logo
سباق عالمي للسيطرة على أشباه الموصلات

سباق عالمي للسيطرة على أشباه الموصلات

العربي الجديدمنذ 3 أيام
تحولت أشباه الموصلات من مكون تقني يدخل في
صناعة الإلكترونيات
إلى سلاح استراتيجي يفرض نفسه وبقوة في الحرب التجارية وعلى طاولة النزاعات الدولية. وباتت تشكل محورا رئيسيا في المفاوضات بين القوى الاقتصادية والسياسية الكبرى. وبينما كانت تستخدم سابقا لتسريع المعالجات في الأجهزة الذكية، أصبحت اليوم ورقة تفاوض حاسمة بين الولايات المتحدة والصين، كما دخلت بقوة في محادثات واشنطن الأخيرة مع اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية. ويأتي ذلك في ظل
سباق عالمي
لإعادة رسم خريطة التصنيع وتخفيف الاعتماد على سلاسل الإمداد التي تتمركز في شرق آسيا، وسط اضطرابات جيوسياسية متصاعدة.
وتظهر أحدث البيانات العالمية، أن سوق أشباه الموصلات تواصل نموها بشكل متسارع، مدفوعة بالطلب على الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، وسط دعم حكومي غير مسبوق. وتشير التوقعات إلى أن قيمة تلك السوق العالمية ستتجاوز 700 مليار دولار خلال عام 2025، مقارنة بـ 630 مليار دولار في 2024، مع استمرار النمو حتى عام 2026. وتشكل صناعة أشباه الموصلات والرقائق عصب الحياة في عالمنا المعاصر؛ إذ تعدّ القلب النابض الذي يُشغل الأجهزة الإلكترونية، ومحرك الابتكار الذي يدفع عجلة التقدم، والرافد الاقتصادي الذي يُؤمن المورد المنشود.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
سباق هندي نحو قيادة قطاع أشباه الموصلات والرقائق حول العالم
استثمارات ضخمة
وأعلنت رابطة صناعة أشباه الموصلات الأميركية، استنادا إلى بيانات منظمة الإحصاءات التجارية العالمية لأشباه الموصلات (WSTS)، أن قيمة مبيعات القطاع بلغت 630.5 مليار دولار في 2024، بزيادة سنوية 19.1% مقارنة بعام 2023. ووفقا لأحدث توقعات المنظمة الصادرة في يونيو/حزيران 2025، فإن السوق تتجه نحو تسجيل مبيعات بقيمة 700.9 مليار دولار بنهاية العام الجاري، بمعدل نمو إضافي يبلغ 11.2%. أما في عام 2026، فتشير التوقعات إلى أن المبيعات قد تصل إلى 760.7 مليار دولار، مدفوعة بالطلب من أميركا الشمالية وآسيا، خاصة في الشرائح المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، بحسب منصة "ديب تك" المتخصصة في القطاع. كما توقعت شركة "ماكينزي" للاستشارات الإدارية أن يتجاوز حجم السوق تريليون دولار بحلول عام 2030.
وتشكل صناعة أشباه الموصلات حجر الزاوية في كل منظومة رقمية معاصرة، حيث تُستخدم في العديد من الأنظمة الحساسة، مثل أنظمة الدفاع والأسلحة، وتدخل في صناعة الطائرات وتصميم الطائرات المسيّرة، وأنظمة التوجيه العسكرية، ومراكز البيانات العملاقة، وفي صناعة السيارات والهواتف الذكية والحواسيب، وفي أنشطة الصناعة والنقل والاتصالات والرعاية الصحية، ودفع هذا الواقع الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى تصنيف صناعة الرقائق ضمن أولويات الأمن القومي، ما يعكس مكانتها المحورية في الاقتصاد العالمي.
يشار إلى أن مصطلح "أشباه الموصلات" يستخدم للدلالة على المواد الإلكترونية الأساسية مثل السيليكون، والتي تصنع منها الرقائق، بينما تشير "الرقائق" إلى المنتج النهائي المصغر الذي يدمج داخل الأجهزة. وبالتالي، فإن صناعة أشباه الموصلات تشمل المنظومة الكاملة من المواد والتصميم والتصنيع، فيما تمثّل الرقاقة وحدة الاستخدام المباشرة في التقنيات الحديثة.
تايوان في صدارة المعركة
تأتي تايوان في قلب هذه المعركة العالمية، من خلال شركة "تي إس إم سي" (TSMC)، التي تعد المزود الأهم عالميا للرقائق المتقدمة. إذ تستحوذ الشركة وحدها على أكثر من 64% من سوق التصنيع العالمي للشرائح المتقدمة، وتنتج رقائق بدقة 3 و5 نانومتر تستخدم في أحدث تطبيقات الذكاء الاصطناعي. ووفقا لبيانات صادرة عن وزارة المالية التايوانية، تجاوزت صادرات الشرائح 180 مليار دولار في عام 2024، وهو ما يمثل نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ما يجعل الاقتصاد التايواني مرهونا باستقرار هذه الصناعة، بحسب صحيفة "نيكاي آسيا" اليابانية.
لكن هذه الهيمنة التقنية تعد أيضا نقطة ضعف استراتيجية. فقد حذرت وزارة الدفاع الأميركية مرارا من أن أي صراع عسكري في مضيق تايوان قد يؤدي إلى انهيار سلاسل الإمداد العالمية خلال أيام. وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فإن واشنطن وضعت خططا طارئة لتخزين كميات كبيرة من الرقائق، كما قدمت دعما عسكريا غير معلن لحماية منشآت TSMC الحيوية. وتشير معلومات استخباراتية إلى أن تايوان تتعرض يوميا لأكثر من 2.4 مليون محاولة اختراق إلكتروني، تستهدف منشآتها التقنية، خصوصا مصانع الرقائق، في ظل التصعيد الصيني المتواصل.
