
سموتريتش يتهم الجيش الإسرائيلي بـ"الفشل" خلال نقاش حاد مع زامير
واتهم سموتريتش الجيش الإسرائيلي بـ"الفشل الكبير" في منع وصول المساعدات إلى حركة "حماس"، فيما رد عليه زامير بالقول: "كل ما لديك هو انتقادات، هذا يضعف جنود الاحتياط ويضر بروح المقاتلين. أنت ضد الجيش"، وفقاً لما أوردته هيئة البث العام الإسرائيلية.
وبحسب ذات المصدر، تصاعد التوتر عندما قال سموتريتش: "أعلم أنه سيُسرب كلاماً ضدي"، فردّ زامير: "أنا لا أُسرّب شيئاً"، واقترح سموتريتش الخضوع لاختبار جهاز كشف الكذب (بوليغراف)، قائلاً: "دعونا نرَ من الذي يسرّب".
في وقت لاحق من صباح أمس، أصدر بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل أيضاً منصب وزير في وزارة الدفاع، بياناً عبر حساباته الرسمية، اعتبر فيه أن "التسريبات المجتزأة والموجّهة من الكابينيت كانت ولا تزال أمراً مرفوضاً يمسّ بأمن الدولة، ويجب وضع حد لها".
وأضاف: "الحقيقة يجب أن تُقال: إلى جانب الإنجازات الكبيرة في كل جبهات القتال، فيما يتعلق بإدارة الجهد الإنساني بشكل لا يسمح بوصوله إلى حماس، فإن رئيس الأركان لا يفي بمهمته، ويجبر القيادة السياسية على إدخال مساعدات تصل إلى حماس وتتحول إلى إمدادات لوجستية للعدو أثناء الحرب".
وتابع: "في ظل ذلك، صادق الكابينيت ورئيس الحكومة، أمس، في قرار خاطئ، على إدخال مساعدات بهذه الطريقة التي تصل إلى حماس أيضاً".
وقال: "منذ اليوم الأول للحرب، كنتُ ثابتاً في هذا المطلب والنقد، ولن أتراجع أمام التسريبات ضدي أو محاولات إسكات هذه الانتقادات".
وأوضح أن "هذا النقد لا يوجَّه إلى الجيش الإسرائيلي، ولا إلى الجنود في الخدمة النظامية والاحتياط، ولا إلى معظم القادة، بل على العكس إنه مطلب واضح يأتي من الجنود أنفسهم ومن عائلاتهم ومن كل ذي عقل، ويهدف إلى منع تعزيز العدو وتعريض حياة جنودنا للخطر".
وتابع: "مع كامل التقدير، انتقادي موجّه أيضاً إلى رئيس الحكومة، الذي على مدار أشهر الحرب، لم ينجح في تنفيذ قرارات المستوى السياسي وفرضها على قيادة الجيش العليا في هذه المسألة الحاسمة للانتصار – القضاء على حماس واستعادة الأسرى".
وختم بالقول: "لا يمكن قبول القول إن الجيش الذي أظهر قدرات غير مسبوقة في إيران وضد حزب الله وفي سورية وفي الجهد العسكري في غزة، لا يستطيع أن يواجه تحدي توزيع المساعدات دون أن تصل إلى حماس وتُستخدم ضد جنودنا. القرار الذي اتُخذ أمس خلافاً لموقفنا بإدخال المساعدات بالآلية القديم والسيئة غير مقبول علينا، وسنبحث خطواتنا حياله".
وبحسب "كان 11"، فقد دار هذا الاشتباك الكلامي خلال مناقشة توجيه رئيس الحكومة للجيش بالبدء في إقامة ما تسمى "مدن الخيام الإنسانية" في رفح، ضمن خطة لتهجير السكان من شمال القطاع وحصرهم في جنوبه حيث سيتم توزيع المساعدات.
