
قمة غير رسمية ببروكسل.. هل يدفع ترامب أوروبا إلى زيادة إنفاقها الدفاعي؟
بروكسل- في سابقة هي الأولى، اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي " الناتو" وبريطانيا في قصر إيغمونت بالعاصمة البلجيكية بروكسل ، الإثنين، في قمة "غير رسمية" لمناقشة قضايا الدفاع، في ظل استمرار ا لحرب الأوكرانية وتزايد المخاوف من التهديد الروسي على القارة الأوروبية.
وشكّل الاجتماع، الذي دعا إليه رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، مناسبة لقادة الاتحاد الأوروبي لبحث سبل تعزيز الإنفاق الدفاعي وسد الفجوات في القدرات العسكرية، بما في ذلك القدرات الجماعية، ووسائل التمويل والعلاقات مع الشركاء الاستراتيجيين.
وعلى الرغم من أن الزعماء الأوروبيين تركوا الباب مواربا أمام تقديم إجابة واضحة وحاسمة عن كيفية تمويل الزيادة المخطط لها، إلا أن تركيزهم ذهب أيضا في اتجاه التساؤلات حول التزام الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتحالف الأمن التابع لحلف شمال الأطلسي وحول إعلانه الأخير فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات من المكسيك و كندا و الصين.
زيادة الإنفاق الدفاعي
جاءت قمة بروكسل بعد أسبوعين من عودة ترامب إلى البيت الأبيض مع وعود بـ"نهاية سريعة" للحرب في أوكرانيا. لكن قادة أوروبا يخشون قطع المساعدات الأميركية عن كييف وفرض وقف إطلاق النار لصالح الكرملين.
وخلال المؤتمر الصحفي الختامي، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ، إنها مصممة على إيجاد الوسائل لتمويل احتياجات الدفاع في الاتحاد الأوروبي، وعبّرت عن استعدادها للعمل بمرونة من أجل الاستقرار والنمو عبر السماح بزيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي.
ويرى الدكتور بنجامان تاليس، مدير "مبادرة الاستراتيجية الديمقراطية"، وهي مؤسسة بحثية مقرها برلين، أن الطريق لا يزال طويلا أمام تأمين أوروبا من خلال خلق هذا النوع من الزيادة في الإنفاق الدفاعي الذي دعت إليه رئيسة المفوضية، معتبرا أن الاجتماع لم يقدم خطوات ملموسة للزيادة التي دعا إليها مفوض الدفاع الأوروبي أندريوس كوبيليوس.
إعلان
وأضاف تاليس في حديث للجزيرة نت، أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى استراتيجية أكثر ذكاءً لردع روسيا والمنافسة على المدى البعيد ولا سيما "مع وجود انقسامات كبيرة بين البلدان التي أدركت التهديد الروسي على أوروبا وضعف القارة بسبب افتقارها إلى القدرات اللازمة والإنفاق وفقا لذلك، وتلك التي تختار التجاهل وعدم إنفاق الأموال اللازمة لبناء قدرات جديدة".
انسحاب المظلة الأميركية
وقبل موعد الاجتماع، وقعت 19 دولة من أصل 27 دولة عضو على رسالة تحث البنك الأوروبي للاستثمار على تخفيف قواعده بشأن تمويل مشاريع الأمن والدفاع. ويعد هذا البنك أكبر مقرض عام متعدد الأطراف في العالم وقد ضخ فعليا مليارات اليوروهات لمساعدة أوكرانيا منذ عام 2022.
من جانبها، تعتقد إيونيلا ماريا سيولان، مسؤولة أبحاث السياسة الخارجية والأمن والدفاع في مركز "ويلفريد مارتنز" للدراسات الأوروبية، أن دول الاتحاد كثّفت مناقشاتها حول بناء اتحاد دفاعي أوروبي لسد الفجوات الاستراتيجية المحتملة التي قد تنشأ عن الانسحاب الأميركي المستقبلي من القارة.
وفي حديثها للجزيرة نت، أوضحت سيولان أن إدارة ترامب الثانية تتوقع تولي الدول الأوروبية زمام المبادرة في أوكرانيا وتصبح مساهما صافيا في الأمن الأوروبي، لأنه من غير المرجح حفاظ الولايات المتحدة على مظلتها الأمنية الحالية فوق القارة في المستقبل.
