
سياسة الغموض النووي: ماذا ستفعل طهران الآن؟
فرغم ما تشير إليه بعض التحليلات بأن واشنطن تسعى إلى فتح قنوات حوار لاحتواء تداعيات الحرب الأخيرة، إلا أن إيران قررت المضي في مسار تصعيدي محسوب عبر إقرار قانون جديد يعلق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك بعد الهجوم الأمريكي-الإسرائيلي على منشآتها النووية.
الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، صادق على القانون الذي أقره البرلمان الإيراني، والذي يقضي بتعليق العمل بالبروتوكولات المرتبطة بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية 'NPT' وضماناتها، إلى حين استيفاء شروط محددة.
وتشمل هذه الشروط: ضمان أمن المنشآت النووية، وتوفير الحماية لعلماء الذرة الإيرانيين، ووقف الأعمال العدائية تجاه البنية التحتية النووية.
إقرار هذا القانون جاء كرد فعل مباشر على الضربات الجوية التي استهدفت منشآت رئيسية مثل فوردو، ونطنز، وأصفهان والتي ما تزال الأضرار التي لحقت بها غير واضحة بالكامل في ظل تعتيم رسمي متعمد.
وبعد دخول القانون حيز التنفيذ، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قطع العلاقات مؤقتا مع طهران. وغادر فريق مفتشيها الأراضي الإيرانية براً يوم الجمعة الماضي، متجهين نحو فيينا من دون أن يسمح لهم بزيارة المواقع النووية منذ الضربة قبل أسبوعين.
الخطوة التي اتخذتها إيران أثارت ردود فعل دولية، خاصة أن الأمر يتزامن مع اتهام مجلس محافظي الوكالة لطهران بعدم الالتزام بالضمانات النووية. وجاء هذا القرار بناء على تقرير المدير العام رافائيل غروسي، الذي أشار إلى أن إيران باتت تمتلك ما يزيد عن 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، وهي كمية تكفي نظرياً لإنتاج نحو 10 قنابل نووية.
غروسي شريكاً في التصعيد
في طهران، لم تخف السلطات غضبها من موقف الوكالة ومديرها، إذ يرى المسؤولون الإيرانيون أن غروسي ساهم بشكل غير مباشر في إشعال فتيل الحرب عبر تقارير 'مسيسة وغير واقعية' حسب وصفهم، بشأن برنامج إيران النووي.
وصرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي: 'ليس لدينا عداء مع المنظمات الدولية، ولكن مواطنينا غاضبون من موقف وكالة الطاقة الذرية. كنا نتوقع منها إدانة الاعتداء على منشآتنا النووية، لكنها لم تفعل'.
في ظل هذه المستجدات، دخل البرنامج النووي الإيراني مرحلة جديدة من العمل بعيداً عن الرقابة الدولية، حيث يظهر الواقع في طهران أن المعلومات حول المدى الحقيقي للأضرار، أو مستوى استئناف العمليات في المنشآت المتضررة، أصبحت محصورة في دوائر عليا من النظام.
ويقول رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي: 'الهجمات على منشآتنا أثبتت أن منطق الغابة هو السائد في العالم. وإذا لم نكن أقوياء، لن نبقى. الشعب الإيراني فهم هذه الحقيقة جيداً'.
كما وصف الضربات الأمريكية بأنها انتهاك مباشر لميثاق الأمم المتحدة، مؤكداً أن البرنامج النووي الإيراني سيستمر ولن يتوقف رغم كل الظروف.
الباحث في الشأن الإيراني، مصطفى نجفي، يرى أن تعليق العمل مع الوكالة هو الخطوة الأولى في إطار سياسة الغموض النووي، والتي تهدف إلى زيادة الشكوك حول قدرات إيران الحقيقية على التعافي وإعادة بناء منشآتها المتضررة.
