
مصر تصف ما يحدث في غزة بـ«جريمة حرب»
وأوضح مدبولي في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة، الأربعاء، أن مصر تواصل بذل جهودها لدعم الفلسطينيين في قطاع غزة»، مشدداً على أن «الموقف المصري ثابتٌ تجاه القضية الفلسطينية، ومصر لم تتأخر يوماً عن إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة منذ بدء الحرب وحتى الآن، لكن التعنت الإسرائيلي هو الذي يعرقل دخول المساعدات»، مشيراً إلى أن «الشاحنات المصرية أمام المنافذ وصل عددها إلى 1200 شاحنة محملة بكل البضائع، ومتوقفة نتيجة التعنت في الدخول من الجانب الآخر، مما أدى لتلف المواد الغذائية المحملة داخلها».
وتابع مدبولي: «لذا نوضح للمواطن أن مصر موقفها ثابت جداً نحو القضية الفلسطينية، وتحملت خسائر كبيرة جداً وما زالت تتحمل بسبب موقفها، وعلى سبيل المثال فهي فقدت 60 في المائة من دخل قناة السويس بسبب الحرب، وتحملنا كل ذلك، ولم ولن نتقاعس عن مساعدة أهلنا في غزة». وأكد أن «مصر أيضاً تبذل جهوداً دبلوماسية في ملف الوساطة بشأن غزة، وتشارك في الفعاليات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية»، مشدداً على أنه «لا سلام مستدام في المنطقة إلا بحل الدولتين وتلك هي الرؤية المصرية، والدول المشاركة في مؤتمر حل الدولتين تبنت الأسس التي تنادي بها مصر بشأن القضية الفلسطينية».
وأوضح مدبولي أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «أكد مراراً رفض مصر تصفية القضية الفلسطينية من خلال مخططات التهجير»، مشدداً على أن «تجويع سكان غزة جريمة حرب لا تقبلها دول العالم»، ومعبراً عن «التطلع إلى بدء عملية إعادة إعمار غزة فور وقف الحرب».
وتحدث نائب رئيس الوزراء المصري وزير الصحة، خالد عبد الغفار، في المؤتمر الصحافي نفسه، قائلاً إن «مصر تتحمل مسؤولياتها تجاه الأشقاء الفلسطينيين دون مزايدة»، موضحاً أن «38 ألف طبيب مصري من التخصصات الطبية كافة يعملون على خدمة الأشقاء الفلسطينيين».
وشدد على أن «مصر تواصل تقديم الخدمات الطبية واللوجستية لاستقبال المرضى والمصابين الفلسطينيين»، وقال: «أجرينا أكثر من 5 آلاف عملية جراحية للمصابين والمرضى من الأشقاء الفلسطينيين».
أشخاصٌ يتفقدون أنقاض مبنى مُدمَّر إثر قصفٍ إسرائيليٍّ على مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
كما قالت وزيرة التضامن الاجتماعي، مايا مرسي، خلال المؤتمر، إن «مصر دفعت بأكثر من 176 سيارة إسعاف للجانب الفلسطيني، وأقامت مراكز لوجستية للهلال الأحمر بالعريش للحفاظ على المساعدات الإنسانية، كما أن الهلال الأحمر أدخل نحو 4500 طن من المساعدات إلى قطاع غزة خلال الـ4 أيام الأخيرة».
وأوضحت وزيرة التضامن أن هناك «6300 من المرافقين الفلسطينيين للمرضى والمصابين مقيمون داخل نقاط إيواء موزعة بالمحافظات المصرية، وأن الحكومة توفر التجهيزات اللازمة لنقاط الإيواء المخصصة للأشقاء الفلسطينيين في مختلف المحافظات».
وتعليقاً على حديث رئيس الحكومة المصرية والوزراء المصريين، قال الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي والفلسطيني، فراس ياغي، إن «البعض يحاول النيل من سمعة مصر لتحميلها المسؤولية تجاه ما يحدث من عملية تجويع ممنهجة يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي».
وأضاف ياغي لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه السياسة انعكست سلباً على الاحتلال، حتى أن أقرب الحلفاء لإسرائيل وهي الولايات المتحدة لم تتحمل صور المجاعة التي يتعرض لها قطاع غزة، وبدلاً من تحميل الاحتلال مسؤولية كل ما يحدث من إبادة عبر القتل المتعمد وبكافة الوسائل بما فيها التجويع، يعمل البعض على تحميل مصر المسؤولية».
