logo
زيارة قالن إلى بغداد.. هل تنجح في تسريع تسليم أسلحة الكردستاني؟

زيارة قالن إلى بغداد.. هل تنجح في تسريع تسليم أسلحة الكردستاني؟

الجزيرة٠٨-٠٧-٢٠٢٥
أنقرة، بغداد- تترقب تركيا خلال الأيام المقبلة انطلاق خطوة تاريخية لتسليم مقاتلي حزب العمال الكردستاني أسلحتهم في إقليم كردستان العراق ، مما يثير آمالا بوضع حد لصراع مسلح دام عقودا.
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع زيارة رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن إلى بغداد، اليوم الثلاثاء، بهدف التنسيق مع السلطات العراقية بشأن ترتيبات العملية وضمان نجاحها، وذلك عقب زيارة أجراها قالن لأربيل مطلع الشهر الجاري.
وأفادت مصادر أمنية تركية وكردية بأن مجموعة أولى من مقاتلي الحزب -يُقدر عددهم بين 20 و30 عنصرا- ستسلم أسلحتها يوم الجمعة المقبل في منطقة رابرين التابعة لمدينة رانية بمحافظة السليمانية، بحضور ممثلين عن أحزاب كردية ومنظمات المجتمع المدني. وأضافت أن عمليات التسليم ستتواصل حتى نهاية العام الحالي، تنفيذا لدعوة زعيم الحزب المسجون عبد الله أوجلان إلى حل التنظيم والتخلي عن السلاح.
جولة أمنية
أجرى قالن مباحثات مع كل من رئيس الوزراء العراقي ورئيس الجمهورية، تركزت على ترتيبات تسليم مقاتلي حزب العمال الكردستاني أسلحتهم.
ووفق ما أوردته تقارير صحفية، فإن زيارة بغداد استهدفت استكمال التنسيق بشأن خطوات نزع السلاح، في إطار مبادرة أنقرة المعلنة لتحقيق "تركيا خالية من الإرهاب"، وسط تساؤلات عن مستوى التعاون المطلوب بين بغداد وأربيل لإنجاح هذه العملية.
واكتفى الجانب العراقي بإصدار بيان مقتضب جاء فيه "إن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني استقبل، الثلاثاء، رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم قالن والوفد المرافق له. وقد نقل الوفد تأكيد أنقرة على رغبتها في تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك، وبحث الجانبان الملفات الأمنية والتنسيق المعلوماتي لتعزيز الاستقرار في المناطق الحدودية المشتركة وعموم المنطقة".
وكان قالن زار أربيل مطلع يوليو/تموز الجاري، حيث التقى كبار قادة الإقليم، بينهم الرئيس نيجيرفان البارزاني ، ورئيس الوزراء مسرور بارزاني، إضافة إلى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني.
وتركزت المحادثات على مستجدات المشهد الإقليمي، لا سيما تداعيات المواجهة الإيرانية الإسرائيلية، والجهود المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، إلى جانب ملفات التعاون الأمني وإجراءات تطهير الحدود من التهديدات الإرهابية.
كما أكد الوفد التركي دعمه تركمان العراق وضرورة تمكينهم سياسيا، مشددا على أهمية استمرار التنسيق مع الحكومة الاتحادية في بغداد والحوار مع سلطات الإقليم. ونقلت وكالة الأناضول عن قالن دعوته حزب العمال الكردستاني إلى الالتزام الفوري بقرار إلقاء السلاح "من دون أي مناورة سياسية"، في مسعى لتسريع تنفيذ التفاهمات التي تم التوصل إليها مع الأطراف المعنية.
تنسيق مشترك
في السياق، قال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الجوية التركية غورسال توكماك أوغلو إن العراق كان يواجه تهديدا أمنيا كبيرا بسبب نشاط حزب العمال الكردستاني، سواء على مستوى الحكومة المركزية في بغداد أو سلطات إقليم كردستان شمال البلاد.
