logo
لماذا يبدو ترامب ضعيفا أمام بوتين؟

لماذا يبدو ترامب ضعيفا أمام بوتين؟

جزايرسمنذ 2 أيام
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بقلم: عبد الحليم قنديل
مع طغيان حوادث الحروب الأمريكية الإسرائيلية في منطقتنا توارت إلى الظل وقائع حرب أوكرانيا وإن بدت تطوراتها متصاعدة في عامها الرابع رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل نحو عام أنه سيوقف حرب أوكرانيا خلال 24 ساعة من لحظة دخوله إلى البيت الأبيض مجددا.
ثم مرت الشهور تلو الشهور وقضى ترامب نصف سنة في رئاسته الجديدة ولكن دون أن تنطفئ نار الحرب بل زاد لهيبها ربما لأن صاحب القرار في حرب أوكرانيا هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وليس ترامب الذي أجرى مع بوتين ست مكالمات هاتفية رسمية مطولة وأعرب بعد الاتصال الأخير عن إحباطه من بوتين وأوحى بالعودة إلى مدّ أوكرانيا بالصواريخ والذخائر بعد توقف جزئي محدود فيما كان رد بوتين عاصفا في الميدان الحربي ورقيقا ربما ساخرا في الميدان الدبلوماسي وداعيا ترامب من خلال تصريحات الكرملين والخارجية الروسية إلى الاستمرار في بذل جهوده الحميدة لإحلال السلام.* ما الذي يحدث؟
ولكن ما هو الفارق؟ الذي يجعل كلمة الرئيس الأمريكي تبدو مسموعة آمرة في منطقتنا وحروبها بينما يجرى تجاهلها بخشونة في حرب أوكرانيا رغم إشارات ترامب المتعددة لعلاقة صداقة خاصة غامضة الدواعي مع الرئيس الروسي الجواب المباشر ظاهر في حالة العالم اليوم وهو يمر بمراحل انتقال عسيرة من عالم القطب الأمريكي الواحد إلى دنيا تعدد الأقطاب.
وفيما تبدو منطقتنا المنكوبة أشبه بالربع الخالي إلا من سطوة أمريكا المتصلة لعقود طويلة مريرة بينما يطل النفوذان الصيني والروسي على نحو خجول بينما الوضع في شمال العالم مختلف ومن حول أوكرانيا وشمال المحيط الهادي بالذات ورغم وجود اختراقات صينية اقتصادية غالبا في منطقتنا غير أن أثرها الإجمالي يبدو محدودا بالذات في حوض الثروة الخليجية.
بينما تتصاعد أمارات التنافس في المنطقة الأوراسية ومن حول الثقل الجبار للصين المدعوم من روسيا وعبر تكتلات من نوع تحالف شنغهاي وروابط روسيا مع كثير من جمهوريات آسيا الوسطى الخارجة من معطف الاتحاد السوفييتي السابق مع تضاعف معدلات التبادل التجاري والتكنولوجي بين بكين وموسكو ما جعل اقتصاد روسيا يبدو عصيا على الكسر رغم فرض الغرب ما زاد إلى اليوم على العشرين ألف عقوبة على الاقتصاد الروسي إضافة لعلاقة تحالف متنامية بين السلاح الروسي والسلاح الصيني وإن احتفظ كل طرف بهامش استقلال ضروري جعل معدلات نمو وامتياز السلاح الصيني تفرض نفسها فالصين توالي تطوير أسلحتها البحرية وتدخل باقتدار في مضمار صناعة حاملات الطائرات.
إضافة إلى سبق مذهل تحققه في مجال صناعة القاذفات الشبحية ونظم الدفاع الجوي الأحدث وهو ما كان له أثره الظاهر في علو كعب باكستان خلال حربها القصيرة الأخيرة مع الهند التي تفاخر ترامب بدوره في إيقافها وإن ردت عليه الهند الأقرب للتحالفات الأمريكية بالإنكار فيما سكتت باكستان الأقرب عسكريا للصين وإن بدت الصورة في قلب آسيا وجنوبها أكثر تعقيدا فلا تزال موسكو هي المورد الأول للسلاح إلى الهند.
بينما الخلافات التاريخية الحدودية بين الهند والصين متصلة ولا تعيق حركة التبادل التجاري فالصين هي الشريك التجاري الأول للهند كما لباكستان ولروسيا نفسها والوضع ذاته سائد لصالح الصين مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا ذاتها فضلا عن الاجتياح الصيني التجاري مع افريقيا وتلك حالة يحاول ترامب أن يحد منها بحروبه الجمركية.
ولكن من دون نجاح كبير حتى اليوم فالطاقة الإنتاجية للصين تعدت منافسيها بأشواط بعيدة وربما لم يعد لأمريكا من امتياز ظاهر إلا في مجال شركات التكنولوجيا الكبرى وهو المجال الذى تزاحم فيه الصين بقوة وتصنع لنفسها فضاء عالميا متسعا بدا في توسع منظمة بريكس بلس التي انضمت إليها إندونيسيا أكبر دولة مسلمة في قمة البرازيل الأخيرة وتلعب الصين مع روسيا أدوارا متناسقة في دعم بريكس وتوسيع نفوذها الاقتصادي وقد صار أكبر من النفوذ الاقتصادي لمجموعة الدول السبع الكبرى الملتفة حول واشنطن وإن كانت مشكلة بريكس أنها جسد اقتصادي تجاري بلا ذراع عسكري جامع.