وشدد ياغي على أن «مصر وقفت ولا تزال مع القضية الفلسطينية، واستطاعت حتى الآن منع مخططات الاحتلال خصوصاً ما يتعلق بالتهجير، بل كان دورها رئيسياً في منع تصفية القضية الفلسطينية والعمل مع المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا ودولة الإمارات على رفع مفهوم الدولتين ليصبح عنواناً أساسياً على جدول أعمال دول العالم، وأن ذلك لا يأتي بدون وقف حرب الإبادة على قطاع غزة».
رئيس الوزراء المصري قال إن تجويع سكان غزة جريمة حرب لا تقبلها دول العالم (الحكومة المصرية)
فراس ياغي، المقيم في القدس، اختتم حديثه قائلاً: «كل التحية لمصر قيادة وشعباً على دورها الرائد في منع التهجير ومنع مخططات تصفية القضية الفلسطينية، ففلسطين جزء من الأمن القومي المصري، وكل من يحاول تحويل البوصلة وتوجيه الاتهامات الباطلة إلى مصر، التي لا تتماشى مع واقع الحال، نقول له: أنت بذلك تخدم سياسة الاحتلال ويبدو أن ما يهمك ليس غزة بقدر ما هو النيل من مصر، ولن تستطيع ذلك».
وشهدت سفارات وبعثات دبلوماسية مصرية في دول عدة حول العالم، على مدار الأيام الماضية، احتجاجات، ومحاولات لـ«حصار وإغلاق»، بدعوى مطالبة القاهرة بفتح «معبر رفح» على الحدود مع قطاع غزة، وإيصال المساعدات للأهالي الذين يعانون من «التجويع»، وذلك رغم تأكيدات مصرية رسمية متكررة بعدم إغلاق المعبر من الجانب المصري، وأن منع دخول المساعدات يعود للقوات الإسرائيلية المسيطِرة على الجانب الفلسطيني من المعبر.
ويأتي «حصار السفارات» المصرية في الخارج، ضمن «حملات تحريضية»، يدبرها تنظيم «الإخوان المسلمين»، المحظور في مصر؛ بهدف «تشويه الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية»، حسب مسؤولين وبرلمانيين مصريين.
وبدأت الحملة، الأسبوع الماضي، إثر قيام أحد الشباب المصريين بإغلاق مقر السفارة المصرية في هولندا على العاملين من الخارج بأقفال، زاعماً أن «هذا مماثل لما تفعله مصر بإغلاق معبر رفح وتقول إن إسرائيل هي مَن تغلقه»، ثم احتجاجات أمام سفارات مصر بدول عدة منها لبنان، وسوريا، وبريطانيا، والدنمارك، وكندا، وتونس، وليبيا، وجنوب أفريقيا.
تصاعُد الاتهامات استدعى حديثاً مخصصاً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي قال في كلمة له الاثنين: «لا يمكننا أن نمنع دخول المساعدات... لا أخلاقياتنا ولا قيمنا تسمح بذلك، ولا حتى الظرف أو المسؤولية الوطنية تسمح بذلك». وأشار إلى أن حديثه في هذه المرحلة الراهنة «يأتي في وقت يثار الكثير من الكلام» بشأن موقف مصر، وقال: «يجب أن أذكِّر الناس بمواقفنا التي كانت دائماً إيجابية، وتدعو لوقف الحرب، وحل الدولتين».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 9 دقائق
- الشرق الأوسط
بريتوريا تدعو إلى تكثيف الضغط على إسرائيل لوقف «الإبادة» في غزة
دعا وزير خارجية جنوب أفريقيا رونالد لامولا، الثلاثاء، «أكبر عدد ممكن من الدول» إلى ممارسة الضغط على إسرائيل «لوقف أعمال الإبادة» التي ترتكبها في غزة، بحسب ما صرح في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال لامولا في بريتوريا: «نرحب بنيّة فرنسا وكندا وبلدان أخرى في العالم الاعتراف» بدولة فلسطين، مضيفاً «هذا يتيح تكثيف الضغط لضمان وقف إطلاق النار» في القطاع المدمر.


