
لماذا تتخوف الأسواق من الجنيه الإسترليني؟
أبدت البنوك العالمية الكبرى تشاؤما متزايدا تجاه الجنيه الإسترليني ، مع اقتراب المملكة المتحدة من الكشف عن بيانها المالي للعام المقبل.
ووفقا لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ، فإن السبب الرئيس وراء هذا التشاؤم يعود إلى المخاوف المتزايدة بشأن التخفيضات المحتملة في الإنفاق العام وتراجع توقعات النمو الاقتصادي ، مما يجعل من الجنيه خيارا أقل جاذبية للمستثمرين.
الجنيه قد يتراجع إلى أدنى مستوياته
وأوصت مؤسسات مالية مثل جي بي مورغان تشيس وبنك بلباو فيزكايا أرجنتاريا (BBVA) المستثمرين ببيع الجنيه وشراء اليورو قبيل بيان الربيع المالي البريطاني المرتقب الأربعاء.
وتتوقع المؤسستان أن يتراجع الجنيه إلى 85 بنسا مقابل اليورو، وهو أدنى مستوى له منذ أغسطس/آب 2024، وذلك مع نهاية الربع القادم.
ومن المتوقع أن تعلن وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، عن خفض في الإنفاق العام وزيادة في الاقتراض تماشيا مع قواعدها المالية الذاتية.
وترافق هذه التخفيضات تقارير محتملة من مكتب مسؤولية الميزانية حول تباطؤ النمو الاقتصادي، مما قد يعزز الرهانات على مزيد من خفض أسعار الفائدة من قبل بنك إنجلترا، وبالتالي يضعف من جاذبية الجنيه.
نظرة أكثر تشاؤما للمستقبل
وقال روبرتو كوبو غارسيا، رئيس إستراتيجية العملات في بنك بلباو فيزكايا أرجنتاريا: "هذا (البيان) سيدفع الجنيه إلى التراجع، لأنه لن يتضمن أي مفاجآت إيجابية. هناك احتمال لارتفاع سعر صرف اليورو مقابل الجنيه إلى 0.8470 في الأجل القصير".
يأتي هذا في وقت يراهن فيه المستثمرون على انتعاش اقتصادي في منطقة اليورو، خاصة بعد أن وافقت ألمانيا على خطة تاريخية للاستثمار بمئات المليارات من اليوروهات في مجالي الدفاع والبنية التحتية.
وقد انخفض الجنيه بأكثر من 1% مقابل العملة الأوروبية الموحدة هذا الشهر، متجها نحو أكبر خسارة له منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأشار إريك نيلسون، الخبير الإستراتيجي في بنك ويلز فارغو، إلى أن استمرار المخاوف بشأن الوضع المالي البريطاني مع تخفيضات الإنفاق وتباطؤ النمو "يجعل من الجنيه صمام التصريف الرئيسي لهذه الضغوطات".
ضغوط إضافية من الرسوم الجمركية الأميركية
وتقول بلومبيرغ إن القلق لا يقتصر فقط على الداخل البريطاني، ف الرسوم الجمركية التي تعتزم الولايات المتحدة فرضها في الثاني من أبريل/نيسان المقبل قد تضيف عبئا آخر على الجنيه.
ووفقا لـ "جي بي مورغان"، فإن فرض قيود على الصادرات البريطانية سيُفاقم المخاطر الاقتصادية ويضعف العملة أكثر.
وكتب فريق البنك بقيادة جيمس نيليغان في مذكرة الأسبوع الماضي: "إذا تم فرض الرسوم، فإننا نراها أسوأ بالنسبة للجنيه، حيث سيزيد التأثير على النمو من الضغوط المالية ويكون له أثر تآكلي طويل المدى".
من جانبه، قال كوبو غارسيا من بنك بلباو فيزكايا أرجنتاريا إن تأثر الاقتصاد البريطاني بالرسوم قد يدفع بنك إنجلترا إلى تخفيض الفائدة بمعدلات أكبر من المتوقع، لافتا إلى إمكانية تنفيذ 5 تخفيضات إضافية إذا تباطأ التضخم.
التضخم مرتفع
وتترقب الأسواق حاليا صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين في المملكة المتحدة يوم الأربعاء، حيث يتوقع المحللون بقاء معدل التضخم الرئيسي عند 3% في فبراير/شباط الماضي على أساس سنوي، وهو أعلى من هدف بنك إنجلترا.