والمعنى ببساطة مما سبق أن يد أمريكا تبدو طليقة ناهية آمرة في منطقتنا بينما تبدو اليد نفسها مقيدة في مناطق أخرى وربما مشلولة في حرب أوكرانيا مثلا ويستطيع ترامب هناك أن يقول ما يشاء لكن روسيا بدعم صيني هي التي تفعل ما تشاء واللعبة هناك محجوزة مفاتيحها للرئيس الروسي وهذا ما تشهد به وقائع الشهور الستة الأخيرة منذ عودة ترامب للرئاسة فقد تصور ترامب أن ادعاءاته السلامية قد تجدي هناك وأن بوسعه اقتسام كعكة أوكرانيا مع موسكو وسارع إلى عقد اجتماعات ومفاوضات سلام من الرياض إلى إسطنبول.
لكن بوتين احتفظ دائما بالكرة بين قدميه وأرهق ترامب وأغرقه في دوامة الاقتراحات والمبادرات والمراوغات التي كانت رؤية بوتين فيها ظاهرة بلا التباس فهو يعطي ترامب من طرف اللسان حلاوة لكنه لا يحيد أبدا عن أهدافه المعلنة في حرب أوكرانيا وهو يدرك أنها حرب ذات طابع عالمي تجري في الميدان الأوكراني تواجه فيها روسيا تحالفا من 54 دولة تقودها أمريكا وسعى بوتين إلى تحييد واشنطن وإخراجها قدر الإمكان من ساحة المواجهة الجارية ثم الانفراد بأوروبا وإنهاكها في الميدان العسكري واستنفاد كثير من بهلوانيات ترامب وتنازلاته المعلنة لصالح موسكو ومن نزعته العدوانية المتعالية على حلفاء أمريكا الأوروبيين.
ومن احتقاره البادي للرئيس الأوكراني زيلينسكي وعبر الشهور الستة الماضية بدا أن خطة بوتين تؤتى أكلها رغم عودة البنتاغون إلى مد أوكرانيا بشحنات صواريخ باتريوت بعد انقطاع موقوت اشتكى فيه ترامب من نقص المخزونات الأمريكية فيما واصلت أوروبا إمداد الميدان الأوكراني بكل ما تملك من سلاح وتظاهرت بقبول شروط ترامب رفع إسهامها المالي في موازنة الناتو إلى 5 من الناتج القومي وإن راوغت بتأجيل التنفيذ الكامل إلى عام 2035.*تصعيد
لكن ترامب بدا سعيدا بإنهاك أوروبا وهو ما ظهرت ملامحه في دول أوروبا الغربية الكبرى ففيما بدت بريطانيا وألمانيا أكثر تصميما على مواجهة بوتين وتصعيد نبرات العداء لروسيا في تصريحات وأفعال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني الجديد فريدريش ميريتس وزيادة توريد المال والسلاح والصواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا وتأييد ودعم اختراقات أوكرانية خاطفة كان أهمها ضرب قاذفات استراتيجية في مطارات شرق روسيا فيما بدا ترامب متفهما لضرورات الرد الروسي الذي جاء خلافا لتوقعات كثيرة وركز على قصف المطارات وقواعد الدعم الأوروبي في كل مساحة أوكرانيا ولم يلجأ لقصف نووي تكتيكي بل وجه طاقته لقضم تدريجي متسارع لأراضي المقاطعات الأربع التي أعلنت روسيا ضمها (لوغانتسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون).
وأضاف إليها بعد تحرير مقاطعة كورسك الروسية مقاطعات أخرى لم تتوقف عند حد إقامة مناطق عازلة في مقاطعتي خاركيف وسومي بل أضافت توغلا عسكريا مدروسا إلى قلب مقاطعة دنيبرو بتروفسك غرب نهر دنيبرو ما أشار إلى انفتاح شهية روسيا لضم المزيد من أراضي أوكرانيا ربما وصولا إلى أوديسا على شاطئ البحر الأسود ولا يبدو بوتين في عجلة من أمره ولا في حاجة إلى تغيير مسمى العملية العسكرية الروسية الخاصة فهو لم يعلن الحرب كاملة حتى الآن ولا حالة الطوارئ الشاملة ويسعى لامتصاص الضربات المعادية المؤذية إعلاميا لهيبة روسيا ويوفر جهده لكسب أراضي ما يسميه روسيا الجديدة أو نوفو روسيا وإنهاك الخصوم الأوروبيين ما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمعاودة التواصل الهاتفي مع بوتين ربما لحجز مكان في تفاوض محتمل مع روسيا التي باتت أغلب الآراء الغربية تسلم بانتصارها في الميدان الأوكراني.
وبالجملة فات الميعاد على إمكانية قلب حقائق الميدان في أوكرانيا وليس بوسع ترامب مواصلة استعراضاته السلامية هناك حتى إن تحجج بخذلان بوتين الذي يدير اللعبة ويصفع ترامب بهدوء قاتل وبتماسك أعصاب لاعب الشطرنج المحترف وليس بشطحات ترامب المغرم بإطلاق التصريحات وليس بإطلاق القنابل والصواريخ والطائرات الأمريكية المهزومة في الميدان الأوكراني.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هذا ما قالته الخبيرة الأممية فرانشيسكا ألبانيز بشأن العقوبات الأمريكية عليها
هذا ما قالته الخبيرة الأممية فرانشيسكا ألبانيز بشأن العقوبات الأمريكية عليها

