
هل تؤثر العقوبات الأوروبية الجديدة على خطط بوتين؟
وتتضمن الحزمة التي استغرقت وقتاً طويلاً نسبياً لإقرارها، أي نحو شهرين، تدابير ضد خطوط نقل الغاز "نورد ستريم" التي فُجرت وهي لا تعمل على أية حال، والبند الأكثر إثارة للجدل هو فرض سقف جديد منخفض لأسعار النفط الروسي الذي عارضه عدد من الدول، بما في ذلك مالطا واليونان وقبرص. وبصورة عامة، كانت سلوفاكيا تمنع اعتماد الحزمة الجديدة لفترة طويلة، لكن براتيسلافا غيرت رأيها قبل يوم واحد من إقرار هذه العقوبات. على الأرجح، مارسَ الاتحاد الأوروبي ضغوطاً على هذه الجمهورية الصغيرة، كما يقول خبراء.
مضمون حزمة العقوبات
يذكر أن حظر شراء المنتجات البترولية المصنعة من مواد خام روسية من دول ثالثة لا ينطبق على الولايات المتحدة وسويسرا وبريطانيا والنرويج وكندا. وتشمل قائمة العقوبات ثلاث شركات صينية يزعم أنها صدرت سلعاً عسكرية صناعية إلى روسيا. وبذلك، تجاوز إجمال عدد الأشخاص المدرجين في قائمة العقوبات 2.5 ألف شخص.
ولا يزال خفض سقف سعر النفط الروسي من 60 دولاراً إلى نحو 47.6 دولار للبرميل من أكثر القضايا إثارة للجدل. ويطبق هذا المستوى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2022. ووفقاً للاتحاد الأوروبي، من شأن هذا أن يقلل بصورة أكبر من دخل موسكو من تصدير هذه المواد.
وعرقلت دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي الاتفاق على سقف السعر دفعة واحدة، من بينها دول متوسطية، بما في ذلك مالطا واليونان وقبرص. وبرزت خلافات خارج الاتحاد، على سبيل المثال داخل الولايات المتحدة.
وهناك دول مستاءة بشدة من ضغط عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا، لما لها من آثار سلبية على أمنها المتعلق بموارد الطاقة. وكرر ممثلو المجر هذا الكلام، لكن سلوفاكيا هي التي حالت دون اعتماد الحزمة الـ18، وظلت براتيسلافا تعرقل الموافقة طوال هذه الفترة بسبب قرار الاتحاد الأوروبي التخلي تدريجاً عن جميع مصادر الطاقة الروسية. وقد يؤدي حظر واردات الغاز الروسي اعتباراً من عام 2028 إلى نقص في المعروض وارتفاع في الأسعار وزيادة في رسوم العبور، إضافة إلى إثارة دعاوى قضائية من عملاق الغاز الروسي شركة "غازبروم".
مع ذلك، عشية اعتماد الحزمة الجديدة غير السلوفاكيون رأيهم. وصرح رئيس الوزراء روبرت فيكو مطلع يونيو (حزيران) الماضي بأن بلاده لن تدعم الحزمة الـ18 من العقوبات إذا لم تحل المفوضية الأوروبية مشكلة موارد الطاقة الروسية، لكن فيكو عاد وقال إن "الاستمرار في عرقلة حزمة العقوبات ستكون له نتائج عكسية. لقد استنفدت جميع الخيارات في هذه المرحلة، والتمسك بموقفنا المعرقل سيعرض مصالحنا للخطر بالفعل".
ومن غير المرجح أن يكون الاتحاد الأوروبي قدم بالفعل أية ضمانات لبراتيسلافا، على الأرجح مارست دوله فقط "ضغطاً لطيفاً"، كما يقول المحلل السياسي أليكسي فينينكو، وإذا توقفت بروكسل عن تخصيص الأموال لبناء الطرق وتطوير البنية التحتية فستكون دول صغيرة مثل سلوفاكيا بطبيعة الحال مستعدة لتقديم تنازلات فوراً. فهناك حزمة متكاملة من برامج الاتحاد الأوروبي لتطوير البنية التحتية في جميع أنحاء أوروبا الشرقية. ويرى المحلل السياسي أن هذه أداة ضغط مثالية على هذه الدول.
تأثير العقوبات الجديدة
يمكن أن نَصف الحزمة الـ18 بأنها الأكثر إثارة للضجة والصخب والترويج على رغم أنها ليست قيوداً فعالة حقاً،
فالعقوبات على "نورد ستريم" لا تجدي نفعاً على أية حال لأن خطوط الغاز هذه معطلة ومتوقفة عن العمل منذ تفجيرها الغامض على يد مجهولين. وكانت الحيلة الإعلامية الرئيسة هي سقف سعر النفط الجديد، مع أن الأوروبيين أرادوا في البداية تضمين هذه الحزمة خريطة طريق لإلغاء مشتريات الغاز الروسي. لكن بما أن هذه القيود قد تؤثر في بلجيكا وفرنسا فقد تخلوا عنها. وفي الواقع، فإن سقف السعر الجديد لا يغير شيئاً، بحسب ما صرح المتخصص في الجامعة المالية التابعة لحكومة الاتحاد الروسي إيغور يوشكوف.
وبحسب متخصصي الصناعة الذين قابلتهم صحيفة "إزفستيا"، فإن الحزمة الـ18 من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا في قطاع الوقود والطاقة ملحوظة بالفعل من حيث الحجم، لكن فعاليتها ستكون محدودة بسبب عدد من العوامل.
وقال الشريك الإداري لشركة "كاساتكين" للاستشارات دميتري كاساتكين إن العقوبات المفروضة على 105 ناقلات نفط، والتي يصنفها الاتحاد الأوروبي على أنها أسطول ظل، تعد استمراراً للقيود السابقة (189 ناقلة نفط في الحزمة الـ17).
أما الهدف فهو تعقيد لوجيستيات إمدادات النفط الروسية. لكن الكفاءة الحقيقية لا تعتمد على عدد السفن المدرجة في القائمة، بل على قدرة الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع على التحكم في تأمين هذه السفن وصيانتها وتحميلها. وحتى في حال انسحاب جزء من الأسطول، ستبحث روسيا عن بديل -مع أن هذا سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة كلفة الخدمات اللوجيستية- كما يعتقد.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب قوله، يعد قرار خفض سقف السعر إلى 47.6 دولار مؤشراً مهماً، إذ سيؤدي ذلك إلى زيادة فارق سعر خام "الأورال" مقارنة بخام "برنت"، وبخاصة في حال ارتفاع الأسعار العالمية.
