logo
الاقتصاد العالمي بين تهدئة مؤقتة وعاصفة مقبلة

الاقتصاد العالمي بين تهدئة مؤقتة وعاصفة مقبلة

حضرموت نتمنذ 2 أيام

في تحذير غير مسبوق، خفّض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعام 2025 إلى 2.3 بالمئة، وهو أدنى مستوى منذ 17 عاماً باستثناء فترات الركود، متوقعاً أن يشهد الاقتصاد العالمي أضعف أداء خلال السنوات السبع المقبلة منذ ستة عقود.
وجاءت الرسالة التحذيرية وسط احتدام الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين، والتي وصفها البنك بأنها تهدد بتكبيد الاقتصاد العالمي خسائر تصل إلى 1.5 تريليون دولار هذا العام.
وفي ظل هذه المعطيات القاتمة، أعلنت واشنطن وبكين عن هدنة تجارية مؤقتة تمتد حتى أغسطس المقبل، في محاولة لتخفيف حدة التوترات وإعادة ضخ بعض الأوكسجين في شرايين التجارة العالمية المختنقة. وتتضمن الهدنة تخفيف الولايات المتحدة لقيود تصدير أشباه الموصلات، مقابل استئناف الصين تصدير المعادن النادرة.
Nuveen: لا ركود عالمي في 2025 رغم التوترات التجارية لا ركود مرتقب ولكن التباطؤ مؤكد
وفي هذا السياق، قال فادي خوري، المدير العام ورئيس منطقة الشرق الأوسط في شركة Nuveen لإدارة الأصول، في حديث إلى برنامج 'بزنس مع لبنى' على 'سكاي نيوز عربية'، إن العالم يشهد 'تلبكاً اقتصادياً مقلقاً'، لكن لا مؤشرات على ركود شامل حتى اللحظة. وأضاف:
'نتوقع في Nuveen أن يكون هناك تباطؤ اقتصادي، لكن لا نرجح حصول ركود عالمي. النمو في 2025 قد يقترب من 1 بالمئة فقط'.
ويرى خوري أن الحرب التجارية تبقى من أبرز العوامل الضاغطة على الأسواق، بالإضافة إلى التضخم المتسارع، وارتفاع عوائد السندات الأميركية طويلة الأجل التي بلغت 5 بالمئة، مما يزيد الضغط على الدين الأميركي ويخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق.
الحرب التجارية تترك ندوباً على الاقتصاد العالمي
بحسب البنك الدولي، فإن 34 مليار دولار هي قيمة الخسائر التي تكبدتها الشركات العالمية خلال شهرين فقط من التصعيد التجاري بين بكين وواشنطن. كما ارتفعت تكاليف استيراد الألمنيوم والصلب في الولايات المتحدة بأكثر من 100 مليار دولار، بينما عانى قطاع السيارات الأوروبي من انهيار غير مسبوق في الطلب والإنتاج.
ويضيف خوري: 'ارتفاع الرسوم الجمركية ينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع والمواد الأولية المستوردة، ويؤدي إلى تآكل هوامش أرباح الشركات ويضعف الطلب'.
البيئة الحالية جعلت المستثمرين أكثر حذراً. فالعوائد المرتفعة على السندات تقابلها تقلبات حادة في أسواق الأسهم، حيث قال خوري: 'الأسواق المدرجة أصبحت مرآة يومية للتقلبات، وأي خبر سلبي ينعكس فوراً على الأسعار'.
القطاع الوحيد المتماسك: سوق العمل الأميركي
رغم السحب القاتمة، هناك نقطة مضيئة واحدة في الاقتصاد الأميركي، بحسب خوري، وهي سوق العمل. فقد أضاف الاقتصاد الأميركي نحو 139 ألف وظيفة في مايو، في مؤشر على بقاء المحركات الداخلية في وضع تشغيل، ولو بوتيرة أضعف. كما أن أداء الشركات، وفقاً لنتائج أعمالها الأخيرة، لا يزال جيداً مقارنة بتقلبات الأسواق المالية.
