logo
مجتمع الاستخبارات الأميركي وتقييم مخاطر دول "كرينك"

مجتمع الاستخبارات الأميركي وتقييم مخاطر دول "كرينك"

الميادين١١-٠٤-٢٠٢٥

مع نهاية الربع الأول من كلّ سنة، يصدر مجتمع الاستخبارات الأميركي (Intelligence Community) تقريراً خاصاً بعنوان "تقييم المخاطر" (Threat Assessment). ويضمّ مجتمع الاستخبارات الأميركي 18 وحدة متخصصة تشكّل الهيكل العامّ للاستخبارات الأميركية (الـ CIA هي واحدة منها فقط).
أما التقرير فيعرض ما يسمّيه المخاطر التي يتعرّض لها "الأمن القومي الأميركي"، وعادة ما يصنّف المخاطر إلى مخاطر من غير الدول (تجارة المخدرات والمواد الخطرة، التنظيمات من غير الدول) ومخاطر دولية (الدول التي تشكّل حالة عدائية للولايات المتحدة وسياساتها).
ليس غريباً أن يختصر التقرير المخاطر الدولية في 4 دول، بات العديد من الكتّاب يفضّلون اختصارهم بـ "كرينك" CRINK (الصين، روسيا، إيران، وكوريا الشمالية).
في التقييم الاستراتيجي، الذي يعرضه التقرير عن الصين، يأتي على ذكر عام 2049 باعتباره عام "التجديد العظيم للأمة الصينية". إنه الوقت وكيفية التعامل معه؛ أكثر ما يُشعر الولايات المتحدة بالخطر من الصين، فالتقرير يعتبر أنّ الصين تشتري الوقت لتحسين الوضعية التنافسية في لحظة الحسم، أو لحظة التحوّل من التنافس (competition) إلى التنازع (Dispute) إلى الصراع (Conflict).
آلية التعامل الصيني مع الوقت، وتحديد لحظة الانتقال من المستوى الأول إلى المستوى الثاني في المواجهة، تربك طريقة التعامل الأميركي، القائم على العمليات الجراحية السريعة، مع تحمّل أضرارها الجانبية كاملة، والبحث في علاجها لاحقاً، وما زالت الدبلوماسية الأميركية تتذكّر كلمات ماو تسي تونغ لهنري كسنجر "لا مشكلة لدينا في تايوان، يمكن أن نضع خطة من 100 سنة لاستعادتها".
لذلك علاقة بالموروث الثقافي الصيني الأوسع، وأدبيات صن تزو في "فنّ الحرب"، واعتماد قواعد حرب الاستنزاف البطيئة والمملّة إلى حين أن تتحوّل إلى قاتلة!
1. تعاظم الإمكانات العسكرية الصينية، بما يجعلها التهديد العسكري الأكبر بحسب التقييم الأميركي، وظهرت ملامح ذلك في عدة مناسبات؛ امتنعت فيها القوات الأميركية من المناورات التدريبية قرب المحيط الجغرافي الصيني.
يرصد التقرير إمكانات الصين العسكرية، ومن ذلك حاملة الطائرات فوجيان، التي تدخل الخدمة بشكل رسمي في 2025، ومنظومة الصواريخ الباليستية والفرط صوتية (DF ـــــ27)، التي تستطيع استهداف الأراضي الأميركية بشكل مباشر، وجزيرة غوام في المحيط الهادئ التي تمثّل قاعدة عسكرية أميركية مهمة، ناهيك عن هاواي وألاسكا.
بحسب التقرير، تستطيع المعدّات العسكرية الصينية إصابة الهدف، إما عن بعد، أو باستخدام الغوّاصات النووية أو الطائرات الحربية.
