logo
أبرز 5 أسباب لتفاقم أزمة الشح المائي في الأردن

أبرز 5 أسباب لتفاقم أزمة الشح المائي في الأردن

الجزيرة٠٨-٠٧-٢٠٢٥
عمّان- في بلد يُصنَّف بأنه الأفقر مائيا على مستوى العالم، يواجه الأردن أزمة خانقة تهدد استقراره المائي، مما يزيد من معاناة مواطنيه، إذ يلوح في الأفق شبح أزمة مائية متفاقمة بعد موسم مطري يُعد من الأضعف خلال السنوات الأخيرة، مما أدى إلى انخفاض مخزون السدود وتراجع تغذية مصادر المياه الجوفية.
وسجلت كميات الأمطار معدلات منخفضة بشكل مقلق خلال الشتاء الماضي، مما ينذر بآثار خطيرة على الموارد المائية المحدودة أصلا، ويهدد بتفاقم أزمة الشح المائي التي تعاني منها المملكة، مع تزايد الدعوات لإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة، لمواجهة تحديات الأمن المائي وسط تغيرات مناخية تضرب المنطقة بقسوة.
ولم تعد الانعكاسات مقتصرة على الاستخدامات المنزلية، بل امتد أثر الشح المائي ليطال القطاع الزراعي، إذ يعبّر مختصون ومزارعون عن قلقهم من المستقبل، لا سيما في ظل استمرار الجفاف، وتراجع مخزون السدود.
تأثير الطقس
وأكدت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) أن ظروف الطقس وقلة الأمطار أثرت سلبا على الإنتاج الزراعي في الأردن، الذي شهد في العام الحالي ظروفا مناخية جافة وارتفاعا في درجات الحرارة، مما أثر سلبا على إنتاج الحبوب، خاصة في محافظات إربد ، وجرش، ومادبا.
وبيّنت المنظمة الأممية أن كميات الأمطار كانت أقل من نصف المعدل الطبيعي، مما يُتوقع أن يقلل من إنتاجية القمح والشعير وبعض محاصيل الحبوب الأخرى، فيما تشير بيانات وزارة المياه والري إلى تراجع حاد في تخزين السدود، حيث انخفض بنسبة 26.24% بين عامي 2023 و2024.
وبلغ حجم التخزين الكلي في السدود نحو 87.5 مليون متر مكعب العام الماضي، مقارنة بـ118.6 مليون متر مكعب في سنة 2023، في ظل تفاقم الفجوة بين كميات المياه الداخلة إلى السدود وتلك الخارجة منها، ويتخوف مختصون من تأثير الأزمة المائية على استقرار إمدادات مياه الشرب للمناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة، لا سيما في العاصمة عمّان ومحافظة الزرقاء ، مع توقعات بفرض برامج توزيع وتقنين أكثر تشددا في الصيف المقبل.
وتعود أسباب تفاقم أزمة المياه في الأردن -وفقا لخبراء- إلى التالي:
موسم مطري ضعيف للغاية هذا العام، تسبب في تراجع تغذية السدود والآبار.
تغير المناخ أدى إلى تقلبات حادة في الهطول المطري وزيادة فترات الجفاف.
الاستهلاك المرتفع للمياه مع زيادة عدد السكان واللاجئين.
التعديات على مصادر المياه، والحفر الجائر للآبار الجوفية.
ضعف البنية التحتية وتزايد فاقد المياه نتيجة التسرب والاعتداءات.
أزمة حادة
من جانبه، أكد الناطق باسم وزارة المياه والري عمر سلامة أن أزمة المياه والتحديات التي تواجهها البلاد مزمنة، مشيرا إلى أن المملكة تُعد من أفقر دول العالم مائيا، حيث لا تزيد حصة الفرد لكافة الاستخدامات عن 61 مترا مكعبا سنويا، وتعتمد بشكل كبير على إدارة المصادر المحدودة والعدالة في التوزيع، وسط تفاقم الضغوط الناتجة عن النمو السكاني واللجوء والتغير المناخي والاعتداءات.