الشرق الأوسط
منذ 9 دقائق
- الشرق الأوسط
5 طرق لتهدئ نفسك وتقلل التوتر
هل تجد صعوبة في التعامل مع التوتر؟ جرّب هذه التقنيات الخمس للاسترخاء لتهدئة نفسك فوراً، وفق تقرير لموقع «ذي هيلث سايت» الطبي. أظهرت كتابة اليوميات نتائج ملحوظة في تقليل التوتر، مع تعزيز الاسترخاء. إنها طريقة استثنائية لتعزيز الأفكار والمشاعر الإيجابية في أوقات مثل تلك التي تحتاج فيها إلى صفاء ذهني. تُعد اليوغا طريقة استثنائية أخرى لتهدئة عقلك وتقليل التوتر. فهي تعزز الصحة البدنية والنفسية، وتُحسّن مزاجك. وجدت دراسة أن قضاء 10 دقائق على الأقل في الطبيعة يُعزز المؤشرات النفسية والفسيولوجية للصحة العقلية. تمشَّ في الغابة أو في حديقة عامة لتخفيف التوتر بشكل فوري. يساعدك التنفس بعمق باستخدام أنفك، وتوسيع رئتيك مع ارتفاع بطنك، على إدارة التوتر. يُبطئ تمرين التنفس هذا نبضات قلبك، مما يُحسّن صحتك. مداعبة حيوانك الأليف أو إطعامه وجبة خفيفة قد يكون مفيداً لصحتك النفسية. ووفقاً للدراسات، فإن امتلاك حيوان أليف يُحسّن مزاجك.


الشرق السعودية
منذ 9 دقائق
- الشرق السعودية
حافظ الأسد وكابوس "كامب ديفيد": لماذا خشيت سوريا من عودة مصر؟
ملخص المساعي الحالية القائمة لعقد اتفاق بين إسرائيل وسوريا ليست جديدة بل سبقتها جولات من المحادثات بدأت عقب حرب عام 1973 واستمرت عقوداً. للدخول أكثر في مساعي المفاوضات التي كانت قائمة بين تل أبيب ودمشق منذ عقود، تنفرد "اندبندنت عربية" بنشر وثائق أميركية سرية أعدتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" قبل عقود، تكشف عن جانب كبير من نظرة سوريا إلى السلام والتطبيع مع إسرائيل خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، والدور الذي لعبه الرئيس السابق حافظ الأسد في هذا السياق، ناهيك عن مقاربة سوريا لنفوذها وموقعها عربياً وللسلام المصري - الإسرائيلي. "علاقة محكومة بالحرب ومحاولات السلام المتقطعة"، لعل هذا التوصيف يلخص عقوداً من عداء معلن أحياناً وسلم مخفي في أحيان أخرى بين إسرائيل وسوريا، وهي علاقة بين دولتين توصف بأنها من الأكثر تعقيداً في منطقة الشرق الأوسط، وسط حكم الجغرافيا المترابطة وأحداث المنطقة، وكذلك تشابك التحالفات الإقليمية والدولية. وعلى رغم الحروب الدامية بين البلدين التي حصلت خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وما تلاها، بقيت محاولات إحياء مسار السلام قائمة وآخرها عام 2008 بوساطة تركية، قبل أن تنطلق الثورة السورية عام 2011 والتي تحولت إلى حرب دامية انتهت في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024 بسقوط نظام بشار الأسد وتولي أحمد الشرع الحكم. عادت مسألة التطبيع أو عقد اتفاق سلام بين تل أبيب ودمشق بقوة خلال الأسابيع الأخيرة بعد تأكيد وسائل إعلامية عقد اجتماعات ثنائية بين البلدين، آخرها في العاصمة الفرنسية باريس في الـ 26 من يوليو (تموز) الجاري، وقد جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر برعاية الموفد الرئاسي الأميركي إلى سوريا توم براك. يشكك كثر في فرص نجاح هذه المساعي وبخاصة وسط اضطرابات ميدانية تفجرت أخيراً مع أحداث منطقة السويداء الجنوبية التي قصفت على إثرها إسرائيل العاصمة دمشق، لكن أخرين يؤكدون أن المصالح المشتركة بين البلدين ستكون الدافع الأبرز والأقوى لأي اتفاق مستقبلي قد يجمعهما، ولا سيما في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة وتراجع النفوذ الإيراني بصورة كبيرة في المنطقة وتبدل أولويات اللاعبين الدوليين، ناهيك عن التحديات الداخلية الكبيرة التي تواجهها الإدارة الجديدة في سوريا والمرتبطة بالاستقرار الداخلي وإعادة الإعمار والخوف من العزلة الإقليمية، بينما تسعى تل أبيب إلى