وعقب ذلك، صوّت أغلبية أعضاء "الكابينيت" لصالح إدخال المساعدات، رغم اعتراض بن غفير وسموتريتش، اللذين اعتبرا أن جزءاً كبيراً منها يصل إلى "حماس" وتستخدمها في تعزيز قدراتها.
وفي تعقيب على ما جرى، قال رئيس حزب "المعسكر الوطني"، بيني غانتس: إن "رئيس الأركان، الجنرال إيال زامير، هو شخص نزيه وذو خبرة. محاولات بعض الوزراء تحميله مسؤولية فشل القيادة السياسية في إسقاط حكم حماس، هي دليل إضافي على حاجة إسرائيل لقيادة نزيهة تضع أمن الدولة فوق السياسة"، مضيفاً: إنه "في حكومة التوافق التي ستتشكل بعد الانتخابات، ستتم إقالة وزراء يهاجمون الجيش ولن يخضع رئيس الحكومة لهم".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ 5 ساعات
- فلسطين أون لاين
حرب المستوطنين في الضفة الغربية
ليس فقط منذ السابع من أكتوبر 2023، بل منذ نهاية انتفاضة الأقصى، ثم إحكام فكي كماشة الاحتلال والسلطة على الضفة الغربية، بدأت ملامح انتعاش الحالة الاستيطانية فيها، وليس المقصود هنا فقط توسيع المستوطنات والتهويد المتسارع للأرض والاستيلاء على مساحات واسعة منها، فهذه الإجراءات لم تتوقف يوماً منذ الاحتلال الثاني لفلسطين عام 1967. إنما المقصود تضخم تلك الحالة ودخولها طوراً خطيراً يمكن أن نسميه عهد دولة المستوطنين في الضفة، بصفتها كياناً منظماً وله تشكيلات أمنية مدربة، ويحظى بدعم مباشر من وزراء الصهيونية الدينية في حكومة الاحتلال، التي ترعى خطة الضم وتسابق الزمن لتطبيقها وفرض الهيمنة الكاملة على الضفة الغربية. وقد تكثفت اعتداءات جيش المستوطنين في الضفة منذ تشكيل الحكومة الصهيونية الحالية أواخر عام 2022، حيث كانت رعاية عصابات المستوطنين وتوسيع الاستيطان في الضفة من أبرز برامج وزرائها المتطرفين وعلى رأسهم سموتريتش وزير المالية، وفي عهده تبلورت حالة منظمة وممنهجة من اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، ولم تعد تقتصر تلك الاعتداءات على ردود الأفعال الغاضبة والمحدودة عقب عمليات المقاومة كما كان الحال قبل ذلك، فيومياً ينفذ المستوطنون هجمات على الناس في الشوارع الالتفافية وعلى القرى الواقعة على خط هذه الشوارع أو القريبة من المستوطنات، وتتضمن تلك الهجمات إطلاق الرصاص الحي والاعتداء بالضرب على الناس، وإحراق ممتلكاتهم وأراضيهم وقطع الأشجار وخصوصا أشجار الزيتون المعمرة، وقتل وسرقة المواشي، وقطع الطرق ومهاجمة السيارات الفلسطينية، وقبل عدة أيام ضربوا حتى الموت شابين من قريتي سنجل والمزرعة الشرقية قضاء رام الله، وهي المنطقة التي تشهد حالياً أعلى نسبة من هجمات المستوطنين، يليها شمال الضفة ثم جنوبها. هذه الاعتداءات باتت تنفذ بحماية من جيش الاحتلال، أو تجاهله لها وإتاحته المجال لتصاعدها، مع حماية قانونية لمرتكبي الجرائم من المستوطنين، وتمتعهم بغطاء سياسي يحول دون مساءلتهم أو تعريضهم للمحاكمة، وهو ما يعني أن هذه المجاميع المسلحة باتت تمثل نواة لجيش