logo
معركة ترمب - ماسك.. تهدد مستقبل الفضاء والاقتصاد الأميركي

معركة ترمب - ماسك.. تهدد مستقبل الفضاء والاقتصاد الأميركي

سعورسمنذ يوم واحد

الخصومة تحول مستقبل التكنولوجيا إلى لعبة سياسية
لأول مرة في العالم يحدث صدام بين السياسة والتكنولوجيا بشكل مباشر وعلني بين قطبي السياسة والتكنولوجيا، هذا ما شهدته الولايات المتحدة الأمريكية ، الأسبوع الماضي، معركة علنية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ورجل الأعمال إيلون ماسك، أحد أبرز رموز التكنولوجيا في العالم. هذا الصدام، الذي بدأ كخلاف شخصي، تحول بسرعة إلى تهديد حقيقي للبنية التحتية الاستراتيجية الأمريكية ، وأثار تساؤلات خطيرة حول مستقبل خصخصة الخدمات الحكومية.
صراع علني
لطالما نظر كثيرون إلى العلاقة بين ترمب وماسك على أنها شراكة نفعية بين السياسة والمال، حيث سعى الرئيس لاستغلال النفوذ التكنولوجي لماسك، بينما استفاد الأخير من عقود حكومية ضخمة دعمت شركاته العملاقة مثل "تسلا" و"سبيس إكس" و"ستارلينك". لكن هذه العلاقة وصلت إلى نقطة الغليان هذا الأسبوع، عندما تبادل الطرفان الاتهامات والتهديدات في مشهد أقرب إلى دراما تلفزيون الواقع منه إلى السياسة.
إهانات وتهديدات متبادلة
بحسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، انفجر الخلاف بين الطرفين بعدما أبعد ماسك عن المشاركة في بعض المشاريع والعقود الحكومية الدولية، وقد اتهم ماسك ترمب بأن مشروع الضرائب والرسوم الجمركية سيسبب عجزاً كبيراً في الميزانية الأمريكية ، في حين هدد ترمب بإلغاء جميع العقود الفيدرالية التي حصلت عليها شركات ماسك، والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
ورد ماسك لم يتأخر، إذ هدد بتفكيك مركبة "دراغون" الفضائية التي تعتمد عليها وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) لنقل الرواد والإمدادات إلى محطة الفضاء الدولية. ورغم أن ماسك تراجع عن هذا التهديد لاحقًا، إلا أن مجرد إصداره أظهر مدى هشاشة الاعتماد على الأفراد في المجالات حيوية.
المال والتكنولوجيا
وفقًا لتحليل أجرته صحيفة " واشنطن بوست"، فإن شركات ماسك حصلت على ما لا يقل عن 38 مليار دولار من الدعم الحكومي، ما بين عقود مباشرة، وإعانات، وقروض، وإعفاءات ضريبية. هذا الدعم لم يكن فقط محوريًا في نمو شركاته، بل ساهم أيضًا في تحويله إلى أغنى رجل في العالم.
لكن الخلاف مع ترمب أدى إلى تراجع حاد في أسهم شركاته، حيث خسرت "تسلا" وحدها أكثر من 150 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد، مما أدى إلى تراجع ثروة ماسك بأكثر من 34 مليار دولار.
في مهب الريح
تعد شركة "تسلا" حجر الزاوية في إمبراطورية ماسك، وقد تأثرت بشكل بالغ من الانخراط السياسي لمالكها. فمنذ بداية عام 2025، تراجع سهم تسلا بأكثر من 20 % وسط تزايد القلق من شخصية ماسك المثيرة للجدل. وبلغ الضرر ذروته عندما خرج السجال مع ترمب إلى العلن، ما دفع المستثمرين إلى التخلي عن أسهمهم.
