logo
ديون لبنان.. وتداعيات «التقشف»

ديون لبنان.. وتداعيات «التقشف»

الاتحادمنذ يوم واحد

ديون لبنان.. وتداعيات «التقشف»
فوجئ خبراء صندوق النقد الدولي، بنمو حساب ودائع الدولة اللبنانية لدى مصرف لبنان، حتى بلغ 7 مليارات دولار في مايو الماضي،مسجلاً زيادة 5 مليارات دولار، خلال 17 شهراً، مقارنة بنحو ملياري دولار بنهاية ديسمبر 2023، وذلك نتيجة جمع وزارة المالية حاصلات الضرائب والرسوم، وما تجمعه مؤسسات القطاع العام، مثل مرفأ بيروت، ومؤسسات المياه والبلديات، وسواها من المؤسسات الحكومية.
واللافت أن هذا المبلغ يعادل أكثر من ضعفي القرض الذي يسعى لبنان للحصول عليه من الصندوق، والبالغ 3 مليارات دولار. وتدل هذه الأرقام التي نشرها «المركزي» على موقعه الإلكتروني، على أن الدولة، تدّخر أكثر بكثير مما تنفق، وقد ساهم ذلك في جمع هذا الفائض في الخزينة. وهو مؤشر جيد يدل على أن «المالية العامة» في وضع سليم.
ولكن في الحقيقة أن الدولة تعتمد منذ سنتين «التقشف المتشدد» في الإنفاق، وهو مؤشر«سلبي»، يؤكد الركود والبطالة والمزيد من الفقر، إضافة إلى تكريس الرداءة، نمطاً للحياة، خصوصاً في ظل انعدام الإنفاق الاستثماري. ويعود السبب إلى عوامل عدة، أهمها: ربط السياسة المالية بالسياسة النقدية التي تحاول الحفاظ على سعر صرف ثابت، وتوقف الحكومة عن سداد الدين، ولكن هذا الأمر ليس مستداماً، لأن الدولة ستضطر لاحقاً إلى إدراج مستحقات للدائنين في الموازنة.
مع الإشارة إلى أن مباحثات بعثة الصندوق مع وزارة المالية، تمحورت حول موازنة العام 2026، وطالبت البعثة باعتماد استراتيجية متوسطة الأجل «لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات»، فضلاً عن أهمية «إعادة هيكلة اليوروبوند لاستعادة استدامة الدين».علماً أن الصندوق يدرك أن استمرار«التقشف الشديد»، الذي تمارسه الحكومة، سيلغي أي إمكانية لتطوير مؤسسات القطاع العام، وتنفيذ المشاريع الكبرى التي يحتاجها لبنان.
ووفق صندوق النقد، يبلغ صافي الدين العام نحو46 مليار دولار، بما يعادل 164 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة كبيرة، يجب خفضها إلى أقل من 100 في المئة، بعد إعادة هيكلة هذا الدين.
ولكن خلافاً لتقديرات الصندوق، فإن الرقم الحقيقي أقل من ذلك بكثير، كما تشير دراسات عدد من الخبراء. ففي العام 2019، قبل بدء الأزمة المالية، وانهيار الليرة التي خسرت نحو 98 في المئة من قيمتها مقابل الدولار، كان دين الدولة يعادل 92 مليار دولار، منها نحو 60 في المئة ديون داخلية بالليرة، ومع إنهيار سعر الصرف من 1500 ليرة إلى 89500 ليرة للدولار، تقلص هذا الدين من 58 مليار دولار إلى أقل من مليار دولار.
أما سندات اليوروبوند، فهي ديون بالدولار، تبلغ قيمتها 31 مليار دولار، ويجمع الخبراء على أن هذا الدين بات شبه هالك، وإذا أرادت الدولة التفاوض على جزء منه، فلن تدفع أكثر من 25 في المئة من قيمته، ويؤدي ذلك إلى خفضه إلى 8 مليارات دولار.
وهكذا يكون مجموع الدين العام نحو 9 مليارات دولار، أي أقل من 35 في المئة من الناتج المحلي المقدر حالياً بنحو 24 مليار دولار، الأمر الذي يسمح للبنان بالحصول على المزيد من القروض الخارجية، لكن ذلك يصطدم بحالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي التي يعيشها اللبنانيون، وهم ينتظرون سيطرة الدولة على كامل أراضيها، بتطبيق القرارات الأممية وخاصة قرار مجلس الأمن 1701، واستعادة ثقة المجتمعين العربي والدولي بالإصلاحات المالية والمصرفية. *كاتب لبناني متخصص في الشؤون الاقتصادية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وادي السيليكون.. ومنعطف الذكاء الاصطناعي
وادي السيليكون.. ومنعطف الذكاء الاصطناعي