في المقابل، من المتوقع أن يتراجع التضخم في قطاع الخدمات قليلا من 5% إلى 4.9%.
أما كيت جاكس، رئيس إستراتيجية العملات في بنك سوسيتيه جنرال، فقد أكدت أن "مراكز المستثمرين في الجنيه غير مريحة بالنظر إلى الوضع المالي المتدهور لبريطانيا"، مشيرة إلى احتمال تراجع العملة أكثر مع تقليص هذه المراكز.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
بلغاريا واليورو.. جبهة جديدة في المواجهة الأوروبية مع روسيا
صوفيا- في اليوم الذي احتفلت فيه أوروبا بالذكرى الثمانين للنصر على هتلر و الفاشية ، في التاسع من مايو/أيار، فاجأ الرئيس البلغاري رومين راديف شعبه والنخبة الأوروبية بإعلانه رغبته في إجراء استفتاء بشأن اعتماد العملة الأوروبية الموحدة " اليورو" ابتداء من الأول من كانون الثاني/يناير 2026. وقد تحوَّلت هذه المبادرة إلى فصل جديد من الأزمة السياسية الداخلية التي تعيشها البلاد منذ أربعة أعوام. وكان الائتلاف الحكومي، المؤلف من أربعة أحزاب والذي تشكّل في يناير/كانون الثاني الماضي، قد أعلن عن تسريع مفاجئ لوتيرة انضمام بلغاريا إلى منطقة اليورو. وفي أواخر فبراير/شباط، أرسلت الحكومة طلبًا لإعداد تقرير تقاربي استثنائي إلى البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، رغم أن العجز المتوقع في موازنة عام 2025 يُقدّر بـ 7%، وهو ما يتجاوز السقف المسموح به وفقًا لمعايير الانضمام، والذي يبلغ 3%. وعلى هذا الأساس، راهنت الحكومة على زيادة الإيرادات بنسبة 25%، وهو ما اعتبره عدد من الخبراء هدفًا طموحًا للغاية وغير واقعي. اللافت في الأمر أن بروكسل أبدت مؤشرات على استعدادها للتساهل في تطبيق المعايير الاقتصادية المعتمدة. وقال الاقتصادي ستويان بانشيف لموقع "الجزيرة نت": "كان واضحًا منذ موازنة 2024 أننا خرجنا عن نطاق معايير العجز المسموح بها. ويبدو، على غرار ما حصل في اليونان، أنه تم التلاعب بالإحصاءات لإخفاء الحجم الحقيقي للعجز؛ فبدلًا من تسجيل نسبة 4.5%، سُجّلت 3%. ويبدو أن يوروستات والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي يتغاضون عن هذا الأمر مؤقتًا". وفي خطوة غير مسبوقة، أعادت رئيسة البرلمان طرح مقترح الاستفتاء، في محاولة منها لمنع الرئيس من الطعن أمام المحكمة الدستورية في حال رفض البرلمان مقترحه. إلا أن الرئيس أعلن عزمه على الطعن في هذا الإجراء نفسه، معتبرًا إياه غير مسبوق. وقد فاقم هذا الصراع المؤسسي أجواء التوتر التي تعيشها البلاد. وبسبب الحملات السلبية المتواصلة، والشائعات، والقلق المتزايد من ارتفاع الأسعار، أظهرت استطلاعات الرأي أن 55% من البلغاريين يعارضون اعتماد العملة الأوروبية الموحدة في عام 2026، بينما يؤيد 63% منهم إجراء استفتاء بشأن الأمر. تحالف حكومي هش وشرعية تبحث عن غطاء وقال بيتر فيتانوف، النائب الاشتراكي السابق في البرلمان الأوروبي والمقرّب من الرئيس البلغاري، في تصريح لـ"الجزيرة نت": "هذا الائتلاف الحاكم يضمّ قوى غير متجانسة ـاشتراكيين، يمينيين، تشكيلات أوليغارشية، وحزبًا إثنيًاـ وعليه كان لا بد من التوافق على هدف يمنح الحكومة شرعية داخلية وخارجية، وقد اختاروا اليورو". تجدر الإشارة إلى أن بلغاريا كانت قد بدأت، إلى جانب كرواتيا، إجراءات الانضمام إلى منطقة اليورو في عام 2020، وكان من المقرر أن يتم ذلك في الأول من يناير/كانون الثاني 2023. إلا أن الأزمة السياسية الداخلية حالت دون تنفيذ الخطوة في موعدها، في حين نجحت كرواتيا. ورغم أن بلغاريا شهدت تغيّر سبع حكومات منذ ذلك الوقت، إلا أنها واصلت سعيها نحو الانضمام. وبحسب تقرير التقارب الصادر عن المفوضية الأوروبية لعام 2024، فإن بلغاريا لا تزال تتجاوز الحد المرجعي لمعدل التضخم بنسبة 1%، حيث بلغ التضخم فيها 4.1%. إلا أن الحكومة الحالية تمكّنت من احتواء هذا المعدل سريعا. ومع ذلك، أشار التقرير إلى استمرار التحديات في مجالات سيادة القانون، ومكافحة الفساد، وكفاءة الإدارة، وهي ملفات لا يمكن معالجتها خلال فترة زمنية قصيرة. معركة النفوذ بين الرئيس والحكومة وتُتهم النيابة العامة في بلغاريا بأنها خاضعة لنفوذ قوي من زعيم حزب "حركة الحقوق والحريات –البداية الجديدة"، ديليان بيفسكي، الذي سبق أن فُرضت عليه عقوبات بموجب "قانون ماغنيتسكي" الأميركي. وتستمر الحكومة في عملها بدعم مباشر منه، رغم أنه خصم شرس للرئيس البلغاري. ورغم أن التشريعات البلغارية تتماشى من الناحية الشكلية مع قواعد الاتحاد النقدي الأوروبي، إلا أن الانضمام الرسمي إلى منطقة اليورو قد يشكّل ضغطًا باتجاه إجراء إصلاحات قضائية جذرية. وفي هذا السياق، قال الأكاديمي كراسن ستانتشيف، رئيس معهد السياسات الاقتصادية والمشارك في صياغة دستور بلغاريا بعد سقوط الشيوعية عام 1991، في حديثه لـ"الجزيرة نت": "في حال اعتماد اليورو، سيتم تحجيم تأثير مراكز السلطة المحلية داخل البرلمان والحكومة والنيابة العامة. فهذه القوى لا تستطيع التأثير على المؤسسات الخارجية التي تُعد مسؤولة عن اتخاذ القرارات في منطقة اليورو، مثل البنك المركزي الأوروبي". وأضاف: "الرئيس يلعب دورًا مدمّرًا ويجب إزاحته من المشهد السياسي". القرار تقني أم سياسي؟ ويرى ستانتشيف أن انضمام بلغاريا إلى اليورو لا يعدّ خطوة اقتصادية فحسب، بل هو خيار إستراتيجي مهم في سياق العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، خصوصًا في ظل الحرب في أوكرانيا. وأكد أن البيئة القانونية وتوافق التشريعات مع قواعد الاتحاد الأوروبي هما الأساس في تقارير التقارب، موضحًا أن نحو 80% من العلاقات الاقتصادية تقوم على العقود، مما يجعل الإطار القانوني عنصرًا حاسمًا في كفاءة الأداء الاقتصادي. ومن جهته، أشار بيتر فيتانوف إلى أن قرار المفوضية الأوروبية لن يكون محضًا اقتصاديًا، بل سياسيًا في المقام الأول. وقال: "الاتحاد الأوروبي لديه مصلحة راهنة في إظهار أن عملية التكامل مستمرة، وأن المشروع الأوروبي لا يزال حيًا، بل يتقدم إلى الأمام في مواجهة التراجع". وأضاف أن تبنّي تقرير إيجابي بشأن تقارب بلغاريا سيكون وسيلة لتجنّب وصول شخصية على غرار رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان إلى الحكم في بلغاريا، وهو ما قد يعيد مسألة الالتزام الأوروبي إلى نقطة الصفر. وخلص إلى أن المفوضية الأوروبية قد تُعطي الأولوية لإدماج بلغاريا في منطقة اليورو بهدف تقليص نفوذ موسكو عليها نهائيًا. بالمقابل، يقدّم الاقتصادي ستويان بانشيف، رئيس "التجمع البلغاري الليبرتارياني"، رؤية مغايرة، إذ يرى أن التفاؤل الذي ساد في وقت سابق قد تراجع منذ تدخّل الرئيس باقتراح إجراء استفتاء شعبي. وأوضح أن هذا التراجع يعود إلى الرفض الشعبي المتزايد لفكرة الانضمام السريع إلى منطقة اليورو، إضافة إلى الاهتمام الشعبي المتزايد بتنظيم الاستفتاء. الفجوة الاقتصادية ومستوى المعيشة أما بالنسبة لمخاوف المواطنين، فثمة ما يبرّرها وفق بعض المحللين. فبعكس العديد من الدول الأعضاء، تعتمد بلغاريا على نظام الاحتياطي النقدي الصارم منذ عام 1997، وتتبنّى سياسات مالية محافظة، ما ساهم في