
آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي بين سورية وتركيا في هذه القطاعات.. إليك التفاصيل
الرسوم الجمركية
ضمن اتفاقية التجارة الحرة، وارتفع حجم التبادل التجاري حينها إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار، قبل أن يتراجع بشكل كبير مع اندلاع الثورة السورية وتجميد العلاقات مع نظام الأسد. وتتوسع حالياً مجالات التعاون الاقتصادي بين الطرفين، سواء على مستوى الحكومات أو قطاع الأعمال، لتشمل النقل البري والبحري والجوي، إلى جانب نقل الخبرات التركية في مجالات الصناعة، البنية التحتية، وتجهيز المرافق الخدمية.
في هذا السياق، بحث وزير الاقتصاد والصناعة السوري، محمد نضال الشعار، مع السفير التركي في دمشق، بورهان كور أوغلو، اليوم، سبل تعزيز
التعاون الاقتصادي
، مع التأكيد على إعادة تفعيل المجلس الاقتصادي السوري - التركي المشترك. وبحسب بيان صادر عن وزارة الاقتصاد السورية، تناول اللقاء آليات دعم
التبادل التجاري
وتوسيع التعاون الصناعي، إضافة إلى مناقشة تشكيل مجلس مشترك لرجال الأعمال لتسهيل التواصل بين القطاع الخاص في البلدين، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة لإطلاق مشاريع مشتركة، وتسهيل حركة رجال الأعمال وتبادل السلع والخدمات. وأكد الطرفان الدور المحوري للقطاع الخاص في
إعادة إعمار
سورية وتحفيز النمو الاقتصادي، مشددين على أهمية تفعيل التنسيق من خلال المجالس الاقتصادية المشتركة، بما يخدم المصالح المتبادلة ويعزز الاستقرار في المنطقة.
تعاون بحري وخطط لتشغيل الموانئ بين سورية وتركيا
وفي تطور آخر، أعلنت المديرية العامة للملاحة البحرية التركية، التابعة لوزارة النقل والبنية التحتية، عن بدء تعاون رسمي مع هيئة الملاحة البحرية السورية، يهدف إلى تعزيز الشراكة في مجالات الموانئ والنقل البحري. ووفق بيان صادر عن المديرية عبر منصاتها الرسمية اليوم، فقد تم الاتفاق، خلال اجتماع افتراضي مشترك، على خطوات عملية لإعادة تأهيل وتشغيل الموانئ السورية، وتفعيل خطوط النقل البحري من نوع "رورو" (Ro-Ro)، أو نقل الشاحنات البرية على متن السفن بحرًا، بين الموانئ التركية والسورية.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
بعد 15 عاماً من القطيعة... النسيج التركي يشق طريقه إلى سورية
كما شمل الاتفاق إدخال أنظمة رقمية متقدمة لتحسين جودة الخدمات وتسهيل الإجراءات التشغيلية في الموانئ السورية. ومن المقرر عقد اجتماع تقني حضوري خلال الشهر الجاري في مدينتي مرسين وإسكندرون التركيتين، لمتابعة المباحثات الفنية وتفصيل الاتفاقات التي تم التوصل إليها.
آراء الخبراء في العلاقات السورية التركية اقتصادياً
وعلى ضوء هذه التطورات، يرى محروس الخطيب، المدير السابق للنقل في محافظة إدلب، أن تركيا تملك خبرة متقدمة في قطاع النقل، ومن المفيد لسورية الاستفادة منها لتحقيق المنفعة المشتركة. لكنه أشار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى وجود حالة من الغموض في الاتفاقات الجارية، خاصة في ظل وجود اتفاقيات سابقة، منها مذكرة تفاهم مع شركة موانئ دبي لاستثمار مرفأ طرطوس بقيمة 800 مليون دولار، وأخرى مع شركة CMA-CGM الفرنسية لتشغيل محطة الحاويات في طرطوس لمدة 30 عامًا. وحول خطوط "رورو"، أوضح الخطيب أنها تتعلق بنقل المركبات والحمولات عبر السفن، إلا أنه اعتبر هذا الخيار غير مجدٍ في الحالة السورية–التركية، نظراً لفاعلية النقل البري من حيث التكلفة والسرعة، بسبب قرب الحدود البرية.