الشروق

timeمنذ 6 ساعات

  • الشروق

هذا ما قالته الخبيرة الأممية فرانشيسكا ألبانيز بشأن العقوبات الأمريكية عليها

علقت الخبيرة الأممية فرانشيسكا ألبانيز، على العقوبات التي فرضتها واشنطن عليها إثر انتقادها موقف الإدارة الأمريكية من غزة، مؤكدة أنها تشكل انتهاكًا لحصانتها. وقالت ألبانيز: 'هذا إجراء خطير جدًا وغير مسبوق، وأنا أتعامل معه بجدية كبيرة'، وذلك خلال زيارتها لبوغوتا، بعد نحو أسبوع على إعلان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن عملها 'منحاز وخبيث'. وتزور ألبانيز بوغوتا لحضور قمة عالمية أتت بمبادرة من الرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بيترو لإيجاد حلول للنزاع في غزة. وأكدت ألبانيز، وهي محامية إيطالية، وخبيرة في حقوق الإنسان: 'هذا انتهاك واضح لاتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها، التي تحمي المسؤولين في الأمم المتحدة، وبينهم الخبراء المستقلون، من تصريحات وأفعال يقومون بها خلال تأدية مهماتهم'. On what is happening in Brussels 🇪🇺: 1/ 'Historic' would be a meeting leading to the end of the genocide, the dismantling of Israel's forever-occupation and apartheid, and the beginning of justice and accountability— in line with int'l law, and as per ICJ and ICC proceedings.… — Francesca Albanese, UN Special Rapporteur oPt (@FranceskAlbs) July 15, 2025 وأعلن روبيو، في التاسع من جويلية، أن واشنطن فرضت عقوبات على ألبانيز 'بسبب جهودها غير المشروعة والمخزية لدفع (المحكمة الجنائية الدولية) إلى التحرك ضد مسؤولين وشركات أميركيين وإسرائيليين'، ما اعتبرته المقررة 'تحذيرا لأي شخص يجرؤ على الدفاع عن القانون الدولي وحقوق الإنسان والعدالة والحرية'. وفي بداية جويلية الجاري، طالبت إدارة ترامب رسميا من الأمم المتحدة إقالة فرانشيسكا ألبانيز من منصبها كمقررة خاصة للأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرة إلى 'معاداتها للسامية ودعمها للإرهاب'. كما اتهمت الإدارة الأمريكية الخبيرة الأممية بتحريف مؤهلاتها القانونية، وفقا لمراسلات خاصة بين مسؤولين أمريكيين وأمميين. وكانت ألبانيز – وهي ناقدة شرسة للصهاينة، حمّلت الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية هجمات حماس في 7 أكتوبر، وشبّهت نتنياهو بأدولف هتلر. كما كتبت رسائل تهديد – وصفتها إدارة ترامب بأنها 'مليئة بالخطابات التحريضية والاتهامات الباطلة' – إلى بعض 'أبرز الشركات الأمريكية في قطاعات متنوعة، مما دفع وزارة الخارجية إلى إثارة مخاوفها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في وقت سابق من هذا الشهر والمطالبة بإنهاء خدمتها. BREAKING 🔴🔴 Trump administration demands the UN immediately dismiss Palestinian rights envoy Francesca Albanese, citing her 'virulent antisemitism' and open support for terrorism. Officials also exposed that Albanese falsely presents herself as an international lawyer, despite… — Open Source Intel (@Osint613) July 1, 2025 وصرحت دوروثي شيا، القائمة بأعمال مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة: 'في رسائلها، تُوجّه السيدة ألبانيز اتهامات مُتطرفة، مثل أن الكيانات قد تُساهم في جرائم مزعومة، بما في ذلك 'انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان'، و'الفصل العنصري'، و'الإبادة الجماعية'. وأضافت: 'إنها تُصرّ زورًا على أن الجهات المُستلمة انتهكت 'المعايير الإلزامية للقانون الدولي' وتواجه 'مسؤولية جنائية مُحتملة'، وتُطالبها بوقف أنشطتها المتعلقة بإسرائيل'. ووفقًا لإدارة ترامب، تُشكّل هذه التهديدات 'حملة غير مقبولة من الحرب السياسية والاقتصادية ضد الاقتصاد الأمريكي والعالمي'. وتهدف تحذيرات ألبانيز القانونية إلى استكمال مسودة تقرير حول الشركات الدولية التي تُساهم فيالجرائم الدولية وانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الاحتلال من خلال التعامل التجاري مع الدولة الصهيونية. وإمعانا في تشويه صورتها، أشارت شيا إلى أن ألبانيز كذبت بشأن مؤهلاتها، مدّعيةً أنها 'محامية دولية' رغم أنها 'لم تجتاز امتحان نقابة المحامين ولم تحصل على ترخيص لممارسة القانون'. وتؤكد الولايات المتحدة أن هذا السلوك يُحرم فرانشيسكا من الحصانة الدبلوماسية، وينبغي أن يؤدي إلى فصلها من العم وفقا لموقع freebeacon.

