
هل يتجه الدولار لمزيد من الانخفاض عالمياً: بنك إنكلترا يتحسب لمخاطر العملة الأميركية
بنك إنكلترا
(المركزي البريطاني) من البنوك العاملة في البلاد اختبار قدرتها على الصمود أمام صدمات محتملة تتعلق بالدولار، وذلك في أحدث مؤشر على أن سياسات إدارة الرئيس الأميركي
دونالد ترامب
تؤدي إلى تآكل الثقة في الولايات المتحدة باعتبارها حجر الأساس للاستقرار المالي.
وباعتباره العملة الرئيسية للتجارة العالمية وتدفقات رؤوس الأموال، فإن الدولار هو شريان الحياة للتمويل العالمي. ومع ذلك، فإن ابتعاد ترامب عن السياسة الأميركية الراسخة منذ زمن بعدة مجالات منها التجارة الحرة والدفاع قد أجبر صناع السياسات على النظر فيما إذا كان من الممكن الاعتماد على التوفير الطارئ للدولار في أوقات الأزمات المالية. وفي حين قال مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) إن البنك يريد الاستمرار في توفير الدولار في النظام المالي، دفعت تحولات سياسة ترامب الحلفاء الأوروبيين إلى إعادة النظر في اعتمادهم على واشنطن.
الدولار مقوّم بأعلى من قيمته
من جانبه، أرجع بنك قطر الوطني في تقريره الأسبوعي، هذا الانخفاض إلى تقلّص تفوق الأداء الاقتصادي الأميركي، والمبالغة في تقييم الدولار، والتراكم الهائل للأصول غير المقيمة في الولايات المتحدة، مرجحاً أن تتطلب عملية التنظيم الأمثل لتعديلات العملة تعاوناً عالمياً كبيراً على مستوى الاقتصاد الكلي، وقال التقرير وفقاً لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إنه لا يوجد سوق يضاهي سوق صرف العملات الأجنبية، فمع حجم تداول يومي يتجاوز 7.5 تريليونات دولار، يُعد سوق صرف العملات الأجنبية أكبر وأكثر فئات الأصول المالية سيولة في العالم.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
استقلالية البنوك المركزية محور البيان الختامي لمجموعة العشرين
ولفت التقرير إلى أن الانخفاض الحاد في قيمة مؤشر الدولار يمثل أسوأ بداية عام للعملة الأميركية منذ عام 1973، عندما هندس الرئيس ريتشارد نيكسون عملية فكّ ارتباط الدولار بالذهب، ما أدى إلى انخفاض كبير في قيمة العملة.
وانخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من ستّ عملات رئيسية إلى 98.25 في نهاية تعاملات الأسبوع أمس الجمعة،
كما شمل الانخفاض الأخير في قيمة مؤشر الدولار جميع العملات الرئيسية ضمن سلة المؤشر، وهي: اليورو، والين الياباني، والجنيه الإسترليني، والدولار الكندي، والكرونة السويدية، والفرنك السويسري.
ورأى التقرير أن التحرك الحاد وتوسيع مراكز المتداولين قد يؤديان إلى تراجع في الدولار على المدى القصير، مرجحاً أن تكون الظروف مهيأة لمزيد من انخفاض قيمة الدولار على المديين المتوسط والطويل، مستنداً إلى ثلاث حجج رئيسية، أولها توقع أن تضيق الفجوة الكبيرة في النمو بين الولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة الرئيسية الأخرى كثيراً خلال السنوات القادمة، ما يخفف فعلياً مما يسمى بالاستثناء الأميركي.
وسيضيق فارق نمو الناتج المحلي الإجمالي بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، الذي كان لصالح الولايات المتحدة بمتوسط سنوي قدره 220 نقطة أساس خلال السنوات القليلة الماضية، إلى 70 نقطة أساس خلال الفترة 2025-2027، ومن المتوقع أن يعزّز هذا الأمر قوة اليورو مقابل الدولار، ما يدفع مؤشر الدولار إلى مزيد من الانخفاض، إذ يمثل اليورو 57.6% من سلة عملات مؤشر الدولار.