إبقاء نسبة الدين العام بين الأدنى في الاتحاد الأوروبي ـأقل من 30% من الناتج المحلي الإجمالي. وللمقارنة، تجاوزت نسبة الدين العام في إيطاليا 125%، وهو ما يثير قلق البلغاريين من احتمال أن تتحمّل بلادهم أعباء الدول الأكثر مديونية في حال نشوب أزمة مالية أوروبية جديدة. ورغم أن بلغاريا تُعد أفقر دولة داخل الاتحاد الأوروبي، فإن غياب التقارب الفعلي مع المستويات الأوروبية المتوسطة من حيث الدخل، والناتج المحلي الإجمالي للفرد، ومستويات الأسعار، يضع البلاد في موقع غير مؤهل بعد لاعتماد العملة الأوروبية الموحدة، بحسب رأي الاقتصادي بانشيف. وقال: "مثل ما هو الحال مع دول وسط أوروبا الأخرى كالتشيك، بولندا، المجر، ورومانيا، ينبغي علينا الانتظار أكثر حتى نصل إلى مستويات تقارب حقيقية. فإذا انضممنا مبكرًا، فسوف نواجه تضخمًا إضافيًا وارتفاعًا في معدلات الاقتراض". ولفت إلى أن البنك المركزي التشيكي ووزارة المالية أعلنا قبل شهر عن تأجيل انضمام بلادهما إلى منطقة اليورو للسبب ذاته، علمًا بأن وضع التشيك الاقتصادي أكثر تقدمًا من بلغاريا. في المقابل، يرى الأكاديمي كراسن ستانتشيف، أن المنافع المتوقعة من الانضمام تفوق بكثير المخاطر. وقال: "ما المشكلة في تحقيق عجز منخفض في الميزانية أو في الاستفادة من أسعار فائدة منخفضة؟ إن المخاطر المستقبلية تعتمد في الأساس على سياسات الدولة المنضمة، وليست مرتبطة حصريًا باليورو أو بالإطار القانوني للاتحاد الأوروبي". وأضاف أن شروط الانضمام، سواء النوعية أو الكمية، لا تتعارض مع مصالح المواطنين البلغاريين. وفي خضم الجدل السياسي والمواقف المتضاربة بين مؤسسات الدولة وخبراء الاقتصاد، نظّمت قوى مدنية وأحزاب معارضة لليورو لقاءً حضره الآلاف من المشاركين، أسفر عن الدعوة إلى احتجاج وطني مقرر في الحادي والثلاثين من مايو/أيار الجاري، أي قبل أيام فقط من صدور تقارير البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، والتي تتوقّع الحكومة أن تأتي بنتائج إيجابية.


الراية
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- الراية
الدولار يستقر بعد أكبر انخفاض في ثلاثة أسابيع
الدولار يستقر بعد أكبر انخفاض في ثلاثة أسابيع طوكيو - قنا: استقر الدولار اليوم بعدما سجل أكبر انخفاض له في أكثر من ثلاثة أسابيع خلال الليل، إذ عززت بيانات تضخم أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة، التي جاءت أقل من المتوقع، موقف مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي (البنك المركزي) من تيسير السياسة النقدية، بالتزامن مع انحسار الأزمة التجارية بين الولايات المتحدة والصين. واستقر مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة مقابل ست عملات رئيسية أخرى، عند 100.94 بعد انخفاضه 0.8 في المئة يوم أمس. وكان المؤشر قفز واحدا بالمئة أمس الأول الإثنين ولامس أعلى مستوى له في شهر، مدعوما بتفاؤل بأن تهدئة الخلاف التجاري بين الصين والولايات المتحدة سيحول دون ركود عالمي محتمل. ومقابل العملة اليابانية، استقر الدولار عند 147.45 ين، بينما لم يطرأ تغير يذكر على اليورو والجنيه الإسترليني اللذين سجلا 1.1188 دولار و1.3311 دولار على الترتيب. وارتفع الدولار بنسبة 0.24 بالمئة إلى 7.2122 أمام اليوان الصيني في الأسواق الخارجية، بعد أن كان قد تراجع إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر عند 7.1791 يوان أمس. في حين انخفض الدولار بنسبة 0.1 بالمئة أمام الفرنك السويسري إلى 0.8384.


