
"إلقاء رمزي" للسلاح لحزب العمال الكردستاني، وظهور نادر لعبدالله أوجلان
وقال أوجلان في الشريط المصوّر الذي نشرته وكالة فرات للأنباء المقربة من الحزب، "في إطار الإيفاء بالوعود التي التزمنا بها، ينبغي إنشاء آلية لإلقاء السلاح تُسهم في تحقيق تقدم في العملية، وانتهاء الكفاح المسلح بشكل طوعي والانتقال إلى المرحلة القانونية والسياسة الديمقراطية".
وأشار أوجلان الزعيم التاريخي المسجون في تركيا منذ عام 1999، إلى أنه "بخصوص إلقاء السلاح سيتم تحديد الطرق المناسبة والقيام بخطوات عملية سريعة".
بُثّ تصريح أوجلان، قبل يومين من مراسم تُنظم في شمال العراق، حيث يتمركز الأكراد، من المقرّر أن تسّلم خلالها دفعة أولى من مقاتلي الحزب سلاحها، بعد شهرين من إعلان حزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون "بالإرهابي"، حلّ نفسه وإلقاء السلاح.
إلقاء "رمزي" للسلاح
أوجلان لفت في المقطع المسجل في يونيو/ حزيران الماضي، إلى أنه حالياً "يتم تشكيل لجنة داخل البرلمان التركي من أجل نزع السلاح بشكل طوعي وفي إطار قانوني، وهذا أمر بالغ الأهمية ... من الضروري أن تكون الخطوات المتخذة حساسة وبعيدة عن المنطق الضيق".
وتابع الرجل البالغ 76 عاماً، "أرى في هذه الخطوة بادرة حسن نية وأؤمن بها ... ويكمن إيماني بالسياسة وسلام المجتمع لا بالسلاح، أدعوكم لتطبيق هذا المبدأ".
وظهر أوجلان، جالساً بقميص بيج اللون وأمامه كوب من الماء على طاولة، وبدا وكأنه يقرأ من نص مكتوبٍ في الفيديو الذي تبلغ مدته سبع دقائق، وهو أول تسجيل علني مصور له أو لصوته منذ اعتقاله. وكان يجلس بجانبه ستة آخرون من أعضاء حزب العمال المسجونين، وجميعهم ينظرون مباشرة إلى الكاميرا، وفق وكالة رويترز.
ورأى مدير المركز الكردي للدراسات، نواف خليل، إن توقيت دعوة أوجلان "ليس مفاجئاً" بل "مرتبط بمجمل التطورات التي حدثت في الشرق الأوسط وتحديداً بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ووصول ترامب والحديث الواضح عن شرق أوسط جديد".
وأضاف في حديثه لبي بي سي، أن القيادة التركية "وصلت إلى قناعة عن عملية الإنكار التي طالت الأكراد منذ التوقيع على معاهدة لوزان 1923، لم تعد مجدية".
وأشار خليل إلى أن قرار حل حزب العمل "اتخذ بالإجماع"، لافتاً إلى أنه "سيؤدي إلى تقوية مسار السلام وصولاً إلى حل القضية الكردية".
ورأى أن حزب العمال "سيكون ملتزماً" بقراره وهو "أوفى بكل تعهداته وبشكل قاطع وواضح" على حد وصفه، لكنه قال إن "أي إخلال من الدولة التركية" بالاتفاق "سيكون سلبياً وستعاد المسألة إلى نقطة صفر وهذا لا يصب في مصلحة الطرفين".
لكن المحلل السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو، رأى أن تعهد حزب العمال بإلقاء سلاحه "ليس المأمول فقط" بل "المأمول والمطلوب أن يكون هناك جدية وحسن النوايا في تنفيذ ما تم التعهد به، التعهد شيء وتنفيذه شيء آخر".
وقال أوغلو لبي بي سي، إن الحكومة التركية "تنتظر ألا يكون إلقاء السلاح صورياً وأن يكون تعهداً حقيقياً ومضموناً فعلياً وليس لفئة معينة وبسيطة"، موضحاً: "يجب أن يكون شمولياً ولا يقتصر فقط على حزب العمال الكردستاني في تركيا بل يشمل أذرعه في شمال العراق وسوريا".
أوغلو تحدث عن "تحديات" تقف أمام إتمام عملية السلام بين حزب العمال والحكومة التركية، مشيراً إلى "وجود فرق وأذرع في حزب العمال ما تزال مترددة في تنفيذ هذا الاتفاق" لكن أوجلان "الشخص الوحيد الذي يستطيع إقناع هذه الفصائل بضرورة الالتزام وتنفيذ الاتفاق"، على حد تعبيره.
رأى أن هناك "مماطلة" من حزب العمال وفروعه في تنفيذ الاتفاق وهو ما "يشكل تحدياً آخر" ما يجعل الحكومة التركية "منزعجة وتشكك في صدق هذه النوايا"، وقال أوغلو إن "الإسراع في تنفيذ الاتفاق هو من أهم المطالب التركية".
وإذا نفذ الاتفاق على الأرض "ستتعهد تركيا بإيقاف العمليات العسكرية ضد الحزب خصوصاً في شمال العراق"، وفق أوغلو، وأوضح أن أنقرة "حريصة على تنفيذ التزاماتها في هذه المرحلة لأنها تريد أن تصل إلى ما يسمى دولة خالية من الإرهاب".
وقال إن تركيا "الضامن الحقيقي لتحقيق السلام"، لافتاً إلى أنه بالنسبة لتركيا "لا يزال هناك يد على الزناد لكن هناك يد ممدودة على الطاولة".
وقالت المتحدثة باسم حزب المساواة والديمقراطية للشعوب الموالي للأكراد في تركيا، عائشة جول دوغان، الأربعاء، إنه سيبدأ مسلحو الحزب تسليم الأسلحة في مدينة السليمانية في شمال العراق، الجمعة، في إطار عملية السلام مع تركيا.
وفي كلمة لها في أنقرة، قالت دوغان، إن عملية نزع سلاح حزب العمال الكردستاني يجب أن تصبح دائمة من خلال سلسلة من الضمانات القانونية وتشكيل الآليات اللازمة للانتقال إلى السياسة الديمقراطية. وأضافت أن أعضاء من حزب المساواة والديمقراطية للشعوب سيحضرون المراسم في السليمانية، إلى جانب مجموعة من مسلحي حزب العمال، لكنها قالت إنها لا تملك معلومات أخرى عن العملية.
ورأى خليل، أن عملية إلقاء السلاح المقرر أن تحدث الجمعة ستكون "رمزية"، على أن يعمل البرلمان التركي بعدها لـ "تهيئة الأرضية القانونية والأجواء، وصولاً إلى وضع السلاح بشكل كامل" من قبل الحزب.
