
رفض الجزائر تسلّم مُدان بالإرهاب يُعمق الأزمة مع فرنسا
وأكدت مصادر قضائية جزائرية، نقلاً عن مسؤولين جزائريين، لـ«الشرق الأوسط»، أن السلطات رفضت إصدار وثيقة موافقة قنصلية لصالح بوعلام بن سعيد، المتهم في «قضية تفجيرات قطار الضاحية بباريس في صيف 1995».
وأوضحت المصادر أن إحدى القنصليات الجزائرية في فرنسا «لم تردَّ على طلب السلطات الفرنسية إصدار تفويض قنصلي يتيح ترحيل بن سعيد، وعدمُ الرد يعني امتناعاً صريحاً من جانب الجزائر». ولفتت المصادر إلى أن الجزائر «توقفت عن إقرار التراخيص الخاصة بترحيل رعاياها، الذين صدرت بحقّهم أوامر إدارية بمغادرة التراب الفرنسي، منذ بداية الأزمة الدبلوماسية»، التي اندلعت في نهاية يوليو (تموز) 2024، على أثر إعلان «الإليزيه» دعمه خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء.
ووفق اتفاقاتٍ أبرمتها الحكومتان، عام 1994، يلتزم الطرفان باستقبال رعاياهما المصنَّفين في خانة «الخطر على الأمن»، وذلك استناداً إلى ما يُعرف بـ«الرخصة القنصلية»، التي جرى العمل بهل منذ ذلك الحين.
وأضافت المصادر نفسها أن «موقفين تباينا حول ملف بن سعيد في الجزائر؛ الأول يرى ضرورة استقباله للاطلاع على ما لديه من معلومات حول ملابسات قضية التفجيرات وكل ما دار بشأنها، بينما يرى الثاني أنه لا جدوى من جلبه في الوقت الراهن، خاصة أن التعاون الأمني بين البلدين معلَّق بسبب التوترات السياسية».
صورة أرشيفية لبوعلام بن سعيد المُدان في تفجيرات باريس عام 1995 (متداولة)
وأكدت وسائل إعلام فرنسية، السبت، أن بوعلام بن سعيد (57 سنة)، المحكوم عليه بالسجن المؤبد بسبب تفجير قطار الضاحية بباريس سنة 1995، طلب وضعه تحت الإقامة الجبرية إلى حين ترحيله إلى الجزائر، وفق ما نقلته صحيفة «وست فرنس»، عن محاميه رومان رويز. وأشارت التقارير الفرنسية إلى أنه «رغم صدور قرار قضائي يسمح بإطلاق سراحه في 1 أغسطس (آب) 2025، بشرط نقله إلى الجزائر، لم تُسلّم الجزائر وثيقة المرور، في ظل توتر دبلوماسي بين البلدين».
وحُكم على بن سعيد بالسجن المؤبد مع 22 سنة من «مدة الأمان القضائية»، بسبب تفجير محطة سان ميشال على خط «آر أو آر بي» بالعاصمة باريس، والذي أسفر عن 8 قتلى، و150 جريحاً، وهو لا يزال مسجوناً في مدينة أونسيسايم (إقليم الراين الأعلى شرق فرنسا)، رغم قرار محكمة الاستئناف بباريس، الصادر في 10 يوليو (تموز) الماضي، الذي سمح بإطلاق سراحه في 1 أغسطس بشرط نقله إلى الجزائر.
جانب من مخلّفات تفجيرات مترو باريس عام 1995 (أرشيفية متداولة)
وقد أُدين بوعلام بن سعيد بوضع القنبلة، في 25 يوليو (تموز) 1995 بمحطة القطار، وينفذ عقوبته منذ نحو ثلاثين سنة. يُشار إلى أنه يتحدر من حي باب الزوار الشعبي بالضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، حيث تقيم عائلته حالياً.
وتبنّت «الجماعة الإسلامية المسلّحة» في الجزائر، حينها، موجة الهجمات تلك، التي جاءت احتجاجاً على ما وصفته بـ«دعم فرنسا» للنظام الجزائري، في وقتٍ كانت البلاد قد دخلت في دوامة من العنف على أثر تدخُّل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي فاز فيها الإسلاميون نهاية 1991.