ويضيف نجفي: 'هذه الاستراتيجية تمنح إيران ميزة تفاوضية. فهي تظهر نفسها وكأنها في موقف ضعف، بينما في الواقع تعقد من حسابات الطرف الآخر الذي لا يعرف ما إذا كانت طهران تمتلك أوراقاً سرية أم لا'.
ويتابع نجفي: 'نجاح سياسة الغموض النووي يتطلب إدارة دقيقة ومتكاملة على المستويين الدبلوماسي والأمني، كما يحتاج إلى خطاب داخلي موحد ومنضبط'.
ما مصير منشأة فوردو؟
عرّاب السياسة النووية الجديدة هو كبير المفاوضين الإيرانيين ووزير الخارجية الحالي عباس عراقجي، الذي تحدث للإعلام الأمريكي رداً على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قال إن الضربات الأخيرة 'قضت نهائياً على البرنامج النووي الإيراني'.
جاء رد عراقجي بنبرة محسوبة: 'لا أحد يعلم بالضبط ماذا حدث في منشأة فوردو. يبدو أنها غير قابلة للتشغيل حالياً. الأضرار جسيمة، والهيئة ما تزال تقيم الوضع لمعرفة إمكانية إعادة تشغيلها'.
يضيف عراقجي أن السياسة النووية الإيرانية قيد التطوير الآن، مع التمسك بحق بلاده في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية: 'دفعنا ثمناً باهظاً من العقوبات والدماء لأجل هذا البرنامج، لقد تحملنا حرباً لفترة الـ12يوما، فأضيف عامل مهم إلى ما سبق من تضحيات شعبنا من أجل إنتاج اليورانيوم المخصب بأنفسنا، وهذا هو شرف وفخر وطني ولا يمكن التخلي عنه بسهولة، من المؤكد أننا سنحتفظ بهذا الحق ونسعى لذلك'.
أما الجماعات المتشددة من التيار المحافظ، فما زالت تؤكد على عدم التفاوض مع واشنطن، وإن كان ذلك ضرورة لابد منها فيجب على الفريق التفاوضي الإيراني أن يأخذ معه ورقة القنبلة النووية، ويشرح الكاتب عبدالله كنجي: 'في أي مفاوضات مستقبلية محتملة، ما ينبغي على إيران طرحه على الطاولة هو خيار التخصيب أو القنبلة النووية، لأننا شهدنا القصف وهذا يعطينا الحق في ذلك'.
على الرغم من التصعيد، يبرز تيار داخل النظام السياسي الإيراني يدعو إلى ضبط النفس والابتعاد عن الانفعالات ما بعد الضربات، والانخراط في مسار تفاوضي عقلاني.
الدبلوماسي المخضرم حميد أبوطالبي، دعا الرئيس مسعود بزشكيان إلى تهدئة المشاعر العامة واتخاذ قرارات مدروسة: 'تحييد الأجواء العاطفية من مستويات صنع القرار في السياسة الخارجية ضرورة حتمية في الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد'.
من جانبه، انتقد السياسي الإصلاحي أحمد زيدآبادي، أسلوب الحكومة الغامض: 'يتحدث المسؤولون كثيراً عما لن يفعلوه، لكنهم لا يوضحون ما الذي سيفعلونه فعلاً. الناس يريدون رؤية خريطة طريق واضحة'.
الباحث الاجتماعي والمحلل السياسي عباس عبدي، يرى أن إيران في مفترق طرق: 'إذا أرادت إيران العمل ضمن النظام الدولي، فلا يمكنها تجاوز قواعده. هي تسعى أحياناً للاندماج فيه، لكنها أيضا تتحدى أساساته، وهو ما يجعلها تدفع ثمن العزلة ولا تنال مكاسب الاندماج'.
غموض نووي وانفتاح دبلوماسي!
رغم قانون البرلمان الذي يقيد التعاون مع الوكالة، إلا أن الباب لا يزال مفتوحاً أمام الدبلوماسية، إذ يجيز نفس القانون للمجلس الأعلى للأمن القومي العمل مع الوكالة الدولية في حال وجود مصلحة وطنية.
وهذا ما ألمح إليه عراقجي مؤخراً، حين قال: 'لا تزال إيران ملتزمة بمعاهدة حظر الانتشار النووي واتفاقية الضمانات. قرار وقف التعاون جاء لأسباب أمنية، ولكن تنظيم التعاون في المستقبل سيكون حصرياً بيد المجلس الأعلى للأمن القومي'.
وفي بيان رسمي، دعا الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي الحكومة إلى طمأنة الشارع الإيراني، وفتح آفاق جديدة للتنمية عبر الحوار، قائلاً: 'رغم التحديات، إلا أن أيدي إيران ليست مكبلة أمام الحوار البناء وحل القضايا المعقدة'.
وأشار إلى أن التلاحم الوطني الذي أظهره الشعب الإيراني في مواجهة العدوان شكل عامل ردع أساسي، ومنع إسرائيل من تحقيق أهدافها، مؤكداً أن الوحدة الوطنية هي كنز ثمين يجب استثماره سياسياً.
ويختم خاتمي وهو من كبار داعمي حكومة بزشكيان: 'أظهرت طهران خلال مراحل الدخول في المفاوضات السابقة، رغم يقظتها، أنها ترحب دوماً بأي مفاوضات عادلة قد تؤدي إلى حلول تلبي بشكل معقول رغبات الطرف الآخر'.
بين التصعيد والانفتاح الحذر
في ضوء التحولات المتسارعة بعد حرب الـ12 يوماً، يبدو أن إيران تسير على حبل مشدود بين التصعيد النووي والانفتاح الدبلوماسي. فبينما تعتمد سياسة الغموض النووي كورقة ضغط في مواجهة خصومها، فإنها في الوقت ذاته تبقي نافذة التفاوض مفتوحة، مدركة أن الحلول الدائمة لا تصنع في ميادين القتال فحسب، بل على طاولات الحوار.
المعادلة التي تحاول طهران ضبطها اليوم تقوم على الحفاظ على هيبتها النووية والسيادية، دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة مع المجتمع الدولي. وفي ظل هذه التوازنات الدقيقة، سيكون لأي قرار تتخذه القيادة الإيرانية خلال الأيام المقبلة، أثر بالغ في تحديد ملامح المرحلة القادمة من العلاقات الدولية مع طهران، ومدى قدرتها على استعادة موقعها الإقليمي والدولي في عالم ما بعد الحرب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 3 ساعات
- القدس العربي
لوموند: هكذا تعقّبت إسرائيل علماء البرنامج النووي الإيراني واغتالتهم
باريس- 'القدس العربي': توقّفت صحيفة 'لوموند' الفرنسية، في تحقيق لها، عند كيفية تعقب إسرائيل مؤخراً لعلماء البرنامج النووي الإيراني، حيث أسفرت ضرباتها في شهر يونيو/حزيران المُنصرم عن مقتل ستة عشر باحثًا إيرانيًا بارزًا، كانوا مشاركين في تطوير قنبلة نووية. وبموجة الاغتيالات غير المسبوقة هذه، تعتقد إسرائيل أنها وجهت الضربة الأكثر حسماً للبرنامج النووي العسكري الإيراني. كانت إسرائيل تراقب تحركات هؤلاء الرجال منذ عشرين عامًا. سبق أن حاولت اغتيال أحدهم، فريدون عباسي، في عام 2010. هذا الفيزيائي، وهو أيديولوجي متشدد، قفز من سيارته مع زوجته قبل لحظات من انفجار قنبلة زرعها على الأرجح عملاء إسرائيليون. كانت تلك أول موجة اغتيالات تُنسب لإسرائيل ضد علماء نوويين إيرانيين، تضيف 'لوموند'. كانت إسرائيل تراقب تحركات هؤلاء الرجال