وتعتمد فعالية السقف أيضاً على الالتزام به. في الواقع، تحولت روسيا ومشتروها منذ فترة طويلة إلى التداول خارج البورصة مع تسويات خارج نطاق الدولار و"سويفت"، وهناك عدد من المعاملات يتجاوز السقف. ولم تتفق الولايات المتحدة ومجموعة السبع بعد على حد أدنى جديد، ولم توافق وزارة الخزانة الأميركية على خفضه إلى ما دون 60 دولاراً أميركياً حتى نهاية يونيو الماضي.
ويشير المصدر إلى أنه من دون التنسيق مع واشنطن سيظل سقف الـ47.6 دولار بمثابة توصية من الاتحاد الأوروبي، الذي لا يتمتع بقوة التلويح بعصا عقوبات قانونية وثانوية كاملة على المستوى العالمي.
ويعتقد خبراء الصناعة أن العقوبات المفروضة على شركة "نايارا إنرجي" المحدودة، التي تمتلك شركة "روسنفت" 49.13 في المئة منها والتي تملك مصفاة النفط في الهند، تشكل خطوة محفوفة بالأخطار.
وتذكر الشريك الإداري في شركة "في أم تي كونسالت" إيكاترينا كوساريفا أن روسيا تصدر حالياً نحو 4 ملايين برميل يومياً، في حين تتقاسم الصين والهند هذه الأحجام عملياً مناصفة.
ولا تستبعد أن يكون هناك رد فعل من نيودلهي عاجلاً أم آجلاً. "وحتى لو لم نلمسه على المستوى الدبلوماسي، فسيشعر به المستهلكون الأوروبيون بأنفسهم. إذ ستتفاعل أسعار محطات الوقود بوضوح مع هذه القيود، لأن الهند من أكبر موردي الوقود إلى أوروبا".
البنوك الجديدة المعاقبة
عادة ما تسبب العقوبات في القطاع المالي صعوبات أكبر. وهذه المرة، يعتقد الاتحاد الأوروبي بسذاجة أنه بعد فرض القيود على 22 بنكاً روسياً، سيعاني الاتحاد الروسي "نقصاً في السيولة".
ولم تكشف قائمة المؤسسات الائتمانية بعد. لكن "اندبندنت عربية" تأكدت مع ذلك أن الاتحاد الأوروبي وسع نطاق عقوباته لتشمل 22 مؤسسة ائتمانية روسية، منها بنوك "تي" و"ياندكس" و"أوزون"، وتشمل القائمة أيضاً بنكي "سورغوت" و"سانت بطرسبورغ". ويعرف على وجه الخصوص شركة التأمين "في أس كا" وشركة "أطلس ماينينغ" الرائدة في إنتاج الذهب، وشركات تعمل في إنتاج الطائرات المسيرة.
ومن المعروف أن الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على البنوك إذا ساعدت في التحايل على القيود القائمة أو شاركت في تصدير السلع الخاضعة للعقوبات، أو مولت مشاريع دفاعية أو ارتبطت بأشخاص وشركات وقعت بالفعل تحت العقوبات، بحسب ما أوضحت المتخصصة في الخدمات القانونية الدولية للعمليات المصرفية أولغا بليخانوفا.
وبحسب قولها، لا يعد حجم الأصول معيار الاختيار الرئيس بل يعطى الدور الوظيفي للبنك الأولوية، ويبقى السبب الرئيس هو ارتباطه بالمجمع الصناعي العسكري والدولة الروسية، إضافة إلى الخدمات العابرة للحدود.
مع ذلك، فإن الغالبية العظمى من المؤسسات الائتمانية الروسية الكبيرة -والتي تمثل أكثر من 75 في المئة من أصول النظام المصرفي- تخضع لقيود منذ فترة طويلة. لذلك، تركز الإجراءات الجديدة بصورة رئيسة على المؤسسات المالية الصغيرة. ويوضح المحللون أن هذه المؤسسات غالباً ما تكون بنوكاً إقليمية صغيرة تخدم النشاط الاقتصادي الأجنبي.
علاوة على ذلك، تخضع بنوك الدول الصديقة لروسيا أيضاً للحزمة الـ18 إذا استخدمت للتحايل على العقوبات. وتسمح اللائحة الأوروبية الجديدة بفرض قيود مباشرة على أية جهات تساعد في التحايل على الحظر، بصرف النظر عن حجمها.
قد تؤدي القيود الجديدة إلى زيادة كلف المصدرين والمستوردين الأفراد موقتاً ولكن، كما تظهر تجربة الأعوام السابقة، ستوجد حلول تمكن من إجراء الحسابات اللازمة بسرعة، كما يعتقد كبير الاقتصاديين في معهد "ب. أ. ستوليبين" لاقتصادات النمو بوريس كوبيكين.
لقد تعلمت الشركات إعادة تنظيم تدفقاتها بسرعة باستخدام مسارات وأدوات بديلة. وحتى لو انفصلت البنوك الروسية تماماً عن نظام "سويفت" فلن تتوقف التجارة الخارجية، بل ستستمر في التغير والتعايش مع الواقع الجديد.
من اللافت للنظر أن الاتحاد الأوروبي فرض حظراً كاملاً على المعاملات مع "صندوق الاستثمار المباشر الروسي (RDIF) وشركاته التابعة. وعلق رئيس هذا الصندوق الاستثماري المباشر والممثل الخاص للرئيس الروسي للاستثمار والتعاون الاقتصادي مع الدول الأجنبية كيريل دميترييف، قائلاً "قبل شهر دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى تعزيز وفرض قيود إضافية على صندوق الاستثمار المباشر الروسي، لأنه يسهل تسوية النزاع الأوكراني ويعزز إقامة حوار بين روسيا والولايات المتحدة، ويستثمر في نمو الاقتصاد الروسي"، مضيفاً أن بروكسل تفرض عقوبات مدمرة على الأوروبيين أنفسهم، إذ تحرم مستهلكيها من إمدادات طاقة مستقرة وتغلق السوق الروسية أمام الشركات الأوروبية.
كيف تلقت روسيا العقوبات؟
تلقت السوق الروسية حزمة العقوبات الأوروبية الـ18 بهدوء تام. ففي صباح اليوم التالي لفرضها استقر سعر العملة الروسية عند نحو 78 روبلاً للدولار الواحد، ومن المحتمل أن تضعف العملة الروسية خلال الأشهر المقبلة، لكن السبب ليس العقوبات بل الاستعادة التدريجية لحجم الواردات، وانخفاض عائدات التصدير في ظل تراجع أسعار النفط (نحو 70 دولاراً لبرميل خام "برنت"). ومع ذلك، تفاقم عقوبات الاتحاد الأوروبي بالتأكيد أخطار إضعاف الروبل خلال الفترة من أغسطس (آب) إلى أكتوبر (تشرين الأول) المقبلين، وقد ينخفض سعر الصرف إلى 80 روبلاً للدولار الواحد بنهاية الشهر، وفقاً للمحلل المستقل أندريه باركوتا.