الاتحاد

timeمنذ 3 ساعات

  • الاتحاد

وادي السيليكون.. ومنعطف الذكاء الاصطناعي

وادي السيليكون.. ومنعطف الذكاء الاصطناعي في يومه الثاني بعد توليه منصبه العام الحالي، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعمه المطلق لصناعة التكنولوجيا، وأعلن، وهو يقف على منصة بجوار قادة التكنولوجيا، عن مشروع «ستارغيت»، الذي يعتبر خطة لضخ 500 مليار دولار من الاستثمارات الخاصة على مدى أربع سنوات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. وبالمقارنة بذلك، أنفقت مهمة أبولو، التي أرسلت أول رجال إلى القمر، حوالي 300 مليار دولار بأسعار اليوم على مدى 13 عاماً. وقد قلل سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» OpenAI، من شأن هذا الاستثمار، قائلاً: «يبدو المبلغ ضخماً للغاية الآن. أراهن أنه لن يبدو بهذا الحجم بعد بضع سنوات». وعلى مدى العقد الذي راقبت فيه وادي السيليكون، كمهندسة في البداية ثم كصحفية، شاهدت تحوّل الصناعة إلى نموذج جديد. ولطالما استفادت شركات التكنولوجيا من دعم الحكومة الأميركية الودي، إلا أن إدارة ترامب في شهورها الأولى أوضحت أن الدولة ستمنح الآن قوة دفع جديدة لطموحات هذه الصناعة. وكان إعلان مشروع «ستارغيت» مجرد إشارة واحدة، بينما كان مشروع قانون الضرائب الجمهوري الذي أقره مجلس النواب الأسبوع الماضي إشارة أخرى، والذي يمنع الولايات من تنظيم الذكاء الاصطناعي خلال السنوات العشر القادمة. ولم تعد شركات الذكاء الاصطناعي العملاقة الرائدة مجرد شركات متعددة الجنسيات، بل إنها تنمو لتصبح إمبراطوريات حديثة. ومع حصولها على دعم كامل من الحكومة الفيدرالية، ستتمكن قريباً من إعادة تشكيل معظم مجالات المجتمع كما تشاء، من السياسة إلى الاقتصاد إلى إنتاج العلوم. وكانت ثروة الصناعة ونفوذها يتوسعان بالفعل في وادي السيليكون قبل 10 سنوات، وكان لدى عمالقة التكنولوجيا مهام عظيمة، على سبيل المثال مهمة جوجل «نظيم معلومات العالم»، والتي استخدموها لجذب العمال الشباب والاستثمار الرأسمالي. لكن مع التعهدات بتطوير الذكاء الاصطناعي العام، أو ما يُعرف بـ «A.G.I»، تحولت تلك المهمات العظيمة إلى مهمات حضارية. وتزعم الشركات أنها ستنقل البشرية إلى عصر جديد من التنوير، وأنها وحدها من تمتلك الوضوح العلمي والأخلاقي للسيطرة على تقنية، بحسب زعمها، ستقودنا إلى الجحيم إذا طورتها الصين أولاً. ويقول داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة «أنثروبيك»، وهي شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي: «يجب أن تمتلك شركات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى نماذج أفضل من تلك الموجودة في الصين إذا أردنا النجاح». ويبدو ذلك بعيد المنال، كما أن وادي السيليكون له تاريخ طويل من الوعود التي لم تتحقق. إلا أن