
عماد الدين أديب... محطات على طريق "الشرق الأوسط الجديد"
بُث اللقاء عبر قناة سكاي نيوز عربية
، الخميس الماضي، واعتُبر خروجاً صارخاً على الإجماع العربي الداعي إلى مقاطعة إسرائيل ووقف أشكال التواصل كافة مع رموزها، سواء في الحكم أو خارجه، تضامناً مع الفلسطينيين الذين يتعرضون لحرب إبادة مستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ما أثار الغضب أكثر، أن أديب منح منبره من دون أي مقاطعة لضيفه، الذي استغل المنصة لوصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، وطرح سياسات وأفكاراً عنصرية تستدعي محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية، كما هو الحال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو.
بين جمهور غاضب لا يملك سوى الإدانة، وآخرين برروا اللقاء تحت مسميات مهنية أو بدعوى "مواجهة العدو بالعقل"، بدا واضحاً أن الحوار المطول لم يكن عشوائياً في توقيته ولا في اختيار ضيفه، بل جاء ضمن سياق مدروس. وكانت الرسالة واضحة: صفقات التطبيع مع إسرائيل تمضي قُدماً، مهما بلغت فظاعة مجازرها.
ليست هذه المرة الأولى التي يثير فيها عماد الدين أديب الجدل. فالرجل عرف منذ عقود بأنه عرّاب صفقات إعلامية وسياسية، بدأها من خلال عمله في مؤسسات عربية، حيث ارتبط اسمه بتسهيل شراء عقارات لمسؤولين كبار في أوروبا، خاصة في لندن. لاحقاً، قرر تحويل مشروعه غير المعلن إلى أدوات ناطقة، حين حصل على ترخيص لطبع صحيفة العالم اليوم، الصادرة في بريطانيا، داخل مصر. كانت أول مطبوعة أجنبية يسمح لها بذلك، وكانت تخدم توجهاً أراده النظام آنذاك: فتح المجال أمام رجال الأعمال للتعبير عن أفكارهم، بعيداً عن الصحافة القومية والحزبية.
وجد أديب دعماً من النخبة السياسية الصاعدة بقيادة جمال مبارك، والتي بدأت تتقدم إلى مراكز القرار مع تولي عاطف عبيد رئاسة الوزراء عام 1999. لم يُفسح له المجال كثيراً في دوائر النفوذ، لكنه حصل على امتيازات اقتصادية، من بينها أراضٍ شاطئية.
فرصة في "الشرق الأوسط الجديد"
مع غزو العراق عام 2003 وظهور فكرة "الشرق الأوسط الجديد" التي بشّرت بها كونداليزا رايس، ظهرت فرصة لأديب ليلعب دوراً محورياً في الترويج الإعلامي للمشروع، الذي لم يسعَ إلى تغيير الخرائط بقدر ما استهدف فرض واقع اقتصادي تطبيعي، تُشرف فيه تل أبيب على قيادة المنطقة من بوابة التعاون العلمي والتقني. وكان الإعلام حجر الزاوية في هذا المخطط، بحسب تصور وزارة الخارجية الأميركية التي خصصت نحو 47 مليون دولار عام 2003 لدعمه. شمل التمويل مؤسسات صحافية كبرى مثل "الأهرام"، ومراكز تدريب، ودور نشر لترجمة الكتب الأميركية وتوزيعها مجاناً عبر السفارة الأميركية في القاهرة.
في بداياته، استهدف المشروع تمويل صحف حزبية، لكنه اصطدم بموانع قانونية ومخاوف السلطة من دعم المعارضة، فجرى التفكير في إصدار صحف خاصة. وظهرت فكرة تأسيس صحيفة المصري اليوم بدعم من رجال أعمال، وبدأ طبع الأعداد التجريبية في مارس/آذار 2003، لكنها توقفت فجأة بعدما واجه الناشرون صعوبة في السيطرة على توجه رئيس التحرير الراحل مجدي مهنا وكتّاب يساريين وقوميين.
عماد الدين أديب و"نهضة مصر"
في ظل تعثّر "المصري اليوم"، أُطلقت صحيفة جديدة تحت اسم "نهضة مصر"، برئاسة مجلس إدارة عماد الدين أديب، عبر مؤسسته الإعلامية "جود نيوز"، التي كانت تملك أيضاً "العالم اليوم" وعدة مجلات ترفيهية، جميعها تحمل تراخيص بريطانية وتُطبع في القاهرة استثنائياً بموافقة من وزير الإعلام الراحل صفوت الشريف.
لعب أديب دوراً مباشراً في رسم الخط التحريري للصحيفة التي تلقّت دعماً غير مباشر من السفارة الأميركية. حضرتُ، شخصياً، أحد الاجتماعات المبكرة في مقر "جود نيوز"، إلى جانب مدير مركز الدراسات السياسية في "الأهرام"، وسفير أميركي سابق خدم في القاهرة وتل أبيب، وكان يشغل حينها منصباً في الخارجية الأميركية.
