
زيارة قالن إلى بغداد.. هل تنجح في تسريع تسليم أسلحة الكردستاني؟
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع زيارة رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن إلى بغداد، اليوم الثلاثاء، بهدف التنسيق مع السلطات العراقية بشأن ترتيبات العملية وضمان نجاحها، وذلك عقب زيارة أجراها قالن لأربيل مطلع الشهر الجاري.
وأفادت مصادر أمنية تركية وكردية بأن مجموعة أولى من مقاتلي الحزب -يُقدر عددهم بين 20 و30 عنصرا- ستسلم أسلحتها يوم الجمعة المقبل في منطقة رابرين التابعة لمدينة رانية بمحافظة السليمانية، بحضور ممثلين عن أحزاب كردية ومنظمات المجتمع المدني. وأضافت أن عمليات التسليم ستتواصل حتى نهاية العام الحالي، تنفيذا لدعوة زعيم الحزب المسجون عبد الله أوجلان إلى حل التنظيم والتخلي عن السلاح.
جولة أمنية
أجرى قالن مباحثات مع كل من رئيس الوزراء العراقي ورئيس الجمهورية، تركزت على ترتيبات تسليم مقاتلي حزب العمال الكردستاني أسلحتهم.
ووفق ما أوردته تقارير صحفية، فإن زيارة بغداد استهدفت استكمال التنسيق بشأن خطوات نزع السلاح، في إطار مبادرة أنقرة المعلنة لتحقيق "تركيا خالية من الإرهاب"، وسط تساؤلات عن مستوى التعاون المطلوب بين بغداد وأربيل لإنجاح هذه العملية.
واكتفى الجانب العراقي بإصدار بيان مقتضب جاء فيه "إن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني استقبل، الثلاثاء، رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم قالن والوفد المرافق له. وقد نقل الوفد تأكيد أنقرة على رغبتها في تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك، وبحث الجانبان الملفات الأمنية والتنسيق المعلوماتي لتعزيز الاستقرار في المناطق الحدودية المشتركة وعموم المنطقة".
وكان قالن زار أربيل مطلع يوليو/تموز الجاري، حيث التقى كبار قادة الإقليم، بينهم الرئيس نيجيرفان البارزاني ، ورئيس الوزراء مسرور بارزاني، إضافة إلى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني.
وتركزت المحادثات على مستجدات المشهد الإقليمي، لا سيما تداعيات المواجهة الإيرانية الإسرائيلية، والجهود المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، إلى جانب ملفات التعاون الأمني وإجراءات تطهير الحدود من التهديدات الإرهابية.
كما أكد الوفد التركي دعمه تركمان العراق وضرورة تمكينهم سياسيا، مشددا على أهمية استمرار التنسيق مع الحكومة الاتحادية في بغداد والحوار مع سلطات الإقليم. ونقلت وكالة الأناضول عن قالن دعوته حزب العمال الكردستاني إلى الالتزام الفوري بقرار إلقاء السلاح "من دون أي مناورة سياسية"، في مسعى لتسريع تنفيذ التفاهمات التي تم التوصل إليها مع الأطراف المعنية.
تنسيق مشترك
في السياق، قال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الجوية التركية غورسال توكماك أوغلو إن العراق كان يواجه تهديدا أمنيا كبيرا بسبب نشاط حزب العمال الكردستاني، سواء على مستوى الحكومة المركزية في بغداد أو سلطات إقليم كردستان شمال البلاد.
وأوضح للجزيرة نت أن "المشكلة الأساسية تتمثل في وجود الحزب، لكن ثمة أيضا جماعات ومصالح أخرى تسعى إلى زعزعة استقرار العراق". وأشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تحركات جدية نحو إنهاء أنشطة الحزب المسلح، لكنه لفت إلى أن الإجراءات المرتبطة بهذه العملية لم تُخطط تخطيطا كاملا ضمن إطار منسق وتعاون مشترك بين الأطراف المعنية.
