
الجامعة القاسمية تصدر العدد العاشر من مجلة "منارة القاسمية"
بالتزامن مع مرور عشرة أعوام على تأسيس الجامعة القاسمية.. أصدرت الجامعة العدد العاشر من مجلتها الثقافية الفصلية "منارة القاسمية"، حيث تضمّن ملفًا خاصًا استعرض أبرز المحطات المفصلية التي رسّخت هوية الجامعة ومسيرتها الأكاديمية، وما تحقق خلالها من تطورات بارزة، وتوسع في البرامج الدراسية، وبناء شراكات محلية وإقليمية ودولية، بالإضافة إلى إسهامها في رفد المجتمع بكفاءات علمية متميزة من مختلف الجنسيات.
وركّز العدد على برامج الدراسات العليا التي تُطرح للمرة الأولى، وهي: ماجستير الفقه وأصوله، وماجستير اللغة العربية وآدابها، لما تمثّله هذه البرامج من بعد علمي وفكري يعكس التوجه الاستراتيجي للجامعة نحو تعميق البحث العلمي، وتخريج باحثين يمتلكون أدوات التحليل والاستنباط في ميادين العلوم الإنسانية.
كما استعرض العدد سلسلة من المبادرات النوعية والرائدة، من أبرزها: افتتاح مدارس لتحفيظ القرآن الكريم في إفريقيا، ومنصة "مُبِين" الرقمية لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها. وأشار إلى حصول الجامعة على الاعتماد المؤسسي الدولي من هيئة الاعتماد البريطانية "ASIC".
تميّز العدد بمحتوى ثري شارك في إنتاجه طلبة الجامعة وأعضاء الهيئتين الأكاديمية والإدارية، حيث تضمن مقالات علمية وفكرية، وأعمالًا إبداعية متنوّعة شملت التصوير الفوتوغرافي، والرسم، وكتابة المقالات، والفنون البصرية المختلفة.
كما تضمّن العدد عرضًا خاصًا لطالبة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية حول كتاب "حصاد السنين"، لمؤلفه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الذي يوثّق فيه مسيرته في العمل العام، ويعكس رؤيته التنموية والثقافية في بناء الإنسان والمكان.
وتضمّن العدد مقابلة حصرية مع الشيخ سعود بن سلطان القاسمي، المدير العام لدائرة الشارقة الرقمية. كما خصّصت المجلة "شخصية العدد" للحديث عن إحدى الشخصيات الملهمة في المشهد الثقافي، وهي الشيخة جواهر بنت عبدالله القاسمي، التي تميزت بمسيرة مهنية بارزة في مجالي الفن والإعلام، من خلال قيادتها لمؤسسة "فن".
وأكد سعادة الأستاذ الدكتور عواد الخلف، مدير الجامعة القاسمية، أن إصدار هذا العدد يمثل محطة توثيقية مهمّة تتزامن مع الاحتفال بمرور 10 سنوات على افتتاح الجامعة؛ بما تمثله من مسيرة رائدة في التميز الأكاديمي والعطاء المعرفي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 2 ساعات
- البيان
220 مليون دولار أنفقها "فريك كوليكشن" لـ"يبقي كل شيء على حاله"
بعد مرور خمس سنوات وبتكلفة بلغت 220 مليون دولار، أصبح متحف «فريك كوليكشن» مألوفًا أكثر من أي وقت مضى. ويُعد إعادة افتتاح المتحف للجمهور في أبريل الماضي الحدث الأبرز في عالم المتاحف، خاصة في وقت تتسابق فيه المؤسسات على تنفيذ توسعات ضخمة وعالية التكلفة بهدف تحسين صورتها وجذب المزيد من الزوار. إلا أن التخطيط الدقيق والمدروس للحفاظ على أصالة متحف «فريك كوليكشن»، وفقًا لفلسفة "تغيير كل شيء ليبقَى كل شيء على حاله"، هو الذي كسب الرهان. وتعود قصة المتحف العالمي الشهير إلى رجل الأعمال هنري كلاي فريك، الذي ترك مجموعته الفنية والمبنى الذي يضمها في وصيته عند وفاته عام 1919، ليصبح المتحف متاحًا للجمهور منذ عام 1935. ومنذ ذلك الحين، تضاعفت المجموعة تقريبًا بفضل إضافة أعمال أوروبية تمتد من القرن الثالث عشر حتى القرن العشرين. من جانب آخر، يقع المتحف