الرواية التي تقول إن الذكاء الاصطناعي العام قريب، وسيجلب «ازدهاراً هائلاً»، كما كتب ألتمان، تقود الشركات بالفعل إلى جمع رؤوس أموال ضخمة، والمطالبة بالبيانات والكهرباء، وبناء مراكز بيانات هائلة تسهم في تسريع أزمة المناخ. وستعزز هذه المكاسب نفوذ وقوة شركات التكنولوجيا وتضعف حقوق الإنسان حتى بعد أن يزول بريق وعود الصناعة. ويمنح السعي وراء الذكاء الاصطناعي العام الشركات غطاءً لجمع بيانات أكثر من أي وقت مضى، مع ما يترتب على ذلك من آثار عميقة على خصوصية الأفراد وحقوق الملكية الفكرية. وقبل الاستثمار بكثافة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، جمعت شركة «ميتا» بيانات من أربعة مليارات حساب، قبل أن تستثمر بكثافة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكنها لم تعد ترى أن هذا الكم من البيانات كافٍ. ولتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاصة بها، قامت الشركة باستخراج بيانات «الإنترنت» دون مراعاة تُذكر لحقوق النشر، بل وطرحت فكرة شراء شركة دار النشر «سايمون آند شوستر» لتلبية متطلبات البيانات الجديدة. ويدفع هذا الاتجاه الشركات إلى زيادة استهلاكها للموارد الطبيعية، حيث أشارت التقديرات الأولية لمشروع «ستارغيت» إلى أن حاسوبها العملاق للذكاء الاصطناعي قد يحتاج إلى طاقة تعادل استهلاك ثلاثة ملايين منزل. وتتوقع مؤسسة «ماكنزي» الآن أنه بحلول عام 2030، سيتعين على الشبكة الكهربائية العالمية أن تضيف طاقة تعادل ما بين مرتين إلى ست مرات القدرة التي احتاجت إليها ولاية كاليفورنيا بأكملها في عام 2022، فقط لمواكبة وتيرة توسع وادي السيليكون. ووصفت «ماكنزي» هذه الأرقام بأنها «استثمارات هائلة في أي سيناريو». وقال أحد موظفي «أوبن إيه آي»، إن الشركة تعاني نقصاً في الأراضي والكهرباء. وفي الوقت نفسه، تضاءل عدد الخبراء المستقلين في مجال الذكاء الاصطناعي القادرين على محاسبة وادي السيليكون. ففي عام 2004، لم ينضم إلى القطاع الخاص سوى 21% من خريجي برامج الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي. أما في عام 2020، فقد ارتفعت هذه النسبة إلى نحو 70%، بحسب إحدى الدراسات. وقد اجتذبهم وعد الرواتب التي قد تتجاوز بسهولة حاجز المليون دولار سنوياً، ما يسمح لشركات مثل «أوبن إيه آي» باحتكار المواهب. وقد تقوم شركات الذكاء الاصطناعي بالفعل بمراقبة الأبحاث المهمة حول عيوب ومخاطر أدواتها. وقبل أربع سنوات، أعلن قادة فريق «غوغل» الأخلاقي للذكاء الاصطناعي أنهم أُقيلوا بعد أن كتبوا ورقة بحثية أثارت تساؤلات حول التركيز المتزايد للصناعة على نماذج اللغة الكبيرة، وهي التقنية التي تدعم «شات جي بي تي» ومنتجات الذكاء الاصطناعي التوليدية الأخرى. وتمر تلك الشركات بمنعطف حاسم، فمع انتخاب ترامب، ستبلغ قوة وادي السيليكون آفاقًا جديدة، لاسيما