منظم قوامه المستوطنون، وقد يكون بديلاً عن وحدات جيش الاحتلال النظامية، في السيطرة على الضفة والتعامل الأمني معها. يشبه عدوان المستوطنين الحالي سلوك العصابات اليهودية (الهاغاناة وما تفرع عنها) التي نشأت عام 1920، في عهد الانتداب البريطاني، وكان وجودها في فلسطين سابقاً على احتلالها رسميا، بل إن آلافاً من عناصرها شاركوا في الحرب العالمية الثانية ضمن الجيش البريطاني، وهو ما أكسبهم خبرة عملية كبيرة، صنعت فارقاً ملموساً فيما بعد خلال مواجهتهم للمقاومة الفلسطينية والعربية قبيل احتلال فلسطين. ويبدو سلوك المستوطنين اليوم تدريباً على أدوار أكبر وأخطر، قد لا يمضي وقت طويل حتى تدخل حيز التنفيذ، وقد تكون المجازر جزءاً منها بغرض تهجير المواطنين وفرض السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، إضافة إلى كون هجماتهم المتصاعدة هذه، بوتيرتها الحالية، تعطل أي إمكانية أو أفق لإنشاء دولة فلسطينية، منقوصة أو كاملة السيادة، بل تغلق الطريق على أي فرصة للتفاهم والتفاوض حولها. هذا العدوان في الضفة تقابله السلطة بردود أفعال ومواقف سياسية باهتة، فهي تتعامى عما تؤسس له هذه الاعتداءات من واقع جديد، وتكتفي بتداول الإحصائيات حول النشاط الاستيطاني، وإطلاق المناشدات للحد منه، دون أن يبدر منها أي موقف عملي لمواجهته، ولو على مستوى المقاومة الشعبية السلمية، فيما تترك أهالي القرى يواجهون عدوان المستوطنين بصدورهم العارية، رغم أنها تمنّ ليل نهارعلى الفلسطينيين في الضفة بأنها جنبتهم بخنوعها مصيراً مشابهاً لمصير غزة، متجاهلة حجم الاعتداءات اليومية الواسعة التي تطال البشر والشجر والحجر، سواء تلك التي ينفذها جيش الاحتلال النظامي أو عصابات مستوطنيه. التحذير من جرائم دولة المستوطنين في الضفة ومخططاتها ليس فكرة جديدة، فما يجري اليوم وما قد يجري غداً كان متوقعاً من سنوات عديدة، ومثله تهشم فكرة الدولة الفلسطينية وصولاً إلى احتمال تفكيك السلطة، أو الإبقاء على كيانها الأمني فقط نظير ما يقدمه من خدمات كبيرة لأمن الاحتلال، لكن المهم اليوم إبصار الممكنات أو السعي في البحث عنها لمواجهة هذا العدوان، قبل أن يتحول إلى حرب واسعة وشاملة، تطحن كل شيء، بعد أن تم إجهاض كل محاولات تعافي مقاومة الضفة، وتجرد المواطنون من كل أدوات مواجهة تلك الحرب، ومن إدراك واجباتهم في ظلها. المصدر / فلسطين أون لاين


جريدة الايام
منذ 8 ساعات
- جريدة الايام
نتنياهو الزعيم الأسوأ في تاريخ إسرائيل
بعد 16 سنة متواصلة في الحكم، وبعد 9 سنوات على الإعلان في مقابلة مع "سي.ان.