في غضون ذلك، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن بلاده لن تسمح بأي محاولة لتخريب عملية تخلي حزب العمال عن سلاحه، معرباً عن أمله في إتمام العملية في أقرب وقت ممكن. وفي حديثه أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان، قال أردوغان إنه من المتوقع حدوث تطورات إيجابية في الأيام المقبلة.
أوجلان شدد في الشريط المصور، على أن "حزب العمال الكردستاني قد تخلى عن هدف بناء الدولة القومية، وبالتالي تخلى عن استراتيجية الحرب"، وأنه "في المرحلة التاريخية الراهنة هناك آمال بتحقيق مزيد من التقدم".
ماذا تعني دعوة الزعيم الكردي المسجون لنزع السلاح بالنسبة للشرق الأوسط؟
عقود من التمرد
وكان حزب العمال، المحظور، أعلن في 12 مايو/ أيار الماضي، حلَّ نفسه وإلقاء السلاح، منهياً بذلك عقوداً من التمرّد ضد الدولة التركية، خلّف ما لا يقلّ عن 40 ألف قتيل، وتسببت لفترة طويلة في توترعلاقات السلطات التركية مع الأقلية الكردية والدول المجاورة.
وبدأ حزب العمال الكردستاني حملته المسلحة عام 1984، وكان هدفه في الأصل إقامة دولة كردية مستقلة.
وجاء ذلك، تلبية لدعوة أطلقها أوجلان في 27 فبراير/ شباط، من سجنه في جزيرة إيمرالي قبالة إسطنبول، حضّ فيها مقاتلي الحزب على إلقاء السلاح وحلّ الحزب. وفي الأول من مارس/ آذار، أعلن الحزب وقف إطلاق النار.
وقبل دعوة أوجلان، كانت السنوات القليلة السابقة تشهد تصعيداً عسكرياً متواصلاً بين الحزب والقوات التركية، خصوصاً في شمال العراق وشمال شرق سوريا.
وأمضى معظم مقاتلي الحزب السنوات العشر الماضية في مناطق جبلية في شمال العراق، حيث تقيم تركيا منذ 25 عاماً قواعد عسكرية لمواجهتهم، وشنّت بانتظام عمليات برية وجوية ضدّهم.
لكن أردوغان، أكد في وقت سابق من هذا الشهر، أنّ جهود السلام مع الأكراد ستكتسب زخماً مع بدء مقاتلي حزب العمال بإلقاء أسلحتهم.
وقبل ذلك، اتهم حزب العمال تركيا بعدم تنفيذ المطلوب منها، بعد التعهد بإلقاء السلاح. وقال مصطفى كارازو، أحد مؤسسي حزب العمال الكردستاني لقناة ميديا خبر القريبة من الحزب، "نحن جاهزون، لكن الحكومة التركية لم تتخذ الإجراءات الضرورية" لإنجاز العملية.
والاثنين، التقى إردوغان وفداً من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب المؤيد للأكراد، وذلك للتباحث في الخطوات التالية بعد أن موافقة مسلحي حزب العمال الكردستاني على وضع حدّ لتمرّدهم.
وحزب المساواة وديمقراطية الشعوب هو ثالث أكبر فصيل سياسي في تركيا، وقد اضطلع بدور رئيسي في الوساطة بين أنقرة وأوجلان.
وقبل لقاء أردوغان، زار وفد من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، أوجلان في سجنه. وقال أوغلو إن هذه اللقاءات "تدل على جدية أنقرة".
ما مستقبل الجماعات الكردية المسلحة في المنطقة؟
ما مصير أوجلان؟
أوجلان، المولود عام 1949 في شانلي أورفا، جنوب شرق تركيا، أصبح عضواً مؤسساً لحزب العمال الكردستاني في أوائل الثلاثينيات من عمره.
ودرس أوجلان، الملقب بـ"أبو" (وتعني "العم" بالكردية)، العلومَ السياسيةَ في جامعة أنقرة، حيث تبنى الماركسية وبدأ بتشكيل الحركات الطلابية.
في عام 1973، شارك في اجتماع أسس حزب العمال الكردستاني، حيث بدأ التخطيط لتأسيس دولة كردية مستقلة.
وقاد الحزب إلى صراع مسلح بعد ذلك بفترة قصيرة، وأطلق تمرداً انفصالياً في عام 1984، بهدف إقامة دولة كردية في جنوب شرق تركيا، إلى أن اعتقل في عام 1999، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وكان حزب العمال دعا، تركيا، إلى تخفيف ظروف احتجاز زعيمه أوجلان، خصوصاً كونه "المفاوض الرئيسي" في محادثات السلام المأمول إجراؤها مع أنقرة بعد قرار الحزب إلقاء السلاح. ولاحقاً عبر كارازو، أحد كبار مسؤولي الحزب، عن أسفه لعدم تحسن ظروف اعتقال أوجلان.
مدير المركز الكردي للدراسات، نواف خليل، قال لبي بي سي، إن عملية إطلاق سراح أوجلان متعلّقة بحل القضية الكردية.
وأوضح: "لو أن تركيا غيرت الدستور المستمد من معاهدة لوزان واعترفت بالقضية الكردية وهي تتفاوض الآن مع أوجلان كممثل للشعب الكردي حينها ستتحول إلى دولة ديمقراطية"، وقال "ليس من المعقول" أن تتفاوض أنقرة مع أوجلان و"تبقيه في السجن إلى الأبد".