طرح السفير تصوراً عاماً للصحيفة بوصفها منصة تعبّر عن جميع الأطياف، وتركز على قضايا الحريات. لكن ما تحقق فعلياً كان تخصيص صفحتين يومياً للشؤون الأميركية، وفرض الصيغ الإسرائيلية في التغطية، وتدريجياً سُحبت المصطلحات المنتقدة للصهيونية أو الاحتلال من المقالات والتقارير.
مع الوقت، جرى استبعاد كتّاب التيار اليساري والقومي، واستبدلوا بأقلام محسوبة على لجنة السياسات في الحزب الوطني، المؤمنة بخط السلام مع إسرائيل والدور الأميركي في المنطقة. نال هؤلاء مكافآت تفوق ما كان يتقاضاه رئيس التحرير، بينما تراجع اهتمام الصحيفة بالشأن المصري لمصلحة تغطيات السلطة والولايات المتحدة.
علمت من داخل المؤسسة أن جزءاً كبيراً من تمويل "نهضة مصر" جاء من دبلوماسيين أميركيين، في إطار خطة لتسويق فكرة "النهضة المصرية" على أسس تتماشى مع المشروع الأميركي. اللافت أن هذه التدفقات المالية كانت تجري بموافقة رسمية من الأجهزة السيادية في الدولة.
أثارت هذه الترتيبات حفيظة كثير من الصحافيين، الذين اكتشفوا أن بعض زملائهم يتقاضون ما يصل إلى مليون جنيه شهرياً، في حين لا يحصل الأكفأ منهم إلا على الفتات، وتعرض بعضهم للإقصاء أو التضييق.
منابر شخصية وصفقات إعلامية
تحت إشراف أديب، تحولت "نهضة مصر" إلى منصة دعائية تخدم رجال الأعمال والدوائر المرتبطة بجمال مبارك. ومع اقتراب انتخابات الرئاسة عام 2005، جرى توجيه الخط التحريري لدعم الرئيس حسني مبارك (1928 ــ 2020) مباشرة، وأجرى أديب حواراً مطولاً معه دام ست ساعات.
أثمرت الانتخابات عن صفقة ناجحة لعائلة أديب، حيث تحوّل إلى نجم في إعلام السلطة، واحتل شقيقه وزوج شقيقته مواقع ثابتة على الشاشات المصرية. لكن طموحه السياسي تجاوزه، وبدأت أخبار عن تعيينه وزيراً للإعلام تثير ردات فعل سلبية في الحزب الحاكم، فأُجبر على التراجع، مستثمراً ما حصده في صفقات الأراضي في الساحل الشمالي، قبل أن يغلق مشاريعه الإعلامية في القاهرة تدريجياً. وعام 2020، فصل من عضوية نقابة الصحافيين بعد أزمة مع العاملين في مؤسسته.
لابيد... مجازاً عن كل شيء
على ضوء هذا التاريخ، لا يبدو لقاء أديب مع يئير لابيد إلا استمراراً لمسار طويل من الصفقات الإعلامية التي تتجاوز الصحافة إلى صناعة خطاب سياسي كامل. يسعى أديب اليوم، كما في الأمس، إلى العودة للمشهد من بوابة "السلام الإعلامي"، مروّجاً لفكرة أن التعايش مع إسرائيل ممكن، شرط أن يحدث مع "عقلاء" مثل لابيد لا مع "متطرفين" كنتنياهو.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
ترامب يهاجم خطط إيلون ماسك لتأسيس "حزب أميركا"
شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجوماً على مستشاره السابق، ملياردير التكنولوجيا إيلون ماسك ، بشأن خططه لتشكيل حزب سياسي جديد. وكتب ترامب على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، أمس الأحد: "يحزنني أن أرى إيلون ماسك يخرج تماماً عن السيطرة، ليصبح عملياً حطام قطار على مدار الأسابيع الخمسة الماضية". وأضاف: "حتى أنه يريد تأسيس حزب سياسي ثالث، على الرغم من حقيقة أنه لم ينجح قط ذلك في الولايات المتحدة - يبدو أن النظام لم يصمم لهم". وفي وقت سابق من أمس الأحد، قال ترامب للصحافيين إن خطة ماسك "سخيفة"، وأشاد "بالنجاح الهائل" الذي حققه الجمهوريون. وكان ماسك قد قال يوم السبت إنه قرر تأسيس حزبه السياسي الخاص في الولايات المتحدة، وأطلق عليه اسم "حزب أميركا". جاء إعلانه على منصته "إكس" بعد يوم واحد من إجرائه استطلاع رأي لسؤال المستخدمين عما إذا كان يجب عليه إنشاء حزب جديد لمنافسة الديمقراطيين والجمهوريين. وكتب ماسك: "بنسبة 2 إلى 1، تريدون حزباً سياسياً جديداً وستحصلون عليه". ولم يتضح حتى