وبعد أيام معدودة من فرض الاتحاد الأوروبي عقوباته عليها، وسعت موسكو بصورة كبيرة قائمة الأشخاص الممنوعين من دخول روسيا، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية في شأن التدابير لمواجهة حزمتي العقوبات الـ17 والـ18.
وأشارت الوزارة إلى أنه "رداً على هذه الإجراءات غير الودية، قام الجانب الروسي بتوسيع قائمة ممثلي المؤسسات الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأوروبية المشاركة في سياسة بروكسل المناهضة لروسيا بصورة كبيرة"، والذين -وفقاً للقانون الروسي- ممنوعون من دخول الأراضي الروسية.
وأكدت الدائرة الدبلوماسية الروسية أن "الأعمال العدائية ضد روسيا لن تؤثر في سياسة بلادنا، بل ستواصل روسيا نهجها في الدفاع عن مصالحها الوطنية وحماية النظام العالمي العادل الجديد، وستحظى قرارات العقوبات اللاحقة التي يتخذها الاتحاد الأوروبي برد مناسب خلال الوقت المناسب".
وبحسب البيان، أدرجت موسكو أيضاً في قائمة العقوبات موظفين في أجهزة إنفاذ القانون وهيئات حكومية وتجارية، ومواطني دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية الأخرى، المسؤولة عن تقديم المساعدة العسكرية لكييف والمشاركة في تنظيم توريد المنتجات ذات الاستخدام المزدوج إلى أوكرانيا، وتنفيذ أعمال تهدف إلى تقويض وحدة أراضي روسيا وتنظيم حصار السفن الروسية ونقل البضائع في بحر البلطيق. وتشمل القائمة ممثلين عن مؤسسات أوروبية أخرى وهيئات حكومية تابعة للاتحاد الأوروبي، ودولاً أوروبية.
رد فعل الكرملين
اعتبر الكرملين أن الحزمة الـ18 من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا تعد جزءاً من سياسة مناهضة لروسيا، لكنه أعرب عن ثقته في قدرة البلاد على التعامل مع القيود بفضل "حصانتها" المتطورة، بحسب ما ذكر السكرتير الصحافي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف.
وقال بيسكوف "نشهد توجهاً متشدداً ومعادياً لروسيا في أوروبا. ونعتبر هذه القيود الأحادية الجانب غير قانونية ونعارضها".
وأشار المتحدث باسم "الكرملين" إلى أن كل جولة جديدة من العقوبات لها عواقب سلبية على الدول التي تفرضها، وأن روسيا تعتزم تحليل الإجراءات الجديدة لتقييم أثرها. وأضاف "اكتسبنا حصانة معينة من العقوبات"، مؤكداً متانة الاقتصاد الروسي.
وأكد السكرتير الصحافي للرئيس الروسي أن بلاده اكتسبت خبرة واسعة في التغلب على العقوبات الغربية، وتعتزم استخدام الآليات التي طورت لتطبيق تدابير تقييدية جديدة للحد من آثارها السلبية. وأضاف "لدينا خبرة واسعة في هذا المجال، وسنستخدمها بكل الطرق الممكنة".
وذكر المتحدث باسم "الكرملين" بأن الجانب الروسي يعد جميع العقوبات المفروضة عليه غير شرعية. وبحسب قوله، "كلما كانت القيود المقبلة أشد، كان تأثيرها الانتقامي على الاتحاد الأوروبي نفسه أكثر وضوحاً".
وصرح نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك بأن خفض سقف سعر النفط الروسي إلى 45 دولاراً للبرميل الذي أقره الاتحاد الأوروبي، لن يحقق الأثر المتوقع، وهو محاولة للإضرار بالاتحاد الروسي، مشيراً أيضاً إلى أن زيادة حجم إمدادات النفط الروسية إلى الدول الصديقة لا تعود إلى فرض سقوف سعرية، بل إلى العقوبات المفروضة على روسيا من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى. وأكد نوفاك أن سقوف الأسعار السارية منذ أكثر من عامين لا تؤثر في استقرار صادرات الطاقة الروسية.
وصرح وزير الطاقة الروسي سيرغي تسيفيليف بأن الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي اعتباراً من عام 2027 لن يؤثر بصورة كبيرة على تطور هذه الصناعة. ومع ذلك، أشار المسؤول إلى أن هذه القيود قد تبطئ معدل نمو القطاع.
وأشار وزير الطاقة إلى أنه في حال فرض الاتحاد الأوروبي قيوداً جديدة، يعتزم منتجو الغاز الطبيعي المسال الروس مواصلة العمل في مشاريع الاستثمار والبنية التحتية الحالية. وخلال الوقت نفسه تتوقع الوزارة إعادة توجيه الصادرات إلى دول أخرى، إضافة إلى توسيع مسارات التصدير.
ولا تستبعد موسكو استخدام تدابير مضادة رداً على الحزمة الـ18 من العقوبات المفروضة على روسيا. وصرح بذلك نائب وزير خارجية الاتحاد الروسي ألكسندر غروشكو خلال الـ18 من يوليو الجاري. وقال "إذا لزم الأمر، سنتخذ إجراءات تضمن مصالحنا. ومن الممكن أيضاً اتخاذ بعض التدابير المضادة". وأضاف أن روسيا ستحلل كيفية تأثير الحزمة الجديدة من العقوبات على اقتصاد البلاد.
من خضع للعقوبات؟
شملت حزمة العقوبات الأوروبية الجديدة أكثر من 50 فرداً وشركة ومنظمة مرتبطة بوكالات حكومية روسية، إضافة إلى القطاعين الصناعي والمالي داخل البلاد. فقد أدرج الاتحاد الأوروبي المخرج السينمائي الروسي كارين شاخنازاروف في قائمة الأشخاص الخاضعين للعقوبات. وتشمل القائمة أيضاً رئيس جامعة القرم الفيدرالية التي تحمل اسم "ف. ي. فيرنادسكي" فلاديمير كوريانوف، والنائبة الأولى لوزير الثقافة في جمهورية القرم أولغا بوروفا، إضافة إلى المدير العام السابق لصندوق التنمية الإقليمية إيلشات شاجياخميتوف. وخلال الوقت نفسه، يظهر شاجياخميتوف في وثيقة الاتحاد الأوروبي المنشورة بصفته الرئيس الحالي للمنظمة. وفي المجمل، أضيف 14 شخصاً إلى قائمة العقوبات الجديدة، من بينهم مواطنون من الصين والهند وإيران.