جريدة الوطن
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- جريدة الوطن
/ بنك قطر الوطني/: تحديات هيكلية تؤثر على الاقتصاد الألماني وتستدعي إصلاحات لتحفيز النمو
الدوحة- /قنا/ استعرض بنك قطر الوطني (QNB) التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة الألمانية الجديدة، معتبرا أن تنفيذ إصلاحات أعمق بات أمرا ضروريا لتحقيق الإنعاش الاقتصادي في البلاد. ورأى التقرير الأسبوعي للبنك أنه رغم الحزمة المالية الضخمة التي أعلنت عنها الحكومة، والتي تشمل تحديث البنية التحتية وخططا لإصلاح النظام الضريبي وسوق العمل، فإن الاقتصاد الألماني يعاني من إرث ثقيل يتجسد في تراجع القدرة التنافسية والإنتاجية، بالإضافة إلى نقص في الاستثمار في القطاعات الحيوية. واعتبر التقرير أن الإصلاحات المقترحة قد تساهم في تحفيز النمو على المدى المتوسط، ولكنها لن تكون كافية دون معالجة القضايا الهيكلية التي أعاقت نمو الاقتصاد الألماني على مدار العقدين الماضيين. كما تطرق التقرير إلى التحديات المستمرة التي يواجهها قطاع التصنيع، بما يشمل التباطؤ الملموس نتيجة مجموعة من العوامل الخارجية والداخلية التي أثرت على أدائه خلال السنوات الأخيرة. وذكر التقرير أن ألمانيا، التي برزت كقوة اقتصادية رئيسية في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، شهدت في العقدين الماضيين تفاقما في التحديات الهيكلية التي أثرت على نموها الاقتصادي مثل الاتجاهات السلبية في التركيبة السكانية، وزيادة الأعباء التنظيمية والضريبية، فضلا عن تأخر القطاعات الحيوية في التكيف مع التحولات الرقمية والتطورات السريعة في الاقتصاد العالمي. واعتبر البنك أنه نتيجة لهذه الضغوط، ظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لألمانيا ثابتا على مدى السنوات الخمس الماضية، في وقت شهدت فيه الولايات المتحدة نموا بنسبة 12.2 بالمئة ومنطقة اليورو 5 بالمئة خلال نفس الفترة. وأشار التقرير إلى التباين الواضح بين النهج التقليدي لألمانيا في الالتزام بسياسة الانضباط المالي والتقشف، الذي ساعد في استقرار الاقتصاد على المدى الطويل، وبين التحول الجذري الذي اتخذته الحكومة الجديدة بإعلان حزمة توسعية ضخمة قد تصل قيمتها إلى تريليون يورو. وأوضح أن الحزمة تتضمن استثمارات كبيرة في البنية التحتية والدفاع، فضلا عن إصلاحات شاملة في النظام الضريبي وسوق العمل، معتبرا هذا التحول الاقتصادي خطوة بعيدة عن النهج المالي المحافظ الذي كان سائدا لعقود، والذي يتوقع أن يساهم في تحفيز النمو الاقتصادي على المدى المتوسط. ورأى البنك أنه رغم هذه السياسات الطموحة، فإن الإدارة الجديدة تواجه إرثا من التحديات الكبيرة التي تتطلب إصلاحات جريئة لتعزيز الاقتصاد الألماني الذي يعتبر في حالة ركود. وناقش التقرير ثلاثة عوامل رئيسية تشكل أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الألمانية الجديدة، والتي تؤثر مباشرة على آفاق النمو الاقتصادي أولها يتمثل في استمرار الضغوط الهيكلية التي تقوض القدرة التنافسية والإنتاجية للاقتصاد الألماني. وفي هذا السياق، استند التقرير إلى تقييمات "تقرير القدرة التنافسية العالمية"، الذي يقيس الأداء الاقتصادي عبر مجموعة من الدول. وأشار إلى أنه بينما كانت ألمانيا تحتل المرتبة السادسة عالميا قبل نحو عقد، تراجعت إلى المركز الرابع والعشرين، وهو ما يعكس تأثير الأعباء التنظيمية، والسياسات الضريبية المرهقة، وقوانين التوظيف الصارمة، والتعقيد الإداري. وقدر