
هجوم إسرائيل على إيران يربك حسابات البنوك المركزية لخفض الفائدة
سام فليمنج - كلير جونز
يؤكد خبراء اقتصاديون أن الهجوم الإسرائيلي على إيران يعزز احتمالات حدوث صدمة اقتصادية جديدة مصدرها الشرق الأوسط، ما يُرجّح أن يدفع محافظي البنوك المركزية إلى توخي مزيد من الحذر في قرارات خفض أسعار الفائدة.
ويستعد كل من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك إنجلترا لقرارات حاسمة هذه الأيام، في وقت تلقي فيه الضربات الإسرائيلية ضد إيران بظلالها على سلسلة من الصدمات الجيوسياسية، ومن بينها الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ما يعقّد آفاق النمو والتضخم على المدى القريب.
وحذر محللون من أن أي تصعيد إضافي في الأعمال العدائية قد يدفع بأسعار النفط إلى ما فوق 80 دولاراً للبرميل، رغم التراجع الأخير في معدلات التضخم. ومن المتوقع أن يُبقي بنك إنجلترا على سعر الفائدة عند مستوى 4.25% في اجتماعه المقرر غداً، وذلك بعد خفض سابق أُقر في مايو الماضي.
ومع بقاء ذكريات الارتفاع الكبير في أسعار المستهلكين بعد جائحة كوفيد عالقة في أذهان الجمهور، فإن صُناع السياسات النقدية حريصون على عدم الظهور بمظهر المتساهل للغاية مع تجاوزات أسعار الطاقة لأهداف التضخم. ويكمن الخطر في حدوث صدمة «ركود تضخمي» تضر بالنمو وتدفع الأسعار للارتفاع، وتفاقم الأثر الناجم عن العوائق التجارية التي فرضها ترامب، ما يُعزز الحجج المطالبة لصانعي السياسات بتوخي الحذر قبل تخفيف السياسة النقدية بشكل أكبر، حسب ما ذكر الاقتصاديون.
وقال تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في «أبولو غلوبال مانجمنت»، إن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يواجهون حالياً احتمال أن «يتجاذبوا في اتجاهين متناقضين تماماً» بشأن ما إذا كان ينبغي خفض الفائدة أم لا.
وفي مارس، كانت توقعات واضعي السياسات في الفيدرالي تشير بالفعل إلى أن حرب ترامب التجارية ستؤثر سلباً في كلا جانبي مهمته المزدوجة، متوقعين تباطؤ النمو وارتفاع معدلات البطالة. ومع استعداد الفيدرالي لنشر أحدث توقعاته الاقتصادية اليوم، فمن المرجح أن تكون الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران قد زادت من تعقيد المفاضلة بين كبح التضخم ودعم سوق العمل الأمريكية الضعيفة. وقالت ديان سوانك، كبيرة الاقتصاديين لدى «كي بي إم جي» بالولايات المتحدة: «إلى أن تتضح الرؤية، سيظل الاحتياطي الفيدرالي في حالة من عدم اليقين، تمنعه خفض معدلات الفائدة بشكل استباقي».
وسجّل خام برنت، المؤشر العالمي لأسعار النفط، قفزة بنسبة 12% ليصل إلى 78.5 دولاراً للبرميل في الساعات الأولى من صباح الجمعة، بعد أن بدأت إسرائيل ضرباتها ضد منشآت البرنامج النووي الإيراني والمواقع العسكرية المرتبطة به. إلا أن الأسعار عادت وتراجعت لاحقاً، لتُسجل انخفاضاً الاثنين مع إعادة فتح الأسواق، بنسبة 1.6% إلى 73.12 دولاراً للبرميل.