وقال سلامة للجزيرة نت إن عجز مياه الشرب في الأردن خلال هذا الصيف يبلغ نحو 30 إلى 40 مليون متر مكعب، ويتركز في مناطق الوسط والشمال تحديدا، إذ إن تخزين السدود كان ضعيفا هذا العام، ولم يزد على 40% مما أثر على بعض الينابيع.
وتعمل وزارة المياه -وفقا له- على إدارة المياه المتوفرة وتوزيعها بمسؤولية عالية، مشيرا إلى أن كمياتها المتوفرة محدودة، وعمليات الضخ والتوزيع تنفد وفق أدوار أسبوعية أو شبه أسبوعية، باستخدام برامج محوسبة تراعي احتياجات كل منطقة، حيث يخصص لكل اشتراك ما بين 4 و6 أمتار مكعبة في كل دور مائي، بحسب التوزيع الجغرافي وحاجة المنطقة.
وبشأن أبرز المشكلات المائية التي تواجه الأردن، لفت سلامة إلى تراجع المياه الجوفية، موضحا أن الخطط والبرامج المنفذة وجهود خفض الفاقد وتأمين مصادر غير تقليدية واستخدام التكنولوجيا الحديثة وخاصة الذكاء الاصطناعي في توزيع المياه، حسّنت من رفع كفاءة عمليات التزويد بشكل كبير في معظم المناطق، وكذلك الشراكة مع المواطنين من خلال حملات التوعية.
بدوره، دعا الخبير في شؤون المياه دريد محاسنة، الحكومة إلى التحرك العاجل من خلال حفر آبار جديدة، وتعزيز استخراج المياه الجوفية، وتكثيف الرقابة على سرقات المياه، وتنظيم عمل صهاريج المياه التي يعتمد عليها المواطنون وقت الأزمات.
حلول
وقال الخبير محاسنة للجزيرة نت إن "المواطن لا يحصل على كميات كافية من المياه حتى في أفضل المواسم، فكيف سيكون الحال مع تراجع كبير في المخزون؟"، مضيفا أن هناك مناطق عديدة في عمّان ومحافظات أخرى تعاني من ضعف أو انقطاع المياه، وإن "وصلتها فهي لا تكفي لسد الاحتياجات الأساسية للأسر".
وطالب بالتقليل من الزراعات الموسمية هذا الصيف وتوجيه الموارد المائية للتزويد المنزلي، مؤكدا أن عمليات "سرقة" المياه تضعف العدالة في التوزيع وتزيد من العبء على المواطنين الملتزمين.
كما دعا إلى فتح المجال أمام الاستثمارات الخاصة في مشاريع تحلية المياه، مع ضمان الرقابة الحكومية على أسعار المحطات الخاصة لمنع استغلال حاجة المواطنين.
وتبلغ حصة الفرد من المياه في الأردن نحو 60 مترا مكعبا سنويا، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 500 متر مكعب، بحسب وزارة المياه. ونتيجة لتأخر هطول الأمطار وربما انحباسها الموسم الحالي، فإن حصة الفرد مرشحة للانخفاض إلى أقل من 30 مترا مكعبا خلال السنوات المقبلة، وربما أقل من ذلك، إضافة إلى الآثار التي ستلحق بالقطاع الزراعي وتراجع مساحات الأراضي المزروعة.
ومن أهم الخيارات المتاحة لمواجهة هذه الأزمة حفر آبار مياه جوفية في عدة مناطق للأغراض الزراعية والاستخدامات المنزلية، وفق الوزارة.
وكان الأردن قد وقّع عقد إنشاء مشروع تحلية ونقل المياه العقبة-عمان (مشروع الناقل الوطني) مع تحالف مستثمرين تقوده شركتا "ميريديام" و"سويز"، يهدف إلى تحلية 300 مليون متر مكعب من مياه البحر سنويا من خليج العقبة، وإيجاد حلول مستدامة لنقص المياه، ضمن خطة للتحديث الاقتصادي تتبناها المملكة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أبرز 5 أسباب لتفاقم أزمة الشح المائي في الأردن
أبرز 5 أسباب لتفاقم أزمة الشح المائي في الأردن