بريطانيا والناتو
وفي إطار الالتزام الأوروبي القوي بتعزيز علاقته بالشركاء الاستراتيجيين، رحب القادة بالأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.
وتعليقا على مشاركة ستارمر، قالت إيونيلا سيولان إن حضوره يعد إشارة واضحة على تحسن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بعد اتفاق " البريكست"، معتبرة أن زيادة المشاركة بين لندن وبروكسل "تطور طبيعي في ظل قلق كلا الطرفين بشأن أمن أوكرانيا وتداعياتها الأوسع على الاستقرار الأوروبي".
وتابعت "مع توقع تراجع المشاركة الأميركية في أوروبا، بما في ذلك الناتو، في المستقبل القريب، فإن الركيزة الأوروبية للحلف ستتعزز حتما. ونظرا لأن 23 دولة عضو في الاتحاد هي أيضا أعضاء في الناتو، فإن التعاون الوثيق مع بريطانيا -أحد أقوى الداعمين الأوروبيين لكييف والمساهم الرئيس في الدفاع على الجناح الشرقي- أمر استراتيجي وضروري".
وذكرت المتحدثة أن هذا التحول الجيوسياسي في السياسة الخارجية الأميركية يغير بالفعل تصورات أوروبا "ففي حين أن المنطقة ربما لم تعد في مركز الاستراتيجية الأميركية، فإننا نأمل أن تظل أوروبا واحدة من أهم الأولويات الثلاث لواشنطن".
بدوره، أشار بنجامان تاليس، مدير مؤسسة "مبادرة الاستراتيجية الديمقراطية" إلى أن قمة حلف شمال الأطلسي التي ستعقد في يونيو/حزيران المقبل، قد تحدد هدف إنفاق أعلى بكثير بنسبة قد تصل إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي للدول المتحالفة.
وفي حين أن بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي ـمثل بولندا و دول البلطيق ـ بلغت هذا الهدف بالفعل أو تقترب منه، فإن دولا أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا وألمانيا والمملكة المتحدة لا تزال بعيدة عن تحقيق ذلك، وفق تاليس.
ووفق تاليس "يُنظر إلى الحماس للمشتريات المشتركة للدفاع الجوي الباهظ التكلفة باعتباره أمرا إيجابيا في بعض الأوساط، ولكنه ليس كافيا لأن هناك حاجة أيضا إلى قدرات هجومية كبيرة لردع الأعداء، ويوجد تقدم أقل في هذا المجال".
مواجهة ترامب
وفي اجتماع الزعماء الأوروبيين في القصر التاريخي ببلجيكا، تطرق النقاش إلى الصراع في الشرق الأوسط ومستقبل العلاقات بين أعضاء الاتحاد والولايات المتحدة حيث تضاعفت التساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن ستحمي أعضاء الناتو الذين لم يستوفوا عتبة الإنفاق.
وفي السنوات الأخيرة، زاد إجمالي الإنفاق الدفاعي لدول الاتحاد الأوروبي والاستثمارات الدفاعية بشكل كبير. ففي عام 2024، أنفقت الدول الأعضاء ما يقدر بنحو 326 مليار يورو على الدفاع، في حين ارتفعت الاستثمارات الدفاعية إلى 102 مليار يورو، وفق بيان المفوضية الأوروبية.
وفيما يتعلق بالعلاقة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قال رئيس الوزراء البرتغالي السابق أنطونيو دا كوستا، ورئيس المجلس الأوروبي حاليا، إنه "عندما تنشأ المشاكل والاختلافات، فيجب معالجتها من خلال إيجاد الحلول مع الدفاع عن قيمنا ودون المساس بمصالحنا"، مؤكدا أن قيم السيادة الوطنية والسلامة الإقليمية وحرمة الحدود تكمن في قلب النظام الدولي الذي ساهم كلا الطرفين في تحقيقه.
