذ قالوا إن هجمات مطلع الأسبوع، التي استخدمت مزيجا من القنابل الخارقة للتحصينات والأسلحة التقليدية، قضت على أساس البرنامج النووي الإيراني. وقال ترامب إن الهجمات كانت ضرورية لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، مضيفاً أن المواقع النووية المهمة "قُضي عليها تماما وبصورة كاملة". كما ذكر هيغسيث، يوم الأحد، أن الهجمات "محت" طموحات إيران النووية. في حين وصف المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، تسريب هذا التقييم السري بالخيانة، داعيا إلى محاسبة المسربين. وقلل من أهمية التقارير التي أشارت إلى ضآلة أثر الضربات الأميركية على المنشآت الإيرانية، معتبراً أنها سخيفة. مهمة صعبة في المقابل، رأى بعض الخبراء أنه من المتوقع أن يكون تقييم الأضرار التي لحقت بالمواقع النووية في فوردو وأصفهان ونطنز مهمة صعبة، علماً أن وكالة المخابرات الدفاعية ليست الوكالة الوحيدة المكلفة بهذه المهمة، وفق رويترز. وفي السياق، أكد مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة لا تعرف مدى الضرر حتى الآن. في المقابل، أكد عدة مسؤولين إيرانيين أن البرنامج النووي لم يتوقف. وأعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي ، أمس الثلاثاء، أن بلاده اتخذت ترتيبات مسبقة لاستعادة عمل القطاع النووي وإصلاحه. وقال في تصريح للتلفزيون الرسمي "اتخذنا التدابير اللازمة مسبقاً، ونقيم الآن حجم الأضرار، وكانت الاستعدادات لإعادة تأهيل (المنشآت النووية) جزءاً من خطتنا، ويتمثل هدفنا في تفادي أي تعطيل بعمليات الإنتاج أو الصيانة". إلا أن ترامب عاد وكرر مجددا، اليوم الأربعاء، أن المواقع النووية الإيرانية دمرت بالكامل، وذلك رداً على التقييم الاستخباراتي. وكانت الولايات المتحدة ألقت نحو 12 قنبلة ضخمة تزن 30 رطلاً على منشأة فوردو الشديدة التحصين، السبت الماضي، كما ضربت منشأتي نطنز وأصفهان، بعد أيام من الحرب والمواجهات المباشرة غير المسبوقة بين إسرائيل وإيران. ليعلن ترامب وبشكل مفاجئ، أمس الثلاثاء، وقف إطلاق النار بين البلدين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store