وأضاف توكماك أوغلو "اليوم، يلعب جهاز الاستخبارات التركي دورا محوريا في ضمان هذا التنسيق، خاصة في ما يتعلق بترتيبات تسليم المسلحين، والتعامل مع الأسلحة، والقضايا القانونية، إضافة إلى الجهود المبذولة لإرساء الاستقرار في المناطق الحدودية". وقال إن العمل على هذه الملفات حقق تقدما ملموسا، وإن هناك جهودا حثيثة لإنهاء التهديدات وتأمين استقرار دائم للمنطقة.
يظل ملف حزب العمال الكردستاني ونزع سلاحه الملف الأهم على طاولة النقاش بين أنقرة وبغداد، في ظل محاولات تركية لضمان دعم الحكومة العراقية وإقليم كردستان هذه الخطوة.
في سياق متصل، شدد المتحدث باسم رئيس حكومة الإقليم، بيشوا هوراماني، في تصريح للجزيرة نت، على أن "لحكومة الإقليم دورا إيجابيا وواضحا في هذه العملية، وقد أكدت دائما ضرورة حل الخلاف بين تركيا والحزب بطرق سلمية".
وأضاف هوراماني أن الإقليم، منذ البداية، يساند هذه الجهود، داعيا الجانبين إلى الحوار وإنهاء النزاع بطرق ديمقراطية تكفل للأكراد في تركيا الوصول إلى حقوقهم المشروعة، وتبعد المنطقة عن الصراعات المسلحة التي لا جدوى منها. كما أبدى استعداد الإقليم للقيام بأي دور أو مسؤولية تسهم في إنجاح هذه العملية.
حسن نية
وفي خطوة أثارت تساؤلات، كان من المقرر أن تكون مراسم تسليم السلاح مفتوحة أمام جميع الإعلاميين، بعدما نشر الحزب استمارة دعا فيها الصحفيين لتسجيل أسمائهم للمشاركة، لكنه عاد وتراجع مساء أمس الاثنين عن هذا الترتيب، معلنا قصر الحضور على قنواته الإعلامية ومنع البث المباشر، بحجة "الظروف الأمنية".
وأفادت مصادر من داخل منظومات المجتمع الكردستاني (ك ج ك) -وهي الهيئة السياسية والإدارية للحزب- للجزيرة نت بأن مراسم التسليم ستتضمن رسالة صوتية أو مصورة من زعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان. لكن بسبب عدم وضوح مضمون الرسالة، وخشية تسريب ما لا ترغب قيادة الحزب في نشره، تقرر استبعاد الصحفيين من التغطية.
من جهته، رأى الخبير في الشأن التركي الكردي كمال رؤوف، في حديثه للجزيرة نت، أن زيارة قالن إلى بغداد وأربيل تهدف إلى ضمان التزام الحكومتين بدعم العملية وعدم السماح بعرقلتها. ووصف مراسم التسليم المرتقبة بأنها "بادرة حسن نية ورمزية لإظهار جدية الحزب أمام الرأي العام"، لكنه حذر من أن الحزب لن يُقدم على خطوة حلّ نفسه تماما إلا إذا رافقتها خطوات إيجابية ملموسة من الحكومة التركية.
وتأتي هذه التطورات ضمن مسار أوسع شمل زيارة وفد من حزب المساواة الشعبية والديمقراطية لأوجلان، ولقاء الرئيس رجب طيب أردوغان قيادات كردية، فضلا عن التحركات الأمنية والدبلوماسية الأخيرة لرئيس الاستخبارات التركية، وهو ما يعكس -وفق مراقبين- مؤشرات على تحول محتمل في مسار عملية السلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
قتلى واعتقالات في اشتباكات بين الشرطة العراقية وفصيل مسلح
