
مستشار ترامب في ليبيا غداً بزيارة هي الأولى من نوعها
دونالد ترامب
للشؤون العربية والشرق الأوسط،
مسعد بولس
، في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول رفيع من
إدارة ترامب
إلى البلاد منذ عودة الأخيرة إلى السلطة.
وتشمل الزيارة العاصمة
طرابلس
ومدينة
بنغازي
، حيث من المقرر أن يلتقي في طرابلس رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وفي بنغازي، قائد ما يُعرف بـ"القيادة العامة" اللواء المتقاعد خليفة حفتر. ووفق معلومات أدلت بها مصادر دبلوماسية ليبية، حكومية وأخرى مقربة من المجلس الرئاسي، لـ"العربي الجديد"، فإن مباحثات بولس في طرابلس ستتناول ملفين أساسيين، أولهما الملف السياسي وارتباطه بالتعثر الذي تشهده العملية السياسية ومحاولات البعثة الأممية في ليبيا لكسر الجمود عبر تقريب وجهات النظر والدفع نحو إجراء الانتخابات الوطنية المؤجلة، وثانيهما الملف الاقتصادي، حيث ستركز المباحثات على قضية النفط بشكل أساسي، ولا سيما تصديره بشكل منتظم عبر المؤسسة الوطنية للنفط، باعتبارها الإطار القانوني والشرعي الوحيد لإدارة الثروة النفطية الليبية.
كما ستتطرق النقاشات إلى قضايا حساسة أخرى، في مقدمتها توازن العلاقات الخارجية الليبية، وسط قلق أميركي من تنامي العلاقات العسكرية بين حفتر وموسكو، وكذا الاتصالات المتزايدة بين حكومة طرابلس وبعض العواصم الأوروبية. وبحسب ذات المصادر، فإن الزيارة التي كان مقررا أن تتم في منتصف يونيو/حزيران الماضي، تأجلت الى الغد لإفساح المجال أمام البعثة الأممية لاستكمال مشاوراتها التي بدأتها وقتها مع الأطراف الليبية حول خريطة طريق جديدة طرحتها في العشرين من مايو/أيار. وتضمنت الخطة الأممية، التي تحظى بدعم أميركي واسع، أربعة خيارات تمثل خريطة طريق سياسية جديدة.
أخبار
التحديثات الحية
ليبيا: تعليق العملية الانتخابية في 11 بلدية خاضعة لسيطرة حفتر
وفيما تندرج زيارة بولس إلى ليبيا ضمن محطات زيارته للمنطقة هذه الأيام، إلا أنها تأتي أيضا في سياق اهتمام معلن بالملف الليبي أبداه بولس منذ توليه مهامه في إدارة ترامب، حيث أكد في أكثر من مناسبة أن واشنطن تطور تصورا للحل الليبي بالتعاون مع كافة الأطراف، وأنها عازمة على الدفع نحو تسوية ليبية من خلال توافق ليبي شامل يقود إلى شراكة حقيقية في الحكم ضمن مشروع موحد، ما يشير إلى مساع أميركية للحضور بكثافة في الملف الليبي، رغم التحديات التي تحيط بموقعه في سلم أولويات البيت الأبيض.
كما تأتي زيارة بولس في ظل سياق إقليمي مضطرب، حيث تتزايد الأنباء عن مقترحات أميركية وإسرائيلية لنقل سكان من قطاع غزة إلى دول أخرى، من بينها ليبيا، وكذلك رغبة واشنطن في ترحيل مهاجرين يحملون سجلات جنائية إلى دول بينها ليبيا، وهو ما أثار قلقا واسعا في الشارع الليبي، واعتبر تهديدا مباشرا للسيادة الليبية.
من جهة أخرى تجري زيارة بولس في ظل غموض إدارة ترامب تجاه ليبيا، فعلى الرغم من المواقف الأميركية الثابتة في ملف مكافحة الإرهاب ورفض التمدد الروسي، إلا أن ترامب لم يبد وضوحا في موقع الملف الليبي في سلم أولويات سياساته، كما أنه اصدر قرارات بشأن ليبيا مثل فرض قيود على منح التأشيرات الأميركية على الليبيين، وتمديد حالة الطوارئ الأميركية المتعلقة بليبيا باعتبارها تمثل تهديدا للأمن القومي.