ألبانيز… هذه السيدة الرائعة
ألبانيز… هذه السيدة الرائعة

إيطاليا تلغراف

timeمنذ 6 ساعات

  • إيطاليا تلغراف

ألبانيز… هذه السيدة الرائعة

محمد كريشان نشر في 15 يوليو 2025 الساعة 22 و 40 دقيقة إيطاليا تلغراف محمد كريشان كاتب وإعلامي تونسي من نكد المشهد السياسي الدولي أن يتباهى شخص مثل نتنياهو أنه رشّح شخصا مثل ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام لهذا العام. ها أننا نقف مرة أخرى أمام معادلة «من لا يملك لمن لا يستحق» ولكن بصورة أكثر صفاقة. في المقابل، نرى حقوقيين وأوساطا دولية مختلفة تتحرك في حملات مختلفة لترشيح المقررة الأممية الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز لهذه الجائزة مع الأطباء والكوادر الصحية العاملة في قطاع غزة. هي، لمواقفها الواضحة والجريئة ضد الإبادة التي تجري في قطاع غزة منذ زهاء العامين لم تحاول خلالهما الاختباء وراء مفردات غائمة سمجة كعادة أغلب الموظفين الدوليين، والكوادر الطبية للثمن الرهيب الذي دفعوه طوال هذه الفترة لإنقاذ حياة المدنيين الأبرياء. المفارقة بين الترشيحين كبير وصارخ، خاصة حين وصلت الأمور إلى التشهير الإسرائيلي الأمريكي بألبانيز والمطالبة بإقالتها من منصبها فضلا عن فرض عقوبات أمريكية عليها. لقد بتنا أمام مشهد يتكرّس فيه مرة أخرى المنطق الأخرق لعالم اليوم حيث يفرش السجاد الأحمر لمجرمي الحرب فيما تقع شيطنة من يصدع بالحقائق عارية محاولا استنهاض ما تبقى من ضمير حي في هذا الكون. ترامب وإدارته، وحتى من سبقه في البيت الأبيض، لا يكتفون بلوي كل قيم الإنصاف والعدل كل ما تعلق الأمر بالمأساة الفلسطينية على مر العقود، بل ولا يجدون حرجا في الهجوم والتشهير بكل من يخالفهم في هذا التوجه في قلب عجيب غريب للحقائق. لم تكتف الخارجية الأمريكية مثلا بعد فرض واشنطن عقوبات على ألبانيز «لإساءة استغلال دورها كمقررة خاصة لحقوق الإنسان للأمم المتحدة» بل أضافت متبجّحة أنها «ستتخذ أي إجراءات نراها ضرورية ومناسبة لحماية سيادتنا وإسرائيل وأي حليف آخر من الإجراءات غير المشروعة للمحكمة الجنائية الدولية». وكما قالت «منظمة العفو الدولية» فإن فرض عقوبات على المقررة الخاصة للأمم المتحدة «إهانة مشينة للعدالة الدولية». هذه العدالة الدولية باتت عدوا لدودا لإدارة ترامب، شأن الكثير من الإدارات السابقة، مما قاد مسؤوليها ليس فقط إلى التنديد بقرارات المحكمة الجنائية الدولية كلما تعلّق الأمر بفلسطين، مقابل الترحيب بما فعلته مع الرئيس الروسي مثلا، وإنما إلى فرض عقوبات على هذه المحكمة، مع ضغط علني ووقح على الأمم المتحدة وأمينها العام لإزاحة وإقالة من لا يحظون برضاها