الائتمان الخاص… البديل الصاعد في زمن الضغوط البنكية
وسط هذا المشهد المضطرب، تسلط الأضواء على الائتمان الخاص كبديل متنامٍ خارج قبضة البنوك التقليدية. ويشرح خوري أن حجم سوق الائتمان الخاص تضاعف ست مرات منذ عام 2010 ليصل إلى 2 تريليون دولار عام 2024، ومن المتوقع أن يبلغ 3 تريليونات دولار خلال أربع سنوات فقط.
ويضيف فادي خوري أن: 'الائتمان الخاص ليس فئة جديدة، لكنه شهد طلباً متزايداً خلال العقد الأخير بسبب القيود المتزايدة على البنوك بعد أزمة 2008'.
يعتمد هذا النوع من التمويل على تقديم قروض مباشرة للشركات دون المرور عبر النظام المصرفي، وغالباً ما يكون مخصصاً حسب طبيعة المشروع ونموذج العمل، مما يتيح مرونة أكبر. ومن أبرز القطاعات المستفيدة: الرعاية الصحية، التكنولوجيا، البنية التحتية، والخدمات المالية.
المستثمرون الكبار يتجهون للائتمان البديل
وفق خوري، فإن صناديق التقاعد، الصناديق السيادية، وشركات التأمين أصبحت من أبرز المستثمرين في هذا النوع من الأصول، بفضل عوائد سنوية تصل إلى 10 بالمئة مقارنة بعوائد السندات التقليدية التي باتت محدودة نسبياً.
وأوضح أن: 'المستثمرون في الشرق الأوسط، خاصة من العائلات الثرية والصناديق الحكومية، باتوا يفضلون الأدوات الاستثمارية البديلة بسبب استقرارها النسبي في فترات الأزمات، ومحدودية تعرضها للتقلبات اليومية'.
العقارات تعود للواجهة… ولكن بحذر
الائتمان الخاص لا يقتصر فقط على الشركات بل يمتد أيضاً إلى المشاريع العقارية. ويكشف خوري أن Nuveen بدأت بتمويل مشاريع عقارية مجدداً، مستفيدة من التراجع الكبير في أسعار العقارات العالمية منذ 2022.
وأكد: 'القطاع العقاري دخل في مرحلة جديدة بعد التصحيحات، وهناك فرص جيدة حالياً لتمويل مشاريع نوعية بأسعار معقولة'.
الأسواق تنتظر… والرهان على أغسطس
تبقى الأنظار متجهة نحو أغسطس، حيث تنتهي الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين، ومعها يتضح ما إذا كان الاقتصاد العالمي سيتنفس الصعداء أم يدخل دوامة جديدة من التصعيد والانكماش.
لكن فادي خوري يختصر المشهد بالقول: 'كل المؤشرات الحالية تدل على تباطؤ لا مفر منه، ولكن لم نصل إلى حافة الهاوية بعد. الأسواق تحتاج إلى استقرار سياسي وتجاري أكثر من أي وقت مضى'.
بين هدنة مؤقتة وتحذيرات مؤسسات كبرى، يجد الاقتصاد العالمي نفسه في مرحلة دقيقة، تتطلب أكثر من مجرد تصريحات تهدئة لتجاوز موجات القلق التي تعصف بالأسواق.
ومع أن خطوة التهدئة بين واشنطن وبكين توفر نافذة صغيرة للأمل، فإن هشاشتها تفرض على المستثمرين وصنّاع القرار الاستعداد لسيناريوهات أكثر تعقيدًا.
وكما أشار فادي خوري بوضوح، فإن المستقبل الاقتصادي لا يمكن بناؤه على توافقات مؤقتة، بل على التزامات راسخة تعيد ضبط ميزان التجارة العالمية وتحصّن الأسواق من الاضطرابات المقبلة. فالعالم ينتظر أفعالًا لا أقوالًا، وخططًا استراتيجية لا توقفًا مؤقتًا لعاصفة تتسع رقعتها يومًا بعد يوم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"غولدمان ساكس" يتوقع عدم حدوث اضطرابات في إمدادات النفط بالشرق الأوسط
"غولدمان ساكس" يتوقع عدم حدوث اضطرابات في إمدادات النفط بالشرق الأوسط