وقد أُرسلت طلبات الحصول على وثيقة المرور إلى القنصلية الجزائرية في ستراسبورغ بشرق فرنسا، يوم 31 يوليو، «لكن لم يصل أي رد إلى الآن»، وفق «وست فرنس»، التي أشارت إلى أن «العلاقات الدبلوماسية المتوترة بين باريس والجزائر تزيد من صعوبة تنفيذ عمليات الترحيل، إذ تمتنع الحكومة الجزائرية، منذ أكثر من عام، عن استقبال مواطنيها المرحَّلين قسراً».
وصرح محامي بن سعيد: «هذا الاحتجاز تعسفيّ ويُشوّه سُمعة كل من يتحمل مسؤوليته»، معتبراً أنه «لا شيء يمنع» تطبيق الإقامة الجبرية المنصوص عليها في قانون دخول وإقامة الأجانب وحق اللجوء». وأضاف: «لا بوعلام بن سعيد، ولا أي إنسان آخر، يجب أن يتحمل وضعاً خارج القانون كهذا، حيث يُبقي السياسي القضاء معلَّقاً».
وزيرا خارجيتي الجزائر وفرنسا في 6 أبريل 2025 (الخارجية الجزائرية)
وفي 1 أغسطس الحالي، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان نوييل بارو الجزائر إلى الموافقة على تسلم بن سعيد، موضحاً أن «هذا واجب تتحمّله»، لافتاً إلى أنها «لم تُبدِ حتى الآن قبولها» الطلب. وقال أيضاً: «في هذه القضية تحديداً، أعتقد أن الجزائر ستتصرف بروح من المسؤولية عبر استعادة مُواطنها»، مشيراً إلى أن «العلاقات بين البلدين مجمَّدة تماماً منذ القرار المفاجئ للجزائر بطرد 12 دبلوماسياً فرنسياً» في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، وذلك في سياق توالي موجات التصعيد بين الطرفين.
وتعود «مشكلة التراخيص القنصلية» بين الجزائر وفرنسا إلى «أزمة التأشيرات»، التي اندلعت في سبتمبر (أيلول) 2021، حين أعلن وزير الداخلية الفرنسي السابق (وزير العدل حالياً) جيرالد دارمانان، تقليص منح التأشيرات لمواطني الجزائر والمغرب وتونس، مبرّراً ذلك بـ«رفض هذه الدول إصدار التراخيص القنصلية اللازمة» لترحيل رعاياها المقيمين في فرنسا بشكل غير قانوني.
وتعمّقت الأزمة، مطلع العام الحالي، مع إصرار وزير الداخلية برونو روتايو على ترحيل «مؤثرين» جزائريين مقيمين في فرنسا، بحجة «تهديدهم معارضين للسلطة الجزائرية بالقتل»، في حلقة جديدة من حلقات الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مباشر
منذ 29 دقائق
- مباشر
فرنسا وألمانيا وبريطانيا يدرسون إعادة فرض العقوبات على إيران
مباشر- أفادت صحيفة فاينانشال تايمز أمس الثلاثاء بأن فرنسا وألمانيا وبريطانيا أبلغت الأمم المتحدة باستعدادها لإعادة فرض العقوبات على إيران إن لم ترجع طهران إلى المفاوضات مع المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي. وأضاف التقرير نقلا عن رسالة اطلعت عليها الصحيفة أن وزراء خارجية ما تسمى بمجموعة الترويكا الأوروبية كتبوا إلى الأمم المتحدة أمس الثلاثاء للإشارة إلى احتمال "إعادة فرض العقوبات" ما لم تتخذ إيران إجراء. وقال الوزراء في الرسالة "لقد أوضحنا أنه إذا لم تكن إيران مستعدة للتوصل إلى حل دبلوماسي قبل نهاية أغسطس آب 2025، أو أنها لا تغتنم فرصة التمديد، فإن مجموعة الدول الأوروبية الثلاث مستعدة لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات". ويأتي تحذير مجموعة الترويكا الأوروبية بعد محادثات "جادة وصريحة ومفصلة" مع إيران في إسطنبول الشهر الماضي، وهو أول اجتماع مباشر منذ الضربات الإسرائيلية والأمريكية على مواقع نووية إيرانية.