وتستبعد إيونيلا ماريا سيولان، مسؤولة أبحاث السياسة الخارجية والأمن والدفاع، وجود "فخ ترامب-بوتن" لأنه بالنسبة للرئيس الأميركي، تظل فكرة "أميركا أولا" المبدأ التوجيهي لإدارته الثانية، وبالتالي ستكون السياسة الخارجية الأمريكية مدفوعة في المقام الأول بالجهود الرامية إلى تعزيز المصالح الأميركية، على حد تعبيرها.
وفيما يتعلق بتصعيد النزاعات التجارية أو فرض الرسوم الجمركية، تعتقد سيولان أن ذلك قد يخلف عواقب سلبية على الاقتصادات الأوروبية وعلى جزء كبير من الشركات والمواطنين الأميركيين.
كما أكدت أن التعاون بين واشنطن وبروكسل سيستمر في القضايا التي تتوافق فيها مصالحهما، وأن من مصلحة إدارة ترامب الحفاظ على علاقة وظيفية مع الاتحاد الأوروبي الذي يعد الشريك التجاري الأهم لأميركا.
وبناء على تصريحاته العامة، يبدو أن دونالد ترامب ملتزم بالتفاوض على إنهاء الصراع في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن وإيقاف روسيا، لأن تركيز سياسته الخارجية منصب على منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مما يعني أن وضع حد للحرب الأوكرانية من شأنه تحرير الموارد والطاقة والجهود الأميركية لإعادة توجيهها نحو احتواء الصين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
إدارة ترامب تفرض قيودا جديدة على الصحفيين داخل البنتاغون
أصدر وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث ، أمس الجمعة، تعليمات جديدة تُلزم الصحفيين المعتمدين بالحصول على مرافقين رسميين عند دخول معظم مرافق وزارة الدفاع (البنتاغون) في أرلينغتون بولاية فرجينيا. ودخلت الإجراءات الجديدة حيّز التنفيذ الفوري، وهي تمنع دخول الصحفيين إلى مناطق في الوزارة من دون تصريح رسمي ومرافق معتمد، وقد أثارت انتقادات حادة من رابطة صحافة البنتاغون التي رأت في القرار "هجوما مباشرا على حرية الصحافة". وقال هيغسيث في مذكرة إن الوزارة لا تزال "ملتزمة بالشفافية"، لكنها "ملزمة بالقدر نفسه بحماية المعلومات الاستخباراتية السرية والمعلومات الحساسة، والتي قد يؤدي الكشف غير المصرح عنها إلى تعريض حياة الجنود الأميركيين للخطر". وأضاف وزير الدفاع أن أمن العمليات وحماية المعلومات الحساسة يمثلان أولوية قصوى. لكن رابطة الصحفيين قالت في بيانها إن القرار يستند إلى "مبررات أمنية واهية"، مشيرة إلى أن الصحفيين المعتمدين تمكنوا طوال عقود من الوصول إلى مناطق غير حساسة في البنتاغون من دون إثارة قلق بشأن الأمن، حتى في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وتحت إدارات جمهورية وديمقراطية على حد سواء. إعلان ولم يصدر تعليق رسمي من البنتاغون ردا على بيان الرابطة حتى الآن. وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من الإجراءات التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترامب للتضييق على المؤسسات الإعلامية التي تتهمها بتسريب المعلومات، إذ تم مؤخرا منح 3 مسؤولين إداريين إجازة مؤقتة في إطار تحقيق داخلي في تسريبات. كذلك طُلب من مؤسسات صحفية بارزة مثل "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"سي إن إن" و"إن بي سي نيوز" إخلاء مكاتبها في البنتاغون، ضمن نظام تدوير يسمح بدخول مؤسسات إعلامية أخرى، بينها جهات موالية للرئيس مثل نيويورك بوست وبرايتبارت وديلي كولر ووان أميركا نيوز. وبحسب وكالة رويترز، نشرت الإدارة مؤخرا أجهزة لكشف الكذب في عدد من المؤسسات الحكومية، من بينها وزارة الأمن الداخلي، للتحقيق في تسريبات غير سرية، وهُدّد بعض الموظفين بالفصل إن رفضوا الخضوع للاختبار. ويؤكد البيت الأبيض أن الرئيس ترامب "لن يتسامح مع التسريبات"، وأن من يثبت تورطه فيها "يجب أن يُحاسب".