الآن ما إذا كان قد اتخذ أي خطوات رسمية لإنشاء الحزب الجديد. وكتب ترامب على "تروث سوشيال" أن الأحزاب الثالثة لا تفعل سوى "إحداث فوضى واضطراب كامل وتام". وأضاف: "لدينا ما يكفي من ذلك مع الديمقراطيين اليساريين المتطرفين، الذين فقدوا ثقتهم وعقولهم! أما الجمهوريون، فهم آلة تعمل بسلاسة، وقد أقروا للتو أكبر مشروع قانون من نوعه في تاريخ بلادنا". تقارير دولية التحديثات الحية ولادة حزب أميركا... كابوس لترامب وكان ماسك قد دعم حملة ترامب الانتخابية بأكثر من 250 مليون دولار وقاد فريق إدارة الكفاءة الحكومية لخفض التكاليف بعد تنصيب الرئيس في يناير/كانون الثاني وحتى أواخر مايو/أيار، حيث أجرى تخفيضات هائلة في الوظائف وخفض الإنفاق الحكومي الأميركي. ومع ذلك، وقع خلاف بين الاثنين منذ ذلك الحين بسبب مشروع قانون ترامب "مشروع قانون واحد كبير وجميل"، الذي وقعه الرئيس ليصبح قانونا يوم الجمعة. ويزعم النقاد، بمن فيهم ماسك، أن مشروع القانون سيؤدي إلى تضخم الدين الأميركي في السنوات القادمة. (أسوشييتد برس)


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
لهذا استهدف الاحتلال سفينة غالاكسي ليدر المملوكة لإسرائيلي في اليمن
شاركت نحو 20 طائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في العدوان على اليمن ، ليلة الأحد - الاثنين، مستخدمة أكثر من 50 صاروخاً وقنبلة، بذريعة مهاجمة أهداف تابعة لجماعة الحوثي (أنصار الله). وكان لافتاً استهداف إسرائيل سفينة غالاكسي ليدر، وفق ما أعلنه وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس وجيش الاحتلال، من ضمن مواقع أخرى في اليمن، بينها موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، إضافة إلى محطة رأس الخطيب للطاقة. جاء استهداف السفينة التي استولى عليها الحوثيون في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 ردّاً على حرب الإبادة على قطاع غزة، بحجة أن الحوثيين "يستخدمونها لأنشطة إرهابية"، وفق مزاعم كاتس، فيما زعم جيش الاحتلال أن الحوثيين "وضعوا عليها نظام رادار يستخدمونه لمراقبة القطع البحرية في المجال الدولي، بغية الترويج لأنشطة إرهابية"، على حدّ زعمه. ويدور الحديث عن سفينة شحن مملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي رامي أونغر، وتصفها وسائل إعلام عبرية بأنّها باتت منذ احتجازها رمزاً للحوثيين في البحر الأحمر، كما أصبحت منذ احتجازها موقع جذب سياحياً، ويتم على متنها، وفقاً لموقع واينت العبري، دوس العلمين الإسرائيلي والأميركي على سطحها. وكانت التقارير الأولى عن احتجاز السفينة، التي كانت ترفع علم جزر الباهاما، وانطلقت من ميناء بورسعيد في مصر باتجاه جنوب الهند، قد وردت في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، عندما أفيد بأن قوات جماعة الحوثي استولت على السفينة التي كان على متنها أفراد الطاقم المكوّن من 25 شخصاً. وقد انطلقت في رحلتها قبل أربعة أيام فقط من وقوعها في يد جماعة الحوثي. وعلى الرغم من أن السفينة مملوكة لشركة الشحن ريه (Ray) التابعة لرجل الأعمال الإسرائيلي أونغر، سارعت إسرائيل إلى التنصل منها، وصرّح ناطق باسم جيش الاحتلال في حينه قائلا إن "هذا حدث خطير جداً على المستوى العالمي"، مضيفاً أن "السفينة تضم طاقماً مدنياً دولياً، دون وجود إسرائيليين. وليست سفينة إسرائيلية". أخبار التحديثات الحية عدوان إسرائيلي على الحديدة غربي اليمن والحوثيون يعلنون سلسلة عمليات واتهمت رئاسة وزراء الاحتلال وقتئذ إيران بالوقوف خلف "اختطاف" السفينة، موضحة في بيان أن الأمر يتعلق بـ"سفينة مملوكة لشركة بريطانية وتديرها شركة يابانية، وكان على متنها طاقم من جنسيات مختلفة، لكن