
صمت مريب أمام تجاوز إسباني في الحسيمة
يتداول في مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو يظهر شخصًا ينطلق من الحسيمة على متن دراجة مائية نحو إحدى الجزر المغربية المحتلة من طرف إسبانيا قبالة شاطئ 'الصفيحة'، حيث رفع علم بلاده، إسبانيا، قبل أن يعود أدراجه. المشهد أثار الغضب الشعبي، لكنه كشف أكثر من أي وقت مضى هشاشة الموقف السياسي المحلي أمام هذه الاستفزازات الرمزية، خاصة صمت الأحزاب والجمعيات التي كان من المفترض أن ترفع الصوت للدفاع عن السيادة المغربية. المعني بالأمر اتضح أنه 'لويس بيريز فرنانديز' المعروف بـ 'Alvize'، وهو عضو البرلمان الأوروبي، وزعيم الحركة الإسبانية المتطرفة 'انتهت الحفلة'، وكان عضوا سابقًا في حزب الاتحاد والتقدم والديمقراطية، وانخرط في الليبراليين الديمقراطيين، ثم انضم إلى حزب 'سيودادانوس' قبل أن يُفصل عن الحزب عام 2019 بسبب تصريحات مثيرة للجدل على منصة 'تويتر' كما أن خلفيته السياسية المتقلبة تترافق مع سجل قضائي يتمضن تهمًا تتعلق بتبييض الأموال والتحايل الضريبي واستغلال صور قاصرات. خلال جولته الاستفزازية في سواحل الحسيمة، ظهر 'ألبيث' في مقطع مصور نشره على منصة 'إكس'، تجاوزت مشاهداته 650 ألفًا في أقل من 24 ساعة، وهو يؤكد أن الأعلام الإسبانية التي سبق أن رفعها ما زالت مثبتة في بعض الجزر المغربية المحتلة، باستثناء واحدة أزيلت. وقد تعمد، أمام الكاميرا، رفع علم جديد وتوجيه التحية لما سماه 'الفيلق المرابط' في جزيرة النكور، في خطوة أراد لها أن تكون استعراضًا رمزيًا للقوة، ورسالة سياسية مباشرة بعد تداول أخبار عن إزالة بعض الأعلام. هذه الحركات، وإن بدت مسرحية، فهي محسوبة بدقة لخدمة أجندته اليمينية المتطرفة. ما يضاعف وقع الحادث أن الصمت المطبق خيّم على النخب الحزبية والمدنية، دون أن يصدر عنهم بيان أو حتى تغريدة، رغم أن المشهد جرى على مرمى خطوات من أماكن يقضي فيها بعضهم عطلته الصيفية، أو من مواقع ألفوا ارتيادها ليلًا ونهارًا. صمتهم المريب، في ظل ما عرفوا به من شعارات وطنية، لا يقل خطورة عن الفعل نفسه، لأنه يعطي رسالة ضمنية بأن الاستفزازات يمكن أن تمر دون رادع ويضعف الموقف الوطني أمام الخارج. تصريحات 'ألبيث' التي أعقبت الحادث تكشف بوضوح نواياه إذ قال: 'حاولت السلطات المغربية منع عملي الرمزي… انتهت اللعبة'. لم تكن الخطوة إذن مجرد مغامرة عابرة، بل فعل محسوب لاستثمار الحساسية الجغرافية والسياسية للجزر المحتلة، واستدراج الاهتمام الإعلامي، وزرع التوتر بين الرباط ومدريد. والمغرب، الذي يتمسك بحقه التاريخي الثابت في أراضيه وجزره، يدرك خطورة الانجرار وراء هذه الأفعال الاستعراضية، لكنّ الصمت المحلي يحوّل المواجهة إلى معركة ناقصة، تكشف ضعف الجبهة الداخلية في الرد على استفزازات الخارج الحدث يضع النخب السياسية والمدنية أمام اختبار صارخ: لم يُسجَّل لحدود اللحظة أي بيان أو استنكار رسمي، لا من الأحزاب ولا من المسؤولين المنتخبين. نتفهم حساسية الموقف بالنسبة للسلطات الحكومية وأساليب عملها الدبلوماسية المحكمة، غير أن صمت الأحزاب والجمعيات، وهم على بعد أمتار من مكان الفعل، يعطي انطباعًا بأن الاستفزازات يمكن أن تمر دون متابعة. الدفاع عن السيادة الوطنية لا يعرف عطلة، وأي صمت يُراد له التغطية على المسؤولية هو مساهمة فعلية في تمرير الاستفزازات ويضعف القدرة على الردع والمساءلة.