وأوضح للجزيرة نت أن "المشكلة الأساسية تتمثل في وجود الحزب، لكن ثمة أيضا جماعات ومصالح أخرى تسعى إلى زعزعة استقرار العراق". وأشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تحركات جدية نحو إنهاء أنشطة الحزب المسلح، لكنه لفت إلى أن الإجراءات المرتبطة بهذه العملية لم تُخطط تخطيطا كاملا ضمن إطار منسق وتعاون مشترك بين الأطراف المعنية.
وأضاف توكماك أوغلو "اليوم، يلعب جهاز الاستخبارات التركي دورا محوريا في ضمان هذا التنسيق، خاصة في ما يتعلق بترتيبات تسليم المسلحين، والتعامل مع الأسلحة، والقضايا القانونية، إضافة إلى الجهود المبذولة لإرساء الاستقرار في المناطق الحدودية". وقال إن العمل على هذه الملفات حقق تقدما ملموسا، وإن هناك جهودا حثيثة لإنهاء التهديدات وتأمين استقرار دائم للمنطقة.
يظل ملف حزب العمال الكردستاني ونزع سلاحه الملف الأهم على طاولة النقاش بين أنقرة وبغداد، في ظل محاولات تركية لضمان دعم الحكومة العراقية وإقليم كردستان هذه الخطوة.
في سياق متصل، شدد المتحدث باسم رئيس حكومة الإقليم، بيشوا هوراماني، في تصريح للجزيرة نت، على أن "لحكومة الإقليم دورا إيجابيا وواضحا في هذه العملية، وقد أكدت دائما ضرورة حل الخلاف بين تركيا والحزب بطرق سلمية".
وأضاف هوراماني أن الإقليم، منذ البداية، يساند هذه الجهود، داعيا الجانبين إلى الحوار وإنهاء النزاع بطرق ديمقراطية تكفل للأكراد في تركيا الوصول إلى حقوقهم المشروعة، وتبعد المنطقة عن الصراعات المسلحة التي لا جدوى منها. كما أبدى استعداد الإقليم للقيام بأي دور أو مسؤولية تسهم في إنجاح هذه العملية.
حسن نية
وفي خطوة أثارت تساؤلات، كان من المقرر أن تكون مراسم تسليم السلاح مفتوحة أمام جميع الإعلاميين، بعدما نشر الحزب استمارة دعا فيها الصحفيين لتسجيل أسمائهم للمشاركة، لكنه عاد وتراجع مساء أمس الاثنين عن هذا الترتيب، معلنا قصر الحضور على قنواته الإعلامية ومنع البث المباشر، بحجة "الظروف الأمنية".
وأفادت مصادر من داخل منظومات المجتمع الكردستاني (ك ج ك) -وهي الهيئة السياسية والإدارية للحزب- للجزيرة نت بأن مراسم التسليم ستتضمن رسالة صوتية أو مصورة من زعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان. لكن بسبب عدم وضوح مضمون الرسالة، وخشية تسريب ما لا ترغب قيادة الحزب في نشره، تقرر استبعاد الصحفيين من التغطية.
من جهته، رأى الخبير في الشأن التركي الكردي كمال رؤوف، في حديثه للجزيرة نت، أن زيارة قالن إلى بغداد وأربيل تهدف إلى ضمان التزام الحكومتين بدعم العملية وعدم السماح بعرقلتها. ووصف مراسم التسليم المرتقبة بأنها "بادرة حسن نية ورمزية لإظهار جدية الحزب أمام الرأي العام"، لكنه حذر من أن الحزب لن يُقدم على خطوة حلّ نفسه تماما إلا إذا رافقتها خطوات إيجابية ملموسة من الحكومة التركية.
وتأتي هذه التطورات ضمن مسار أوسع شمل زيارة وفد من حزب المساواة الشعبية والديمقراطية لأوجلان، ولقاء الرئيس رجب طيب أردوغان قيادات كردية، فضلا عن التحركات الأمنية والدبلوماسية الأخيرة لرئيس الاستخبارات التركية، وهو ما يعكس -وفق مراقبين- مؤشرات على تحول محتمل في مسار عملية السلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تركيا و"يوروفايتر".. هل تنجح في تعويض "إف-35″؟
تركيا و"يوروفايتر".. هل تنجح في تعويض "إف-35″؟