ويرى محللون أن موجة الارتفاع قد تفقد زخمها في حال عدم تعرض تدفقات النفط لأي اضطرابات كبيرة، وإذا امتنعت طهران عن الرد بإغلاق مضيق هرمز الحيوي للملاحة. وقال جيم ريد، المحلل لدى «دويتشه بنك»: «في السيناريو الأسوأ الذي يتضمن توقفاً كاملاً لإمدادات النفط الإيرانية وإغلاق مضيق هرمز، قد تقفز أسعار النفط إلى ما يزيد على 120 دولاراً للبرميل». وأضاف: «أما في سيناريو أكثر اعتدالاً يشمل خفضاً بنسبة 50% في الصادرات الإيرانية دون امتداد الاضطرابات إلى المنطقة ككل، فستبقى الأسعار قرب مستوياتها الحالية». وأضاف ريد إن الأسواق «تبدو حالياً كأنها تسعر سيناريو أكثر اعتدالاً».
وأظهرت بيانات صادرة عن مكتب التجارة البحرية في المملكة المتحدة، الاثنين، أن عدد السفن التي عبرت مضيق هرمز انخفض من 147 سفينة في الأسبوع السابق إلى 111 سفينة، غير أن المؤشرات لا تُظهر وجود حصار أو إغلاق فعلي لهذا الممر البحري الضيق الذي يربط الخليج العربي ببحر العرب.
وأشار بعض الاقتصاديين إلى أن أسعار خام برنت لا تزال دون مستوياتها المسجلة في بداية العام، ما يُعزز الرأي القائل إن الفيدرالي الأمريكي، وبنك إنجلترا، وغيرها من البنوك المركزية، سيُركزون بدرجة أكبر على البيانات الاقتصادية المحلية، وليس على تطورات سوق النفط.
وفي الولايات المتحدة، أدت بيانات التضخم لشهر مايو والتي جاءت أفضل من المتوقع، إلى جانب مؤشرات من تقرير الوظائف الأخير على تباطؤ محتمل في سوق العمل، إلى زيادة الضغوط على رئيس الفيدرالي الأمريكي جيروم باول لخفض معدلات الفائدة خلال ما تبقى من العام.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد وصف باول الأسبوع الماضي بـ«الأحمق»، منتقداً إبقاءه على تكاليف الاقتراض عند مستوى 4.25 – 4.5%، وهو مستوى يزيد بأكثر من الضعف عن معدل الفائدة على الودائع في البنك المركزي الأوروبي.
لكن بعض الاقتصاديين يرون أن موجة التضخم التي أعقبت جائحة «كورونا» زادت من احتمال أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى ما يُعرف بتأثيرات الجولة الثانية والثالثة في الأسعار، ما يترك الاحتياطي الفيدرالي في مواجهة مشكلة تضخم مستمرة.
وقال جوزيف غانيون، من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إن القلق يكمن في أن يرى الناس عودة التضخم كمؤشر إلى صدمة أسعار جديدة شبيهة بتلك التي أعقبت الجائحة، ما قد يدفعهم إلى المطالبة بتعويض على شكل زيادات في الأجور، وهو ما يهدد بانتقال تلك الضغوط إلى فئات أخرى من السلع والخدمات.
لذلك، شدد اقتصاديون على ضرورة أن تأخذ البنوك المركزية احتمال حدوث قفزة مستدامة في أسعار النفط على محمل الجد. وقال تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في «أبولو غلوبال مانجمنت»: «الحرب التجارية تعني ارتفاع الأسعار وانخفاض المبيعات. وطالما كان انخفاض أسعار النفط بمثابة عامل موازن لتلك التأثيرات». وأضاف: «لكن إذا عدنا إلى النظريات الاقتصادية الأساسية وسألنا عن نتائج ارتفاع أسعار النفط، فسنجد أنها مشابهة تماماً لنتائج الحروب التجارية».