ويسايرونها في تصوراتها كافة، وهو أمر عانى منه المنتظم الأممي وأنطونيو غوتيرتش نفسه. أغلب الطبقة السياسية الأمريكية انخرطت في هذا التوجه الذي عبّر عنه بشكل واضح رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ حين أشاد «بالقرار الجريء» الذي اتخذه الرئيس ترامب بمعاقبة فرانشيسكا ألبانيز التي «أدت معاداتها الصارخة للسامية وإنكارها لإرهاب حماس إلى تقويض كل ما يفترض أن تمثله الأمم المتحدة»، وهو رأي وجدت فيه واشنطن نفسها وحيدة مرة أخرى، إذا استثنينا طبعا حكومة نتنياهو وقلة قليلة للغاية من دول العالم. أجواء التنمّر والافتراء على ألبانيز جعلت الأمم المتحدة في وضع دفاعي غير مريح دفعت المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك إلى التأكيد على ما هو معلوم بالضرورة، من أن «ألبانيز شأنها شأن جميع المقررين الخاصين للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان خبيرة مستقلة في مجال حقوق الإنسان مُعيّنة من قِبَل مجلس حقوق الإنسان وتُقدّم تقاريرها إليه». ولعل ما زاد من غضب واشنطن وتوترها اتضاح أن ألبانيز ليست من النوع الذي يخاف أو يتراجع بعد ترهيبه، فهي لم تكتف بأن أعلنتها صارخة بأن «إسرائيل مسؤولة عن واحدة من أقسى جرائم الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث» بل وأنجز فريقها تحقيقا كاملا عن «اقتصاد الإبادة» حيث فضحت كل الشركات العالمية المؤيدة بشكل أو بآخر لإسرائيل في حربها الوحشية في غزة ودعتها للكف عن ذلك تحت طائلة ملاحقتها دوليا بتهمة المشاركة في كل ما لحق بالفلسطينيين من جرائم حرب مروّعة. ألبانيز التي تعهّدت بمواصلة عملها رغم العقوبات الأمريكية زادت مناوئيها غيظا حين قالت بعد الإعراب عن «صدمتها» للعقوبات التي فرضتها إدارة ترامب عليها أن «أصحاب النفوذ يحاولون إسكاتي لدفاعي عن من لا حول لهم ولا قوة وهذا ليس دليلاً على القوة بل دليل على الذنب» وأن «المسؤولين الأمريكيين استقبلوا نتنياهو ووقفوا إلى جانب شخص مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية» معتبرة أن «السبيل الوحيد للانتصار هو التخلص من الخوف والدفاع عن الفلسطينيين وحقهم في دولة مستقلة» ففي النهاية «لا أحد حر حتى تتحرر فلسطين»، كما قالت. هذه السيدة الرائعة، التي جسّدت فعلا مقولة من لا يخشى في الحق لومة لائم فسجّلت اسمها في التاريخ بأحرف من ذهب، لن تزيدها جائزة نوبل قيمة لأنها ظفرت أصلا بما هو أهم منها بكثير. أما ترامب فهو لا يستحقها في كل الأحوال، لكنه إن حدث ونالها فلن تزيد الناس إلا اقتناعا بأننا نعيش عالما منافقا ونذلا. السابق البوليساريو .. مشنقة الإرهاب التالي سوريا وخطورة اللعب بالنار