الجزيرة

time٠٨-٠٧-٢٠٢٥

  • الجزيرة

أبرز 5 أسباب لتفاقم أزمة الشح المائي في الأردن

عمّان- في بلد يُصنَّف بأنه الأفقر مائيا على مستوى العالم، يواجه الأردن أزمة خانقة تهدد استقراره المائي، مما يزيد من معاناة مواطنيه، إذ يلوح في الأفق شبح أزمة مائية متفاقمة بعد موسم مطري يُعد من الأضعف خلال السنوات الأخيرة، مما أدى إلى انخفاض مخزون السدود وتراجع تغذية مصادر المياه الجوفية. وسجلت كميات الأمطار معدلات منخفضة بشكل مقلق خلال الشتاء الماضي، مما ينذر بآثار خطيرة على الموارد المائية المحدودة أصلا، ويهدد بتفاقم أزمة الشح المائي التي تعاني منها المملكة، مع تزايد الدعوات لإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة، لمواجهة تحديات الأمن المائي وسط تغيرات مناخية تضرب المنطقة بقسوة. ولم تعد الانعكاسات مقتصرة على الاستخدامات المنزلية، بل امتد أثر الشح المائي ليطال القطاع الزراعي، إذ يعبّر مختصون ومزارعون عن قلقهم من المستقبل، لا سيما في ظل استمرار الجفاف، وتراجع مخزون السدود. تأثير الطقس وأكدت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) أن ظروف الطقس وقلة الأمطار أثرت سلبا على الإنتاج الزراعي في الأردن، الذي شهد في العام الحالي ظروفا مناخية جافة وارتفاعا في درجات الحرارة، مما أثر سلبا على إنتاج الحبوب، خاصة في محافظات إربد ، وجرش، ومادبا. وبيّنت المنظمة الأممية أن كميات الأمطار كانت أقل من نصف المعدل الطبيعي، مما يُتوقع أن يقلل من إنتاجية القمح والشعير وبعض محاصيل الحبوب الأخرى، فيما تشير بيانات وزارة المياه والري إلى تراجع حاد في تخزين السدود، حيث انخفض بنسبة 26.24% بين عامي 2023 و2024. وبلغ حجم التخزين الكلي في السدود نحو 87.5 مليون متر مكعب العام الماضي، مقارنة بـ118.6 مليون متر مكعب في سنة 2023، في ظل تفاقم الفجوة بين كميات المياه الداخلة إلى السدود وتلك الخارجة منها، ويتخوف مختصون من تأثير الأزمة المائية على استقرار إمدادات مياه الشرب للمناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة، لا سيما في العاصمة عمّان ومحافظة الزرقاء ، مع توقعات بفرض برامج توزيع وتقنين أكثر تشددا في الصيف المقبل. وتعود أسباب تفاقم أزمة المياه في الأردن -وفقا لخبراء- إلى التالي: موسم مطري ضعيف للغاية هذا العام، تسبب في تراجع تغذية السدود والآبار. تغير المناخ أدى إلى تقلبات حادة في الهطول المطري وزيادة فترات الجفاف. الاستهلاك المرتفع للمياه مع زيادة عدد السكان واللاجئين. التعديات على مصادر المياه، والحفر الجائر للآبار الجوفية. ضعف البنية التحتية وتزايد فاقد المياه نتيجة التسرب والاعتداءات. أزمة حادة من جانبه، أكد الناطق باسم وزارة المياه والري عمر سلامة أن أزمة المياه والتحديات التي تواجهها البلاد مزمنة، مشيرا إلى أن المملكة تُعد من أفقر دول العالم مائيا، حيث لا تزيد حصة الفرد لكافة الاستخدامات عن 61 مترا مكعبا سنويا، وتعتمد بشكل كبير على إدارة المصادر المحدودة والعدالة في التوزيع، وسط تفاقم الضغوط الناتجة عن