قتل 3 أشخاص، بينهم شرطي، واعتقل 14 شخصا في معركة بالأسلحة النارية اندلعت في العاصمة العراقية بغداد اليوم الأحد بين الشرطة ومسلحين من فصيل بارز في الحشد الشعبي. وقالت وزارة الداخلية إن "مجموعة مسلحة أقدمت على اقتحام إحدى دوائر وزارة الزراعة في جانب الكرخ، تزامنا مع مباشرة مدير جديد لمهامه في الدائرة، وأثناء انعقاد اجتماع إداري، مما تسبب بحالة من الذعر بين الموظفين الذين استنجدوا بالقوات الأمنية"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية. وعند وصول القوة الأمنية، تعرضت القوة لإطلاق نار مباشر من قبل المسلحين، مما أدى إلى إصابة عدد من الضباط والمنتسبين بجروح مختلفة، وتم القبض على 14 مسلحا. وذكرت قيادة العمليات المشتركة -في بيان لها- أنه لدى تدقيق هويات الملقى القبض عليهم، تبين أنهم ينتمون إلى اللواءين (45 و46) بالحشد لشعبي. ووفقا لوكالة الأنباء الفرنسية، فإن المسلحين ينتمون إلى كتائب حزب الله، أحد أبرز الفصائل العراقية المسلحة المنضوية في الحشد الشعبي، ويعارضون تعيين المدير الجديد في منطقة الدورة، حيث يحظى الفصيل بنفوذ كبير. وقالت الوكالة إن الاشتباكات أدت لمقتل شرطي ومدني، ونقلت عن كتائب حزب الله مقتل أحد عناصرها وإصابة 6 آخرين. وعلى إثر تلك الاشتباكات، أمر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتشكيل لجنة عليا للتحقيق بملابسات الحادث وكيفية حركة القوة المسلحة التابعة للحشد من دون أوامر أو موافقات أصولية ومحاولة السيطرة على بناية حكومية وإطلاق النار على الوحدات الأمنية. يذكر أن هيئة الحشد الشعبي تشكلت يوم 14 يونيو/حزيران 2014 من متطوعين للقتال ضمن صفوف القوات الأمنية، بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على عدة مدن عراقية، غير أنه تم دمج الحشد الشعبي رسميا ضمن قوات الجيش بقرار حكومي في يوليو/تموز 2016.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
لماذا تختار الحركات المسلحة أن تلقي سلاحها؟
اختزل مشهد إلقاء عددٍ من أعضاء حزب العمال الكردستاني أسلحتهم في محافظة السليمانية في العراق، يوم 11 يوليو/تموز الماضي تحوّلاً فارقاً في تاريخ أحد أطول الصراعات في العصر الحديث، الذي امتد إلى أكثر من 40 عاماً، وراح ضحيته أكثر من 40 ألف إنسان. وكان إلقاء حزب العمال الكردستاني سلاحه استجابةً لدعوة زعيمه المسجون في تركيا، عبد الله أوجلان ، الذي أصدر بياناً بتاريخ 27 فبراير/شباط الماضي، قبل أن يعلن الحزب رسمياً إلقاء سلاحه وتركه مسار العمل المسلّح في شهر مايو/أيار الماضي. وقد وصف أوجلان، في فيديو مصوّر سُجّل في شهر يونيو/حزيران، هذه اللحظة بأنها انتقال طوعي من مرحلة النزاع المسلّح إلى مرحلة السياسات الديمقراطية والقانون. وبعيداً عن الديناميكيات السياسية الشائكة التي تقترن بهذه التطوّرات وتداعياتها على مستقبل القضية الكردية، يبرز سؤالٌ هامٌّ عن الأسباب التي دفعت تاريخياً حركاتٍ مشابهةٍ، تصنف كفواعل ما دون الدولة، اختارت العمل المسلّح طريقاً لتحقيق أهدافها، إلى الجنوح نحو الانخراط في ميدان السياسة. لماذا تتخلّى الحركات عن سلاحها؟ يختلف اتخاذ الحركات المسلحة قرار إلقاء السلاح باختلاف ظروف كل حركة وخصوصيات سياقاتها السياسية والعسكرية، فضلاً عن التطوّرات والديناميكيات الداخلية والخارجية. ومع ذلك، من الممكن تحديد بعض الملامح العامة التي تظهر على عمليات الانتقال بناءً على دراسة الحالات المختلفة. وليس اتخاذ قرار نبذ السلاح وتنفيذه أمراً هيناً، فحتى إن رأت مثلاً قيادة حركةٍ ما أن الأفضل لها ولأهدافها هو التحوّل من خنادق المعارك إلى