يظل من الضروري أن تعكس هذه النخب وعيها بحق المغرب في أراضيه وجزره، وتعزز اليقظة الوطنية أمام أي استفزاز. الصمت في هذه الظروف لا يمر مرور الكرام، فقد يُؤوَّل على أنه ضعف أو لا مبالاة، بينما المطلوب موقف وطني رصين يثبت أن السيادة الوطنية فوق أي اعتبار، وأن الدفاع عنها مسؤولية دائمة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلبريس
منذ 11 ساعات
- بلبريس
وزير العدل الفرنسي يشيد بالتعاون المغربي في تسليم شريكي 'الذبابة'
عبر وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان عن امتنانه العميق للمملكة المغربية إثر نجاحها في تسليم شريكين من المتورطين في عملية الهروب الهوليودي الشهيرة لتاجر المخدرات محمد عمرة الملقب بـ'الذبابة'، والذي تم تهريبه من سيارة السجن في فرنسا العام الماضي. وجه دارمانان تحيته وتقديره للسلطات المغربية عبر منصة 'إكس' يوم الخميس، حيث كتب قائلاً: 'شكراً جزيلاً لأصدقائنا المغاربة، وخاصة لنظيري في وزارة العدل، الذين ساهموا في إتمام هذه العملية بهذه السرعة'. هذا التصريح جاء عقب تسليم المغرب مساء الأربعاء الماضي لكل من آلان جوميز وألبينو دا سيلفا، اللذين يعتبران من الشخصيات المحورية في شبكة الإجرام المتورطة في تهريب 'الذبابة'. كانت السلطات الأمنية المغربية قد تمكنت من إلقاء القبض على المتهمين في مدينة مراكش بتاريخ 23 فبراير 2025، وذلك استناداً إلى نشرتين حمراوين صادرتين من الإنتربول بحقهما. منذ تلك اللحظة، ظل المعتقلان رهن الاحتجاز في المغرب إلى أن تم تسليمهما رسمياً للسلطات الفرنسية أمس الأربعاء، مما يعكس الاحترافية العالية في التعامل مع هذه القضية الحساسة. تواجه الشخصيتان المسلمتان تهماً جنائية خطيرة تشمل 'القتل ومحاولة القتل من قبل عصابة منظمة'، وذلك في إطار الهجوم الدموي الذي استهدف شاحنة السجن في مايو 2024. هذا الهجوم الذي هز الرأي العام الفرنسي وأثار تساؤلات كبيرة حول الأمن في منظومة العدالة الجنائية، كان بمثابة عملية محكمة التخطيط نفذتها شبكة إجرامية منظمة لتحرير واحد من أخطر تجار المخدرات في أوروبا. إن سرعة الاستجابة المغربية وفعالية التعاون الأمني بين البلدين تجسد مستوى التنسيق الرفيع الذي يميز العلاقات الثنائية في مجال مكافحة الجريمة المنظمة. هذا التعاون الذي امتدح وزير العدل الفرنسي سرعته يؤكد على الالتزام المغربي بمحاربة الشبكات الإجرامية الدولية ودعم جهود العدالة، بغض النظر عن جنسية المتورطين أو طبيعة الجرائم المرتكبة. يأتي تسليم هذين المتهمين في إطار الجهود المتواصلة لتفكيك الشبكة الإجرامية المعقدة التي نظمت عملية تهريب محمد عمرة، والتي تعتبر من أكثر العمليات إثارة في تاريخ الجريمة المنظمة الأوروبية. هذا النجاح يعزز من مكانة المغرب كشريك موثوق في الحرب على الجريمة الدولية ويؤكد على قدرة أجهزته الأمنية على التعامل مع أعقد القضايا الجنائية بكفاءة واحترافية عالية.