الشرق السعودية
منذ 2 ساعات
- الشرق السعودية
"الترويكا الأوروبية" تمهل إيران حتى نهاية أغسطس قبل إعادة فرض العقوبات
أبلغت فرنسا وألمانيا وبريطانيا الأمم المتحدة بأنها مستعدة لتفعيل آلية "سناب باك" (آلية الزناد) لإعادة فرض العقوبات على طهران، إذا لم تستأنف المفاوضات مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي، وفق ما أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية. وكتب وزراء خارجية الدول الثلاث، المعروفة بـ"الترويكا الأوروبية"، رسالة إلى الأمم المتحدة، الثلاثاء، قائلين: "لقد أوضحنا أنه إذا لم تكن إيران مستعدة للتوصل إلى حل دبلوماسي قبل نهاية أغسطس 2025، أو أنها لا تغتنم فرصة التمديد، فإن مجموعة الدول الأوروبية الثلاث مستعدة لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات". وتم توجيه الرسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ومجلس الأمن الدولي، ووقّعها وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، ووزير الخارجية الألماني يوهان واديفول، ووزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي. وتأتي الرسالة الأوروبية الجديدة، بعد شهرين من ضربات أميركية وإسرائيلية استهدفت مواقع نووية في إيران. وكانت طهران وواشنطن عقدتا 5 جولات من المحادثات بوساطة سلطنة عُمان، ولكن المحادثات تم تعليقها نتيجة حرب الـ12 يوماً بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي. وواجهت المحادثات نقاط خلاف رئيسية، مثل مطالب أميركية بوقف تخصيب اليورانيوم. "إيران لم ترد على عرض التمديد" وأبلغت التريوكا الأوروبية، وهي الدول الموقعة على الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، إيران خلال محادثات في تركيا الشهر الماضي، أنها قد تمدد موعد أغسطس النهائي لتفعيل العقوبات إذا وافقت طهران على استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة، والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل سبتمبر. ووصف دبلوماسي غربي للصحيفة البريطانية، تلك المحادثات بأنها كانت "صعبة". وفي رسالتهم إلى الأمم المتحدة، قالت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إن عرضها بالتمديد "ظل دون رد من إيران". وأكد الوزراء أن "التمديد المحدود سيوفر مزيداً من الوقت لإجراء محادثات تهدف إلى إبرام اتفاق نووي جديد، مع الحفاظ على القدرة على إعادة فرض العقوبات لمنع انتشار الأسلحة النووية". خلال الفترة الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترمب، انسحبت الولايات المتحدة عام 2018 من الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمه سلفه باراك أوباما وعدة قوى عالمية، وهو اتفاق لا يزال قائماً ويضع قيوداً كبيرة على برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات. ومن المقرر أن تنتهي العقوبات الأممية في 18 أكتوبر، ما لم تُفعّل إحدى الدول الأطراف المتبقية، المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين، آلية "سناب باك". تمسك أوروبي بحق تفعيل "سناب باك" وفي رسالتهم إلى الأمم المتحدة، قال وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا إنهم يملكون "مبرراً قانونياً واضحاً ولا لبس فيه" لإعادة فرض العقوبات على إيران، واعتبروا أن طهران منذ عام 2019 "انتهكت عمداً" التزاماتها بموجب الاتفاق. وتوعد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، الأسبوع الماضي، بـ"رد مناسب وعواقب" على "الترويكا الأوروبية"، حال تفعيلها "سناب باك"، المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، وفق وكالة أنباء "مهر نيوز" الإيرانية. وأشار بقائي إلى أنه ليس للدول الأوروبية الثلاث أي حق قانوني في استخدام "سناب باك" لإعادة فرض العقوبات، موضحاً أن إساءة استخدام هذه الأداة ستكون لها عواقب. وبعد اجتماع إسطنبول في يوليو، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لصحيفة "فاينانشيال تايمز" إن الدول الأوروبية الثلاث لا تملك "أساساً قانونياً أو أخلاقياً" لتفعيل آلية "سناب باك"، محذراً من أن إيران ستستبعد القوى الأوروبية من أي محادثات نووية مستقبلية إذا مضت في هذا المسار. واتهم عراقجي "الترويكا الأوروبية" بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق، وقال إن آلية إعادة فرض العقوبات "لم تعد بتلك الأهمية". وأضاف: "مع الأوروبيين، لا يوجد سبب الآن للتفاوض لأنهم لا يستطيعون رفع العقوبات، ولا يستطيعون فعل أي شيء، إذا قاموا بتفعيل سناب باك، فهذا يعني أن الطريق قد وصل إلى نهايته بالنسبة لهم". وقالت طهران إنها لا تزال منفتحة على المحادثات مع إدارة ترمب، لكنها شددت موقفها بسبب الهجوم الإسرائيلي الذي جاء قبل 48 ساعة من جولة سادسة من المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة. وأوضح عراقجي أن إيران تريد ضمانات من الولايات المتحدة بعدم تعرضها لهجوم خلال المحادثات المستقبلية، كما تريد "إجراءات لبناء الثقة" تشمل موافقة واشنطن على تعويض إيران عن أضرار الحرب. وأعلنت إيران في يونيو تعليق تعاونها مع "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، التي كانت تملك مفتشين في البلاد، وذلك عقب حرب الـ12 يوماً، والتي تخللها قصف أميركي للمواقع النووية الإيرانية. والتقى مسؤول رفيع في "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" بمسؤولين إيرانيين في طهران، الاثنين، لكن الوكالة لم تعلق على الزيارة. إيران مستعدة لـ"مفاوضات مباشرة" مع أميركا وأبدى محمد رضا عارف، النائب الأول للرئيس الإيراني، الثلاثاء، استعداد بلاده لإجراء "مفاوضات مباشرة" مع الولايات المتحدة "حال توفر الظروف"، واستيفاء الشروط التي طالبت بها طهران، حسبما نقلت وكالة "إسنا" الإيرانية للأنباء. ووصف النائب الأول للرئيس الإيراني، الدعوات الأميركية التي تطالب بالوقف النهائي لتخصيب اليورانيوم بأنها "مزحة كبيرة"، مشيراً إلى أن طهران ستتواصل مع الدول التي تتوسط في المفاوضات مع الولايات المتحدة، بشأن آخر التطورات بشأن الملف النووي الإيراني. وشددت إيران، الأسبوع الماضي، على عدم تخليها عن تخصيب اليورانيوم، مؤكدة أنها لن تجري أي مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة. وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن طهران "لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم"، معتبراً أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعمل بطريقة "مسيسة".


العربية
منذ 5 ساعات
- العربية
الترويكا الأوروبية تدرس إعادة فرض العقوبات على إيران
أفادت صحيفة فاينانشال تايمز، الثلاثاء، بأن فرنسا وألمانيا وبريطانيا أبلغت الأمم المتحدة باستعدادها لإعادة فرض العقوبات على إيران إن لم ترجع طهران إلى المفاوضات مع المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي. وأضاف التقرير نقلا عن رسالة اطلعت عليها الصحيفة أن وزراء خارجية ما تسمى بمجموعة الترويكا الأوروبية كتبوا إلى الأمم المتحدة أمس الثلاثاء للإشارة إلى احتمال "إعادة فرض العقوبات" ما لم تتخذ إيران إجراء. وقال الوزراء في الرسالة "لقد أوضحنا أنه إذا لم تكن إيران مستعدة للتوصل إلى حل دبلوماسي قبل نهاية أغسطس آب 2025، أو أنها لا تغتنم فرصة التمديد، فإن مجموعة الدول الأوروبية الثلاث مستعدة لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات". ويأتي تحذير مجموعة الترويكا الأوروبية بعد محادثات "جادة وصريحة ومفصلة" مع إيران في إسطنبول الشهر الماضي، وهو أول اجتماع مباشر منذ الضربات الإسرائيلية والأميركية على مواقع نووية إيرانية. يذكر أن خمس جولات من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة حول الملف النووي بوساطة عُمان كانت انتهت هذا العام دون نتائج، مع بدء العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، والضربات التي نفذتها القوات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية. فيما أجرى ممثلو دول "الترويكا الأوروبية" (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) حينها أيضاً مفاوضات مع طهران، لكنهم فشلوا في لعب دور الوساطة لإبرام اتفاق جديد بشأن النووي الإيراني.