في قصر قديم من العصر المذهب مقابل سنترال بارك في مانهاتن، وكان مغلقًا منذ أوائل عام 2020، عندما تزامنت جائحة فيروس كورونا مع أعمال ترميم مخطط لها منذ فترة طويلة. وخلال فترة الإغلاق، عُرِضت أبرز مقتنيات مجموعته ذات الشهرة العالمية، التي تمتد من عصر النهضة حتى القرن التاسع عشر، بشكل مؤقت في مبنى حديث قريب من تصميم المهندس المعماري مارسيل بروير، والذي كان في السابق مقرًا لمتحف ويتني للفن الأمريكي. والجدير بالذكر أن «فريك كوليكشن»، تحت شعار "تغيير كل شيء ليبقَى كل شيء على حاله"، جدد التركيز على إبراز مجموعة الأعمال الفنية وسط كل التغييرات. ومع إتمام كل التفاصيل بدقة، أضاف 27,000 قدم مربعة إلى المبنى ومساحة العرض الدائمة والمعارض. وتعني هذه المساحة الإضافية أن الأعمال الفنية المفضلة القديمة قد تكون في مواقع جديدة، وأن الأعمال التي تم تخزينها لفترة طويلة يمكن أن تحظى أخيرًا بالاهتمام، فقد ارتفعت نسبة المجموعة المعروضة من 25% إلى 47%. ويُعد هذا المشروع أكبر تغيير يشهده المتحف منذ أن قام جون راسل بوب (1874-1937) بتجديد المبنى الأصلي الذي صممه توماس هاستينجز (1860-1929) قبل افتتاحه للجمهور في عام 1935. وشملت أعمال التجديد، التي أُعلن عنها لأول مرة عام 2014، حفريات تحت الأرض لإنشاء قاعة جديدة. وللمرة الأولى في تاريخه، أزال المتحف الستار المخملي وحباله الذهبية الضخمة التي يعود تاريخها إلى 100 عام عند قاعدة درجه الكبير، وفتح أبوابه للزوار في الطابق الثاني، مع تيسير الوصول عبر مصاعد عامة جديدة. وتتضمن هذه الطوابق سلسلة من عشر غرف وخمسة ممرات إضافية في هذا المنزل التاريخي المليء بالتحف الفنية. ومن بين تلك التحف، يمكن العثور على واحدة من أشهر لوحات المجموعة، وهي بورتريه "لويز، دوقة برولي"، من أعمال الفنان جان أوغست دومينيك إنغر عام 1845، والذي يبدو أكثر روعة من أي وقت مضى بفضل إضاءته الجديدة في "غرفة الجوز" بالطابق الثاني، إلى جانب لوحاتٍ شهيرة لأساتذة الفن القدامى، بما في ذلك أعمال رامبرانت فان راين (1606-1669)، وهانز هولباين الأصغر (1497-1543). كما شمل مشروع الترميم إنشاء استوديوهات حفظ جديدة لمجموعات المتحف والمكتبة. واستُثمرت أموال أيضًا في تفاصيل دقيقة، مثل إعادة إنتاج بعض الأقمشة والستائر بالتعاون مع الشركات الأصلية التي أنتجتها لعائلة "فريك" قبل أكثر من 100 عام. وكذلك السقف الذي يحمل جدارية زرقاء من الفن الصيني على القماش رسمها الفنان المغمور الآن ج. ألدن تواتشتمان (1882-1974). وفي عام 1914، استعان رجل الأعمال هنري كلاي فريك بالممثلة إلسي دي وولف (1859-1945)، وهي أول مصممة ديكور داخلي محترفة في البلاد، لتزيين معظم الطابق الثاني. بلغت التكلفة الإجمالية للمشروع 330 مليون دولار، بما في ذلك تكاليف نقل مجموعة "فريك" مؤقتًا إلى متحف "فريك ماديسون"، المبنى الشهير الذي صممه مارسيل بروير، والذي كان المقر السابق لمتحف "ويتني" قبل أن ينقل نشاطه إلى مبنى جديد. ووصلت التكاليف المباشرة لتجديد "فريك" إلى 220 مليون دولار، وتشمل الأعمال الجديدة والتحسينات والتجديد والترميم. وتُعد هذه القيمة أقل بكثير مقارنةً بمشاريع تجديد ضخمة أخرى، مثل متحف المتروبوليتان، الذي يُتوقع أن تصل تكلفة تجديده إلى ملياري دولار بحلول نهاية عام 2025، أو متحف مقاطعة لوس أنجلوس للفنون الذي جمع حوالي 750 مليون دولار لمشاريعه المستمرة، ومتحف ميلووكي للفنون الذي يُقدر أنه أنفق حوالي 240 مليون دولار على تجديده.