تقارير عربية
التحديثات الحية
ليبيا: جولة جديدة من صراع الصلاحيات بين مجلسي النواب والرئاسي
وكان الملف الليبي قد حظى باهتمام أميركي كبير منذ العام الماضي، خاصة من الناحية الأمنية، تمثل في مشروع أميركي يقضي بإنشاء قوة عسكرية ليبية مشتركة من معسكري شرق وغرب البلاد، وهي الخطوة التي أبرزتها زيارة نائب قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، الفريق جون برينان، في فبراير/شباط الماضي، إلى كل من طرابلس وبنغازي، وفي نهاية الشهر نفسه نفذت القوات الجوية الأميركية نشاطا عسكريا قبالة ساحل سرت، وصفته سفارة واشنطن لدى ليبيا بأنه يهدف إلى تعزيز قدرات الدفاع الجوي والتكامل العسكري بين مناطق ليبيا المختلفة.
وفي إبريل/نيسان الماضي زارت السفينة الحربية الأميركية "يو إس إس ماونت ويتني" التابعة للأسطول السادس ميناءي طرابلس وبنغازي، حيث أجرى الوفد الأميركي المرافق للسفينة محادثات مكثفة مع مسؤولين ليبيين على رأسهم عبد الحميد الدبيبة وخليفة حفتر وكبار القادة العسكريين في طرابلس وبنغازي، تركزت حول توحيد المؤسسة العسكرية وتعزيز التعاون الأمني. وتعكس زيارة بولس يوم غد، محاولة لدعم المشروع الأميركي في الجانب الأمني بغطاء سياسي ودبلوماسي، ما يسهم في إعادة الدور الأميركي طرفا مؤثرا في الملف الليبي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
أزمة ديمقراطيي أميركا: عجز عن توحيد الصفوف ومواجهة ترامب
بدت الأشهر الستة التي تلت بدء ولاية الرئيس الأميركي الجمهوري دونالد ترامب، في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، بالغة التعقيد على الحزب الديمقراطي، الذي لم يجد حتى اليوم الصيغة المناسبة للتصدّي لحملات ترامب المحلية والخارجية، سواء في ملفات التعيينات في الأجسام القضائية والأمنية، أو في تصعيده الميداني ضد المهاجرين، وتحول مدينة لوس أنجليس، وهي من أبرز معاقل الديمقراطيين في ولاية كاليفورنيا، إلى ساحة مواجهة في الفترة الأخيرة. وفشل الديمقراطيون حتى الآن في صياغة مشروع مضاد لترامب، وذلك في ظل غياب الشخصيات القيادية المؤثرة في الحزب، وضعف الأصوات الموجودة، وتشرذمهم إلى تيارات متناثرة، لم تتحد إلا حين تدخل الرئيس الأسبق باراك أوباما في عام 2020، لتوحيدهم مع الرئيس السابق جو بايدن من أجل منع ترامب من الحصول على ولاية ثانية. مقارعة ترامب وكل ذلك يعزز الشكوك بأدائهم ونتائجهم في الانتخابات النصفية للكونغرس ، بغرفتيه النواب والشيوخ، في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2026، لا سيما أن استطلاعات الرأي لا تصب في صالحهم. ولفهم حظوظ الديمقراطيين يجب العودة إلى العام الماضي، الذي شهد فوضى حزبية واسعة النطاق، ساهمت في تعبيد الطريق لترامب للفوز بالرئاسيات. بدأت هذه الفوضى بعجز الحزب الديمقراطي عن اختيار بديل لبايدن لمقارعة ترامب، وعززت المناظرة الوحيدة التي أُجريت بين الرجلين في 27 يونيو/حزيران 2024، مدى سوء رهانات الديمقراطيين، مما