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

تركيا و"يوروفايتر".. هل تنجح في تعويض "إف-35″؟

في العقد الأخير، خطت تركيا خطوات متسارعة في تطوير ترسانتها من الأسلحة بما يخدم قطاعاتها العسكرية المختلفة، برا وبحرا وجوا، سواء كان ذلك بالتصنيع المحلي، أو بشراء الأسلحة التي تحتاجها أنقرة من دول أخرى. وكان واضحا اهتمام تركيا المتزايد بتطوير ترسانتها من الطائرات المقاتلة، فبعد أن كانت جزءا من برنامج التصنيع المشترك لطائرات إف-35 ، إلا أن قرار وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) خلال ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى عام 2021 بإزاحتها من البرنامج، بسبب شراء أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية أس-400 ، فإن ذلك أعاد تركيا إلى خطوة البحث عن تحديث وتطوير مقاتلاتها الجوية، ولذلك بقيت تركيا تبحث عن القطعة المفقودة. ويبدو أن تركيا وجدت ضالّتها من الطائرات المقاتلة، حيث أعلنت "مجلة دير شبيغل" الألمانية توصل أنقرة لاتفاق مع برلين من أجل تسليمها 40 طائرة "يوروفايتر تايفون"، وهي طائرات مُقاتلة تُصنع بشراكة ألمانية بريطانية إضافة إلى إيطاليا وإسبانيا. كما وقّعت تركيا مذكرة تفاهم مع بريطانيا تتيح لها استخدام هذه المقاتلات. إذ ورغم امتلاكها أجيالا من الطائرات المسيرة الحديثة، والتي أثبتت نجاحها في حروب ومواضع جغرافية عدّة، فإنها ما زالت تبحث عن امتلاك طائرات حربية مقاتلة متقدمة، وهو ما يبدو أنها ستبدأ بامتلاكه بمجرد دخول طائرات "يوروفايتر" للخدمة الفعلية. يتزامن توقيت هذا الاتفاق مع كشف تركيا عن صاروخ فرط صوتي، حمل اسم "طيفون بلوك 4" خلال معرض الصناعات الدفاعية "آيدف 2025" المنعقد في إسطنبول. ويرى محللون، أن الخطوات التركية المتسارعة في تطوير منظومة القوة لديها بات أكثر إلحاحا بعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة. حيث أدركت أنقرة ضرورة بناء قدرات جوية هجومية ودفاعية متطورة. وفي هذا السياق تأتي صفقة الطائرات الأوروبية بوصفها واحدة من أدوات القوة التنافسية وأحد عناصر الردع لخلق حالة من التوازن الجوي مع إسرائيل التي طالما اعتبرت تفوقها الجوي في المنطقة مرتكزا جوهريا في عقيدتها القتالية. إعلان وفعلا، فإن أصداء الصفقة سرعان ما سُمع صوتها في تل أبيب، والتي أحست فورا بجدية تلك الخطوات وأثارت غضبها وحفيظتها كما ورد على لسان بعض المسؤولين فيها. برز ذلك في منشور زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الذي قال عبر منصة "إكس" إنه: "لو كان لدى إسرائيل وزارة خارجية فاعلة، لكانت عرقلت منذ زمن الصفقة التي أبرمتها ألمانيا وبريطانيا لبيع طائرات يوروفايتر تايفون 4.5 لتركيا". وأكد لابيد أن تركيا تسعى إلى خلق التوازن الجوي مع إسرائيل في الوقت الذي تمتلك فيه (أنقرة) أكبر وأقوى سلاح بحرية في الشرق الأوسط، على حد وصفه. "يوروفايتر" في مواجهة "F-35" من حيث مواصفاتها التقنية، فإن تصميم طائرة يوروفايتر العسكري يركز على إعطائها قدرة عالية على المناورة، وذلك بفضل محركات "يوروجت إي جي 200" ما يعطيها ميزة تفوق في القتال الجوي التقليدي، وذلك بحسب مجلة "ذا دبلومات" (The Diplomat) وموقع "بلوت فلايت" (BlotFlight). أما على صعيد السرعة فتصل إلى 2.0 ماخ (ضعف سرعة الصوت)، بينما تمتلك رادارا متطورا لرصد الأهداف المعادية، كما أن الطائرة مزودة بإمكانية حمل صواريخ بعيدة المدى، مما يزيد من الخطر الذي يمكن أن تشكله. وبعقد مقارنة سريعة بين طائرة يوروفايتر الأوروبية وطائرة إف 35 الأميركية، فإن الطائرة الأوروبية تتفوق من حيث السرعة، إذ تصل سرعة يوروفايتر إلى 2 ماخ، مقارنة بـ 1.6 ماخ للطائرة الأميركية. كما تتميز يوروفايتر بتكلفة منخفضة، إذ يتراوح سعرها بين 90-120 مليون دولار، في حين يتفاوت سعر نظيرتها بحسب الطراز، حيث يصل سعرها الأعلى في طراز "F35B" إلى 110 ملايين دولار، بينما الأقل في طراز "F35A" فإنه يصل إلى 80 مليونا. بحسب موقع "بي إيه إي سيستمز" (BAE Systems) وفلايت غلوبال (FlightGlobal). على صعيد التكلفة التشغيلية فإن ساعة الطيران الواحدة لطائرة "يوروفايتر" تُقدّر بـ 22 ألف دولار، بينما ترتفع هذه التكلفة في نظيرتها إف-35 لتصل إلى 36 ألف دولار. على الجانب الآخر، فإن إحدى ميزات طائرة إف-35 الأميركية الرئيسية هي قدرتها على التخفي، وهو أمر لا يتوافر في الطائرة الأوروبية، مما يُعطي الطائرة الأميركية ميّزة أساسية ونقطة تفوق في ميدان القتال. تجنب الحل الصيني يقرأ المحللون ذهاب تركيا للحل الأوروبي عوضا عن الصيني بوصفه حلا وسطا للأتراك، وسعيا منهم لتجنب أزمة جديدة قد تنشب مع الولايات المتحدة إذا ما اتجهوا للتعاون العسكري المباشر مع بكين على غرار ما جرى في الصفقة الروسية سابقا. ورغم امتلاك الصين طائرات قتالية متطورة، مثل طائرات "جيه-30" الشبح الصينية، فإن أنقرة على ما يبدو تسعى لاختيار حلول عملية تجنبها مزيدا من الأزمات، خاصة في ظل الرغبة الأميركية المتصاعدة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الحد من الصعود الصيني.