سكاي نيوز عربية
منذ 9 ساعات
- سكاي نيوز عربية
الإعلان عن مكان وموعد جنازة زياد الرحباني
الجنازة في كنيسة " رقاد السيدة" في المحيدثة، بكفيا في لبنان ، في الرابعة بعد ظهر غدا الإثنين. ووفقا لتقارير، من المنتظر أن تُقام مراسم العزاء في الكنيسة نفسها، يوم الاثنين من الساعة 11 صباحا حتى السادسة مساء، ويُستأنف استقبال المعزّين في اليوم التالي، الثلاثاء، في التوقيت ذاته. تفاصيل الجنازة يوم الاثنين: تقام صلاة الجنازة عليه ظهر الاثنين المقبل في كنيسة رقاد السيدة . يوم الاثنين: تتقبل أسرته واجب العزاء قبل الدفن وبعده في صالون الكنيسة بداية من الساعة 11:00 صباحا حتى الساعة 18:00. يوم الثلاثاء، تتقبل الأسرة العزاء بداية من الساعة 11:00 صباحا حتى الساعة 18:00. كان زياد الرحباني كاتبا وملحنا وموسيقيا ومسرحيا عاشقا للفن. أضحك الجمهور كثيرا بنقد ساخر، لكنه حاكى به الواقع اللبناني المرير من الانقسامات الطائفية والعصبيات والتقاليد. ولم ينج من انتقاداته، لا سيما في سنوات تألقه الأولى، فن والديه التقليدي والفولكلوري. وفي السنوات الأخيرة، عانى زياد الرحباني من تدهور صحي أثر على نشاطه الفني. وكان زياد الرحباني معروفًا بجرأته في طرح الأفكار والمفاهيم الفنية الجديدة. أعماله تتميز بالعمق الفني والفكري، حيث يطرح قضايا مهمة ويعبر عن مشاعر وأفكار معقدة. فنان وملحن ومسرحي وكاتب لبناني اشتهر بموسيقاه الحديثة وتمثيلياته السياسية الناقدة. تميز أسلوب زياد الرحباني بالسخرية والعمق في معالجة الموضوع، كما أنه يعتبر صاحب مدرسة في الموسيقى العربية والمسرح العربي المعاصر. ولد زياد في 1 يناير 1956. أمه هي نهاد حداد المغنية ذات الشهرة العالمية والمعروفة بفيروز. ووالده هو عاصي الرحباني أحد الأخوين رحباني الرواد في الموسيقى والمسرح اللبناني. في العام 1973 قدم زياد رحباني، الذي كان في عمر 17 سنة، أول لحن لوالدته فيروز حينما كان والده عاصي في المستشفى، وكان ذلك لأغنية "سألوني الناس" الشهيرة والتي لاقت نجاحا كبيرا. لاحقا،، قدم زياد أعمالا غنائية لفيروز وهي: أنا عندي حنين، البوسطة، عندي ثقة فيك، بعتلك، ضاق خلقي، سلملي عليه، حبو بعضن، يا جبل الشيخ وغيرها. أول ظهور لزياد على المسرح كان في مسرحية " المحطة" حيث لعب دور الشرطي فيما ظهر أيضا في مسرحية "ميس الريم" وأدى دور الشرطي أيضا. قام الرحباني بكتابة أولى مسرحياته "سهرية" ثم كتب مسرحيات أخرى مثل "فيلم أميركي طويل"، "شي فاشل"، "بالنسبة لبكرا شو" وغيرها. تزوج زياد من السيدة دلال كرم لكنه انفصل عنها لاحقا، ثم ارتبط بالفنانة اللبنانية كارمن لبس لمدة 15 عاما، قبل أن ينفصلا لاحقا.