رغم أن التحالف مع ترمب كان يُنظر إليه كفرصة لتعزيز حضور "تسلا" في السوق الأمريكية ، إلا أن الانفصال المفاجئ جعله كابوسًا يهدد وجود الشركة ذاتها.
خطر خصخصة السلع العامة
واحدة من أبرز النقاط التي أثارها تقرير "الغارديان" هي خطورة تسليم مفاتيح قطاعات استراتيجية في الدولة إلى شركات خاصة يديرها أفراد ذوو مزاجية عالية وتأثير شخصي كبير. فاليوم، باتت وكالة الفضاء ناسا تعتمد بشكل أساسي على "سبيس إكس" في مهامها، وأضحت شبكة "ستارلينك" جزءًا من البنية التحتية الرقمية في مناطق النزاع مثل أوكرانيا.
وهذا الاعتماد وصل إلى مرحلة يمكن فيها لشخص واحد اتخاذ قرار يؤدي إلى تغيير موازين قوى جيوسياسية، كما حدث عندما رفض ماسك في 2023 السماح باستخدام "ستارلينك" في شبه جزيرة القرم لدعم هجوم أوكراني ضد روسيا.
المال والتكنولوجيا في مواجهة السياسة
تهديد للأمن القومي
يشير مراقبون إلى أن الصراع الحالي لا يهدد الاقتصاد الأمريكي فقط، بل يشكل خطرًا حقيقيًا على الأمن القومي. فحين تصبح تقنيات حيوية مثل النقل الفضائي والاتصالات العسكرية مرهونة بنزاعات شخصية، فإن ذلك يفتح الباب أمام أزمات لا يمكن التنبؤ بها.
كما أن استخدام التهديد بوقف الخدمات كوسيلة ضغط سياسي، كما فعل ماسك، يعيد النقاش حول ضرورة استعادة الدولة سيطرتها على البنية التحتية الحيوية.
الكونغرس يراقب.. والتحقيقات تلوح في الأفق
في ظل هذا التوتر، بدأت أصوات داخل الكونغرس الأمريكي تطالب بفتح تحقيقات موسعة في العقود الحكومية التي حصلت عليها شركات ماسك، وفي إمكانية وجود تضارب مصالح بين النفوذ السياسي والاقتصادي الذي يتمتع به. كما دعت هيئات رقابة الأخلاقيات إلى فرض قيود أكثر صرامة على تدخل القطاع الخاص في الشؤون الاستراتيجية.
أزمة الصراع
تشكل هذه الأزمة فرصة لإعادة تقييم العلاقة بين القطاع العام والخاص في الولايات المتحدة ، لا سيما في المجالات الحساسة. فالتقدم التكنولوجي لا يجب أن يكون على حساب الاستقرار السياسي، ولا يجوز أن تتحول أدوات الدولة إلى رهائن بيد الأفراد، مهما كانت عبقريتهم أو إنجازاتهم.
ويرى خبراء أن التوازن بين الابتكار والرقابة لم يعد خيارًا، بل ضرورة تفرضها الوقائع، خاصة بعد أن أصبح بعض رجال الأعمال يمتلكون تأثيرًا يتجاوز حكومات بأكملها.
صياغة قواعد اللعبة
في خضم هذا الصراع العنيف بين دونالد ترمب وإيلون ماسك، تتضح هشاشة النظام الأمريكي في التعامل مع الشركات العملاقة، ومدى خطورة تسييس التكنولوجيا. قد تكون هذه المعركة بداية لمرحلة جديدة تُعاد فيها صياغة قواعد اللعبة بين الدولة والمليارديرات، حيث لا يكفي الذكاء أو الطموح لصناعة المستقبل، بل لا بد من مساءلة، توازن، واستقلال حقيقي للسلطات عن الأفراد.
ترمب وماسك والود السابق
صاروخ فالكون المملوك لشركة ماسك