2. تمثّل الصين بالنسبة للولايات المتحدة خطراً سايبرانياً عالياً، وتؤشّر في تقريرها على مجموعات عمل وأحداث مثل Volt Typhoon، وSalt Typhoon. وتعتبر أنّ الإمكانات السيبرانية الصينية قادرة على إثارة الهلع الاجتماعي أو تعطيل الحياة الاجتماعية وتعطيل في البنية التحتية العسكرية.
3. ليس جديداً الحديث عن القلق من الدور الاقتصادي في العالم، باعتباره عموداً أساسياً (Main Pillar) في سياق مواجهة الهيمنة الأميركية على الاقتصاد العالمي.
بل إنّ الصين قادرة على اتخاذ إجراءات عقابية اقتصادية، ولكن من دون أن تعلن ذلك، كما هو الحال في الولايات المتحدة، وقد عمدت أكثر من مرة إلى تعقيد الإجراءات البيروقراطية ضدّ كيانات معيّنة كنوع من العقاب الاقتصادي (تحدّثت عدد من التقارير سابقاً عن ممارسة ذلك مع "إسرائيل" خلال طوفان الأقصى، تحديداً فيما يتعلّق بالمنتجات ذات الاستخدامات المتعدّدة).
4. يفرد التقرير مساحة كافية للحديث عن أشباه الموصلات، وتتّضح الصورة أكثر من الرواية الحالية القائلة إنّ الولايات المتحدة تعاقب الصين بالشرائح (IC) والصين تعاقبها بالمنتج الأخير (الهاتف، السيارة الكهربائية، التلفاز، إلخ...)، ويورد التقرير ما مفاده:
· أنّ الصين تنتج شرائح الـ 7 نانوميتر ويعمل باحثوها على تسهيل إنتاج شرائح الـ 3 نانوميتر بكميات أكبر.
· إذا كانت الولايات المتحدة تحارب الصين بالشرائح كسلع رأسمالية (مدخلات إنتاجية)، فالصين لا تهدّدها بالمنتج الأخير فقط، وإنما بالعناصر التي تصنع منها الشرائح نفسها، والتي تسيطر الصين على تنقيبها (غاليوم، جرمانيوم، إلخ...).
5. تتحسّس الولايات المتحدة خطراً صينياً في الأركتيك (القطب الشمالي)، وتعتبر أنّ ذوبان القمم الجليدية هناك، سوف يمنح فرصة صينية للتجارة واستخراج المزيد من مصادر الطاقة، كي لا يتمّ الاكتفاء بمصادره من الشرق الأوسط.
تأتي خطوة ترامب في غرينلاند مفهومة في إطار هذا الصراع، فالعلاقة بين غرينلاند والصين كانت تتسارع خلال السنوات الماضية، ووزيرة الخارجية في غرينلاند، فيفيان موتزفيلد، زارت الصين لمدّة أسبوع عام 2023 لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والشراكات التجارية.
6. تشير التقديرات الأميركية إلى أنّ حصة التكنولوجيا من الاقتصاد الصيني سوف تكون 23% العام المقبل، ويمثّل ذلك زيادة بالضعف عن عام 2018. والقلق الأميركي الأساسي، هو العمل الصيني على إزاحة الولايات المتحدة عن المنافسة في الذكاء الاصطناعي عام 2030، ومجدّداً يشكّل التعامل الصيني مع الوقت هاجساً أميركياً.
يكمن القلق الأميركي في أن تتوسّع حالة التفوّق الصيني في ميدان الذكاء الاصطناعي، فالصين متفوّقة في ميادين الذكاء الاصطناعي المتعلّقة بتحليل الفيديو وبصمات الصوت والوجوه، ويكمن القلق في أن يطال ذلك مختلف قطاعات الذكاء الاصطناعي التوليدي (generative AI). 14 شباط 09:56
10 شباط 08:08