بعد أن عيّن ترامب الملياردير المغامر ديفيد ساكس، وهو مستثمر في الذكاء الاصطناعي، في منصب قيصر الذكاء الاصطناعي، كما اصطحب ترامب مجموعة من المديرين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا في رحلته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية. وإذا صوّت «الجمهوريون» في مجلس الشيوخ على منع الولايات من تنظيم الذكاء الاصطناعي لمدة 10 سنوات، فسيتم ترسيخ حصانة وادي السيليكون في القانون، مما يعزز وضع هذه الشركات كإمبراطوريات. ويتجاوز تأثير تلك الشركات نطاق الأعمال التجارية بكثير، فنحن الآن أقرب من أي وقت مضى إلى عالم تستطيع فيه شركات التكنولوجيا الاستحواذ على الأراضي، وإدارة عملاتها الخاصة، وإعادة تنظيم الاقتصاد، وإعادة صياغة سياساتنا كما نشاء دون عواقب تُذكر. إلا أن ذلك له ثمن، فعندما تسود الشركات، يفقد الناس قدرتهم على التعبير عن آرائهم في العملية السياسية، ولا تصمد الديمقراطية. إلا أن التقدم التكنولوجي لا يتطلب من الشركات أن تتصرف كالإمبراطوريات. فبعض أكثر إنجازات الذكاء الاصطناعي تأثيرًا لم يأتِ من عمالقة التقنية الذين يسابقون الزمن لتقليد الذكاء البشري، بل من تطوير نماذج بسيطة غير مكلفة وموفرة للطاقة لأداء مهام محددة، مثل التنبؤ بالطقس. وقد طورت «ديب مايند» نموذج ذكاء اصطناعي غير توليدي يُدعى «ألفافولد» يتنبأ بالبنية البروتينية استناداً إلى تسلسل الأحماض الأمينية، وهي وظيفة بالغة الأهمية في اكتشاف الأدوية وفهم الأمراض. وحصل مبتكروه على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024. ولا يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي التي تخدم الجميع أن تنشأ من رؤية تنموية تتطلب انصياع الأغلبية لأجندة نخبوية تخدم القلة. ولن يكون الانتقال إلى مستقبل أكثر عدالة واستدامة في مجال الذكاء الاصطناعي سهلاً، حيث سيتطلب من الجميع، صحفيين، ومجتمع مدني، وباحثين، وصانعي سياسات، ومواطنين، التصدي لعمالقة التكنولوجيا، ووضع لوائح حكومية مدروسة كلما أمكن، وزيادة الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي الأصغر حجماً. فعندما ينهض الناس، تسقط الإمبراطوريات.لا يمكن أن تولد أدوات الذكاء الاصطناعي التي تخدم الجميع رؤية للتنمية تفرض على الغالبية الانصياع لأجندة نخبوية تخدم القلة. إن الانتقال إلى مستقبل أكثر عدلاً واستدامة في مجال الذكاء الاصطناعي لن يكون سهلاً: سيتطلب من الجميع - صحفيين، ومجتمعاً مدنياً، وباحثين، وواضعي سياسات، ومواطنين - أن يواجهوا عمالقة التقنية، وأن يدفعوا نحو تنظيم حكومي مدروس أينما أمكن، وأن يستثمروا أكثر في تقنيات ذكاء اصطناعي صغيرة النطاق. *صحفية متخصصة في الذكاء الاصطناعي، ومحررة بمجلة «إم آي تي تكنولوجي ريفيو» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