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

النواب الأمريكي يوافق على إلغاء مساعدات خارجية بـ9.4 مليار دولار
النواب الأمريكي يوافق على إلغاء مساعدات خارجية بـ9.4 مليار دولار

الوئام

timeمنذ 30 دقائق

  • الوئام

النواب الأمريكي يوافق على إلغاء مساعدات خارجية بـ9.4 مليار دولار

وافق مجلس النواب الأمريكي على طلب الرئيس دونالد ترمب بإلغاء مساعدات خارجية تمت الموافقة عليها من قبل وقدرها 4ر9 مليار دولار. وتستهدف الحزمة برامج مساعدات خارجية وشركة الإذاعة العامة، التي تمول الإذاعة الوطنية العامة وخدمة البث العامة، فضلا عن الآلاف من محطات الإذاعة والتلفزيون العامة في شتى أرجاء البلاد. وحصل القرار على تأييد 214 صوتا مقابل 212 صوتا رافضا. ويصف الجمهوريون الإنفاق بأنه إهدار وغير ضروري، بينما يشير الديمقراطيون إلى أن قطع البرامج يضر بمركز الولايات المتحدة في العالم وسيؤدي إلى حالات وفاة بلا داع. وقال حكيم جيفريز زعيم الكتلة الديمقراطية والنائب عن ولاية نيويورك عن الاستقطاعات المقترحة في الإنفاق: 'القسوة هي المبدأ'. وتوظف إدارة الرئيس دونالد ترمب أداة نادرا ما تم استخدامها في السنوات القليلة الماضية وتسمح للرئيس بإحالة طلب إلى الكونجرس لإلغاء تمويلات تم تخصيصها بالفعل. ويتم تجميد هذه الأموال لمدة 45 يوما لحين اتخاذ الكونجرس لإجراء . وقالت النائبة الجمهورية ليزا ماكلين: 'تعيد حزمة الاستقطاعات هذه 4ر9 مليار دولار إلى الخزانة الأمريكية مجددا. هذا المبلغ 4ر9 مليار دولار من المدخرات التي لن يشهد دافعو الضرائب إهدارها. إنها أموالهم'. يشار إلى أن الملياردير إيلون ماسك لعب ، عندما كان رئيسا لإدارة الكفاءة الحكومية ، قبل رحيله عنها، دورا رئيسيا في تقليص حجم العاملين في الحكومة الاتحادية وإغلاق مكاتب ووكالات وخفض التمويل للبرامج الصحية، وقال إن هذه الخطوة ستوفر مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب. وقد قوبلت هذه الخطوة باحتجاجات في الولايات المتحدة. وعلى الصعيد الدولي ، خفضت الولايات المتحدة 60 مليار دولار من إجمالي مساعداتها في الخارج، مما دفع منظمات أممية إلى شطب وظائف وتقليص المساعدات الصحية والغذائية التي تقدمها للمحتاجين.

ترمب: أميركا لا تزال ملتزمة بالحل الدبلوماسي للقضية النووية الإيرانية
ترمب: أميركا لا تزال ملتزمة بالحل الدبلوماسي للقضية النووية الإيرانية