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
التبعات الاقتصادية لقرارات ترامب العشوائية على اقتصاد أميركا
يُعد اقتصاد السوق من النماذج الرأسمالية التي تقوم على قواعد واضحة، وعلى رأسها الشفافية وتكافؤ الفرص بين المتعاملين، وهو ما يجعل من النموذج الأميركي أحد أبرز تطبيقاته. بيد أن هذه القواعد تعرضت لهزة كبيرة مع تولّي الرئيس دونالد ترامب السلطة مجددًا في مطلع عام 2025، إذ اتسمت قراراته، خصوصًا في الشق التجاري، بالعشوائية والارتجال، مما أوجد حالة من الضبابية في المشهد الاقتصادي داخل أميركا، ومع شركائها الأساسيين، وعلى مستوى الاقتصاد العالمي عمومًا. ارتباك داخلي وارتجال في القرار لم يكن المستوردون أو المصدّرون الأميركيون على علم مسبق بخطط ترامب بخصوص رفع الرسوم الجمركية ، وهو ما أصاب نشاطهم بالشلل. حتى المنتجون الأميركيون –الذين يُفترض أنهم المستفيدون من تلك الإجراءات– لم يجنوا أرباحًا، لأنهم يعتمدون على استيراد المواد الأولية من الخارج، فتأثروا أيضًا بارتفاع تكاليف الإنتاج. وذكرت تقارير اقتصادية أن من أبرز مظاهر العشوائية كان الارتفاع المفاجئ في نسب الرسوم الجمركية، فعلى سبيل المثال، ارتفعت الرسوم المفروضة على الصين إلى 145%، بعدما كانت بحدود 20% في بداية عام 2025، كما هدد ترامب مرارًا برفعها إلى 245%، دون الاكتراث بأثر ذلك على الاقتصاد المحلي، قبل أن يتم توقيع اتفاق بين واشنطن وبكين على تخفيف التوترات التجارية بينهما. وقد تفاوتت ردود أفعال الدول إزاء هذه السياسات بين الرفض، والمعاملة بالمثل، والدعوة إلى التفاوض، لكن موافقة بعض الدول على التفاوض مع إدارة ترامب شجعته على التمادي في نهجه، مما عكس حالة من الفوضى في العلاقات التجارية الدولية. مزاد جمركي وصراع مفتوح قرارات ترامب كانت في جوهرها أقرب إلى مزاد مفتوح لفرض الرسوم، خصوصًا تجاه الصين. فكلما ردّت بكين بالمثل، سارع ترامب إلى رفع النسبة أكثر، دون النظر إلى التبعات الاقتصادية. وأشارت مصادر في الأسواق الأميركية إلى أن هذه القرارات أدت إلى اضطرابات كبيرة، إذ تراجعت مؤشرات أسواق المال ، وارتفعت أسعار الذهب والعملات الرقمية بشكل جنوني، كما انخفضت أسعار النفط بسبب مخاوف من توسع النزاع التجاري. وتابعت هذه المصادر بأن ترامب لم يعمل على تجهيز القاعدة الإنتاجية الأميركية لتكون بديلًا حقيقيًا للواردات، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم. وكانت النتيجة الحتمية هي التراجع عن العديد من قراراته، ليس فقط مع الصين، بل مع معظم الدول الأخرى. مفاوضات غير منسّقة من أبرز الأمثلة على التخبط، تغريدة ترامب في 9 مايو/أيار 2025، التي قال فيها إن فرض رسوم بنسبة 80% على المنتجات الصينية "يبدو قرارًا صائبًا"، بينما كانت المفاوضات الرسمية لا تزال جارية مع بكين. وانتهت هذه المفاوضات في 12 مايو/أيار بالاتفاق على رسوم بنسبة 30% من الجانب الأميركي و10% من الجانب الصيني. الأمر الذي يثير تساؤلات حول ما إذا كان ترامب على دراية بما يفعله فريقه المفاوض أصلًا. الصين تلعب أوراق الضغط بمهارة وفيما اكتفت بعض الدول بالرد بالمثل، استخدمت الصين أدوات ضغط فعالة شملت وقف تصدير المعادن النادرة، وتعليق تسلّم الطائرات