وعلى الجانب التركي، يرى المحلل إسلام أوزكان أن تركيا "تمد يدها لسورية في جميع القطاعات"، مشددًا على أن دمشق أمامها فرص حقيقية للاستفادة من هذا الانفتاح. ورفض أوزكان الاتهامات بأن الصادرات التركية تضر بالصناعة السورية، معتبراً أن المنافسة ستسهم في تقوية الصناعات المحلية، خاصة أن سورية تمتلك مزايا كبيرة، مثل وفرة المواد الأولية، ورخص اليد العاملة، والدعم الدولي المتوقع. وتوقع أوزكان أن يتجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين حاجز 5 مليارات دولار خلال العام الجاري، وأن يشهد ارتفاعًا تدريجيًا في السنوات المقبلة مع انطلاق مشاريع إعادة الإعمار وتزايد الحاجة السورية للمواد المختلفة.
هذا وبلغ حجم التبادل التجاري بين سورية وتركيا عام 2010 حوالي 2.5 مليار دولار، منها 1.84 مليار دولار صادرات تركية، و660 مليون دولار واردات سورية، وفق ما أعلن وزير التجارة التركي عمر بولاط. ومع تدهور العلاقات خلال سنوات الحرب، انخفضت هذه الأرقام إلى حدودها الدنيا في مناطق سيطرة النظام، في حين استمر النشاط التجاري مع المناطق المحررة، وبلغ التبادل التجاري عام 2024 حوالي 2.538 مليار دولار، منها 2.2 مليار دولار صادرات تركية، و438 مليون دولار واردات. وكانت اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين عام 2007 قد علّقت مع اندلاع الثورة عام 2011، إلا أن مراقبين يتوقعون استعادة العمل بها وربما تطويرها، بما يخدم مصالح الجانبين في المرحلة المقبلة، خاصة مع الانفتاح الإقليمي المتسارع على الملف السوري.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
وكالة فرانس برس تعتزم تخفيض عدد موظفيها
عرض رئيس مجلس إدارة وكالة فرانس برس (أ ف ب)، الجمعة، خططه لخفض تكاليف الوكالة من خلال برنامج للتقاعد المبكر وتقليص الإنفاق على الصحافيين في الخارج. وحذّر فابريس فريس، الشهر الماضي، من أن الوكالة في حاجة إلى توفير ما بين 12 و14 مليون يورو (13.8 و16.1 مليون دولار) بحلول نهاية عام 2026 بسبب انخفاض الإيرادات. في حديثه مع ممثلين للموظفين، الجمعة، قال إنه يأمل في توفير ما بين أربعة وخمسة ملايين يورو سنوياً من خلال برنامج للتقاعد المبكر سيترك بموجبه 50 إلى 70 موظفاً العمل بدون تعيين بدائل لهم. وأضاف أن التكاليف المرتبطة بشبكة الصحافيين في الخارج في وكالة فرانس برس ستُخفض أيضاً بنحو 3 ملايين يورو سنوياً، أي ما يعادل نحو 10% من إجمالي التكاليف. وسيتحقق ذلك عبر تقليل عدد الوظائف التي تتطلب مزايا خاصة بالصحافيين في الخارج، والتي تشمل عادةً بدل سكن ورسوماً مدرسية. وقال فريس إن "وكالة فرانس برس ملتزمة بمسألة الصحافيين في الخارج"، ولكن "ليس بأي ثمن"، لافتاً إلى أن أجر صحافي متمرس يعمل في ألمانيا مع ما يتلقاه من مزايا يعادل أجر أربعة صحافيين محليين في بداية مسيرتهم المهنية. وأوضح أن إجراءات خفض التكاليف تتطلب "تمويلاً خارجياً". وقد يعني ذلك الحصول على قرض من الدولة الفرنسية أو إعادة جدولة أقساط ديون قائمة أو قرضاً مصرفياً. وتأثرت وكالة فرانس برس التي تعد من أكبر وكالات الأنباء في العالم، بالتباطؤ العالمي المستمر في قطاع الإعلام، بالإضافة إلى عدة عوامل قصيرة الأجل. أوضح فريس الشهر الماضي أن المخاوف من الركود العالمي دفعت العديد من المشتركين إلى "الانتظار والترقب"، أو الى تأجيل قرارات الاستثمار أو خفض ميزانياتهم. كما أثرت اقتطاعات التمويل التي أعلنتها الحكومة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب على مشتركي "فرانس برس". إعلام وحريات التحديثات الحية حكم بسجن الصحافي محمد بوغلاب لمدة عامين في تونس وفي هذا الصدد، أشار فريس الشهر الماضي إلى إلغاء شركة ميتا (مالكة منصات فيسبوك وإنستغرام وواتساب) برنامجها لتقصي صحة الأخبار في الولايات المتحدة الذي شاركت فيه وكالة فرانس برس، وكذلك "الإنهاء المفاجئ" للعقد مع إذاعة صوت أميركا العامة التي تسعى إدارة ترامب إلى تفكيكها. وبعد سبع سنوات من النمو المتواصل ستنخفض "الإيرادات التجارية" لوكالة فرانس برس هذا العام بنحو ثمانية ملايين يورو عن توقعات الميزانية، بحسب الإدارة. في العام 2024 حققت وكالة فرانس برس ربحاً صافياً قدره 200 ألف يورو، وبلغ حجم إيراداتها 326,4 مليون يورو. إضافة إلى إيراداتها التجارية، تتلقى الوكالة تعويضات من الحكومة الفرنسية عن التكاليف المرتبطة بمهامها ذات المصلحة العامة (118,9 مليون يورو في 2024). الجدير ذكره أن وكالة فرانس برس هي إحدى وكالات الأنباء العالمية الثلاث إلى جانب وكالتي أسوشييتد برس ورويترز. توظف الوكالة 2600 متعاون من 100 جنسية، وتُقدّم أخباراً بست لغات. تُدار الوكالة بنظام خاص، فهي ليست شركة عامة، وليس لها مساهمون، وعملاؤها وبينهم الحكومة الفرنسية أعضاء في مجلس إدارتها. (فرانس برس)


القدس العربي
منذ 11 ساعات
- القدس العربي
أطلس مصر المعاصرة… مهاجرون ولاجئون وعنوسة
يُعد كتاب أطلس مصر المعاصرة، الصادر عن المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، بنسختين إنكليزية وفرنسية، تحرير هالة بيومي وكارين بن نافلة، مدخلا جيدا لقراءة تاريخ مصر في المئة سنة الأخيرة. وما يميز الأطالس عادة أنها لا تعتمد على السرد الطويل، بل على تكثيف المعلومات والتطرق لأهم الزوايا. وهذا ما ينطبق على هذا الكتاب؛ إذ يكتشف المتجوّل بين صفحاته، أنه أمام صور اجتماعية غنية وقريبة من الحياة في مصر. وقد زاد من غنى الكتاب الصور والخرائط المنشورة فيه، التي عادة ما تكون أساس هذا النوع من الكتب. تناول الكتاب عدة موضوعات، من السياسة وظهور محمد علي باشا في القرن التاسع عشر، إلى حياة الزبّالين وعملهم. وهذا ما يوفّر للقارئ مساحة واسعة ومكثفة وغنية بالمعلومات والتحليلات. وإذا حاولنا تكثيف الصورة التي يرسمها عن مصر، يمكن القول إنها صورة قلقة، لمجتمع واسع يشعر بالتهميش والفقر، وبأزمات اجتماعية لا تنتهي. كان عام 1956 عاما حاسما في تاريخ مصر المعاصر. فقد شهد اعتماد دستور جديد عبر استفتاء شاركت فيه النساء لأول مرة، وتولي جمال عبد الناصر الرئاسة، وانسحاب آخر القوات البريطانية إيذانا ببدء الاستقلال الحقيقي، وتأميم قناة السويس الذي أشعل فتيل الحرب. أثرت حرب السويس على التنوع الثقافي في البلاد من خلال الرحيل الجماعي لليهود، وجاليات أجنبية أخرى. ففي نوفمبر/تشرين الثاني، صنّفت وزارة الشؤون الدينية يهود مصر «أعداء الدولة» وغادر ما بين 25 ألفا و40 ألف شخص، تاركين ممتلكاتهم وأعمالهم. صودرت ممتلكات البريطانيين والفرنسيين، وأصبحت الإسكندرية، لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط، تجسيدا للحنين إلى ماضٍ متعدد الثقافات فقد مع نفي الأجانب. مقابل هذا النزوح، شهدت مصر لاحقا سلسلة من الهجرات، أصبحت البلاد بلدا للهجرة خلال القرن العشرين، مستغلة مخزونها من العمالة وسياسات التعريب في الدول المستقلة حديثا. وبعد ثورة 1952 شجّع ناصر الهجرة إلى دول الكتلة الشرقية، مستغلا الحراك كأداة سياسية. ومنذ السبعينيات، بدأت موجة هجرة متزايدة مع وصول