تحييد جبهتها الشمالية وتقييد النفوذ الإيراني عند حدودها، مما يجعل السلام أو حتى تهدئة طويلة الأمد خياراً مطروحاً ولو في الكواليس. جولات سابقة من المحادثات بين إسرائيل وسوريا المساعي الحالية القائمة لعقد اتفاق بين الدولتين الجارتين ليست جديدة بل سبقتها جولات من المحادثات بدأت عقب حرب عام 1973 واستمرت عقوداً، وبعضها وصل إلى مراحل جدية قبل أن تطل عقدة الجولان المحتل برأسها في اللحظات الأخيرة فتعود الأمور لمربعها الأول. للدخول أكثر في مساعي المفاوضات التي كانت قائمة بين تل أبيب ودمشق، تنفرد "اندبندنت عربية" بنشر وثائق أميركية سرية أعدتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" قبل عقود، تكشف عن جانب كبير من نظرة سوريا إلى السلام والتطبيع مع إسرائيل خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، والدور الذي لعبه الرئيس السابق حافظ الأسد في هذا السياق، ناهيك عن مقاربة سوريا لنفوذها وموقعها عربياً وللسلام المصري - الإسرائيلي. سوريا: الأسد وعملية السلام تحمل الوثيقة الأولى عنوان "سوريا: الأسد وعملية السلام" تحت رقم التصنيف (CIA-RDP89S01450R000600580001-8) ويعود إعدادها لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 1989، وقد أعدها مكتب تحليل شؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا في الوكالة، ويبدأ نص هذه الوثيقة السرية بخلاصة من أسطر محدودة مفادها أن حافظ الأسد كان يحتفظ بقدرة شبه منفردة على تقويض أي تقدم نحو تسوية سياسية للصراع العربي – الإسرائيلي، وهو لا يعارض تسوية سلمية للنزاع المستمر منذ 40 عاماً مع إسرائيل لكنه مصمم على عرقلة أية مبادرة سلام لا تأخذ بالكامل المصالح السورية في الحسبان، وبخاصة مسألة استعادة مرتفعات الجولان، وكذلك خلص معدو هذه المذكرات إلى أن الأسد حينها كان مستعداً للقيام بأية خطوات يراها ضرورية لمنع الفلسطينيين، وبخاصة منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، من التفاوض مع إسرائيل بصورة منفردة لأنه يخشى أن يتجاهلوا مصالح دمشق. مرونة تكتيكية جديدة ويكشف هذا الملف السري كيف أنه في أوائل عام 1987 بدا أن الأسد خفف من موقفه المتشدد في شأن تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي عندما أكد خلال اجتماعه مع الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر التزام سوريا بحل دبلوماسي للنزاع المستمر منذ 40 عاماً، قبل أن يلمح في اجتماع آخر من العام نفسه للمرة الأولى إلى أن المحادثات المباشرة مع إسرائيل قد تكون ضرورية. أما في عام 1988 فقد التقى الأسد مبعوثين أميركيين خلال مناسبات عدة لمناقشة أحدث مبادرة سلام أميركية، في مرحلة كانت دمشق تعيش نوعاً من المشكلات مع موسكو وصعوبات اقتصادية داخلية قوضت قدرتها على المواجهة العسكرية مع إسرائيل. وقد جاء في الوثائق "لقد لعبت السياسة السوفياتية في الشرق الأوسط دوراً في تشكيل تكتيكات الأسد الأخيرة تجاه قضية السلام، فعلى رغم أن وجهات النظر السوفياتية والسورية حول التسوية متشابهة لكنها لا تتطابق في بعض الجوانب المتعلقة بتمثيل الفلسطينيين والوضع النهائي، ومع ذلك تبدو دمشق مصممة على التقليل من أهمية هذه الخلافات، ويبدو أن جهود الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف لتحسين العلاقات مع العرب المعتدلين وإسرائيل جعل الأسد أقل ميلاً لإغضاب راعيه الرئيس... وعلى رغم أن الأسد خفف من لهجته العدائية تجاه عملية السلام علناً لكننا لا نعتقد أنه سبق أن كان مستعداً لأي تحرك دراماتيكي نحو السلام كما فعل الرئيس محمد أنور السادات في مصر"، في إشارة إلى اتفاق السلام الموقع بين القاهرة وتل أبيب في كامب ديفيد عام 1978. العلاقات الإسرائيلية والسورية: مراحل أساس وفي مراجعة سريعة للعلاقة بين إسرائيل وسوريا يمكن التوقف عند مراحل أساس تبدأ منذ النكبة الفلسطينية عام 1948 حين شارك الجنود السوريون في الحرب العربية ضد إسرائيل، وقد استمرت المناوشات العسكرية الحدودية بين الطرفين حتى اندلاع حرب يونيو (حزيران) 1967 التي انتهت بخسارة الدولة السورية سيطرتها على مرتفعات الجولان لمصلحة إسرائيل، وبعدها أتت حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 التي شنت خلالها سوريا هجوماً لاستعادة الجولان وتمكنت من تحقيق اختراق ميداني موقت قبل أن تنسحب بعد أيام، وعلى إثر هذه الحرب توصل الطرفان إلى اتفاق فض اشتباك أنهى المعارك الميدانية من دون أن يحسم الصراع التاريخي بين الطرفين. وبعدها أخذت الحرب طابعاً مختلفاً، إذ لم تعد هناك اشتباكات مباشرة إنما ما اصطلح بعضهم على تسميته "الحرب الباردة" بين الطرفين، وكانت دمشق خلالها تدعم الحركات التي تقاتل ضد إسرائيل مثل "حزب الله" في لبنان وأيضاً الفصائل الفلسطينية. وعن هذه المرحلة تكشف الوثيقة الأميركية نفسها العائدة لعام 1989 كيف أن النظام السوري دخل في مواجهة غير مباشرة مع إسرائيل منذ اجتياح لبنان عام 1982 عبر تكتيكات عدة ولكن من دون اللجوء للحرب المباشرة، مع التنويه إلى دعم دمشق العمليات الإرهابية التي استهدفت مصالح أميركية أو شخصيات محددة في لبنان بين عامي 1982 و 1984، مثل اغتيال الرئيس اللبناني السابق بشير الجميل عام 1982 وتفجير السفارة الأميركية في بيروت عام 1983. ويضيف النص أنه "في عام 1986 تخلت سوريا عن العمليات الاستشهادية في جنوب لبنان لمصلحة الإرهاب في أوروبا، فقد تورطت دمشق بصورة مباشرة في محاولتين لتفجير طائرات تابعة لشركة 'العال' الإسرائيلية، الأولى في مطار هيثرو بلندن في أبريل (نيسان) 1986، والثانية في يونيو بمدريد خلال العام نفسه، ونعتقد أن قرار مهاجمة طائرات 'العال' جرى اتخاذه على أعلى مستويات الحكومة السورية، وعلى رغم أننا لا نستطيع تأكيد مسؤولية الأسد الشخصية فإننا نعتقد أن هذه العمليات جرت ضمن المبادئ التي وضعها الرئيس". الاستفادة من عامل الزمن في تلك المرحلة كانت هناك محاولات عربية وعالمية لإيجاد حل للقضية الفلسطينية، لكن الأسد كان واثقاً من ألا خطر حقيقياً سيُجبره على التفاوض مع الإسرائيليين، كما تذكر المذكرات السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، مقتنعاً أن أي تحرك نحو مؤتمر دولي سيفشل لأن القادة السياسيين الإسرائيليين لا يرغبون فعلاً في السلام، وفي الوقت نفسه فإن "عدم قدرة الولايات المتحدة على انتزاع موقف موحد من الإسرائيليين لدعم عملية السلام خفف الضغط على سوريا لتليين مواقفها أو قبول ضمانات قبل التفاوض على إعادة الأراضي المحتلة عام 1967". كذلك رأى معدو الوثائق أن الرئيس السوري السابق حافظ الأسد على قناعة أن الزمن في صفه، وأن التوازن الإستراتيجي بين دمشق وتل أبيب سيتغير في نهاية المطاف لمصلحة سوريا، وفي اجتماع مع مسؤولين أميركيين خلال تلك المرحلة قال إن الإسرائيليين سيضطرون إلى تسريع حركتهم نحو السلام أو "سيبتلعهم العرب"، باعتبار أن عدد سكان سوريا يزداد بمعدل 500 ألف نسمة سنوياً، مضيفاً "كل ستة أعوام نمنحهم جيلاً جديداً". وينتقل هذا الملف الأميركي إلى ذكر لقاء آخر جمع جيمي كارتر بحافظ الأسد، قال الأخير خلاله بسخرية إن "من الغريب الإصرار على حدود آمنة على أراضي الآخرين، فالإسرائيليون يقولون إنهم أخذوا الجولان لحماية مستوطناتهم، لكنهم أقاموا مستوطنات جديدة على الجولان بعضها لا يبعد أكثر من 300 متر عن أراضينا، فلماذا تكون الحدود الآمنة على بعد 50 كيلومتراً من دمشق ولكنها على بعد 350 كيلومتراً من تل أبيب؟". *هذا المحتوى نقلاً عن "إندبندنت عربية"