ان" بأنه يريد أن يتم تذكره "درعاً لإسرائيل"، وبعد سنتين تقريباً على الحرب، يبدو انه حان الوقت لتقييم ما فعله بنيامين نتنياهو في المجال الأكثر أهمية بالنسبة له: الأمن. في آذار 2009، عند بداية ولايته الثانية، لم تكن إسرائيل تواجه أي تهديد جدي. عمل أسلافه في السر ضد المشروع النووي الإيراني، وعملوا على حث الجهود الدولية لبلورة عقوبات تمنع إيران من إنتاج القنبلة. لعق "حزب الله" جراحه بعد حرب لبنان الثانية/ وبدأ في إعادة بناء منظومة الصواريخ التي فقدها. "حماس"، التي تم ضربها بشدة في عملية "الرصاص المصبوب"، بقيت مع قدرة محدودة. تقدم ايهود اولمرت نحو حل النزاع مع الفلسطينيين. تقريباً بعد 15 سنة، في صيف 2023، تحول الوضع الأمني في إسرائيل الى الوضع الاصعب منذ "حرب الاستقلال". بقيت لدى الجيش الإسرائيلي في الحقيقة قدرة استراتيجية تثير الانطباع. ولكن للمرة الاولى منذ العام 1948 تم تطويق إسرائيل بمنظومات معادية، خلقت تهديدا شبه وجودي لها. المسؤول الرئيسي عن ذلك هو نتنياهو. كانت بؤرة التهديد إيران. أسلافه فضلوا العمل من وراء الكواليس، لكن نتنياهو وقف في جبهة القتال ضدها، وقام بإهانتها بدون حاجة، وفعل كل ما في استطاعته لمنع اتفاق دولي لمنع تقدمها في المشروع النووي. الامر البارز الذي قام به هو اقناع الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق الذي تم التوصل اليه في العام 2015، الذي أبعد ايران بشكل جدي عن العتبة النووية وجمد نشاطاتها، على الأقل حتى العام 2030. انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق جعل إيران تقوم باستئناف جهودها، وفي حزيران 2023 كان لديها ما يكفي من اليورانيوم المخصب لإنتاج ثلاث قنابل. عدد غير قليل من الخبراء في إسرائيل لقبوا نتنياهو بـ "أبو القنبلة الايرانية". الخطر الذي لا يقل عن ذلك هو بناء ترسانة صواريخ لدى "حزب الله"، شملت عشية الحرب 150 ألف صاروخ وقذيفة، خلقت للمرة الاولى تهديداً كبيراً جداً للجبهة الداخلية، مع إمكانية كامنة لشل بنى تحتية استراتيجية وقدرات عسكرية. تحدث الخبراء عن القدرة على إطلاق 2500 – 3000 صاروخ وقذيفة كل يوم، وعن نفاد مخزون صواريخ الاعتراض وشل قواعد سلاح الجو والإضرار ببنى تحتية أساسية. نتنياهو، الذي اعتبر مؤخراً ترسانة ايران التي تشمل 20 ألف صاروخ تهديداً وجودياً، هو الذي مكن "حزب الله" من خلق التهديد الوجودي الذي لا يقل خطراً عن ذلك. التهديد الثالث هو ازدياد قوة "حماس"، التي تعهدها نتنياهو وقام بإعدادها لتكون وزناً مضاد امام السلطة الفلسطينية بهدف قطع أي تقدم في العملية السياسية. في الحقيقة حتى 7 تشرين الأول قدرت الأجهزة الاستخبارية بصورة غير صحيحة قدراتها. ولكن الحرب المستمرة وحقيقة انه رغم القصف الشديد في غزة إلا أنه لم تتم هزيمتها، تثبت مرة تلو الأخرى أبعاد التحدي العسكري الذي تواجهه إسرائيل. كل تحد من هذه التحديات كان مهماً بحد ذاته، لكن دمجها في "معسكر المقاومة"، الذي شكلته ايران، أدى الى بلورة تهديد اكثر جدية. حتى حرب لبنان الثانية في 2006 اعتقد هذا المعسكر انه لا يمكن هزيمة إسرائيل، ولكن يمكن استنزافها. في السنوات التي تلت ذلك حدثت انعطافة في اتجاه اكثر خطراً. بناء مخزونات الصواريخ والقذائف مع التركيز على الدقة والتخندق تحت الارض