7. عندما أشعل ريغان "حرب النجوم" ضدّ الاتحاد السوفياتي، لم تكن الإمكانات الصينية في الفضاء تذكر، واليوم تعتبر الولايات المتحدة أنّ الصين هي المنافس الأساسي في الفضاء، ويعود ذلك للأسباب الآتية:
· القدرة التنموية في الفضاء لأقمار صناعية ومنها low earth orbit، وقاعدة على القمر.
· قدرة الاستغناء عن التكنولوجيا الغربية، "بيدو" بديلاً عن جي بي أس الأميركي أو غاليليو الأوروبي.
ما زالت الولايات المتحدة تعتبر القدرة الروسية على منع توسّع الناتو شرقاً هي مصدر القلق الأساسي، وأنّ عزل روسيا عبر فائض العقوبات لم يعطِ النتائج المرجوّة، بعد تعزيز روسيا علاقاتها الدولية بعيداً عن الغرب، وتركيزها على الصين وإيران وكوريا الشمالية، واعتمادها منظّمات مثل البريكس.
يسرد التقرير مجموعة من المخاطر، أهمها:
1. أنّ الضغوطات الاقتصادية على روسيا لم تعطِ النتائج المرجوّة، ولا سيما أنّ الاقتصاد الروسي ما زال يحتلّ المركز الرابع عالمياً بحسب مؤشّر الناتج المحلي الإجمالي بمعادل القوة الشرائية PPP. ويتطابق ذلك مع تقارير أخرى صادرة عن الـ CIA بشكل منفصل.
2. الخسائر البشرية الروسية في الحرب في أوكرانيا، والتي يقدّرها التقرير بـ 750 ألفاً بين قتيل وجريح، لم تؤثّر على الواقع الاستراتيجي للقوة العسكرية الروسية، ومن ذلك أنّ مؤشرات القوة البحرية والجوية مثلاً تعاظمت ولم تتراجع.
3. ما زالت دبلوماسية العداء للولايات المتحدة تجد أصداء واسعة (Anti-US Diplomacy).
4. أعطت الحرب في أوكرانيا بنكاً غزيراً لروسيا من الدروس المستفادة والتجربة في مواجهة الأسلحة الغربية، الأمر الذي يعطيها أفضلية في مواجهات مباشرة مستقبلية إن حدثت، وهذا يشكّل تحدّياً كبيراً للسياسة الدفاعية الأميركية.
5. ما زالت القوة السيبرانية وإمكانات التأثير في نتائج الانتخابات الأميركية حاضرة.
6. لم تكتفِ روسيا بتركة الاتحاد السوفياتي من الترسانة النووية، وإنما قامت بتحديثها بشكل ملحوظ على مستوى الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية.
7. إذا كانت روسيا لا تشكّل تهديداً مماثلاً للصين في الفضاء لجهة المشاريع التطويرية والتقنية الحديثة، إلا أنها تمتلك أسلحة الفضاء التدميرية (Anti Satellite Weapons – Jamming systems)، التي ستجعل الصين في وضعيّة تنافسية أعلى، بحكم أنها غير معرّضة لها، بل الغرب قد يكون عرضة لاستهدافها.
8. في ميدان الذكاء الاصطناعي، لا تشكّل روسيا الخطر الأكبر (إنما الصين)، ولكن مجدّداً، فإنّ الحرب في أوكرانيا طوّرت أنظمة معزّزة بالذكاء الاصطناعي في روسيا، ومن ذلك مضادات المسيّرات AI-Enabled Anti Drone Systems.
9. في ميدان صناعة أشباه الموصلات، أيضاً لا يماثل القلق من روسيا الحالة في الصين، حيث إنّ معظم الإنتاج الروسي في هذا الميدان، ما زال في حدود شرائح 65 نانوميتر، وهو نموذج قديم نسبياً.