الكونجرس.. وعبء الديون الأميركية
الكونجرس.. وعبء الديون الأميركية

الاتحاد

timeمنذ 4 ساعات

  • الاتحاد

الكونجرس.. وعبء الديون الأميركية

الكونجرس.. وعبء الديون الأميركية ذا ما أقرّ الكونجرس مشروع قانون المصالحة في الميزانية، الذي أقرّه مجلس النواب مؤخراً (والذي يُعرف رسمياً باسم «قانون الفاتورة الجميلة الواحدة الكبيرة»)، فإن سياسات الضرائب والإنفاق التي سيُطلقها هذا القانون خلال العقد المقبل ستتطلب اقتراضاً تراكمياً يقارب 24 تريليون دولار، ما سيدفع نسبة الديْن الأميركي إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 124%. ومع ذلك، يبدو أن الكونجرس يسير على طريق رفع سقف الدين بمقدار 4 أو 5 تريليونات دولار، وإذا حصل السيناتور راند بول (جمهوري عن ولاية كنتاكي) على ما يريد، بـ 500 مليار فقط. ويعني ذلك أن الكونجرس، الذي يسيطر عليه «الجمهوريون»، يختار عمداً مستقبلاً تقلّ فيه عائدات الضرائب عن الإنفاق الفيدرالي عاماً بعد عام، بينما يُمنع فيه على الخزانة تعويض هذا الفارق عن طريق الاقتراض. جميعنا نتذكر عقوداً من الجدل حول سقف الدين. لقد سئمنا جميعاً من تلك الجدليات، وقد فقد بعضنا صوابه تجاه الالتماسات المتكررة، ويأمل الكثيرون منا ألا يسمعوا عن هذا الموضوع مجدداً، إلا أن مقترحات الكونجرس الحالية تبدو فادحة للغاية، حيث تدعو إلى تقبّل عالم يتطلب اقتراضاً مكثفاً ومنعه في آنٍ واحد. ربما لم يُكلفوا أنفسهم عناء إجراء الحسابات. وعلى الأرجح، يتطلعون إلى سلسلة لا نهائية من جدل سقف الدين تمتد إلى المستقبل. وعلى أي حال، يُمثل هذا مستوىً جديداً من التشكيك في الميزانية. وكما أشار عدد لا يُحصى من المراقبين - بمن فيهم الرئيس دونالد ترامب مؤخراً - فإن الإجراء الصحيح بشأن سقف الدين هو إلغاؤه. وإذا اعتمد الكونجرس سياسات ضريبية وإنفاقية تتطلب الاقتراض، فيجب السماح للخزانة بالاقتراض. ووفقاً لأبسط المناطق المالية، فإن أحدهما يستلزم الآخر. وباستثناء إلغاء سقف الدين، ينبغي على الكونجرس رفعه بما يكفي لتمويل سياسات الضرائب والإنفاق التي التزم بها بالكامل، والتي، كما ذُكر، تبدو حوالي 24 تريليون دولار على مدى العقد المقبل. وبدلاً من ذلك، تُقدّم نسخة مجلس النواب من مشروع القانون زيادةً قدرها 4 تريليونات دولار في سقف الدين، مما يعني أننا سنصل إليه على الأرجح خلال عامين ونصف تقريباً، استناداً إلى توقعات العجز الصادرة عن مكتب الميزانية في الكونجرس. وماذا سيحدث حينها؟ إذا كان التاريخ دليلاً، ستنشأ فرصة لصقور المالية العامة للمطالبة بتخفيضات في الإنفاق مقابل السماح للبلاد بتجنب التخلف عن السداد. وفي الواقع، أشار بول إلى أنه يتطلع إلى القيام بذلك بالضبط. ومع ذلك، ستتوالى تلك المواجهات ومخاوف التخلف عن السداد، واحدة تلو الأخرى، تحديداً لأن قانون «مشروع قانون واحد كبير وجميل» لعام 2025 وضع الولايات المتحدة على مسار يتطلب هذا الاقتراض وأكثر. ومن المُرجّح أن يُثير رفع سقف الدين بمقدار 24 تريليون دولار استياء العديد من مؤيدي مشروع قانون المصالحة. وقد يُشيرون إلى أن ديون البلاد ستنمو أيضاً إذا لم يفعلوا شيئاً أو فشلوا في الحصول على الأصوات اللازمة، وهم محقون في ذلك. إلا أن القانون الحالي لا يُشكّل أي أهمية إذا سنّ الكونجرس هذا التشريع ذي العواقب الجسيمة. ويُحدث هذا القانون تغييرات جذرية على سياسات الضرائب والإنفاق في البلاد، مُغيّراً الدخل الخاضع للضريبة، ومُقيداً حصول المواطنين على الرعاية الصحية، وهذه بعضٌ من أبرز سماته، حيث يُعدّ هذا الاقتراح بالغ الأهمية، فهو يقود البلاد نحو مسارٍ جديد.وبالطبع، يملك كل كونجرسٍ صلاحية القيام بمثل هذه الأمور. ولكن مع هذه السلطة الشاملة تأتي مسؤولية كبرى. سيصبح مؤيدو القانون صانعي مستقبلنا المشترك. وإذا كان جزءاً من هذا المصير مستقبلاً مليئاً بمعارك متكررة حول سقف الديون، وهو ما يبدو أن بعضهم يستمتع به - فلنتذكّر على الأقل أن مؤيدي القانون مسؤولون عن مسار ارتفاع الدين الفيدرالي. *كبيرة الاقتصاديين سابقاً في مكتب الميزانية بالكونجرس الأميركي، وزميلة بارزة في الدراسات الاقتصادية بمعهد بروكينغز للأبحاث. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