لغرض الحماية. خلق هذا الدمج "ميزان رعب" عسكرياً، ردع إسرائيل عن مواجهة "حزب الله"، وزاد جهودها لشراء الهدوء من "حماس" بوساطة الأموال. مراكمة القدرات، لا سيما في مجال الدقة، الى جانب الضعف الذي أظهرته الولايات المتحدة، أدى الى رؤية لم تكتف فقط بالانهاك والردع. في المقال الذي نشره رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق في ايلول 2023، ايتي بارون، تم عرضها بأنها "نظرية الانتصار"، التي ترتكز الى الايمان بامكانية هزيمة الجيش الإسرائيلي. اطلع الجنرال غيورا ايلاند في حزيران 2023 على تقدير الاستخبارات العسكرية بشان خطة ايران لتدمير إسرائيل، وهي الخطة التي بسبب الانقلاب النظامي والازمة الداخلية في إسرائيل تم تقديمها الى 2024. توصل ايلاند الى استنتاج بان إسرائيل وبحق تقف أمام تهديد وجودي. وما تم عرضه علي تم عرضه أيضا على أشخاص مسؤولين عن امن إسرائيل. خلافاً لوزير الدفاع، الذي أدرك معنى هذا التهديد، واصل نتنياهو استثمار أساس جهوده في معركته القانونية وفي الدفع قدما بالانقلاب النظامي. بخصوص التهديد قال في القناة 14: "هم يبالغون". حتى الآن لا يوجد لنا منظور جيد بخصوص الطريقة التي تم فيها القضاء على اساس تهديد "حزب الله"، بدون أضرار كبيرة في الجبهة الداخلية. ولكن هناك شك بأنه كان لنتنياهو إسهام مهم في هذا الأمر. كان لـ "أبو القنبلة النووية الإيرانية" إسهام اكبر في إدارة الحرب مع إيران، رغم انه ما زال من السابق لأوانه تحديد ما اذا كان هذا الإسهام قرّب أو أبعد إيران عن القنبلة. لكن في شيء واحد لا يمكن أن يكون شك: في سنوات حكم نتنياهو، سواء بسبب أفعاله أو إخفاقاته، تطور التهديد الأمني الأكثر خطورة في تاريخ إسرائيل. بسبب ذلك وبسبب إفشاله لأي محاولة للتقدم نحو الحل السياسي مع الفلسطينيين، سيسجل في التاريخ بأنه الزعيم الأمني الأسوأ في تاريخ دولة إسرائيل.

جريدة الايام
منذ 2 أيام
- جريدة الايام
انتزاع زمام المبادرة السياسية كمهمة أولى
انتظر كثيرون اتفاقاً لوقف إطلاق النار في غزة يعلنه الرئيس ترامب بعد اجتماعه بنتنياهو في البيت الأبيض، على خلفية وعد ترامب الشخصي بإعادة جميع الرهائن الإسرائيليين وإنهاء الحرب، عبر اتفاق وشيك. وقد ساد اعتقاد بأن ترامب سيفرض الاتفاق على نتنياهو أثناء اجتماعهما في واشنطن، وذلك على غرار نجاحه في وقف الحرب الإيرانية الإسرائيلية بعد 12 يوماً من اندلاعها. في هذا السياق قدم طاقم ترامب حوافز كثيرة لتسهيل عملية التوصل الى اتفاق، كتصميم اتفاق انتقالي يشجع نتنياهو على الدخول في مسار تفاوضي يقود الى إنهاء الحرب بمضمون الشروط الإسرائيلية. لكن نتنياهو عطل المسار التفاوضي بوضع شروط استفزازية حالت دون التوصل إلى اتفاق، سواء من خلال تعهده باستئناف الحرب بعد 60 يوماً وتشبثه باقتطاع 40% من أراضي قطاع غزة كمناطق عازلة بحسب الخرائط التي قدمها المفاوض الإسرائيلي، فضلاً عن تمسكه باحتكار الشركة الأميركية