خليج تايمز
منذ 12 ساعات
- خليج تايمز
زياد الرحباني: معزوفة الحرية الإنسانية والنغمة الباقية
في رحيل زياد الرحباني، لا نفقد مجرد فنان أو موسيقار، بل يغيب عصفور الحرية الذي ترنم بألحان صادمة، وناقداً ثاقب البصيرة عكف على استشراف مجتمع بعيون شاعر ثائر. إنه الصوت الذي وظف الموسيقى والكلمة لنبوءة تغيير، ليتجاوز الأبعاد الفنية إلى كون فكره تجسيدًا حقيقياً للوجدان الجمعي اللبناني والعربي. وُلد زياد في حضن أسرة فنية تشكلت ركيزتها على عبق التقاليد والمتانة النوعية. ابن عاصي وفيروز، بطلي الغناء اللبناني الأصيل، استُقبل في عالم الموسيقى منذ نعومة أظفاره، لكن مسيرته لم تكن مجرد محاكاة أو امتداد لما سبق؛ بل انطلقت، ومنذ بداياته، في انعتاق حر من كل القيود، إذ آمن بأن الفن رسالة لا بد أن تحمل وجع الناس وتمثل صوت المظلومين. تميزت أعمال زياد الرحباني بتأثير موسيقي ثوري، تعانق فيه الشرق والغرب في رقصة متناغمة. مزج بين الألحان الشرقية العميقة والتجارب الغربية المعاصرة، خاصة الجاز والكلاسيكية، ما خلق عالماً صوتياً خصباً مدعوماً بكلمات صريحة وُصفت بالجرأة في نقد الواقع. لم يكن مجرد ملحن يكتب للغناء بل كان شاعرًا ومسرحيًا يحمل هماً اجتماعياً وسياسياً جريئاً. في مسرحياته، قدم زياد مشاهد ساخرة وناقدة من واقع الوطن العربي، مستخدمًا الفكاهة والألم في آنٍ واحد. أعماله مثل "سهريّة"، "نزل السرور"، و"فيلم أمريكي طويل" لم تكن مجرد عروض درامية بل كانت مرايا تعكس معاناة الإنسان العربي من الفساد، الظلم، والاغتراب. لم يخف تأثير السياسة والمجتمع على رؤيته الفنية، بل صنع منها صُلب نهجه في الإبداع. على الصعيد الغنائي، أهدى زياد والدته فيروز ألحانًا لا تُنسى تركت أثرًا خالدًا في الذاكرة العربية، من بينها «كيفك إنت» و«بلا ولا شي». غنى من خلالها أحزان وهموم ومآسي الشعوب، وراح صوته يختلط بنغمات الحزن الممزوجة بالأمل، وكأن الموسيقى كانت بزوغًا لعالم أفضل. إنه لم يكن مجرد موسيقي، بل ظاهرة ثقافية وحضارية. حمل عبء الضمير الحي، الصوت الذي لا ينحني، وصوت الذين صمتوا. ترك بصمة لا تُمحى في مشهد الفن اللبناني والعربي، كونه استطاع أن يعبر عن واقع المجتمعات برؤية نقدية وتفاؤل انتقادي في آنٍ واحد. الراحل زياد الرحباني كان، وما يزال، روح المقاومة الفنية التي تدعو للتغيير بالموسيقى والكلمة، رجل الفن والمسرح الذي تكلم باسم الذين لا صوت لهم، وبنى على أوتار عزفه قصيدة لم تنتهِ، قصيدة الحرية والكرامة. ليظل إرثه منارة لكل مبدع يسعى لأن تلامس فنه عمق الروح الإنسانية، وأن يظل صدى أعماله موسيقى ترتقي بالأفكار الخالدة، معزوفةً شفافةً تعانق قلوب محبيه وعشاق الحرية إلى الأبد. مسرح السياسة والهوية في سماء الفن اللبناني، لا يمكن اختزال عبقرية زياد الرحباني دون التوقف عند تجربته المسرحية التي تتوج إنجازاته الفنية بفكر نقدي صلب يغوص في جراح وطنه. فقد عمد زياد منذ بدايات السبعينيات إلى ابتكار مسرح سياسي وساخر، سرد من خلاله مأساة الإنسان اللبناني في ظل واقع محاط بالحروب، الطائفية، والفساد. كانت انطلاقته عام 1973 مع مسرحية "سهرية"، التي لم تكن مجرد مسرحية تقليدية، بل كانت بمثابة "حفلة أغانٍ" توصل رسالته من خلال الموسيقى، لكن مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية تحوّر أسلوبه جذريًا. في "نزل السرور" (1974)، جذب الأنظار إلى معاناة الطبقة الشعبية التي تواجه القهر الاجتماعي والطبقي، مستخدمًا لغة هزلية تخفي مرارة الواقع. تابع رحلته عبر أعماله الخالدة مثل "بالنسبة لبكرا شو؟" (1978)، التي أصبحت عنوانًا متداولًا يرمز للشك واليأس من المستقبل في لبنان، حيث يرصد من خلال قصة زوجين يديران مطعمًا صغيرًا حال المجتمع المضطرب، وكأنها مرايا تعكس هشاشة الأمل وسط الخراب. في "فيلم أميركي طويل" (1980)، انتقل زياد بجرأة إلى مسرح العبث، عبر مستشفى للأمراض النفسية تجسد شخصياته مأساة واقعية لإحباط المثقفين والقوى السياسية وسط الداهمة اللبنانية. أما "شي فاشل" (1983) فكانت قصيدة لليأس الذي استحكم بعد سنوات من الصراعات، حيث مارس نقدًا لاذعًا على النظام التعليمي والفساد الإداري. ومع بداية التسعينيات، عاد للمسرح بـ "بخصوص الكرامة والشعب العنيد" (1993) و"لولا فسحة الأمل" (1994)، مواصلًا نهجه النقدي الحاد ضد أمراء الحرب والطبقة السياسية الفاسدة، معبّرًا عن تعب شعب يغرق في خيبات الأمل ضائعًا في متاهات السلام الأهلي المزيف. تميزت مسرحيات زياد بالتركيز على الشخصيات من الطبقات الشعبية، التي حملت لواء النقد الاجتماعي والسياسي، مما أعطى صوته بعدًا جذريًا كان صدمة للمسرح اللبناني التقليدي، وجعل من خشبة المسرح منبرًا لمقاومة المجتمع المدني عبر الفن. مسرح زياد الرحباني ليس مجرد عروض درامية، بل هو وثيقة حية توثق أوجاع لبنان، نافذة تُطل على وجدان أمة ممزقة، حيث الماء والدم والموسيقى تتداخل لتشكّل سردًا لا يُنسى عن وطن يعانق الألم والأمل في آنٍ معًا. عبقرية مبكرة منذ نعومة أظفاره، بزغت عبقرية زياد الرحباني الموسيقية في بيت استثنائي؛ فصار رفيق والده عاصي في التلحين منذ الطفولة، حتى أسند له في سن السابعة عشرة مهمة تلحين أغنية «سألوني الناس» لفيروز، لتكون تلك اللحظة مفترقًا بين مدرستين: الرحابنة الكلاسيكية، ونزعة زياد الثائرة على حدود المألوف. تميّز زياد بإدخال أنماط جديدة على الأغنية اللبنانية، مزج فيها بين تراث الشرق بعمقه، والجاز الغربي والكلاسيك، حتى قيل إنه فتح باباً جديداً في الألحان جعل التجريب سمة أساسية لصوته الخاص. لم تكن موسيقاه لحنًا زخرفيًا فقط، بل كانت تعبيراً عن موقف ورؤية اجتماعية وفكرية، فحملت الأغنية لديه عمقًا نقديًا وسخرية مُرّة، وجعل من المسرح والموسيقى مرآة جريئة للواقع اللبناني والعربي. من أهم إبداعاته الموسيقية: لحن عشرات الأغاني الخالدة لوالدته فيروز، من بينها: «سألوني الناس»، «كيفك إنت»، «بلا ولا شي»، «عودك رنان»، «البوسطة»، «عندي ثقة فيك»، «سلملي عليه»، «إيه في أمل»، «أنا عندي حنين»، وغيرها من الأغاني التي حُفرت في الوجدان العربي. ألبوماته الغنائية والموسيقية مثل "وحدن" (1979)، "معرفتي فيك" (1987)، "كيفك إنت" (1991)، "إلى عاصي" (1995)، "مش كاين هيك تكون" (1999)، و"إيه في أمل" (2010). أعماله المسرحية الغنائية المصاحبة كمسرحيتي "سهرية"، و"نزل السرور"، و"بالنسبة لبكرا شو"، والتي صنع