أسواق
التحديثات الحية
القيمة السوقية لشركة الرقائق التايوانية تتجاوز تريليون دولار
تحديات كبيرة أمام أميركا
في المقابل، تسعى الولايات المتحدة إلى تقليل اعتمادها على تايوان عبر نقل الصناعة إلى الداخل. ففي إطار قانون "تشيبس آند ساينس" الذي أقر عام 2022، خصص أكثر من 52.7 مليار دولار دعما مباشرا لصناعة الرقائق، إضافة إلى 39 مليار دولار حوافز ضريبية، وفقا لبيان صادر عن البيت الأبيض. كما أبرمت واشنطن اتفاقا مع شركة TSMC لبناء خمسة مصانع جديدة في ولاية أريزونا باستثمارات قدرها 165 مليار دولار، وذلك بحسب ما كشفته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية في مارس/آذار 2025.
ورغم ضخامة هذه الاستثمارات، يواجه التصنيع في الولايات المتحدة تحديات كبيرة. فقد صرحت الرئيسة التنفيذية لشركة "إيه إم دي" (AMD) بأن تكلفة تصنيع نفس الشريحة داخل أميركا تزيد بنسبة تتراوح بين 5% و20% مقارنة بتايوان، بسبب ارتفاع تكلفة العمالة، وتعقيدات البنية التحتية، والنقص في الكفاءات البشرية، بحسب موقع "تومز هاردوير" التقني. وفي ظل هذه المعطيات، أصبحت صناعة الرقائق مسرحا مفتوحا للصراع على السيادة الرقمية، خاصة بين الولايات المتحدة والصين. فقد أطلقت بكين استثمارات ضخمة لتقليص اعتمادها على الغرب في هذا القطاع.
الصين تدخل المواجهة
في مواجهة الهيمنة الغربية على صناعة الرقائق، دشنت الصين واحدة من أوسع استراتيجيات الاكتفاء التكنولوجي في تاريخها. فبعد سنوات من الاعتماد على واردات الشرائح المتقدمة، تعتبر بكين اليوم أن الاستقلال في صناعة أشباه الموصلات هو قضية سيادة وطنية، في إطار خطة "صنع في الصين 2025" التي تستهدف رفع المكونات المحلية في القطاعات الحيوية إلى 70%. وبحسب تقديرات مجموعة "جيبونغ" اليابانية، فإن الحكومة الصينية أنفقت أكثر من 190 مليار دولار منذ عام 2018 عبر صندوقين سياديين يعرفان بـ"الصندوق الكبير"، لدعم شركات مثل "إس إم آي سي" (SMIC)، و"سي إكس إم تي" (CXMT)، و"واي إم تي سي" (YMTC)، بالإضافة إلى ضخ التمويل في الجامعات والمراكز البحثية لتأهيل مهندسين مختصين. وقد فرضت الدولة الصينية قيودا على تصدير بعض معدات التصنيع، بهدف حماية تقنياتها، وفق صحيفة "نيكاي آسيا".
رغم ذلك، لا تزال الصين متأخرة تقنيا بمعدل يتراوح بين 5 و10 سنوات عن الشركات التايوانية والأميركية، خاصة في إنتاج الشرائح تحت 7 نانومتر. وتواجه شركة SMIC الصينية قيودا أميركية تمنعها من استيراد معدات من شركتي "إيه إس إم إل" (ASML) الهولندية و"أبلايد ماتيريالز" الأميركية، ما يعيق إنتاجها بكميات تجارية. وتعد هذه الإجراءات إحدى أدوات الضغط المركزية في الاستراتيجية الأميركية لوقف الصعود التكنولوجي الصيني. لكن بكين أحرزت تقدما في شرائح الذاكرة والشرائح متوسطة الدقة. إذ أعلنت شركة CXMT الصينية عن مضاعفة إنتاجها من شرائح DDR4، والتخطيط لتوسيع إنتاج DDR5، رغم تأجيل الإطلاق التجاري حتى أواخر 2025 بسبب مشكلات تقنية، وفق "تومز هاردوير".
استقطاب العقول
وفي إطار السباق على الموارد البشرية، أفادت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية بأن الصين استقطبت أكثر من 150 مهندسا سابقا في شركة TSMC بين عامي 2023 و2024، لتشغيل مصانع جديدة على أراضيها. وتعد هذه الاستراتيجية بمثابة هجرة تقنية موجهة تهدف لاستنساخ الخبرات التايوانية، وسط تشديد تايوان قوانين مكافحة تسريب الكفاءات.
أما على صعيد الأمن السيبراني، فقد كشف تقرير صادر عن مؤسسة "بروف بوينت" الأميركية أن مجموعات اختراق صينية شنت حملات تصيد إلكتروني على موظفي شركات تايوانية كبرى مثل TSMC وUMC، بهدف سرقة ملفات تصميم وتقارير جودة وسلاسل توريد. وأكد التقرير أن وتيرة هذه الهجمات تضاعفت منذ بداية عام 2024، مما يعكس انتقال النزاع من خطوط الإنتاج إلى ساحة الحرب الرقمية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اتفاق الرسوم الجمركية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة… من المتضرر أكثر على الصعيد الأوروبي؟
اتفاق الرسوم الجمركية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة… من المتضرر أكثر على الصعيد الأوروبي؟