للإغاثة، حيث قتل خلال انتظار المساعدات ما ينوف على 800 مواطن، ورغم ذلك تصر حكومة نتنياهو على استبعاد المنظمات الدولية المختصة بالشؤون الإنسانية والخدمية، وتستمر سلطات الاحتلال بالتحضير لتجميع أكثرية سكان القطاع في معسكر اعتقال ضخم على أطراف رفح، توطئة لتهجيرهم. ثبت بالملموس أن نتنياهو ومعسكره الكاهاني عازمون على مواصلة الحرب، وهم يدفعون الى تأجيل أي اتفاق جزئي، وصولاً الى يوم 28 تموز، حيث يدخل الكنيست في عطلة لمدة 3 أشهر. وفي هذه الحالة تستمر الحرب وفقاً لخطة التطهير العرقي الفاشية. وسواء حدثت هدنة الستين يوماً او لم تحدث، يستمر مخطط التطهير العرقي، سيما وأن نتنياهو يتمتع بسلطة مطلقة على الاستراتيجية العسكرية بحسب تقرير» نيويورك تايمز». ويلاحظ أن سياسات نتنياهو تتكشف أكثر في وعوده للوزير المتطرف سموتريتش، وعده 7 مرات وأوفى بوعوده، في الوعد رقم 7 وعد بنقل السكان جنوباً ووضع أكثرية المواطنين في معسكر اعتقال ضخم اسماه «مدينة إنسانية» مترافقاً مع تدمير أماكنهم في – مدن وبلدات ومخيمات- تدميراً كاملاً ليحول دون عودتهم إليها، وفرض حصار شامل على من تبقى خارج معسكرات التجميع الحدودية. السؤال الذي يطرح نفسه لماذا رضخ ترامب لشروط وألاعيب نتنياهو حتى في تفاصيلها؟ أولاً لأن ترامب أبرم اتفاقاته بقيمة 4 ترليونات دولار، ولم يربطها مسبقاً باشتراط التطبيع الرسمي بين دول عربية وإسلامية وإسرائيل، ولا بإنهاء الحرب او بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأن أقصى ما يمكن حدوثه هو تأجيل إبرام الاتفاقات مع إسرائيل، بمعنى لا يوجد تراجع يؤدي الى خسائر وخلط للأوراق. ثانياً: لأنه لا يوجد خلاف بين إدارة ترامب وطاقمه الممسك بملف الحرب، وبين سياسة نتنياهو ومعسكره الكاهاني الذي يقدم حلاً فاشياً للقضية الفلسطينية. ثالثاً: لا يوجد ضغوط او احتجاجات عربية وفلسطينية خصوصاً، ولا يوجد ضغوط دولية على الموقف الأميركي الاستفزازي. فقد تراوحت المواقف العربية الرسمية بين التوسط ونقل الشروط الإسرائيلية الأميركية وبين الصمت المريب. لهذه الأسباب يندمج الموقف الأميركي بموقف أقصى اليمين الإسرائيلي الذي تمثله حكومة نتنياهو في موقف واحد. البقاء ضمن معادلة قوة حماس المحدودة والتي لا تملك من عناصر القوة غير الرهائن والأسرى الإسرائيليين، والقدرة على إلحاق خسائر بشرية في جيش الاحتلال -بلغت الخسائر 890 جندياً وضابطاً منذ 7 أكتوبر، بينهم 448 جندياً خلال فترة الاجتياح البري الممتدة منذ 20 شهراً – وفي المستوى السياسي أصبحت مكانة إسرائيل في الحضيض بفعل استهدافها للمدنيين الأبرياء وارتكابها حرب إبادة يومية، وقد تتحول يوماً بعد يوم الى دولة منبوذة ومعرّضة للعقوبات. لكن وجود رأي عام عالمي أكثري مناهض للممارسات والسياسات الإسرائيلية لم يقلل من حجم الكارثة التي يتعرض لها المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، لم يؤد إلى توفير