عارضت سلوفاكيا الحزمة الـ18 للعقوبات خلال اجتماع الممثلين الدائمين للدول الأعضاء ضمن الأوروبي في بروكسل مطلع يوليو الجاري، وكان موقف براتيسلافا مشروطاً بالمطالبة بضمانات تعويض في حال وقوع خسائر اقتصادية محتملة. وأكدت السلطات السلوفاكية أن رفض الواردات من روسيا قد يشكل خطراً على أمن الطاقة لديها، ويؤثر سلباً في الاقتصاد الوطني.
مع ذلك، سرعان ما أعلن رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو أن بلاده، التي عرقلت سابقاً الموافقة على حزمة العقوبات الجديدة، مستعدة الآن لدعمها. وحسب قوله، فقد تمكن من التوصل إلى اتفاق مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في شأن تقديم ضمانات للبلاد.
وصرحت المجر بأن الإجراءات التي اتخذتها دول الاتحاد الأوروبي للضغط على روسيا لا تحقق أهدافها، بل هي غير فعالة. وأشار المحلل في المركز المجري للحقوق الأساس زولتان كوسكوفيتش "نصطدم بالحائط للمرة الـ18".
وواجه الاتحاد الأوروبي صعوبة في الاتفاق على العقوبات بسبب موقف مالطا المعارض لهذه العقوبات. وكما ذكرت "بوليتيكو"، فقد أعرب ممثل عن هذا البلد عن عدم موافقته على مبادرة المفوضية الأوروبية، وتضمنت المبادرة تحديد سعر أقصى للنفط الروسي يقل بنسبة 15 في المئة من قيمته السوقية، محسوباً على أساس متوسط ثلاثة أشهر.
علاوة على ذلك، أعلنت إستونيا عن نيتها عرقلة حزمة العقوبات الجديدة إذا حذف البند المتعلق بخفض الحد الأقصى لأسعار النفط الروسي إلى 45 دولاراً للبرميل من مسودة القرار، ووفقاً لوزير خارجية إستونيا مارغوس تساكنا ينبغي اعتبار تحديد حد أقصى لأسعار موارد الطاقة الروسية عنصراً أساساً في حزمة الإجراءات التقييدية التالية.
ضغوط بلا حدود
ما إن أقر الاتحاد الأوروبي بالفعل حزمة القيود الـ18 ضد روسيا، حتى بدأ يستعد لفرض الحزمة الـ19 من العقوبات.
منذ بدء الصراع داخل أوكرانيا خلال فبراير (شباط) 2022، فرض الاتحاد الأوروبي 18 حزمة عقوبات على موسكو. وأقرت الحزمة الـ17 قبل الأخيرة خلال الـ20 من مايو (أيار) 2025، وشملت 75 فرداً وكياناً تعتبرهم أوروبا مسؤولين عن أعمال تقوض سيادة أوكرانيا.
علاوة على ذلك، بدأ الاتحاد الأوروبي بالفعل بإعداد الحزمة الـ19 من العقوبات بعد فترة وجيزة من إقرار القيود الحالية. ووفقاً لمارغوس تساكنا تهدف الإجراءات الجاري إعدادها إلى زيادة الضغط على روسيا في سياق العمليات العسكرية في أوكرانيا.
لكن، كيف تفاعل العالم مع العقوبات الجديدة المفروضة على روسيا؟
في ألمانيا، صرح المتخصص السياسي ألكسندر راهر بأن فرض عقوبات صارمة على روسيا هو "المحاولة الأخيرة" للاتحاد الأوروبي للضغط على البلاد، مضيفاً أن أوروبا تملك أداتين رئيستين لدعم أوكرانيا وهما زيادة إمدادات الأسلحة، وفرض قيود اقتصادية إضافية على الاتحاد الروسي.
ومع ذلك، أكد راهر أن احتياطات الأسلحة لدى الدول الأوروبية آخذة في التقلص، مما يحد بصورة كبيرة من إمكانية تقديم مزيد من الدعم العسكري لكييف. وفي هذا الصدد، تصبح العقوبات المخطط لها آخر أداة نفوذ فعالة متبقية في ترسانة الاتحاد الأوروبي. خلال الوقت نفسه، قد تسفر محاولات عزل روسيا تماماً عن عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي، بما في ذلك احتمال انهيار عمليات العولمة وتقويض الهياكل الدولية مثل منظمة التجارة العالمية.
وفقاً لمكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات)، قد يخسر الاتحاد الأوروبي ما يصل إلى ربع وارداته الشهرية من الأسمدة بسبب فرض قيود تجارية جديدة، أو قد يواجه زيادة كبيرة في كلفة الإمدادات. وبحسب الوكالة، ورد المنتجون الروس للسوق الأوروبية 376 ألف طن من الأسمدة خلال أبريل (نيسان) 2025، وهو ما يمثل 27 في المئة من إجمال واردات الاتحاد الأوروبي.
خلال الوقت نفسه، تتفاوت حصة المنتجات الروسية باختلاف أنواع الأسمدة، البوتاس 18 في المئة والنيتروجين 29 في المئة، والأسمدة المختلطة 33 في المئة. وفي حال استمرار العقوبات الحالية سيجبر المزارعون الأوروبيون إما على التعاون مع موردين بديلين، أو على تحمل كلف إضافية لشراء الأسمدة.
بعد إقرار الحزمة الـ18 من العقوبات ضد روسيا، ناشد الجانب الصيني الاتحاد الأوروبي الكف عن الإجراءات التي تضر بالمصالح المشروعة لشركات البلاد، وأعلن الممثل الرسمي لوزارة الخارجية لين جيان عن حق الصين في اتخاذ تدابير مضادة لحماية الشركات الصينية.
وأعربت الهند عن استعدادها لوقف شراء النفط الروسي في حال فرض عقوبات أشد وفقاً لوزير النفط الهندي هارديب سينغ بوري، موضحاً أن بلاده تمتلك شبكة واسعة من موردي الطاقة، مما يسمح لها بالاستجابة السريعة لتغيرات السوق العالمية. وأكد أن الهند ستتمكن من تعويض أي انخفاض محتمل في الإمدادات، وأنها لا ترى أية تهديدات خطرة لأمنها الطاقي.
هل تتوقف الحرب؟
يبدو أن الأوروبيين تعلموا من الولايات المتحدة استخدام سياسة العقوبات في سياساتهم الدولية، ويظهر أنهم مثل واشنطن أدمنوا فرضها ضد كل من يخالف طموحاتهم الجيوسياسية أو يعارض مصالحهم والنظام الدولي الذي تتزعمه أميركا، والقائم على القواعد وليس على المبادئ ولا القانون الدولي، فمنذ فبراير 2022 يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات منتظمة على روسيا، وعادة ما يجمع قيوداً مختلفة في ما يسمى حزم العقوبات.
