
د. سعيد السماهيجي تحول جذري في طب العيون الثلاثاء 08 أبريل 2025
نحن اليوم على أعتاب تحول جذري في طب العيون، مع بروز علاج ثوري لا يقتصر على استعادة البصر المفقود بسبب تلف الشبكية فحسب، بل قد يعيده حتى لمن فقدوه بالكامل. إنجاز علمي مذهل يعيد الأمل لملايين البشر حول العالم، ويؤسس لحقبة جديدة من العلاجات العصبية المتقدمة.
فريق بحثي من معهد كوريا الجنوبية المتقدم للعلوم والتكنولوجيا نجح في تطوير علاج مبتكر قادر على تحفيز الشبكية لتجديد خلاياها التالفة ذاتياً، وهو تطور نوعي يبتعد عن الأساليب التقليدية التي كانت تركز على إبطاء تدهور الشبكية لا أكثر. هذا التطور قد يغيّر المعادلة بالكامل.
السر يكمن في بروتين يُدعى PROX1، والذي يُعد بمثابة الكابح الأساسي لعملية التجدد الذاتي في شبكية عين الثدييات، بما فيها البشر. فعلى عكس بعض الكائنات الحية كسمك الزرد الذي يمتلك قدرة فطرية على تجديد شبكيته، تفتقر أعيننا إلى هذه الإمكانية بسبب هذا البروتين الذي يثبط بشكل مباشر نشاط الخلايا العصبية المستقبلة للضوء.
PROX1 هو عامل نسخ يؤدي دورًا محوريًا في تطور الشبكية وتمايز الخلايا المستقبلة للضوء، والتي تشمل الخلايا العصوية المسؤولة عن الرؤية في الإضاءة الخافتة، والخلايا المخروطية المسؤولة عن تمييز الألوان والرؤية تحت الضوء الساطع.
الدراسات الحديثة أثبتت أن هذا البروتين يعيق تجدد الخلايا في شبكية الإنسان، وهو ما لا يحدث في الكائنات القادرة على التجدد العصبي الذاتي. ومن هنا انطلقت الفكرة الجريئة: ماذا لو استطعنا كبح نشاط PROX1؟ هل يمكن بذلك فتح الطريق أمام خلايا الشبكية البشرية لاستعادة قدرتها على التجدد؟
أجاب الباحثون على هذا التساؤل من خلال تجارب مخبرية دقيقة على الفئران، استمرت لأكثر من ستة أشهر. ونجحوا في تثبيط نشاط PROX1، مما أعاد للخلايا العصبية في الشبكية قدرتها على التجدد والنمو من جديد. هذا التقدم فتح الباب أمام سلسلة من الحلول العلاجية الممكنة، أبرزها الأدوية الجزيئية الصغيرة التي تعيق تفاعل PROX1 مع الجينات المثبطة للتجدد، والعلاج الجيني باستخدام تقنيات مثل CRISPR لتعديل التعبير الجيني لـ PROX1، وتحفيز الخلايا الجذعية لتتمايز إلى خلايا شبكية جديدة، والتقنيات الإلكترونية مثل الغرسات والشبكية الاصطناعية.
من المتوقع أن تبدأ التجارب السريرية على البشر بحلول عام 2028 تحت إشراف شركة 'سيلاياز' التي أسسها فريق العلماء. وإذا أثبتت هذه التجارب فعاليتها، فقد نشهد ثورة علاجية في الأمراض التي كانت تُعتبر مستعصية حتى وقت قريب، مثل التهاب الشبكية الصباغي، والضمور البقعي المرتبط بالعمر، واعتلال الشبكية السكري.
لكن هذا الأفق الواعد لا يخلو من التحديات. فعملية التجدد العصبي يجب أن تتم تحت رقابة صارمة لتفادي التحولات غير المنضبطة مثل تكون الأورام. كما أن شبكية العين تتكون من أنماط متعددة من الخلايا العصبية، ما يتطلب استهدافًا دقيقًا لكل نوع.