وقال وورن باترسون، رئيس استراتيجية السلع في «أي إن جي»: «الفيدرالي كان في الأساس مرجحاً للإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير حتى الربع الثالث، والتطورات الأخيرة تعزز هذا التوجه».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ 14 دقائق
- الإمارات اليوم
هل يُطفئها الاقتصاد؟
في أوقات الحروب تتحدث الآلة العسكرية ويعلو صوتها فوق صوت العقل والضمير الإنساني والنزعة الفطرية للعيش في سلام، وينسى المتحاربون أوقاتاً صعبة مماثلة عاشتها الشعوب على مر التاريخ، وأجبرت الفرقاء على الجلوس والتفاوض وسن القوانين والمواثيق الدولية التي تحترم حق الحياة وحقوق الدول وسيادتها المستقلة. ورغم ضراوة المعركة الدائرة حالياً في المنطقة وتداعياتها الجيوسياسية، فإن هناك رادعاً قوياً يمنع استمرار الوضع أو انزلاقه للأسوأ، ألا وهو المصالح الاقتصادية التي كانت ولاتزال القيد الأكبر على تقلبات المزاج السياسي والعسكري. الشرق الأوسط منطقة بالغة الأهمية للاقتصاد العالمي، والحرب الدائرة حالياً بين إيران وإسرائيل شكلت صدمة له، تتوزع آثارها بين قصيرة ومتوسطة إلى طويلة الأمد، سواء على مستوى ارتفاع أسعار النفط العالمية أو تسارع التضخم العالمي، خصوصاً في اقتصادات الدول المتقدمة، ما يعيق خطط خفض الفائدة من قبل البنوك المركزية مثل الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، فضلاً عن تقلبات أسواق الأسهم حول العالم وما يصاحبها من قلق المستثمرين وخروجهم برؤوس أموالهم نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب والسندات. وتؤثر الحرب أيضاً على سلاسل الإمداد والتجارة العالمية بما يزيد تكاليف الشحن والتأمين ويعرض الأسواق في الدول كافة لمخاطر تأخر أو انقطاع الإمدادات، بما ينعكس سلباً على الصناعات بكل قطاعاتها. المحصلة النهائية لكل ذلك تباطؤ النمو الإقليمي والعالمي مع خطر تضخم مستمر وتعطل جزئي أو كلي في حركة التجارة العالمية، تؤثر على وصول السلع والخدمات إلى المستهلكين، الذين يشكلون قوة ضغط كبيرة على القرارات الحكومية والرسمية. الشعوب تتطلع إلى العيش الكريم الهادئ في أمان وسلام، والبيوت يشغل أولوياتها توافر احتياجاتها الأساسية من طاقة وماء وغذاء. واقتصاد العالم لم يتعافَ كلياً من آثار إغلاقات جائحة كورونا، ولن يحتمل مزيداً من الضغط بسبب الحروب والصراعات، لذا لا أتوقع أن تستمر الحرب طويلاً في المنطقة، إذ لا أبالغ إن قلت إنها قلب العالم ومخزن طاقته وميناؤه الأكبر جواً وبحراً وبراً. أضف إلى ذلك أن حجم الاستثمارات العالمية الموجودة في منطقة الشرق الأوسط تشكل رقماً صعباً في المعادلة القائمة حالياً، كما أن شركات السلاح المستفيد الأكبر في الحروب. تبقى المصالح الاقتصادية والانتصار للحياة الرادع الذي يطفئ نيرانها. amalalmenshawi @ لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه


سكاي نيوز عربية
منذ 26 دقائق
- سكاي نيوز عربية
فيديو لسقوط صاروخ إسرائيلي لدى محاولته اعتراض هجوم إيراني
ولم يتم الكشف عن موقع سقوط الصاروخ الاعتراضي الإسرائيلي. كما تداولت صفحات على مواقع التواصل فيديو لسقوط صاروخ في وسط إسرائيل. وأعلن الجيش الإسرائيلي ، فجر الأربعاء، تصدي أنظمته الدفاعية لصواريخ إيرانية. وقال الجيش الإسرائيلي إن أنظمته الدفاعية تتصدى لصواريخ إيرانية في سماء تل أبيب. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إيران أطلقت 20 صاروخا على الأقل باتجاه وسط إسرائيل. وحسبما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية فقد أفيد عن سقوط صواريخ أطلقتها إيران في موقعين وسط إسرائيل. من جانبها، أفادت هيئة الإسعاف الإسرائيلية بعدم تسجيل إصابات في الرشقة الصاروخية الإيرانية الأخيرة على إسرائيل. وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بسماع دوي انفجارات عنيفة في منطقة القدس ، مشيرة إلى بلاغات أولية عن سقوط صاروخ شمال تل أبيب.