القدس العربي

timeمنذ 4 ساعات

  • القدس العربي

اتفاق الرسوم الجمركية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة… من المتضرر أكثر على الصعيد الأوروبي؟

باريس ـ «القدس العربي»: بعد مفاوضات شاقة، توصلت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نهاية الأسبوع الماضي، إلى اتفاق بشأن فرض رسوم جمركية موحدة بنسبة 15 في المئة على جميع الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، وتشمل هذه النسبة جميع الضرائب القائمة بالفعل. غير أن هذا الاتفاق أثار ردود فعل أوروبية متباينة، بين مرحبّ ومتحفّظ ومستنكر. فعلى ماذا تم الاتفاق، وماهي تداعياته المحتملة على التكتل الأوروبي ودوله السبع والعشرين الأعضاء، ولماذا هذا الانقسام حياله؟ بموجب الاتفاق، بين القوتين التجاريتين الرئيسيتين في العالم واللتين تتبادلان يوميًا حوالي 4.4 مليار يورو من السلع والخدمات، والذي لم يُكشف بعد عن تفاصيله الدقيقة؛ ستخضع المنتجات الصيدلانية، التي تُعد أكثر السلع المصدرة أوروبيًا إلى الولايات المتحدة – (بقيمة نحو 120 مليار يورو العام الماضي ـ 22 في المئة من إجمالي الصادرات، وفق بيانات يوروستات) – ستخضع، وفق رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، للرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 15 في المئة، بعد أن كانت حتى الآن معفاة من الرسوم الجمركية، على الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد صرح خلال بداية المفاوضات بأنه لا يرغب في إدراجها في الاتفاق. كما ينص الاتفاق على إلغاء الرسوم على معدات الطيران، الذي كان يُعاني من ضرائب مرتفعة، بما فيها رسوم جمركية إضافية بنسبة 50 في المئة على واردات الألومنيوم والصلب منذ شهر آذار/مارس الماضي، بالإضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 10 في المئة على كافة معدات الطيران القادمة من أوروبا، بما في ذلك الطائرات. كما تم أيضا بموجب الاتفاق خفضُ الرسوم الجمركية على السيارات الأوروبية إلى 15 في المئة بعدما ارتفعت إلى نحو 27 في المئة منذ عودة ترامب إلى السلطة، تحديدا منذ شهر نيسان/ابريل الماضي. وكانت صادرات معدات النقل من الشركات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، قد سجلت نحو 70 مليار يورو العام الماضي؛ والذي بيعت خلاله أيضا أكثر 700 ألف سيارة بقيمة حوالي 38 مليار يورو، بحسب رابطة مصنعي السيارات الأوروبية، التي أوضحت أنّ معظم هذه السيارات تُنتج في ألمانيا (أودي، بورش، بي إم دبليو، ومرسيدس). أمّا قطاع المُنتجات الفاخرة ومستحضرات التّجميل فلن يتم إعفاؤه من الرسوم الجمركية، وستُطبق عليه رسوم بنسبة 15 في المئة، على الرغم من تكثيف الملياردير الفرنسي برنار أرنو، رئيس مجموعة LVMH الفرنسية، لجهوده خلال الأسابيع الماضية للضغط من أجل تقليل الرسوم. بالنسبة لصادرات المنتجات الزراعية الأوروبية التي تشمل أساساً الأجبان والمعلبات، أوضحت رئيسة المفوضية الأوروبية أن بعضها سيتم إعفاؤه من رسوم 15 في المئة الجُمركية، بدون تقديم تفاصيل. في حين، لن يشمل الاتفاق حتى الآن أي قرار يتعلق بالنبيذ والمشروبات الروحانية، على أن تُحدد التفاصيل خلال الأسابيع المقبلة. وللإشارة، بلغت صادرات الاتحاد الأوروبي من الكحوليات إلى الولايات المتحدة العام الماضي 8 مليارات يورو. وتمثّل فرنسا وحدها حوالي نصف هذه الصادرات. علاوة على الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الأوروبية، بموجب هذا الاتفاق الإطاري، فقد التزم التّكتل الأوروبي بشراء منتجات أمريكية في مجال الطاقة بقيمة 750 مليار دولار، مع استثمار 600 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة الأمريكية في مجالات النفط والغاز الطبيعي المسال والطاقة النووية والوقود والرقائق الإلكترونية، وذلك قبل انتهاء ولاية ترامب الرئاسية. غير أنه يجب التنويه إلى أن المفوضية الأوروبية لا تملك سلطة مباشرة على هذه القطاعات ولا يمكنها تنفيذ صفقات شراء طاقة أو استثمارات نيابة عن الشركات الأوروبية. كما أن زيادة واردات الغاز الأمريكي قد تتعارض مع أهداف أوروبا المناخية. تأثير متفاوت من بلد أوروبي إلى آخر مع أن الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 15 في المئة ستشمل جميع دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنّ تأثير هذه الرسوم سيختلف من بلد لآخر بحسب حجم صادراته، مع دخول هذه التدابير حيز التنفيذ منذ الأول من آب/اغسطس الجاري. فمن حيث القيمة، تُعد ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، وبفارق كبير أكبر مصدر للسلع إلى الولايات المتحدة داخل الاتحاد الأوروبي، حيث بلغت صادراتها نحو 161 مليار دولار في العام الماضي، وسجلت فائضًا تجاريًا قياسيًا مع الولايات المتحدة في عام 2024 بلغ 84.8 مليار دولار. وتشكل الولايات المتحدة الأمريكية وحدها حوالي 10 في المئة من الصادرات الألمانية، وفقًا لمكتب الإحصاءات