السادات إلى السلطة، وتشبّع القطاع العام بالوظائف. شجعت الحكومة الهجرة في وقت شهدت فيه المنطقة طفرة نفطية وطلبا متزايدا على العمالة، وسُهّل الحصول على جواز سفر اعتبارا من عام 1974. وتعاملت الدولة مع الهجرة كأداة استراتيجية سياسية واجتماعية واقتصادية. وقد ارتفع متوسط تحويلات مدخرات المهاجرين إلى 3.229 مليار دولار سنويا بين 1979 و1989 ما جعل مصر الأولى عربيا في التحويلات المالية. كما شهدت التسعينيات تجددا للهجرة إلى مصر، خاصة من اللاجئين الفارين من السودان وإثيوبيا وإريتريا، ومؤخرا من العراق وسوريا. شاركت في إدارة هؤلاء اللاجئين كل من الدولة ووكلاء خارجيين، وعلى رأسهم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وقد أدت الحروب الأهلية في إثيوبيا (1961-1991) والصومال (من عام 1991 والسودان إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين عبر الحدود الجنوبية. حتى عام 2013 كان السودانيون يمثلون أكبر عدد من طالبي اللجوء، إلى أن أدى وصول مئات الآلاف من السوريين إلى تغيير جذري في المشهد الإنساني للمفوضية. يتوقف الأطلس عند حالة المهاجرين النوبيين في القاهرة، وهي تجربة قديمة بدأت بالنزوح الريفي، وصاحبتها معاملة سيئة وعنصرية مثل ألقاب شوكولاتة. وقد تمركزت في أحياء عابدين وبولاق وإمبابة، هجرة الذكور النوبيين، الذين عُرفوا بالنظافة والصدق، وعملوا غالبا في منازل العائلة المالكة، يُضطر المهاجرون القسريون إلى مواجهة مأسسة العمل غير الرسمي، بما يرافقها من إدارة أمنية ونهج تعسفي يميز الأنظمة الاستبدادية، ويواجهون عزلة اجتماعية من الدولة، ما يضطرهم إلى تبنّي استراتيجيات للتكيّف والبقاء، خاصة من خلال التجمّع في جيوب حضرية تشبه أحيانا أحياء معزولة مثل، سوريا الصغيرة. وتُسهم هذه الجيوب في إعادة تنظيم الحياة اليومية من خلال تقديم الدعم المادي والنفسي وتوفير أماكن للتفاعل الاجتماعي، وتشكل صراعاتهم مع السكان المحليين، إلى جانب كراهية الأجانب والعنصرية، جزءا من حياتهم اليومية. وعلى صعيد الزواج والجنس، يتطرق الأطلس للأنماط المعروفة في التحول الديموغرافي، إذ لا تزال مصر في نهاية المرحلة الثانية: فقد انخفض معدل الوفيات، خاصة بين الأطفال، بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية، بينما لم تنخفض الخصوبة. وفي بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ارتفع معدل الخصوبة الإجمالي مجددا، متجاوزا 3.5 ما أدى إلى زيادة الضغط البشري على الموارد الطبيعية، والتوسع الحضري على حساب الأراضي الزراعية، والضغط على الخدمات العامة، وزيادة الطلب على المياه والغذاء والعمل والسكن، وهي عوامل إن تُركت دون معالجة قد تؤدي إلى السخط الاجتماعي والاحتجاج. في عام 2017 كانت نسبة العازبات من النساء فوق سن 18 عاما 17% فقط، مقابل 30.7% من الرجال. هذا الفارق، الناتج عن الكلفة المالية لتأمين المهر والسكن، يُطيل فترة انتظار الشباب، ويُسهم في تغييرات ملحوظة، لاسيما في المدن، في السلوكيات الجنسية المُدانة أخلاقيا، مثل: النشاط الجنسي قبل الزواج، والزواج غير الرسمي أي العرفي. حياة الزبّالين يمتاز الأطلس بتركيزه على زوايا مهمشة غالبا ما تُهمل في الدراسات المحلية. فمثلا، يُخصص أحد فصوله لحياة الزبّالين. منذ منتصف القرن العشرين، كان الزبّالون يجمعون نفايات القاهرة المنزلية والتجارية من باب إلى باب، باتباع طرق وراثية وتقسيمات إقليمية. كانوا يربّون الخنازير على النفايات العضوية في حظائر تُسمى «الزرايب»، ويفرزون المواد القابلة لإعادة التدوير كالورق والكرتون والبلاستيك والمعادن والزجاج لإعادة بيعها. يُعدّ الزبّالون جزءا من القطاع «غير الرسمي»، ويركّزون على الأحياء الثرية، ويتعاملون أحيانا مباشرة مع الشركات والمطاعم والفنادق والمتاجر. تغيّر دور الزبّالين منذ الثمانينيات بسبب تطور أنشطة إعادة التدوير وتعقيدها، ووصول شركات إدارة النفايات الأجنبية في مطلع الألفية. وبعد التدخلات الإنسانية، أصبح الزبّالون محورا لبرامج تنموية عدّة، ركزت على كفاءتهم في إعادة التدوير وتقديمهم خدمة منخفضة التكلفة، لكن السلطات غالبا ما ترى في الزبّالين صورة سلبية عن مصر وظروفها الصحية. وتُعد عربات الحمير ـ التي مُنعت عدة مرات دون جدوى ـ رمزا لهذا الجدل، وقد استُبدلت إلى حد كبير بشاحنات البيك آب. ورغم أهمية الزبّالين، فإن نظام جمع القمامة في القاهرة يتجاوز نطاق عملهم. في مطلع الألفية الثانية، أبرمت السلطات المصرية عقودا لمدة 15 عاما مع شركات خاصة لإدارة النفايات. وبموجب هذه العقود، التي تُموّل عبر ضريبة مضافة إلى فواتير الكهرباء، ركزت هذه الشركات على الأماكن العامة، والأحياء الفقيرة والنفايات عديمة القيمة التجارية، أدى تطبيق هذا النظام إلى تعاقد عدد من الزبّالين من الباطن مع هذه الشركات، التي استُبدلت لاحقا بشركات محلية. لكن ذلك لم يمنع الزبالين من البحث عن أساليب أخرى من أجل الاستمرار في العيش، في بلد تزداد تعقيداته يوما بعد يوم.


القدس العربي
منذ 16 ساعات
- القدس العربي
لوفيغارو: وقف إطلاق النار في غزة معلّق رغم لقاءات ترامب ونتنياهو
باريس- 'القدس العربي': تحت عنوان: وقف إطلاق النار في غزة معلّق رغم لقاءات ترامب ونتنياهو، قالت صحيفة 'لوفيغارو' الفرنسية إنه رغم الضغوط التي مارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائين في واشنطن، وعلى حركة حماس، فإن الهدنة التي تمتد لستين يوماً لم تُبرم بعد. 'هيا، يمكنك فعلها'.. بهذه العبارة شجع دونالد ترامب بنيامين نتنياهو المتردد على الوصول إلى خط النهاية. هذا الرسم الذي نُشر في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية يُجسّد إحباط الرئيس الأمريكي إلى حد ما. فخلافا لما أوحى به، لم يتم الإعلان عن أي اتفاق بشأن وقف لإطلاق النار لمدة ستين يومًا ولا عن الإفراج، في مرحلة أولى، عن 18 من أصل 50 رهينة تحتجزهم حركة حماس، تُشير 'لوفيغارو'. وقد بذل الرئيس الأمريكي جهودًا شخصية، إذ استقبل 'بيبي' مرتين في البيت الأبيض، وطلب في الوقت نفسه من حماس تليين مواقفها خلال محادثات جرت في قطر، تضيف الصحيفة الفرنسية، مشيرة إلى ما قاله ترامب: ' أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل'، معترفًا في الوقت نفسه بأنه ' لا يوجد شيء نهائي بشأن الحرب في غزة'. أما نتنياهو، فكان حذرًا وسعى جاهدًا لتجنب إثارة ترامب. وأكد أن الأخير 'لا يريد، مثله، اتفاقًا بأي ثمن'، مضيفًا: 'لدى إسرائيل متطلبات أمنية ومطالب أخرى، ونحن نعمل معًا'. ووفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية، شدد نتنياهو على أن الرئيس الأمريكي لم يمارس أي ضغط عليه. ومن المؤشرات 'المشجعة' من وجهة نظره: في الوقت الذي تتواصل فيه المعارك والدمار الهائل في قطاع غزة – حيث قُتل جندي إسرائيلي، وسقط 13 فلسطينيًا بينهم نساء وأطفال خلال ساعات قليلة – قامت الولايات المتحدة بتزويد إسرائيل بعشرات الجرافات من طراز C-9 من شركة كاتربيلر. هذه الآليات، التي ستُزوّد بأسلحة، تُستخدم لهدم منازل