في العقوبات الجديدة حاول الأوروبيون حرمان موسكو من أهم مورد مالي يتأتى من تصدير النفط ومواد الطاقة الأخرى، لكنهم نسوا أو تجاهلوا أن المشترين في الدول الصديقة لروسيا يحظون بميزة تنافسية في مفاوضات الخصومات. وأنه بفضل المهارة والإعداد المناسبين للشركات الروسية تمكنت موسكو من كسب هذه الميزة.
يفضي استقلال موسكو في نقل النفط إلى إجراء آخر من الحزمة الـ18، وهو مكافحة "أسطول ناقلات الظل". يتعلق الأمر بحظر دخول ناقلات النفط والسفن الأخرى المذكورة في ملحق اللائحة 833/2014 إلى الموانئ وغيرها من العمليات، وطبق هذا الإجراء حتى عام 2025 وترفع الحزمة الـ18 عدد هذه السفن إلى 447 وحدة.
تعقد هذه القيود نقل النفط بما في ذلك تضييق إمكانات التزود بالوقود أو تجديد المخزونات في موانئ الاتحاد الأوروبي، ولكن لا يمكن اعتبارها حرجة، فالتسليم ممكن تماماً من دون أية مشاركة من الاتحاد الأوروبي. وجرت محاولات لاحتجاز ناقلات نفط روسية، لكن بحر البلطيق وخليج فنلندا وهما أكثر المناطق ملاءمة لمثل هذه التأخيرات يضمان أسطول البلطيق الروسي ذي الرايتين الحمراوين، وبالمقارنة مع التحالفات العملياتية الاستراتيجية الأخرى التابعة للبحرية الروسية، يعد أسطول البلطيق صغيراً نسبياً. ومع ذلك، لا تزال قواته كافية لمنع تحول العقوبات الاقتصادية إلى إجراءات عقابية ضد ناقلات النفط في منطقة بحر البلطيق.
من الإجراءات الأخرى حظر شراء المنتجات البترولية من دول ثالثة، والمصنعة من النفط الروسي. للوهلة الأولى، يتوافق هذا الإجراء مع واقع عام 2025، ومن الواضح أن جزءاً من النفط الروسي المورد للدول الصديقة يستخدم من قبل هذه الدول للمعالجة ثم يصدر إلى الاتحاد الأوروبي. ولكن هناك فروقاً دقيقة، إذ تحصل الدول الثالثة على هامش ربح من المعالجة، ويمثل الحظر الجديد من بروكسل ضربة لها لأنه يحرمها من هذا الهامش.
نظرياً، قد يؤثر ذلك بصورة غير مباشرة على روسيا من خلال انخفاض الطلب على نفطها. لكن عملياً، تستطيع دول ثالثة المناورة باحتياطاتها عبر استخدام نفط دول أخرى للتكرير واستبداله بمواد خام روسية.
اتخذت أيضاً تدابير بارزة في القطاع المالي. فقد توسع عدد البنوك الروسية الخاضعة لحظر تقديم خدمات الرسائل المالية (أو ببساطة الانفصال عن "سويفت") بموجب المادة 5ح من اللائحة 833/2014. وكان هذا الإجراء مطبقاً سابقاً، ويبلغ الآن 55 بنكاً من هذا النوع، كما يجري توسيع القيود نفسها.
إلى جانب الانفصال عن "سويفت"، تحظر أية معاملات في نطاق اختصاص الاتحاد الأوروبي ولأشخاص من الاتحاد. بالنسبة إلى عام 2022 سيكون لهذا الإجراء صدى واسع، لا سيما أن البنوك الـ10 الأولى خضعت لهذه العقوبات خلال مارس (آذار) ويونيو 2022. ولكن خلال عام 2025 لن تتغير هذه القيود كثيراً. أولاً، خضعت بعض البنوك بالفعل لعقوبات الاتحاد الأوروبي، بينما تخضع أخرى لعقوبات أميركية.
نظراً إلى تجربة الغرامات الضخمة التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية، غالباً ما تتجنب شركات الاتحاد الأوروبي التعامل مع الكيانات الخاضعة لعقوبات الحجب الأميركية. لذا فإن تصعيد الحزمة الـ18 في ما يتعلق بالقطاع المالي الروسي لا يغير الوضع جذرياً.
ويواصل الاتحاد الأوروبي مكافحة نظام "الرسائل المالية" الروسي الذي يعد بديلاً ناجحاً لنظام "سويفت" الأوروبي، بعدما وسع إلى حد ما شروط فرض عقوبات على بنوك الدول الأخرى لاستخدامها هذا النظام. ولكن في هذه الحال من المرجح أن تخشى الدول الأخرى من تهديدات مماثلة من الولايات المتحدة، إضافة إلى ذلك بدأ الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات مالية ثانوية على البنوك المتورطة في توريد سلع ذات استخدام مزدوج إلى روسيا، إذ يحظر التعامل مع مؤسستين ماليتين صينيتين. ومع ذلك، فنحن نتحدث عن بنوك إقليمية صغيرة وليس مؤسسات كبيرة. ومن غير المرجح أن يؤثر عزلها عن سوق الاتحاد الأوروبي ونظامه المالي عليها، ولكن التعاملات التجارية مع روسيا يمكن أن تحقق لها أرباحاً.
ويجري توسيع نطاق ضوابط التصدير. وأدرج 26 كياناً، بما في ذلك كيانات أجنبية في الملحق الرابع من اللائحة 833/2014. ويحظر على هذه الكيانات توريد سلع ذات استخدام مزدوج، ولا تطبق أية استثناءات على هذه الإمدادات، إلا أن هذه السلع تخضع بالفعل لحظر واسع النطاق منذ عام 2022. ومن غير المرجح أن يسفر توسيع القائمة من خلال تضمين شركات من دول ثالثة عن نتائج كبيرة، فهذه غالباً ما تكون شركات وسيطة صغيرة يمكن استبدال شركات أخرى بها بسهولة.
ينطبق الشيء نفسه على توسيع قائمة السلع المحظور توريدها. وفُرض أخطر حظر قبل عامين أو ثلاثة أعوام، ومن الصعب إضافة أي شيء جديد جذرياً إليه. وتنشئ الحزمة الـ18 آلية قانونية لتشديد الرقابة على إعادة تصدير السلع المحظورة عبر دول ثالثة، لكنها لا تعني حظراً مباشراً، ويمكن للدول الأعضاء استخدامها وفقاً لتقديرها الخاص، ولم تتضح بعد ممارسة تطبيقها.
