
هل لبى تقرير لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل تطلعات السوريين؟
وانطلقت عملية رصد الشهادات وتسجيلها بعد إصدار مرسوم رئاسي في 9 مارس/آذار الماضي السوري يقضي بتشكيل لجنة وطنية مستقلة مكونة من 7 أعضاء للتحقيق في تلك الأحداث.
وأعلنت اللجنة نتائج تحقيقها، أمس الثلاثاء، وقالت إنها أحالت إلى النائب العام في البلاد لائحتين بالمشتبه بضلوعهم في الانتهاكات التي شهدها الساحل السوري، كما أوصت بملاحقة الفارين والمضي في إجراءات العدالة الانتقالية ، وذلك بعد أن سلّمت تقريرها للرئيس أحمد الشرع يوم الأحد الماضي.
وكانت اللجنة قد أعلنت في وقت سابق أنها تحقق في انتهاكات جسيمة تعرض لها المدنيون في 7 و8 و9 مارس/آذار، تشمل "القتل والقتل القصد والسلب وتخريب البيوت وحرقها والتعذيب والشتم بعبارات طائفية". وخلال العملية تمّ التحقق "من أسماء 1426 قتيلا، بينهم 90 امرأة والبقية معظمهم مدنيون وعسكريون سابقون أجروا تسويات" من العلويين في منطقة الساحل، وفقدان 20 آخرين.
خطوة كبيرة
يقول الخبير القانوني محمد طبلية مدير "المنظمة الدولية لحقوق الإنسان" في المملكة المتحدة للجزيرة نت، إن التقرير خلص إلى وجود 298 شخصا متورطا في أعمال العنف بينهم 265 من فلول النظام السابق.
ولفت إلى أن جمع اللجنة شهادات أكثر من 938 شخصا، بينهم 452 شاهدا على القتل و496 شاهدا على عمليات السلب والسرقة والحرق والتعذيب، خطوة كبيرة تعزز سير القضية لكثرة الشهود على هذه الجرائم، كما أنها تضيف مصداقية وشفافية كبيرة لعملها.
بدوره، قال المحامي والخبير القانوني عبد الناصر حوشان للجزيرة نت، إن تشكيل لجنة تقصي حقائق بأحداث داخلية أهم خطوة في تاريخ سوريا ، لأنها المرة الأولى التي تقوم فيها مؤسسة الرئاسة بذلك، خاصة أن الاتهامات موجهة للحكومة، وهذه سابقة قانونية وسياسية بتكليف لجنة محايدة ومستقلة.
وقيّم عملها وتقريرها بأنه يتمتع بالإيجابية المطلقة، وأنه "لا شك أن هناك من سيعارض قراراتها وهذه حالة طبيعية للمتضررين منها".
كما أشار الخبير طبلية إلى أن اللجنة ضمت 5 قضاة ومحاميا وعميدا في الشرطة، مما يؤكد أن فيها "من المهنية والخبرة ما يكفي للوصول إلى نتائج مبنية على أسس قانونية"، أما بالنسبة لعامة الناس فلا شك أن هناك البعض لن ترضيهم النتائج لأنهم سيعتبرونها غير منصفة لهم".
متابعة التحقيقات
ونوه طبلية إلى أن التقرير أخفى أسماء المشتبه في تورطهم لضمان عدم هروبهم، و"لكن في الوقت ذاته يجب أن تسلّم اللجنة أسماءهم والشهادات للنيابة العامة ليتسم عملها بالشفافية ولا تكون مسيّسة".
وأكد على ضرورة جبر الضرر عبر تحمل الدولة مسؤولياتها وملاحقة المشتبه بهم من "الفلول ومن طرفها" وتقديمهم للنيابة العامة، وتبني كل التوصيات التي وصلت إليها اللجنة وتحقيق العدالة الانتقالية.
وتؤكد زيارة اللجنة لـ33 موقعا برفقة المخاتير ورجال الدين وممثلي العدالة -وفق طبلية- أنها كانت تريد الوصول إلى الحقيقة والشفافية، وأنه لم يكن عليها أية ضغوط سياسية من قبل الحكومة أو أي طرف آخر.
من ناحيته، قال نقيب المحامين أحمد دخان للجزيرة نت إن المرحلة التالية، بعد تسليم اللجنة تقريرها إلى الجهات القضائية المختصة، هي ضمان مسار العدالة الانتقالية سواء محليا عبر محاكم مستقلة، أو دوليا إن اقتضى الأمر.
وأكد أنهم سيعملون على متابعة ملفات الضحايا حتى مرحلة المرافعات القانونية، مع تأكيد أهمية إشراك المجتمع المدني ونقابة المحامين في حماية الشهود وتأمين سلامة الإجراءات. كما سيطالبون بإنشاء لجنة متابعة قضائية مشتركة تراقب تنفيذ التوصيات و"تحول دون طيّ الملف سياسيا".
وأضاف أن النتائج كانت خطوة مهمة، لكنها -برأيه- لم تُلبِّ كل تطلعات الضحايا وذويهم، وقال "نعم، تضمن التقرير كشفا عن جرائم خطيرة وعن مرتكبيها، لكنه ترك مناطق رمادية ولم يحدد المسؤوليات بشكل حاسم في بعض الوقائع الجوهرية، ربما مراعاة لحساسية المرحلة".