وقال المحلل السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو، إن موضوع الإفراج عن أوجلان "شائك" لأن الأخير مسؤول عن تنظيم تصنفه أنقرة بـ "الإرهابي" وتحمله مسؤولية عشرات القتلى.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 5 ساعات
- BBC عربية
عقيدة بيغن: "حق إسرائيل في أن تملك وحدها السلاح النووي"
يوم 18 أبريل نيسان 2025، نشرت صحيفة جيروسالم بوست الإسرائيلية مقالاً افتتاحياً، تدعو فيه حكومة، بنيامين نتنياهو، إلى "التحرك بمفردها إذا تطلب الأمر، لضرب المنشآت النووية الإيرانية، وتدميرها في أقرب وقت ممكن". وقالت الصحيفة، في حضها للحكومة الإسرائيلية على شن الهجمات، التي وقعت فعلاً يوم 13 يونيو حزيران، إن "عقيدة بيغن، لا ينبغي أن تبقى مجرد حدث تاريخي في الذاكرة، وإنما لابد أن تكون سياسة تمارس في الواقع اليومي". ما عقيدة بيغن، وماذا تعني؟ تنسب هذه العقيدة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن ( 1977 إلى 1983). وهو زعيم صهيوني يميني. ولد عام 1913 في بيلاروسيا حالياً، ودرس في بولندا. ومات في تل أبيب عام 1992. ويعرف أكثر بتوقيعه اتفاق تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل ومصر عام 1979. ومنح بيغن جائزة نوبل للسلام، في عام 1978، مناصفة مع الرئيس المصري، أنور السادات، بعد توقيعهما على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. وفي مطلع الثلاثينات من القرن الماضي، تولى بيغن قيادة منظمة مسلحة تعرف باسم، إيرغون. وهي منظمة يهودية متطرفة، تناهض الانتداب البريطاني، وتعادي العرب في فلسطين. وتدعو إلى إقامة دولة يهودية على ضفتي نهر الأردن. وفي عام 1946، فجرت منظمة إيرغون، بقيادة مناحم بيغن، فندق الملك داوود في القدس. وقتل في العملية 91 شخصاً، بينهم جنود بريطانيون. وأصبح بيغن بعدها مطلوبا للسلطات الأمنية البريطانية بتهمة "الإرهاب". وعرضت بريطانيا مكافأة مالية لمن يقبض عليه. وهاجمت مجموعة مسلحة، تابعة لمنظمة إيرغون، في 1948 قرية دير ياسين الفلسطينية، وقتلت فيها 100 شخص على الأقل. وكانت "مجزرة دير ياسين" من بين الأحداث الدامية، التي عجلت بنزوح الكثير من الفلسطينيين عن ديارهم، خوفاً على حياتهم. أما عقيدته فتقوم على مبدأ استراتيجي مفاده بأن إسرائيل "لها الحق في منع أي دولة، تراها معادية، من الحصول على السلاح النووي". ويكون ذلك بضرب الأهداف، التي تحددها لهذا الغرض. وتوصف هذه العمليات العسكرية، في عقيدة بيغن، بأنها "دفاع استباقي عن النفس". وعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي عقيدته هذه أول مرة في 1981، بقوله: "لن نسمح لأي عدو بأن يطور أسلحة الدمار الشامل فيستعملها ضدنا". ومن أجل تحقيق ذلك، وضع أساساً أمنياً تلتزم به الدولة، وتتعهد فيه بشعار أن "ندافع عن شعبنا بكل الوسائل المتاحة لنا". ويعتقد أنصار بيغن أن إسرائيل من "حقها ضرب الأهداف العسكرية، التي ترى فيها تهديداً محتملاً لأمنها". ويرون أيضاً أن "الضربات الاستباقية" من شأنها أن "تردع خصوم إسرائيل، وتجعلهم يترددون في تطوير الأسلحة النووية، مخافة أن تضربها إسرائيل". وكان بيغن يحرص، في الترويج لعقيدته، على ربطها بالمحرقة اليهودية. وقال لتبرير الغارات الجوية على المنشأة النووية العراقية تموز في 1981، إن "محرقة أخرى كانت ستقع في تاريخ الشعب اليهودي"، لو أن إسرائيل لم تنفذ ضربتها. "القنبلة النووية الإسرائيلية" لا يعرف أحد حجم الترسانة النووية الإسرائيلية. ولا يمكن لأحد أن يعرف بالتدقيق. فإسرائيل تنتهج سياسة التعتيم على هذا الملف. فلا تعترف ولا تنفي امتلاكها للأسلحة النووية. ولكن هذه المسألة أصبحت اليوم من الأسرار المكشوفة. ففي عام 1999 نشر الباحث الإسرائيلي الأمريكي، أفنير كوهين، كتاباً بعنوان "إسرائيل والقنبلة". اعتمد فيه على آلاف الوثائق الحكومية الأمريكية والإسرائيلية، التي رُفعت عنها السرية. واستند على حوارات أجراها مع فاعلين في المشروع النووي الإسرائيلي. وكشف الباحث أن إسرائيل أنتجت أول قنبلة نووية في عام 1967، يوماً واحداً قبل اندلاع حربها مع جيرانها العرب. وبدأ المشروع مع ديفيد بن غوريون، بإنشاء اللجنة الإسرائيلية للطاقة الذرية في 1952، بمساعدة من فرنسا، التي أمدتها بالتكنولوجيا المطلوبة. ويقول الكاتب إن إسرائيل تكتمت على برنامجها النووي في الداخل والخارج، حتى لا تثير مخاوف جيرانها العرب. وأخفت حقيقته العسكرية حتى عن الإدارة الأمريكية، التي كانت وقتها قلقة بشأن انتشار أسلحة الدمار الشامل في العالم. والواقع أن عقيدة بيغن تعود إلى مطلع ستينات القرن الماضي. فكانت إسرائيل تجتهد في تطوير الأسلحة النووية لنفسها. وتعمل في الوقت نفسه، بكل "الوسائل المتاحة لها"، على تدمير أي محاولة من جيرانها للحصول على هذه التكنولوجيا. صواريخ عبد الناصر في 2022، رفع الموساد السرية عن وثائق، عمرها 40 سنة، تكشف كيف تعقب جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، عالماً ألمانياً وقتله في عام 1962. والسبب أنه كان يشرف على برنامج مصري، لتطوير صواريخ طويلة المدى، في عهد الرئيس جمال عبد الناصر. وكان هانس كروغ من العلماء، الذين طوروا صناعة الصواريخ الألمانية في الحرب العالمية الثانية. وبعد سقوط النازية، تسابقت العديد من الدول لتوظيف هؤلاء العلماء والاستفادة من كفاءتهم وخبرتهم، في صناعاتها العسكرية، من بينها الولايات المتحدة وفرنسا. ولعل أشهرهم ، فيرنر فان براون، الذي كان عضواً بارزاً في الحزب النازي، وفي جهاز مخابراته، ورائد صناعة الصواريخ الألمانية. ودفع التنافس مع الاتحاد السوفييتي بالولايات المتحدة إلى توظيف فان براون ليقود برامجها الصاروخية والفضائية في وكالة ناسا. وأقنعت السلطات المصرية بدورها كروغ ومجموعة من زملائه العلماء بمساعدتها في تطوير الصواريخ وصناعتها محلياً. ووصلت المعلومات عن البرنامج المصري إلى إسرائيل، فاعتبرت ذلك تهديداً مباشراً لأمنها. وقررت، وفق وثائق الموساد، إيقافه بكل الوسائل. وبدأت المهمة بتخويف العلماء وتهديدهم ليتركوا العمل مع الحكومة المصرية. وانتهت بالاختطاف والقتل. وتذكر وثائق الموساد أن تصفية كروغ تمت في غابة قريبة من ميونيخ، على يد عميل ألماني، متهم بجرائم الحرب، اسمه أوتو سكورزني. وكان سكورزني، قبل أن يصبح عميلاً للموساد، عضواً في الحزب النازي، ومخابراته، ومن رجال زعيمه أدولف هتلر المقربين. ومنحه هتلر وسام الفارس الصليبي الحديدي، لأنه أنقذ في سبتمبر أيلول 1943 صديقه، بينيتو موسيليني، من السجن. أوزيراك، مفاعل تموز العراقي كانت فرنسا، التي زودت إسرائيل بالتكنولوجيا النووية بداية من الخمسينات، تسعى إلى موطئ قدم لها في المنطقة العربية بثروتها النفطية الهائلة. وأقامت باريس منذ الستينات علاقات متميزة مع بغداد، أثمرت عن صفقات مربحة لشركاتها، وعلى رأسها توتال. ووقعت حكومة، جاك شيراك، في 1975 اتفاقاً مع حكومة، صدام حسين، تبني بموجبه فرنسا مفاعلاً نووياً للعراق. ولكن بناء مفاعل الماء الخفيف، الذي يستعمل حصراً لإنتاج الطاقة الكهربائية، حسب تأكيد المسؤولين الفرنسيين، لم ينطلق إلا بعد 4 سنوات. وكان العراق انضم منذ 1970 إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، التي تسمح له باستعمال التكنولوجيا النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية. ولكن إسرائيل، التي لم توقع على المعاهدة إلى اليوم، كانت تنظر إلى نظام صدام حسين على أنه تهديد مباشر لأمنها. "عمليات تخريبية مشبوهة" تعثر إنجاز مشروع أوزيراك، بتسميته الفرنسية، أو مفاعل تموز، عند الحكومة العراقية، مرات عديدة، على الرغم من العلاقات المتميزة بين البلدين. وتعرض قبل انطلاقه إلى عراقيل و"عمليات تخريب" مشبوهة، لم يكشف فاعلها رسمياً إلى اليوم. التزمت فرنسا بتزويد العراق بمركز للبحث النووي، وتدريب 600 مهندس عراقي. وفي أبريل نيسان 1979، كانت تجهيزات مفاعل تموز 1، في مخازن ميناء، لاسين سور مير، جنوب شرقي فرنسا، تنتظر شحنها إلى العراق. وكان معها 65 كيلو من اليورانيوم المخصب. وفي ليل 5 إلى 6 أبريل نيسان وصلت مجموعة من الأشخاص، في هيئة سياح، على متن حافلة إلى مدينة تولون. وقصدوا الميناء. ونزل 5 منهم وتسلقوا الجدار. ووصلوا إلى المخازن، التي فيها تجهيزات المفاعل النووي، وثبوا فيها متفجرات تعمل بالتحكم عن بعد، وغادروا المكان. وبعد دقائق، دمر الانفجار 60 في المئة من التجهيزات، وتسبب في خسائر قدرها 23 مليون دولار. وتأخر التسليم بذلك سنة كاملة. ولم تسفر التحقيقات الفرنسية عن شيء. ولكن مهندساً إسرائيلياً أكد لصحيفة هآرتس، في 2021، مسؤولية الموساد عن تلك التفجيرات. وفي صباح يوم 14 يونيو حزيران 1980، عثرت عاملة التنظيف، بفندق مريديان في باريس، على نزيل مقتول في غرفته. كان المهندس المصري، يحيى المشد، يبلغ من العمر 48 عاماً، ومن أبرز علماء الذرة في العالم العربي وقتها. كلفته وكالة الطاقة الذرية العراقية بتمثليها في التواصل مع المسؤولين الفرنسيين. وكان يفترض أن يستلم منهم، في اليوم التالي، تجهيزات ومواد علمية ينقلها إلى العراق. ولم تكشف التحقيقات الأمنية الفرنسية، مرة أخرى، عن هوية القاتل أو الجهة المسؤولة عنه. وبعد أيام من اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، أغارت طائرات فانتوم 4 الإيرانية، في سبتمبر أيلول 1980، على مجمع التويثة للبحث النووي، في بغداد. ولكن الهجمات أصابت البناية من الخارج، ولم تتسبب في أي خسائر بالمنشأة نفسها. أول غارة على مفاعل نووي واصل العراقيون إنجاز مشروعهم بالتعاون مع الفرنسيين. وكان يفترض أن يبدأ المفاعل في العمل، وفق تقارير الاستخبارات الإسرائيلية، في سبتمبر أيلول 1981. ويعتقد أن إسرائيل حددت يوم 10 مايو أيار 1981 لضرب المنشأة العراقية. وتزامن ذلك مع الانتخابات الرئاسية في فرنسا. ولكن زعيم المعارضة وقتها، شيمون بيريز، طلب من بيغن تأجيل الضربة، حتى لا تفسد أخبارها عرس الانتخابات على صديقه الحميم الرئيس، فرانسوا متيران. وتقرر تنفيذها يوم 7 يونيو حزيران، الذي يصادف ذكرى حرب الستة أيام 1967، بين إسرائيل وجيرانها العرب. في منتصف نهار 7 مايو أيار 1981، أقلعت 8 مقاتلات أف 16 إسرائيلية مدعومة بطائرات اعتراضية أف 15 من قاعدتها في سيناء المصرية، التي كانت تحتلها إسرائيل. وعبرت الأجواء الأردنية والسعودية إلى الأجواء العراقية، دون أن ترصدها الرادارات. وحلقت على ارتفاع 30 متراً فوق مجمع التويثة في بغداد، وأطلقت عليه صواريخها، فدمرت مفاعل أوزيراك - تموز تماماً. حدث كل ذلك في دقيقتين من الزمن. وعادت الطائرات الإسرائيلية إلى قواعدها سالمة. ولم تنتبه لها الدفاعات الجوية في عودتها أيضاً. لم يعلن العراق عن الهجوم إلا بعد 24 ساعة من وقوعه، عندما صرحت به إسرائيل. وقالت في بيان إن: "القنبلة الذرية، التي كان بمقدور ذلك المفاعل إنتاجها، بحجم قنبلة هيروشيما. ويعني هذا أنه كان خطراً قاتلاً، يتطور ليهدد شعب إسرائيل". وأثارت الغارات الإسرائيلية، التي قتل فيها 10 عراقيين وفرنسي واحد، تنديداً دولياً واسعاً، لأنها كانت أول هجوم على مفاعل نووي. وأدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الهجوم