واعتبر التقرير في الحجة الثانية، أن تقييم الدولار مبالغ في قيمته ويحتاج إلى تعديل. وتشير صورة أسعار الصرف الفعلية الحقيقية لشهر مايو/أيار 2025 إلى أن الدولار هو بالفعل العملة الأكثر مبالغة في قيمتها في العالم المتقدم، بأكثر من 17% من "قيمته العادلة" الافتراضية. وبالتالي، يُتوقع أن تتكيّف العملة مع الأسعار العادلة على المدى المتوسط.
و تشير مراكز الأصول المالية العابرة للحدود إلى أن إعادة التوازن الهيكلي لتخصيصات رأس المال العالمية قد تحفّز موجة كبيرة من تدفقات رؤوس الأموال الخارجة من الولايات المتحدة وفق الحجة الثالثة التي أوردها التقرير. وتُعد الولايات المتحدة حالياً مديناً صافياً كبيراً لبقية العالم، إذ يبلغ صافي وضع الاستثمار الدولي رقما سلبياً بمقدار 24.6 تريليون دولار، كما تدهورت الصورة بحدة، إذ تطوّر صافي وضع الاستثمار الدولي للولايات المتحدة من رقم سلبي هامشي بلغ حوالى 9% من الناتج المحلي الإجمالي في بداية الأزمة المالية العالمية إلى 88% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام الماضي.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
دول و6 قطاعات في مرمى الرسوم الجمركية الأميركية... تعرّف إليها
ويشير هذا الوضع إلى أن الولايات المتحدة هي البلد الذي تتركز فيه معظم الاختلالات الاقتصادية العالمية. ويبدو أن هذا المستوى من التعرض المتبادل بدأ يصبح مزعجاً لكل من الدائنين والمدينين، ما يتطلب تعديلات كبيرة. وهذا من شأنه أن يتطلب المزيد من تدفقات رأس المال الخارجة من الولايات المتحدة في عملية تستغرق سنوات عديدة، ما يسبب ضغوط بيع إضافية على الدولار.
بنك إنكلترا يتحسب لمخاطر مرتبطة بالدولار
في السياق، قالت ثلاثة مصادر لوكالة رويترز، إنّ بنك إنكلترا طلب من بعض البنوك اختبار قدراتها على الصمود أمام صدمات محتملة تتعلق بالدولار، وقال مصدر مطلع ، إنه في أعقاب مطالب مماثلة من مشرفين أوروبيين، طلب بنك إنكلترا من بعض البنوك تقييم خططها التمويلية بالدولار ودرجة اعتمادها على العملة الأميركية، بما في ذلك الاحتياجات قصيرة الأجل.
وأكد مصدر آخر للوكالة ذاتها في تقرير نشرته مساء الجمعة، أنه في إحدى الحالات، طُلب من أحد البنوك العالمية التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها في الأسابيع الماضية إجراء اختبارات داخلية تتضمن سيناريوهات يمكن أن تجفّ فيها سوق مقايضة الدولار تماماً. وقال ريتشارد بورتس، أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للأعمال والرئيس السابق للجنة العلمية الاستشارية للمخاطر النظامية الأوروبية التابعة للمجلس الأوروبي للمخاطر النظامية، إنه "في حالة حدوث أزمة تمويل عالمية بالدولار، ربما يتردد البنك المركزي الأميركي في تقديم مقايضات خوفاً من رد فعل ترامب القوي؛ فأولوية المجلس هي استقلال السياسة النقدية في نهاية المطاف".
وأضاف أنه "يجب على المشرفين على البنوك الأجنبية أن يدفعوا بنوكهم على وجه السّرعة للحد بقوة من الانكشاف على الدولار"، وأشار المصدر إلى أن الذراع الإشرافية لبنك إنكلترا، وهي هيئة التنظيم الاحترازي، قدمت الطلبات على نحوٍ فردي إلى بعض البنوك. وطلبت جميع المصادر المطلعة على طلبات هيئة التنظيم الاحترازي عدم الكشف عن هوياتها لكون المناقشات مع بنك إنكلترا سرية. وأحجم متحدث باسم بنك إنكلترا عن التعليق على هذا التقرير. ورفض التعليق أيضاً ممثلو أكبر البنوك البريطانية ذات الأعمال التجارية الدولية ومنها باركليز وإتش.إس.بي.سي وستاندرد تشارترد.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
الاقتصاد الأميركي بدأ يتأثر برسوم ترامب: تباطؤ وتضخم
وقال متحدث باسم البيت الأبيض لرويترز عبر البريد الإلكتروني "ارتفاعات الأسهم والسندات بالإضافة إلى تريليونات الدولارات من الالتزامات الاستثمارية التاريخية منذ يوم الانتخابات كلها تشير إلى حقيقة أن الأسواق والمستثمرين قد أكدوا مجدداً ثقتهم في الدولار والاقتصاد الأميركي في عهد الرئيس ترامب"، ولم يرد متحدث باسم البنك المركزي الأميركي على طلب للتعليق.