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

ترمب: أميركا لا تزال ملتزمة بالحل الدبلوماسي للقضية النووية الإيرانية

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بحل القضية النووية الإيرانية دبلوماسياً، لكنه أضاف أنه يتعين على طهران أولاً أن تتخلى عن آمالها في امتلاك سلاح نووي. وكتب ترمب على منصته تروث سوشال "لا نزال ملتزمين بحل دبلوماسي للقضية النووية الإيرانية!". وأضاف "صدرت توجيهات لإدارتي بأكملها بالتفاوض مع إيران. قد تكون دولة عظيمة، لكن عليها أولاً أن تتخلى وبشكل تام عن آمالها في الحصول على سلاح نووي". إسرائيل قد تهاجم إيران بحلول يوم الأحد من جانبها، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الخميس عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين القول إن إسرائيل جاهزة لمهاجمة إيران خلال أيام إذا رفضت طهران مقترحاً أميركياً يضع قيوداً على برنامجها النووي. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن الضربة قد تحدث بحلول يوم الأحد ما لم توافق إيران على وقف إنتاج مواد انشطارية، والتي يمكن استخدامها في صنع قنبلة ذرية. وذكرت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أميركيين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثار إمكانية توجيه الضربات في اتصاله الهاتفي مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الإثنين. وفي وقت سابق أمس الخميس، قال ترمب إن شن إسرائيل هجوماً على إيران "من الممكن جداً أن يحدث" لكنه لن يصف ذلك بأنه وشيك، مضيفاً أنه يود تجنب الصراع مع طهران والتوصل لحل سلمي بشأن برنامجها النووي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وجاءت تعليقات ترمب بعد أن أعلن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الخميس أن إيران تنتهك التزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي، لترد طهران بالإعلان عن إجراءات مضادة بينما قال مسؤول إيراني إن "دولة صديقة" حذرت بلاده من هجوم إسرائيلي محتمل. المحادثات النووية قال مسؤولون أميركيون وإيرانيون ووسطاء عمانيون إن الجولة السادسة من المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران ستنعقد يوم الأحد المقبل في العاصمة العمانية مسقط. لكن المخاوف الأمنية تزايدت منذ أن قال ترمب الأربعاء إن أميركيين يغادرون المنطقة لأنها "قد تصبح مكاناً خطيراً" وإنه لن يسمح لطهران بتطوير سلاح نووي. وعبر مسؤولون أميركيون، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، عن قلق واشنطن من احتمال تنفيذ إسرائيل عملاً عسكرياً ضد إيران في الأيام المقبلة، رغم تحذير ترمب في الآونة الأخيرة لنتنياهو من شن مثل هذه الضربة في ظل استمرار الجهود الدبلوماسية الأميركية مع طهران. وتشير معلومات استخباراتية أميركية إلى أن إسرائيل تجري استعدادات لقصف المنشآت النووية الإيرانية. لكن مسؤولاً أميركياً قال إنه لا توجد أي مؤشرات على أن إسرائيل اتخذت قراراً نهائياً. وهدد ترمب بقصف إيران إذا لم تسفر المحادثات بشأن الملف النووي عن اتفاق، وقال إن ثقته تقل أكثر فأكثر في موافقة طهران على وقف تخصيب اليورانيوم. وتريد إيران رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها منذ 2018. ومع امتناع واشنطن عن تقديم تفسير كاف لمخاوفها الأمنية، أشار بعض الدبلوماسيين الأجانب إلى أن إجلاء موظفين ومسؤولين أميركيين الذي أثار احتمال حدوث هجوم إسرائيلي على إيران، قد يكون حيلة لزيادة الضغط على طهران لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات. وقال مسؤول إيراني كبير لـ "رويترز" الخميس إن التوترات الأحدث تهدف إلى "التأثير على طهران لتغيير موقفها بشأن حقوقها النووية" خلال المحادثات التي ستجرى يوم الأحد. ونقلت وسائل إعلام رسمية عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوله الخميس إنه حتى إذا دُمرت المنشآت النووية بالقنابل، فإن إيران ستعيد بناءها.

محادثات إيران وأميركا بين إدانة الوكالة الدولية والضربة الإسرائيلية
محادثات إيران وأميركا بين إدانة الوكالة الدولية والضربة الإسرائيلية

