
قيود الهجرة تكبح نمو الاقتصاد الأميركي
وفقاً للبيت الأبيض و«الجمهوريين» في الكونجرس، سيحفّّز قانون الموازنة الجديد نمواً اقتصادياً يتجاوز 3%. إلا أن تحقيق هذا الهدف سيصبح أكثر صعوبة بسبب بند يعتبرونه جوهرياً في القانون: أكثر من 150 مليار دولار تُضاف إلى تمويل تنفيذ قوانين الهجرة. إن جدول أعمال الإدارة، المتمثل في خفض أعداد المهاجرين بشكل حاد وترحيل جماعي لهم، يضر بالنمو الاقتصادي.
يعد المهاجرون غير الشرعيين –أي الذين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني أو حصلوا على وضع إنساني مؤقت عند الدخول– هم الهدف الأساسي للإدارة في سياستها الرامية إلى تقييد الدخول إلى الولايات المتحدة، وإلغاء تأشيرات الإقامة الإنسانية، وترحيل من هم داخل البلاد دون تصريح قانوني. لدعم هذه الجهود، يتضمن القانون الجديد 70 مليار دولار لتعزيز أمن الحدود، و75 ملياراً لتطبيق قوانين الهجرة داخل البلاد. كما يرفع الرسوم على طلبات الحصول على التأشيرات الإنسانية وتصاريح العمل، ويفرض ضريبة بنسبة 1% على تحويلات الأموال إلى الخارج.
والنتيجة ستكون انخفاضاً في عدد السكان والقوى العاملة، ومن المرجّح أن تكون الآثار السلبية على النمو الاقتصادي كبيرة.
بعد موجة من الهجرة غير القانونية من 2021 إلى 2024، من المتوقع أن تنخفض هذه الأعداد بشكل حاد هذا العام. ويقدّر باحثون في بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس أن التوقف شبه الكامل للهجرة غير الشرعية سيؤدي إلى تقليص نمو الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 0.8 نقطة مئوية هذا العام. (للمقارنة، بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الأميركي السنوي في العقد الماضي حوالي 2.5%). وإذا نجحت إدارة الرئيس دونالد ترامب في تحقيق هدفها بترحيل مليون شخص سنوياً، فإن الأثر السلبي على النمو سيزداد حدة – مما سيخصم 1.5 نقطة مئوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2027.
هذا المستوى من الترحيلات كان يُعتبر في السابق غير قابل للتحقيق، في الغالب لأن وكالات إنفاذ القانون لم تكن تملك الموارد اللازمة لذلك. لكن هذا القانون قد يغيّر ذلك، ويجعل وكالة الهجرة والجمارك الأميركية الوكالة الفيدرالية الأكثر تمويلاً بين جميع وكالات إنفاذ القانون.
ستتفاقم الاضطرابات في سوق العمل الناتجة عن انخفاض معدلات الهجرة، لا سيما مع اقتراب الاقتصاد الأميركي حالياً من مستوى التوظيف الكامل. فقد بلغ معدل البطالة بين العمال المولودين في الولايات المتحدة 2.7% في عام 2024، مقارنةً بـ3.8% للعمال المولودين في الخارج. ويجادل البيت الأبيض بأن الحد من الهجرة وزيادة عمليات الترحيل من شأنهما توفير فرص عمل للعمال المولودين في الولايات المتحدة، إلا أن أنواع الوظائف التي يشغلها المهاجرون غير الشرعيين عادةً ما تكون أقل احتمالاً بكثير أن يشغلها العمال المولودون في الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، تزيد احتمالية عمل المهاجرين غير الشرعيين في مجال تنظيف المنازل بثماني مرات عن العمال المولودين في الولايات المتحدة، وتزيد بأكثر من ضعفي احتمالية عمل المهاجرين المرخصين. كما أن الوظائف الأكثر شيوعاً للمهاجرين غير الشرعيين تميل إلى تقديم أجور أقل وتتطلب جهداً بدنياً أكبر.