ضوء أخضر لشراء "يوروفايتر تايفون".. ما مكاسب تركيا الإستراتيجية؟
ضوء أخضر لشراء "يوروفايتر تايفون".. ما مكاسب تركيا الإستراتيجية؟

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

ضوء أخضر لشراء "يوروفايتر تايفون".. ما مكاسب تركيا الإستراتيجية؟

أنقرة- منح مجلس الأمن الاتحادي الألماني الضوء الأخضر لتصدير 40 مقاتلة متطورة من طراز " يوروفايتر تايفون" إلى تركيا ، في خطوة أثارت اهتماما واسعا باعتبارها تحولا كبيرا في موقف برلين بعد أكثر من عام ونصف العام على تقديم أنقرة طلب الشراء. ويأتي القرار لينهي فترة من التردد الألماني لأسباب سياسية، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، وسط تساؤلات عن دوافع هذا التحول وتداعياته على التوازنات الإقليمية. وبالتوازي مع ذلك، شهدت إسطنبول توقيع مذكرة تفاهم بين وزير الدفاع يشار غولر ونظيره البريطاني جون هيلي -على هامش معرض الصناعات الدفاعية الدولي (آيدف 2025)- تمهد الطريق أمام انضمام تركيا رسميا إلى نادي مشغلي مقاتلات "تايفون". جهود مثمرة واعتبرت وزارة الدفاع التركية الاتفاق "خطوة إيجابية" نحو إتمام الترتيبات النهائية، بينما أكد الوزيران عزمهما تسريع الإجراءات اللازمة لإنجاز الصفقة. ومن شأن هذه المذكرة أن تعزز التعاون الفني والتدريبي بين الجانبين، وتفتح آفاقا لشراكة صناعية أعمق في المجال الدفاعي. يُذكر أن مقاتلات "يوروفايتر تايفون" تنتج من خلال تحالف صناعي أوروبي تقوده شركات كبرى مثل " إيرباص" الألمانية، و"بي إيه إي سيستمز" البريطانية و"ليوناردو" الإيطالية، مما يستلزم موافقة جماعية من الدول الأربع المصنعة لإنجاز الصفقة. وقد التزمت الوزارات الألمانية المعنية الصمت بشأن التفاصيل، في ظل سرية أعمال مجلس الأمن الاتحادي وانعقاده خلف أبواب مغلقة. واتجهت تركيا إلى طلب مقاتلات "يوروفايتر تايفون" عقب تعثر مساعيها للحصول على طائرات غربية متطورة، بعدما تم استبعادها من برنامج المقاتلة الأميركية الشبح " إف-35" عام 2019 بسبب شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية " إس-400". وفي مارس/آذار 2023، تقدمت أنقرة رسميا بطلب إلى الدول الأربع المشاركة في تصنيع "يوروفايتر" للحصول على 40 طائرة، في إطار جهودها لتحديث أسطولها الجوي وتعزيز قدراتها الدفاعية. لكن الحكومة الألمانية السابقة وقفت ضد الصفقة، مبررة موقفها بدواع سياسية تتعلق بملف حقوق الإنسان والتوتر القائم في العلاقات التركية الأوروبية. وعلى مدار الأشهر التالية، كثَّفت لندن جهودها لدعم أنقرة، ومارست ضغوطا دبلوماسية مكثفة على برلين لتجاوز العقبات السياسية والوصول إلى تفاهم مشترك. وفي هذا السياق، ذكرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن تركيا قدمت التزاما بعدم استخدام هذه المقاتلات ضد أي دولة عضو بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهي خطوة اعتبرت رسالة طمأنة للدول المجاورة، وفي مقدمتها اليونان التي تم إطلاعها مسبقا على تفاصيل الصفقة ولم تبد أي اعتراضات علنية. مكاسب وأبعاد وتشكل صفقة مقاتلات "يوروفايتر تايفون" دفعة نوعية لقوة سلاح الجو التركي، باعتبارها واحدة من أحدث المقاتلات متعددة المهام في العالم، حيث تجمع بين تقنيات أوروبية متقدمة وقدرات قتالية عالية تشمل أنظمة طيران إلكترونية حديثة وصواريخ جو جو بعيدة المدى، فضلا عن إمكانيات تنفيذ ضربات أرضية دقيقة. وتأتي الصفقة في ظل سباق تسلح إقليمي متسارع، إذ تسعى أنقرة لتحديث قدراتها الجوية لموازنة تحركات اليونان التي عزَّزت مؤخرا أسطولها بمقاتلات فرنسية من طراز " رافال" وتفاوض للحصول على مقاتلات شبح أميركية من طراز "إف-35". ورغم امتلاك تركيا منظومات دفاعية متطورة، مثل الطائرات المسيّرة الهجومية "بيرقدار" ومنظومة "إس-400" الروسية، فإن