ليس من بينهم إسرائيليون". واستغلت رئاسة الوزراء الاسرائيلية الحدث لاتهام إيران بارتكاب "عمل إرهابي إضافي، يعكس تصعيداً في عدوان طهران ضد مواطني العالم الحر، ويخلق تبعات دولية على أمن طرق الملاحة البحرية في العالم". في المقابل، أعلن الناطق العسكري باسم الحوثيين في اليمن يحيى سريع في ذلك الوقت السيطرة على سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر. وبعد حوالي أسبوعين من الاستيلاء على السفينة أصبحت "وجهة سياحية". وكان بالإمكان مقابل دولار واحد تقريباً للزوار في اليمن ركوب قوارب خشبية وزيارة السفينة التي جرى الاستيلاء عليها في البحر الأحمر من قبل الحوثيين، تضامناً مع غزة ودعماً للمقاومة فيها. وأعلن الحوثيون في 22 يناير/ كانون الثاني الماضي الإفراج عن طاقم السفينة غلاكسي ليدر المكوّن من 25 شخصاً، بعد أكثر من عام على احتجازهم، عندما قررت الجماعة التدخل عسكرياً ضد السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر على خلفية حرب الإبادة في غزة. وقالت الجماعة إن الإفراج عن طاقم السفينة تم بالتنسيق مع حركة حماس ووساطة سلطنة عمان، وأشارت إلى تسليم طاقم سفينة غلاكسي ليدر "للأشقاء في سلطنة عمان بالتنسيق مع حركة حماس ضمن ترتيبات وقف إطلاق النار". وقال المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين إن الإفراج عن طاقم السفينة يأتي في إطار معركة إسناد غزة ودعماً لاتفاق وقف إطلاق النار.


العربي الجديد
منذ 5 ساعات
- العربي الجديد
التفوق الهندوسي... تجييش طائفي ضد المسلمين والمسيحيين الهنود
تتصدع الوحدة الوطنية في الهند، جراء قرارات يشرعنها الحزب الحاكم، تنطلق من فكرة تفوق الهندوس في مقابل اعتبار المسلمين والمسيحيين مكونات غير مرغوب فيها، في عملية تجييش طائفي باستخدام أجهزة الدولة ومنظمات متطرفة. - أثناء استراحة العامل الهندي محمد أشرف من عمله في جمع مخلفات البلاستيك، وخلال متابعته مباراة كريكيت جرت وقائعها في 21 إبريل/نيسان الماضي، هتف لفريقه بحماس كغيره من عشاق اللعبة الأكثر شعبية في بلاده، لكن فجأة طوقه نحو 30 متطرفا هندوسيا، اتهموه بـ"تشجيع باكستان"، فتبدلت متعة اللحظة الرياضية إلى مأساة بعدما ضرب أشرف حتى الموت، بحسب رواية ابن عمه الذي يحتفظ "العربي الجديد" باسمه تحسبا لإيذائه، مشيرا إلى أن أشرف كان يعاني من اضطرابات عقلية، وربما تفوه بكلمات غير مفهومة ولا يستحق القتل "باسم الوطنية" ركلا بالأقدام وضربا بالعصي. تعزز روايات شهود العيان في ضاحية كودوبو Kudupu بولاية كارناتاكا، في جنوب غرب الهند حيث وقعت الجريمة، إفادة ابن عم الضحية، ومن بينهم ساجد شيتي، الذي قال: "أعرف جميع الضالعين في قتل محمد، ومعظمهم من أعضاء منظمة باجرانغ دال، المسلحة القومية (هندوسية متطرفة) التي تعتبر نفسها كيانا ميدانيا تابعا للحركة القومية الهندوسية (هندوتفا)". وتُعد المنظمة جزءا من شبكة تعرف باسم عائلة سانغ تضم أيضا حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) الحاكم، وتورطت في ممارسات ممنهجة ضد الأقليات ، بحسب ما وثقته اللجنة الأميركية للحريات الدينية الدولية في تقريرها السنوي عن الهند لعام 2024. ويدخل ذلك ضمن عملية استهداف للأقليات لا تبدو معزولة عن السياق السياسي العام، استنادا إلى إفادة نديم خان، المتحدث باسم جمعية حماية الحقوق المدنية (غير حكومية)، مؤكدا أن "الوضع يزداد سوءا في ظل تجاهل الحكومة، بل وتواطؤها غير المباشر عبر الصمت أو من خلال تبني خطاب يغذي الكراهية ويشرعنها"، ما أسهم في تفاقم العنف المدفوع بالكراهية وسط غياب المساءلة، إذ شهدت الفترة الممتدة بين 7 يونيو/حزيران 2024 و7 يونيو 2025، تسجيل 947 حادثة كراهية استهدفت الأقليات، بحسب ما يوثقه تقرير الجمعية: "جرائم الكراهية - رصد العام الأول من حكومة مودي الثالثة". تحقيق الإسلاموفوبيا في الهند...