ووفقاً لأحد المصادر، لا يمكن لأي بنك أن يتحمل صدمة كبيرة في المعروض من الدولار لأكثر من بضعة أيام نظراً لهيمنة العملة على النظام المالي العالمي واعتماد البنوك عليها. وفي حال أصبح الحصول على الاقتراض بالدولار أكثر صعوبة وأكثر تكلفة بالنسبة للبنوك، فقد يؤدي ذلك إلى إعاقة قدرتها على الاستمرار في تلبية الطلب على النقد. وفي نهاية المطاف، فإنّ البنك الذي يواجه صعوبة في الحصول على الدولار ربما يفشل في تلبية طلبات المودعين، ما يقوّض الثقة ويؤدي إلى مزيد من التدفقات الخارجة. وعلى الرغم من أن هذا السيناريو يُنظر إليه على أنه متطرّف وغير محتمل، فإنّ الجهات التنظيمية والبنوك لم تعد تعتبر الوصول إلى الدولار أمراً مفروغاً منه.
(قنا، رويترز، العربي الجديد)
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
تراجع الذهب وصعود الدولار وسط انحسار مخاوف الرسوم الجمركية
انخفضت أسعار الذهب في التعاملات المبكرة، اليوم الثلاثاء، متأثرة بانحسار المخاوف بشأن حرب الرسوم الجمركية العالمية وارتفاع الدولار، بينما يركز المستثمرون على اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي للسياسة النقدية بحثاً عن مؤشرات إلى أسعار الفائدة. واجتمع كبار المسؤولين الاقتصاديين الأميركيين والصينيين في ستوكهولم، أمس الاثنين، لإجراء محادثات استمرت لأكثر من خمس ساعات بهدف حل النزاعات الاقتصادية طويلة الأمد التي تشكل محور حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، سعيا لتمديد الهدنة ثلاثة أشهر. وأبرمت الولايات المتحدة اتفاقية تجارية إطارية مع الاتحاد الأوروبي يوم الأحد، وفرضت رسوما جمركية 15% على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، وهو ما من شأنه تجنب حرب تجارية أوسع نطاقا بين الحليفين المسؤولين عما يقرب من ثلث التجارة العالمية. وصفت فرنسا، يوم الاثنين، اتفاقية التجارة الإطارية بأنها "يوم أسود" لأوروبا، قائلة إن الاتحاد الأوروبي رضخ للرئيس الأميركي دونالد ترامب باتفاقية غير متوازنة فرضت رسوما جمركية أساسية 15% على سلع الاتحاد. وقال المستشار الألماني فريدريش ميرز إن اقتصاد بلاده سيعاني أضرارا "كبيرة" بسبب الرسوم الجمركية المتفق عليها. كما يبدأ اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الاتحادي الذي يستمر يومين في وقت لاحق من اليوم الثلاثاء، مع توقعات واسعة النطاق تشير إلى عدم تغيير أسعار الفائدة. تراجع أسعار الذهب وفي أسواق المعادن النفيسة، انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 3308.39 دولارات للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 00.24 بتوقيت غرينتش، وكان قد سجل أدنى مستوى له منذ التاسع من يوليو/تموز في الجلسة السابقة. وانخفضت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.1% إلى 3306.20 دولارات. سيارات التحديثات الحية السيارات الأوروبية وألمانيا الأكثر تضرراً من اتفاق الرسوم واستقر مؤشر الدولار الأميركي قرب أعلى مستوى له في أكثر من أسبوع، وهو ما زاد كلفة الذهب على المشترين من حائزي العملات الأخرى. وانخفضت الفضة في المعاملات الفورية 0.1% إلى 38.12 دولارا للأوقية، وارتفع البلاتين 0.4% إلى 1395.75 دولارا، وتراجع البلاديوم 0.7% إلى 1237.88 