الغذاء والدواء ومستوى من الحماية للتجمعات البشرية المكتظة. مقابل القوة المتغطرسة الإسرائيلية المدعومة من إدارة ترامب بلا حدود، وفي شتى المجالات، تمارس إسرائيل حرب إبادة متصاعدة وتحوّل قطاع غزة الى مكان غير صالح للحياة البشرية، والتي تمضي في تدمير البنية التحتية وتفكيك المجتمع، ودفعه نحو تهجير قسري داخل قطاع غزة كمقدمة لتهجير قسري خارجه. إذا ما استمرت الحرب وانحصرت المواجهة بين القوتين المذكورتين، فإن النتائج لن تكون سراً أو عصية على المعرفة والاستكشاف، وهي استكمال الإبادة والتهجير وخسائر بشرية ومادية متزايدة. لا يتفق الواقع على الأرض مع تقييم محمد الهندي نائب الأمين العام لحركة الجهاد حين قال إن عامل الوقت يلعب لصالح المقاومة التي تملك القدرة على الصمود طويلاً، وإن قوات الاحتلال عاجزة عن التقدم ميدانياً. فلا يمكن فصل صمود المقاومة عن صمود المجتمع الذي يفتقد لكل المقومات التي تصل أحياناً الى الصفر، والأسوأ ان دولة الاحتلال تتحكم في تلك المقومات وقد دأبت على تحطيمها. الخسائر التي تلحق بالمحتلين لا تقارَن بالخسائر التي تلحق بالمواطنين، ولا يقتصر الخطر على الخسائر الهائلة، بل يمتد الى تهديد الوجود الفلسطيني في القطاع وفرض الحل الفاشي من طرف واحد، وتصفية حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية والمدنية على حد سواء. لا يوجد مصلحة للشعب الفلسطيني في إبقاء هذه المعادلة تفعل فعلها دون اعتراض أو تدخل او محاولة الخروج من هذا المسار الكارثي. حكومة نتنياهو بالأقوال والممارسة تسعى الى حسم الصراع على طريقتها، واذا تُركت وحدها او بمشاركة أميركية فقط وبدون مبادرات، فإن روح الانتقام تطغى على ما عداها وستقود الأمور الى العدم. السؤال، لماذا لا نبحث عن حلول ومبادرات بدعم الدول العربية التي أبرمت الاتفاقات مع إسرائيل، وبدعم دول المؤتمر الدولي العربي المزمع عقده لدفع حل إقامة الدولة الفلسطينية، وبالاستناد لدعم الأمين العام للأمم المتحدة، ولتأييد قوى سلام إسرائيلية بدأت تعيد بناء مواقفها وأطرها. إن انتزاع زمام المبادرة السياسية يرتبط أساساً بحكمة وواقعية فلسطينية مسؤولة تشارك فيها الحركة السياسية بسائر أطيافها من خلال الشرعية الفلسطينية -المنظمة والسلطة -، وإذا أردنا ترجمة الواقعية في بنود سنقبل بقطاع غزة والضفة بدون سلاح المقاومة، والانتقال الى الشكل السلمي للنضال كشكل رئيسي، المقرون بطلب الحماية الدولية – قوات الأمم المتحدة ومن ضمنها قوات عربية – تشرف على وقف الحرب وحماية المواطنين وتأمين الاحتياجات الأساسية لملايين الفلسطينيين. إذا ما تم الاتفاق على هذا البند، فإن البنود الأخرى ستكون محط تفاهم كصيغة الوضع الانتقالي، تحت مظلة المنظمة والسلطة باعتبارهما الشرعية الفلسطينية. ونزع كل الذرائع التي استُخدمت وما تزال تُستخدم لمواصلة حرب الإبادة، وفي مقدمة ذلك الأسرى الإسرائيليون الذين ينبغي مبادلتهم بأسرع وقت.