
أطباء: تأثير «النعاس» على السائق يعادل الكحول بنسب غير قانونية
يواجه كثيرون ليالي عمل طويلة من سائقي الشاحنات وحراس الأمن ومقدمي الرعاية الصحية، وهي وظائف أساسية للمجتمع ولصحة ورفاهية عامة الناس.
ولا يستبعد نتيجة لذلك قيادتهم سياراتهم وهم يشعرون بالتعب، ويكون الأمر خطيراً عندما يصبح الشعور بالإرهاق شديداً على نحو يؤثر سلباً في قدرتهم على التركيز.
وأكد أطباء متخصصون أن قيادة السيارة أثناء الشعور بالنعاس أو الإرهاق الشديد تسبب مخاطر كبيرة تهدد الأرواح نتيجة وقوع حوادث جسيمة، موضحين أن بقاء الشخص مستيقظاً لمدة تراوح بين 18 و24 ساعة يُعادل القيادة تحت تأثير الكحول بنسبة تراوح من 0.05% إلى 0.1%، وهي نسب تُعتبر غير قانونية.
وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إنّه عندما لا يحصل الإنسان على قسط كافٍ من النوم، تتباطأ بعض مناطق الدماغ، خاصة المسؤولة عن الانتباه واتخاذ القرار، ما يزيد من خطر الحوادث.
وحددوا خمس علامات تدل على أن الشخص غير مؤهل للقيادة ويعرض نفسه والآخرين للخطر.
وطالبوا بتبني إجراءات قانونية واضحة للتعامل مع القيادة تحت تأثير الإرهاق أو قلة النوم، كالتعامل مع القيادة تحت تأثير الكحول، مشددين على أن الإرهاق يجب أن يُصنف عاملاً خطراً مثل القيادة تحت تأثير الكحول، وتنظيم ساعات القيادة خاصة في المهن التي تعتمد على التنقل، وتبني أجهزة لتقييم «اليقظة» لدى السائقين.
وبينما يُجرم القانون القيادة تحت تأثير الكحول، لاتزال القيادة في حالة تعب أو سهر تُعامل باستخفاف من بعض الأفراد، على الرغم من أنها قد تكون مميتة، إذ أشارت إحصاءات وزارة الداخلية إلى وقوع 127 حادثاً مرورياً خلال السنوات الخمس الماضية نتيجة التعب والنعاس والإرهاق والنوم أثناء القيادة.
وتفصيلاً، قال اختصاصي المخ والأعصاب، الدكتور محمد المعتز، إنّه عندما لا يحصل الإنسان على قسط كافٍ من النوم تتباطأ بعض مناطق الدماغ، خاصة المسؤولة عن الانتباه واتخاذ القرار، وقد تدخل في «نوبات غياب» مؤقتة تُشبه الغفوة، موضحاً أن هذا الخلل في وظائف الدماغ يؤدي إلى ضعف التركيز وسوء تقدير المسافات والمواقف أثناء القيادة، ما يزيد من خطر الحوادث.
وأضاف أن قلة النوم تُشبه في تأثيرها تأثير الكحول على الجهاز العصبي، خاصة من ناحية بطء ردود الفعل وضعف القدرة على اتخاذ القرار بشكل واضح، وتشير الدراسات إلى أن بقاء الشخص مستيقظاً لمدة تراوح بين 18 و24 ساعة يُعادل القيادة تحت تأثير كحول بنسبة تراوح من 0.05% إلى 0.1%، وهي نسب غير قانونية في العديد من الدول.
وشدد على أن النعاس يؤدي إلى بطء ردود الفعل وضعف القدرة على التركيز أثناء القيادة، لافتاً إلى أن السائق قد لا ينتبه للخطر إلا بعد فوات الأوان، محدداً خمس علامات مهمة تدل على أن الشخص غير مؤهل للقيادة ويعرض نفسه والآخرين للخطر، وتدل على أن الدماغ بدأ يفقد القدرة على التركيز، وتشمل التثاؤب المستمر، وصعوبة إبقاء العينين مفتوحتين، والتحديق الطويل، ونسيان تفاصيل الطريق أو الانحراف المفاجئ.