استغلال كورونا لتصفية الحسابات مع المعارضين تصاعد العنف الديني الممنهج تحوّلت كنيسة Samsera الكاثوليكية في مقاطعة سيمديغا في ولاية جهارخاند في شرق الهند إلى مسرح للرعب في العاشر من يونيو 2025، إذ اقتحمها قرابة 50 متطرفا هندوسيا يحملون الهراوات والحجارة، وشرعوا في الاعتداء على المصلين وتسببوا في إصابة 3 قساوسة بجروح متفاوتة نتيجة ضربهم بالعصي وأجبروهم على ترديد شعارات دينية تحت تهديد السلاح، كما نهبوا نحو 800 ألف روبية (9600 دولار) بذريعة أن الكنيسة "تشجع على التحوّل الديني القسري"، وفق ما جاء في شكوى مشتركة رفعها كل من منتدى المسيحيين الموحد (منظمة غير حكومية) وزمالة الإنجيل في الهند (هيئة تضم الكنائس الإنجيلية). واستهدف المسيحيون في 85 حادثة أخرى خلال الفترة من يونيو 2024 إلى يونيو 2025، وقع ضحيتها 1504 أشخاص، بينما استهدف 419 اعتداء المسلمين، بإجمالي 1460 ضحية، بحسب بيانات تقرير جرائم الكراهية الذي يكشف جانبا من المشهد القاتم في البلاد، إذ من بين 947 حادثة مرتبطة بالكراهية الدينية رصدها التقرير خلال عام واحد، وقعت 602 جريمة كراهية، منها 174 حالة عنف جسدي و29 جريمة قتل راح ضحيتها جميعاً مواطنون مسلمون، كما سجّل 398 حالة تهديد، و124 حالة عنف جماعي، و111 واقعة اعتداء على الممتلكات. غالبية الهجمات تتركز في الولايات التي يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا القومي بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، أبرزها أوتار براديش شمالا التي شهدت 217 حادثة، وماهاراشترا غربا 101، بينما سجلت 100 حادثة في ماديا براديش وسط الهند، و84 أخرى في أوتراخند شمالا. الأرشيف "لمن لا تقرع الأجراس"...تمييز بدلهي يحرم المسلمين السكن اللائق المسلمون والمسيحيون كبش فداء تعترف الهند رسميا بست أقليات دينية: المسلمون، والمسيحيون، والسيخ، والبوذيون، والجينيون، والبارسيون، كما يقول الدكتور ظفر محمود، المستشار الخاص السابق لرئيس الوزراء الأسبق مانموهان سينغ (2004-2009)، موضحا أن نسب تأييد الحزب الحاكم بين السيخ والبوذيين والجينيين عالية، بينما يعد البارسيون أقلية عددية هامشية فيما يشكل المسلمون 14.2% (نحو 172 مليون شخص) من سكان الهند البالغ عددهم 1.435 مليار نسمة، والمسيحيون 2.3% (28.7 مليون نسمة)، بحسب بيانات Worldometer (منصة إحصائية)، وصار التمييز ضد المكونين قاعدة خلال العقد الأخير، بفعل سياسات ممنهجة وانسداد قنوات العدالة، وكأنهما أُقصيا من المواطنة الكاملة على حدّ وصفه. 947 حادثة كراهية سُجلت خلال عام انتهت 29 منها بالقتل وتعود الجذور، بحسب الباحث في القومية الهندوسية عبد الحميد النعماني، الأمين العام للمجلس الاستشاري للمسلمين في عموم الهند (تحالف حقوقي)، إلى منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانغ RSS، المنبع الأيديولوجي لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، والتي تسعى إلى ترسيخ هوية دينية للبلاد، ومنذ وصول الحزب للسلطة عام 2014، ظهرت هذه الأجندة في تغيير المناهج لإبراز الأساطير الهندوسية، وتهميش التاريخ الإسلامي، وتغيير أسماء مدن كـ"الله آباد" الواقعة في ولاية أوتار براديش شمالا إلى "براياجراج Prayagraj"، و"فيض آباد" التابعة للولاية ذاتها إلى "أيودهيا Ayodhya"، كما حدث في 11 موقعا بأوتاراخند عام 2025، بالإضافة إلى القيام بطقوس هندوسية في مؤسسات الدولة وبناء معابد داخل بعض المقرات الحكومية. وما يؤكد أن المسلمين والمسيحيين أصبحوا كبش فداء لخطاب السلطة