إن الإجراء الوارد في الحزمة الـ18 حيال عدم الاعتراف بقرارات محاكم التحكيم في الدول الأجنبية في شأن النزاعات المتعلقة بالعقوبات المفروضة على روسيا ليس جديداً، فقد اتخذت إجراءات فعالة هنا العام الماضي، بما في ذلك ضمن إطار الحزمة الـ14 من العقوبات.
أما بالنسبة إلى العقوبات المالية الجديدة المفروضة بموجب اللائحة 269/2014، فهي في معظمها إجراءات روتينية، فإضافة إلى مؤسسات الصناعات الدفاعية والشركات الصناعية، تفرض قيود بالفعل كالمعتاد على شركات من الصين والهند تورد سلعاً صناعية إلى روسيا. ويعد حظر العقوبات على شركة "نايارا إنرجي" المحدودة الهندية حدثاً بارزاً. ووفقاً لسلطات الاتحاد الأوروبي، فإن الشركة مملوكة بنسبة 49 في المئة لشركة "روسنفت" الروسية. شكل انخراط الشركة في أعمال قطاع الطاقة الروسي أساساً لفرض عقوبات على شركة "نايارا إنرجي" المحدودة.
من المرجح أن بروكسل تهدف من خلال هذه العقوبات الجديدة إلى إرسال إشارة إلى الشركات في الدول الصديقة لروسيا مفادها أن العلاقات مع قطاع الطاقة الروسي محفوفة بعقوبات ثانوية، وستظهر الممارسة كيفية إدراك هذه الإشارة بدقة. لكن الولايات المتحدة التي تمتلك بالفعل آليات قانونية وخبرة في تطبيق مثل هذه العقوبات، لم تتمكن من إحداث تغييرات جوهرية بالنسبة إلى روسيا في هذا المجال بعد.
باختصار، لا يمكن تجاهل عقوبات الاتحاد الأوروبي الجديدة، بل يجب مراقبة تأثير عدد من الإجراءات الجديدة على الشركات ومعاملاتها مع الدول الأجنبية من كثب، ومع ذلك ينطبق هذا على أية حزمة عقوبات جديدة. ويبدو اعتبار الحزمة الـ18 "من أقوى العقوبات" مبالغاً فيه، وهو صخب كلامي وصراخ هذياني أكثر مما هو تقييد عملي واقعي، لذلك يؤكد العارفون أن عقوبات العالم كله لا يمكنها أن توقف خطط وطموحات فلاديمير بوتين، سواء منها الحربية أو السياسية أو حتى الاقتصادية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
ترمب يفرض رسوما إضافية 25 في المئة على واردات الهند
أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الأربعاء أمراً تنفيذياً بفرض رسوم جمركية إضافية 25 في المئة على الواردات من الهند، قائلاً إن "نيودلهي تستورد نفطاً من روسيا بصورة مباشرة أو غير مباشرة". في المقابل، ذكر مصدر حكومي في الهند اليوم إن رئيس الوزراء ناريندرا مودي سيزور الصين للمرة الأولى منذ أكثر من سبعة أعوام، في إشارة إلى تحسن العلاقات الدبلوماسية مع بكين في حين تتصاعد حدة التوتر بين نيودلهي وواشنطن. وقال المصدر لـ"رويترز" إن "مودي سيتوجه إلى الصين لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون متعددة الأطراف التي تبدأ في الـ31 من أغسطس (آب) الجاري"، بينما لم ترد وزارة الخارجية الهندية بعد على طلب للتعليق. وتأتي زيارة مودي في وقت تشهد العلاقات بين الهند والولايات المتحدة أكبر أزمة منذ أعوام، بعدما فرض ترمب أعلى الرسوم الجمركية بين الدول الآسيوية على السلع المستوردة من الهند، وهدد بفرض عقوبة أخرى غير محددة على مشتريات نيودلهي من النفط الروسي. أما بالنسبة إلى الرسوم الجمركية الأميركية على نيودلهي، فمن المرجح أن تتحول الهند التي تحصل على أكثر من ثلث وارداتها النفطية من روسيا، إلى إمدادات من الشرق الأوسط وأفريقيا ومناطق أخرى إذا اضطرت إلى خفض الواردات الروسية بسبب العقوبات الأميركية المحتملة. لماذا تستورد الهند النفط الروسي؟ واتجهت الهند إلى شراء النفط الروسي الذي يباع بسعر مخفض، بعدما فرضت الدول الغربية عقوبات على موسكو وتجنبت إمداداتها بسبب هجومها على أوكرانيا عام 2022. وصارت روسيا المورد الأول للهند، إذ توفر نحو 35 في المئة من إجمال إمداداتها، مقابل أقل من اثنين في المئة قبل الحرب في أوكرانيا. وارتفعت أسعار النفط الخام العالمية إلى 137 دولاراً للبرميل بسبب المخاوف من نقص الإمدادات في أعقاب العقوبات التي قادها الغرب قبل أن تستقر الأسعار مرة أخرى. وأدت أسعار الخام الروسي المتدنية إلى خفض الكلف بالنسبة إلى مصافي التكرير الهندية، إذ تستورد الهند أكثر من 85 في المئة من حاجاتها النفطية. ما هي كمية النفط الروسي التي تشتريها الهند؟ وأظهرت بيانات تجارية أن الهند، ثالث أكبر مستوردي ومستهلكي النفط في العالم، تلقت نحو 1.75 مليون برميل يومياً من النفط الروسي خلال النصف الأول من العام الحالي، بزيادة واحد في المئة عن عام 2024. وبينما تشتري شركات التكرير الحكومية الهندية النفط الروسي من التجار، فإن شركتي التكرير الخاصتين "نايارا إنرجي" و"ريلاينس إندستريز المحدودة"، المشغلة لأكبر مجمع تكرير في العالم، لديهما صفقات توريد طويلة المدى مع "روسنفت" الروسية. لماذا يريد ترمب أن تخفض الهند وارداتها من النفط الروسي؟ وفي وقت سابق، قال ترمب إنه سيزيد الرسوم الجمركية المفروضة على السلع المستوردة من الهند بصورة كبيرة من 25 في المئة حالياً، مع استمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي. وحذر من أن الدول التي تشتري الصادرات الروسية قد تواجه عقوبات إذا لم تتوصل موسكو إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا، وقاومت نيودلهي هذه الضغوط، نظراً إلى علاقاتها طويلة الأمد مع روسيا وحاجاتها الاقتصادية، ومع ذلك توقفت شركات التكرير الحكومية الهندية عن شراء النفط الروسي. ما هي الخيارات أمام الهند؟ إلى جانب روسيا، تشتري الهند النفط من العراق، المورد الأول لها قبل الحرب في أوكرانيا ثم السعودية والإمارات، وتشتري شركات التكرير الهندية في الغالب النفط من منتجين في الشرق الأوسط بموجب صفقات سنوية مع مرونة في طلب مزيد من الإمدادات كل شهر. ومنذ تحذير ترمب من العقوبات، اشترت شركات التكرير النفط الخام من الولايات المتحدة والشرق الأوسط وغرب أفريقيا وأذربيجان. ويقول وزير النفط الهندي هارديب سينغ بوري إن بلاده نوعت مصادر إمداداتها إلى نحو 40 دولة، مضيفاً أن "مزيداً من الإمدادات تأتي إلى السوق من غيانا والبرازيل وكندا". يشار إلى أن الهند تحتل المرتبة الثانية في قائمة مشتري النفط الروسي، مما يوفر عليها مليارات الدولارات من خلال شراء النفط الخام بسعر مخفض، ويمثل في الوقت نفسه مصدراً رئيساً للإيرادات التي تمول الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا. وعندما اندلعت الحرب عام 2022 استغلت الهند فرصة انخفاض أسعار النفط الخام، فارتفعت وارداتها من روسيا بصورة كبيرة، وأثار ذلك غضب ترمب الذي هدد الهند بزيادة الرسوم الجمركية، مما دفع نيودلهي إلى اعتبار أي قرار محتمل بهذا الخصوص "غير مبرر وغير منطقي". وتعتمد الهند، أحد أكبر مستوردي النفط الخام في العالم، على الموردين الأجانب لتلبية أكثر من 85 في المئة من حاجاتها النفطية. واعتمدت نيودلهي تقليدياً على دول الشرق الأوسط، لكن منذ عام 2022 تحولت بصورة حادة نحو النفط الخام الروسي بأسعاره المخفضة، مستفيدة من سوق مشترين نشأت في موازاة الحظر الغربي على صادرات موسكو. وعام 2024، بلغت حصة روسيا ما يقارب 36 في المئة من إجمال واردات الهند من النفط الخام مقارنة بنحو اثنين في المئة قبل الحرب، وفقاً لبيانات نشرتها وزارة التجارة الهندية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وفي ذروة التعاملات، مثلت روسيا أكثر من 40 في المئة من واردات الهند من النفط الخام عام 2024، وبلغت مشتريات نيودلهي ما يقارب 1.8 مليون برميل من النفط الخام الروسي يومياً في 2024، ومثل ذلك نحو 37 في المئة من إجمال صادرات موسكو النفطية. وأول من أمس الإثنين، أعلنت وزارة الخارجية الهندية أنها "بدأت الاستيراد من روسيا لأن الإمدادات التقليدية حولت إلى أوروبا بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا". وأشارت أيضاً إلى أن واشنطن آنذاك "شجعت الهند بنشاط على هذه الواردات بهدف تعزيز استقرار سوق الطاقة العالمية"، وأدت العقوبات الغربية إلى خفض أسعار النفط الخام الروسي. وعلى رغم أن ميزة الأسعار تراجعت من نحو 14 في المئة في السنة المالية 2023-2024 إلى نحو سبعة في المئة في السنة المالية 2024-2025، لا يزال النفط الخام الروسي جذاباً من الناحية الاقتصادية للهند. وتؤكد نيودلهي أن مشترياتها من النفط الخام أسهمت في الحفاظ على استقرار أسعار النفط الخام العالمية، وتعتبر أنه لولا هذه الواردات لارتفعت الأسعار العالمية إلى 120-130 دولاراً للبرميل. ويقول المحلل في "كابيتال إيكونوميكس" شيلان شاه خلال مذكرة "يمكن للهند، من حيث المبدأ، العثور على موردين آخرين غير روسيا لتلبية حاجاتها من الطاقة بسهولة نسبية وبانعكاسات اقتصادية ضئيلة"، إذ يرى أن تغيير الموردين ممكن أيضاً من الناحية اللوجستية. ويضيف أن "جميع مشتريات الهند تقريباً من النفط الروسي تصل عبر السفن، وسيكون تغيير الموردين أكثر صعوبة إذا سلّم النفط عبر خطوط أنابيب".


الوئام
منذ ساعة واحدة
- الوئام
ترمب يتحرك ضد 'التمييز المصرفي' بالبنوك
يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب توقيع أمر تنفيذي اليوم الخميس يهدف إلى القضاء على بعض ممارسات البنوك والجهات التنظيمية للقطاع المصرفي، التي تؤدي إلى حرمان بعض العملاء من الوصول إلى الخدمات المالية لأسباب أيديولوجية. ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن مسؤول كبير في البيت الأبيض رفض الكشف عن هويته القول إن الأمر يوجه الجهات التنظيمية المصرفية الاتحادية إلى إلغاء معايير مخاطر السمعة من إرشاداتها وموادها التدريبية، وتحديد المؤسسات المالية التي مارست عمليات 'إلغاء التعامل المصرفي' غير القانونية في الماضي. كما يوجه الأمر السلطات الاتحادية بفرض غرامات أو اتخاذ أي تدابير تصحيحية أخرى تراها مناسبة بحق المؤسسات التي يثبت اتباعها لهذه السياسات. كما يطلب من الجهات التنظيمية مراجعة بيانات الشكاوى، وإحالة حالات إلغاء المعاملات المصرفية غير القانونية القائمة على أساس ديني إلى وزارة العدل. كما يطالب المؤسسات المالية الخاضعة لسلطة إدارة المشروعات الصغيرة بذل جهود معقولة لإعادة العملاء الذين حُرموا من الخدمات بشكل غير قانوني. وتتهم إدارة ترمب بعض أكبر البنوك في الولايات المتحدة بإغلاق حسابات عملاء لأسباب سياسية أو دينية. وقد اشتكى العديد من الأمريكيين المحافظين من أن شركات وول ستريت الكبرى قد أوقفت التعاملات المصرفية لشركات صناعة الأسلحة، وشركات الوقود الأحفوري، والجماعات الدينية، وشركات العملات المشفرة على أسس أيديولوجية من المتوقع أن يوقع ترمب على الأمر التنفيذي، إلى جانب إجراء يهدف إلى تشجيع تداول والاستثمار في الأصول البديلة، مثل الأسهم الخاصة، والعقارات، والعملات المشفرة، في حسابات التقاعد. وقد نشرت قناة فوكس بيزنس تفاصيل الأمر التنفيذي بشأن التعاملات المصرفية في وقت سابق. وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي، قال ترمب إن البنوك مارست التمييز ضده في الماضي. وقال في مقابلة مع قناة سي.إن.بي.سي أول أمس الثلاثاء إن بنك جيه بي مورجان تشيس طلب منه إغلاق حسابات احتفظ بها لعقود في غضون 20 يومًا، كما رفض بنك أوف أمريكا محاولته إيداع أكثر من مليار دولار. وأضاف الرئيس أن الجهات التنظيمية في إدارة الرئيس السابق جو بايدن أُمرت 'بتدمير ترمب'. ونفى بنكا جيه.بي مورجان وبنك أوف أمريكا اتخاذ أي قرارات بشأن أنشطتهما على أسس أيديولوجية.