«الديمقراطيون».. دعوة إلى اليقظة
«الديمقراطيون».. دعوة إلى اليقظة

الاتحاد

timeمنذ 4 ساعات

  • الاتحاد

«الديمقراطيون».. دعوة إلى اليقظة

«الديمقراطيون».. دعوة إلى اليقظة بعد بضعة أشهر من الهزيمة المريرة التي مني بها الديمقراطيون في انتخابات 2024، عقد الحزب اجتماعاً للجنة التنفيذية. وبدلاً من إجراء النظر ملياً في أسباب الأداء الضعيف، تحول الاجتماع إلى مهرجان من التهاني الذاتية: «لقد عقدنا أفضل مؤتمر على الإطلاق». «لقد جمعنا تبرعات أكثر من أي وقت مضى». «كان لدينا أفضل فريق وأفضل تعاون بين البيت الأبيض وحملة هاريس والحزب». وعندما رفعت إحدى القيادات الحزبية يدها لتُذكّر الجميع بأننا «خسرنا»، وأشارت إلى أن الحزب بحاجة لإجراء «تشريح» لمعرفة ما الذي حدث، قوبلت فكرتها بالغضب. «ماذا تقصدين بتشريح؟ لسنا موتى!» صحيح أن الحزب لم يمت، لكن أداءه في عام 2024 كان ضعيفاً. فقد خسر البيت الأبيض ومجلس الشيوخ، وتشير الاستطلاعات الآن إلى أن «الديمقراطيين» لديهم أدنى مستويات التأييد الشعبي في تاريخهم الحديث. وعلى الرغم من رفضهم لفكرة «التشريح»، إلا أن تقارير صحفية ظهرت خلال الأشهر الماضية تتضمن نصائح من «مسؤولين حزبيين ديمقراطيين» حول ما يجب أن يفعله الحزب للمضي قدماً، بالإضافة إلى دراسات كلّفت بها بعض جهات الحزب لتحليل هزيمة 2024. الرأي السائد هو أنه على «الديمقراطيين» التحول نحو «الوسط»، والتخلي عن الأفكار السياسية «الراديكالية» أو «اليسارية». تكمن المشكلة في هذا التقييم في شقين. أولاً، معظم المسؤولين الذين يقدمون هذه النصائح أو الجهات التي تم تكليفها بالدراسات (التي قيل إن تكلفتها بلغت 30 مليون دولار) هم أنفسهم من تسببوا في المأزق الذي يجد «الديمقراطيون» أنفسهم فيه الآن. إنهم لا يفهمون الناخبين الذين خسروهم أو ما يجب فعله لاستعادتهم. ثانياً، إن تعريفاتهم لـ«الوسطية» و«اليسارية» مفبركة لخدمة تحيزاتهم الخاصة. ليس كافياً أن نقول: «علينا التوقف عن اليقظة المفرطة، وأن نركز بدلاً من ذلك على ما يهم الناخبين»، خاصة عندما لا يعرفون حقاً ما الذي يهم الناخبين. لسنوات، جادل هؤلاء المستشارون بأنه على «الديمقراطيين» الاتجاه نحو «مركز» السياسة الأميركية، والذي يعرّفونه كمزيج من السياسات الاقتصادية/المالية ذات الميول المحافظة، وبعض السياسات الاجتماعية ذات الميول الليبرالية (وليس جميعها). لم تكن هناك رؤية شاملة لهذا المزيج من الأفكار، وغالباً ما وجد المرشحون الذين استمعوا لهؤلاء المستشارين أنفسهم في مأزق وهم يحاولون إرضاء الناخبين دون رسالة متماسكة. في حين ركّز «الجمهوريون» قبل ترامب على شعار ريجان المتمثل في خفض الضرائب وتقليص دور الحكومة، كان «الديمقراطيون»، عند سؤالهم عن مواقفهم، يكتفون بسرد سلسلة من القضايا (الإجهاض، العدالة الاجتماعية، البيئة، الهجرة، الأسلحة، إلخ)، تاركين للناخبين مهمة التمييز بين الحقيقة والخيال. ولأن شعار الجمهوريين «حكومة أصغر، ضرائب أقل» لم يُفضِ إلا إلى زيادة تفاوت الدخل وتهديد الرفاه الاقتصادي لمعظم الناخبين، فقد تجنبوا الخوض في تفاصيل هذه القضايا، وسعوا بدلاً من ذلك إلى صرف انتباه الناخبين من خلال تضخيم أحد مواقف «الديمقراطيين» تجاه القضايا الاجتماعية: «الديمقراطيون يريدون حدوداً مفتوحة». «الديمقراطيون متساهلون مع الجريمة». «الديمقراطيون يريدون إلغاء الشرطة». وفي كل مرة ينصب فيها الجمهوريون هذه الفخاخ، يقع فيها «الديمقراطيون»، وينشغلون بهذه القضايا بدلاً من تطوير رسالة شاملة تصل إلى أغلبية الناخبين. قبل خمسة وعشرين عاماً، شاركت في تأليف كتاب مع شقيقي «جون زغبي» بعنوان: «ما الذي يفكر فيه الأميركيون من أصول عرقية حقاً؟»