الألماني «ديستاتيس». كما أن الأمريكيين يُقبلون بشكل كبير على السيارات الألمانية والآلات الصناعية والمنتجات الصيدلانية المصنوعة في ألمانيا. وكان البنك المركزي الألماني قد حذّر في بداية العام من مغبة أن فرض رسوم جمركية أمريكية على المنتجات الألمانية قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 1 في المئة. أما فرنسا وإيطاليا، ثاني وثالث أكبر اقتصادات في التكتل، واللتان سجّلتا العام الماضي فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة بقيمة نحو 16 مليار دولار وحوالي 44 مليار دولار وفقًا للجانب الأمريكي؛ فستتأثران برسوم ترامب الجديدة على الأرجح بدرجة أقل، مع اختلاف التأثير حسب كل قطاع من قطاعات الاقتصاد في كلا البلدين. سيكون قطاع الأغذية والمشروبات، خصوصًا النبيذ، من بين الأكثر تضررًا في البلدين. فقد يفقد الأمريكيون شغفهم لاستهلاك المنتجات الفرنسية والإيطالية، إذا ارتفعت أسعارها بسبب الرسوم الجمركية. وهو تهديدٌ يواجهه أيضا بدرجة كبيرة قطاع المنتجات الفاخرة الفرنسي – العطور والمنتجات الجلدية.. إلخ. ومع ذلك، اعتبرت مجموعة LVMH، الرائدة عالميًا في مجال المنتجات الفاخرة أن فرض هذه الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 15 في المئة سيكون نتيجة مقبولة، حيث تعتقد المجموعة الفاخرة العالمية أنها تستطيع التعويض عبر رفع الأسعار وتحسين الإنتاج، خاصة داخل الولايات المتحدة الأمريكية. وحقق الاتحاد الأوروبي ككل فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة بقيمة 235.6 مليار دولار (201.5 مليار يورو)، بحسب مكتب التحليل الاقتصادي «BEA BEA» التابع لوزارة التجارة الأمريكية، والذي نشر بياناته لعام 2024 في بداية شباط/فبراير. وتتفوق عليه فقط الصين من حيث الفائض التجاري. في حين، تُسجل أيرلندا أكبر فائض تجاري بين أعضاء الاتحاد الأوروبي بقيمة 86.7 مليار دولار، وتُصدر أكثر من ربع منتجاتها إلى الولايات المتحدة. ويُعزى ذلك جزئياً إلى استقرار شركات أمريكية كبرى، لا سيما في قطاع الأدوية، مثل فايزر، وإيلي ليلي، وجونسون آند جونسون في هذا البلد للاستفادة من ضريبة الشركات المنخفضة البالغة 15 في المئة مقارنة بـ21 في المئة في الولايات المتحدة الأمريكية. تقوم هذه الشركات بإيواء براءاتها في أيرلندا وبيع منتجاتها في السوق الأمريكية، حيث تكون أسعار الأدوية عادةً أعلى من بقية أنحاء العالم. كما تحتضن أيرلندا معظم المقرات الأوروبية لعمالقة التكنولوجيا الأمريكيين مثل آبل، وغوغل، وميتا، الذين استُدرجوا كذلك بفضل النظام الضريبي الجذاب في البلاد. بدورهما، تحقق النمسا والسويد فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة، بقيمة نحو 13 مليار دولار و10 مليارات دولار على التوالي. غضب عواصم أوروبية عديدة غير أن ذلك لم يطمئن المسؤولين السياسيين في عدد من الدول الأوربية، في مقدمتها فرنسا، التي أتّهمت أوروبا بـ«الخضوع» للولايات المتحدة واصفة يوم الاتفاق بأنه «يوم قاتم». ورغم الإقرار بأن هذا الاتفاق سيجلب «الاستقرار» للشركات، إلا أن التركيز انصب في فرنسا على طابعه «غير المتوازن» بحسب التعبير المستخدم من عدة أعضاء في الحكومة. ودعت باريس إلى أن تُظهر أوروبا مزيدًا من الحزم خلال المفاوضات المقبلة حول تفاصيل تنفيذ هذا الاتفاق. في هذا الصدد، اعتبر وزير الاقتصاد إيريك لومبار في مقابلة ما صحيفة «ليبراسيون» أن هذا الاتفاق «غير مكتمل وأن العمل ما يزال مستمرًا»، قائلاً: «الاتفاق لم يُستكمل بعد، وسنسهر على أن يتم تحسينه. يجب أن تستمر المناقشات حول المنتجات الصيدلانية ـ حيث يُفهم أن بعض الأدوية ستُعفى ـ وأيضًا حول الفولاذ والألمنيوم والمنتجات الكيميائية وأشباه الموصلات والنبيذ والمنتجات الزراعية». على المنوال نفسه، قال الوزير الفرنسي المكلّف بالتجارة الخارجية، لوران سان-مارتان : «لا ينبغي أن يكون هذا الاتفاق نهاية القصة، وإلا نكون قد أضعفنا أنفسنا ببساطة. الآن ستكون هناك مفاوضات تقنية، ويمكننا أن نغتنم هذه المرحلة من أجل أن نعزز أنفسنا». ورأت جمعية أصحاب العمل الفرنسية ميديف أن الاتفاق «يعكس ما تواجهه أوروبا من صعوبة في فرض قوة اقتصادها وأهمية سوقها الداخلية». أما رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان المعروف بانتقاداته الشديدة للاتحاد الأوروبي، فقال إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «سحق» المفوضية الأوروبية، التي قادت المفاوضات التجارية باسم التكتل المكوّن من 27 بلدا. في المقابل، رحب المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالاتفاق، معتبرًا أنه «جنّب صراعًا تجاريًا كان من شأنه أن يضرب بشدة اقتصاد ألمانيا المعتمد على التصدير وقطاع السيارات الكبير». لكن ميرتس، بعدما كان من أوائل المرحّبين بالاتفاق التجاري، عاد بعد ذلك بساعات ليُنبّه إلى أن الرسوم الجمركية بنسبة 15 في المئة على الصادرات الأوروبية كما تم الاتفاق عليها