لها موسيقى حية نابضة تداخلت مع نقده السياسي والاجتماعي. بأدائه الخاص، أطل بصوته في أغانٍ شهيرة مثل "الحالة تعبانة"، "دلوني عالعينين السود"، "عايشة وحده بلاك"، "بصراحة"، "البوسطة"، و"اسمع يا رضا". وفي توزيع الألحان، كان زياد متفردًا؛ فقد أدخل إيقاعات وأصوات الآلات الغربية، كالبيانو والساكسفون والترومبيت إلى الأغنية الشرقية، ففتح طريقًا غير مسبوق في الموسيقى العربية. وُصف بأنه "صوت الوجع الساخر"؛ إذ لم تكن موسيقاه تخلو من مرارة النقد وفيض المشاعر. ساهم زياد كذلك بشكل هائل في تجديد التجربة الفنية لفيروز؛ إذ نقل صوتها من جيل إلى جيل بألحان ومعانٍ وأفكار عصرية دون أن ينزع عنها الشجن الرحباني الأصيل. لم يتردد في التجريب، فكان كل عمل له مساحة لاكتشاف جديد في الأنغام والكلمات والتوزيع. ويبقى إرث زياد الموسيقي، كلماته وألحانه وألحانه المسرحية، ذاكرة جمعية نابضة؛ مرآة تعكس هواجس وهموم أجيال، وتجسّد قدرة الموسيقى على رصد المجتمع وتحريضه على الحلم والتغيير. لقد أحدث ثورة ناعمة في الأغنية العربية، وربط الناس بفنه لأنه ببساطة غنّى وجعهم بالإبداع والخروج عن المألوف. زياد الرحباني وسيد درويش زياد الرحباني وسيد درويش هما من أعمدة الموسيقى العربية، ولكل منهما بصمته الخاصة وتأثيره البارز على التراث الموسيقي والثقافي، مع وجود أوجه تقاطع ونقاط تأثير بينهما في تاريخ الموسيقى. سيد درويش (1892-1923) يُعتبر رائدًا موسيقيًا وفنانًا متمردًا بدأ في تحويل الأحاسيس الشعبية إلى ألحان موسيقية متقنة، وابتكر نوع الأوبريت كما يجب أن يُقدم، وكان له دور بارز في تطوير المسرح الغنائي المصري والعربي. وقد كان تأثيره كبيرًا على أخوين الرحباني، حيث نشأ عاصي الرحباني في نفس العام الذي توفي فيه سيد درويش. المسرح الغنائي الذي أسسه الأخوان الرحباني حمل الكثير من أثر سيد درويش، خصوصًا في تقديم الأغاني الجماعية والمسرحية. كما تأثر الأخوان بالموسيقى المصرية بشكل عام، واتجهوا إلى المزج بين التراث الشرقي والنغمات الغربية في موسيقاهم، مما أعطاهم طابعًا فنيًا فريدًا. زياد الرحباني، الابن الأكبر لعاصي الرحباني وفيروز، مثّل جيلًا جديدًا من المبدعين الذين تابعوا مسيرة التجديد الموسيقي، متأثرًا بموسيقى سيد درويش التي كانت جزءًا من تراث عائلته الموسيقي. زياد عرف بأنه ابتكر صوتًا موسيقيًا يحمل توترًا إيقاعيًا قويًا، يجمع بين الجاز والكلاسيكية والموسيقى الشرقية. كما تكلم عن تأثير سيد درويش في تجديد الأغنية العربية وخصوصًا الأغاني التي تحمل رسائل اجتماعية وسياسية. زياد أكمل ما بدأه سيد درويش في جعل الموسيقى شكلاً من أشكال التعبير والرفض السياسي والاجتماعي، مع ميل إلى المزج الفني والتجريب. باختصار، سيد درويش هو المؤسس والرائد الذي مهدّ الطريق للموسيقيين العرب بما فيهم عائلة الرحباني، بينما زياد الرحباني كان المبدع الذي وظف هذا الإرث وأضاف إليه روح حداثية وتوسعًا إيقاعيًا وفنيًا وشكل صوتًا جديداً يعبر عن اللحظة اللبنانية والعربية بمنظور نقدي وسياسي وأبداعي عميق. زياد الرحباني، الموسيقار اللبناني، وُلد في بيئة فنية عريقة حملت في طياتها إرث الموسيقى العربية التقليدية، وقد