Independent عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • Independent عربية

"غولدمان ساكس" يتوقع عدم حدوث اضطرابات في إمدادات النفط بالشرق الأوسط

قال بنك "غولدمان ساكس" اليوم الجمعة إنه يفترض عدم حدوث اضطرابات في إمدادات النفط في الشرق الأوسط بعدما شنت إسرائيل هجوماً على إيران. وأضاف البنك "لا تزال توقعاتنا تشير إلى أن النمو القوي للمعروض بخلاف النفط الصخري الأميركي سيؤدي إلى انخفاض أسعار نفط خام 'برنت' وخام 'غرب تكساس الوسيط' إلى نطاق 55-59 دولاراً في الربع الرابع من عام 2025 وإلى نطاق 52-56 دولاراً عام 2026". وشنت إسرائيل غارات على إيران أمس الجمعة استهدفت منشآت نووية ومصانع للصواريخ الباليستية وقادة عسكريين في بداية ما حذرت أنه عملية مطولة لمنع طهران من صنع سلاح نووي، وفقاً لـ"رويترز". العقود الآجلة لـ"برنت" بنسبة 6.63 في المئة اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقفزت أسعار النفط بأكثر من ثمانية دولارات للبرميل الجمعة بعد إعلان إسرائيل تنفيذ هجوم على إيران، مما أثار مخاوف من تصاعد التوترات في الشرق الأوسط التي قد تؤثر في إمدادات النفط، قبل أن تعود وتقلص هذه المكاسب. وارتفعت العقود الآجلة لخام "برنت" بمقدار 4.60 دولار، أو بنسبة 6.63 في المئة، لتصل إلى 73.96 دولار للبرميل. وصعد خام "غرب تكساس الوسيط" الأميركي بمقدار 4.65 دولار، أو بنسبة 6.83 في المئة، ليصل إلى 72.69 دولار للبرميل.

تقرير بريطاني: الشباب يتجهون إلى السعودية بحثًا عن الشهرة وفرص العمل
تقرير بريطاني: الشباب يتجهون إلى السعودية بحثًا عن الشهرة وفرص العمل

الوئام

timeمنذ 2 ساعات

  • الوئام

تقرير بريطاني: الشباب يتجهون إلى السعودية بحثًا عن الشهرة وفرص العمل

قالت صحيفة 'ديلي إكسبرس' البريطانية إن السعودية تحظى بشعبية كبيرة بين المغتربين، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن حوالي 30 ألف مواطن بريطاني يعملون هناك في مجموعة متنوعة من الوظائف. وأضافت: 'لطالما عُرفت السعودية بدورها المحوري في صناعة النفط، حيث تضخ ما معدله نحو 11 مليون برميل يوميًا، وقد استقطبت هذه الصناعة عمالًا من الخارج، بمن فيهم العديد من المملكة المتحدة'. وأكدت أن السعودية تحظى باهتمام كبير من المغتربين، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن حوالي 30 ألف مواطن بريطاني يعملون داخل المملكة في وظائف متنوعة. وأوضحت الجيل الجديد من العمال البريطانيين يتجهون إلى السعودية بحثًا عن الشهرة والثروة، متابعة: 'وجدت مجموعة من المؤثرين البريطانيين موطنًا جديدًا لهم في مدينة نيوم السعودية الطموحة والمستقبلية'. وأضافت: 'يجري إنشاء المنطقة الحضرية في منطقة تبوك، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفتها نحو 500 مليار دولار أمريكي، أو حوالي 369 مليار جنيه إسترليني'. وأشارت إلى أن نيوم تعد بمثابة محور رؤية السعودية 2030 الطموحة، وتعتبر بمثابة 'مدينة بيئية' تعتمد على التكنولوجيا وتحقيق الاستدامة.