وفي ما يخص تناول القهوة ومشروبات الطاقة للتركيز، أوضح أنها قد تمنح السائق تأثيراً مؤقتاً باليقظة، لكنها لا تُعيد وظائف الدماغ إلى حالتها الطبيعية، وقد تؤدي إلى شعور زائف بالانتباه، بينما يظل خطر الغفوة المفاجئة أو بطء رد الفعل قائماً.
وحذر رئيس قسم طوارئ، الدكتور نشأت هنداوي، من خطورة القيادة تحت تأثير الإرهاق وقلة النوم، مؤكداً أن الطوارئ تستقبل باستمرار حالات ناتجة عن نوم السائق أثناء القيادة أو تأخره في الاستجابة بسبب التعب الشديد.
وقال: «نستقبل بشكل متكرر حالات حوادث مرورية سببها الرئيس الإرهاق الشديد، وغالباً ما تقع في ساعات الليل المتأخرة أو الصباح الباكر، وكثير من السائقين لا يدركون أن قلة النوم تؤدي إلى بطء في الاستجابة وفقدان الوعي المؤقت أحياناً كما يحدث من تأثير الكحول».
وأضاف أن من أخطر الإصابات التي يتم رصدها في مثل هذه الحوادث إصابات الرأس، وكسور في العمود الفقري، والنزيف الداخلي، خصوصاً أن هذه الحوادث غالباً ما تكون وجهاً لوجه أو بسرعة عالية، نتيجة قلة التركيز وعدم ضغط السائقين على دواسة التوقف في حالات الطوارئ، لافتاً إلى أن بعض السائقين يصلون إلى قسم الطوارئ بعد فقدانهم للوعي تماماً أو توقف القلب نتيجة قوة الاصطدام.
وأكد ضرورة تبني إجراءات قانونية واضحة للتعامل مع القيادة تحت تأثير الإرهاق أو قلة النوم، مشدداً على أن الإرهاق يجب أن يُصنف كعامل خطر، إضافة إلى مزيد من حملات التوعية بخطورة هذا الأمر، وتنظيم ساعات القيادة، خاصة في المهن التي تعتمد على التنقل، كسائقي الشاحنات والتوصيل، كما يجب النظر في تبني أجهزة لتقييم «اليقظة» لدى السائقين لحماية الأرواح.
وحذر أخصائي الطب النفسي، الدكتور عصام سماحة، من أن كثيراً من الأشخاص يستخفون بأثر التعب أو قلة النوم، ويظنون أنهم قادرون على القيادة بتركيز وتحكم، على الرغم من شدة الإرهاق، وتُعزى هذه الثقة الزائدة بالنفس إلى ما يُعرف نفسياً بـ«الانحياز الإدراكي»، حيث يقلل الفرد من تقديره للمخاطر بسبب اعتياده على القيادة، كما يعتبر بعض السائقين أن القيادة مهمة لا تحتمل التأجيل، فيُضحّون براحتهم على حساب سلامتهم.
وقال إن هناك ارتباطاً قوياً بين الضغوط النفسية والإصرار على القيادة رغم التعب، فالأشخاص الذين يمرون بحالة توتر أو ضغط نفسي قد يلجؤون إلى القيادة كوسيلة للهروب أو لتشتيت انتباههم، ظناً منهم أنها تساعدهم على الشعور بالسيطرة، موضحاً أن التوتر يُضعف القدرة على التفكير السليم واتخاذ قرارات عقلانية، ما يجعلهم أكثر عرضة للمجازفة، وفي بعض الحالات تكون الضغوط هي الدافع الخفي وراء ارتكاب هذا التصرف الخطر الذي لا يهدد حياتهم فقط، بل حياة أسرهم ومن معهم أيضاً.
وحول تأثير السهر المزمن على السائقين، بيّن أن الحرمان المستمر من النوم يؤثر بشكل مباشر على القدرات الذهنية، فيُضعف التركيز، ويُبطئ ردود الفعل، ويزيد من احتمال الوقوع في الخطأ، ويعاني الدماغ في هذه الحالة مما يُعرف بـ«النوم الجزئي»، حيث تدخل بعض مناطقه في حالة خمول على الرغم من أن الشخص لايزال مستيقظاً، وهو أمر بالغ الخطورة أثناء القيادة.