منذ عشرين عامًا. سبق أن حاولت اغتيال أحدهم، فريدون عباسي، في عام 2010. هذا الفيزيائي، وهو أيديولوجي متشدد، قفز من سيارته مع زوجته قبل لحظات من انفجار قنبلة زرعها على الأرجح عملاء إسرائيليون عُيّن عباسي لاحقًا نائبًا لرئيس الجمهورية ورئيسًا للمنظمة الوطنية للطاقة الذرية، حيث عارض بشدة أي اتفاق دولي يقيد البرنامج النووي الإيراني. وقد توفي في 13 يونيو. ودفن إلى جانب زملاء له من منظمة الابتكار والبحث الدفاعي (SPND)، وهي هيئة مشبوهة بتطوير برنامج عسكري سري لتخصيب اليورانيوم منذ التسعينيات، تتابع 'لوموند'. كلّ المعرفة النووية التي راكمتها إيران لم تختفِ رغم أن أنظار العالم تركزت على الضربات الأمريكية في 22 يونيو ضد منشآت التخصيب العميقة في فوردو ونطنز وأصفهان، فإن إسرائيل تعتبر أن أعظم إنجازاتها كان في ضربات أقل وضوحًا وأصعب في التتبع، ضمن مئات الغارات خلال 12 يومًا. ومع أن المعرفة النووية التي اكتسبتها إيران لم تختف، إلا أن إسرائيل ترى أن مقتل 16 عالمًا وتدمير المختبرات التي كانوا يعملون فيها كافٍ للقضاء على الشق العسكري من البرنامج النووي الإيراني، توضح 'لوموند'. ويقول السفير الإسرائيلي لدى فرنسا، جوشوا زاركا، إن العلماء القادرين على تحويل اليورانيوم عالي التخصيب إلى قنبلة قد قُتلوا، وإن المواقع التي عملوا بها دُمّرت. 'لقد أبعدنا التهديد لعدة سنوات جيدة'، حسب تعبيره. في 13 يونيو – تضيف 'لوموند' – قُتل تسعة علماء على الأقل من SPND، ونجا عاشر هو محمد رضا صديقي صابر، لكن قُتل ابنه البالغ 17 عامًا في منزل العائلة بطهران. فرت العائلة إلى مدينة أستانة أشرفية قرب بحر قزوين، لكن إسرائيل اغتالت صابر هناك في 25 يونيو قبل ساعات من بدء وقف إطلاق النار. وأسفرت الضربة عن مقتل 13 من أقاربه وجيرانه، حسب شقيقه الناجي الوحيد. يرتبط معظم هؤلاء العلماء، إن لم يكن جميعهم، بالبرنامج القديم 'أماد' الذي بدأ في التسعينيات، وهو الأساس للبرنامج النووي الإيراني ذي البعد العسكري، والذي أعيدت تسميته لاحقًا عدة مرات حتى صار يعرف اليوم بـ SPND، توضح 'لوموند'. ويؤكد السفير الإسرائيلي لدى باريس أن ستة علماء آخرين قُتلوا دون الكشف عن أسمائهم، ولم تؤكد إيران وفاتهم. يؤكد السفير الإسرائيلي لدى باريس أن ستة علماء قُتلوا دون الكشف عن أسمائهم، ولم تؤكد إيران وفاتهم تقول إسرائيل إن إيران قررت إعادة تنظيم SPND قبل أقل من عامين، وإنها استأنفت مؤخرًا بحوثًا حول ضغط اليورانيوم بالمتفجرات، ومصدر النيوترونات اللازم للتفاعل النووي، وتصغير حجم القنبلة. ويُعتقد أن هذه المشاريع تمت تحت غطاء 'الاستخدام المزدوج' – مدني وعسكري، وأن الهدف منها كان تجهيز البلاد لصناعة قنبلة بسرعة متى اتُخذ القرار السياسي. كما تؤكد إسرائيل أنها دمرت جميع هذه المواقع، ومنها موقع سنجريان الذي شهد بحوثًا على المتفجرات قبل حوالي عقدين، حسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبعد سنوات، أظهرت صور الأقمار الصناعية نشاطًا في الموقع بدءًا من 2022، تشرح 'لوموند'، موضحّة أنه في طهران نفسها، استهدفت إسرائيل في أواخر شهر يونيو المقر العام لـ SPND. أما موقعها الأحدث، الذي أُسس عام 2013 داخل مركز ترفيهي تابع لوزارة الدفاع، فقد دُمر جزئيًا في منتصف الشهر نفسه في غارة نشرت إسرائيل صورها. أما المبنى الأقدم، المعروف بـ 'لافيزان 2'، فقد كان يضم معهدًا للفيزياء التطبيقية وشركة 'شهيد كريمي'، وكلاهما خاضع لعقوبات بسبب علاقتهما بالبرنامج النووي. دُمّر في 15 يونيو وكان يحتوي، بحسب الجيش الإسرائيلي، على مختبرات لتطوير السلاح النووي. وتقع هذه المواقع قرب جامعة مالك أشتر، وهي أيضًا خاضعة للعقوبات، وفق تحقيق 'لوموند' دائما. تفاخر الجيش الإسرائيلي أيضًا بأنه دمر المصنع الوحيد في إيران لتحويل اليورانيوم الغازي إلى معدن، وهو مكون أساسي للقنبلة. بُني هذا المصنع عام 2004 في قلب منشأة أصفهان، ودُمر في 14 يونيو حسب صور أقمار صناعية اطّلعت عليها 'لوموند'. وتوالت بعدها ضربات إسرائيلية وأمريكية دمرت المباني المحيطة، تُشير الصحيفة الفرنسية. يقول ديفيد أولبرايت، رئيس معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن، إن 'إسرائيل تدعي أنها دمرت جميع أرشيفات SPND، التي كانت مخزنة في مقره الرئيسي'. وكان الموساد قد استولى في 2018 على جزء من هذه الوثائق من مخزن بطهران. ووفقًا للسفير الإسرائيلي لدى باريس، فإن النسخة الأخيرة التي كانت لدى إيران دُمّرت في غارات شهر يونيو، إلى جانب وثائق الأبحاث الحديثة. الزاوية الميتة لكن الخبراء متفقون على أن المعرفة النووية الإيرانية لم تُمحَ، توضح 'لوموند'، وتنقل في هذا الصدد عن جيمس أكتون، من مركز كارنيغي، قوله: 'لا أعتقد أن إسرائيل يمكن أن تحقق أمنها بالاغتيالات فقط'. فقد كان معظم العلماء الذين قُتلوا يدرّسون في جامعات طهران، مثل جامعة الشهيد بهشتي، الخاضعة للعقوبات الأمريكية، وقد نقلوا معارفهم لطلبتهم. كان فريدون عباسي نفسه يرأس قسم الفيزياء في جامعة الإمام الحسين، التابعة للحرس الثوري. في آخر مقابلة له نُشرت في 25 مايو، قال عباسي إنه مستعد للموت، وأضاف: 'في عمرنا هذا، الجزء الأكبر من المهمة خلفنا. لقد سلمنا المسؤوليات للشباب'. حتى داخل إسرائيل نفسها – تُشير 'لوموند'- هناك خشية من أن جزءًا من البرنامج قد اختفى عن الأنظار. يقول أفنير فيلان، مسؤول أمني إسرائيلي سابق: 'فقدت إيران عددًا كبيرًا من علمائها، لكننا نعرف هؤلاء الرجال منذ عشرين عامًا. ولو كنت في مكان المرشد الأعلى، لكنت أنشأت مجموعة بحث سرية خارج AMAD، ومولتها عبر مؤسسة دينية، وأمرت بعدم إعداد أي تقارير قبل إنجاز المهمة'. لم يكن لدى إيران من قبل هذا القدر من الدوافع لصنع القنبلة. والآن لم يعد للنظام سوى خيارين: إما اتفاق مع واشنطن أو القنبلة النووية تعترف إسرائيل بهذه 'الزاوية