وفي الوقت الذي ما زالت فيه معظم الأبحاث في المراحل ما قبل السريرية، فإن الأمل كبير بأن يتحول هذا التقدم إلى واقع ملموس يحدث قفزة نوعية في طب العيون والعلاجات العصبية.
إذا نجح العلماء في تطوير وسائل آمنة وفعالة لكبح نشاط الجين PROX1، فإننا لا نقف فقط أمام إنجاز طبي، بل أمام ثورة علمية تفتح آفاقًا جديدة في علاج العمى الناتج عن تلف الشبكية، معتمدين بذلك على تنشيط قدرات الجسم الذاتية بدلاً من الحلول الاصطناعية والترقيعية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 21 ساعات
- البلاد البحرينية
ما هو النوع الخامس من السكري؟
في تطور جديد يعكس مدى تعقيد مرض السكري وتنوع أشكاله، أعلن الاتحاد الدولي للسكري مؤخراً عن الاعتراف بالنوع الخامس من داء السكري، وهو شكل جديد من المرض يرتبط بشكل وثيق بسوء التغذية، خاصة خلال مرحلة الطفولة المبكرة. الاتحاد الدولي للسكري يقر رسمياً نوعاً جديداً من المرض مرتبط بسوء التغذية وبحسب ما ذكرته تقارير طبية، فإن هذا الاعتراف الرسمي يسلط الضوء على أن تصنيف السكري لم يعد مقتصراً على النوعين الشائعين فقط، وهما النوع الأول والنوع الثاني، بل يتضمن اليوم أكثر من 10 أشكال مختلفة من هذا المرض المزمن، والتي تختلف في أسباب نشأتها، وآليات تطورها، والاستجابة للعلاج. وأوضحت التقارير أن النوع الأول من السكري هو حالة مناعية ذاتية، تهاجم فيها خلايا الجهاز المناعي خلايا البنكرياس المسؤولة عن إنتاج الأنسولين. وعلى الرغم من أنه غالباً ما يشخص هذا النوع لدى الأطفال، إلا أنه قد يظهر في أي عمر، ويتم علاجه باستخدام الأنسولين مدى الحياة. وفي بعض الحالات النادرة، يمكن التفكير في زراعة الخلايا الجذعية أو خلايا بنكرياسية مأخوذة من متبرعين. وأشارت التقارير إلى أن النوع الثاني هو الأكثر شيوعاً حول العالم، وغالباً ما يرتبط بعوامل، مثل: السمنة وقلة النشاط البدني، إلا أنه يمكن أن يصيب أيضاً من هم بوزن طبيعي. وقد نجح الطب الحديث في تقديم استراتيجيات علاجية متعددة، والتي تشمل الأدوية وخططاً غذائية فردية. كما أثبت الدراسات أن فقدان الوزن واتباع نظام غذائي منخفض السعرات، له فاعلية ملحوظة في عكس المرض لدى العديد من المرضى. ولفتت التقارير إلى أنه هناك أيضاً سكري الحمل، الذي يصيب النساء خلال الثلث الثاني من الحمل، ويزول غالباً بعد الولادة، لكنه قد يشير إلى خطر مرتفع للإصابة بالنوع الثاني لاحقاً. وبالإضافة إلى ذلك، توجد أنواع نادرة، مثل سكري MODY الناتج عن طفرات جينية، أو النوع 3c الناتج عن أمراض البنكرياس. ونوهت التقارير إلى أنه بالنسبة للنوع الجديد، النوع الخامس، فقد ثبت أنه ينشأ نتيجة نقص حاد في البروتين والعناصر الغذائية الأساسية خلال مرحلة الطفولة، ما يعيق النمو الطبيعي للبنكرياس، ويؤثر على قدرته في إنتاج الأنسولين، رغم أن الجهاز المناعي يبقى سليماً. وهذا الشكل من المرض ينتشر بصورة كبيرة في البلدان منخفضة الدخل، حيث يقدر عدد المصابين به عالمياً بنحو 25 مليون شخص. وأكدت التقارير أن هذا التصنيف الجديد يمثل خطوة مهمة نحو فهم أدق لداء السكري، ما يساهم في تحسين التشخيص والعلاج المبكر، وتفصيل الحلول الطبية بحسب كل حالة على حدة. تم نشر هذا المقال على موقع


البلاد البحرينية
منذ 6 أيام
- البلاد البحرينية
تناول الجبن قد يثير دماغك كما تفعل المخدرات!