ودعا إلى تبني حملات توعية في المجتمع لإظهار الجانب النفسي، وليس فقط الجسدي، للخطر، ونشر قصص تبرز حالات حقيقية لأشخاص فقدوا حياتهم بسبب القيادة أثناء الإرهاق، إلى جانب رسائل تشرح كيف يعمل الدماغ تحت التعب، وكيف يتم خداع النفس بالاعتقاد أن «كل شيء تحت السيطرة».
وشدد على أهمية تطوير برامج سلوكية وإرشادية تركز على هذا الجانب.
وقال: «هناك برامج عالمية تعتمد على تقنيات العلاج المعرفي السلوكي لتغيير أنماط التفكير المتعلقة بالقيادة والتعب، ويمكن أيضاً دمج برامج التوعية في المدارس أو شركات النقل لتعليم السائقين تقييم حالتهم النفسية والبدنية قبل القيادة، إضافة إلى استخدام تطبيقات ذكية تُذكّر السائقين بساعات النوم وتحذرهم من القيادة إذا كانوا غير مؤهلين نفسياً أو بدنياً».
كاشف النعاس
يعمل كاشف النعاس على منع الحوادث الناجمة عن النوم القصير والتعب وقلة الانتباه.
وتأتي أنظمة كشف نعاس السائق عادةً كأداة واحدة، كجزء من أنظمة مساعدة السائق المتقدمة، وهي عبارة عن برامج وتقنيات متنوعة مصممة لجعل القيادة أكثر أماناً وتقليل احتمالية الخطأ البشري الذي قد يؤدي إلى حوادث مرورية كارثية.
وتراوح هذه الأنظمة بين تحذير السائق في حال وجود شيء ما في النقطة العمياء، وتفعيل الكبح التلقائي في حالات الطوارئ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
بلدية العين تطلق حملة موسعة لتوعية 10 آلاف عامل بمخاطر الإجهاد الحراري
أطلقت بلدية مدينة العين حملة توعية موسعة تحت شعار "السلامة في الحر 2025"، بالتعاون مع مركز أبوظبي للصحة العامة، وذلك بالتزامن مع بدء سريان تطبيق "حظر العمل وقت الظهيرة" على مستوى الدولة. وتستهدف الحملة توعية 10 آلاف عامل بمخاطر العمل في الأماكن الحارة والمكشوفة تحت أشعة الشمس خلال فترة الظهيرة، وذلك في إطار جهودها لحماية العمال من آثار الإجهاد الحراري والأمراض المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف. وتمتد الحملة على مدى ثلاثة أشهر من 15 يونيو حتى 15 سبتمبر 2025، وتُركز على ساعات الحظر المقررة من 12:30 ظهراً حتى 3:00 عصراً، حيث تشتد درجات الحرارة وتزداد مخاطر التعرض للإجهاد الحراري. وقالت الدكتورة غوية حميد النعيمي رئيس قسم التوعية والتواصل بإدارة البيئة والصحة والسلامة، إن هذه المبادرة تأتي في إطار التزام بلدية مدينة العين بتوفير بيئة عمل آمنة وصحية، لضمان تطبيق أعلى معايير السلامة المهنية، بالإضافة إلى رفع الوعي المجتمعي بأهمية اتخاذ الإجراءات الوقائية خلال أشهر الصيف الحارة. وأوضحت أن الحملة تقدم برامج توعوية أساسية لوقاية العمال من الإجهاد الحراري ومخاطر العمل في الصيف، وتعمل على تعزيز ثقافة السلامة الحرارية وفهم برنامج إدارة الإجهاد الحراري في مواقع العمل المكشوفة، علاوة على تأكيد التزام المؤسسات بتطبيق قانون حظر العمل وقت الظهيرة، وتوفير بيئة عمل ملائمة وآمنة، وحث أصحاب العمل على توفير التدريب الذاتي لضمان التعليم والتوعية المستمرة. وتتضمن الحملة حزمة من الأنشطة الميدانية والتوعوية، تشمل توزيع منشورات إرشادية، وتنظيم ورش عمل وفعاليات مجتمعية بالتعاون مع شركاء من القطاعين الحكومي والخاص، بالإضافة إلى تنفيذ زيارات ميدانية تفقدية للتأكد من الالتزام بالإجراءات الوقائية وقوانين العمل المعمول بها، مع التأكيد على مسؤولية أصحاب العمل في توفير ضروريات السلامة مثل محطات المياه المبردة وأماكن الظل والاستراحة للعمال.