يُعتقد أنها تؤوي مقاتلين من حماس، وكانت إدارة جو بايدن قد جمّدت إرسال هذه المعدات سابقًا، معتبرة أن الجيش الإسرائيلي يستخدمها بشكل مفرط ضد المدنيين الفلسطينيين، تُذكِّر 'لوفيغارو'. وأفادت وزارة الدفاع الإسرائيلية بأنه منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، عقب المجازر التي ارتكبتها كتائب حماس في جنوب إسرائيل، تم تسليم 100 ألف طن من الأسلحة والمعدات العسكرية، معظمها من الولايات المتحدة، عن طريق الجو والبحر. وفي نهاية يونيو، زودت الولايات المتحدة إسرائيل بقنابل بقيمة 500 مليون دولار. السؤال المطروح الآن هو، وفق 'لوفيغارو': هل سيستمر هذا الدعم غير المشروط في حال فشل المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار؟ .. الأمر المؤكد الوحيد هو وجود نقاط خلاف كثيرة، أبرزها مدى انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة خلال فترة الستين يومًا. ويريد نتنياهو الحفاظ على السيطرة على ممر يفصل جنوب القطاع حيث من المفترض إنشاء 'مدينة إنسانية' محاصرة من قبل الجيش الإسرائيلي، يُنقل إليها نحو 600 ألف فلسطيني بعد إخضاعهم لتفتيش دقيق، في أطلال رفح قرب الحدود المصرية، تقول 'لوفيغارو'. ومضت الصحيفة موضحة أنه بمجرد دخولهم هذا القطاع، لن يتمكن اللاجئون من مغادرته. والهدف من ذلك هو تقليل عدد السكان في شمال القطاع إلى الحد الأدنى لتجنب عمليات إطلاق نار أو تسلل من هذه المنطقة باتجاه جنوب إسرائيل، ولتسهيل ملاحقة أعضاء الجناح المسلح لحماس. وتطالب الحركة الإسلامية أيضًا بأن تتولى الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية إدارة المساعدات الإنسانية، وسحب هذه المهمة من مؤسسة 'غزة الإنسانية'، التي تموّلها إسرائيل والولايات المتحدة، والتي تهدف إلى منع حماس من السيطرة مجددًا على هذه المساعدات الحيوية لسكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة واستخدامها لتعزيز نفوذها الشعبي. كما تسعى حماس إلى الحصول على التزام من ترامب بعدم استئناف الهجوم الإسرائيلي بعد انتهاء فترة الستين يومًا، وبدء محادثات 'جدية' فورًا بعد هذه الفترة لوضع حد للحرب. إلا أن هذا السيناريو مرفوض تمامًا من قبل بنيامين نتنياهو، الذي يعتبر القضاء الكامل على حركة حماس أولوية قصوى، توضح 'لوفيغارو'. ورغم ذلك، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية يوم الخميس أن 'بادرة' تمثلت في موافقة إسرائيل على أن تبدأ قطر ودول أخرى بتعبئة الأموال لإعادة إعمار قطاع غزة المدمر بالكامل فور دخول أي اتفاق لوقف إطلاق النار حيز التنفيذ، كما تطالب حماس. كما عبر نتنياهو مساء الخميس عن استعداده للتفاوض حول وقف دائم لإطلاق النار خلال فترة الهدنة. أما ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط، والمقرب منه، فما يزال يُبدي تفاؤلًا حذرًا ويشير إلى وجود تقدم، ولو محدود، لأن إسرائيل وحماس تسيران على حافة الهاوية. كلا الطرفين يحاول تفادي المواجهة مع الرئيس الأمريكي برفض صارم لأي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار – تقول 'لوفيغارو' – لكن من الصعب جدًا التوصل إلى اتفاق ما دامت إسرائيل وحماس تتمسكان بمواقف غامضة على شاكلة 'نعم ولكن'، تعيق أي اختراق حقيقي، على الأقل في الوقت الراهن. ويزداد الوضع تعقيدًا بسبب هامش المناورة الضيق الذي يملكه نتنياهو داخليًا، في ظل تهديد وزراء من أحزاب اليمين المتطرف بزعزعة الحكومة في حال تقديم أي تنازل لحركة حماس، تختتم 'لوفيغارو'.