حدا ببايدن إلى التنحّي والدفع بنائبته كامالا هاريس إلى منازلة ترامب. وأثبت هذا الرهان فشله مع اكتساح الجمهوريين البيت الأبيض وغرفتي الكونغرس في انتخابات الخامس من نوفمبر 2024. وبات لزاماً على الديمقراطيين تغيير القواعد والشخصيات القادرة على كسب مقاعد في الكونغرس في انتخابات 2026، وتمهيد الدرب لشخصية قادرة على مواجهة خليفة ترامب في رئاسيات 2028، وفي مقدمة لائحة المرشحين للخلافة، نائب الرئيس جي دي فانس. رو خانا: لا أفهم كيف تركنا ترامب يتصرف بمفرده وبرز في السياق نجم حاكم كاليفورنيا الديمقراطي، غافين نيوسوم، الذي قارع ترامب على خلفية إرسال الأخير المارينز والحرس الوطني إلى مدينة لوس أنجليس في السادس من يونيو الماضي، على خلفية المصادمات بشأن اعتقال مهاجرين لترحيلهم. نجح نيوسوم في التحول إلى خصم لترامب، وأزعجه بشدّة، حتى أن ترامب دعا إلى اعتقال نيوسوم، بقوله في التاسع من يونيو الماضي، رداً على سؤال طرحه عليه صحافي حول احتمال اعتقال حاكم كاليفورنيا: "لفعلت ذلك... أعتقد أن ذلك سيكون أمراً رائعاً". ورد نيوسوم في تصريح لشبكة "إم. إس. إن. بي. سي"، بالقول: "هيا، أوقِفوني". ومع أن نيوسوم يُعدّ منافساً مثالياً لأي مرشح رئاسي في عام 2028، تحديداً لكونه من ولاية كاليفورنيا، بما يعنيه ذلك من تحضير الأرضية في الانتخابات النصفية لعام 2026، إلا أنه لا يزال يواجه تعقيدات داخلية عدة. أبرز تلك التعقيدات تكمن في عودة كامالا هاريس إلى الواجهة، رغم أنها أكدت عدم نيتها في المشاركة ترشيحاً بالانتخابات النصفية في العام المقبل. وتروّج هاريس لكتاب عن خسارتها في حملتها الرئاسية لعام 2024، تاركة الباب مفتوحاً أمام محاولة أخرى في عام 2028، وتكوين مجموعة من الديمقراطيين سيشاركون في الانتخابات النصفية. ثاني تعقيدات نيوسوم، تتجلى في بروز وزير النقل السابق الديمقراطي بيت بوتيجيج ، الذي اعتبر في حديثٍ للإذاعة الوطنية العامة "أن بي آر"، مطلع الأسبوع الحالي، أن "الديمقراطيين لم يتكيفوا مع الطريقة التي تغيرت بها السياسة". وأبدى بوتيجيج اعتقاده بأن الديمقراطيين كانوا بطيئين في فهم التغييرات في كيفية حصول الناس على معلوماتهم، وبطيئين في فهم بعض التغييرات الثقافية التي كانت تحدث، وربما كان الأمر الأكثر إشكالية، هو رفضهم التعليق على الوضع الراهن الذي كان يخذلنا لفترة طويلة". وفي وقتٍ بدأ فيه بوتيجيج بالإشارة إلى ضرورة انغماس الديمقراطيين لمواجهة سياسات ترامب، فإن عناوين دسمة تنتظرهم، مثل قانون الميزانية "الجميل والضخم"، الذي اقترحه ترامب، وحاربه الملياردير إيلون ماسك واعتبره أنه سيزيد التضخم ويرفع من حجم الديون الأميركية. صحيح أن الديمقراطيين لم يصوّتوا إلى جانب القانون، لكنهم لم يتمكنوا من كسب أصوات جمهورية إلى جانبهم. وهو ما دفع النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا، رو خانا، للقول في "بودكاست"، الشهر الماضي: "لا أفهم كيف تركنا ترامب يتصرف بمفرده... نحن بحاجة إلى أن نكون الطرف الذي يقول: ها هي رؤيتنا لصنع الأشياء في أميركا". عادت هاريس إلى الواجهة بتوقيعها كتاباً عن حملة 2024 غير أن طموحات خانا، وتطلعات هاريس ونيوسوم وبوتيجيج، تصطدم أيضاً بتراجع شعبية الديمقراطيين. في السياق، أفاد استطلاع أجرته صحيفة وول ستريت جورنال، منذ أيام، بأن 63% من الناخبين المسجلين لديهم وجهة نظر سلبية عن الحزب الديمقراطي، بينما كان لدى 33% فقط وجهة نظر إيجابية. واعتبرت الصحيفة أن هذه الأرقام هي الأسوأ للديمقراطيين منذ أكثر من ثلاثة عقود. وجاء الاستطلاع بعد أسبوعين فقط من إظهار جامعة كوينيبياك شيئاً مشابهاً. كما وجد استطلاع أجرته شبكة سي إن إن في نفس الوقت تقريباً، أن الأميركيين أعطوا الديمقراطيين أدنى علامة لهم في استطلاعات "سي إن إن" منذ عام 1992. مع ذلك لا يُظهر الديمقراطيون اكتراثاً بهذه الأرقام، علماً أن الانتخابات النصفية تكون عادة استفتاء على أداء الرئيس، فضلاً عن الحزب الحاكم دائماً ما يتعرض لنكسات في الانتخابات النصفية. لكن الأزمة لدى الديمقراطيون تبقى في المنافسة التي لا تنتهي بينهم، خصوصاً السيناتور بيرني ساندرز والنائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز. هانتر بايدن على الخط كما أن هانتر بايدن ، نجل الرئيس الأسبق، دخل طرفاً في الخلافات الديمقراطية، منتقدأ مستشارين سياسيين ومؤثرين والممثل جورج كلوني، بسبب انتقادهم والده. وأثار ذلك استياءً لدى ديمقراطيين، أبدوا اعتقادهم أن المشاكل القانونية لهانتر بايدن أضرّت بهم في الحزب في العام الماضي. وهو ما دفع المستشارة الديمقراطية منذ فترة طويلة دونا بويارسكي للقول إن العديد من الديمقراطيين لا يلقون باللوم على هاريس على الخطأ الذي حدث في الدورة الماضية، لكن الكثير من الديمقراطيين باشروا اتخاذ خطوات لقيادة الحزب إلى الأمام... أعتقد أننا بحاجة إلى شيء جديد". رصد التحديثات الحية تراجع شعبية الحزب الديمقراطي الأميركي إلى أدنى مستوى على الإطلاق


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
مؤتمر نيويورك... إلى مواجهة سياسية حازمة
ليس أمراً روتينياً أن تشهد الأمم المتحدة ظهور ائتلاف دولي واسع يدعم حلّ الدولتَين، ويجمع اليابان مع السنغال، وكندا مع إندونيسيا، وإيطاليا مع المكسيك، والنرويج مع قطر، وإسبانيا مع تركيا، ومصر مع المملكة المتحدة، وفق إطار زمني يستغرق 15 شهراً. ففي وقت تنتقل فيه حكومة مجرمي الحرب في تل أبيب من العمل على تصفية قضية فلسطين إلى العمل على التصفية المادّية لشعب فلسطين، وشيطنة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ومحاولة طيّ ملفّ القضية... في هذا الوقت، تتنادى دول عديدة وكبيرة في عالمنا من بينها دول الغرب، إلى وضع وثيقة سياسية أساساً لإبرام تسوية تاريخية تكفل لشعب فلسطين إقامة كيانه الوطني المستقل (منزوع السلاح)، وبضمانة أوسع مكوّنات المجتمع الدولي، مع استذكار أن الدولة الإسرائيلية المقامة في أرض فلسطين قد انتزعت قبولاً دولياً بها من خلال الأمم المتحدة، المنظّمة الدولية نفسها التي تعترف 143 دولة من أعضائها بدولة فلسطين. ومن يلحظ أن الاعتراف الدولي بالدولة الإسرائيلية جاء بعد قيام هذه الدولة أو تتويجاً لقيامها، خلافاً لحال دولة فلسطين التي ما زالت ترزح تحت الاحتلال، فإن ملاحظته صائبة، فقد كان المشروع الصهيوني جزءاً من مشروع استعماري، حتى إن مهمّة الانتداب البريطاني على فلسطين تمحورت حول تطبيق وعد بلفور الصادر عام 1917، وقد رحلت القوات البريطانية عن فلسطين في اليوم نفسه الذي أعلن فيه قيام الدولة العبرية يوم 15 مايو/ أيار، والمعروف بيوم النكبة. إذ مع تأسيس عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى، فُوّضت بريطانيا بإدارة فلسطين دولةً تحت الانتداب، وتضمّن وعد بلفور هدفاً يجب تحقيقه ضمن هذا الانتداب. ما يدلّل على أن الحركة الصهيونية، وحليفتها بريطانيا، قد طرقتا باب الشرعية الدولية آنذاك لشقّ الطريق نحو إقامة دولة إسرائيل في أرض فلسطين. وهو ما اختطته الحركة الوطنية الفلسطينية منذ العام 1974 مع خطاب ياسر عرفات في الأمم المتحدة، في وقت كان فيه الشطر الأكبر من دول الغرب (ودول أخرى) ينكرون على منظّمة التحرير صفتها حركة تحرّر وطني. والفرق في الحالتَين أن الحركة التحرّرية الفلسطينية لم تتمتّع بظهير دولي كحال الحركة الصهيونية، وإن لم تعدم أصدقاء دوليين، لكن من دون أن يتبنوا المسألة قضيةً خاصّةً بهم. مع ضعف السياسة الدولية تجاه محاسبة مجرمي الحرب، سيردّ نتنياهو وحكومته على مؤتمر نيويورك بمزيد من المجازر اليومية بحقّ الغزّيين وواقع الحال أن الأصدقاء الدوليين ما زالوا ينظرون إلى القضية من الخارج، من خارج مصالحهم الاستراتيجية والمباشرة معاً، وقد لوحظ (للأسف!)، وعلى سبيل المثال، أن الصين وروسيا لم تكونا بين الدول التي نشطت في التحالف الدولي لتنفيذ حلّ الدولتَين (عقد أول اجتماع له في الرياض في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي)، ولا بين الدول التي نشطت لتنظيم مؤتمر حلّ الدولتين برعاية الأمم المتحدة الثلاثاء الماضي. ورغم ما يثيره مؤتمر نيويورك من آمال كبيرة، إلا أن الأوضاع في الظرف الراهن لا تحمل صورة وردية، فقد تطرّقت وثيقة المؤتمر الختامية إلى حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزّة وأفردت لها حيّزاً كبيراً ودعت إلى وقفها فوراً، وشدّدت على إنقاذ القطاع بعد وقف الحرب وتشكيل بعثة أممية وتسهيل عمل "أونروا" وتسليم سلاح حركة حماس إلى السلطة الفلسطينية، وهو ما دأب بنيامين نتنياهو على رفضه جملة وتفصيلاً، مستميلاً إدارة دونالد ترامب إليه، التي لم تتصل بالجانب الفلسطيني منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. والأسوأ أن شهيّة نتنياهو للقتل لم تنقطع، ومن غير أن تلاحظ واشنطن أن الجانب الأكبر من الحرب هو الذي يتّجه إلى الفتك بالأطفال والنساء والعائلات. وليس الأمر بحاجة إلى البرهنة عليه، إذ إن نجاعة الرؤية السياسية التي تضمّنتها وثيقة مؤتمر نيويورك تقترن وجوباً ببذل جهد جدّي ومكثّف، يأخذ عامل الوقت في الاعتبار لإيقاف الحرب، وبعبارة أوضح لإرغام حكومة مجرمي الحرب على وقف حربهم الغاشمة، ومن دون وقفها في أقرب الآجال فإن الآمال السياسية التي تنبض بها وثيقة نيويورك ستظلّ معلّقة في الهواء. لقد تعهّدت الدول الموقّعة على البيان الختامي للمؤتمر "باتخاذ إجراءاتٍ تقيد نشاط المستوطنين العنيفين ومن يدعمون المستوطنات غير الشرعية، واتخاذ إجراءات محدّدة ضدّ الكيانات والأفراد الذين يتصرّفون ضدّ مبدأ التسوية السلمية لقضية فلسطين، من خلال العنف أو أعمال الإرهاب، وفي انتهاك للقانون الدولي". وتدل خبرة العامَين الماضيَّين أن بضع دول أوروبية فقط أقرّت إجراءات ضدّ وزيرَين في حكومة نتنياهو، أما بقيّة الدول، ومنها دول عربية، فلم تتخذ أيّ إجراءات ضدّهما، وضدّ وزراء آخرين يعتنقون السياسات نفسها، كما لم تتخذ إجراءات ضدّ المنظّمات الإرهابية للمستوطنين في الضفة الغربية، إلا على نحو رمزي وجزئي لا يشكّل قلقاً للمؤسّسة الصهيونية. وعليه، ومع الضعف الذي يعتري السياسة الدولية تجاه محاسبة مجرمي الحرب، فسوف يردّ نتنياهو وحكومته، ومعهما المؤسسّة الأمنية، على مؤتمر نيويورك بارتكاب مزيد من المجازر اليومية بحقّ المنكوبين في غزّة، وقد وصفهم ترامب بأنهم يتضوّرون جوعاً متجاهلاً مسؤولية إدارته في الانزلاق إلى هذا الدرك الوحشي، ومتجاهلاً جرائم القتل المقزّزة التي يقترفها عناصر ما تسمّى "مؤسّسة غزّة الإنسانية ضدّ المُجوَّعين". يثير مؤتمر حلّ الدولتين آمالاً كبيرة، لكن ينبغي توجيه ما يلزم من ضغوط مشروعة كي يحقق بعض نتائجه وليست 15 شهراً (المحدّدة لتطبيق حلّ الدولتَين) فترة طويلة لمعالجة مظالم مضى عليها 77 عاماً، غير أن الطرف الآخر الجاني سوف يستغلّ هذه الفترة لمضاعفة الغزو الاستيطاني، ولوضع أبناء غزّة أمام التهجير خياراً وحيداً للبقاء في قيد الحياة، مع حركة سياسية محمومة تجاه سورية لحملها على تطبيع متدرّج وإجباري، وكذلك الحال مع لبنان، وما يتخلّل ذلك من شقّ ما سمّي "ممرّ داوود"، وقد بدأت ملامحه تتضح في الأرض، فهل تعمد الدول الراعية مؤتمر حلّ الدولتَين إلى اتخاذ ما يقتضيه الحال من إطلاق دينامية سياسية ومواجهة سياسية حازمة تقترن بإجراءاتٍ لكبح جماح التوسّع وحرب الإبادة؟ فلن يتوقّف كبار مجرمي عالمنا عن اقتراف جرائمهم بمجرد تذكيرهم بمقتضيات القانون الدولي، وتوبيخهم على سلوكهم الشائن، إذ يتطلّب الأمر تذكير المجرمين بأنهم مطلوبون للعدالة الدولية، وبأنه سيُتّخذ كلّ ما يلزم للتضييق على حركتهم وتجفيف الدعم الممنوح لهم، واستخدام ترسانة العقوبات الاقتصادية والسياسية ضدّهم بطريقة منهجية متدرّجة ومتسارعة. وبما أن المؤتمر قد أقرّ عقد اجتماع متابعة قبل نهاية هذا العام لمراجعة الموقف، فإن المطلوب بداهةً توجيه ما يلزم من ضغوط مشروعة وواجبة خلال هذه الفترة، كي يحقّق هذا الحدث الدولي المهيب بعضاً من نتائجه المرجوّة.


القدس العربي
منذ 6 ساعات
- القدس العربي
حماس: مزاعم ترامب بسرقتنا للمساعدات 'اتهامات باطلة بلا دليل'
غزة: فندت حركة حماس، الجمعة، المزاعم الأمريكية والإسرائيلية التي تتهمها بسرقة المساعدات الإنسانية الشحيحة الواصلة إلى قطاع غزة. الرشق: تحقيق داخلي لوكالة التنمية الأمريكية (USAID) أكّد عدم وجود أي تقارير أو معطيات تشير إلى سرقة المساعدات من قبل حماس ودعت حماس واشنطن لتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية والكف عن دعم إسرائيل وتوفير الغطاء لجرائمها بحق الفلسطينيين. جاء ذلك في بيان صدر عن القيادي في الحركة عزت الرشق، تعقيبا على تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، زعم خلالها أن الحركة 'تسرق' المساعدات. وفي وقت سابق الجمعة، اتهم ترامب في حديثه لموقع 'أكسيوس' الإخباري، حركة حماس بـ'سرقة' المساعدات التي تدخل إلى غزة، معربا عن 'قلقه' إزاء التقارير التي تتحدث عن المجاعة بالقطاع. ووفق الموقع الإخباري، أفاد ترامب باستمرار العمل على خطة لتقديم مساعدات إلى غزة الذي يعاني من كارثة إنسانية تسببت بها إسرائيل، دون ذكر تفاصيل عنها. وتعقيبا على ذلك قال الرشق: 'نستنكر بشدّة ترديد الرئيس الأمريكي ترامب للمزاعم والأكاذيب الإسرائيلية باتهام حركة حماس بسرقة وبيع المساعدات الإنسانية في غزة'. وتابع: 'اتهامات ترامب باطلة ولا تستند إلى أي دليل، وهي تبرّئ المجرم وتحمل الضحية المسؤولية'. وأوضح الرشق أن 'تقارير وشهادات منظمات دولية بما فيها الأمم المتحدة سبق وفندت هذه الادعاءات، كما فنّدها مؤخرا تحقيق داخلي لوكالة التنمية الأمريكية (USAID)، الذي أكّد عدم وجود أي تقارير أو معطيات تشير إلى سرقة المساعدات من قبل حماس'. الرشق: اتهامات ترامب باطلة ولا تستند إلى أي دليل، وهي تبرّئ المجرم وتحمل الضحية المسؤولية وأكد أن 'ما يجري في غزة من تجويع ممنهج وإبادة هو نتيجة مباشرة لسياسة الاحتلال المدعومة أمريكيا، والتي تستخدم الغذاء والدواء كسلاح حرب ضد أكثر من مليوني إنسان'. وطالب الرشق الإدارة الأمريكية بـ'تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، وإدانة حرب التجويع والحصار الجائر الذي تفرضه إسرائيل على شعبنا في غزة، ووقف تقديم الغطاء والدعم لهذه الجريمة'. كما دعاها إلى ضرورة 'دعم جهود إدخال المساعدات بشكل آمن وكامل إلى جميع الفلسطينيين دون قيود أو شروط، مع التأكيد على توزيعها عبر الأمم المتحدة، وليس من خلال ما يُسمّى بمؤسسة غزة الإنسانية، التي تعمل كمصائد لقتل الجوعى والمحتاجين للمساعدات'، وفق قوله. والجمعة، زار المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، مركزا لتوزيع المساعدات الإنسانية يتبع لما يعرف بـ'مؤسسة غزة الإنسانية' في مدينة رفح جنوبي القطاع، بهدف نقل صورة واضحة لترامب عن الوضع الإنساني بغزة، وفق صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبرية الخاصة. وجاءت هذه الزيارة وسط تفاقم أزمة المجاعة وسوء التغذية في غزة، والتي أدت منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى الجمعة، إلى وفاة 162 فلسطينيا، بينهم 92 طفلا، وفق أحدث إحصائية صادرة عن وزارة الصحة بالقطاع. ومنذ بدء الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بالتوازي جريمة تجويع بحق فلسطينيي غزة حيث شددت إجراءاتها في 2 مارس/ آذار الماضي، بإغلاق جميع المعابر أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، ما تسبب بتفشي المجاعة ووصول مؤشراتها إلى مستويات 'كارثية'. ورغم 'سماح' إسرائيل منذ الأحد، بدخول عشرات الشاحنات الإنسانية إلى قطاع غزة، الذي يحتاج إلى أكثر من 600 شاحنة يوميا كحد أدنى منقذ للحياة، فإنها سهلت عمليات سرقتها ووفرت الحماية لذلك، وفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة. وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، نحو 208 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين. (الأناضول)