اقتصاد المهام خلال 2025.. ملامح التوسع والتحديات بعصر العمل الرقمي
اقتصاد المهام خلال 2025.. ملامح التوسع والتحديات بعصر العمل الرقمي

مجلة رواد الأعمال

timeمنذ 4 ساعات

  • مجلة رواد الأعمال

اقتصاد المهام خلال 2025.. ملامح التوسع والتحديات بعصر العمل الرقمي

يبرز مصطلح 'اقتصاد المهام ' (Gig Economy) بين جنبات الثورة الرقمية وتسارع وتيرة الحياة كقوة دافعة تعيد تعريف مفهوم العمل ذاته، وتُشكل ملامح مستقبل سوق العمل العالمية. ففي عام 2025، لم يعد العمل التقليدي النمط السائد، بل أصبح الاعتماد على المهام المؤقتة والعمل الحر ظاهرة عالمية تتسع رقعتها يومًا بعد يوم. هذا التحول الواضح، المدعوم بالتقدم التكنولوجي غير المسبوق، وتغير الثقافة المهنية التي تتبنى المرونة والاستقلالية. بالإضافة إلى الطلب المتزايد على الخدمات الفورية، يدفع باقتصاد المهام إلى مستويات نمو غير مسبوقة. ما يجعله محور اهتمام العديد من الدراسات والتقارير الاقتصادية والاجتماعية. اقتصاد المهام يؤكد تقرير 'ماكينزي' لعام 2025 أن 42% من القوى العاملة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا باتت تعمل ضمن إطار اقتصاد المهام. وهي نسبة تعكس مدى تغلغل هذا النموذج في الاقتصادات المتقدمة. ولا يقتصر هذا النمو على الغرب فقط، بل يمتد ليشمل أيضًا منطقة الشرق الأوسط؛ حيث سجلت المنطقة نموًا ملحوظًا بنسبة 35% في هذا القطاع الحيوي. هذه الأرقام تشير بوضوح إلى أننا أمام ظاهرة عالمية تستوجب الفهم العميق. وتحليل الاتجاهات والبيانات الرئيسية التي ترسم مسارها، لكي نتمكن من استيعاب أبعادها وتأثيراتها المتشعبة. حجم سوق اقتصاد المهام شهد سوق اقتصاد المهام نموًا متسارعًا فاق حجمه التوقعات لعام 2025، ليسجل أرقامًا ضخمة تؤكد على ديناميكيته المتزايدة. فوفقًا لبيانات 'Statista'، بلغت القيمة الإجمالية لاقتصاد المهام العالمي 1.5 تريليون دولار في عام 2025. وهو ما يعادل زيادة هائلة بنسبة 25% مقارنة بعام 2024. هذا النمو يعكس الثقة المتزايدة في هذا النموذج الاقتصادي، وقدرته على خلق قيمة اقتصادية ضخمة. ولا تتوقف الأرقام عند الجانب المالي وحسب، بل تتجاوزه إلى القوى البشرية العاملة في هذا القطاع؛ حيث تشير منظمة العمل الدولية (ILO) إلى أن عدد العاملين في اقتصاد المهام قد تجاوز 200 مليون شخص حول العالم. وهو ما يؤكد اتساع القاعدة البشرية التي تعتمد على هذا النوع من العمل كمصدر للدخل. الشرق الأوسط يسجل طفرة لم يكن الشرق الأوسط بمنأى عن هذه الثورة الاقتصادية، بل شهد طفرة ملحوظة في مجال المنصات المحلية التي تقدم خدمات اقتصاد المهام. وفي هذا الشأن، يفيد تقرير 'Wamda' لعام 2025 بزيادة قدرها 40% في استخدام منصات إقليمية مثل: 'مستقل' و'حريتي' في أسواق رئيسية مثل: المملكة ومصر. وهو ما يشير إلى تبني متزايد للعمل الحر عبر المنصات المحلية. هذا التوجه يعزز من دور رواد الأعمال المحليين، ويسهم في تنمية الاقتصادات الإقليمية. كما تتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة المشهد الإقليمي في تبني