وممارساتها، استهدافهم بأنماط عقاب جماعي، من أبرزها هدم المنازل ومصادرة الممتلكات، ففي الفترة بين إبريل ويونيو 2022، سُجلت 128 عملية هدم في ولايات آسام، غوجارات، ماديا براديش، أوتار براديش، ودلهي، عقب توترات طائفية شاركت فيها جماعات هندوسية، ما أدى لتشريد 617 شخصا، وخسارة العديد لمصادر رزقهم، بحسب ما يوثقه تقرير "ظلم الجرافات في الهند" الصادر عن منظمة العفو الدولية في 7 فبراير/شباط 2024. ويذكر التقرير أن منطقة "نوح" ذات الغالبية المسلمة في ولاية هاريانا شهدت في أغسطس/آب 2023 واحدة من أكبر حملات الهدم، حيث دُمّر أكثر من 300 منزل ومتجر، وتكرر المشهد في مدينة خارغوني (ماديا براديش) حيث هُدمت 49 منشأة يملكها مسلمون، بينها سلسلة "بيست بيكري" التي كانت تؤمن وظائف لحوالى 400 شخص. في خدمة القومية الهندوسية خلال العام الأول من حكومة مودي الثالثة، سُجّل 345 خطاب كراهية، بينها 257 خطابا صادرا عن شخصيات سياسية أو جماعات هندوسية متطرفة: 178 من حزب بهاراتيا جاناتا، 21 من منظمة فيشوا هندو باريشاد الهندوسية، 20 من باجرانغ دال، و5 خطابات مباشرة لمودي، و63 لرؤساء وزراء ولايات تابعة للحزب، و71 لمسؤولين منتخبين، بحسب تقرير جرائم الكراهية آنف الذكر. هذه الخطابات لا تبقى حبيسة المنابر السياسية، بل تتحول سريعا إلى محتوى يومي في وسائل الإعلام، خاصة القنوات التلفزيونية، التي تبنت خطاب الحزب الحاكم وهمشت الأصوات المعارضة، ما يكرس رسائل تشرعن إقصاء المسلمين والمسيحيين، وتتحول إلى اعتداءات ميدانية. وهو ما يحذر منه غوتام لاهري، رئيس نادي الصحافة في نيودلهي، بأن الروايات الإعلامية السائدة في البلاد باتت تبث الخوف وتُظهر مودي كمنقذ للهندوس، قائلا إن "سردية الهندوس المهددين من المسلمين الساعين للهيمنة تُستخدم لتعبئة القاعدة الانتخابية، وتغذّي الكراهية". وتكمل السينما الهندية الدور الذي بدأته وسائل الإعلام في الترويج للخطاب القومي، إذ يستخدم حزب BJP بوليوود كمنصة لبث رسائله، كما تؤكد دراسة صادرة عن معهد جنوب آسيا في جامعة لندن، في 3 مايو/أيار 2024، بعنوان: "بوليوود بالزعفران: كيف يفرض اليمين الهندوسي سيطرته على صناعة الأفلام الهندية"، وتضرب الدراسة مثالا بأفلام مثل ملفات كشمير (2022) وقصة كيرالا (2023)، والتي رُوّج لها كأعمال وطنية بينما حملت رسائل معادية للمسلمين، وتدعم الحكومة هذه الأفلام عبر إعفاءات ضريبية، في حين تُواجه الأفلام الناقدة بحملات مقاطعة أو رقابة، كما يعزز الحزب نفوذه داخل الصناعة من خلال تحالفات مع فنانين ومخرجين يؤمنون بأفكاره، وتُعرف هذه الظاهرة بـ"زعفرنة السينما" وهو تعبير يُشير إلى تطويع الفن لخدمة أجندة القومية الهندوسية، في انعكاس واضح لتسييس الثقافة وتضييق مساحة التنوع الديني والفني في البلاد. تحت المجهر صفقات الرافال الفرنسية...تباينات في المقاتلات المصرية والقطرية والهندية تفوق الأغلبية الهندوسية يتبنى الحزب الحاكم في الهند مسارا أيديولوجيا يستهدف ترسيخ الهوية الهندوسية، ضمن مشروع سياسي متكامل يتتبع جذوره الكاتب والباحث آكار باتيل في كتابه "أمتنا الهندوسية: ما هي، وكيف وصلنا إلى هنا"، ويصف ما يجري بأنه خطة ممنهجة لتحويل البلاد إلى "هندو راشترا" أي دولة قومية تقوم على تفوق الأغلبية الهندوسية. لكن هذا التحوّل لا يُنفذ عبر الشعارات وحدها، بل عبر أدوات تشريعية صُمّمت بعناية لتهميش المكونات غير المرغوب فيها، من أبرزها قانون تعديل الجنسية (CAA) الصادر عام 2019، والذي يستثني المسلمين صراحة من حق الحصول على الجنسية، خلافا لمبادئ المساواة الدستورية؛ والقانون رقم 3 لسنة 2021 بشأن حظر التحول الديني غير القانوني في ولاية أوتار براديش الذي يجرّم التحوّل بين