طاولات السياسة، قد ترفض قاعدة هذه الحركة، التي نشأت وتشكّلت على أساس العنف السياسي، الامتثال لهذا القرار أو دعمه. ومن أبرز أسباب ترك الحركات للعمل المسلح، كما يبيّن عالم العنف السياسي بنجامين أكوستا، في ورقة محكّمة، هو اعتقادها أنّ المسار العسكري قد استنفد جميع آفاقه، وأنها حقّقت كل الممكن من حمل السلاح، وقد آن الأوان لتجربة طرقٍ أخرى. وينطوي ذلك على مفارقة تدعو إلى النظر، إذ إنّ هذا الدافع يرتبط بتحقيق الحركة لجزءٍ من أهدافها، بما يُشعرها بأنها تحتاج إلى إستراتيجيةٍ جديدة إذا ما أرادت استكمال تحقيق باقي الأهداف، كما يقول أكوستا. في المقابل، وبحسب المصدر ذاته لن تجد الحركة دافعا لإلقاء سلاحها أو الانتقال إلى العمل السياسي أو إلى مؤسّسةٍ سياسية، إن أثبت العمل المسلّح نجاعته، ما يعني أن تحقيق جزءٍ من الأهداف، وليس كلها، هو السيناريو الذي سيدفع الحركات لإلقاء سلاحها. الوصول إلى طريق مسدود من الأمثلة على سيناريو ترك جماعات التمرد السلاح بعد تحقيق بعض أهدافها، جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني في السلفادور خلال الحرب الأهلية في التسعينيات. إذ شعرت الحركة، والحكومة السلفادورية، أن الحرب الأهلية قد وصلت إلى طريقٍ مسدود دون وجود مسارٍ واضحٍ للنصر لكلا الطرفين، لتتخذ الحركة قراراً بالتحوّل إلى حزبٍ سياسيٍّ عام 1992، والسعي إلى تحقيق ما تريده من أهداف من خلال صناديق الاقتراع. ترتبط أسبابٌ أخرى باستجابة الحركات لتطوّراتٍ بارزة على الساحة الإقليمية والدولية، والتفكير بسبلٍ بديلة، سواء كانت هذه التطوّرات، من منظور الحركة، تطوّراتٍ إيجابيةٍ أم سلبية، كما يشرحه كتاب "من الحركات الثورية إلى الأحزاب السياسية"، للمؤلفين ديفيد كلوز وكالاواتي ديوناندان. من ذلك مثلا سقوط الاتحاد السوفياتي، وما رافقه من فقدان كثير من الدول والحركات الدعم المالي والمعنوي الذي وفّره الاتحاد لها. إحدى هذه الحركات كانت المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا في التسعينيات، إذ وجدت الحركة أن الخيار الأسلم لها هو مسار المفاوضات والتسويات، بعد فقدانها الدعم، فضلاً عن الصدمة الأيديولوجية التي رافقت ذلك. يُبرز ذلك أيضا سببا مهما آخر، بحسب الكتاب ذاته، يدفع بعض الحركات إلى إلقاء سلاحها، وهو العامل المادي الذي قد يجبر حركة ما على إنهاء عملها المسلّح لأنها لم تعد قادرةً على توفير أسبابه ببساطة. أيضاً قد تختار حركةٌ ما الانتقال إلى المسار السياسي لإطالة عمرها، أو خوفاً من فقدان أهميتها وقاعدتها بعد غياب الأسباب التي دفعت الحركة إلى العمل المسلّح في الأصل. وإليكم أبرز الحركات المسلحة التي قادت تمردا عسكريا في بلدانها قبل أن تتخلى عن سلاحها لينتهي بها المطاف بالتحول إلى حزب سياسي يشارك في الحياة السياسية العامة: حركة المقاومة الوطنية "رينامو" في موزمبيق تأسّست حركة رينامو عام 1977، على يد أجهزة الاستخبارات العسكرية في رودسيا وجنوب أفريقيا، بهدف زعزعة حكومة فريليمو الماركسية، وكان ذلك بعد عامين من استقلال موزمبيق عن البرتغال، بحسب ما أوضح باحثون. إلا أن رينامو أثبتت براعتها في استغلال مظالم حقيقيةٍ كانت موجودةً في المجتمع الموزمبيقي، وقد مكّنها ذلك من أن تعيد صياغة نفسها