النمو السكاني واللجوء والتغير المناخي والاعتداءات. وقال سلامة للجزيرة نت إن عجز مياه الشرب في الأردن خلال هذا الصيف يبلغ نحو 30 إلى 40 مليون متر مكعب، ويتركز في مناطق الوسط والشمال تحديدا، إذ إن تخزين السدود كان ضعيفا هذا العام، ولم يزد على 40% مما أثر على بعض الينابيع. وتعمل وزارة المياه -وفقا له- على إدارة المياه المتوفرة وتوزيعها بمسؤولية عالية، مشيرا إلى أن كمياتها المتوفرة محدودة، وعمليات الضخ والتوزيع تنفد وفق أدوار أسبوعية أو شبه أسبوعية، باستخدام برامج محوسبة تراعي احتياجات كل منطقة، حيث يخصص لكل اشتراك ما بين 4 و6 أمتار مكعبة في كل دور مائي، بحسب التوزيع الجغرافي وحاجة المنطقة. وبشأن أبرز المشكلات المائية التي تواجه الأردن، لفت سلامة إلى تراجع المياه الجوفية، موضحا أن الخطط والبرامج المنفذة وجهود خفض الفاقد وتأمين مصادر غير تقليدية واستخدام التكنولوجيا الحديثة وخاصة الذكاء الاصطناعي في توزيع المياه، حسّنت من رفع كفاءة عمليات التزويد بشكل كبير في معظم المناطق، وكذلك الشراكة مع المواطنين من خلال حملات التوعية. بدوره، دعا الخبير في شؤون المياه دريد محاسنة، الحكومة إلى التحرك العاجل من خلال حفر آبار جديدة، وتعزيز استخراج المياه الجوفية، وتكثيف الرقابة على سرقات المياه، وتنظيم عمل صهاريج المياه التي يعتمد عليها المواطنون وقت الأزمات. حلول وقال الخبير محاسنة للجزيرة نت إن "المواطن لا يحصل على كميات كافية من المياه حتى في أفضل المواسم، فكيف سيكون الحال مع تراجع كبير في المخزون؟"، مضيفا أن هناك مناطق عديدة في عمّان ومحافظات أخرى تعاني من ضعف أو انقطاع المياه، وإن "وصلتها فهي لا تكفي لسد الاحتياجات الأساسية للأسر". وطالب بالتقليل من الزراعات الموسمية هذا الصيف وتوجيه الموارد المائية للتزويد المنزلي، مؤكدا أن عمليات "سرقة" المياه تضعف العدالة في التوزيع وتزيد من العبء على المواطنين الملتزمين. كما دعا إلى فتح المجال أمام الاستثمارات الخاصة في مشاريع تحلية المياه، مع ضمان الرقابة الحكومية على أسعار المحطات الخاصة لمنع استغلال حاجة المواطنين. وتبلغ حصة الفرد من المياه في الأردن نحو 60 مترا مكعبا سنويا، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 500 متر مكعب، بحسب وزارة المياه. ونتيجة لتأخر هطول الأمطار وربما انحباسها الموسم الحالي، فإن حصة الفرد مرشحة للانخفاض إلى أقل من 30 مترا مكعبا خلال السنوات المقبلة، وربما أقل من ذلك، إضافة إلى الآثار التي ستلحق بالقطاع الزراعي وتراجع مساحات الأراضي المزروعة. ومن أهم الخيارات المتاحة لمواجهة هذه الأزمة حفر آبار مياه جوفية في عدة مناطق للأغراض الزراعية والاستخدامات المنزلية، وفق الوزارة. وكان الأردن قد وقّع عقد إنشاء مشروع تحلية ونقل المياه العقبة-عمان (مشروع الناقل الوطني) مع تحالف مستثمرين تقوده شركتا "ميريديام" و"سويز"، يهدف إلى تحلية 300 مليون متر مكعب من مياه البحر سنويا من خليج العقبة، وإيجاد حلول مستدامة لنقص المياه، ضمن خطة للتحديث الاقتصادي تتبناها المملكة.