وهذا التباين الكبير في طبيعة المهن يجعل من غير المرجّح أن يؤدي ترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى فتح فرص عمل كبيرة أمام الأميركيين المولودين في البلاد. بل إن الترحيلات الجماعية قد تضر بالعمال المولودين في الولايات المتحدة.
أظهرت الأبحاث أن أحد برامج تنفيذ قوانين الهجرة بين عامي 2008 و2013 أدى إلى انخفاض توظيف وأجور العمال الأميركيين. فحتى وإن لم يتنافس الأميركيون والمهاجرون غير المصرح لهم على نفس الوظيفة، فإن وظائفهم غالبا ما تكون مكمّلة لبعضها. على سبيل المثال، نقص عمال البناء يمكن أن يؤدي إلى انخفاض في الطلب على مديري مواقع البناء. كما أن الترحيل سيقلّل من مساهمة المهاجرين في الطلب المحلي على السلع والخدمات، وهو ما قد يُثقل كاهل سوق العمل المحلي.
ولا يمكن للأتمتة والذكاء الاصطناعي أن يسدّا الفجوة التي ستخلفها قلة أعداد المهاجرين غير المصرح لهم بشكل فوري. فكما هو الحال مع العمال الأميركيين، هناك عدم توافق وظيفي. فالذكاء الاصطناعي يستطيع حالياً أن يحل محل مهام تحليل البيانات في الوظائف المكتبية والمهنية، لكنه لا يستطيع تعويض العمل اليدوي الذي يؤديه المهاجرون غير الشرعيين غالباً. وربما تتمكن الروبوتات من سد هذه الفجوة لاحقاً، لكن ذلك سيأتي بتكاليف إضافية.
كذلك، فإن الترحيلات الجماعية وتشديد القيود على الهجرة قد تؤدي إلى تأثير مقلق حتى على الهجرة المصرح بها، بما في ذلك العمال والطلاب في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، وهو ما قد يبطئ من تطوير التكنولوجيا الجديدة. فهؤلاء المهاجرون يقدّمون أكبر مساهمة في الإنتاجية بعد سنوات من وصولهم. وقد يؤدي غيابهم إلى تراجع النمو طويل الأجل، بحسب مكتب الميزانية في الكونجرس.
ومع وجود قوة عمل تتقدّم في السن ومعدلات خصوبة منخفضة، تحتاج الولايات المتحدة إلى سياسة هجرة تتطلع إلى المستقبل – سياسة تتجاوز فكرة «هجرة أقل وترحيل أكثر». ومن دون الهجرة، ستبدأ أعداد السكان في التراجع بحلول عام 2033، مما سيكون عائقاً أمام الاقتصاد. وإذا أراد البيت الأبيض تحقيق أهدافه في رفع نمو الاقتصاد الأميركي، فعليه إعادة النظر في أهدافه المتعلقة بتقييد الهجرة إلى الولايات المتحدة.
*خبيرة اقتصادية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ ساعة واحدة
- البوابة
ترامب يخطط لعقد قمة ثلاثية مع بوتين وزيلينسكي
أفادت صحيفة نيويورك تايمز أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغ قادة أوروبيين، خلال مكالمة هاتفية الأربعاء، بنيته عقد لقاء ثلاثي يجمعه بالرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في محاولة لإنهاء الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا. ووفقًا لمصدرين مطلعين، فإن الاجتماع المرتقب سيقتصر على الزعماء الثلاثة فقط دون مشاركة قادة أوروبيين. وقد أبدى القادة الأوروبيون، الذين سعوا في السابق للعب دور في جهود الوساطة، تقبّلهم لمقترح ترامب، بحسب أحد المصادر. وقال الرئيس الأوكراني زيلينسكي، الذي شارك في المكالمة، إنه تحدّث مع ترامب، وأكد على أن الحرب "يجب أن تنتهي"، لكن "بنهاية نزيهة"، في إشارة إلى ضرورة الحفاظ على السيادة الأوكرانية. من جهته، أكد البيت الأبيض أن ترامب يعتزم عقد اجتماع منفصل مع بوتين في أقرب وقت، يليه لقاء ثلاثي مع زيلينسكي، موضحًا أن روسيا عبّرت عن استعدادها لهذا اللقاء، وأن الرئيس ترامب "منفتح على عقده". وشارك في المكالمة أيضًا رئيس الوزراء البريطاني، المستشار الألماني، الأمين العام لحلف الناتو، إلى جانب عدد من المسؤولين الأمريكيين المقربين من ترامب، من بينهم نائبه جاي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو. وكتب ترامب عبر منصته "تروث سوشيال" أن مبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، أجرى محادثات مطوّلة مع بوتين في روسيا، مؤكدًا أن "الجميع متفق على ضرورة إنهاء الحرب". ورغم إعلان ترامب عن خططه، أفادت شبكة "CNN" بأن انعقاد اللقاء الأسبوع المقبل غير مرجّح، بسبب عقبات لوجستية والحاجة إلى تنسيق وتحضيرات مسبقة، ما يجعل توقيته محل شك.