، استند إلى استطلاعات أجرتها شركة جون لقياس مواقف الناخبين من عدة مجموعات عرقية في الولايات المتحدة: الإيطاليون، العرب، اللاتينيون، الآسيويون، اليهود، والأفارقة. وعلى الرغم من وجود اختلافات كبيرة بين هذه المجموعات، إلا أن ما ظهر جلياً هو أن مواقفهم كانت متقاربة في عدة قضايا. كانت أغلبية قوية من جميع المجموعات فخورة بجذورها، وترتبط عاطفياً بتراثها، وبالروابط العائلية، والمدن التي ينتمون إليها. وكان هذا صحيحاً بالنسبة للمهاجرين والمولودين في أميركا على حد سواء. وعلى خلاف «حكمة» المستشارين، أيدت جميع هذه المجموعات سياسات اقتصادية/مالية تقدمية. على سبيل المثال، أغلبية ساحقة تتراوح من 85% إلى 95% أرادت من الحكومة الفيدرالية: المساعدة في تمويل التأمين الصحي، ورفع الحد الأدنى للأجور، وفرض عقوبات على الملوثين، ومعارضة نظام ضريبي تنازلي، وتعزيز الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، ودعم التعليم العام. كما طالبت أغلبية كبيرة بـ: إصلاح تمويل الحملات الانتخابية، ومراقبة الأسلحة، وحظر أميركي أحادي الجانب على تجارب الأسلحة النووية. أما في القضايا الاجتماعية، فقد أظهرت مواقف هذه المجموعات قدراً أكبر من التعقيد والتنوع. إذ دعمت أغلبية أصغر - ولكن لا تزال أغلبية - عقوبة الإعدام، وتقييد الإجهاض، والقسائم المدرسية، ومعارضة التفضيلات العرقية في التوظيف. في الواقع، «الوسط» لا يعني أن تكون أكثر اعتدالاً في القضايا الاقتصادية وأكثر ليبرالية في القضايا الاجتماعية، لأن السياسات الاقتصادية التقدمية تحظى بدعم يقارب 9 من كل 10 ناخبين، وهي الأساس لبناء حزب يتمتع بأغلبية. وفي الوقت ذاته، بدلاً من تجاهل أو إهانة أو رفض التعامل مع الناخبين ذوي الآراء المختلفة في القضايا الاجتماعية، يجب على «الديمقراطيين» أن يناقشوا هذه القضايا داخل الحزب بشكل محترم. الدرس الذي يجب أن يتعلمه «الديمقراطيون» هو أن «اليسار» لا يُعرَّف أساساً من خلال الموقف من القضايا الاجتماعية. بل، وعلى عكس «الجمهوريين»، يجب على «الديمقراطيين» أن يعرفوا أنفسهم بأنهم الحزب الذي يفهم الدور الإيجابي للحكومة في خلق اقتصاد وبرامج توفر الوظائف والفرص للعائلات من الطبقة العاملة والطبقة المتوسطة - من السود، والآسيويين، واللاتينيين، والبيض من أصول عرقية مختلفة. وعندما لا يتبنون هذه الاهتمامات فإنهم يتركون هذا المجال للجمهوريين، الذين - رغم سياساتهم الرجعية الفظيعة - يدّعون الآن أنهم يمثلون الطبقة العاملة، ويتهمون الديمقراطيين بأنهم يمثلون النخبة فقط. هذا لا يعني أن على «الديمقراطيين» التخلي عن التزامهم تجاه مجموعة القضايا الاجتماعية والثقافية التي لطالما اعتبرها قادة الحزب أساسية لمجتمع «ديمقراطي» متنوع. لكن لا يجب أن تكون هذه القضايا هي ما يُعرّف الحزب. لكي يفوز «الديمقراطيون»، عليهم أن يستعيدوا تاريخهم كحزب فرانكلين روزفلت، وليندون جونسون، وجو بايدن وبيرني ساندرز. أن يكونوا الحزب الذي يؤمن بدور الحكومة في رفع من هم بحاجة للمساعدة، وتوفير الدعم للطبقة العاملة والوسطى من جميع الخلفيات العرقية والإثنية. رئيس المعهد العربي الأميركي- واشنطن

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store