أخبارنا
منذ 15 ساعات
- أخبارنا
المغرب يسلم فرنسا اثنين من شركاء "الذبابة" بعد تورطهم في عملية هروب دموية
سلّمت السلطات المغربية، مساء أول أمس الأربعاء، لفرنسا اثنين من أبرز شركاء تاجر المخدرات الفرنسي محمد عمارة، المعروف بلقب "الذبابة"، المتورطين في عملية هروب مسلح دموية جرت في سنة 2024، وأسفرت عن مقتل حارسين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح خطيرة. وأكد وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، عبر منصة "إكس" استلام الموقوفين، مقدماً شكره للمغرب ووزير العدل المغربي على "التعاون المثالي" الذي مهد الطريق لهذه العملية الأمنية الناجحة. ويتعلق الأمر بكل من آلان غوميز وألبينو داسيلفا، اللذين تم توقيفهما في مراكش يوم 23 فبراير 2024 من قبل المديرية العامة للأمن الوطني بناءً على نشرات حمراء صادرة عن الإنتربول في باريس. ويُشتبه في أن المعنيين ينتميان إلى الشبكة التي خططت لفرار عمارة في مايو 2024 من قافلة سجنية في إينكارفيل، حيث تمكنا من الهروب وظلا مطلوبين حتى تم القبض عليهما مؤخراً. وتشير التحقيقات الفرنسية إلى أن غوميز ينتمي إلى منظمة إجرامية تنشط في تهريب المخدرات في منطقة نورماندي وتعرف بـ"Black Manjak Family". وكان يشارك في العديد من الأنشطة غير القانونية، بما في ذلك إدارة محل للشيشة بالتعاون مع داسيلفا. كما عثرت السلطات في منازلهما على أسلحة ومبالغ مالية وأجهزة اتصال مشبوهة، مما يعزز تورطهما في أنشطة إجرامية واسعة.


ألتبريس
منذ 16 ساعات
- ألتبريس
تحركات Alvize بالحسيمة تكشف تخبطًا سياسيًا وعزلة أوروبية
الغبزوري السكناوي عتبر متتبعون للعلاقات المغربية الإسبانية أن خطوة Alvize في الحسيمة، ومحاولته رفع العلم الإسباني على جزر مغربية محتلة، تكشف عن ارتباك سياسي وعزلة متزايدة يعيشها داخل البرلمان الأوروبي. ويرى هؤلاء أن هذا التحرك لم يكن إلا محاولة لتعويض التراجع الذي أصاب حضوره السياسي في الآونة الأخيرة، بعد سلسلة من الأزمات التنظيمية والداخلية في حركته. ويشير الملاحظون إلى أن المسار السياسي ل Alvize اتسم بعدم الاستقرار، حيث تنقل بين أكثر من حزب قبل أن يؤسس حركته الخاصة، وهو ما أعطى الانطباع بأنه يفتقر إلى خط سياسي ثابت، ويتعامل مع السياسة بمنطق الانتهازية وتغيير المواقف تبعًا للظروف. هذه السمعة، بحسب المتتبعين، انعكست سلبًا على صورته لدى الرأي العام الإسباني والأوروبي. كما يلفت الملاحظون إلى أن الانقسامات التي ضربت حركة 'انتهت الحفلة' بعد أشهر قليلة من دخولها البرلمان الأوروبي، أضعفتها بشكل كبير، حيث انسحب نائبان بارزان ووجها له اتهامات بالتحكم الفردي والتخلي عن التزامات الحملة الانتخابية. هذه الخلافات، في نظرهم، كشفت عن هشاشة البنية الداخلية للحركة وعن محدودية قدرة ألويس على القيادة. ويؤكد المتتبعون أن رفض مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين ضمه إلى صفوفها، رغم قبولها عضوية نائبيه المنشقين، شكل ضربة قوية لآماله في تعزيز نفوذه داخل المؤسسة الأوروبية. ويضيفون أن لجوءه لخطوات استفزازية تجاه المغرب، مثل حادثة الحسيمة، يعكس افتقاره لخيارات سياسية جادة، واعتماده على التصعيد الإعلامي كبديل عن العمل البرلماني المؤثر.