دولارا. تراجع اليورو وفي أسواق العملات، تراجع اليورو اليوم الثلاثاء بعدما خلص المستثمرون إلى أن شروط اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تصب في مصلحة الولايات المتحدة ولم تحسن التوقعات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي. وانخفض اليورو 1.3% في الجلسة السابقة، وهو أكبر انخفاض يومي له من حيث النسبة المئوية منذ أكثر من شهرين، على خلفية المخاوف بشأن النمو وانخفاض عوائد السندات الحكومية في منطقة اليورو. وسجل اليورو 1.1594 دولار في أحدث تعاملات. وقال راي أتريل، مدير أبحاث العملات الأجنبية لدى بنك أستراليا الوطني: "لم يمض وقت طويل حتى خلصت الأسواق إلى أن هذه الأخبار التي توصف بشكل عام بأنها جيدة نسبيا لا تزال من الأخبار السيئة في ما يتعلق بتداعياتها على نمو منطقة اليورو على المدى القريب". اقتصاد دولي التحديثات الحية الأميركيون يستثمرون في "ديون الشركات" بدلاً من "ديون الحكومة" وساهم نزول اليورو في صعود الدولار الذي قفز واحدا بالمائة مقابل سلة من العملات خلال الليل. فقد حافظ الدولار على مكاسبه اليوم الثلاثاء، ودفع الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له في شهرين عند 1.3349 دولار. وارتفع الين بشكل طفيف إلى 148.49 يناً للدولار. وسجل مؤشر الدولار 98.67. وانخفض الدولار الأسترالي 0.05% إلى 0.6518 دولار، بينما استقر الدولار النيوزيلندي عند 0.5972 دولار. ولم يشهد اليوان الصيني في الأسواق الخارجية أي تغير يذكر وسجل 7.1813 للدولار. (رويترز، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
20 قتيلاً على الأقل في هجمات روسية على أوكرانيا
أعلنت السلطات في أوكرانيا سقوط 20 قتيلاً على الأقل و40 جريحاً جراء ضربات روسية على البلاد. وقال الجيش الأوكراني في منطقة زابوريجيا في جنوب شرقي أوكرانيا، وحاكم المنطقة، اليوم الثلاثاء، إن الضربات التي شنتها روسيا خلال الليل الفائت على منشأة إصلاحية في المنطقة، أسفرت عن مقتل 16 شخصاً وإصابة 35 آخرين على الأقل. وكتب الحاكم إيفان فيدوروف على "تليغرام" أن مباني المنشأة دُمّرت، كما تضررت المنازل القريبة. وقُتل وأصيب آخرون في هجمات على منطقة دنيبروبيتروفسك، وفقاً لمسؤولين في الحكومة الإقليمية. وصرح رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية سيرغي ليساك عبر "تليغرام" أن هجوماً صاروخياً على مدينة كاميانسكي أسفر عن مقتل شخصين وإصابة خمسة آخرين وإلحاق أضرار بمستشفى. وأضاف أن شخصاً آخر قُتل وجُرح آخرون في هجوم على منطقة سينيلنيكيفسكي بالمنطقة. وفي هجوم منفصل على فيليكا ميخايليفكا، مساء أمس الاثنين، قُتلت امرأة تبلغ من العمر 75 عاماً، وأصيب رجل يبلغ من العمر 68 عاماً، وتضرر منزل، وفق ليساك. على المقلب الروسي، أعلن حاكم منطقة روستوف، جنوبي البلاد، يوري سليوسار، مقتل شخص، ليل الاثنين الثلاثاء، إثر هجوم أوكراني بمسيّرات. وكتب سليوسار على "تليغرام"، أن الهجوم استهدف مناطق سالسك، وكامنسك شاختينسكي، وفولغودونسك، وبوكوفسكي، وتاراسوفسكي. وفي سالسك، "تضررت سيارة في شارع أوترافسكي وقُتل السائق الذي كان فيها للأسف"، بحسب الحاكم. كما أفادت السكك الحديد الروسية بأن حطام مسيّرات سقط على محطة سالسك، ملحقاً أضراراً بقطار ركاب وقطار بضائع، دون