المظلمة'، لكنها تؤكد ثقتها الكاملة في استخباراتها. يقول سفيرها في فرنسا: 'نحن لا نستهدف كل الفيزيائيين الإيرانيين. هؤلاء الرجال قُتلوا لأنهم كانوا مشاركين بشكل مباشر في تصنيع قنبلة نووية'. ويضيف أن الضربات لم تقتصر على العلماء، بل استهدفت أيضًا من أصدروا الأوامر، ومنهم أعضاء في المجلس الأعلى للأمن القومي. كما توضح 'لوموند' أن إسرائيل لم تنشر أي دليل على إعادة تنظيم SPND، أو على حجم الخطر الذي كانت تشكله. لكن أحد المطلعين على البرنامج النووي في إسرائيل يذكّر بأن القرار النهائي لتصنيع القنبلة يعود للمرشد الأعلى علي خامنئي، الذي استبعد ذلك صراحة منذ التسعينيات، ثم بعد تجميد جزئي لـ AMAD منتصف 2000. يقول أوزي آراد، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق: 'إيران تستطيع استئناف البرنامج في غضون أسابيع – الأمر سياسي بالدرجة الأولى'. النظام الإيراني في مأزق ومضت 'لوموند' موضّحة أن هذا الغموض يثير قلق الأوروبيين بشدة في ظل توقف البرنامج عن الشفافية.. فقد دخلت إيران في مواجهة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي سحبت مفتشيها. يقول دبلوماسي غربي: 'كان الاتفاق النووي عام 2015 يمنح قدرًا غير مسبوق من الشفافية. أما الآن، فقد ضحّت إسرائيل بجزء من شبكتها الاستخباراتية لتنفيذ هذه الضربات. والإيرانيون ينفذون عملية تطهير داخلية'. وتابعت الصحيفة القول إن إسرائيل لا تخفي نواياها، فهي وإن كانت تؤيد عودة المفتشين والمفاوضات مع واشنطن، إلا أنها جاهزة لشن ضربات جديدة، دون تحديد عتبة معينة. تسمي هذه الاستراتيجية 'قص العشب': قصف متكرر لإضعاف العدو دون تدمير قدراته تمامًا. وقد استخدمتها في غزة من عام 2007 حتى عام 2023، ومنذ عام 2024 في لبنان وسوريا. فهل ستطبقها على إيران أيضًا؟ تتساءل 'لوموند'. يقول أفنير فيلان، المسؤول الأمني الإسرائيلي السابق: 'كانت إيران على وشك امتلاك ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع عشر قنابل نووية. لذا فإن قص العشب ليس خيارًا سيئًا – فالوقت ليس في صالح النظام'. لكن مع كل ضربة، تدفع إسرائيل النظام الإيراني إلى الزاوية. كما تنقل 'لوموند' عن دبلوماسي غربي، قوله: 'لقد ذهبت إسرائيل بعيدًا لدرجة أنها لن تكون آمنة دون تغيير في النظام الإيراني'. وتُشير 'لوموند' في نهاية تحقيقها هذا إلى أن تصريحات علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى، في شهر أبريل الماضي، والتي قال فيها إن إيران 'لا تتجه نحو تصنيع الأسلحة النووية'، لكن إن تصرفت القوى الغربية بشكل غير مسؤول، فإن طهران 'ستُجبر' على إعادة النظر. واليوم، يُطرح هذا الخيار علنًا. ويقول أفنير فيلان، المسؤول الأمني الإسرائيلي السابق: 'لم يكن لدى إيران من قبل هذا القدر من الدوافع لصنع القنبلة. والآن لم يعد للنظام سوى خيارين: إما اتفاق مع واشنطن أو القنبلة النووية. لا طريق ثالثا بعد الآن'.