الإمارات اليوم
منذ 26 دقائق
- الإمارات اليوم
الحبتور يحدد «دبي المالي» لطرح المحفظة الفندقية للاكتتاب العام
كشف مؤسِّس ورئيس مجلس إدارة «مجموعة الحبتور»، خلف بن أحمد الحبتور، أن طرح المجموعة لمحفظتها الفندقية للاكتتاب العام سيكون في سوق دبي المالي حالياً، في وقت قد تدرس فيه المجموعة الطرح في أسواق أخرى لاحقاً. وقال الحبتور، لـ«الإمارات اليوم»، إن الطرح لن يكون لكامل محفظة المجموعة، بل للوحدة الفندقية العاملة في قطاع الفنادق حالياً، مشيراً إلى أن المجموعة تضم وحدات تعمل في قطاعات مختلفة مثل الفنادق، والتعليم، والمركبات، والعقارات. وأضاف: «سنبدأ بقطاع فنادق المجموعة في دولة الإمارات، وفي دبي في الوقت الراهن». ورداً على سؤال يتعلق بدوافع هذا التوجه لدى المجموعة، قال الحبتور: «السؤال الذي طرحناه كان: ماذا يمكن أن نقدم كـ(مجموعة الحبتور) للشباب الإماراتيين ليستفيدوا من هذا الاستثمار؟»، مشيراً إلى تخصيص شريحة بنسبة محددة ذات أولوية قبل الطرح. ورداً على سؤال حول موعد طرح المحفظة الفندقية للاكتتاب العام، قال الحبتور: «بعد الصيف سنتخذ القرار ونعلنه»، وكان مؤسس ورئيس مجلس إدارة «مجموعة الحبتور»، خلف الحبتور، كشف في تدوينة نشرها عبر منصة «إكس»، أن المجموعة تدرس بجدية إمكانية طرح محفظتها الفندقية للاكتتاب العام في السوق الإماراتية، في خطوة قد تتبعها لاحقاً قطاعات أخرى تابعة للمجموعة. وقال الحبتور: «منذ البدايات المتواضعة يوم أسست شركتي من لا شيء وأنا فخور - بحمد الله - بأن مجموعة الحبتور تسير بخطى ثابتة على طريق التوسع والتميّز حتى أصبحت اليوم واحدة من أبرز مجموعات الأعمال والاستثمار المتكاملة في الإمارات والمنطقة». وأضاف: «عملنا وتوسعنا في قطاعات حيوية مثل الضيافة، السيارات، التعليم، العقارات، التأمين، وحققنا نجاحات نفتخر بها من دبي إلى الشرق الأوسط، ومن النمسا والمجر وبريطانيا في أوروبا، وصولاً إلى أميركا، رافعين علم دولة الإمارات عالياً أينما حللنا. لم تكن مشاريعنا أرقاماً فقط بل بصمات واضحة في النهضة العمرانية والاقتصادية لهذا الوطن العظيم». وتابع: «اليوم بعد أكثر من 55 عاماً من العمل المتواصل، أبشركم بأننا ندرس بجدية إمكانية طرح محفظتنا الفندقية المتميزة للاكتتاب العام في السوق الإماراتية كبداية قد نلحق بها قطاعاتنا الأخرى لاحقاً». وتضم محفظة «مجموعة الحبتور» الفندقية 14 فندقاً داخل دولة الإمارات وخارجها.