الجفاف الحاد يؤثر على مياه الأنهار والينابيع في لبنان
الجفاف الحاد يؤثر على مياه الأنهار والينابيع في لبنان

الجزيرة

time٠٢-٠٧-٢٠٢٥

  • الجزيرة

الجفاف الحاد يؤثر على مياه الأنهار والينابيع في لبنان

في ظاهرة غير مسبوقة خلال فصل الصيف الحالي، شهدت عدة ينابيع في لبنان جفافا حادا يعد الأسوأ منذ 65 عاما، ما ينذر بأزمة مائية غير معهودة تخلف تداعيات إنسانية وبيئية خطيرة في البلاد. ومن أبرز هذه الينابيع، نبع البياضة بمدينة بعلبك شرق لبنان، أحد أقدم ينابيع المنطقة الذي تحول إلى أرض قاحلة بعد آلاف السنين من تدفق المياه العذبة منه. ووفق اللبنانيين فإن بعلبك هي هبة نبع البياضة، الذي شكّل على مر العصور مصدرا أساسيا للمياه والزراعة ومهدا للحضارات التاريخية. وحسب المصادر التاريخية، فإن نبع البياضة كان الدافع الأساسي وراء اختيار الإمبراطورية الرومانية (31 قبل الميلاد – 476 ميلادي) في القرنين 6 و5 قبل الميلاد مدينة بعلبك مركزا لبناء معابدهم المتمثلة حاليا بهياكل بعلبك. وباعتباره مصدرا أساسيا للمياه في تلك الحقبة، جرى إنشاء قناة لجر المياه إلى داخل المعابد التاريخية، وبات النبع مرتبطا أيضا بهياكل بعلبك الأثرية حتى اليوم. وعلى ضفافه تشكّل أكبر متنزه سياحي طبيعي في لبنان، فضلا عن كونه مصدرا حيويا لري البساتين الزراعية وتأمين المياه للمنازل. ومع الانحسار السريع لمياهه وصولا للجفاف، انقلب المشهد الحيوي هذا والمزدهر بالحياة رأسا على عقب، حيث تحول النبع إضافة إلى بركة البياضة ونهر رأس العين اللذين يتغذيان منه إلى أرض قاحلة. ونتيجة لذلك انعدمت الحياة البرية في البركة والنهر حيث اختفت الأسماك وطيور الإوز والبط. وبحسب تقارير محلية، فإن بعلبك تشكو من انقطاع المياه عن المنازل لأسابيع في بعض الأوقات، ومن غياب العدالة بتوزيع المياه، ما يدفع بالكثيرين إلى شراء المياه من أماكن غير آمنة. أزمة الجفاف ويُرجع مراقبون جفاف الينابيع إلى حالة الجفاف العامة التي يعاني منها لبنان جراء تراجع كميات هطول الأمطار والثلوج، فضلا عن غياب الخطط المائية المستدامة، والاستهلاك العشوائي للمياه الجوفية، إضافة إلى آثار التغير المناخي. وفي مقابلة مع الأناضول، قال المهندس الجيولوجي محمود الجمّال إن هذا النبع كان السبب الرئيسي الذي شجع الرومان لبناء هياكل بعلبك، ووصف جفاف النبع بأنه كارثة، نظرا لما يشكله من حرمان للمدينة من أهم مورد مائي فيها، على مرّ التاريخ. وللإشارة إلى أهميته، لفت الجمال إلى أن الرحالة الشهير ابن بطوطة (1304م – 1378م) زار بعلبك، وقال إن المدينة ببساتينها ونبع رأس العين، لا يضاهيها في المنطقة، إلا غوطة الشام في سوريا. وأضاف أن قلعة بعلبك ورأس العين توأمان لا ينفصلان عن بعضهما، فلولا رأس العين لما وجدت هياكل بعلبك. وأكد خلال حديثه أن عددا آخر من الينابيع في المنطقة تعرض للجفاف منها نبع الشيليش، وعين وردة. من جانبه، قال رئيس بلدية بعلبك أحمد الطفيلي إن نبع البياضة ورأس العين شكّلا