تأثر بشكل واضح برائد الموسيقى العربية سيد درويش. قال زياد رحباني بنفسه: «لو أن سيد درويش عاش أطول لانتهى إلى ما وصل إليه الأخوان رحباني». هذا يعبر عن مدى تشابه الروح المتمردة والطموح التجديدي بين الرجلين. تأثير سيد درويش على زياد الرحباني سيد درويش كان فنانًا شعبيًا متمردًا، بالأخص في كيفية تحويله للأحاسيس الشعبية إلى ألحان موسيقية ومعالجة قضايا وطنية واجتماعية، مؤسسًا نوع الأوبريت المسرحي الغنائي. هذا الفن ومضامينه وصلت إلى عاصي الرحباني وأخيه منصور ثم إلى زياد الذي تربى على هذا التراث. زياد، مثل سيد درويش، تناول قضايا الشعب والفقير والمظلوم، ولم يرفض النقد السياسي والاجتماعي، بل وظف الموسيقى كأداة احتجاج وتحريض. الناقد الموسيقي سليم سحاب أكد أن تأثير سيد درويش على الأخوين الرحباني كان أساسياً في توجههما نحو المسرح الغنائي اللبناني، لكن من حيث الجانب الموسيقي، كان الأخوان الرحباني يميلان إلى الطابع الغربي أكثر، خاصّة في التوزيع والإيقاع. في المقابل، زياد الرحباني مزج بين الموسيقى الشرقية والجاز والكلاسيكية، مما أعطى موسيقاه طابعًا حديثًا ومعاصرًا، لكن الخط الفكري والمضمون الاجتماعي يحمل امتدادًا لما بدأه سيد درويش. زياد كان من كبار المعجبين بسيد درويش، محافظًا على جسر فني روحي معه في معظم حفلاته، مع أداء أغنيات مثل "أهو ده اللى صار" وهي من روائع سيد درويش التي غنتها فيروز عديدًا، ما يؤكد على الرابط الموسيقي والفكري بينهما. زياد الرحباني وسيد درويش: إرث الموسيقى العربية بين التقاليد والتجديد يُعتبر كل من زياد الرحباني وسيد درويش من أعمدة الموسيقى العربية التي تركت بصمة لا تُمحى، إذ جمع كل منهما بين الفن والموسيقى رسالة اجتماعية ووطنية ذات طابع شعبي عميق. ففي حين كان سيد درويش رائد الموسيقى الوطنية العربية وأحد مؤسسي المسرح الغنائي الشعبي في أوائل القرن العشرين، جاء زياد الرحباني ليكمل المسيرة الفنية ويجددها بصوته المميز تجمع بين التراث الشرقي وجمالية الجاز والكلاسيكية الغربية. تأثر زياد الرحباني بشكل ملموس بسيد درويش، حيث يرى زياد نفسه وريثًا لفكر وجرأة سيد درويش في المزج بين الموسيقى والكلمة للتعبير عن قضايا الناس والمجتمع. لكنه تجاوز ذلك بالتجديد الموسيقي، من خلال التوظيف المعاصر للألحان والمقامات، وابتكاره لتوزيعات معقدة تجمع بين الموروث والحداثة. وفي مقارنة بين أسلوبيهما، يتميز سيد درويش ببساطة التوزيع وإيقاعه الحيوي الذي يخدم أغانيه الوطنية والاجتماعية، بينما جعل زياد الرحباني من الموسيقى أداة للانتقاد السياسي والاجتماعي المعاصر، مع مزج فني بين الشرق والغرب، جسّد من خلاله رؤية فنية ثرية متعددة الأبعاد. لعب كل منهما دورًا محوريًا في تطور الأغنية والمسرح الغنائي العربي، فكان سيد درويش مؤسساً لنمط الأوبريت والدراما الموسيقية، في حين برز زياد كموسيقار ومسرحي ساخر يُعبر عن هموم لبنان والعالم العربي بجرأة منقطعة النظير. هذا التلاقي بين إرث سيد درويش وابتكارات زياد الرحباني يشكل جسراً بين التقاليد الموسيقية العريقة ورؤية متجددة، تؤكد أن الموسيقى ليست مجرد لحن وكلمة، بل تعبير حي عن روح الأمم وهويتها الثقافية.