من شركة "بوينغ" الأميركية. ونتيجة لذلك، اضطرت واشنطن إلى التراجع وإعلان ما سُمّي بـ"هدنة" تجارية تستمر 90 يومًا، تُخفّض خلالها الرسوم الأميركية من 145% إلى 30%، مقابل تخفيض الصين لرسومها من 125% إلى 10%. إعلان وأشارت وسائل إعلام اقتصادية إلى أن استخدام مصطلح "هدنة" يعكس الطابع العسكري للنزاع الاقتصادي بين القوتين، وهو ما يكشف بوضوح أن ما حصل لم يكن خلافًا تجاريًا عاديًا، بل مواجهة حقيقية تتجاوز الاقتصاد إلى الجغرافيا السياسية. مؤشرات سلبية في الداخل الأميركي مع بداية تطبيق الرسوم الجمركية المرتفعة، بدأت التبعات تتوالى داخل الولايات المتحدة، إذ ارتفع معدل التضخم في أبريل/نيسان 2025 إلى 0.2% شهريًا، بعد أن كان 0.1% في مارس/آذار السابق له. هذا الارتفاع دفع مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي إلى تثبيت أسعار الفائدة، وهو ما أزعج ترامب الذي طالب بتخفيضها، رغم أنها أداة فنية خالصة لا تخضع للمزاج السياسي. كما أظهرت بيانات وزارة التجارة الأميركية انخفاضًا في إنتاج الصناعات التحويلية بنسبة 0.4% في أبريل/نيسان، وهي أول مرة يسجل فيها القطاع هذا التراجع منذ 6 أشهر، بعدما سجل نموًا بنسبة 0.4% في مارس/آذار الماضي. وفي السياق ذاته، تحمّلت الشركات الأميركية أعباءً إضافية بفعل زيادة الرسوم، مما دفع بعضها إلى تقليص هوامش الربح، وأشارت تقارير محلية إلى انخفاض مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 0.5%، وهي أعلى نسبة انخفاض خلال 5 سنوات، وسط تحذيرات من أن هذه الشركات قد تغادر السوق إذا استمرت في تسجيل خسائر. كما شهد قطاع الوظائف تباطؤًا واضحًا، حيث أضاف الاقتصاد الأميركي 62 ألف وظيفة فقط في أبريل/نيسان، وهو أدنى رقم منذ يوليو/تموز 2024، وأقل بكثير من توقعات الاقتصاديين البالغة 115 ألف وظيفة. قواعد غابت عن ترامب كثيرًا ما يُقال إن ترامب يتعامل مع السياسة كأنه يدير شركة خاصة، فيسعى للصفقات والانتصارات السريعة. لكن إدارة الدول تخضع لقواعد دقيقة، من بينها قاعدة "المعاملة بالمثل" في العلاقات الدولية، والتي تجاهلها ترامب مرارًا، كما تجاهل ضرورة إجراء دراسات واقعية قبل فرض مثل هذه السياسات، آخذًا بعين الاعتبار قدرة الاقتصاد المحلي على التكيف وردود الفعل الدولية. ما الذي سيحدث بعد "الهدنة"؟ تنتهي فترة "الهدنة" التجارية في نهاية يوليو/تموز 2025، ومعها سنكون أمام مفترق طرق: فإما أن يتم التوصل إلى اتفاقات مقبولة لجميع الأطراف، أو أن يعود ترامب لفرض زيادات جمركية من طرف واحد، وهو ما سيدفع الولايات المتحدة نحو عزلة اقتصادية، ويفتح الباب واسعًا أمام إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي على أسس متعددة الأقطاب.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
رقم قياسي بطلبات الأميركيين للجنسية البريطانية خلال ولاية ترامب