معلما سياحيا وأثريا في بعلبك (..) فكما مصر هي هبة النيل، فإن بعلبك هي هبة البياضة ورأس العين. وحذّر الطفيلي من آثار سلبية على قطاعي السياحة والزراعة جراء جفاف نبع البياضة، وطالب بتحرك سريع من أجل استعادة مياه هذا النبع، لافتا إلى صعوبة هذا الأمر الذي يحتاج إلى مشاريع وتمويل. عجز مائي بحسب التقرير السنوي لعام 2025 الصادر عن المصلحة الوطنية لنهر الليطاني (أكبر نهر في لبنان) التابعة لوزارة الطاقة، فإن العجز المائي في البلاد يتفاقم سنويا بسبب غياب مشاريع تطوير الموارد والمحافظة على النوعية. ووفقا للمصلحة ذاتها، فإن سوء إدارة الموارد المائية والتلوث يخفضان الكمية القابلة للاستخدام إلى أقل من ربع المتاح. وأفادت المصلحة بأن لبنان يعاني من الاستنزاف العشوائي والمفرط للمياه الجوفية، فضلا عن غياب الإدارة المتكاملة للموارد المائية. وفي مشهد مقلق، انخفضت مياه بحيرة القرعون -الأكبر في لبنان- إلى أدنى مستوى لها منذ إنشاء سد القرعون عام 1959، حيث أظهرت المشاهد تراجع مخزون المياه في البحيرة إلى مستويات غير مسبوقة، بحسب تقرير المصلحة الوطنية لنهر الليطاني. ووفق التقرير، فإن كمية المياه الوافدة من نهر الليطاني إلى بحيرة القرعون تدنت خلال عام 2025 وبلغت 43 مليون متر مكعب، في حين الحد الأدنى بلغ سابقا 63 مليون متر مكعب، أما المعدل العام فيبلغ 233 في السنوات المطرية. هذا التراجع الحاد في كمية المياه، تسبب بتوقف محطة عبد العال لتوليد الكهرباء التابعة لوزارة الطاقة اللبنانية والتي تعمل على الطاقة الكهرومائية بواسطة المياه الوافدة من بحيرة القرعون، وفق ما أعلنت عنه الوزارة في بيان سابق. وتعليقا على ذلك، أصدرت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بيانا في 16 يونيو/حزيران الماضي أرجعت فيه الانخفاض الحاد في منسوب المياه إلى شحّ الأمطار، والاستخدام المفرط وغير المنظم لمياه الري والصناعة، وغياب السياسات المستدامة لإدارة الموارد المائية. إجهاد مائي وفي مشهد يعكس تفاقم الأزمة المائية التي تتعرض لها البلاد، شهد نبع عنجر في قضاء زحلة بمحافظة البقاع شرق لبنان، جفافا أرجعته مصادر رسمية إلى عدة أسباب أبرزها شح الأمطار. وكان هذا النبع يشكل مصدرا أساسيا لتغذية المياه الجوفية والسطحية في تلك المنطقة القريبة من الحدود السورية. وفي 20 يونيو/حزيران، قالت مصلحة الليطاني إن الجفاف سببه شح الأمطار، إضافة إلى الاستغلال المفرط للمياه الجوفية، وغياب الإدارة المتكاملة للموارد المائية. وحذرت المصلحة من أنّ هذا الواقع يُهدد الأمن المائي والبيئي والزراعي في المنطقة، ويؤشّر إلى خطورة الوضع الهيدرولوجي (الموارد المائية) الذي بدأ يطال الينابيع الأساسية التي كانت تاريخيا تُعرف بغزارتها. ويعاني لبنان هذا العام 2025 أسوأ أزمة جفاف حاد منذ أكثر من 65 عاما، وفق بيان لمصلحة الليطاني صدر في مارس/آذار، وسط تخوفات من تداعيات سلبية تنعكس على القطاعات الحيوية، وأبرزها الزراعة والصحة والغذاء والطاقة.