بين واشنطن والاتحاد الأوروبي ستلحق «أضرارًا كبيرة» بالاقتصاد الألماني. في حين، نددت شخصيات على غرار بيرند لانغ، عضو الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني ورئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي، بالرسوم الجمركية، معتبرا أنها «غير متوازنة»، وأن الاستثمارات الموعودة البالغة 600 مليار دولار «ستأتي على الأرجح على حساب الصناعة في الاتحاد الأوروبي». كما استنكر اتحاد الصناعات الكيميائية الألماني، الذي يضم شركات كبرى مثل «باير» و«باسف»الاتفاق، معتبرا أن الرسوم الجمركية المتفق عليها ما تزال «مرتفعة للغاية». إيطاليا هي الأخرى، رحّبت بالاتفاق التجاري بين أوروبا والولايات المتحدة، معتبرة أنه يجنب نشوب حرب تجارية، مع التحفظ لحين معرفة التفاصيل. وقال أنتونيو تاجاني، وزير الخارجية الإيطالي: «الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يضع حداً لمرحلة من عدم اليقين ويجنب حرباً تجارية. وسندرس جميع التفاصيل». كما اعتبرت رئيسة الحكومة، جورجيا ميلوني أن الاتفاق «يجنب أوروبا سيناريو مدمرا». كبير المفاوضين التجاريين في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش الذي تفاوض على هذا الاتفاق على مدى أشهر مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حاول طمأنة المنتقدين المشككين، بالتّشديد على أنه واثق تمامًا بأن هذا الاتفاق «أفضل من حرب تجارية مع الولايات المتحدة»، وأنه «لاشك في أنه أفضل اتفاق ممكن في ظل ظروف صعبة للغاية، حيث إن فرض رسوم جمركية أعلى كان سيهدد نحو خمسة ملايين وظيفة في أوروبا». من جانبها، دافعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين عن الاتفاق واصفة إياه بـ«الاتفاق الجيد» الذي من شأنه أن يحقق «الاستقرار» للمستهلكين والمستثمرين والصناعيين على جانبي الأطلسي. بين هذا وذاك، يبقى المؤكد أن الاتفاق يسمح للأوروبيين، قبل كل شيء بتفادي السيناريو الكارثي المتمثل في فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 30 في المئة على الصادرات من الاتحاد الأوروبي؛ حيث نجح المفاوضون الأوروبيون في تخفيض الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الأوروبية بنسبة 15 في المئة. فعلى الرغم من أن المعدل يفوق نسبة الرسوم الجمركية التي كانت مطبقة قبل عودة دونالد ترامب إلى السلطة في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، لكنها تبقى أقلّ من تلك التي هدد الرئيس الأمريكي بفرضها على أوروبا في حال عدم التوصل لاتفاق. كما أن الاتفاق المعلن يسمح، وفق اقتصاديين، بتفادي تصعيد فوضوي في الإجراءات الانتقامية، وحرب تجارية شاملة. فأوروبا لا تمتلك، مثلا، الرافعة الاستراتيجية، الاقتصادية والتكنولوجية، التي تستطيع الصين استخدامها في بعض سلاسل الإمداد الرئيسية. وكان بإمكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توسيع النزاع ليشمل قطاعات مثل الطاقة أو الخدمات الرقمية، حيث تعتمد دول الاتحاد الأوروبي بشكل كبير على الولايات المتحدة. كما أن الاتحاد الأوروبي نجح، من خلال هذا الاتفاق الإطاري مع الرئيس الأمريكي، في حماية بعض القطاعات الاستراتيجية من الرسوم الأشد قسوة (بين 25 في المئة و50 في المئة، أو أكثر): فقد تم تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات من 25 في المئة إلى 15 في المئة. فخوض مواجهة تجارية لا يمكن ربحها كان سيكون خطأ استراتيجيًا، مقابل فائدة اقتصادية وهمية. محادثات جديدة في الأفق يرى مراقبون أن هذا التراجع الأوروبي يُفسَّر قبل كل شيء بمنطق استراتيجي، إذ ترى المفوضية الأوروبية أن إبقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منخرطًا إلى جانب أوكرانيا يمثل أولوية مطلقة. وقد تنازل الاتحاد الأوروبي بالفعل بشأن الإنفاق الدفاعي، متماشيًا مع الهدف المثير للجدل المتمثل في تخصيص 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأدى ضغط القادة الأوروبيين إلى تحقيق تقدّمين رئيسيين تمثلا في توجيه ترامب إنذارًا صارمًا لروسيا محدداً للرئيس فلاديمير بوتين مهلة خمسين يوما للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق للنار في أوكرانيا، والتي قلصها لاحقا إلى أقل ما أسبوعين. كما أن الرئيس الأمريكي وافق على مواصلة تسليم الأسلحة لأوكرانيا بتمويل من الاتحاد الأوروبي. من هذا المنطلق، يمكن اعتبار رسوم 15 في المئة ثمنًا لـ«تأمين جيوسياسي» ضد روسيا، وفق محللين. ومن المتوقع إجراء محادثات جديدة بين الجانبين لتجاوز بعض النقاط الحساسة. وهكذا، فإن الأمر يتعلق أساسًا باتفاق إطاري، والذي سيتطلب من الآن فصاعدًا مزيدًا من المفاوضات للتوصل إلى اتفاق قانوني نهائي، كما أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية. لقد كانت المفاوضات صعبة بشكل خاص فيما يتعلق بقطاعي الصيدلة وأشباه الموصلات، كما يُتوقع إجراء مفاوضات قطاعية لتقييم التأثيرات الملموسة لهذا الاتفاق.