الأديان في حال ارتبط بالإغراء أو الزواج، ويفتح الباب أمام تدخل الدولة لمنع هذا التحوّل، ويسمح بسجن من يثبت تورطه في "تحويل بالإكراه" من سنة إلى 10 سنوات، دون الحاجة لإثبات واضح، وهذا التشريع يمثل نموذجا للتحيز، كونه ييسر اعتناق الهندوسية، بينما تُفرض قيود صارمة على من يرغب في اعتناق الإسلام. يُجيش الحزب الحاكم النزعات العنصرية عبر الإعلام والسينما هذا المشهد تصفه إقراء حسين، النائبة في البرلمان من حزب سماجوادي (اشتراكي) عن دائرة أوتار براديش، في حديث لـ"العربي الجديد": قائلة إن "الحزب الحاكم لا يخفي عداءه للمسلمين، ولا يمكن اعتبار التشريعات التي يدعمها نابعة من نوايا حسنة على الإطلاق"، ويتفق معها السياسي يوسف طاريغامي أحد قياديي الحزب الشيوعي الهندي في ولاية جامو وكشمير، مشيرا إلى أن القوانين السابقة جزء من حزمة تشريعية "خطيرة" منها القانون الذي قسّم كشمير، في إشارة إلى قرار نيودلهي عام 2019 لإلغاء المادة 370 التي كانت تمنح جامو وكشمير حكما ذاتيا، وأعقب الإلغاء حملة أمنية واسعة شملت إقامة جبرية لقيادات محلية، وحظر التجمعات، وتعطيلا للإنترنت تكرر 300 مرة بين عامي 2012 و2021. ويرى طاريغامي أن تلك الخطوات تمهد لتغيير ديمغرافي يقلص النفوذ السياسي للمكونات غير المرغوب فيها، قائلا: "قرار تقسيم الدوائر الانتخابية لعام 2022 خصص لمنطقة جامو ذات الغالبية الهندوسية 44 مقعدا، مقابل 47 لكشمير، رغم الفارق السكاني لصالح الأخيرة". الصورة يُمارس العنف الطائفي تحت مظلة حماية الهوية الهندوسية (Getty) تزامن ذلك مع تعديل لقانون مكافحة الأنشطة غير المشروعة (UAPA) في أغسطس/آب 2019، يمنح الحكومة سلطة تصنيف الأفراد إرهابيين بلا أدلة دامغة، ويخوّل الوكالة الوطنية للتحقيقات مصادرة ممتلكاتهم، بحسب تقرير المجلس الهندي للشؤون العالمية الذي يوثق استخدام القانون لقمع المسلمين والصحافيين والناشطين لمجرد احتجاجهم السلمي أو انتقادهم الحكومة. وسُنت قوانين محلية حرمت المسلمين أبسط حقوقهم، كما هو الحال في قانون غوجارات لحظر نقل الملكيات وتنظيم الإخلاء في المناطق المضطربة لعام 2019، ويتيح منع المسلمين من شراء أو استئجار مساكن في بعض الأحياء بمجرد اعتراض الجيران الهندوس، ما يعزز من عملية العزل السكني والتمييز الطائفي في المدن. عنف بذريعة "حماية الأبقار" في صباح 16 يونيو 2018، خرج محمد قاسم، تاجر الماشية الأربعيني إلى السوق في منطقة هابور بولاية أوتار براديش، يرافقه قطيع من الماعز يأمل أن يعود بثمنه لأسرته، لكن رحلته لم تكتمل، إذ اعترض طريقه عدد من المتطرفين الهندوس، في قرية باجهيرا خورد، واتهموه زورًا بذبح بقرة وانهالوا عليه ضربًا بوحشية، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة. في الجوار، كان المزارع المسلم سميع الدين يجمع العلف حين سمع الجلبة واندفع لمحاولة إنقاذ قاسم، لكنه تعرّض لهجوم مماثل، وأصيب بجروح خطيرة في الرأس والأطراف، بالكاد نجا منها. وفي رواية عائلة محمد قاسم لـ"العربي الجديد"، فإن الشرطة لم تأتِ لإنقاذ الضحيتين، بل لتغيير في رواية الأحداث، وبدلاً من تسجيل الحادثة بأنها جريمة قتل جماعي، سجّلتها "حادث دراجة نارية"، في محاولة لدفن القضية، كما يؤكد يؤكد ياسين، شقيق قاسم، فقد هدّدتهم بالسجن وفق قوانين حماية البقر إن أصروا على المتابعة القانونية. ورغم الخوف والضغوط، قررت الأسرة ألّا تصمت، بل باعت جزءًا من أرضها لتمويل المعركة القضائية، وبعد 6 أعوام من الانتظار، أمرت المحكمة العليا بإعادة فتح التحقيق، وفي12 مارس/آذار 2024، أصدرت محكمة محلية حكمها بإدانة عشرة رجال بتهمة القتل العمد بدافع طائفي، والحكم عليهم بالسجن المؤبد، وأكدت المحكمة أن ادعاء ذبح