ووفق دخان، فإن مجرد الاعتراف الرسمي بوقوع هذه الانتهاكات يعد تطورا غير مسبوق، لكنه ليس كافيا وحده لأن الضحايا ينتظرون محاكمات علنية وتعويضات فعلية و"ليس فقط توصيفا قانونيا".
معايير دولية
فيما اعتبر عبد الناصر حوشان أن النتائج التي خلصت إليها اللجنة -من الناحية القانونية- كانت بمعايير دولية من خلال آلية العمل التي اتبعتها من حيث تشكيل اللجنة واختيار الوجهاء والمخاتير ورجال الدين في منطقة الساحل لمرافقة أعضائها خلال لقاء الشهود.
ولفت إلى أن التقرير هو المرحلة الأولى باتجاه الوصول للمحاسبة، تتبعه إجراءات ثانية بعد تسليمه لمؤسسة الرئاسة التي ستحوله بدورها للجهات المختصة الأمنية والعسكرية، ومن ثم القضائية لتقديم المشتبه بهم للمحاكم.
وأكد النقيب أحمد دخان على:
ضرورة أرشفة هذا التقرير كوثيقة قانونية رسمية، يمكن الاستناد إليها مستقبلا في أي محاكمات دولية.
المطالبة بضمان عدم استخدام التقرير لأغراض سياسية أو انتقائية، ويكون جزءا من مسار وطني شامل للعدالة والمصالحة.
وختم حديثه بأن المحاسبة لا تعني الانتقام، بل ترسيخ ثقافة دولة القانون، وأن نقابة المحامين ستكون في موقع رقابي وشريك فاعل لضمان ذلك.
من جهته، قال المحلل السياسي ورجل الأعمال بأميركا جلال بشور، إن الأحداث التي مرت بها سوريا من الساحل إلى السويداء تضع على عاتق الدولة مسؤولية تنفيذ المحاكمات ضد من ارتكب الجرائم والانتهاكات علنا، لكسب ثقة الشارع السوري والعالم أجمع.
وأكد للجزيرة نت أن التقسيم، إن كان في منطقة الساحل أو الجنوب السوري، فهو "عبارة عن أحلام لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
استقرار الوضع الأمني على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا
أكدت السلطات الأمنية العراقية أن الوضع على طول الشريط الحدودي مع سوريا، والبالغ نحو 600 كيلومتر، يشهد حالة من الاستقرار منذ بداية هذا العام. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
السوداني: العراق وسوريا يواجهان عدوا مشتركا
أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن حكومته تنسق مع الحكومة السورية الجديدة، ولا سيما في المسائل الأمنية، مشددا على أن بغداد ودمشق تواجهان عدوا مشترك هو تنظيم الدولة الإسلامية الذي يوجد بوضوح في سوريا. وفي مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس نشرت اليوم الثلاثاء، قال السوداني إن حكومته حذرت الحكومة السورية من الأخطاء التي وقعت في العراق بعد سقوط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حين أدى الفراغ الأمني الذي أعقب ذلك إلى سنوات من العنف الطائفي وصعود الجماعات المتطرفة المسلحة. ودعا السوداني القيادة السورية للسعي إلى "عملية سياسية شاملة تضم جميع المكونات والطوائف". وشدد على أن العراق لا يريد تقسيم سوريا ولا أي وجود أجنبي على أراضيها، في إشارة إلى التوغلات الإسرائيلية في جنوب سوريا. عدم إعطاء مبررات وتعليقا على التصعيد الذي تشهده المنطقة جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ، أوضح السوداني أن بلاده حرصت على "عدم إعطاء أي مبرر لأي طرف لاستهداف العراق". وتابع أن جماعات مسلحة في العراق حاولت إطلاق صواريخ ومسيّرات باتجاه إسرائيل وقواعد عراقية تضم قوات أميركية، لكن الأجهزة الأمنية العراقية أحبطت 29 محاولة، سعيا لعدم "إعطاء إسرائيل مبررا في ظل سياستها لتوسيع نطاق الحرب". وفي ظل اتفاق يقضي باكتمال المرحلة الأولى من انسحاب قوات التحالف في سبتمبر/أيلول المقبل، أفاد السوداني بأن الولايات المتحدة والعراق سيجتمعان بحلول نهاية العام لـ"ترتيب العلاقة الأمنية الثنائية" بين البلدين. وأوضح السوداني أن وجود قوات التحالف وفر "مبررا" للجماعات العراقية لتسليح نفسها، ولكن بمجرد اكتمال انسحاب التحالف "لن تكون هناك حاجة أو مبرر لأي جماعة لحمل السلاح خارج نطاق الدولة". كما أعرب عن أمله في تأمين استثمارات اقتصادية أميركية في النفط والغاز وكذلك الذكاء الاصطناعي، والتي قال إنها ستساهم في الأمن الإقليمي وتجعل "البلدين عظيمين معا". ويواجه العراق تحديا يتعلق بمستقبل وجود قوات التحالف الدولي على أراضيه في ظل تصاعد الصراع بالمنطقة، إذ ترى أطراف عراقية أن الانسحاب بات ممكنا، في حين يرى البعض أن التحولات الراهنة تدفع إلى إعادة التفكير في ذلك.


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
مراسلون
ليث البلعوس هو ابن الشيخ الدرزي وحيد البلعوس مؤسس حركة 'رجال الكرامة'. بعد انشقاقه عن الحركة عام 2016، أسس 'قوات شيخ الكرامة' وهو يركز على حماية السويداء من التدخلات والحفاظ على وحدة سوريا.