على أنها "تحالفٌ للمهمّشين". وسعى قادتها، خصوصاً منهم أفونسو دلاكاما، إلى إضفاء الشرعية على رينامو كقوة سياسية لها أجندة أيديولوجية تتمثّل في النيوليبرالية والديمقراطية، وأيضاً إثبات قدرتها على السيطرة على الأراضي وضبطها، بدلاً من أن تكون مجرد أداة عنيفة. تحوّلت حركة رينامو رسمياً إلى حزب سياسي عام 1994 بموجب اتفاق السلام العام لعام 1992، الذي أنهى الحرب الأهلية في موزمبيق. ولكن لم يكن ذلك إلا بعد مفاوضاتٍ دامت أشهرا مع الحكومة للاعتراف بالحركة، إذ رأت الحكومة في البداية أن رينامو ليست إلا جماعةً مسلّحة. وجاء هذا التحوّل، نتيجة حالةٍ من الجمود العسكري، وتراجع الدعم الخارجي، وجفاف حاد أعاق عملياتها المسلّحة. صحيحٌ أن حركة رينامو حافظت إلى حدٍّ كبير على القاعدة الشعبية التي استطاعت بناءها خلال فترة الحرب، إلا أنّها لم تتمكّن من الفوز في أيٍّ من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي خاضتها، وبقي تحالف فريليمو على رأس السلطة في موزمبيق، واندلعت اشتباكات متقطعة بين الحكومة والحركة وبعض فروعها في الفترة 2013-2019. الجيش الجمهوري الأيرلندي و"شين فين" كان التأسيس لأول جماعةٍ حملت اسم الجيش الجمهوري الأيرلندي عام 1919 لمناهضة الوجود البريطاني في الأراضي الأيرلندية. وقد عمل إلى جانب ذراعه السياسية شين فين ، على مدار القرن العشرين لمعارضة الحكم البريطاني في أيرلندا الشمالية. امتنع حزب شين فين عن المشاركة في الانتخابات بعد تصاعد الصراع في أوائل السبعينيات، مما جعل الجيش الجمهوري الأيرلندي القوة المهيمنة في النضال القومي. ولكن بعد انتخاب المناضل المسجون بوبي ساندز في مجلس العموم في عام 1981، تبنّى الجيش إستراتيجية "البندقية وصندوق الاقتراع" حيث بدأ شين فين يخوض الانتخابات، بينما واصل الجيش الجمهوري نضاله المسلح ضد القوات البريطانية والجماعات شبه العسكرية الموالية له. تلا ذلك قرار الجيش الجمهوري الأيرلندي نزع سلاحه بالكامل في عمليةٍ انتهت عام 2005. وكان ذلك في ظلّ تغيّر السياق السياسي في أيرلندا الشمالية، إذ أصبح استمرار الوحدات المسلحة يضر بالمكاسب السياسية، بحسب تقرير مشترك لمؤسسة بيرغوف والأمم المتحدة. كان عامل الحسم في هذا التحوّل الكامل هو الحفاظ على وحدة الحركة الجمهورية، وهو ما تطلّب مشاورات مكثفة مع الأعضاء، والأسرى السياسيين، والجاليات في المهجر لإقناعهم بالقيمة الإستراتيجية للتسوية في سبيل تحقيق الأهداف النهائية، كما يوضح التقرير. بدأ دعم شين فين السياسي ينمو تدريجياً بعد أولى حملاته الانتخابية، حتى تجاوز نسبة 20% من الناخبين ابتداء من عام 2001، وأصبح الحزب الأقوى في جمعية أيرلندا الشمالية في عام 2022. القوات المسلحة الثورية "فارك" في كولومبيا القوات المسلحة الثورية الكولومبية هي حركةٌ ماركسية لينينية تأسّست عام 1964 لتكون بذلك أقدم حركة تمرّد مسلح في أميركا اللاتينية. يقول كتاب "من الحركات الثورية إلى الأحزاب السياسية"، إن الحركة جذبت الفلاحين الجدد في سهول كولومبيا الشرقية، وسعت إلى تطبيق مبادئ المساواة والاشتراكية في كولومبيا. وعلى الرغم من خطابها السياسي، انخرطت فارك، في أنشطة إجرامية لتمويل عملياتها المسلحة. شاركت فارك في الميدان السياسي في