أظهرت بيانات جديدة من حكومة المملكة المتحدة ارتفاعًا كبيرًا في طلبات الأميركيين الراغبين في الحصول على الجنسية البريطانية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وهو ما عزاه بعض المحللين إلى المناخ السياسي في الولايات المتحدة. وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن 6 آلاف و618 أميركيا تقدموا خلال العام المنتهي في مارس/آذار الماضي بطلبات للحصول على الجنسية البريطانية، وهو أعلى رقم سنوي منذ بدء تسجيل البيانات في 2004، حسب إحصاءات صدرت عن وزارة الداخلية البريطانية يوم الخميس. وقد قُدّم أكثر من 1900 من تلك الطلبات بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار، وهو أعلى رقم مسجل لأي ربع سنة. وأكد محامو الهجرة أنهم تلقوا زيادة في الاستفسارات من أشخاص في الولايات المتحدة حول إمكانية الانتقال إلى بريطانيا عقب إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. المحامي مهونثان باراميسفاران في شركة ويلسونز للمحاماة بلندن يقول إن الاستفسارات من الأميركيين الراغبين في الاستقرار في بريطانيا ازدادت "في أعقاب الانتخابات مباشرة والإعلانات المختلفة التي صدرت". وجاء هذا الارتفاع في طلبات الجنسية البريطانية من قبل الأميركيين في ظل زيادة مماثلة من جميع أنحاء العالم، لكن المعدل العالمي، بنسبة 9.5% سنويا، تم تجاوزه بشكل كبير بزيادة 30% من الولايات المتحدة. وتقول زينا لوشوا، الشريكة في شركة لورا ديفاين للهجرة، وهي شركة متخصصة في هجرة الأميركيين إلى بريطانيا، إنها تتوقع زيادة أخرى في الأشهر المقبلة بسبب "المناخ السياسي" في الولايات المتحدة. وأضافت "لقد شهدنا زيادة في الاستفسارات والطلبات ليس فقط من المواطنين الأميركيين، بل أيضًا من المقيمين في الولايات المتحدة من جنسيات أخرى الذين يخططون للاستقرار في المملكة المتحدة". وتشير إلى أن الاستفسارات التي تتلقاها ليست بالضرورة عن الجنسية البريطانية، بل تتعلق أكثر بالسعي للانتقال. وأظهرت بيانات منفصلة نشرتها وزارة الداخلية هذا الأسبوع أن عددًا قياسيا من الأميركيين حصلوا على حق الاستقرار في بريطانيا عام 2024، مما يسمح لهم بالعيش والعمل في البلاد بشكل دائم كخطوة ضرورية قبل الحصول على الجنسية. ومن بين 5521 طلب استقرار مُنح لمواطني الولايات المتحدة العام الماضي، كان معظمها لأشخاص مؤهلين بسبب أزواجهم أو والديهم أو روابط عائلية أخرى، في حين كانت نسبة كبيرة لأشخاص قدموا في الأصل إلى بريطانيا بتأشيرات مؤقتة "للعمال المهرة" ويريدون البقاء. وكان هذا الرقم مرتفعًا بنسبة 20% مقارنة بعام 2023، وهو رقم قياسي للسماح للأميركيين بالبقاء في بريطانيا بشكل دائم. ومع ذلك، كانت الزيادة أقل من الزيادة العامة في منح تصاريح الاستقرار لجميع الجنسيات، التي ارتفعت بنسبة 37% في الفترة نفسها. ويعتقد باراميسفاران أن معدل طلبات الاستقرار سيتسارع أكثر في الأشهر القادمة بعد أن أعلنت الحكومة البريطانية مؤخرًا أن معظم الأشخاص سيتعين عليهم العيش في البلاد 10 سنوات بدلًا من 5 سنوات حاليا قبل التقدم بطلب للاستقرار الدائم. من جهته، قال مارلي موريس، المدير المساعد للهجرة في معهد لندن لأبحاث السياسات العامة، إن هناك "جملة من العوامل" تقف وراء الزيادة العامة في طلبات الاستقرار من أنحاء العالم، وإن "الدوافع السياسية" من بين هذه العوامل. وتسعى الحكومات البريطانية المتعاقبة إلى تقليل صافي الهجرة الذي انخفض إلى النصف في 2024 وفقًا للأرقام الصادرة يوم الخميس. وجاء هذا الانخفاض بعد تشديد القيود من قبل الإدارة المحافظة السابقة.