حاجتها لمقاتلات حديثة لتأمين التفوق الجوي باتت أكثر إلحاحا في ظل التحديات الأمنية الراهنة. وتُعد الصفقة من أضخم عمليات التسليح التي أبرمتها تركيا السنوات الأخيرة، إذ قدرت قيمتها بنحو 5.6 مليارات دولار وفق صحيفة "وول ستريت جورنال" على أن يتحدد الرقم النهائي بناء على تجهيزات الطائرات وبرامج التدريب والدعم اللوجستي المرافق. ورغم التكلفة المرتفعة، تراها أنقرة استثمارا إستراتيجيا طويل الأمد يعزز قدراتها الردعية، ويحافظ على تفوقها الجوي في منطقة تشهد سباقا عسكريا محتدما. تعزيز الردع وفي السياق، يرى المحلل السياسي أحمد ضياء جوكلاب أن سعي تركيا لاقتناء مقاتلات "يوروفايتر تايفون" يتجاوز كونه مجرد صفقة تسليحية تقنية، فهو يمثل خطوة إستراتيجية متعددة الأبعاد. ويعتقد أنه -رغم التقدم الذي أحرزته أنقرة في مشروع مقاتلتها الوطنية "قآن" ويعد تحولا نوعيا لصناعاتها الدفاعية- فإن شراء "يوروفايتر" يشكل حلا مرحليًا بالغ الأهمية للحفاظ على قدرة الردع الجوي حتى دخول "قآن" الخدمة التشغيلية الكاملة. ويوضح جوكلاب -للجزيرة نت- أن هذه المقاتلات ستمنح تركيا منصة عالية الأداء تضمن لها التفوق الجوي على المدى القصير، وتحدّ من أي ثغرات أمنية محتملة خلال فترة الانتقال نحو الاعتماد على المقاتلة المحلية. وعلى المستوى الإستراتيجي، يشير جوكلاب إلى أن الصفقة تحمل أبعادا دبلوماسية واضحة، إذ يمكن أن تسهم بإعادة صياغة علاقات تركيا مع الغرب وتعزيز مرونتها ضمن موازين القوى. ويرى أن الشراكة الدفاعية مع دول الكونسورتيوم الأوروبي من شأنها تعميق اندماج تركيا تقنيا وسياسيا داخل حلف الناتو. كما يعتبر أن هذه الخطوة محاولة من أنقرة لسد الفراغ الذي خلَّفه استبعادها من برنامج "إف-35" الأميركي، بما يعزز موقعها داخل التحالف الأطلسي بمقاتلات حديثة ذات منشأ غربي. ويضيف جوكلاب أن الصفقة قد تحمل أيضا مكاسب لصناعة الدفاع التركية عبر فرص نقل التكنولوجيا وتطوير قدرات الصيانة والبنية التحتية، فضلا عن الخبرات التشغيلية والفنية التي ستنعكس على المراحل التالية من مشروع "قآن". ويُنظر إلى انخراط تركيا مجددا في مشروع تسليحي أوروبي بهذا الحجم باعتباره مؤشرا على عودة الثقة المتبادلة، وفتح الباب أمام تعاون أعمق في الصناعات الدفاعية مستقبلا. وفي السياق، كشف الرئيس رجب طيب أردوغان عن مباحثات جارية مع إسبانيا لتطوير حاملة طائرات متقدمة بشكل مشترك، في امتداد للتعاون القائم مع مدريد لبناء سفينة الهجوم البرمائي "تي سي جي أناضول". تعميق الشراكة من جهتها، ترى الخبيرة في السياسة الخارجية زينب جيزام أوزبينار أن صفقة "يوروفايتر تايفون" تمنح تركيا مكاسب إستراتيجية متعددة المستويات، بالرغم من تطويرها مقاتلة وطنية حديثة. وبرأيها، فإن استبعاد أنقرة من برنامج "إف-35" الأميركي وتأخر تحديث أسطول "إف-16" دفعاها للبحث عن بدائل تغطي الفراغ العملياتي في المدى القصير، وهو ما توفره "يوروفايتر" بقدراتها المتقدمة في المهام الجوية ضد أهداف برية وجوية، مما يجعلها الخيار الأكثر عقلانية لضمان الردع الفعّال حتى اكتمال مشروع "قآن". وتوضح أوزبينار للجزيرة نت أن أهمية الصفقة تتجاوز المجال العسكري، إذ تُعزز انخراط تركيا في الصناعات الدفاعية الأوروبية، كما يمكن أن تعمّق الشراكة الدفاعية بين أنقرة ولندن في سياق مشروع "قآن". وتضيف أن هذه الخطوة تنسجم مع رؤية تركيا الإستراتيجية القائمة على تنويع مصادر التسليح وتقليل الاعتماد على مزود واحد، فضلا عن دعم التضامن داخل الناتو. وترى أوزبينار أن إدخال "يوروفايتر" للخدمة سيمنح تركيا قدرة متقدمة لحماية أجوائها، ويزيد قدرتها على إسقاط قوة إقليمية بمناطق التوتر مثل بحر إيجة وشرق المتوسط، مضيفة أن هذه المقاتلة ستؤدي دورا موازنا حتى تدخل "قآن" الخدمة بالكامل.