بالإجماع، دون أن تعترض الولايات المتحدة على القرار. وبعد أسبوعين من الهجوم على المنشأة العراقية، اعترفت إسرائيل، لأول مرة، بأنها تملك القدرة على إنتاج القنبلة النووية. ثم كشف الخبير الإسرائيلي، مردخاي فعنونو، في 1986 مشاركته، منذ السبعينات، في برامج إسرائيلية سرية لإنتاج الأسلحة النووية. "اليورانيوم الفرنسي المغشوش" بعد أربعين سنة، كشفت وثائق أمريكية، رفعت عنها السرية في 2021، أن الفرنسيين طمأنوا الأمريكيين في اجتماع يوم 25 يوليو تموز 1980 في باريس بأن مفاعل أوزيراك تموز لا يمكنه أن ينتج الأسلحة النووية نظراً لتصميمه، وبسبب نوعية المادة، التي تسلمها فرنسا للعراق. وأكد الفرنسيون في الاجتماع أن تصميم المفاعل العراقي لا يسمح بإنتاج الوقود للقنبلة النووية. وكان المهندسون الفرنسيون يغيرون سراً التركيبة الكيميائية لليورانيوم، الذي يسلمونه للعراقيين، بطريقة تجعله غير صالح تماماً لإنتاج الأسلحة النووية. "مفاعل الكبر" في سوريا وفي العاشرة والنصف ليلاً من يوم 5 سبتمبر أيلول 2007، انطلقت طائرات أف 16 مصحوبة بطائرات أف 15 من جنوب إسرائيل، باتجاه دير الزور في سوريا. وأغارت هناك على مجمع قالت إسرائيل إنه "مشروع مفاعل نووي تبنيه سوريا بمساعدة خبراء من كوريا الشمالية". ولم تعترف إسرائيل بالهجوم، الذي قتل فيه عشرات السوريين، إلا في 2018. وكتب الرئيس الأمريكي، جورج بوش الابن، في مذكراته إنه رفض طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، بضرب المفاعل السوري المزعوم، "دون إعلان المبررات". ولكن أولمرت رد عليه، حسب المستشار الأمريكي، إليوت أبراهامز: "إذا لم تتحركوا لضرب المفاعل، فإننا سنفعل بمفردنا". وقال في 2018: "عندما اكتشفنا وجود مفاعل نووي في سوريا. قررنا على الفور أن ندمره. يستحيل أن نقبل به على حدودنا". وأثنت جيروسالم بوست على موقف أولمرت ووصفته بأنه يترجم عقيدة بيغن، التي ينبغي أن يلتزم بها نتنياهو في تعامله مع إيران. وقالت "إن الذين حذروه من رد سوريا في 2007، كانوا على خطأ. فسوريا لم ترد، مثلما لم يرد العراق في 1981". "القنبلة النووية الإسلامية" عندما أجرت الهند أول تفجير نووي في مايو أيار 1974، قررت باكستان الحصول على القنبلة النووية بأي ثمن. وينقل عن الرئيس، ذو الفقار علي بوتو، قوله بشأن ذلك: "سنأكل العشب ونحصل عليها". وتحقق طموح بلاده في مايو أيار 1998، على يد العالم النووي، عبد القادر خان. وتعتقد باكستان أن إسرائيل سعت منذ السبعينات إلى إفشال برنامجها النووي. فقد تعرضت الشركات الأوروبية، التي كان عبد القادر خان يتعامل معها لتمويل مشروعه، إلى هجمات مشبوهة. وتعرض خان نفسه إلى مضايقات وتهديدات بقتله. وذكر الجنرال الباكستاني، فيروز حسن خان، في كتابه "نأكل العشب"، أن باكستان كانت متخوفة من هجوم هندي إسرائيلي على منشأة كاهوتا النووية الباكستانية. ويعتقد أن الأمريكيين هم الذين نبهوا الحكومة الباكستانية إلى الأمر في 1984. وللتعبير عن قلقه من البرنامج النووي الباكستاني، كتب بيغن رسائل إلى قادة الدول العظمى، من بينها رسالة بعث بها في مايو أيار 1979 إلى رئيسة الوزراء البريطانية، مارغريت ثاتشر، يطالب فيها بمنع الشركات البريطانية من تمويل باكستان بالمواد والتكنولوجيا النووية. وطمأنته ثاتشر في ردها يوم 19 يونيو حزيران 1979 بأن حكومتها ملتزمة بذلك. ولكنها نبهته إلى أن إسرائيل مطالبة هي الأخرى "بتجنب نشر الأسلحة النووية في الشرق الأوسط". وأضافت أن "إسرائيل وجميع الدول الأخرى مطالبة باحترام معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية". "برنامج السعودية النووي" عبّر ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان منذ 2018، عن عزم بلاده على امتلاك التكنولوجيا النووية. وقال لقناة فوكس نيوز الأمريكية، في 2023: "نحن قلقون من أي دولة تمتلك القنبلة النووية. وإذا نجحت إيران في تطوير قنبلة نووية، فإننا سنحصل على واحدة". وحسب تقرير نشرته نيويورك تايمز، فإن السعودية اشترطت في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مساعدتها في تطوير برنامجها النووي. ولكن إسرائيل رفضت هذا الشرط، كما اعترض عليه أنصار، جو بايدن، في الكونغرس. وتصطدم عقيدة بيغن و "حق إسرائيل" في منع أعدائها من الحصول على الأسلحة النووية، مع "حق دول المنطقة المماثل"، في منع أعدائها أيضاً من الحصول على الأسلحة النووية. وهو ما عبر عنه ولي العهد السعودي بقوله: "نحن قلقون من أي دولة تمتلك القنبلة النووية". وأكد على ذلك مدير المخابرات السعودي السابق، تركي الفيصل، في مقال أثار تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. ويدعو تركي الفيصل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، "من باب العدل، إلى تدمير المفاعل النووي الإسرائيلي ديمونا، مثلما قصفت طائراته المنشآت النووية الإيرانية". ويتسع الاعتقاد في الغرب، بين المثقفين والحقوقيين وخبراء الطاقة النووية، بأن الغارات الإسرائيلية الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية قد تزيد من إصرار النظام على تطوير السلاح النووي. وهو ما يدفع بمنطقة الشرق الأوسط إلى مواجهة نووية مدمرة. سلاح "لإبادة البشرية وتدمير الأرض" تذكر الحملة الدولية لمنع الأسلحة النووية أن رأساً نووياً واحدًا يمكنه أن يقتل مئات الألاف من البشر في لحظة واحدة. ويتسبب في أضرار فادحة للإنسان والبيئة. وقد يصل عدد ضحايا تفجير نووي واحد على مدينة، مثل نيويورك، إلى أكثر من 583 ألف قتيل. وتملك الصين