كشفت دراسة حديثة من جامعة ميشيغان أن الجبن قد يحفز استجابات دماغية مشابهة لتلك التي تثيرها بعض المواد المخدرة. تحتوي منتجات الألبان، وخاصة الجبن، على بروتين يُدعى الكازين، والذي يتحلل أثناء الهضم إلى مركبات تُعرف بالكازومورفينات. تتفاعل هذه المركبات مع مستقبلات الأفيون في الدماغ، مما يؤدي إلى إطلاق الدوبامين، وهو الناقل العصبي المسؤول عن مشاعر المتعة والمكافأة. أوضحت الباحثة الرئيسية، الدكتورة إيريكا شولت، أن الأطعمة الدهنية والمعالجة بشكل كبير، مثل الجبن، يمكن أن تنشط مراكز المكافأة في الدماغ بطريقة مشابهة للمواد المسببة للإدمان. وأشارت إلى أن هذه الاستجابات قد تفسر الرغبة الشديدة التي يشعر بها البعض تجاه هذه الأطعمة. الجدير ذكره أن الدراسة نُشرت في مجلة PLoS ONE التابعة للمكتبة الوطنية الأمريكية للطب، وتُعد جزءًا من سلسلة أبحاث تهدف إلى فهم العلاقة بين بعض الأطعمة وسلوكيات الإدمان الغذائي. بينما لا يُعتبر الجبن مادة مخدرة، إلا أن هذه النتائج تسلط الضوء على كيفية تأثير بعض المكونات الغذائية على الدماغ، مما قد يفسر صعوبة مقاومة بعض الأطعمة لدى الكثيرين.


أخبار الخليج
منذ 6 أيام
- أخبار الخليج
تأثير غير متوقع لبياض البيض على الجسم
اكتشف باحثون من جامعة نورث كارولينا أن مصدر البروتين الغذائي يمكن أن يغير تركيب وعمل ميكروبيوم الأمعاء. وتشير The ISME Journal ، إلى أن الباحثين أجروا تجارب على الفئران المخبرية، اختبروا خلالها تسعة أنظمة غذائية تحتوي على بروتينات مختلفة، من البيض إلى الأرز. واتضح لهم أن ما يؤثر على تكوين ونشاط الميكروبات المعوية ليس كمية البروتين بقدر ما هو مصدره. وتبين أن الأنظمة الغذائية المعتمدة على بروتين البيض والخميرة تسببت في حدوث تغييرات قوية بشكل خاص، حيث أدت إلى تقليل التنوع في ميكروبيوم الأمعاء وزادت من نشاط البكتيريا التي تدمر الغشاء المخاطي المعوي. وكشف التحليل الميتابروتيومي أن البروتينات المختلفة تحفز وظائف بكتيرية مختلفة. وهكذا، فإن الأرز والبيض يزيدان من مستوى الإنزيمات التي تحلل الأحماض الأمينية، كما أن الخميرة والبيض يزيدان من مستوى الإنزيمات التي تحلل السكريات المعقدة وخاصة تلك المرتبطة بالبروتينات. وقد يكون لهذا آثار على صحة الجهاز الهضمي، حيث يرتبط التهاب الأمعاء بالتحلل المفرط للأغشية المخاطية.