هذا النموذج؛ حيث فاق عدد العاملين المستقلين المسجلين في منصات العمل المؤقت 500 ألف شخص. هذا الرقم يبرز البيئة المواتية التي تقدمها الإمارات للعمل الحر، والتسهيلات التي توفرها لجذب الكفاءات. المهن الأكثر طلبًا شهد عام 2025 تحولًا نوعيًا في طبيعة المهن الأكثر طلبًا ضمن اقتصاد المهام؛ حيث باتت المهارات الرقمية تحتل صدارة القائمة بلا منازع. ما يبرز الحاجة الملحة للتأهيل والتدريب في المجالات التكنولوجية الحديثة. المهارات الرقمية تتصدر المشهد تشير بيانات 'لينكد إن' لعام 2025 إلى أن تطوير الذكاء الاصطناعي يتصدر قائمة المهارات الأكثر طلبًا، مع زيادة في الطلب تجاوزت 50%. يأتي بعده تحليل البيانات، الذي شهد ارتفاعًا في الطلب بنسبة 45% وفقًا لشركة 'أبوورك'. وأما التسويق الرقمي، فقد سجل زيادة بنسبة 40% في الطلب، بحسب 'Fiverr'. ما يؤكد أهمية الوجود الرقمي للشركات والأفراد. كما لا يمكن إغفال التصميم الجرافيكي، الذي شهد زيادة في الطلب بنسبة 35%، طبقًا لـ 'فريلانسرز يونيون'. ما يبرز الحاجة المتزايدة للمحتوى البصري الجذاب في العصر الرقمي. هذه الأرقام تقدم خريطة طريق واضحة للراغبين في دخول هذا السوق. وتشير إلى المجالات الواعدة التي تستحق الاستثمار في تطوير المهارات فيها. تحول الوظائف التقليدية إلى مهام مؤقتة من ناحية أخرى، لم يقتصر تأثير اقتصاد المهام على المهن الرقمية فحسب، بل امتد ليشمل الوظائف التقليدية، التي بدأت تتحول بشكل متزايد إلى مهام مؤقتة. وهو ما يتيح مرونة أكبر للعاملين، ويقدم حلولًا مبتكرة للشركات. ففي قطاع النقل، بات 30% من سائقي التوصيل يعملون عبر منصات متعددة، مثل: 'أوبر' و'كريم'، لزيادة مصادر دخلهم وتحقيق أقصى استفادة من أوقات عملهم. وفي قطاع التعليم مثلًا، بات 20% من المعلمين يقدمون دروسًا عبر الإنترنت بشكل مستقل، وفقًا لمنظمة اليونسكو. هذا التحول يتيح للمعلمين الوصول إلى قاعدة أوسع من الطلاب، ويقدم للطلاب خيارات تعليمية متنوعة تتناسب مع احتياجاتهم. هذه الأمثلة تبرز كيف يعيد هذا النموذج الاقتصادي تشكيل طبيعة العمل في مختلف القطاعات، ويقدم فرصًا جديدة للجميع. تحديات جديدة تواجه العاملين على الرغم من الفرص الواعدة التي يقدمها هذا النموذج الاقتصادي، فإنه لا يخلو من التحديات الجوهرية التي تواجه العاملين فيه. وتتطلب حلولًا مبتكرة لضمان استدامة هذا النموذج. عدم الاستقرار المالي يشكل عدم الاستقرار المالي أحد أبرز هذه التحديات؛ حيث يعاني 60% من العاملين في اقتصاد المهام من عدم الحصول على دخل ثابت، وفقًا لتقرير البنك الدولي لعام 2025. هذا النقص في الاستقرار يؤثر سلبًا على قدرة العاملين على التخطيط المالي، ويعرضهم للمخاطر الاقتصادية. ولا تقتصر المشكلة على الدخل فحسب، بل تتعداها إلى غياب شبكات الأمان الاجتماعي، فـ 25% فقط من العاملين في هذا القطاع لديهم تأمين صحي أو معاش تقاعدي. ما يعرضهم لعدم اليقين في أوقات الأزمات الصحية أو عند التقدم في العمر. المنافسة الشرسة مع الذكاء الاصطناعي علاوة على ذلك، المنافسة الشرسة مع تقنيات الذكاء الاصطناعي