يقول التقرير إن إيران سوف تستمر في جهودها لمواجهة "إسرائيل" والضغط على الولايات المتحدة لمغادرة المنطقة، ويقول إنه على الرغم من التحوّلات في المنطقة مؤخّراً إلّا أنّ ثمّة تهديدات من محور المقاومة ما زالت حاضرة:
· إمكانية تهديد القواعد العسكرية الأميركية في العراق وسوريا.
· ثغرات إسرائيلية عرضة للخطر من حماس وحزب الله.
· تهديد اليمن عبر المسيّرات والصواريخ في فلسطين المحتلة أو في البحر.
فيما يتعلّق بإيران بالتحديد، يعتبر التقرير أنّ إيران قادرة على إلحاق أضرار جسيمة بالمهاجم، بسبب امتلاكها للمخزون الأكبر في المنطقة من الصواريخ والمسيّرات، وإمكانات الهجوم على أهداف في المنطقة، والتأثير على اقتصادات الطاقة وسلاسل التوريد عبر مضيق هرمز، وامتلاكها عمقاً استراتيجياً عبر دائرة الحلفاء. تشكّل الدبلوماسية الإيرانية عنصراً من عناصر القلق الأميركي، ويعتبر أنها حقّقت نجاحات متباينة من وقت إلى آخر.
يوحي التقرير أنّ الرهان الأميركي الأكبر في إيران على الاضطرابات في الداخل، كالأحداث في نهاية عام 2022 وبداية 2023، ويعتبر أنه على الرغم من الإمكانات الإيرانية، إلا أنّ التركيز الإيراني خلال المرحلة المقبلة هو ترميم الإمكانات في محور المقاومة.
ينظر التقرير إلى كوريا الشمالية باعتبارها قوة عسكرية قادرة على استهداف أراضي الولايات المتحدة، وأنّ الاتفاقيات الاستراتيجية مع روسيا عزّزت من إمكاناتها، وجعلتها تخرج من الارتهان لعلاقة واحدة (الصين).
في تقييم المخاطر المقبلة من كوريا الشمالية، يعتبر مجتمع الاستخبارات أنّ الهامش التفاوضي الضيّق لكيم جونغ أون أساسيّ، ولا سيما عند الحديث عن برنامج التسليح العسكري، كما يعتبر دخول كوريا الشمالية عالم العملات المشفّرة خطراً إضافياً.
يعتبر التقرير أنّ الروابط التي جمعت بين هذه الدول تمثّل خطراً حقيقياً، وأنّ التعاون عزّز إمكانات المواجهة لديها، سواء بشكل فردي أو جماعي، وأنّ الحرب في أوكرانيا سرّعت في وتيرة هذا التعاون (تعاون عسكري روسي مع إيران وكوريا الشمالية، اعتماد روسيا على واردات متعددة الاستخدامات من الصين، تحويل صادرات روسيا باتجاه الصين، اتفاقيات استراتيجية بين روسيا وإيران، وبين روسيا وكوريا الشمالية، فتح روسيا الطريق أمام الصين باتجاه الأركتيك، إلخ...)، وسوف يستمر بصرف النظر عن نتائج هذه الحرب.
الصين في نظر التقرير هي اللاعب الأكبر، وروسيا هي عنصر التحفيز للتعاون، والتعاون الصيني الروسي هو الأكثر خطورة؛ ولكن تبدو السمة العامّة في التقرير أنّ واشنطن تفضّل المواجهات المنفردة مع خصومها، وأنّ المواجهة الجماعية في ظلّ تعزيز روابط التعاون، لن تكون إلا انتحاراً أميركياً!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لعبة الأمم: من حرب الرّسوم إلى حرب النّجوم
لعبة الأمم: من حرب الرّسوم إلى حرب النّجوم

الشرق الجزائرية

time٣٠-٠٤-٢٠٢٥

  • الشرق الجزائرية

لعبة الأمم: من حرب الرّسوم إلى حرب النّجوم

«أساس ميديا» حرب الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الصين، وعلى الاتّحاد الأوروبي وكندا والمكسيك، وهي الدول الأكثر تعاملاً اقتصاديّاً مع الولايات المتّحدة، ليست جديدة. فالقلق الأميركي من سرعة التطوّر الصناعي في الصين ومن انفتاحها على أسواق العالم (طريق الحرير)، حمل الإدارة الأميركية الجديدة على انتهاج سياسة عدائيّة تجاه الصين، كما حدث في مرّات عديدة سابقة. الجديد في الصراع الأميركي – الصيني هو أنّ الدولتين الكبيرتين معنيّتان بالشرق الأوسط وبدول العالم العربي والإسلامي، الأمر الذي يجعل من هذه الدول مسرحاً أو أحد مسارح الصراع الجديد. نشبت صراعات أميركية – صينية كثيرة، وكانت الدول العربية والإسلامية بمنأى عنها. من ذلك مثلاً اعتقاد الولايات المتّحدة أنّ ماوتسي تونغ بنجاح ثورته في الصين سيشكّل خطراً على المصالح الأميركية الاستراتيجيّة. وفي محاولة من واشنطن للالتفاف على هذا التطوّر وتطويقه، شنّت حرباً على كوريا في الخمسينيات من القرن الماضي، أي بعد سنوات قليلة من انتهاء الحرب العالمية الثانية. اعتقدت واشنطن في ذلك الوقت أنّ الصين بقيادة ماوتسي تونغ ستصبح قوّة معزّزة للاتّحاد السوفياتي، ويقتضي قطع الطريق أمام التحالف الصيني – السوفياتي الالتفاف على الصين وتطويقها من خلال كوريا. انتهزت واشنطن فرصة تغيّب المندوب السوفياتي في مجلس الأمن، مستفيدةً من تعطيل دور الفيتو، لاتّخاذ قرار إعلان الحرب على كوريا باسم الأمم المتّحدة. دفعت الولايات المتّحدة ثمناً غالياً سياسيّاً وعسكريّاً لتكتشف، ولو بعد فوات الأوان، أنّ ماوتسي تونغ لم يكن حليفاً لموسكو، بل إنّ الصراع الصيني – السوفياتي على الحدود أدّى إلى مناوشات عسكرية بينهما. عرف الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ووزير خارجيّته هنري كيسنجر كيف يمكن التسلّل من ثغرات الخلافات الصينية – السوفيتية لبناء جسر من الثقة بين بكين وواشنطن. وهو الجسر الذي عبرت عليه العلاقات بين العاصمتين عقوداً طويلة… ولا تزال بقاياه قائمة حتّى اليوم. ترامب بالاتّجاه المعاكس لنيكسون يبدو أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يحاول الآن القيام بالعملية السياسية ذاتها التي قام بها الرئيس الأسبق نيكسون، لكن باتّجاه معاكس. فبدلاً من أن ينفتح على بكين، كما فعل نيكسون، لقطع الطريق أمام تحالف موسكو – بكين، قرّر الانفتاح على موسكو لقطع هذا الطريق. يتمثّل هذا الانفتاح في الوساطة غير المتعثّرة التي يقوم بها الآن بين موسكو وكييف لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وكانت الترجمة العمليّة الأولى لهذه الوساطة إدانة سياسة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن (وحلف شمال الأطلسي) وسوء معاملة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض وإخراجه منه شبه مطرود. ويبدو واضحاً الآن أنّ المحادثات التمهيدية بين الجانبين الروسي والأوكراني في المملكة العربية السعودية، بمشاركة أميركية مباشرة، قد حقّقت الهدف المرحليّ الانتقالي من الحرب إلى التسوية. هذا يعني دخول العلاقات بين الاتّحاد الروسيّ والولايات المتّحدة مرحلة جديدة من التعاون المشترك الذي يضع الصين خارج معادلة التفاهم الصيني – السوفياتي السابق. يذكر المؤرّخ الأميركي ديفيد هلبيرشتاين في كتابه 'الشتاء الأبرد: أميركا والحرب الكوريّة'، كيف أنّ الصينيين في ذلك الوقت لم يكونوا يملكون طائرات عسكرية مقاتلة، وأنّ رئيس الاتّحاد السوفياتي آنذاك جوزف ستالين نكث بوعده لهم بتزويدهم بالطائرات. ويذكر أيضاً كيف أنّ القوّات الصينية (300 ألف جندي) عانت المجاعة أثناء الحرب بسبب انقطاع طريق الإمداد، وأنّها لم تكن تملك سوى 300 سيّارة شحن لنقل الجنود والمعدّات والذخيرة… وبقايا الطعام. الصّين اليوم والصّين بالأمس لكنّ الصين اليوم هي غير الصين بالأمس. تعرف الولايات المتحدة أنّ بكين أصبحت قوّة نووية، وتملك أساطيل جويّة وبحريّة قادرة على انتزاع تايوان من بين براثن النفوذ الأميركي وإعادتها بالقوّة العسكرية إلى الوطن الأمّ من جديد. ثمّ إنّ النفوذ الصيني المعنويّ (السياسي والاقتصادي) امتدّ إلى أميركا اللاتينية وإفريقيا، وإلى الشرق الأوسط، وإنّ هذا الامتداد يفرض معادلات سياسية – عسكرية تعيد رسم مسرح لعبة الأمم من جديد. من أجل ذلك يحاول الرئيس ترامب التودّد إلى روسيا عن طريق تسوية الحرب في أوكرانيا لقطع الطريق أمام أيّ تحالف روسي – صيني في مواجهة النفوذ الأميركي المتعثّر في الشرق الأقصى تحديداً، وفي مناطق عديدة أخرى من العالم، نتيجة سياسة الرئيس ترامب الاستعلائية والضريبية الجديدة. من المعروف عن الرئيس الأميركي ترامب أنّه قد لا يكون رجل دولة ناجحاً، لكنّه بالتأكيد رجل أعمال ناجح جدّاً. ومن المعروف أيضاً أنّه يدير شؤون الدولة الكبرى في العالم بحسابات رجل الأعمال وبعقليّة رجل السياسة. فهو يعرف أنّ الصين اليوم التي وصلت إلى القمر، هي ليست الصين في الأمس التي غرقت في وحول كوريا وفيتنام. ولكنّه يعرف أيضاً أنّ موسكو اليوم المتعثّرة في أوكرانيا ليست موسكو الأمس التي وصلت إلى كوبا. أين يقف العالم العربي من هذه التحوّلات التي نقلت العالم من حرب الرسوم إلى حرب النجوم، والتي تصنع مستقبل عالم القرن الواحد والعشرين؟!