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

محادثات إيران وأميركا بين إدانة الوكالة الدولية والضربة الإسرائيلية

حدثان مهمان خلال الساعات الأخيرة ترافقا معاً قبيل بدء الجولة السادسة من المحادثات بين طهران وواشنطن الأحد القادم في عُمان، ولا شك في أنها سيلقيان بتداعياتهما على المحادثات المقبلة، وهو ما طرح التساؤل عن سبب التصعيد الآن وهل تنذر ذروته بفشل المحادثات ومن ثم التوصل إلى اتفاق؟ أم أنه يسبق الانفراج، ولا سيما أنه مع التصعيد دائماً ما تتجه الجهود نحو الحل؟ الحدث الأول كان بالأمس حين شهد الشرق الأوسط توتراً متزايداً مع سحب الولايات المتحدة موظفيها غير الأساسيين والسماح لأسر العسكريين بالمغادرة، وتحذير ترمب من أن المنطقة قد تصبح خطرة، مؤكداً أن واشنطن لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، تزامناً مع تصريحه بعدم ثقته في التوصل إلى اتفاق. وفي اليوم التالي كان الحدث الآخر هو إعلان "مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية" أن إيران تنتهك التزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي، وذلك للمرة الأولى منذ ما يقارب 20 عاماً، مما أثار احتمال إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي. وتمثل هذه الخطوة ذروة كثير من المواجهات المتفاقمة بين "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" وإيران من جهة، وبين إيران والدول الأوروبية من جهة أخرى، منذ انسحاب الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي عام 2018 خلال ولايته الأولى، والذي انهار بعده هذا الاتفاق. وقد نص قرار "مجلس محافظي الوكالة" على أن "إخفاق إيران المتكرر في الوفاء بالتزاماتها منذ عام 2019 بتقديم تعاون كامل وفي الوقت المناسب للوكالة في شأن المواد والأنشطة النووية غير المعلنة في مواقع عدة مجهولة في إيران، يشكل عدم امتثال لالتزاماتها بموجب اتفاق الضمانات مع الوكالة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وفشلت إيران في تقديم تفسيرات موثوقة للوكالة الدولية حول كيفية وصول آثار اليورانيوم المكتشفة في مواقع غير معلنة إلى هناك، على رغم أن الوكالة أجرت تحقيقات في المسألة لأعوام، وهي المواقع التي كان كشفت عنها إسرائيل بعد سرقة الأرشيف النووي الإيراني عام 2018. ويعتبر القرار أن فشل إيران في الإجابة عن تلك المواقع يثير تساؤلات تقع ضمن اختصاص مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بصفته الهيئة المسؤولة عن صون السلم والأمن الدوليين، كما يدعو القرار المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، إلى مواصلة جهوده لتنفيذ هذا القرار والقرارات السابقة، وتقديم تقرير عن أي تقدم إضافي في هذه المسائل. وجاء قرار المجلس بعد تقرير للوكالة الدولية في الـ 31 من مايو (أيار) الماضي، خلص إلى أن ثلاثة من المواقع الأربعة كانت جزءاً من برنامج نووي مهيكل وغير معلن نفذته إيران، وأن بعض الأنشطة استخدمت مواد نووية غير معلنة، وأن إيران خصبت 133 كيلوجراماً من اليورانيوم بنسبة 60 في المئة، زيادة عن المخزون الذي كان لديها في فبراير (شباط) الماضي، وقد جاء قرار مجلس محافظي الوكالة في وقت لا تزال المحادثات جارية بين طهران وواشنطن. لقد كانت إيران تتوقع الأمر وحذرت قبل صدوره من أنها ستتخذ إجراءات حاسمة حال صدور قرار يدينها، وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، على هامش اجتماع مجلس الوزراء وقبيل إصدار القرار، "إذا فعلت آلية الزناد فستتخذ ايران القرارات اللازمة في الوقت المناسب، وستعلن وزارة الاستخبارات أن الولايات المتحدة وثلاث دول أوروبية تعمل باستمرار على تطوير أسلحة نووية إسرائيلية"، كما صرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأن "الخطأ الإستراتيجي الذي ارتكبته ثلاث دول أوروبية سيجبر إيران على الرد". وصرح نائب وزير الشؤون القانونية والدولية في وزارة الخارجية، كاظم غريب آبادي، حول رد فعل إيران