تركيا تسجّل أرقاماً قياسية في صادرات الدفاع والسياحة والتجارة خلال يوليو
تركيا تسجّل أرقاماً قياسية في صادرات الدفاع والسياحة والتجارة خلال يوليو

العربي الجديد

timeمنذ 7 ساعات

  • العربي الجديد

تركيا تسجّل أرقاماً قياسية في صادرات الدفاع والسياحة والتجارة خلال يوليو

شهد الاقتصاد التركي قفزات ملحوظة في عدة قطاعات استراتيجية خلال يوليو/تموز 2025، حيث سجلت صادرات قطاعي الدفاع والطيران نمواً غير مسبوق بنسبة 128.4%، وبلغت قيمة الصادرات الشهرية أعلى مستوى في تاريخ البلاد. في المقابل، حقق قطاع السياحة رقماً قياسياً في إنفاق الزوار على الهدايا، ما يعكس تعافي القطاع السياحي وتنامي جاذبية السوق التركية على المستوى العالمي. هذه المؤشرات الإيجابية تعزز موقع تركيا في خريطة الاقتصاد العالمي، وسط جهود حكومية متواصلة لدفع عجلة النمو وتنويع مصادر الدخل. صادرات الدفاع والطيران التركية تسجل نمواً بنسبة 128.4% في يوليو أعلن رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية خلوق غورغون أن صادرات بلاده من قطاعي الدفاع والطيران سجلت نمواً بنسبة 128.4% خلال شهر يوليو/تموز الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام الفائت. وأوضح غورغون، في منشور على منصة "NeXT" التركية للتواصل الاجتماعي، اليوم السبت، أن عائدات تركيا من صادرات الدفاع والطيران بلغت خلال يوليو/تموز 989.6 مليون دولار. وأضاف أن صادرات القطاع نفسه خلال النصف الأول من العام الجاري بلغت 4 مليارات و591 مليون دولار، محققة زيادة بنسبة 38.6% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. وأعرب غورغون عن شكره لجميع الفاعلين في هذا القطاع، مؤكداً أن تركيا تواصل تعزيز مكانتها في السوق العالمية في هذا المجال. ارتفاع قياسي في إنفاق السياح بتركيا على الهدايا بلغت قيمة مشتريات السياح في تركيا من الهدايا خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري ملياراً و48 مليوناً و518 ألف دولار، محققة بذلك رقماً قياسياً. وبحسب معلومات جمعها مراسل وكالة الأناضول من بيانات هيئة الإحصاء التركية، بلغ إجمالي إنفاق السياح في تركيا 25 ملياراً و778 مليون دولار خلال النصف الأول من العام، شملت قطاعات المأكولات والمشروبات، والتنقل، والإقامة، والملابس والأحذية، والصحة. سيارات التحديثات الحية تركيا تعزز قطاع السيارات بالصناعات المغذية وسجل إجمالي الإنفاق السياحي ارتفاعاً بنسبة 7.6% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، لتحقق تركيا رقماً قياسياً جديداً في هذا المجال. كما ارتفع عدد السياح الوافدين إلى تركيا خلال النصف الأول من العام إلى 25 مليوناً و533 ألفاً، بزيادة قدرها 1.7% مقارنة مع نفس الفترة من عام 2024. وارتفعت قيمة مشتريات السياح من الهدايا بنسبة 15%، حيث بلغت خلال الفترة نفسها من العام الماضي 904 ملايين و396 ألف دولار. ومن أبرز منتجات الهدايا التي اشتراها السياح: قطع المغناطيس التذكارية التي ترمز لمختلف المدن والثقافات التركية، والسجاد، وحلوى راحة الحلقوم. تركيا تسجل أعلى رقم شهري في تاريخ صادراتها خلال يوليو أعلن وزير التجارة التركي عمر بولاط، اليوم السبت، أن صادرات بلاده خلال شهر يوليو/تموز الماضي بلغت نحو 25 مليار دولار، محققة رقماً قياسياً بزيادة بلغت 11% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وقال بولاط في بيان صحافي أدلى به من ولاية صامصون: "سجلنا أعلى رقم قياسي شهري لصادرات السلع في تاريخنا خلال شهر يوليو". وأضاف أن الصادرات الشهرية بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق، حيث وصلت إلى نحو 25 مليار دولار، بزيادة 11% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبحسب بيانات وزارة التجارة، بلغت قيمة الصادرات في يوليو/تموز 24 ملياراً و952 مليون دولار، في حين ارتفعت الواردات بنسبة 5.4% لتصل إلى 31 ملياراً و376 مليون دولار. وأظهرت البيانات أن ألمانيا تصدرت وجهات الصادرات التركية في يوليو/تموز بقيمة بلغت 1.968 مليار دولار، تلتها المملكة المتحدة بـ 1.663 مليار دولار، ثم الولايات المتحدة بـ 1.569 مليار دولار. تعكس المؤشرات الاقتصادية الأخيرة لتركيا زخماً متزايداً في قطاعات استراتيجية مثل الدفاع والطيران و السياحة والتجارة الخارجية، ما يؤكد نجاح السياسات الحكومية في تنويع مصادر الدخل وتعزيز الصادرات. وبينما تسجل تركيا أرقاماً قياسية في حجم صادراتها وعائداتها السياحية، تبدو ماضية بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها لاعباً اقتصادياً إقليمياً ودولياً، وسط تحديات اقتصادية عالمية لا تزال تلقي بظلالها على الأسواق. (الأناضول، العربي الجديد)