نظام ولاية الفقيه ودوره في تدمير سوريا [الحلقة الثالثة والأخيرة]
نظام ولاية الفقيه ودوره في تدمير سوريا [الحلقة الثالثة والأخيرة]

الشرق الجزائرية

time١٥-٠٤-٢٠٢٥

  • الشرق الجزائرية

نظام ولاية الفقيه ودوره في تدمير سوريا [الحلقة الثالثة والأخيرة]

كتب عوني الكعكي: بداية، كانت سوريا أيام الرئيس حافظ الأسد مختلفة تماماً عمّا كانت عليه أيام الرئيس الهارب بشار الأسد. إذ يكفي أن نقول إنه خلال 30 سنة من حكم حافظ الأسد كان الأمن في سوريا مستتباً، ولم يصل أي انقلاب عكس ما كان يحدث قبله. إذ كان هناك انقلاب كل سنة أو سنتين. أيام الرئيس حافظ الأسد كانت سوريا مستقرّة، وعلى علاقة مميزة مع العرب وتحديداً مع كل العالم العربي باستثناء العراق.. لأنه كما هو معلوم هناك مشكلة بين البعث العراقي والبعث السوري.. إذ كان مؤسّس حزب البعث ميشال عفلق يعيش في العراق ويعتبر نفسه المؤسّس الأول والفعلي للحزب، وأنّ المرجعية يجب أن تكون عنده. ويكفي أنّ حافظ الأسد اتفق مع الرئيس أنور السادات وقاما بحرب ضد إسرائيل، هي الأولى والوحيدة في تاريخ الصراع العربي ـ الإسرائيلي التي حقق فيها العرب نتائج إيجابية. في بداية الحرب العراقية ـ الإيرانية، حاول حافظ الأسد أن يكون على مسافة واحدة من المتحاربين، وهذا ليس سرّاً. إذ ألقى الرئيس حافظ الأسد خطاباً في شهر آب 1981، أي بعد سنة على الحرب العراقية ـ الإيرانية، أعلن رسمياً أنه على استعداد أن يلعب دور الوسيط بين العراق وإيران، وأنه يريد أن تتوقف تلك الحرب… ولكن لم يكن مسموحاً لأحد أن يوقف الحرب نتيجة مؤامرة دولية. وعلى كل حال، حصل ما حصل، ودُمّرت العراق وجيشها كما دُمّرت إيران وجيشها، وكلّفت تلك الحرب الدولتين 2000 مليار دولار. على كل حال، عندما توفي حافظ الأسد… تسلم ابنه بشار الأسد الحكم، وكانت سوريا في وضع مالي جيّد، لا توجد عليها ديون أبداً حتى ولو كان الدين دولاراً واحداً. ما رفضه الرئيس حافظ الأسد بالنسبة للمفاعل النووي، قبل به بشار بالرغم من أن الرئيس حافظ أوصاه أن يبتعد عنه. كان الرئيس بشار في موضوع المفاعل النووي غبيّاً جداً… إذ عندما عُرض الموضوع عليه وافق فوراً، بينما رفض والده الرئيس حافظ الأسد المشروع نفسه عندما عُرض عليه عام 1998، قائلاً لهم: «إنّ نظامي لا يتحمّل هذا المشروع». وبالفعل أقدمت إسرائيل عام 2006 على تدمير المفاعل النووي السوري الذي كلّف 4 مليارات من الدولارات وتمّ بناؤه في دير الزور. والأهم أن إسرائيل علمت بأنّ سوريا تبني مفاعلاً نووياً من خلال الاتصالات. إذ قام ضابط سوري كبير كان في زيارة الى لندن ووصل الى الفندق، فوضع أغراضه في غرفة الفندق وترك الكومبيوتر وذهب الى السفارة حيث نقلته سيارة كانت تنتظره. دخل رجلان من «الموساد» الى غرفة الضابط الكبير واخترقا جهاز الكومبيوتر، ووضعا Ship كي يتسلما كل الرسائل التي تصل الى كومبيوتر الضابط، وهكذا حصلا على كل المعلومات. لم يكتفِ الأميركيون بمعلومات Trafic Line ، فعندما اكتشفت مخابرات «الموساد» أنّ هناك ١٠ آلاف اتصال بين دير الزور وبين كوريا الشمالي، نقل «الموساد» المعلومات الى الـ C.I.A ، فاشترطت الأخيرة أن تحصل على إثباتات دامغة، فما كان من «الموساد» الإسرائيلي إلاّ أن أرسل فرقة الى دير الزور وحصل على المعلومات وعلى عينات من المعمل النووي السوري في دير الزور. هكذا حصلت إسرائيل على موفقة أميركا لتدمير المفاعل النووي السوري، هذا ما حصل. الكارثة الكبرى كانت هي عندما اندلعت الحرب الأهلية، وراحت التظاهرات تعمّ البلاد، قام ابن خالة الرئيس بشار بارتكاب أكبر جريمة، إذ قبض على 14 شاباً أعمارهم بين الثامنة والـ18 سنة واقتلع أظافرهم، وعندما جاءت أمهات الأولاد يطلبن السماح لأولادهم تهجّم عليهم الضابط العميد عاطف نجيب الذي هو كما قلنا ابن خالة والد الرئيس الأسد… بدل أن يجتمع الرئيس بشار وزوجته بعائلات الشباب المعتدى عيهم وتطييب خاطرهم، الأغبى أنه عندما سُئل في B.B.C عن الأمر، قال الأسد: «لم يشتكِ أحد لي»… هل يوجد جواب أغبى من جواب بشار؟ وهكذا بدل أن يستوعب الكارثة قام بتأجيجها. أكتفي بهذا القدر، لأنه لو كان عندي مجال لتابعت كتابة كل ما أعرف.. وهذا جزء بسيط مما أعرفه.

"منطقة عسكرية".. 10 آلاف جندي أميركي وصلوا إلى الحدود مع المكسيك
"منطقة عسكرية".. 10 آلاف جندي أميركي وصلوا إلى الحدود مع المكسيك