البوابة
منذ 2 ساعات
- البوابة
"سي إن إن": من غير المحتمل عقد لقاء بين ترامب وبوتين الأسبوع المقبل
ذكرت شبكة "سي إن إن" أن من غير المرجح أن يعقد لقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع المقبل بسبب الصعوبات اللوجستية والحاجة إلى تنسيق مسبق. ونقلت الشبكة عن مصدر في البيت الأبيض قوله إن ترتيب مثل هذا اللقاء في مثل هذا الإطار الزمني الضيق سيكون "على الأرجح صعبا" نظرا لوجود "عقبات لوجستية كبيرة" وضرورة إجراء محادثات تحضيرية قبل القمة. جاء هذا التصريح بعد أن ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن ترامب يرغب في لقاء بوتين "في الأسبوع المقبل". وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب أبلغ قادة الدول الأوروبية نيته عقد هذا اللقاء، وذلك خلال مكالمات هاتفية أجراها الأربعاء مع عدد من هؤلاء القادة. إلى ذلك، صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت مساء الأربعاء، بأن "ترامب منفتح على لقاء كل من الرئيس بوتين وزيلينسكي". وفقا لما نقلته وكالة "فرانس برس". وفي سياق متصل، نقلت صحيفة "بيلد"، استنادا إلى مصادرها، أن ترامب أبلغ المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اتصال هاتفي بأن اللقاء الذي جمع مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف مع الرئيس بوتين كان "مثمرا أكثر مما كان متوقعاً". وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، استقبل الرئيس بوتين المبعوث الأمريكي ويتكوف في موسكو، ووصف الجانب الروسي اللقاء الذي استمر لمدة 3 ساعات، بأنه كان "بناء"، مؤكدا أن الجانبين بحثا قضايا التسوية في أوكرانيا.


البوابة
منذ 2 ساعات
- البوابة
مسئول روسي: هناك تقدم ملحوظ في العلاقات بين روسيا وأمريكا
أكد كيريل دميترييف، الممثل الخاص للرئيس الروسي للاستثمار والتعاون الاقتصادي مع الدول الأجنبية، أن العلاقات بين روسيا وأمريكا في تقدم ملحوظ، مشيرا إلى أن "القوى الإيجابية ستسود". وردًا على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول نتائج اجتماع المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال دميترييف، وهو أيضا رئيس صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي، "تعليقا على الاجتماع المثمر للغاية لستيف ويتكوف مع الرئيس بوتين، هناك تقدم يحرز، وستسود قوى إيجابية". وفق وكالة أنباء (سبوتنيك) الروسية. وكانت الرئاسة الروسية (الكرملين) قد أعلنت في وقت سابق اليوم أن الاجتماع بين بوتين وويتكوف استغرق ثلاث ساعات. يُشار إلى أن ويتكوف كان قد وصل إلى موسكو في ساعة مبكرة اليوم الأربعاء؛ حيث كان في استقباله في مطار فنوكوفو-2، كيريل دميترييف، رئيس الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة.