logo
منتصر الحمد: كيف نعيد تموضع اللغة العربية كفاعل ثقافي عالمي؟

منتصر الحمد: كيف نعيد تموضع اللغة العربية كفاعل ثقافي عالمي؟

الجزيرة٠٣-٠٧-٢٠٢٥
يعد الدكتور منتصر فايز فارس الحمد، الأكاديمي والباحث في اللغات السامية والكتابات القديمة، أحد أبرز الخبراء الدوليين في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها. وقد جاء حضوره في سياق " مؤتمر الاستشراق – الدوحة" ليمنح بعدا حيا وناقدا لمفهوم "الآخر" كما تشكل في الوعي العربي، لا سيما في مجال اللغة، وكيف تعامل العرب الأوائل مع الأعجمي، ليس من منطلق مركزيتهم، بل من منطلق مسؤوليتهم الثقافية.
والدكتور منتصر الحمد هو أكاديمي وباحث، ولد في 12 يوليو/تموز 1971، ويقيم حاليا في الدوحة، ويشغل منصب أستاذ مشارك في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بجامعة قطر ، ويعد خبيرا دوليا معتمدا في هذا المجال، حيث تعاون مع عدد من الجهات الكبرى كجامعة اليرموك، وشبكة الجزيرة الإعلامية، والمجلس الثقافي البريطاني.
يحمل الدكتور منتصر درجة الدكتوراه في اللغات السامية المقارنة، ودرجة الماجستير في النقوش والكتابات القديمة، إلى جانب دبلوم عال في التربية والممارسة الأكاديمية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها. وقد مثل اللغة العربية في محافل علمية وإعلامية دولية، وشارك بصفته محاضرا وخبيرا في مؤتمرات وندوات متخصصة داخل العالم العربي وخارجه.
كما يتميز بإسهاماته الثقافية والإبداعية، منها ابتكار شخصيات تعليمية كرتونية (يوسف وياسمين)، والمشاركة في تأسيس مهرجان إدنبرة العربي، ومشروع "ألف اختراع واختراع" العالمي. إلى جانب نشاطه البحثي، يعرف الدكتور منتصر بقدرته على الربط بين الأصالة اللغوية والتجديد المعرفي، ساعيا إلى تقديم رؤية نقدية متجذرة في الثقافة العربية تجاه قضايا التعليم والاستشراق والاستعمار اللغوي.
ولقد الدكتور إلى أن العرب -من الجاحظ إلى ابن خلدون- قد صاغوا مصطلحاتهم ومفاهيمهم الخاصة، مثل "المستعرب" و"اللكنة" و"العجمة"، من رؤية داخلية نابعة من فهم ذاتي، لا من انبهار خارجي أو تقليد أعمى.
ودعا الحمد في رؤيته إلى ضرورة توطين العلوم، لا باعتبارنا مستهلكين لمفاهيم الآخر، بل بوصفنا فاعلين ثقافيين نمتلك رصيدا غنيا يمكن إعادة بعثه وتقديمه بقوالب جديدة. وقد كان لافتا في طرحه مقاربته النقدية لمصطلحات مثل "اللغة الأم" و"اللغة الثانية"، التي نشأت -كما قال- في سياقات استعمارية ترى في غيرها موضوعا لا فاعلا، مؤكدا أن هناك اليوم في الغرب ذاته جهودا لتفكيك هذا الإرث عبر مبحث "تفكيك الاستعمار في تعليم اللغات" (De-colonization of Language Teaching).
تحاور "الجزيرة نت" الدكتور منتصر الحمد عن مشاركته بالمؤتمر، ومداخلاته النقدية في صلب علاقة الذات بالآخر، والمركز بالهامش، والاستشراق بوعي الذات الثقافية، مناقشا الاستشراق بزاوية جديدة تنطلق من اللسان العربي، وتفتح أسئلة حقيقية حول القدرة على إعادة تعريف علاقتنا بأنفسنا وبالعالم. فإلى الحوار:
جاء مؤتمر الاستشراق في الدوحة -كما تفضلت الوزيرة لولوة الخاطر- بمبادرة ورؤية من سعادتها، وذلك بعد زيارة قامت بها إلى روسيا الاتحادية قبل عدة سنوات. وقد تزامن ذلك مع اهتمام متزايد داخل المؤسسات الأكاديمية في دولة قطر ، وعلى رأسها جامعة قطر ، بموضوع "الاستغراب" (أي دراسة الغرب من منظور شرقي).
ارتأت سعادة الوزيرة، وكانت آنذاك تعمل في السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية، أن دراسة الاستشراق من منظور عربي، وبمساهمة فكرية ومعرفية من الإنسان العربي، تمثل خطوة مهمة في إعادة صياغة وتفكيك الرؤية الاستشراقية السائدة في المؤسسات الأكاديمية الغربية، وهي الرؤية التي شابتها حمولات سلبية في كثير من الأحيان.
ومع مرور الزمن، وخصوصا بعد الإصدار الشهير للراحل إدوارد سعيد لكتابه "الاستشراق"، الذي قدم فيه الاستشراق بوصفه خطابا ملازما للاستعمار، ظهرت الحاجة إلى إعادة النظر في هذا المفهوم وتفكيكه، وقراءته قراءة أكثر اتزانا. وقد حاول إدوارد سعيد نفسه لاحقا، في كتابه "الثقافة والإمبريالية"، أن يوضح أنه لم يكن يقصد أن يتحول موضوع الاستشراق إلى هذا البعد الأحادي، أو أن تحصر المناقشة في زوايا معينة لم يكن يرغب في تسويقها منذ البداية.
من هنا، نشأ مؤتمر الاستشراق في الدوحة ليقدم رؤية عربية مستقلة -ليست منعزلة عن الآخر بل منفتحة عليه- تسعى إلى مساهمة العرب أنفسهم في رسم ملامح حقل الاستشراق، لا كمجال معرفي مغلق، بل كحقل معرفي عام، بيني، عابر للتخصصات.
من هنا، نشأ مؤتمر الاستشراق في الدوحة ليقدم رؤية عربية مستقلة -ليست منعزلة عن الآخر بل منفتحة عليه- تسعى إلى مساهمة العرب أنفسهم في رسم ملامح حقل الاستشراق، لا كمجال معرفي مغلق، بل كحقل معرفي عام، بيني، عابر للتخصصات.
فالاستشراق لا يعد تخصصا بمنهجية واحدة، بل يشمل دراسات اجتماعية لغوية تاريخية وأنثروبولوجية، وله مناهجه الخاصة التي يحتكم إليها، والتي تبنى على أساسها النتائج العلمية الرصينة. ومن ثم، لا ينبغي أن نسطح مفهوم الاستشراق أو نختزله على أنه مجرد فرع معرفي محدود، بل يجب فهمه ضمن سياق تعدد المناهج والتخصصات التي يتقاطع معها.
كيف تسهم دراسات ما بعد الاستعمار ومؤتمر الاستشراق في الدوحة في تجاوز النظرة التقليدية للاستشراق وبناء علاقة أكثر ندية وتفاعلا بين الشرق والغرب؟
إعلان
ما يعرف بالاستشراق الجديد أو بدراسات ما بعد الاستعمار -إن اتفقنا أصلا على أننا نعيش الآن في "حقبة ما بعد الاستعمار"- يعكس تحولا مهما في النظرة إلى العلاقة بين الشرق والغرب. قد نكون قد تحللنا من الاستعمار بصورته التقليدية، لكني لا أود استخدام المصطلح الذي أطلقه المفكر علي شريعتي حين غير حرف العين إلى حاء في الكلمة.
بل أود الإشارة إلى أن هذا "الاستعمار الجديد" أو "دراسات ما بعد الاستعمار" حاولت أن تنأى بنفسها عن الحمولات السلبية التي ارتبطت بمفهوم الاستشراق التقليدي.
لقد ارتبط الاستشراق، في صورته الكلاسيكية، بالمؤسسة الأكاديمية الغربية، التي كانت، في كثير من الأحيان، متشابكة مع مشاريع استعمارية، سواء من حيث التمويل أو الأهداف. وهنا تجدر الإشارة إلى أن المستشرق أو الباحث نفسه قد لا يكون واعيا بدوره في هذه المنظومة، فقد يكون مجرد ترس صغير في آلة ضخمة، لا يدرك بالضرورة الأجندة الكاملة التي تتحرك بها هذه المؤسسة. وقد يرى البعض طرحي هذا نوعا من التبسيط أو السذاجة، لكنه يعبر عن واقع مركب.
ارتبط الاستشراق، في صورته الكلاسيكية، بالمؤسسة الأكاديمية الغربية، التي كانت، في كثير من الأحيان، متشابكة مع مشاريع استعمارية، سواء من حيث التمويل أو الأهداف. وهنا تجدر الإشارة إلى أن المستشرق أو الباحث نفسه قد لا يكون واعيا بدوره في هذه المنظومة، فقد يكون مجرد ترس صغير في آلة ضخمة، لا يدرك بالضرورة الأجندة الكاملة التي تتحرك بها هذه المؤسسة. وقد يرى البعض طرحي هذا نوعا من التبسيط أو السذاجة، لكنه يعبر عن واقع مركب.
دراسات ما بعد الاستعمار سعت إلى مراجعة هذا التراث، فبدأ كثير من الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في تغيير خطابها ومصطلحاتها، بل تخلى عدد كبير من الباحثين عن وصف "مستشرق" لما يحمله من دلالات سلبية. وبدلا من ذلك، ظهرت تسميات بديلة مثل "مستعرب"، أو تغييرات في أسماء التخصصات، كما نرى في انتقال بعض الجامعات من تسمية Oriental Studies (الدراسات الشرقية) إلى Middle Eastern Studies (دراسات الشرق الأوسط)، أو Gulf Studies (دراسات الخليج)، كما هو الحال في جامعة إكستر البريطانية، وغيرها من المؤسسات التي اختارت توصيفات أكثر حيادية أو دقة.
لكن، في الجوهر، لا تزال هذه الدراسات تدور حول الموضوعات نفسها: الدين، الثقافة، اللهجات، المجتمعات الشرقية، والعوامل المؤثرة فيها. الفارق يكمن في السؤال التالي: هل تدرس هذه الموضوعات باعتبارها مجرد "مواضيع للدراسة"؟ أم باعتبارها "فاعلة ثقافيا" ومؤثرة في الفضاء الحضاري العالمي؟
إذا انطلقنا من الفرضية الثانية، نكون قد تحررنا من الإطار الضيق للاستشراق، وانتقلنا من منطق "الصدام الحضاري" إلى منطق "التعايش الحضاري"، بل إلى "التعاون الحضاري" الذي يعد درجة أرقى، إذ إن التعايش قد ينطوي على قدر من السلبية أو التحييد، بينما التعاون يعني الندية والفاعلية المتبادلة.
وهنا يتولد سؤال جوهري: كم من مؤسساتنا الأكاديمية العربية تهتم اليوم بالدراسات المناطقية أو بدراسة "الغرب" كفاعل حضاري مؤثر في واقعنا العربي؟ وكم من الباحثين العرب يدرسون المجتمعات الغربية أو، على نحو أدق، يدرسون "الآخر الصهيوني" الذي يمارس علينا اليوم حرب إبادة؟ كم من الدارسين العرب يعكفون على دراسة تاريخ هذا الآخر، وأفكاره، وخلفياته الفكرية والفلسفية؟ إذا لم نكن على وعي بهذه المنطلقات التي يشكل بها الآخر رؤيته لنا، ويقولبنا بها، فلن نتمكن من مواجهته أو التفاعل معه بفعالية.
من مؤسساتنا الأكاديمية العربية تهتم اليوم بالدراسات المناطقية أو بدراسة "الغرب" كفاعل حضاري مؤثر في واقعنا العربي؟ وكم من الباحثين العرب يدرسون المجتمعات الغربية أو، على نحو أدق، يدرسون "الآخر الصهيوني" الذي يمارس علينا اليوم حرب إبادة؟ كم من الدارسين العرب يعكفون على دراسة تاريخ هذا الآخر، وأفكاره، وخلفياته الفكرية والفلسفية؟ إذا لم نكن على وعي بهذه المنطلقات التي يشكل بها الآخر رؤيته لنا، ويقولبنا بها، فلن نتمكن من مواجهته أو التفاعل معه بفعالية
من هنا جاءت مبادرة الأستاذة لولوة الخاطر، حين كانت تعمل في وزارة الخارجية، من إدراكها العميق لدور الدبلوماسي في فهم الآخر، والانفتاح عليه، والتعامل معه. فالذي يعمل مع الآخر، كما كانت تفعل هي في محافل العالم المختلفة، لا بد أن يفهم كيف يفكر هذا الآخر، وكيف يعيد إنتاج مفاهيمه ومواقفه، من أجل بناء جسور التعاون على المستويات الإنسانية والسياسية والاقتصادية وغيرها.
هذه الرؤية هي ما نأمل أن نكون جزءا منه في مؤتمر الاستشراق بالدوحة. نحن لا نقيم هذا المؤتمر رفضا للباحثين الغربيين الذين يدرسوننا كـ "آخر"، بل ندعوهم إلى فضاءات أكاديمية عربية، نتحاور فيها بانفتاح، ونناقش كل الأفكار، سواء راقت لنا أم لم ترق. وما لا يروق لنا ينبغي أن نرد عليه بمنهج علمي رصين، لا بردود انفعالية أو اتهامية.
لا وجود لما يسمى "شيطنة" في عالم المعرفة، بل ينبغي أن يكون خطابنا قائما على المنهج، وأن نصل إلى نتائج مدروسة عبر أدوات علمية دقيقة.
لا وجود لما يسمى "شيطنة" في عالم المعرفة، بل ينبغي أن يكون خطابنا قائما على المنهج، وأن نصل إلى نتائج مدروسة عبر أدوات علمية دقيقة.
هل لديكم نية للتوسع في موضوع "الاستغراب"؟ وما أهمية دراسته في السياق العربي المعاصر؟ وكيف تسهم في إعادة تشكيل الوعي الذاتي والعلاقة مع الآخر الغربي؟
بالطبع، أتمنى لو كنت قادرا على الإجابة عن هذا السؤال من جوانبه التخطيطية والإستراتيجية، لأقول: نعم، هناك خطط واضحة ومحددة للتوسع في هذا المجال. ولكن، ما يمكنني الحديث عنه الآن هو الأمنيات والطموحات.
بصفتنا أكاديميين، لا يمكن أن نتجاهل أن بعض الأكاديميين العرب، أو ربما كثيرا منهم -وخصوصا في الحقول الإنسانية- أصبحوا اليوم، بشكل أو بآخر، جزءا من ما يمكن تسميته بـ "الاستشراق الذاتي"، أي أنهم ينظرون إلى ذواتهم ومجتمعاتهم بعين الآخر الغربي، متأثرين برؤاه ومنطلقاته الفكرية والمعرفية.
ومن أجل التحرر من هذا التأثير، أو حتى من أجل بناء رؤية نقدية حقيقية للذات، لا بد أن ندرس الآخر أيضا، لا من باب التماهي، بل من باب المقارنة، ومن أجل استخدام الأدوات والمنهجيات العلمية التي استخدمها هو في دراستنا وتفكيك مجتمعاتنا، لنستخدمها بدورنا في دراسة مجتمعاته وتفكيك خطابه.
نحن بحاجة إلى دراسة "الآخر" الغربي، ليس فقط لأغراض البحث الأكاديمي، بل لنقدم نتائج هذه الدراسات لأصحاب الرؤية في مجتمعاتنا: من دبلوماسيين وساسة وتجار وأدباء ونقاد وصناع سينما وغيرهم، فهؤلاء يحتاجون إلى صورة حقيقية وواعية عن هذا الآخر، لكي يعرفوا كيف يتعاملون معه، لا أن يترك له المجال ليقدم نفسه كما يشاء، ويشكل صورته كما يريد، مستخدما في ذلك أدوات القوة الناعمة، بمختلف أشكالها، ليؤثر فينا ويشكل وعينا الجمعي.
لقد وقعنا، في كثير من الأحيان، فريسة لهذه القوة الناعمة الغربية، التي لم تكتف بتقديم صورة الآخر عن نفسه، بل قدمت "نحن" أيضا لمجتمعاتنا، بالشكل الذي يخدم سرديته ومنظومته القيمية.
لقد وقعنا، في كثير من الأحيان، فريسة لهذه القوة الناعمة الغربية، التي لم تكتف بتقديم صورة الآخر عن نفسه، بل قدمت "نحن" أيضا لمجتمعاتنا، بالشكل الذي يخدم سرديته ومنظومته القيمية.
لذلك، من الضروري أن تعي الجامعات العربية أهمية هذه الدراسات، لا سيما تلك التي تتناول "الاستغراب"، أي دراسة الغرب بوصفه موضوعا للبحث والفهم، وليس فقط كمرجعية أو نموذج.
وأنا لا أوافق أولئك الذين يقولون إن دراسات الاستشراق أو الاستغراب أصبحت جزءا من الماضي. نعم، ربما تكون بعض صيغها التقليدية قد انتهت أو تجاوزها الزمن، لكن دراسة الآخر ستظل دائما ذات أهمية متجددة، لأنها تمثل جسرا لفهم الذات والواقع، كما تمثل أداة للتفاعل مع الآخر، سواء من أجل التعاون أو التعايش، أو حتى الصدام إن كان لا بد منه.
الآخر ليس كائنا بعيدا أو هامشيا، بل هو حاضر معنا في مختلف مستويات الحياة: من الفرد إلى الأسرة إلى المجتمع إلى الدولة إلى العلاقات الدولية وغيرها. هناك "آخر" دائما في المشهد، ولهذا يجب أن نفهمه، وأن نحسن التعامل معه، علميا وثقافيا وسياسيا.
لا أدعي أن لدي منظورا جديدا كليا، ولكن ما يمكنني تأكيده هو أن علماء العرب، عندما بدؤوا التفكير بهذا الحقل، وعندما تشكلت لديهم الرؤية تجاه "الآخر" الراغب في تعلم لغتهم وثقافتهم، أسسوا لذلك من منطلق عربي خالص. فمنذ الجاحظ وصولا إلى ابن خلدون، بدأت تتبلور معالم هذا الاهتمام، حيث استخدمت مصطلحات ذات خلفية معرفية عربية، عكست نظرتهم إلى المتعلم الأجنبي، وإلى المادة التعليمية، والتحديات اللغوية التي تواجهه.
لا أدعي أن لدي منظورا جديدا كليا في تدريس اللغة العربية ، ولكن ما يمكنني تأكيده هو أن علماء العرب، عندما بدؤوا التفكير بهذا الحقل، وعندما تشكلت لديهم الرؤية تجاه "الآخر" الراغب في تعلم لغتهم وثقافتهم، أسسوا لذلك من منطلق عربي خالص. فمنذ الجاحظ وصولا إلى ابن خلدون، بدأت تتبلور معالم هذا الاهتمام، حيث استخدمت مصطلحات ذات خلفية معرفية عربية، عكست نظرتهم إلى المتعلم الأجنبي، وإلى المادة التعليمية، والتحديات اللغوية التي تواجهه.
لقد تحدثوا عن "المستعرب" و"الأعجمي" و"اللكنة"، وغيرها من المصطلحات التي وردت في كتبهم، وتناولوا هذه القضايا بتفصيل واهتمام. وليس خافيا أن من بين أهم من أسهموا في تعليم اللغة العربية وعلومها، لم يكونوا من أصل عربي، بل أعاجم في الأصل، كسيبويه، الذي يعد أبرز مثال… فكيف استطاع رجل أعجمي أن يضع كتابا مؤسسا في قواعد اللغة العربية؟ ما يهمني هنا ليس منهجيته فحسب، بل قدراته اللغوية الفائقة التي مكنته من ذلك.
كذلك الأمر بالنسبة لابن جني (أو كما ينطقه بعضهم "ابن جوني")، الذي كان من المولدين، إذ كان والده روميا، لكنه ألف كتاب "الخصائص"، وهو من أعظم المؤلفات في فلسفة اللغة. وغيرهما من المولدين الذين أسهموا في بناء تراثنا اللغوي والمعرفي.
نحن بحاجة إلى العودة إلى هذه المصطلحات والمنهجيات، لا لنكون أسرى لما يريده الآخر من مصطلحات أو تعبيرات قد يرى أنها أكثر "لطافة" أو "قبولا". فمثلا، البعض يتحسس من مصطلح "أعجمي"، ويظنه تحقيرا، كما التبس الأمر لدى البعض خلال حرب الخليج حين شبه بـ "العلوج". لكن "الأعجمي" في اللغة العربية لا يعني السباب، بل هو توصيف لغوي، يطلق على من في لسانه عجمة، أي صعوبة في النطق بالعربية، حتى لو كان عربي الأصل.
بل إن أبناءنا الذين ينشؤون في الغرب، إذا نشؤوا ولسانهم لا يجيد العربية أو فيه عجمة، فهم يعدون أعاجم، رغم نسبهم العربي. فالقرآن الكريم بين أن الأمر متعلق باللسان: (وهذا لسان عربي مبين)، ولم يقل: "وهذا نسب عربي".
أبناءنا الذين ينشؤون في الغرب، إذا نشؤوا ولسانهم لا يجيد العربية أو فيه عجمة، فهم يعدون أعاجم، رغم نسبهم العربي. فالقرآن الكريم بين أن الأمر متعلق باللسان: (وهذا لسان عربي مبين)، ولم يقل: "وهذا نسب عربي".
من هنا، فإن توطين المعرفة والمصطلحات والانطلاق من رؤيتنا الذاتية ليس فقط مسألة لغوية، بل هو احترام لذواتنا ولخصوصيتنا الثقافية، باعتبارنا فاعلين لا مجرد متلقين أو مترجمين لمفاهيم الآخر. فبعض المصطلحات التي نروج لها اليوم أصلا نشأت في بيئات استعمارية كانت تنظر إلينا كمفعول به ثقافي، لا كفاعل. ولذلك نجد تعبيرات مثل "اللغة الأم"، و"اللغة الوراثية"، و"لغة الأجداد"، و"لغة أجنبية"، و"اللغة الثانية"، محملة برؤية خارجية.
إذن تدعوا لتفكيك الاستعمار أو إزالة المنظور الاستشراقي عن تعليم اللغة العربية؟
حتى الغرب اليوم بدأ يراجع هذه المفاهيم، وهناك دراسات تعنى بما يسمى ب "تفكيك الاستعمار في تعليم اللغات" (Decolonization of Language Teaching)، وهي تحاول التخلص من المصطلحات والمفاهيم التي نشأت في ظل المنظومة الاستعمارية.
ما أطالب به ليس بالضرورة استحداث مصطلحات جديدة، بل العودة إلى ما لدينا، نزيل عنه الغبار، ونعيد تقديمه بقوالب جديدة ومعاصرة، تراعي السياقات الحديثة من دون التفريط بالهوية والموروث.
ما أطالب به ليس بالضرورة استحداث مصطلحات جديدة، بل العودة إلى ما لدينا، نزيل عنه الغبار، ونعيد تقديمه بقوالب جديدة ومعاصرة، تراعي السياقات الحديثة من دون التفريط بالهوية والموروث.
كما أن هذه التناولات الغربية – رغم أهميتها – لا يمكننا تبنيها كما هي، لأن لكل لغة خصائصها. فما يصح في تعليم لغة معينة قد لا يصح في تعليم العربية. ليس لأن اللغة العربية "أفضل"، ولكن لأنها تملك ميزات خاصة، كما لكل لغة ميزاتها.
لذلك، فإن تعليم اللغة العربية للأعاجم لا بد أن يتم من خلال مقاربات خاصة بها، تراعي هذه الخصائص، وتنطلق من رؤية نابعة من داخلنا، لا من تصورات مفروضة من خارجنا.
والأعاجم ليسوا فئة واحدة، بل هم فئات متعددة ومتباينة. فمثلا: الأعاجم الأتراك يختلفون عن الأعاجم الفرس، وهؤلاء يختلفون بدورهم عن الأعاجم من الولايات المتحدة أو أوروبا الغربية.
الأتراك نشترك معهم في بعض المعجم اللغوي، ولكن لا نشترك معهم في الحرف الكتابي. كما نجد تقاطعا جزئيا في بعض عناصر الثقافة، ولكن لا يجمعنا بهم تركيب لغوي مشترك، فهم ينتمون إلى اللغات اللصقية.أما الفرس، فنشترك معهم في المعجم إلى حد ما، ونتقاطع معهم في استخدام الحرف (العربي)، لكننا لا نشترك معهم في التركيب اللغوي، إذ إن لغتهم تنتمي إلى العائلة الهندو-أوروبية.بينما الغربيون (كالناطقين بالإنجليزية أو الفرنسية) فقد نتلاقى معهم في جانب التركيب اللغوي أكثر من غيرهم، لكننا لا نلتقي معهم لا في المعجم ولا في الثقافة.
من هنا، فإن التعامل مع الفضاء العالمي بوصفه كتلة واحدة في مجال تعليم اللغة العربية ، وتقديم اللغة ذاتها بالطريقة ذاتها لكل الأعاجم، هو طرح غير دقيق. بل ينبغي لنا أن ندرس الشعوب المختلفة، وثقافاتها، وأنماط تفكيرها، لنقدم لغتنا وثقافتنا بأفضل الوسائل، وأنسب الطرائق، بما يراعي خصوصية كل فئة.
وهنا أطرح سؤالًا: نحن نحتفل باللغة العربية في مناسبات عدة – في اليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف 18 ديسمبر، أو في اليوم العالمي للغة الأم في فبراير. ولكن، متى نحتفل بـ اليوم العالمي للغة الإنجليزية؟ لا يوجد. ومتى هو اليوم العالمي للغة الفرنسية؟ كذلك لا يوجد. فلماذا توجد أيام عالمية لبعض اللغات ولا توجد لغيرها؟ إن كان الغرض من تخصيص يوم عالمي للغة ما هو الاعتراف بها كلغة عالمية، فلماذا لا ينسحب هذا المبدأ على اللغات الأخرى؟.. أترك هذا السؤال مفتوحا للتأمل.
وأحب أن أسوق مثالا، عندما كنت طالبا في بريطانيا ، كان يضرب لدينا مثل طريف يتداول في فترة الأعياد. كانوا يقولون للناس بعد انقضاء مواسم الاحتفال "Dogs are not just for Christmas"، أي "الكلاب ليست فقط لفترة الأعياد"، والمقصود لا تأخذوا الكلاب للتنزه واللعب أثناء الأعياد ثم تهملوها بعد ذلك وتتركوها في البيوت.
وأنا أقول كذلك اللغة العربية ليست فقط لليوم العالمي للغة العربية. لا يصح أن ننزل اللغة من على الرف، ونحتفي بها، ونصفق لها، ونهتف ونزغرد، ثم ما إن ينتهي الاحتفال حتى نعيدها إلى الرف مرة أخرى! فاللغة العربية ليست زينة موسمية، بل ينبغي أن يكون الاحتفاء الحقيقي بها هو في توظيفها، قدر المستطاع، في كل مجالات حياتنا.
وأنا أقول كذلك اللغة العربية ليست فقط لليوم العالمي للغة العربية. لا يصح أن ننزل اللغة من على الرف، ونحتفي بها، ونصفق لها، ونهتف ونزغرد، ثم ما إن ينتهي الاحتفال حتى نعيدها إلى الرف مرة أخرى! فاللغة العربية ليست زينة موسمية، بل ينبغي أن يكون الاحتفاء الحقيقي بها هو في توظيفها، قدر المستطاع، في كل مجالات حياتنا.
أتذكر أستاذي في الجامعة، دخلت عليه ذات مرة وكنت أتحدث إليه بالعامية "المانكونية" (لهجة مانشستر)، فقال لي "Leave that rubbish outside my office"، أي "دع هذه القمامة خارج مكتبي"، وكان يقصد بذلك لهجة العامية. فقد كان يعتبر أن استخدام اللهجة في المكتب الأكاديمي فيه نقص في احترام المؤسسة الأكاديمية. مع أنني حين أزوره في بيته، أتحدث معه أحيانا بنفس تلك اللهجة، ويقبل ذلك، لكن في بيئة الجامعة كان له موقف واضح وحازم.
وهذا الموقف يلقي الضوء على مسألة بالغة الأهمية "الانضباط اللغوي داخل المؤسسة الأكاديمية"، كم من الأكاديميين اليوم في جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية يستخدمون العربية استخداما سليما؟ لن أقول الفصحى الفصيحة على إطلاقها، بل مجرد الالتزام بحد أدنى من الفصاحة والسلامة اللغوية في تدريسهم وكتاباتهم – كم منهم لا يلحن؟
هذه هي التحديات التي يجب أن نضعها في الحسبان عند حديثنا عن "الاحتفال باللغة العربية". فالاحتفاء الحقيقي يبدأ من الصف الأول الابتدائي، ولا ينبغي أن يتوقف حتى نكتب على شاهد القبر جملة سليمة باللغة العربية. هكذا فقط نكون قد وفينا هذه اللغة شيئا من حقها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

غسيل هادئ بلا ضوضاء.. خطوات تمنح غسالتك استقرارا مثاليا
غسيل هادئ بلا ضوضاء.. خطوات تمنح غسالتك استقرارا مثاليا

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

غسيل هادئ بلا ضوضاء.. خطوات تمنح غسالتك استقرارا مثاليا

يواجه العديد من مستخدمي الغسالات الأوتوماتيكية مشكلة الاهتزاز الشديد أثناء دورة العصر، مما يحوّل مهمة الغسيل اليومية إلى مصدر إزعاج ، خاصة إذا بدأت الغسالة بالتحرك من مكانها أو إصدار أصوات مرتفعة. ورغم أن قدرا بسيطا من الاهتزاز يعد أمرا طبيعيا، فإن الاهتزاز المفرط غالبا ما يكون مؤشرا على خلل تقني قد يتسبب في تعطل الغسالة إذا لم يعالج سريعا، مما يعرقل الروتين اليومي ويتسبب في تراكم الغسيل. ومع ذلك، يمكن من خلال بعض المعرفة البسيطة تحديد السبب وحل المشكلة بسهولة، مما يسمح بالحفاظ على الغسالة وإطالة عمرها بدلا من استبدالها، لتظل عنصرا أساسيا في الحياة اليومية. لماذا تهتز الغسالة؟ يعد الاهتزاز أثناء دورة العصر أمرا طبيعيا في الغسالات الأوتوماتيكية، إذ تدور الأسطوانة بسرعة لطرد المياه من الملابس، مما يسبب اهتزازا طفيفا لا يثير القلق إذا كانت الحمولة متوازنة والغسالة مثبتة جيدا. لكن عندما يتحول هذا الاهتزاز إلى حركة عنيفة، كأن تبدأ الغسالة بالتحرك من مكانها، أو تصدر أصوات خبط قوية، أو تؤثر على الأثاث المحيط بها، فإن ذلك يشير إلى خلل غير طبيعي يجب التعامل معه فورا. تجاهل هذه العلامات قد يؤدي إلى تلف الغسالة أو الأرضية، لذا من المهم التحقق من الأسباب ومعالجتها مبكرا للحفاظ على أداء الجهاز وسلامة المكان. نسيان إزالة مسامير النقل عند شراء غسالة جديدة، تكون مزودة عادة بمسامير خاصة لتثبيت الحوض الداخلي خلال الشحن والنقل، وذلك لحمايته من التلف. لكن إذا لم تتم إزالة هذه المسامير قبل التشغيل، فإنها تعيق حركة الحوض الطبيعية، مما يؤدي إلى اهتزازات عنيفة وغير طبيعية أثناء دورة العصر. لحل هذه المشكلة، يجب فحص الجزء الخلفي للغسالة بعناية، واستخدام مفتاح ربط مناسب لفك جميع مسامير النقل المعدنية أو البلاستيكية. بعد إزالتها، ينصح بالاحتفاظ بالمسامير في مكان آمن لاستخدامها عند الحاجة، على سبيل المثال، عند نقل الغسالة مستقبلا، إذ يمكن أن يؤدي تركها إلى أضرار ميكانيكية مزعجة ومكلفة. توزيع الحمولة بشكل غير متوازن يعد التحميل غير المتوازن من أكثر الأسباب شيوعا لاهتزاز الغسالة، خاصة عند وضع قطع كبيرة وثقيلة مثل البطانيات أو المناشف في جانب واحد فقط من الحوض. هذا التوزيع غير المتكافئ يدفع الغسالة للدوران بعنف أثناء العصر في محاولة لموازنة الحمل، مما يؤدي إلى اهتزازات مزعجة وربما أضرار ميكانيكية. لتفادي ذلك، ينصح بتجنب غسل القطع الكبيرة بمفردها، بل يفضل إضافة ملابس صغيرة مثل الجوارب أو القمصان لتحقيق توازن أفضل. كذلك، تأكد دائما من توزيع الحمولة بشكل متساو داخل الحوض، ولا تفرط في تحميل الغسالة، وراع الحد الأقصى الموصى به من الشركة المصنعة لضمان أداء مستقر وآمن. عدم توازن الغسالة على الأرضية تعد الأرضيات غير المستوية أو الأرجل غير المضبوطة أحد الأسباب الشائعة لاهتزاز الغسالة أثناء التشغيل، إذ يؤدي الميل أو عدم الاتزان إلى زيادة شدة الاهتزاز خلال دورة العصر. ولحل هذه المشكلة، ينصح باستخدام ميزان ماء للتحقق من توازن الغسالة من الأمام والخلف، ثم ضبط الأرجل القابلة للتعديل يدويا أو باستخدام مفتاح ربط حتى تصبح الغسالة في وضع أفقي ومستقر تماما.. هذا الإجراء البسيط يضمن استقرار الجهاز ويقلل من الضوضاء والاهتزازات غير المرغوب فيها أثناء التشغيل. الحاجة إلى دعم إضافي لامتصاص الاهتزاز في بعض الحالات، قد تستمر اهتزازات الغسالة حتى بعد ضبط الأرجل بشكل صحيح، خاصة إذا كانت الأرضية غير مستقرة أو كانت دورة العصر قوية. ولتقليل هذه الاهتزازات، ينصح باستخدام حصيرة مضادة للاهتزاز أو قطع من المطاط المخصص لمقاومة الاهتزاز توضع أسفل الغسالة، حيث تمتص الصدمات وتقلل الضوضاء. كما يمكن استخدام وسادات مطاطية صغيرة تحت الأرجل لزيادة الثبات ومنع الانزلاق. وإذا كانت الغسالة موضوعة على سطح خشبي أو رف غير ثابت، يفضل نقلها إلى أرضية أكثر صلابة مثل الخرسانة. هذه الحلول البسيطة منخفضة التكلفة أثبتت فعاليتها لدى كثير من المستخدمين، وتعد خيارا عمليا لتحقيق تشغيل أكثر هدوءا واستقرارا. فحص المكونات الداخلية إذا استمر الاهتزاز بالرغم من تطبيق جميع الخطوات السابقة، فقد يكون السبب خللا في أحد المكونات الداخلية للغسالة. من أبرز هذه الأجزاء: المساعدات التي تمتص الصدمات أثناء العصر، ومحامل الدوران التي قد تصدر أصوات طرق أو احتكاك عند تآكلها، بالإضافة إلى حزام المحرك الذي قد يسبب حركة غير منتظمة إذا كان مرتخيًا أو متآكلا. في هذه الحالات، ينصح بالاستماع لأي أصوات غير طبيعية مثل الصرير أو الطرق. وإذا لم تكن لديك خبرة كافية في الصيانة، فمن الأفضل استدعاء فني متخصص لفحص الغسالة بدقة وتشخيص الأعطال الداخلية قبل أن تتفاقم المشكلة. نصائح لإطالة عمر الغسالة وتقليل أعطالها لضمان بقاء الغسالة في حالة جيدة وتقليل الحاجة إلى الإصلاح، يُنصح باتباع مجموعة من الإرشادات المهمة: إعلان تنظيف الغسالة بانتظام: شغّل دورة ساخنة مع منظف مخصص لإزالة الرواسب والعفن، واترك باب الغسالة ودرج المنظفات مفتوحين بعد كل استخدام لتهويتهما. تجنب التحميل الزائد: وضع كميات كبيرة من الغسيل يضغط على المحرك والمحامل، ويقلل من كفاءة العصر ويرفع احتمال الأعطال. توزيع الحمولة بشكل متوازن: غسل قطعة ثقيلة بمفردها يسبب اهتزازا ملحوظا؛ أضف ملابس خفيفة لتحقيق التوازن داخل الحوض. إفراغ الغسالة فور انتهاء الدورة: ترك الملابس المبللة داخل الحوض يشجع على نمو العفن وظهور الروائح الكريهة. الإفراط في المنظفات يترك بقايا داخل مكونات الغسالة، خصوصًا في الأنواع عالية الكفاءة. مراقبة الأداء: أي أصوات أو اهتزازات غير مألوفة قد تشير إلى مشكلة ميكانيكية تحتاج إلى صيانة فورية. باتباع هذه الإرشادات يمكن تقليل اهتزاز الغسالة والتمتع بغسيل هادئ، وفي حال استمرار المشكلة قد يشير ذلك إلى عطل ميكانيكي يتطلب فحصًا احترافيًا، بينما تضمن الصيانة الدورية والاستخدام السليم عمرا أطول للجهاز.

«لكل القدرات» يعزز دمج ذوي الإعاقة
«لكل القدرات» يعزز دمج ذوي الإعاقة

الراية

time٠٣-٠٨-٢٠٢٥

  • الراية

«لكل القدرات» يعزز دمج ذوي الإعاقة

اختتم المخيم الصيفي «لكل القدرات» يعزز دمج ذوي الإعاقة الدوحة - الراية: اختتمَ بَرنامجُ «لكل القدرات»، التابع للتعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر، فعاليات مُخيّمه الصيفي المُخصص للأشخاص ذوي الإعاقة. ويأتي هذا البَرنامج في إطار جهود مؤسسة قطر لتعزيز الشمولية، من خلال توفير أنشطة رياضية مخصصة للأطفال والبالغين من ذوي الإعاقة، بما يمكّنهم من اكتشاف قدراتهم، وتنمية مهاراتهم، وبناء عَلاقات مجتمعيّة هادفة. وقد تضمن المخيّم مجموعةً متنوعةً من الأنشطة التي شملت جلسات حسية، والفنون والحرف اليدوية، إلى جانب تدريبات السباحة، وكرة القدم، وركوب الخيل، بالإضافة إلى رِحلات مَيدانيّة وتجارِب ترفيهيّة. من جهته، قالَ محمد الفارسي، مُدرب كرة قدم في بَرنامج «لكل القدرات»: شهد المخيم الصيفي لهذا العام نقلةً نوعيةً، حيث ركز بشكل أكبر على تعزيز الاستقلالية لدى المشاركين، من خلال عدم السماح بتواجد أولياء الأمور خلال فترة المخيم، وهي خطوة تمَّ تطبيقها لأول مرة.» وأضاف الفارسي: تمثلت رسالتنا في تعزيز الدمج المجتمعي الحقيقي، إذ أُقيمت العديد من الأنشطة في أماكن عامة، ما أتاح للمُشاركين الاندماج الكامل مع محيطهم. أردنا إيصال رسالة واضحة مفادها أن الأشخاص ذوي الإعاقة جزء لا يتجزأ من المجتمع، يشاركونه الاهتمامات والتجارِب ذاتها. وأوضحَ الفارسي أنه تمَّ فتح باب التسجيل هذا العام أيضًا للبالغين من ذوي الإعاقة، للمشاركة كمساعدين للمدربين إلى جانب منسقي المخيم، وَفقًا لقدراتهم. ولضمان تقديم الدعم الكامل، تواجد في المخيم معالجون سلوكيون مُتخصصون طيلة فترة البَرنامج. وأشارَ الفارسي إلى أن المخيّم حرص على تعزيز الدمج الفعّال بين الأطفال والبالغين، من خلال تخصيص مُرافق فردي لكل مُشارك، سواء كان مدربًا أو خبيرًا سلوكيًا، لضمان حصول الجميع على الدعم المناسب أثناء مُختلِف الأنشطة. وفي هذا الصدد، شهدت مها المري، والدة الطفل صالح البالغ من العمر سبع سنوات من ذوي متلازمة داون، تطورًا ملموسًا في مهاراته وسلوكه بفضل مشاركته في المخّيم الصيفي لبَرنامج «لكل القدرات». وقالت مها المري: يُعد هذا المخيّم الذي ينظمه برنامج «لكل القدرات» هو الثالث الذي يشارك فيه ابني صالح، وأراه فرصة قيّمة ونادرة، خصوصًا في ظل محدودية البرامج والأنشطة المصممة خصوصًا للأشخاص ذوي الإعاقة، وندرة وجود مُختصين مؤهلين لدعم هذه الفئة. وأضافت المري: في البداية، كانت لدي بعض المخاوف بسبب عدم السماح بتواجد أولياء الأمور أو المرافقين من طرف الطفل، لكنني قررت خوض التجرِبة، خاصة أن البَرنامج يتعاون مع مراكز متخصصة في تعديل السلوك، ما يمنحنا كأولياء أمور فرصةً حقيقيةً للحصول على تغذيةٍ راجعةٍ تساعدنا على فَهم أفضل لطرق التعامل مع أبنائنا. وتابعت: أنصح أولياء الأمور، لا سيما ممن لديهم أبناء من ذوي الإعاقة، بإشراك أبنائهم في مثل هذه المخيمات المتخصصة. فهي لا تقتصر فقط على الترفيه، بل تقدم بيئةً تعليميةً آمنةً، تحت إشراف فريق متخصص، وبتواصل مستمر مع الأسر لضمان استفادة حقيقية لكل طفل. وقالَ سالم سعيد العيدة، البالغ من العمر 10 سنوات وأحد الأطفال المشاركين في المخيم من ذوي التوحد: أشارك في أنشطة برنامج «لكل القدرات» منذ خمس سنوات، وفي كل عام أتعلم شيئًا جديدًا. هذا العام، استمتعت كثيرًا بالأنشطة، وخاصة السباحة، فهي هوايتي المفضلة. كما شاركت في كرة القدم، ومارست الرسم، وحرصت على أن أكونَ نشيطًا وأقضي وقتًا ممتعًا خلال العطلة الصيفية. وأضاف العيدة: أعتبر التوحد قوة خارقة، لأن لكل منّا طريقته الخاصة في التعبير والتواصل. والمخيّم، ساعدني على التواصل والتعرّف على العديد من المُشاركين، واكتسبت أصدقاء جددًا.

‫ دراسة: ساعات الدوام الطويلة تؤثر سلباً على التفاعل مع الأبناء.. مختصون لـ العرب: «التـــوازن» بين البيت والعمل ضرورة لأسرة ناجحة
‫ دراسة: ساعات الدوام الطويلة تؤثر سلباً على التفاعل مع الأبناء.. مختصون لـ العرب: «التـــوازن» بين البيت والعمل ضرورة لأسرة ناجحة

العرب القطرية

time٢١-٠٧-٢٠٢٥

  • العرب القطرية

‫ دراسة: ساعات الدوام الطويلة تؤثر سلباً على التفاعل مع الأبناء.. مختصون لـ العرب: «التـــوازن» بين البيت والعمل ضرورة لأسرة ناجحة

حامد سليمان كشف معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر، عن دراسة أجراها أكد خلالها 57% من المشاركين ان ساعات العمل الطويلة تؤثر سلبا على تفاعلهم مع أبنائهم، كما أشار 45% من أولياء الأمور إلى أنهم يتمنون لو تغير توقيت المدارس ليصبح متناسقا مع ساعات العمل، وتبقى فيه مساحة حقيقية للأسرة، وكان أكثر اقتراح دعمه المشاركون هو المرونة في توقيت العمل، كخطوة نحو توازن أفضل بين الأسرة والوظيفة. وأكد مستشارون أسريون وتربويون لـ «العرب» على أهمية ألا يؤثر وقت العمل على الأسرة، مشيرين إلى عدد من الوسائل الواجب على أولياء الأمور الالتزام بها بما يحقق الاستقرار الأسري، ويقلل من تأثر الأبناء بعمل الوالدين، وأن «وصفة النجاح» تكمن في اهتمام الموظف بعمله وراحته وأسرته، وأنه توازن لابد أن يقوم به الإنسان. د. أحمد الفرجابي: تجارب ناجحة جداً في «الحياة العامة» قال الدكتور أحمد عبد القادر الفرجابي – المستشار الأسري والتربوي: من المهم جداً أن يدرك كل موظف وموظفة أن له رسالة في داخل البيت، وأخرى خارجه، وأن النجاح الذي ننشده هو النجاح المتوازن، الذي يقيم فيه الانسان واجباته المنزلية بالإضافة إلى واجباته العامة من خلال الوظيفة التي يؤديها، وأعتقد أن النجاح في ذلك ممكن، أولاً بتوفيق الله سبحانه وتعالى، ثم بحسن تنظيم الوقت وحسن إدارة الوقت، وحسن توزيع المهام بين الأسرة، بحيث يحصل التعاون بين الزوجين، وبتحمل الأبناء لمسؤولياتهم. وأضاف: وهناك تجارب ناجحة جداً لموظفين وموظفات نجحوا في البيت ونجحوا في العمل ونجحوا في الحياة العامة، وكل هذه الخيارات موجودة، ومسألة تنظيم الوقت وتحديد الأدوار وحصر المسائل الأسرية في الأسرة، والمتعلقة بالعمل في العمل، مع شيء من المرونة في التعامل سيحقق النجاح للموظفة أو الموظفة. وأشار د. الفرجابي إلى ما يسميه «وصفه النجاح»، حول اهتمام الموظف بعمله وراحته وأسرته، وهو توازن لابد أن يقوم به الإنسان، معرباً عن اعتقاده بأن العبرة هو الوقت النوعي، حتى وإن كان الوقت قليل، الذي يوفره لأسرته، ليس بكثرة وجود الإنسان في البيت، لأن بدراسة المشاكل نجد أن أمهات ربات بيوت لا عمل لها، ومع ذلك فاشلة، أو إنسان عمله قليل جداً ومع ذلك فاشل. وتابع د. الفرجابي: نريد أن نصحح المعادلة، نقول أن النجاح سيتحقق إذا حرص الإنسان على هذا التوازن وعلى القيام بأدواره، وعلى المشاركة مع الأسرة، بحيث يحضر وجبة أو وجبتين في اليوم، فيكون حاضراً عند خروج أبنائه للمدرسة وعند عودتهم، ويذهب ليعيدهم من المدرسة أو يزورهم في المدرسة. وأشار إلى أن «وصفة النجاح» بالنسبة للموظفة، بأن تحسن وداع أبنائها وتحتضنهم عند خروجهم للمدارس، وتحسن وداع زوجها، ولا مانع أن تقبله، فقد كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه زوجة تقبله، وكانت بعض أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم يقبلنه عند الخروج. ونوه إلى أهمية السؤال عن بعضهم أثناء الدوام، ويتفقدوا أحوالهم، وبعد الرجوع من الدوام يكون لهم جلسة عائلية، ولو لساعة بعد المغرب أو قبل المغرب، إضافة إلى أن يكونوا حاضرين وقت نوم أبنائهم. وقال د. احمد الفرجابي: إقامة هذا التوازن من الأهمية بمكان، وهيئات العمل العالمية تتكلم عن الإدمان على العمل، وهو الخطأ الذي يقع فيه بعض الناس، فيعمل إلى نهاية الدوام، ثم يحمل بقية العمل إلى المنزل. وأضاف: لا شك أن ترتيب أوقات العمل من الأهمية بمكان، ونطالب بأن يُتاح للموظف والموظفة أن يأخذ بعض الوقت كمعايشة مع أبنائه في المدرسة، وأن تكون هناك مرونة في ساعات العمل، فساعات العمل وساعات الدراسة الطويلة ليس فيها جدوى كبيرة، سواء من الناحية العلمية أو العملية، فإن العبرة بالإنجاز.لافتا إلي أن الاستخدام الأمثل للأوقات المتاحة هو الذي ينبغي أن نركز عليه. عايش القحطاني: الاستقالة لرعاية الأسرة خسارة لكفاءات وطنية أكد الدكتور عايش القحطاني – المستشار الأسري والتربوي – يجب أن يكون دوام الأم، وهي المربي الأول، أقل من الرجل، وأن تعود للمنزل قبل الزوج، وأن تكون بالمنزل قبل وقت الغداء، لتكون جاهزة في منزلها قبل أن يأتي الأبناء والزوج، لأنها وظيفتها الرئيسية في الحياة، وأن يكون هناك توافق في الدوام، ليكون دوام المرأة أقل بساعتين عن الرجل. وقال د. القحطاني: يجب أن يدرك بعض الرجال أنهم ليسوا «صرافا آليا» فحسب، ينفق على الأسرة فحسب، فعليه أن يكون حاضراً في المنزل مع الأبناء بوجبة الغداء أو وجبة العشاء، ليسمع منهم، فيعزز الإيجابي ويوضح السلبي، وألا يكون العمل طاغيا بنسبة تزيد عن 50 % أو 60 % على التعايش الأسري، فهذا يتسبب في مشكلة كبيرة مع غياب الأب أو الأم. وأضاف: في بعض الدول الغربية، إذا كانت المرأة حاملا أو في الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل، فيمكن لها أن تداوم عن بعد ويقل الراتب بصورة بسيطة، أو أن يُسمح لها بمراعاة النشء، فهو أهم من الدوام، وفي دولنا وبيئتنا الإسلامية يكون أثر غياب الأم أو الأب سلبيا بشكل كبير، لأن الطفل يتلقى من قنوات أخرى، وليس من المربي الأول أو من البيئة الأكاديمية في المدرسة. وأردف د. القحطاني: يجب ألا يطغى وقت العمل على وقت الإنسان، وأن يحقق التوازن بين وقت العمل والتواجد مع الأسرة، فهو أمر مهم جداً، خاصة بالنسبة للمرأة، ويجب أن تتوفر حضانة للأطفال في بيئات العمل، بما يسمح للأم الموظفة بأن ترضع طفلها وأن تحتضنه، بدلاً من ترك الطفل للخادمة ومراقبة تعاملها مع الطفل، فالطفل ذكي يعرف لمسة الأم، وهي مختلفة بالكلية بالنسبة له عن لمسة العمة أو الخالة أو الجدة، أو غيرها من النساء. وأشار إلى أن أهمية تحقيق التوازن بين بيئة العمل وبيئة المنزل بالنسبة للأم، وألا تطغى الأولى على الثانية، بأن يُسمح لها بأيام في المنزل، أو أن تكون فترة الدوام أقل، وأنه بالنسبة للأب فالأمر يكون أيسر، بأن يحرص على الجلوس على وجبة الغداء أو العشاء مع الأبناء، ليسمع منهم ويوجههم. ولفت إلى أن تماشي أوقات المدارس مع أوقات العمل من المقترحات الهامة، معرباً عن أمله بنظر وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في هذا الأمر، خاصة مع الدور الهام للأم في التربية، وأن المرأة التي لديها طفل يجب أن يكون التعامل معها مختلفاً، وأن يتغير وقت الدوام المدرسي للطلاب، خاصة في المرحلة الابتدائية، لتكون الأم متواجدة في المنزل قبل أن يرجع الطفل إليه لتستقبل ابنها. ونوه إلى أن غياب المرونة في العمل بالنسبة للمرأة، يتسبب في استقالة الكثير من النساء، حتى يتمكن من رعاية أسرهن، الأمر الذي يتسبب في خسارة كفاءات قطرية من النساء، فضلا عن احتمالية زيادة التسرب من بيئة العمل، الأمر الذي يفرض أهمية مراعاة وقت الدوام للأم والطفل. وأشار إلى أهمية الاستفادة من التجارب الرائدة في التعليم، حتى لا تشكل الواجبات المدرسية عبئا إضافيا على الأسرة، وأن بعض الدول تخفف الواجبات المدرسية على الطفل بصورة كبيرة، على أن تكون أغلب الدراسة في الصف الدراسي فقط، في حين أن الطالب لدينا مقيد بالكثير من الالتزامات في المدرسة وفي المنزل، لافتاً إلى أن بعض الدول لديها نظام تعليمي قائم على التعرف على مهارات الطالب بعد المرحلة الابتدائية، حتى لا يُثقل بالكثير من المواد التي لا ارتباط لها بالمواد التي يبرع بها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store