الميادين

time١٥-٠٤-٢٠٢٥

  • الميادين

"منطقة عسكرية".. 10 آلاف جندي أميركي وصلوا إلى الحدود مع المكسيك

أكدت مجلة "Responsible Statecraft" الأميركية أنّ 10 آلاف جندي أميركي بدأوا بالوصول إلى الحدود المكسيكية، ونقل أنّ السكان المحليون يقولون إن "المكان أصبح منطقة عسكرية". وذكرت المجلة أنّ ترامب يواصل خطته لـ"عسكرة الحدود الأميركية مع المكسيك"، على الرغم من انخفاض أعداد المعابر الحدودية. وأوضحت المجلة أنّ الجنود لن يعتقلوا العابرين غير الشرعيين، بل سيركزون على تقديم الدعم والمتابعة الإضافية لعناصر حرس الحدود المتواجدين على الأرض. وقال الرائد جارين ستيفاني في مؤتمر صحافي: "لن نكون نشطين في الدوريات، سنتواجد في مواقع الكشف والمراقبة لتزويد حرس الحدود بهذه المعلومات، ليقوموا بعد ذلك بواجبهم في إنفاذ القانون". وأشارت المجلة إلى أنّ ستيفاني يقود منطقة انتشار "بيغ بيند"، و"تتوافق هذه السياسة مع قانون Posse Comitatus Act، الذي يهدف إلى منع الجيش من المشاركة في إنفاذ القانون المدني، مع بعض الاستثناءات". ولا يزال بعض السكان المحليين يشعرون وكأن "مجتمعاتهم تُعسكر". وفي هذا الإطار، قال أحد سكان بريسيديو في ولاية تكساس أنيبال غاليندو: "أشعر أنهم يحولون هذا المكان إلى منطقة عسكرية، أو ما يُشبه منطقة صراع، بينما هو في الواقع ليس كذلك". وشرحت "Responsible Statecraft" أنّ الجيش الأميركي ينشر معدات على الحدود تُستخدم غالباً في النزاعات الخارجية، بما في ذلك مركبات "سترايكر" ومدمرات بحرية. اليوم 14:15 اليوم 13:15 إضافةً إلى ذلك، كثّفت وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) رحلات الطائرات المسيّرة في المكسيك، مشيرةً إلى أنّ هذه المسيّرات "ليست في مهمة قتل، بل لتزويد الحكومة المكسيكية بالمعلومات"، وهو ما بدء في عهد الرئيس السابق، جو بايدن. وفي ظل احتمال تصاعد التوترات بين الحكومتين المكسيكية والأميركية بسبب هذه "العسكرة"، أعرب بعض الخبراء عن خشيتهم من أنّ المشكلة الحقيقية قد تكمن في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع حربها ضد عصابات المخدرات. وصنّفت إدارة ترامب العديد من الكارتلات الكبرى كـ"منظمات إرهابية أجنبية" في وقت سابق من هذا العام، مانحةً الحكومة الفيدرالية سلطاتٍ واسعة في مجال إنفاذ القانون والهجرة ضدها. وعلّق على ذلك، نائب رئيس دراسات السياسات الاقتصادية والاجتماعية في معهد "كاتو"، أليكس نوراستيه، قائلاً: "بتصنيفها لكارتلات المخدرات كمنظمات إرهابية أجنبية، تمنح إدارة ترامب سلطاتٍ جديدةً لنفسها، وتُرسّخ خطاباً إعلامياً جديداً قد يخدع الكثيرين، وتُعزّز ما تبقى من أجندتها المُناهضة للهجرة وفرض الأمن على الحدود". ووفقًا لنوراستيه، سيُمكّن هذا التصنيف الرئيس من "معاقبة دول أميركا اللاتينية اقتصادياً التي لا تتعاون بشكلٍ كافٍ مع خطة ترامب للهجرة، وتسويق روايته القائلة بأن أمريكا تغزو عبر حدودها الجنوبية". في المقابل"، أيد عضو الكونغرس دان كرينشو (جمهوري عن ولاية تكساس) إرسال بلاده أسلحةً حربيةً إلى المكسيك. هذا وسلّط جاستن لوغان من مركز "كاتو" الضوء على المنطق الخاطئ وراء هذه السياسة. وأوضح "على الرغم من ارتفاع معدل جرائم القتل فيها بأكثر من ثلاثة أضعاف في أقل من عقدين، إلا أن المكسيك لا تزال بعيدة كل البعد عن مستويات العنف التي شهدتها كولومبيا. واشار إلى أنّه خلال حقبة عصابات المخدرات في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، وصلت كولومبيا إلى معدل ينذر بالخطر بلغ 85 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة. ووصف لوغان مقارنة عنف المكسيك في عام 2023 بعنف كولومبيا في عام 1993 بـ "ضرب من الجنون". ولفت إلى أنّه عندما لجأت الحكومة المكسيكية إلى استخدام القوة في مكافحة كارتل المخدرات في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تضاعفت معدلات جرائم القتل هناك 3 مرات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store