قطر تضاعف دعم الكهرباء في سورية: 800 ميغاواط جديدة تبدأ من حلب
قطر تضاعف دعم الكهرباء في سورية: 800 ميغاواط جديدة تبدأ من حلب

العربي الجديد

timeمنذ 10 ساعات

  • العربي الجديد

قطر تضاعف دعم الكهرباء في سورية: 800 ميغاواط جديدة تبدأ من حلب

تبدأ، اليوم السبت، المرحلة الثانية من مشروع دعم الكهرباء في سورية، بتمويل من صندوق قطر للتنمية، بطاقة استيعابية تبلغ 800 ميغاواط وتستمر لمدة عام كامل، ما يمثل نقلة نوعية في واحد من أكثر القطاعات حيوية وتأثراً خلال سنوات الحرب. ووفق بيان صادر عن الصندوق، "تأتي هذه الخطوة تنفيذاً لتوجيهات أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، واستكمالاً لجهود الدوحة في دعم السوريين في القطاعات الأساسية". وستُرسل الإمدادات الكهربائية إلى سورية عبر أذربيجان وتركيا، على أن تبدأ عملية الاستقبال والتوزيع من محطة حلب (شمال)، وتشمل مدناً وأحياء مختلفة في عموم البلاد. وبحسب التقديرات، من المنتظر أن تسهم هذه المرحلة في رفع عدد ساعات التغذية الكهربائية من 3.5 إلى نحو 5 ساعات يومياً، أي بزيادة قدرها 40%، يستفيد منها نحو 5 ملايين مشترك، في وقت لا يزال فيه قطاع الكهرباء في سورية يواجه تحديات كبيرة بفعل تدمير البنية التحتية ونقص الموارد. هكذا سينعكس دعم قطر للكهرباء على ساعات التغذية وأكد مدير عام مؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء في سورية خالد أبو دي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "للدعم القطري أثراً مباشراً على تحسين واقع الكهرباء في البلاد، ومن المرجّح أن يؤدي إلى رفع عدد ساعات التغذية لتتراوح بين 8 و10 ساعات يومياً خلال الفترة المقبلة"، مشيراً إلى أنّ "هذا التحسّن سيخفف الأعباء اليومية على المواطنين، ويدعم الأنشطة الاقتصادية والتجارية والخدمية". وأضاف أنّ "شبكة الكهرباء في سورية ذات طابع حلقي، أي أن أي تحسّن في الإنتاج سينعكس على جميع المواطنين من دون استثناء أو تخصيص لمناطق معينة"، مشيراً إلى أنّ "الزيادة في ساعات التغذية ستكون مرتبطة بكميات الغاز التي يمكن توريدها خلال الفترة المقبلة، حيث يُنتج كل مليون متر مكعب من الغاز نحو 200 ميغاواط من الكهرباء، وهي كمية كافية لزيادة ساعات التشغيل بما يعادل ساعة ونصف يومياً". وأوضح أبو دي أنّ "التغذية سترتفع اعتباراً من مساء السبت في معظم المناطق، ضمن خطة حكومية لتحسين التوزيع"، مضيفاً أنّ "الخطة المستقبلية تستهدف الوصول إلى 18 ساعة يومياً بحلول نهاية عام 2026، اعتماداً على مشاريع الطاقة الشمسية التي تنفذها وزارة الطاقة خلال الأشهر المقبلة". وحول مدى جاهزية الشبكة الوطنية لاستيعاب الكميات الجديدة، أكد أبو دي أنّ الاختبارات التي أُجريت "أثبتت الجاهزية الكاملة للبنية التحتية، وقد ضُخّت كميات من دون تسجيل أي مشكلات فنية، ما يعكس كفاءة الشبكة واستعدادها التشغيلي الكامل". طاقة التحديثات الحية غاز أذربيجان يتدفق إلى سورية عبر تركيا لزيادة إنتاج الكهرباء تحسن إيجابي في النشاط الاقتصادي ومن المتوقع أن ينعكس هذا التحسّن إيجاباً على النشاط الاقتصادي، لا سيما في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية التي تعاني من انقطاعات طويلة في التيار الكهربائي وارتفاع تكاليف التشغيل، وتشير التوقعات إلى أن زيادة ساعات التغذية