وفرنسا والهند وإسرائيل وكوريا الشمالية وباكستان وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، مجتمعة أكثر من 12300 رأس نووي. قوة رأس واحد منها أكبر وأكثر فتكاً من القنبلة، التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما، في اليابان. الدولة النووية الوحيدة والدولة الوحيدة، التي تملك السلاح النووي في الشرق الأوسط، هي إسرائيل. أما تركيا فتؤوي أسلحة نووية أمريكية على أراضيها، ولكنها لا تملكها ولا تتصرف فيها. وتخزن الولايات المتحدة رؤوساً نووية، في بلدان أخرى هي بلجيكا وألمانيا وهولندا. أما روسيا فلها رؤوس نووية مخزنة في بلاروسيا المجاورة. وهناك دول أخرى لا تملك أسلحة نووية، ولا تؤويها على أراضيها، ولكنها توافق، بحكم معاداتها وتحالفاتها العسكرية، على تخزين الأسلحة النووية، أو مرورها أو إطلاقها من أراضيها. كل هذه الدول، فضلاً عن 9 دول تمتلك أسلحة نووية، و6 دول أخرى تخزنها في أراضيها، موافقة على تفجير القنبلة النووية، في أي نزاع عسكري. وهددت روسيا مراراً باستعمال مقدراتها النووية التكتيكية في نزاعها مع الغرب، بشأن حربها في أوكرانيا. ولكن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم، حتى الآن، التي استعملت السلاح النووي. وألقت في 1945 قنبلة أولى على مدينة هيروشيما في اليابان، فقتلت 140 ألف شخص. ثم استهدفت قنبلة ثانية مدينة ناغازاكي بقنبلة ثانية، فقتلت 80 ألف إنسان في لحظة واحدة. ضربة "يوم القيامة" يذكر الباحث الإسرائيلي، أفنير كوهين، أن إسرائيل كانت مرتين على وشك استعمال السلاح النووي، في حربها مع جيرانها العرب. المرة الأولى كانت في حرب 1967، عندما أراد القادة الإسرائيليون توجيه رسالة إلى مصر والدول العظمى بأنهم يملكون "سلاح يوم القيامة". وعندما فشل الهجوم الإسرائيلي المضاد على القوات المصرية في 1973، اقترح وزير الدفاع، موشي ديان، الخيار النووي يومي 9 و17 أكتوبر. ويبدو أن رئيسة الوزراء غولدا مائير وافقت، على إخراج صواريخ أريحا وتركيب الرؤوس النووية عليها، ثم تراجعت في آخر لحظة. وحسب تقديرات الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية فإن روسيا تتصدر دول العالم من حيث عدد الرؤوس النووية بحوالي 5449 رأساً. وتليها الولايات المتحدة بحوالي 7277 رأساً، من بينها 20 رأسا تخزنها في منطقة الشرق الأوسط بتركيا. وتقدر الحملة الدولية مقدرات إسرائيل النووية بعدد 90 رأساً على الأقل، ولا تفصح إسرائيل عن الأرقام الحقيقية. ولا تخضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهذا يجعل منطقة الشرق الأوسط مخزناً لأكثر من 110 رؤوس نووية، تحت تصرف إسرائيل والولايات المتحدة. 66 مليون شخص مهددون بالإبادة ويمكن لهذه الرؤوس النووية إذا فُجرت كلها، حسب الخبراء العسكريين، أن تبيد 66 مليون إنسان في لحظات. ويعني هذا أنها ستقضي تماماً على سكان سوريا والأردن وإسرائيل وفلسطين مجتمعين، فلا تبقي منهم أحداً. أو تقضي على 80 في المئة من سكان تركيا أو إيران. وتملك إسرائيل والولايات المتحدة قوة نووية عسكرية مخزنة في الشرق الأوسط، بإمكانها إبادة سكان الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، مجتمعين، أو القضاء على سكان السعودية ودول الخليج العربية الأخرى كلها، وفق تقديرات الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية. أما إذا اندلعت حرب نووية مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة فإنها ستؤدي إلى هلاك مئات الملايين من البشر. وتسبب الإشعاعات في تزايد الأمراض والتشوهات الخلقية. ويؤدي تدمير البيئة إلى مجاعة عالمية تمس المليارات من البشر على وجه الأرض.


BBC عربية
منذ 6 ساعات
- BBC عربية
ما مدى جدية الدعوات الغربية بالاعتراف بدولة فلسطينية؟
مع تجدد الحديث مرة أخرى، عن استعداد دول غربية، للاعتراف بدولة فلسطينية، تُثار تساؤلات حول مدى جدية تلك الدعوات، وهل يمكن أن تتمخض عن واقع حقيقي؟ ولماذا لا يتم إيقاف الحرب الدائرة في غزة أولا؟، ثم الشروع في التحركات الدبلوماسية، ومنها الاعتراف بدولة فلسطينية. ويقود تلك الحملة ويروج لها حاليا، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكان قد دعا خلال زيارة أخيرة له للمملكة المتحدة، إلى اعتراف مشترك بدولة فلسطينية، من جانب فرنسا والمملكة المتحدة، معتبرا أنه الطريق "الوحيد الذي يؤدي الى أفق للسلام" بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك، مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الخميس 10 تموز/يوليو : "اؤمن بمستقبل حل الدولتين الذي سيتيح لإسرائيل العيش بسلام وأمن مع جيرانها. اؤمن بضرورة توحيد أصواتنا في باريس ولندن وكل مكان، للاعتراف بدولة فلسطين وإطلاق هذه الدينامية السياسية التي تؤدي وحدها الى أفق للسلام". وفي نفس اليوم الذي أدلى فيه ماكرون بتصريحاته تلك، كان 60 نائبا من حزب العمال البريطاني، يطالبون في رسالة وجهوها لوزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، بالاعتراف الفوري بدولة فلسطينية وحذر النواب الذين يشملون نوابا، من الوسط واليسارفي الرسالة، التي نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية، من أن غزة تتعرض لـ "تطهير عرقي". مشيرين إلى أن "أن عدم الاعتراف بفلسطين كدولة، يعني أننا نتراجع عن سياستنا الخاصة بحل الدولتين ونضع توقعات بأن الوضع الراهن يمكن أن يستمر، مما يؤدي إلى محو وضم الأراضي الفلسطينية". ماكرون والصوت الأوربي وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد قال في