مناسبتين اثنتين، أولاهما في منتصف الثمانينيات بذراع انتخابية هي الاتحاد الوطني، وحقّقت وقتها شيئاً من النجاح في البداية، لكن الدولة شنت حملة قمعٍ شرسة عليها، في ظلّ غياب الثقة بين الطرفين، شملت اغتيالات عددٍ كبير من أعضاء الحركة، ولم يمرّ ذلك دون ردّ، وهو ما أدّى إلى تجدّد التمرد المسلح. لاحت فرصةٌ جديدةٌ لإدماج حركة فارك في العملية السياسية خلال اتفاق السلام في هافانا عام 2016. وقد قام الاتفاق على تبادل المنافع، ومن ذلك قيام فارك بتسليم سلاحها وتسريح مقاتليها وفقاً لخارطةٍ زمنيةٍ محدّدة، وتحت إشراف بعثةٍ أممية. وفي المقابل، نصّ الاتفاق على ضمان عشرة مقاعد لأعضاء فارك في الكونغرس، مع إنشاء حزب فارك السياسي (الذي تغيّر إلى كومينس عام 2021). إعلان ولكن تخلّل مرحلة ما بعد نزع السلاح العديد من العوائق والانتكاسات، منها مقتل نحو 300 من مقاتلي فارك السابقين خلال 5 سنوات فقط، دون تغييرٍ في الأوضاع الأمنية المتدهورة. وكان أداء حزب فارك ضعيفاً على المستوى السياسي، ولم يتمكّن قادته، الذين لا يزالون يواجهون اتهامات ومحاكمات على خلفية جرائم ارتكبت أثناء النزاع، من كسب ثقة الشارع أو نيل دعمه، بحسب المصادر. وإلى اليوم، لا يزال التوتّر والتوجّس يغلبان على العلاقة بين الحكومة وفصائل فارك، وهو ما أدّى إلى اندلاع الاشتباكات في فتراتٍ مختلفة، على الرغم من توقيع اتفاقية السلام.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
تركيا و"يوروفايتر".. هل تنجح في تعويض "إف-35″؟
في العقد الأخير، خطت تركيا خطوات متسارعة في تطوير ترسانتها من الأسلحة بما يخدم قطاعاتها العسكرية المختلفة، برا وبحرا وجوا، سواء كان ذلك بالتصنيع المحلي، أو بشراء الأسلحة التي تحتاجها أنقرة من دول أخرى. وكان واضحا اهتمام تركيا المتزايد بتطوير ترسانتها من الطائرات المقاتلة، فبعد أن كانت جزءا من برنامج التصنيع المشترك لطائرات إف-35 ، إلا أن قرار وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) خلال ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى عام 2021 بإزاحتها من البرنامج، بسبب شراء أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية أس-400 ، فإن ذلك أعاد تركيا إلى خطوة البحث عن تحديث وتطوير مقاتلاتها الجوية، ولذلك بقيت تركيا تبحث عن القطعة المفقودة. ويبدو أن تركيا وجدت ضالّتها من الطائرات المقاتلة، حيث أعلنت "مجلة دير شبيغل" الألمانية توصل أنقرة لاتفاق مع برلين من أجل تسليمها 40 طائرة "يوروفايتر تايفون"، وهي طائرات مُقاتلة تُصنع بشراكة ألمانية بريطانية إضافة إلى إيطاليا وإسبانيا. كما وقّعت تركيا مذكرة تفاهم مع بريطانيا تتيح لها استخدام هذه المقاتلات. إذ ورغم امتلاكها أجيالا من الطائرات المسيرة الحديثة، والتي أثبتت نجاحها في حروب ومواضع جغرافية عدّة، فإنها ما زالت تبحث عن امتلاك طائرات حربية مقاتلة متقدمة، وهو ما يبدو أنها ستبدأ بامتلاكه بمجرد دخول طائرات "يوروفايتر" للخدمة الفعلية. يتزامن توقيت هذا الاتفاق مع كشف تركيا عن صاروخ فرط صوتي، حمل اسم "طيفون بلوك 4" خلال معرض الصناعات الدفاعية "آيدف 2025" المنعقد في إسطنبول. ويرى محللون، أن الخطوات التركية المتسارعة في تطوير منظومة القوة لديها