الإمارات اليوم
منذ 7 ساعات
- الإمارات اليوم
«السولاريوم».. تهديد صريح بسرطان الجلد
حذر المكتب الاتحادي للحماية من الإشعاع من خطورة جهاز التسمير الاصطناعي المعروف باسم «السولاريوم» على الصحة؛ حيث إنه يرفع خطر الإصابة بسرطان الجلد بنوعيه الأسود والأبيض، لاسيما لدى الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة، وذلك بسبب الأشعة فوق البنفسجية الاصطناعية الضارة. وأوضح المكتب أن الأشخاص الذين يبدؤون في استخدام جهاز التسمير الاصطناعي بانتظام قبل سن الـ35، يزيدون من خطر الإصابة بسرطان الجلد الأسود بنسبة 60%، مقارنة بالأشخاص الذين لم يستخدموا جهاز التسمير على الإطلاق. ويعد الوضع مشابهاً بالنسبة لسرطان الجلد الأبيض، الأكثر شيوعاً؛ حيث إن احتمال الإصابة بسرطان الخلايا الحرشفية يزيد على الضعف (102%) إذا بدأ الأشخاص في استخدام جهاز التسمير الاصطناعي قبل بلوغهم سن 25 عاماً، كما يرتفع خطر الإصابة بسرطان الخلايا القاعدية بنسبة 40%. وتنبغي استشارة الطبيب فور الاشتباه في الإصابة بسرطان الجلد، وذلك من خلال ملاحظة بعض التغيرات الطارئة على الجلد، مثل ظهور نتوء لامع لؤلئي أو بقعة وردية اللون، أو ظهور بقع حمراء متقشرة أو قروح مفتوحة.


الإمارات اليوم
منذ 7 ساعات
- الإمارات اليوم
باحثون في «نيويورك أبوظبي» يطورون اختباراً سريعاً لرصد الفيروسات المُعدية
طوَّر فريق من الباحثين في جامعة نيويورك أبوظبي شريحة اختبار تشخيص مصنوعة من الورق، تُتيح لغير المتخصصين استخدامها لرصد فيروسات الأمراض المُعدية خلال أقل من 10 دقائق، دون الحاجة إلى معدات مخبرية متطوّرة، وتقدم «شريحة RCP-Chip» حلاً سريعاً خفيفاً منخفض التكلفة للفحص الميداني للأمراض المُعدية. وتقوم فكرة الابتكار على اكتشاف أصغر آثار المادة الوراثية الفيروسية في عينات اللُّعاب، لسهولة جمعها دون حاجة إلى الوخز بالإبر أو الجراحة، حيث يشير تغيُّر اللون إلى وجود الفيروس المستهدف. وتعمل شريحة الاختبار دون كهرباء أو معدات خاصة، وتحتاج إلى مصدر حرارة معتدل (نحو 65 درجة مئوية)، أي بحرارة الماء الدافئ. ويتضمَّن تصميمها المبتكَر مكوِّنات صغيرة، مثل منافذ العينات والفتحات، والمقاومات السائلة، وغرف التفاعل المحمّلة مسبقاً بالبادئات والإنزيمات وجسيمات الذهب النانوية في جهاز ضمن ورقة واحدة، ويمكن تعديلها لرصد مختلف مسبّبات الأمراض المُعدية (البكتيريا، الفيروسات)، من خلال أنواع متعددة من العينات مثل اللعاب والدم والمصادر البيئية.