التسبب بإصابات. ويأتي استمرار الهجمات المتبادلة في وقت هدّد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الاثنين، روسيا بمواجهة عواقب ، مانحاً إياها مهلة مدتها عشرة أيام أو اثني عشر يوماً لإحراز تقدّم نحو أنهاء الحرب في أوكرانيا. أخبار التحديثات الحية ترامب يحدد مهلة جديدة لروسيا لإنهاء حرب أوكرانيا: 10 أو 12 يوماً وخلال حديثه في اسكتلندا، حيث يعقد اجتماعات مع قادة أوروبيين، قال ترامب إنه يشعر بخيبة أمل من بوتين، مشيراً إلى أنه سيقلص مهلة 50 يوماً التي حدّدها بشأن هذه القضية في وقت سابق من هذا الشهر، وقال ترامب للصحافيين خلال اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "سأحدد مهلة جديدة مدتها حوالى... عشرة أيام أو اثني عشر يوماً من اليوم... لا داعي للانتظار... نحن ببساطة لا نرى أي تقدم يُحرز". وفي أول ردّ روسي على ترامب، وجه الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف انتقاداً شديداً له، وكتب على موقع إكس: "كل إنذار نهائي جديد هو تهديد وخطوة نحو الحرب. ليس بين روسيا وأوكرانيا، بل مع بلاده". وأضاف: "روسيا ليست إسرائيل أو حتى إيران"، في إشارة إلى الحرب القصيرة التي اندلعت بين البلدين في الشهر الماضي، والتي شنت خلالها الولايات المتحدة ضربات على إيران لدعم إسرائيل. يذكر أن ميدفيديف، الذي كان رئيسا لروسيا بين عامي 2008 و2012، لا يزال لديه تأثير كبير في موسكو حيث يشغل منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي. (فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
دولرة الليرة السورية... اقتصاد حائر بسعر صرف لا يعترف به أحد
لم يعد الحديث في سورية عن سعر صرف الدولار مجرّد مسألة تقنية محصورة بالمصارف أو التجار، بل أصبح جزءاً من الهمّ اليومي للمواطن السوري، ومعياراً يعكس مستوى معيشته ومدى استقرار حياته، ولو جزئياً، في بلدٍ يحاول طيّ صفحة الحرب وما خلّفته من إرثٍ ثقيل، إلّا أن وهم الاستقرار لا يكفي لنقول إنّنا بخير، في بلد يُقال فيه الكثير عن الأمن، ويُقال أكثر عن الاقتصاد، لكنّ ما لا يُقال هو أنّهما لا يملكان القدرة على الحياة إن تُركا منفصلين. وفي ثنائية الأمن والاقتصاد، لا يمكن تجاهل خطوات الحكومة السورية في الملف الأمني، من عودة مظاهر الطمأنينة، وإرساء الحلول السلمية بدلاً من الانتقام، والحلول الدبلوماسية بدلاً من العنف واستخدام القوة، في نتائج فاقت التوقعات. لكن، هل يكفي هذا؟ أم أنه يبقى في دائرة الهشاشة إن لم تُبنَ تحته قاعدة اقتصادية صلبة؟ فلا أمن يدوم إذا لم تُشترَ السلع، ولا استقرار يتحقق إن بقيت الأسعار تُنطح السقف، و"الرواتب" الخجولة تجرجر نفسها، في بلدٍ يُذهلك بتناقضاته، من غلاءٍ يفوق التوقّعات في أسعار وإيجارات عقاراته، وارتفاع أسعار سلعه، أمام دخلٍ هو أقرب إلى الصفر المتحرّك، ما يجعل الأمن على حافةٍ قد تنهار سريعاً، لا قدّر الله. الدولار بين تسعيرتَين المفارقة أن مصرف سورية المركزي حدّد سعر الدولار بـ11 ألف ليرة سورية، في حين يتداول الناس الدولار في السوق السوداء بسعر يتأرجح بين 9,500 و10,200 ليرة، في تفاوتٍ غريب بين السعر الرسمي وسعر السوق غير النظامية. فأيهما يملك القيمة الحقيقية؟ أمام امتناع المركزي عن بيع الدولار أو شرائه، وترك موازين العرض والطلب مفتوحة أمام السوق، فإن ذلك يدل صراحةً على أن المركزي لا يملك القدرة على مجاراة السوق، وأنه فقير بالقطع الأجنبي والعملة المحلية. السعر المتداول لا يمكن أن يكون حقيقياً، وإلّا فأين إعلان الدولة عن تخفيض سعر الدولار؟ ولماذا لم يشعر به أحد؟ بل على العكس، فرغم التحسّن المزعوم، ما تزال الأسعار مرتفعة، ما يعني أن الدولار لا يُسعّر على أساس اقتصادي، فالميزان التجاري مختل تماماً على خلفية الواردات والصادرات، أمام انفتاح السوق السورية المتعطّشة للسلع وشرائها بالدولار، مقابل وارداتٍ متواضعة جداً حتّى اللحظة. إذاً، السعر الرسمي الذي لا تعترف به السوق هو سعرٌ نظري، لا يُصرف به الدولار في الواقع، وبالتالي يصبح بلا قيمة عملية، ما قد يُضعف شرعية المؤسّسة النقدية، ويؤدي إلى فقدان ثقة المواطن والمستثمر، خصوصاً أن المركزي لا يوفّر الدولار، لا للمواطن ولا للمستورد، ما يدفع الجميع إلى التوجّه نحو السوق السوداء لتأمين العملة الصعبة، وبالتالي تعكس هذه السوق السعرَ الحقيقي الناتج عن العرض والطلب. المشكلة الكبرى تكمن في انعكاس هذا التفاوت على آلية التسعير: هل يجري التسعير على أساس السعر الرسمي أم سعر السوق؟ الباحث الاقتصادي ملهم جزماتي اعتبر أن الفجوة بين سعر الصرف في المصرف المركزي والسوق السوداء هي إحدى أشكال التشوّهات الاقتصادية، ودلالة على شح السيولة النقدية لدى المركزي، لذلك لا يستطيع شراء العملة الأجنبية بالسعر الأعلى الذي يحدّده بنفسه. كما رأى أن تأثير هذه الفجوة يتمثل في اتساع رقعة الاقتصاد غير الرسمي، وتذبذبٍ مستمر لسعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية، وبالتالي فقدان الثقة بالعملة المحلية، وتفضيل أكبر للاحتفاظ بالعملة الأجنبية، وفقدان المركزي السوري لدوره الأساسي ضابطاً للسوق النقدية في البلاد. وأضاف أن هذه الحالة من شأنها إضعاف الثقة بالاقتصاد السوري على المدى البعيد من المستثمرين، الذين يرغبون بوجود هيكل إداري قادر على إدارة السياسة النقدية، واستمرار هذه الحالة سيثير الشكوك حول أهلية المركزي في أداء أدواره الاقتصادية التقليدية. هل يعكس سعر الصرف عجز الدولة؟ لا تحتاج قراءة الواقع المعيشي للمواطن السوري، إلى أرقامٍ مبهرة أو تقارير أممية لتوصيفه. الراتب الشهري، في كثير من الحالات، لا يتجاوز مئة دولار، بينما إيجار غرفة واحدة قد يتخطّى هذا الرقم. الأسعار قد تقفز، ربما ليس بفعل ارتفاع الدولار، بل أحياناً بفعل الإشاعة، أو المزاج، أو انقطاع مادة معينة. الناس يأكلون أقل، يسافرون أقل، يضحكون أقل. نعم، الحكومة تتحدث عن خطط ورؤى ومشاريع استثمارية وعلاقات اقتصادية خارجية، لكن المواطن لا يراها سوى وعود، قد تتحول إلى هواجس بشأن قدرة الدولة على أداء دورها بوصفها ضامناً اقتصادياً، وبأن الحكومة عاجزة عن ضبط السوق، وتوفير السلع والخدمات والطاقة، وحماية الرواتب من التآكل. ولا بدّ من التذكير بأن سعر الصرف هو مؤشّر، لا على وضع العملة فحسب، بل على حال الاقتصاد كلّه، فعندما ترتفع الليرة في السوق السوداء، ليس بالضرورة أن يكون ذلك مدعاة للفرح أو التفاؤل، لأنها ظاهرة قد تكون نتيجة جمود اقتصادي، أو تباطؤ في الطلب على الدولار، أو تراجع في الاستيراد. إذاً، كلها مؤشرات على الركود لا على التعافي. ما