على القرار المناهض لإيران في الوكالة، بأن "طهران اتخذت القرارات اللازمة في هذا الصدد داخل هيكل النظام، وسيجري تنفيذ هذه الإجراءات فنياً فور اعتماد تلك القرارات، كما سيستمر البرنامج النووي الإيراني بخطوات فعالة ومتقدمة". وبعد صدور قرار الإدانة أعلنت إيران فتح موقع جديد لتخصيب اليورانيوم في منطقة آمنة وتحديث أجهزة الطرد المركزي في "منشأة فوردو" النووية، وقالت إن الأجهزة الجديدة ستكون من الجيل السادس، كما أعلنت القيام بمناورات عسكرية. وتعتبر النخبة الإيرانية أن ما يحدث هو سلسلة من الإجراءات السياسية والنفسية التي تنفذ بقيادة الولايات المتحدة ومشاركة ثلاث دول أوروبية، إنجلترا وألمانيا وفرنسا، إضافة إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذا الصدد بإيعاز من إسرائيل، وذلك لممارسة ضغوط متزايدة على إيران للحصول على تنازلات. وقال مدير الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية "رداً على قرار الإدانة، ستنشئ إيران موقعها الثالث للتخصيب، وقد جرى بناء هذا الموقع وتجهيزه وهو آمن ومنيع، وفور صدور القرار سيجري تقديم المعلومات اللازمة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وستبدأ عملية تجهيز وتركيب أجهزة الطرد المركزي وأنشطة التخصيب في هذا الموقع الجديد بمجرد تركيب الأجهزة، وستحل الأجهزة المستخدمة في هذا الموقع محل أجهزة الجيل الأول التي جمعت سابقاً، وستستمر هذه العملية مع تركيب أجهزة طرد مركزي متطور". وتعي إيران أن القرار لا يعني اتخاذ أي إجراءات إضافية، سواء في شأن التزامات طهران المتعلقة بالضمانات أو غيرها من الأنشطة، وأن إحالة الملف الإيراني لمجلس الأمن يتطلب قراراً ثنائياً من مجلسي محافظي الوكالة، إلا أن طهران تعتبر أن القرار في ذلك التوقيت يضع ضغوطاً سياسية عليها، لكنها تريد أن تبدو وكأنها لم تتضرر أو تتأثر من القرار أو من أجواء التوتر التي سادت المنطقة أمس للإشارة إلى خطوة عسكرية إسرائيلية، ومن ثم تحاول الاستمرار في استعراض القوة عبر المناورات العسكرية لتوحي بأنه لا يزال لديها أوراق عسكرية هي الأخرى، فضلاً عن ورقة زيادة نشاطها النووي قبيل الجولة السادسة لرفع سقف مطالبها وحماية موقفها من أي تنازل أمام الجانب الأميركي، بخاصة في ما يتعلق بمطلب التخصيب المحلى. وفي حين عد كثيرون أن سحب الدبلوماسيين الأميركيين من المنطقة ينذر بضربة عسكرية إسرائيلية لإيران، لكن هذا الأمر كان يتناقض مع المؤشرات المرتبطة بأن هناك جولة سادسة من المفاوضات ستعقد الأحد المقبل، وأن روسيا تدخلت منذ أيام للتوسط بين إيران وأميركا في المحادثات، وعرضت الوساطة للوصول إلى حل وسط، والإسهام العملياتي في بعض الجوانب الفنية للبرنامج النووي، ومن ثم فلم يكن منطقياً أن تتحرك إسرائيل فجأة نحو توجيه ضربة لإيران، وترمب لم يكن ليسمح بذلك الآن بينما لم يعلن أن المحادثات وصلت إلى الفشل، بل ينتظر الرد الإيراني على المقترح الأميركي الأخير بعد الجولة السادسة. وهناك مؤشر آخر يبرز ذلك وهو الاستقالات التي شهدتها إدارة ترمب الحالية من بعض المسؤولين المعروفين بقربهم من إسرائيل ولديهم مواقف عدائية من إيران، فقد أُعلنت منذ فترة إقالة مستشار الرئيس للأمن القومي، مايك والتز، وبعدها حدثت سلسلة من التغييرات في "مجلس الأمن القومي" باستبعاد رئيس قسم إيران وإسرائيل، ميراف سيرين، واستقالة المبعوثة إلى لبنان، مورغان أورتاغوس، كما غادر رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن، إريك ترايغر. وإن كان هذا يشير في جزء منه إلى وجود تيارات مختلفة داخل إدارة ترمب لديها رؤى متباينة للتعامل مع إيران، لكنه يوضح أن ترمب كان يريد مساراً واحداً يعبر عن تصوره لكيفية التعامل مع الملف الايراني وهو التوصل إلى اتفاق، ومخرجات الجولة السادسة هي التي ستحدد إما فشل المحادثات والتوصل إلى اتفاق إيراني - أميركي، أو ستؤدي إلى تجاوز العقبات ومن ثم ترجيح الاتفاق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store