البقرة كان محض افتراء، استخدم لتبرير جريمة كراهية ارتُكبت في وضح النهار. وتصاعد هذا النوع من الجرائم بشكل حاد تحت ذريعة "حماية الأبقار" خلال عهد رئيس الوزراء ناريندرا مودي، وفق تقرير العنف المباشر، كيف يغذي إنستغرام جماعات حراسة الأبقار في الهند، والصادر عن مركز دراسة الكراهية المنظمة CSOH (بحثي) في نوفمبر/تشرين الأول 2024، مشيراً إلى أن ذلك يحصل بدعم سياسي، ما يعكس تصاعد العنف الطائفي تحت غطاء قانوني. إلا أن المتحدث باسم حزب بهاراتيا جاناتا، غوبال كريشنا أغروال، يقول "البقرة كائن مقدس لدينا، وحمايتها جزء من هويتنا الثقافية والدستورية"، مشيرًا إلى المادة الـ48 من الدستور التي تحظر ذبح الأبقار. القضاء في خدمة الأجندة القومية يقرّ المحامي في المحكمة العليا، براشانت بوشان، أن العديد من القضاة باتوا يصدرون في الآونة الأخيرة أحكامًا تُرضي التيار الهندوسي، مستشهدا بقضية مسجد بابري في ولاية أيودهيا الذي هدمته حشود هندوسية عام 1992، بزعم أن المسجد بُني على أنقاض معبد للإله رام، وأدى الهدم إلى موجة عنف طائفي خلفت أكثر من 2000 قتيل، وفي توفمبر/تشرين الأول من عام 2019، أقرّت المحكمة العليا منح الأرض التي كان عليها المسجد للهندوس، ومنح المسلمين أرضا بديلة، دون وجود أدلة قاطعة على وجود معبد سابق في الموقع، ورغم ذلك سمحت المحكمة ببناء معبد هندوسي على الأرض. وقد اعتُبر الحكم انتصارًا للرواية القومية الهندوسية، وتحول المعبد لاحقًا إلى رمز سياسي لحزب مودي. في أعقاب هذا الحكم، برز اتجاه قضائي متصاعد يدعم تحويل مواقع إسلامية إلى معابد، بدفع من جماعات هندوسية قومية. وتشهد المحاكم المحلية والعليا حاليًا آلاف القضايا المشابهة، تستهدف مساجد تاريخية بارزة، من بينها مسجد غيان وابي في فاراناسي، بزعم أنه بُني على أنقاض معبد هندوسي، ومسجد شاهي عيد غاه في ماثورا، الذي يُقال إنه أُقيم على موقع مولد الإله كريشنا، بالإضافة إلى مسجد الجامع الكبير في دلهي، الذي زعمت جماعة "هندو ماهاسابها" أن تماثيل آلهة هندوسية مدفونة أسفله. الصورة استهدف 419 اعتداء المسلمين، وتضرر فيها 1460 شخصا خلال الفترة الممتدة من يونيو 2024 إلى يونيو 2025 (Getty) رغم ذلك ينفي بوشان أن تكون المحاكم قد استسلمت بالكامل، إلا أن جميع المعطيات تؤكد أن الأحكام تأتي مخيبة للآمال في في قضايا انتهاك حقوق المسلمين، بينما ينُقل أو يهمش القضاة الذين أصدروا قرارات منصفة. في المقابل، ظهر بعض كبار القضاة إلى جانب مودي في مناسبات دينية، أو التحقوا لاحقًا بحزب بهاراتيا جاناتا (BJP) بعد تقاعدهم ومن بين هؤلاء القاضي أبهجيت جانغوبادياي من كالكوتا، الذي تقاعد في مارس/آذار 2024، وانضم إلى الحزب بعد يومين فقط، والقاضي روهيت آريا من ماديا براديش، الذي تقاعد في إبريل 2024، وانضم إلى الحزب في يوليو من العام نفسه. و"المأساة الحقيقية أن كل ذلك يُرتكب باسم القومية الهندوسية، في ظل غياب شبه تام لأي رد فعل شعبي، بل أن قطاعات واسعة من المواطنين الهندوس تتعامل مع الكراهية الموجّهة ضد المسلمين باعتبارها نوعا من الانتقام من الحكم الإسلامي في الماضي، أو وسيلة لاستعادة ما يصفونه بالهوية الهندوسية الأصيلة"، يقول هارش ماندر، رئيس مؤسسة قافلة المحبة (تُعنى بالدفاع عن القيم الدستورية في الهند). بينما يحذر محمد أفضل، المتحدث باسم حزب المؤتمر الهندي المعارض من تبعات استمرار هذا المسار الذي من شأنه أن يُلحق ضررا بالغا بالنسيج الاجتماعي داخل الهند، ويقوّض مكانتها الإقليمية والدولية كدولة ديمقراطية تعددية"، قائلا: "ما نشهده من تصعيد في الخطاب القومي لا يهدد فقط الداخل، بل ينعكس على علاقات الهند بجيرانها، وسط مشهد دبلوماسي يزداد توترا".