مقابلة له مع قناة "فرانس 5" في نيسان إبريل الماضي : "علينا أن نمضي نحو اعتراف، وسنقوم بذلك في الأشهر المقبلة"، مضيفا أن قيام دولة فلسطينية مستقلة هو الطريق الوحيد، نحو سلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويأمل الفرنسيون في أن تحصل دعوة ماكرون، للاعتراف بدولة فلسطينية، على مزيد من الزخم، خلال المؤتمر الأممي للنظر في " حل الدولتين"، الذي ستستضيفه الأمم المتحدة، والذي أُعلن عن موعد جديد لانعقاده، يومي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين، من تموز/يوليو 2025، وكان الموعد الأصلي لانعقاد هذا المؤتمر هو حزيران/ يونيو الماضي، إلا أن الحرب بين إيران وإسرائيل أدت إلى تأجيله. ورغم الاستعداد الأوروبي، الذي يتحدث عنه المراقبون للمضي قدما، وراء الخطوة الفرنسية، في حالة الاعتراف بدولة فلسطينية، إلا أن الأمر على مايبدو مايزال مرهونا، بموافقة ومباركة أمريكيتين، إذ حذرت واشنطن الدول من أي اعتراف أحادي بدولة فلسطينية، وهددت بعواقب دبلوماسية لأي اعتراف من هذا القبيل. وتمثل فرنسا دولة ذات ثقل كبير في السياسية الدولية بجانب أنها تضم أكبر جاليتين من اليهود والمسلمين وهو مايجعله لاعترافها تداعيات على المستوى الأوروبي ، وكان وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي قد صرح لوكالة رويترز للأنباء بأنه "إذا اتخذت فرنسا الخطوة، ستلحق بها العديد من الدول". ويرى مراقبون أن اعتراف فرنسيا من هذا القبيل يحتاج إلى دراسة متأنية وإلى قراءة مواقف الأطراف الأوروبية خشية أن يؤدي إلى مزيد من الانقسام الأوروبي في ظل انقسام موجود بالفعل تجاه العديد من القضايا لكن الخلاف الأكبر ربما يكون مع الولايات المتحدة والتي تعد الحليف الأقوى والأكبر لإسرائيل. فرنسا تبدو غير عابئة ورغم المحاولات الإسرائيلية، لمنع اعتراف فرنسي من هذا القبيل، ورغم التحذيرات الأمريكية، فإن مسؤولين فرنسيين يرون أن فرنسا لن تتأثر بتلك الانتقادات، والضغوط الإسرائيلية والأمريكية. وكانت رويترز قد نقلت عن مسؤول فرنسي كبير قوله: "إذا كانت هناك لحظة (ملائمة) في التاريخ للاعتراف بالدولة الفلسطينية حتى لو كان ذلك رمزيا فقط، فأنا أقول إن تلك اللحظة قد حانت على الأرجح"، مضيفا أن ماكرون قد يرغب أيضا في ترك إرث له في التاريخ قبل انتهاء ولايته الرئاسية في عام 2027. ويذكر أن كلا من فرنسا وبريطانيا وكندا ،كانت قد قالت في بيان مشترك في نيسان/إبريل الماضي، إنها ملتزمة بالاعتراف بدولة فلسطينية، في وقت يشير فيه مراقبون إلى أن كلا من كندا وبريطانيا، ليستا متحمستين بشدة في الوقت الراهن لمثل هذا الاعتراف. بقي القول إن هناك من المراقبين، من يرون أن حل الدولتين يجب أن يُربط على المستوى العربي، بأي عملية تطبيع مستقبلية بين إسرائيل ودول عربية، بمعنى أن يكون قيام دولة فلسطينية، شرطا لإتمام تطبيع كامل بين الدول العربية، التي تنتظر قطار التطبيع وإسرائيل. سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين 14 تموز/يوليو. خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989. إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533 يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب


BBC عربية
منذ 7 ساعات
- BBC عربية
"من المنتصر في الحرب العالمية؟"- مقال رأي في نيويورك تايمز
في جولة عرض صحف اليوم، تناولت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أبرز القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، فيما ركزت صحيفة الغارديان البريطانية على الأزمة الأوكرانية، حيث ناقشت احتمالات سقوط أوكرانيا وتأثير ذلك على الاستقرار الإقليمي والدولي. أما صحيفة الفاينانشال تايمز، فقد تطرقت إلى تأثيرات فصل الصيف على الصحة النفسية. في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، يستعرض الكاتب روس داوثات ملامح السياسة الخارجية الأمريكية، مشيراً إلى انسحاب الولايات المتحدة "الفوضوي" من أفغانستان، وغزو روسيا لأوكرانيا، وتصاعد الصراعات بين إسرائيل وكل من غزة ولبنان وإيران، ليصل في تحليله إلى الصين التي يصفها بـ"أشد خصوم أمريكا". ويشير داوثات إلى أنه في حال اندلاع حرب بين الولايات المتحدة والصين، فإن هذه الأزمات الإقليمية، من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، ستُعاد قراءتها في كتب التاريخ "كمقدمات لحرب عالمية ثالثة". ورغم أن الكاتب يرى أن الوضع الحالي لم يبلغ بعد مستوى "الانفجار الكارثي"، إلا أنه يؤكد على أهمية النظر إلى واقع الولايات المتحدة من منظور عالمي، حيث تشكّل كل من روسيا وإيران والصين، في رأيه، تحالفاً يسعى لاختبار النفوذ الأمريكي. يشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة شهدت تقلبات ملحوظة في السنوات الأخيرة، لافتاً إلى أن الفترة بين عامي 2021 -2022 أظهرت الولايات المتحدة في موقع "الضعف"، خاصة بعد انسحابها من أفغانستان و"المبالغة"، حسب تعبيره، في الوعود المقدّمة لأوكرانيا. في المقابل يرى داوثات أن "الانتكاسات" التي تعرضت لها روسيا في أوكرانيا، إلى جانب النجاحات الأمريكية وقدرتها على حشد الدعم الدولي لأوكرانيا، قادت إلى موجة من الفخر وتجدد الثقة في استمرار الهيمنة الأمريكية، على حد تعبيره. غير أن هذا التفاؤل استمر حتى "فشل" آخر هجوم أوكراني، وهجمات حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث عاد المزاج العام إلى التشاؤم. ويفسر المقال النظرة التشاؤمية بتراجع قدرة أمريكا على حماية حلفائها، تحت قيادة رئيس "منهك بسبب تقدمه