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
أسهم أوروبا ترتفع بعد سريان الرسوم الجمركية الأميركية
صعدت الأسهم الأوروبية اليوم الخميس مع ارتفاع نتائج الشركات، وذلك خلال وقت بدأ فيه سريان معدلات رسوم جمركية أميركية مرتفعة على عشرات الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. وارتفع مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي 0.2 في المئة، مع صعود معظم البورصات الرئيسة في أوروبا خلال التعاملات، وانخفض مؤشر "فايننشال تايمز 100" البريطاني 0.2 في المئة، في حين ارتفع المؤشر "أس أم آي" القياسي السويسري 0.1 في المئة. ودخلت الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب حيز التنفيذ اليوم، بما في ذلك رسوم تبلغ 39 في المئة على سويسرا. وقال مصدر إلى "رويترز" إن الرئيسة السويسرية كارين كيلر زوتر غادرت واشنطن أمس الأربعاء، من دون أن تتمكن من الالتقاء مع ترمب أو أي من كبار المسؤولين التجاريين. وخلال اليوم، تعرض قطاع الاتصالات لضغوط وانخفض 2.2 في المئة، إذ هبط سهم شركة "فرينت أي جي" 8.5 في المئة، وتراجع سهم شركة "دي تي تيليكوم" 5.2 في المئة بعد إعلان النتائج الفصلية. ومن بين الأسهم الفردية ارتفعت أسهم "ميرسك" 5.3 في المئة، بعد رفع مجموعة الشحن توقعاتها لأرباح العام بأكمله بسبب الطلب العالمي على شحن الحاويات عبر المحيطات. اليورو يهبط في سوق العملات الكبرى، انخفض اليورو بعد تسجيل أعلى مستوى خلال أسبوع ونصف الأسبوع في وقت سابق من جلسة اليوم، مع ترحيب المستثمرين بالمحادثات الجارية لتحقيق انفراجة في شأن إنهاء الحرب داخل أوكرانيا. وقفز الجنيه الاسترليني بعد خفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة اليوم، لكن أربعة من الأعضاء التسعة في لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي سعوا إلى إبقاء كلف الاقتراض من دون تغيير بسبب قلقهم من ارتفاع التضخم. وقال محللون إن لجنة السياسات النقدية لا تزال ملتزمة نهجها "التدرجي والحذر" في التيسير النقدي، مما خفف من المخاوف من اتباع نهج أكثر ميلاً إلى التشديد النقدي، وارتفع الجنيه الاسترليني خلال أحدث التعاملات 0.55 في المئة إلى 1.3421 دولار. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) واستقر الدولار بعد انخفاضه خلال وقت سابق من الجلسة، وسط تزايد المخاوف إزاء تأثير الانتماءات الحزبية على المؤسسات الأميركية الرئيسة. وانخفض اليورو 0.1 في المئة إلى 1.1645 دولار بعدما بلغ 1.1688 دولار وهو أعلى مستوى له منذ 28 يوليو (تموز) الماضي، مع النظر إلى احتمالية التوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا على أنها محرك إيجابي. وانخفض الفرنك السويسري 0.20 في المئة إلى 0.8079 للدولار، وارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من العملات الرئيسة 0.05 في المئة إلى 98.28، بعد تسجيل مستوى منخفض جديد خلال أسبوع ونصف الأسبوع عند 97.94. ووفقاً لأداة "فيد ووتش" التابعة لمجموعة "سي أم أي"، يتوقع المتعاملون بنسبة 91 في المئة خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع البنك المركزي الأميركي خلال سبتمبر (أيلول) المقبل مقارنة مع 48 في المئة قبل أسبوع، ويتوقعون أيضاً خفوضاً بمقدار 60 نقطة أساس هذا العام، وصعد اليوان الصيني على نحو طفيف. الذهب يصعد مع فرض ترمب رسوم جمركية إضافية على صعيد أسواق المعادن النفيسة، ارتفع الذهب اليوم بدعم من تجدد الطلب على الملاذ الآمن، بعدما فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً إضافية تبلغ 25 في المئة على الواردات الهندية، مما أدى إلى تعميق الخلافات التجارية. وزاد الذهب ضمن المعاملات الفورية 0.3 في المئة إلى 3378.18 دولار للأوقية (الأونصة)، وصعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.4 في المئة إلى 3445.60 دولار. وقال كبير محللي السوق لدى "كيه سي أم تريد" تيم ووترر "كان ترمب يطلق تهديدات جديدة في شأن الرسوم الجمركية، وهو ما يبقي الذهب في المشهد كأداة دفاعية للمستثمرين". أصدر ترمب أمراً تنفيذياً أمس بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة على السلع الواردة من الهند، قائلاً إن الدولة تواصل استيراد النفط الروسي، مما أدى إلى تعميق الخلاف التجاري بين البلدين بعد وصول المحادثات إلى طريق مسدود. وستؤدي ضريبة الاستيراد الجديدة التي ستدخل حيز التنفيذ بعد 21 يوماً من السابع من أغسطس (آب) الجاري إلى رفع الرسوم على بعض الصادرات الهندية إلى ما يصل إلى 50 في المئة، وهي من أعلى الرسوم المفروضة على أي شريك تجاري للولايات المتحدة. وقال ترمب أيضاً إن الولايات المتحدة ستفرض رسوماً جمركية تبلغ 100 في المئة تقريباً على واردات أشباه الموصلات، لكنه قدم إعفاء كبيراً يتمثل في عدم تطبيق الرسوم على الشركات التي تصنع في الولايات المتحدة أو التي تعهدت بذلك. وحوم مؤشر الدولار قرب أدنى مستوياته خلال أكثر من أسبوع، بعدما أثارت بيانات الوظائف الأميركية التي جاءت ضعيفة على نحو مفاجئ الأسبوع الماضي توقعات بخفض "الفيدرالي" سعر الفائدة خلال سبتمبر المقبل، مما قدم دفعة للذهب. ويعد الذهب من أصول الملاذ الآمن خلال أوقات الضبابية السياسية والاقتصادية، ويميل إلى الازدهار عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة. وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، صعدت الفضة ضمن المعاملات الفورية 0.5 في المئة إلى 38.04 دولار للأوقية، وهبط البلاتين 0.4 في المئة إلى 1328.77 دولار وارتفع البلاديوم 1.3 في المئة إلى 1146.80 دولار.