بات أكثر إلحاحا بعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة. حيث أدركت أنقرة ضرورة بناء قدرات جوية هجومية ودفاعية متطورة. وفي هذا السياق تأتي صفقة الطائرات الأوروبية بوصفها واحدة من أدوات القوة التنافسية وأحد عناصر الردع لخلق حالة من التوازن الجوي مع إسرائيل التي طالما اعتبرت تفوقها الجوي في المنطقة مرتكزا جوهريا في عقيدتها القتالية. إعلان وفعلا، فإن أصداء الصفقة سرعان ما سُمع صوتها في تل أبيب، والتي أحست فورا بجدية تلك الخطوات وأثارت غضبها وحفيظتها كما ورد على لسان بعض المسؤولين فيها. برز ذلك في منشور زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الذي قال عبر منصة "إكس" إنه: "لو كان لدى إسرائيل وزارة خارجية فاعلة، لكانت عرقلت منذ زمن الصفقة التي أبرمتها ألمانيا وبريطانيا لبيع طائرات يوروفايتر تايفون 4.5 لتركيا". وأكد لابيد أن تركيا تسعى إلى خلق التوازن الجوي مع إسرائيل في الوقت الذي تمتلك فيه (أنقرة) أكبر وأقوى سلاح بحرية في الشرق الأوسط، على حد وصفه. "يوروفايتر" في مواجهة "F-35" من حيث مواصفاتها التقنية، فإن تصميم طائرة يوروفايتر العسكري يركز على إعطائها قدرة عالية على المناورة، وذلك بفضل محركات "يوروجت إي جي 200" ما يعطيها ميزة تفوق في القتال الجوي التقليدي، وذلك بحسب مجلة "ذا دبلومات" (The Diplomat) وموقع "بلوت فلايت" (BlotFlight). أما على صعيد السرعة فتصل إلى 2.0 ماخ (ضعف سرعة الصوت)، بينما تمتلك رادارا متطورا لرصد الأهداف المعادية، كما أن الطائرة مزودة بإمكانية حمل صواريخ بعيدة المدى، مما يزيد من الخطر الذي يمكن أن تشكله. وبعقد مقارنة سريعة بين طائرة يوروفايتر الأوروبية وطائرة إف 35 الأميركية، فإن الطائرة الأوروبية تتفوق من حيث السرعة، إذ تصل سرعة يوروفايتر إلى 2 ماخ، مقارنة بـ 1.6 ماخ للطائرة الأميركية. كما تتميز يوروفايتر بتكلفة منخفضة، إذ يتراوح سعرها بين 90-120 مليون دولار، في حين يتفاوت سعر نظيرتها بحسب الطراز، حيث يصل سعرها الأعلى في طراز "F35B" إلى 110 ملايين دولار، بينما الأقل في طراز "F35A" فإنه يصل إلى 80 مليونا. بحسب موقع "بي إيه إي سيستمز" (BAE Systems) وفلايت غلوبال (FlightGlobal). على صعيد التكلفة التشغيلية فإن ساعة الطيران الواحدة لطائرة "يوروفايتر" تُقدّر بـ 22 ألف دولار، بينما ترتفع هذه التكلفة في نظيرتها إف-35 لتصل إلى 36 ألف دولار. على الجانب الآخر، فإن إحدى ميزات طائرة إف-35 الأميركية الرئيسية هي قدرتها على التخفي، وهو أمر لا يتوافر في الطائرة الأوروبية، مما يُعطي الطائرة الأميركية ميّزة أساسية ونقطة تفوق في ميدان القتال. تجنب الحل الصيني يقرأ المحللون ذهاب تركيا للحل الأوروبي عوضا عن الصيني بوصفه حلا وسطا للأتراك، وسعيا منهم لتجنب أزمة جديدة قد تنشب مع الولايات المتحدة إذا ما اتجهوا للتعاون العسكري المباشر مع بكين على غرار ما جرى في الصفقة الروسية سابقا. ورغم امتلاك الصين طائرات قتالية متطورة، مثل طائرات "جيه-30" الشبح الصينية، فإن أنقرة على ما يبدو تسعى لاختيار حلول عملية تجنبها مزيدا من الأزمات، خاصة في ظل الرغبة الأميركية المتصاعدة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الحد من الصعود الصيني.