في السن"، في إشارة إلى الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن. يرى الكاتب أن الشعور بالأزمة ساهم في عودة ترامب إلى السلطة، لكن بداية ولايته أثارت مخاوف من إنهائه الصراع العالمي عبر التخلي عن الحلفاء وعقد صفقات مع "الطغاة". يقول داوثات إن قصف ترامب للبرنامج النووي الإيراني جاء تتويجاً لفترة تراجع فيها نفوذ طهران، لكن التهديد لايزال قائماً، كما أن أزمة غزة مستمرة بلا حل. و تراجع ترامب عن تقنين السلاح لأوكرانيا لا يخفي محدودية الترسانة الأمريكية، ولا يلغي استمرار روسيا في كسب الأراضي ببطء. ويرى الكاتب أن الصين تمثل خصماً أكثر جدية من روسيا أو إيران، لكنها في الوقت نفسه لاعب شديد الحذر، يكتفي بمراقبة تحركات حلفائها دون أن تتدخل مباشرة، بحسب ما جاء في المقال. يخلص الكاتب إلى أن السياسة الخارجية الأمريكية بحاجة إلى استراتيجية طويلة الأمد لمواجهة الصين، بالإضافة إلى مرونة قصيرة الأجل، تجمع بين الانفتاح على السلام والاستعداد للحرب، في ظل صراع عالمي، على حد تعبيره. "ماذا لو سقطت أوكرانيا؟" نقرأ مقالاً للكاتب سيمون تيسدال، مختص بالشؤون الخارجية في صحيفة الغارديان البريطانية، ويطرح في مقاله تساؤلاً "ماذا لو سقطت أوكرانيا؟ ويشير من خلاله إلى أن هذا السيناريو لم يعد مجرد احتمال نظري، و يتطلب إجابة عاجلة. يفتتح الكاتب مقاله بالقول إن أوكرانيا تقاتل، على مدار 40 شهراً الغزو الروسي، ما تسبب في خسائر بشرية هائلة وتدمير واسع، وسط فشل عالمي في إيقاف المأساة. ويشير المقال إلى أن التصعيد الروسي في الحرب، إلى جانب تعثر الدعم الأمريكي وجهود السلام، ما يجعل التراخي في الردود يبدو غير مبرر. ويستدعي طرح سؤال: ماذا لو سقطت أوكرانيا؟. يجيب تيسدال بأن سقوط أوكرانيا سيكون "فشلاً استراتيجياً ملحمياً للغرب، يعادل أو يتجاوز كوارث أفغانستان والعراق"، مشيراً إلى أن العواقب السلبية على أوروبا وبريطانيا والتحالف الأطلسي والقانون الدولي ستكون كبيرة ومقلقة. يذكر المقال أنه منذ أواخر عام 2023، مع توقف الهجمات المضادة الأوكرانية، بات واضحاً أن أوكرانيا "لم تحقق نصراً"، في حين تقدمت القوات الروسية ببطء وثبات، بحسب وجهة نظر الكاتب. يستعرض تيسدال تقديرات تشير إلى أن الخسائر الروسية تجاوزت مؤخراً "مليون قتيل وجريح"، لكنه يوضح أن القوات الروسية تستمر في الهجوم رغم ذلك. ويعبر الكاتب عن قلقه إزاء قدرة أوكرانيا على الصمود لفترة أطول، سواء على الصعيد الدبلوماسي أو السياسي، ويشير إلى أن مستقبل صمودها أصبح محل شك، حسب قوله. في المقابل، يشير المقال إلى أن أوكرانيا تعاني من نقص الدول الصديقة التي يمكنها الاعتماد عليها، حيث جمع بوتين تحالفاته من الصين وإيران وكوريا الشمالية لدعم ما وصفه بآلة الحرب، بينما يعاني تحالف الغرب بقيادة بريطانيا وفرنسا من حالة جمود. يتوصل الكاتب في تحليله إلى نتيجتين يراهما الأكثر ترجيحاً، إما حرب بلا نهاية، أو انهيار أوكرانيا، مشدداً على أن الهزيمة وتسوية الصراع وفق الشروط الروسية ستُعد هزيمة للغرب بأكمله، ولن تمثل أي من النتيجتين نصراً حقيقياً، لأي من الطرفين. ويدعو المقال إلى بذل جهود أكبر لإقناع السياسيين والجمهور الروسي بأن هذه الحرب، التي كلفت بلادهم غالياً من الأرواح والموارد، يمكن إنهاؤها من خلال التفاوض، وأن المخاوف الأمنية المشروعة سيتم التعامل معها، وأن البدائل أسوأ بكثير. ويختتم تيسدال بالقول إن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين هو من يجب أن يسقط وليست أوكرانيا" بحسب ما جاء في المقال . حزن الصيف... هل هو حقيقي؟ وفي صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية، نطالع مقالاً بقلم جيميما كيلي، وتشير الكاتبة إلى أن الصيف، رغم متعته وإجازاته، قد يصاحب شعور بالكآبة والقلق لدى كثيرين، بسبب الشعور بالضغط لمواكبة حياة الآخرين، والشعور بعدم الرضا عن أجسادهم، بالإضافة إلى القلق من سرعة انتهاء الموسم. توضح الكاتبة أن الانقلاب الصيفي يشير إلى بداية الصيف فلكياً وليس منتصفه، لكن قصر الأيام تدريجياً بعده يخلق شعوراً بانتهاء الصيف بسرعة. وتضيف أن القلق من نهاية الصيف هو شعور عالمي، حيث يشعر الكثيرون به حتى قبل بداية الصيف. يشير المقال إلى أن هناك من لا يتحمل حرارة الصيف أو حتى فكرة الصيف نفسها، فهم يعدّون الأيام لأسباب مختلفة، مثل كرههم للشمس، والتواصل الاجتماعي، والملابس الخفيفة، ويفضلون الطقس البارد والمعتدل. تقول كيلي: "لا شيء أكثر كآبة من أن تشعر بالحزن عندما يُفترض بك أن تكون سعيداً." وتشير إلى أن الشتاء يوفر عذراً مريحاً للكآبة بسبب جوه المظلم والكئيب، ويمكننا التعبير عن ذلك مع الآخرين. أما الحزن في يوم مشمس، فهو أكثر إزعاجاً وعزلة عاطفية، لكنه في الواقع أكثر شيوعاً مما نعتقد. تلفت الكاتبة إلى أن الأبحاث تظهر باستمرار أن معدلات الانتحار في البلدان ذات المناخ المعتدل، تصل إلى ذروتها في أواخر الربيع أو أوائل الصيف، وتكون في أدنى مستوياتها خلال الشتاء. "أظهر تحليل أُجري عام 2019 وشمل 19 دراسة من دول متعددة أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة مرتبط بزيادة معدلات الانتحار بنسبة 1.7 في المئة." توضح الكاتبة أن الصيف في ظل المناخ المتغير لا يجلب فقط ضغوطاً اجتماعية، بل يؤثر أيضاً جسدياً بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مما يسبب أعراضاً مشابهة للقلق مثل تسارع ضربات القلب والدوار. ترى الكاتبة في مقالها أن الحزن لا يقتصر على الأيام الباردة فقط، وأن الصيف ليس فترة سعادة دائمة.