التي بدأت تعيد تشكيل بعض المهن بشكلٍ جذري. وفي هذا السياق، تشير بيانات 'Gartner' لعام 2025 إلى أن 40% من المهام الكتابية والترجمة قد تأثرت بشكلٍ مباشر بمنصات الذكاء الاصطناعي مثل 'ChatGPT'. هذا التطور يلزم العاملين في هذه المجالات على تطوير مهاراتهم باستمرار، وتعلم أدوات جديدة، والتكيف مع التغييرات التكنولوجية لكي يتمكنوا من الحفاظ على قدراتهم التنافسية في سوق العمل المتطور. كيف تستعد لدخول اقتصاد المهام؟ مع التطور المتسارع لاقتصاد المهام، أصبح من الضروري أن يستعد الأفراد لدخول هذه السوق المتنامية من خلال تطوير مهاراتهم. واستخدام المنصات المتعددة، وفهم الجوانب القانونية والمالية. طور مهاراتك في المجالات الأكثر طلبًا: يكمن مفتاح النجاح في هذا النموذج الاقتصادي في تطوير المهارات التي تناسب احتياجات السوق المتغيرة. وهنا، ينصح بتعلم البرمجة، أو تحليل البيانات، أو التسويق الإلكتروني. فهذه المجالات تعد من الأكثر طلبًا في الوقت الراهن، وتقدم فرصًا واعدة للدخول إلى سوق العمل الحر. كما يمكن الاستفادة من المنصات التعليمية العالمية مثل 'كورسيرا' و'يوديمي'. والتي تقدم شهادات معتمدة تعزز من فرص الحصول على فرص عمل أفضل، وتثقل الخبرات الفردية. استخدم منصات متعددة لزيادة دخلك: لتعظيم فرص الحصول على الدخل، من الضروري عدم الاعتماد على منصة واحدة فقط. وينصح بنشر الخدمات على 3 إلى 5 منصات مختلفة. ما يزيد من فرص الوصول إلى عملاء متنوعين، ويقلل من مخاطر الاعتماد على مصدر دخل واحد. هذه الإستراتيجية تعزز من الاستقرار المالي للعاملين في اقتصاد المهام، وتمكنهم من استكشاف فرص جديدة. استعد للضريبة والتأمينات: كذلك، من الضروري الاستعداد للجوانب القانونية والمالية المرتبطة بالعمل الحر، وخاصة ما يتعلق بالضرائب والتأمينات. فبعض الدول بدأت فعليًا في تطبيق ضرائب على دخل العمل الحر، مثل المملكة العربية السعودية التي تطبق ضريبة بنسبة 15%. كما تقدم بعض المنصات خيارات تأمينية اختيارية للمستقلين. وهو ما يوفر لهم شبكة أمان تشابه تلك التي يتمتع بها العاملون في الوظائف التقليدية. وبالطبع، فإن فهم هذه الجوانب والتخطيط لها مسبقًا يمكن أن يقلل من التحديات التي قد تواجه العاملين في اقتصاد المهام، ويسهم في بناء مستقبل مهني مستقر ومزدهر. قوة دافعة تعيد تشكيل مفاهيم العمل في النهاية، يتجلى اقتصاد المهام كظاهرة عالمية لا يمكن تجاهلها، بل هي قوة دافعة تعيد تشكيل مفاهيم العمل والتوظيف على مستوى العالم. هذا النموذج تجاوز مجرد كونه اتجاهًا عابرًا ليصبح هيكلًا اقتصاديًا راسخًا. مدعومًا بالتقدم التكنولوجي الذي لا يتوقف، وبوعي متزايد بقيمة المرونة والاستقلالية المهنية. الأرقام والإحصائيات التي تناولناها في هذا التقرير، من حجم السوق الذي تجاوز 1.5 تريليون دولار إلى تزايد أعداد العاملين في هذا القطاع ليصل إلى أكثر من 200 مليون شخص عالميًا. تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك على اتساع نطاق هذا التحول وأهميته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store