روبيو يبلغ السوداني: ندعم العراق الخالي من النفوذ الإيراني
روبيو يبلغ السوداني: ندعم العراق الخالي من النفوذ الإيراني

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

روبيو يبلغ السوداني: ندعم العراق الخالي من النفوذ الإيراني

أجرى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو محادثات هاتفية مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بشأن الهجمات الأخيرة على شركات النفط في العراق بما فيها شركات أميركية، مؤكدا أن بلاده "تدعم عراقا مزدهرا خاليا من النفوذ الإيراني الخبيث"، حسب تعبيره. ونقلت وكالة "رويترز" عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس أن روبيو شدد على أهمية محاسبة الجناة ومنع وقوع هجمات في المستقبل. ويعد العراق ثاني أكبر الدول النفطية في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، حيث يصدر 3.5 ملايين برميل من النفط الخام يوميا. وفي الآونة الأخيرة شهد إقليم كردستان العراق هجمات عدة بطائرات مسيرة استهدفت حقولا نفطية، بعضها تشغله شركات أجنبية. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن أي من الهجمات التي وقعت في الأسابيع الأخيرة، في حين تعهّدت بغداد التحقيق لكشف الملابسات. لكن مسؤولا كرديا طلب عدم الكشف عن هويته اتهم "الحشد الشعبي"، وهو تحالف فصائل عراقية موالية لطهران بات منضويا في القوات الحكومية، بالوقوف وراء الهجمات. وقال المسؤول الكردي "نحمّل الحكومة العراقية المسؤولية لأنها تموّل قوات الحشد الشعبي التي تهاجم البنية التحتية النفطية". يأتي ذلك في وقت تتفاقم فيه التوترات بين بغداد وأربيل بشأن صادرات نفط كردستان العراق التي توقفت عبر ميناء جيهان التركي منذ إغلاق خط أنابيب إلى تركيا بسبب نزاعات قانونية ومشاكل فنية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store