يعني، في قراءة أعمق، أن أدوات السياسة النقدية باتت تلهث خلف السوق بدل أن تقودها. فلا يخفى على المراقب الحصيف أن هذه الظاهرة لا تُقرأ بالأرقام وحدها، بل هي في عمقها تعبيرٌ عن خللٍ مزدوج في وظيفة الدولة ومنطق الاقتصاد. فالسعر الرسمي، الذي لطالما اعتُبر أداة سيادية لضبط السوق، أصبح حبراً على ورق، بينما السوق الموازية، التي يُفترض أن تكون جريمة مالية، تحوّلت إلى ملاذٍ آمن للناس والمؤسّسات، وحتى لبعض دوائر الدولة نفسها. ولا نعني بذلك رفع يد الدولة أو السيطرة بالقوة، بل الدعوة إلى إدارة السوق بأدوات رقابية حقيقية لضبط الأسعار ومنع التلاعب، إضافة إلى تعزيز ثقة المواطن بأن البنوك قادرة على تلبية احتياجات السوق من العملات الأجنبية والمحلية، بوصفها مؤسساتٍ فاعلة، وبشفافيةٍ تشجّع المغتربين على التحويل من خلال المصارف المعتمدة. سورية تعلن اعتمادها على مواردها في تأكيدٍ لتصريحٍ سابق، أكد حاكم مصرف سورية المركزي عبد القادر حصرية أنّ بلاده لن تستدين من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، وأن سورية، بأمرٍ من الرئيس أحمد الشرع، لن تلجأ إلى الديون الخارجية، مبرّراً الخطوة بسعي الحكومة لبناء اقتصادٍ صحي قائم على الإنتاج والصادرات، من دون الاعتماد على فوائد مرتفعة أو مغريات استثمارية محفوفة بالمخاطر. تصريحٌ تُرفع له القبعة، كما يُقال، لكن أين هذه الموارد؟ إذا كان النفط خارج السيطرة، والزراعة، بصفتها مقوّماً من مقوّمات الاقتصاد السوري الرئيسية، تصارع الجفاف وتقنياتٍ منتهية الصلاحية، والصناعة في الرمق الأخير، والسياحة معطّلة، فما هي المقوّمات إذاً؟ وأين البيئة الاستثمارية المؤهلة لتوفير عوائد مستقرة للمستثمرين؟ وما هي ملامح استعادة النشاط الكامل لقطاعات الاستثمار التي صرّح بها المسؤول؟، فبعيداً عن الانتقاد المنفلت، هي مجرد أسئلة بسيطة، تضع المواطن أمام تناقض الخطاب الرسمي والواقع الاستثماري والمعيشي، ليتولّد ما هو أخطر من الفقر؛ وهو الشّك. عند سؤال الأكاديمي والمحلل الاقتصادي فراس شعبو، قال إنّ القرار، من وجهة نظر اقتصادية، صحيح، والمشكلة ليست في الدَّين، فهناك دولٌ متقدمة وناشئة تتعامل بالدين، لكنها تستطيع إدارة هذا الدين واستثماره بوجود مؤسساتٍ قوية. وأضاف أن المشكلة لدى الدول النامية تكمن في تحويل هذا الدين إلى مشاريع استهلاكية، لا إنتاجية، مثل مصر ولبنان وتونس، ما أغرقها بسبب الفوائد الكبيرة وعدم قدرتها على السداد. وبالعودة إلى الواقع والسياق السوري، اعتبر شعبو أن الوضع قد لا يتوافق مع أي فكر اقتصادي، خصوصاً أن معظم الموارد تحتاج وقتاً أطول لإعادة تأهيلها واستثمارها، وبالتالي، سيسهم ضعف التمويلات والدعم الخارجي في إبطاء عملية التنمية وسرعة التعافي. واعتبر أن القرارات الحكومة في الخصخصة، وفي دعم القطاع الخاص وتخفيف تدخل الحكومة، وإزالة الدعم عن المحروقات والخبر، وتحرير سعر الصرف، تتوافق مع شروط صندوق النقد الدولي، فإمكانية الاقتراض على شكل منح أو ديون ممكنة، ومطلوبة إن توجهت توجهاً صحيحاً في الاستثمار ودعم الإنتاج. ويبقى سؤال المواطن السوري الأبرز؛ متى ستقرّر الحكومة السورية تبديل العملة التي ما تزال تذكّرهم بالنظام السابق، وإلى متى سيحملون أكياساً مكدّسة بالأوراق النقدية لشراء سلعة بسيطة؟