ستمكّن المصانع والورش والخدمات الحيوية من استئناف عملها بوتيرة أعلى وأكثر انتظاماً. وكانت المرحلة الأولى من المشروع، التي نُفذت بطاقة 400 ميغاواط، قد ساهمت في تحقيق استقرار جزئي في الشبكة الكهربائية، ورفعت عدد ساعات التشغيل في بعض المناطق الصناعية من 16 إلى 24 ساعة يومياً، ما شكّل دعماً مباشراً للقطاعات الإنتاجية المتعثرة. وبذلك، ترتفع قيمة المساهمات القطرية في قطاع الكهرباء السوري إلى أكثر من 760 مليون دولار أميركي، وفق ما أكده صندوق قطر للتنمية، في إطار ما وصفه بـ"الالتزام الثابت تجاه الشعب السوري ودعم البنية التحتية لضمان حياة كريمة وآمنة". من جهته، رأى الخبير الاقتصادي عمار يوسف أنّ الدعم القطري الجديد "قد لا يقتصر أثره على الجانب الخدمي فقط، بل يُتوقع أن يُحدث تحسّناً ملحوظاً في الأداء الاقتصادي العام". وأوضح في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ النقص الحاد في الكهرباء "كان ولا يزال من أبرز التحديات أمام الإنتاج المحلي، ورفع عدد ساعات التغذية يساهم في تقليل التكاليف، ويُترجم بانخفاض الأسعار، ودعم المنتجين والمستهلكين على حد سواء". وأشار إلى أن تحسّن الإمدادات "يعزز من قدرة المنتجات السورية على المنافسة محلياً وخارجياً، ما قد يسهم في تقليص الاعتماد على الاستيراد، وزيادة فرص التصدير"، لافتاً إلى أنّ ذلك "سينعكس إيجاباً على سعر صرف الليرة السورية عبر تقليص الطلب على العملات الأجنبية". وعلى الصعيد الإقليمي، رحّب السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سورية توماس برّاك بالمبادرة القطرية، واصفاً إياها بـ"الخطوة العميقة نحو التخفيف والاستقرار في لحظة حرجة". وقال في تصريح إنّ "تدفق الغاز الطبيعي الأذربيجاني عبر تركيا اعتباراً من 2 أغسطس/ آب سيسهم في توليد 800 ميغاواط من الكهرباء، ويوفر الإنارة لما يقارب خمسة ملايين منزل في سورية"، مؤكداً أنّ هذا الدعم "يُجسد شراكة جريئة من قبل دولة قطر وقيادتها، ويعكس التزاماً إنسانياً حقيقياً تجاه الشعب السوري". اقتصاد عربي التحديثات الحية سورية تمنع استيراد الخضار والفواكه والدواجن لـ"دعم الإنتاج المحلي" تشير التقديرات إلى أنّ قطاع الكهرباء في سورية تكبّد خسائر فادحة نتيجة سنوات النزاع المستمرة، حيث بلغت الخسائر المباشرة نحو 40 مليار دولار، في حين تجاوزت الخسائر غير المباشرة 80 مليار دولار، وقد أدى ذلك إلى تدمير 59 محطة تحويل كهربائي بشكل كامل، وتعطل 129 خط توتر عالٍ، بالإضافة إلى عمليات النهب والسرقة التي طاولت العديد من المنشآت، ما أسفر عن تدهور حاد في شبكة الكهرباء الوطنية. ورغم هذه التحديات الجسيمة، تعمل الحكومة السورية على تنفيذ خطة متكاملة لإصلاح القطاع، ترتكز على ثلاث مراحل أساسية تشمل الطوارئ، إعادة البناء، والتطوير والاستدامة، بهدف زيادة ساعات التغذية الكهربائية، وإعادة تأهيل المحطات المتضررة، وتعزيز الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتأتي مساهمة صندوق قطر للتنمية في هذا السياق دعماً حيوياً يسهم في تخفيف الأعباء على البنية التحتية الكهربائية، ويساعد في دفع عجلة التعافي الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، ما يفتح آفاقاً جديدة لتحسين جودة الحياة للمواطنين السوريين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store