جفاف غير مسبوق يهدد محاصيل القمح في سوريا
جفاف غير مسبوق يهدد محاصيل القمح في سوريا

الجزيرة

time٢٧-٠٦-٢٠٢٥

  • الجزيرة

جفاف غير مسبوق يهدد محاصيل القمح في سوريا

تواجه سوريا هذا العام أزمة زراعية حادة بفعل موجة جفاف تعد الأسوأ منذ أكثر من 6 عقود، مما يهدد محاصيل القمح بشكل خطير ويزيد من احتمالات انعدام الأمن الغذائي لنحو 16 مليون شخص، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. وتضرر نحو 2.5 مليون هكتار من الأراضي المزروعة بالقمح جراء ظروف مناخية قاسية، أبرزها انخفاض معدلات هطول الأمطار وقصر موسم الشتاء، وفق ما أفادت به منظمة الأغذية والزراعة (فاو). وتشير بيانات المنظمة إلى أن 95% من القمح البعل تضرر بشكل شبه كلي، بينما يتوقع أن يكون إنتاج القمح المروي أقل بـ30% إلى 40% من المعتاد، مما يُنذر بفجوة تتراوح بين 2.5 و2.7 مليون طن من الإنتاج المحلي. وتقول هيا أبو عساف، مساعدة ممثل الفاو في سوريا، إن "الظروف المناخية التي شهدها الموسم الزراعي الحالي هي الأسوأ منذ حوالي 60 عاما"، قائلة إن "سوريا شهدت موسم شتاء قصيرا وانخفاضا في مستوى الأمطار". وأشارت إلى أن آثار الجفاف لم تقتصر على القمح فحسب، بل طالت أيضا المراعي الطبيعية الضرورية لتربية المواشي. تغيرات مناخية قاسية وكانت سوريا تحقق اكتفاء ذاتيا من القمح قبل عام 2011 بإنتاج سنوي بلغ 4.1 ملايين طن، لكن سنوات الصراع المسلح إلى جانب تغيرات المناخ المستمرة والانخفاض الحاد في منسوب المياه الجوفية، أدى إلى تراجع الإنتاج بشكل كبير، مما دفع البلاد إلى الاعتماد بشكل متزايد على الاستيراد. وفي الميدان، يعاني المزارعون من ضغوط متزايدة. ففي ريف عامودا شمال شرق البلاد، يشير المزارع جمشيد حسو (65 عاما) إلى صعوبة الموسم قائلا: "رغم سقي الأرض 6 مرات باستخدام المرشات، بقي طول السنابل قصيرا وحبوبها صغيرة". ويضيف أنه اضطر لحفر آبار عميقة تتجاوز 160 مترا للوصول إلى المياه، وهو أمر مكلف وغير مستدام على الأمد الطويل. وتحذر الفاو من انخفاض كبير في مستويات المياه مقارنة بالسنوات السابقة، واصفة الوضع بـ"المخيف"، خاصة مع ارتفاع التكاليف الزراعية وضعف الدعم. جفاف متواصل ويعمّق الجفاف المتواصل، المقترن بتداعيات تغيّر المناخ الذي يزيد من تقلبات الطقس ويفاقم موجات الحرارة وشح الأمطار، الأزمة المعيشية في بلد يعيش فترة انتقالية ويواجه آثار سنوات من الصراع. وتلعب الزراعة دورا محوريا في دعم الاقتصاد المحلي وتأمين مصادر دخل للعديد من العائلات، لا سيما في المناطق الريفية. ويؤكد حسو "ما لم يُقدَّم لنا الدعم، لن نستطيع الاستمرار. نحن نسير إلى المجهول، وإذا فقدنا الزراعة، سيفقد الناس قوتهم وسيتفاقم الفقر والجوع".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store