البنك أن التكلفة الاقتصادية للبيروقراطية المفرطة في ألمانيا تصل إلى نحو 146 مليار يورو سنويا، في مؤشر واضح على حجم العبء الذي تفرضه الإجراءات الإدارية المعقدة على بيئة الأعمال. وأكد التقرير أن هذا العبء ينعكس بوضوح في مؤشرات الأداء والإنتاجية، حيث تراجعت إنتاجية العامل الواحد بنسبة 2.5 بالمئة منذ عام 2017. أما العامل الثاني الذي تناوله التقرير، فيتعلق بضعف الاستثمار في البنية التحتية حيث يعد تحديثها أمرا بالغا الأهمية إذا كانت ألمانيا تهدف إلى تحقيق مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي. وأوضح بنك قطر الوطني أن السياسات المالية المحافظة التي التزمت بها البلاد على مدار سنوات طويلة، أدت إلى تقليص الإنفاق العام في في مجالات البنية التحتية الرئيسية، لا سيما النقل والطاقة والتكنولوجيا. وبلغ متوسط الاستثمار العام في ألمانيا نحو 2.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2023-2024، مقارنة بـ 4.3 بالمئة في فرنسا، وهو ما يعكس فجوة تمويلية واضحة. ونبه التقرير إلى أن تقادم البنية التحتية وتأخر التحديث الرقمي أصبحا من العوامل التي تعيق النمو الاقتصادي طويل الأجل، مما يبرز الحاجة الملحة إلى إصلاحات جوهرية وإعادة توجيه الموارد نحو استثمارات استراتيجية قادرة على رفع الكفاءة وتعزيز الإنتاجية. وأشار التقرير إلى أن التحديات المرتبطة بتحديث البنية التحتية في ألمانيا لا تقتصر على نقص التمويل، بل تشمل أيضا تعقيدات إجرائية وبيروقراطية تؤخر تنفيذ المشاريع، ففي العديد من الحالات، استغرقت عمليات التخطيط والموافقات وقتا أطول من أعمال البناء ذاتها، ما أدى إلى عدم استغلال الموارد المتاحة بالشكل الأمثل. فعلى سبيل المثال، لم يستخدم نحو 76 مليار يورو من المخصصات المالية في عام 2023 بسبب عراقيل تنظيمية وإدارية. وأكد التقرير أن تجاوز هذه المعوقات وجعل تحديث البنية التحتية أولوية استراتيجية للحكومة الجديدة، يشكل شرطا أساسيا لاستعادة زخم النمو، مشيرا إلى أن خطة خفض ضرائب الشركات، والتي من المفترض أن تسهم في تحفيز الاستثمار، لن يبدأ تنفيذها الفعلي إلا تدريجيا اعتبارا من عام 2028. من جهة أخرى، تطرق العامل الثالث الذي ركز عليه التقرير، إلى تراجع قطاع التصنيع، والذي يشكل أحد المحركات التقليدية للنمو في الاقتصاد الألماني. واعتبر بنك قطر الوطني أن هذا التراجع بات يشكل عائقا واضحا أمام النمو الإجمالي، مشيرا إلى أنه خلال الفترة الممتدة من عام 2000 وحتى ذروته في 2017، كان التصنيع يحقق نموا سنويا بمعدل 1.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. ولفت إلى أنه رغم أن هذا الزخم الذي شهده قطاع التصنيع فقد سجل تباطؤا حادا في السنوات اللاحقة، نتيجة التعرض لسلسلة من الصدمات المتتالية، بدءا من التوترات التجارية العالمية، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، وجائحة كوفيد-19، وصولا إلى أزمة الطاقة التي تفاقمت بفعل الحرب الروسية الأوكرانية، فضلا عن التراجع المستمر في قطاع صناعة السيارات. وكنتيجة لهذه التحديات، انكمش الإنتاج الصناعي في ألمانيا بنسبة 18 بالمئة منذ عام 2017. ورغم أن قطاع التصنيع قد يستفيد جزئيا من زيادة الاستثمارات المقررة في مجالات البنية التحتية والدفاع، إلا أن التقرير اعتبر أن تحقيق انتعاش فعلي يتطلب من الحكومة الجديدة توفير بيئة اقتصادية أكثر استقرار ومرونة، تكون قادرة على احتواء الصدمات ومواجهة التحديات البنيوية التي تعيق استدامة النمو.