البيت الأبيض ينفي تحريض ترامب لأوكرانيا على قصف موسكو
البيت الأبيض ينفي تحريض ترامب لأوكرانيا على قصف موسكو

خبر للأنباء

timeمنذ 14 ساعات

  • خبر للأنباء

البيت الأبيض ينفي تحريض ترامب لأوكرانيا على قصف موسكو

وجاء تصريح ترامب خلال حديثه للصحافيين في البيت الأبيض، حيث سُئل بشكل مباشر عمّا إذا كان يعتقد أن على زيلينسكي شنّ هجمات على العاصمة الروسية، فأجاب بوضوح: "عليه عدم القيام بذلك". وفي معرض رده على سؤال آخر حول إمكانية تزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى، قال ترامب: "كلا، لا نتطلع إلى ذلك"، في إشارة إلى رفض إقحام واشنطن في تصعيد عسكري إضافي ضد روسيا. وتأتي هذه التصريحات بعد تقرير نشرته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، نقلت فيه عن مصادر مطلعة أن ترامب عبّر خلال محادثات خاصة عن تشجيعه لأوكرانيا على تكثيف الهجمات في العمق الروسي، بل وتساؤله مع زيلينسكي عمّا إذا كان بإمكانه "قصف موسكو" في حال حصل على أسلحة أميركية بعيدة المدى. وفي المقابل، نفت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، مضمون التقرير، ووصفت الصحيفة بأنها "معروفة بإخراج التصريحات من سياقها بحثًا عن الإثارة وزيادة عدد القرّاء". وأوضحت ليفيت في بيان رسمي أن "الرئيس ترامب لم يشجع على التصعيد أو القتل، بل كان يطرح سؤالاً افتراضياً لا أكثر"، مشددة على أن "ترامب يعمل بلا كلل من أجل إنهاء هذه الحرب ووضع حد للدمار المستمر".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store