القدس العربي
منذ 3 ساعات
- القدس العربي
الرئيس الإيراني يتهم إسرائيل بمحاولة قتله- (فيديو)
طهران: اتهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إسرائيل بمحاولة اغتياله بدون أن يحدد متى، في مقابلة أجراها معه الإعلامي الأمريكي تاكر كارلسون وتم بثها الإثنين. وقال بزشكيان 'حاولوا، نعم. تحركوا على هذا النحو، لكنهم فشلوا' مضيفا 'لم تكن الولايات المتحدة من يقف خلف محاولة قتلي. كانت إسرائيل. كنت في اجتماع (…) حاولوا قصف المنطقة التي كنا نعقد الاجتماع فيها'، مؤكدا 'كانت هذه إسرائيل'، بحسب ترجمة لتصريحاته من الفارسية، من غير أن يوضح ما إذا كانت محاولة الاغتيال وقعت خلال الحرب التي دارت بين البلدين في حزيران/يونيو. BREAKING: 🇺🇲🇮🇷 Tucker Carlson has just published the Mega-interview with the Iranian President Masoud Pezeshkian — Megatron (@Megatron_ron) July 7, 2025 (أ ف ب)

العربي الجديد
منذ 8 ساعات
- العربي الجديد
لافروف يلتقي مع عراقجي ويجدد عرض موسكو المساعدة في حل النزاع النووي
قالت وزارة الخارجية الروسية إن الوزير سيرغي لافروف التقى، اليوم الأحد، نظيره الإيراني عباس عراقجي على هامش قمة بريكس، حيث جدد عرض موسكو المساعدة في حل الخلافات بشأن برنامج طهران النووي. وجاء في بيان صادر عن الوزارة أن لافروف ندد مجددًا، خلال محادثاته في ريو دي جانيرو مع عراقجي، بالضربات الإسرائيلية والأميركية على إيران الشهر الماضي، "بما في ذلك قصف البنية التحتية للطاقة النووية الخاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وأوضح البيان أن لافروف شدد على ضرورة حل جميع القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني عبر الدبلوماسية، مؤكدًا استعداد موسكو "لتقديم المساعدة في إيجاد حلول مقبولة للطرفين، بما في ذلك المبادرات التي طرحها الرئيس الروسي في وقت سابق". وكان عراقجي قد أجرى محادثات في موسكو الشهر الماضي، خلال النزاع الذي استمر 12 يومًا. رصد التحديثات الحية "تليغراف": صواريخ إيران أصابت 5 منشآت عسكرية إسرائيلية مباشرة وتنفي إيران سعيها لتطوير أسلحة نووية، مؤكدة أن برنامجها مخصص لأغراض سلمية. فيما تقول روسيا، التي تربطها بطهران شراكة استراتيجية غير مشروطة ببند دفاع متبادل، إن من حق إيران امتلاك برنامج سلمي للطاقة النووية. كما أكدت موسكو استعدادها للوساطة في الأزمة بين إيران من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، وعرضت استضافة اليورانيوم الإيراني وتخزينه لديها كجزء من حل تفاوضي. وكان الرئيس الأميركي الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 دونالد ترامب قد أعرب عن "انفتاحه" على أن يؤدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1952، أي بعد 7 سنوات من نهاية الحرب العالمية الثانية، التي فقد فيها شقيقه الأكبر وأصيب فيها والده، عمل 16 عامًا في جهاز الاستخبارات الروسي، ثم رئيسًا للوزراء عام 1999، ورئيسًا مؤقتًا في نفس العام، وفاز في الانتخابات الرئاسية: 2000، 2004، 2012، 2018، 2024 دور وساطة في النزاع بين إيران وإسرائيل. وأكد ترامب في الوقت نفسه أنه ليس هناك "موعد نهائي" لعودة الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات، وفق ما أفادت صحافية في شبكة "إيه بي سي نيوز" الأميركية. (رويترز، العربي الجديد)