logo
الحيرة المؤلمة حين تسود الوضع العربي

الحيرة المؤلمة حين تسود الوضع العربي

السوسنةمنذ 17 ساعات
يقول الصحافي الأمريكي إدوارد مورّو في معرض حديثه عما قد يواجهه الصحافي أحيانا من مواقف ومراحل تلتبس فيها عنده الأمور بحدة: «أي واحد لا يكون مشوّشا هو في الحقيقة لا يفهم الموقف».وإذا كان ما قاله هذا الصحافي الأمريكي المعروف (1908-1965) ينطبق على وضع يحتار فيه الصحافي في فهم مجريات الأحداث فيبدو عاجزا على التقاط خيوط المشهد، وبالتالي عاجزا أكثر على تنزيل ما يجري في سياق تحليل متكامل، واضح المعالم، عقلاني التسلسل، منطقي الاستنتاجات، فهو بلا جدال الوضع الذي عرفته وتعرفه منطقتنا أخيرا ومنذ عدة أشهر.ليس الصحافي وحده من وقف محتارا منذ السابع من أكتوبر 2023 عاجزا عن فهم كثيرا مما يدور حوله بل أغلب الناس التي وجدت نفسها عاجزة على الوقوف على حقيقة ما جرى في ذلك اليوم وما أعقبه من تطورات متلاحقة مذهلة إلى يومنا هذا.كان هناك مباشرة بعد بداية «طوفان الأقصى» هجوم إسرائيلي لا حدود لوحشيته على قطاع غزة ما زال مستمرا إلى اليوم، وما تزامن معه على الجبهة اللبنانية وانتهى بضربة قاسية لحزب الله أعادت خلط الأوراق كاملة في لبنان، وما صاحب ذلك أيضا من عمليات لجماعة «أنصار الله» في اليمن سواء في البحر الأحمر أو ضد إسرائيل، دون أن ننسى ما حدث في الأثناء من انهيار غريب لنظام بشار الأسد الدموي، وصولا في النهاية للحرب الإسرائيلية الإيرانية ودخول الولايات المتحدة على خطها سواء في ضرب المواقع النووية الإيرانية، أو العمل لاحقا على إيقافها بعد اثني عشر يوما فقط.المشكل هنا أن الناس، وهي تتابع بشغف وتوتر كل هذه التطوّرات، المتلاحقة كانت تلوذ بالمحلّلين العسكريين والسياسيين لمعرفة خلفية ما جرى ويجري ولكنها في الغالب ظلت على ظمئها فلم تظفر بكل الإجابات الشافية للغليل، والسبب أن هؤلاء المحللين في غالبهم لا يقلّون حيرة عن الرأي العام الذي يتابعهم.هل معنى ذلك أن كل المحلّلين السياسيين والعسكريين طوال هذه الأشهر لم يكونوا في مستوى الثقة التي وضعتها فيهم وسائل الإعلام التي استضافتهم أو الناس الذين يتابعونهم؟ طبعا لا، ولكن لا يمكن في المقابل الجزم بأن هؤلاء نجحوا في تقديم صورة كاملة وواضحة لما يجري، وهذا طبيعي في النهاية، لأن المشهد السياسي والعسكري في المنطقة والعالم كله سائل ومتحوّل باستمرار، بل وفيه الكثير من الغرائب التي لم يسبق للعالم أن تعامل معها بمثل هذه الدرجة.وإذا ما استثنينا التحليل العسكري التي يتعامل مع معطيات ميدانية محدّدة، واضحة المعالم إجمالا رغم قسوتها، فإن التحليل السياسي أصيب بضرر كبير نتيجة أننا في نهاية المطاف لم نكن نعلم حقيقة كل ما كان يدور فما لا يقال أكبر بكثير مما يقال، وما كان يدور في الغرف المغلقة هو المحدّد في النهاية حيث إن التصريحات العلنية نجدها في الغالب بعيدة عن الواقع الحقيقي، إن لم تكن أحيانا نوعا من التلهية أو التضليل.ما كنا نراه طوال الأشهر الماضية في المشهد الإعلامي العربي، سواء المكتوب أو السمعي البصري، هو في الغالب مجموعة آراء أو حتى تكهّنات خضعت في مجملها للقناعات المسبقة والأهواء السياسية أكثر مما خضعت لتفكيك منطقي مبني على الوقائع والمعطيات التي لا قيمة لأي تحليل دونها. لم يكن من السهل دائما أن نعثر على مقالات صحافية أم مشاركات تلفزيونية أو مساهمات مختلفة في مواقع التواصل مبنية على الحقائق الباردة وليس على ما يسمى التفكير الرغائبي الذي يعطي الأولوية لما تهواه الأنفس قبل أي شيء آخر، حتى وإن جاءت بعض الأحداث لتسفّهه أو تنسفه بالكامل.من الظلم التعميم طبعا، فما كان الجميع من كتاب ومحللين على هذه الشاكلة لكن هذا ما طبع أغلبهم في كل الأحوال. وقد تكون حالة التشوّش التي حالت دون أن نرى المشهد كما هو، وليس كما نريد أن نراه، أن هذا المشهد بدوره لم يبد في حال فوضى واضطراب وغياب للمنطق السليم كما رأيناه طوال هذه الفترة.من قال مثلا إننا سنكون أمام سياسة أمريكية رسمية موالية بهذه الفجاجة للعدوان الإسرائيلي على غزة وغيرها، مغرقة في التواطؤ اللئيم المخادع زمن بايدن، أو في التهريج والشعبوية الوقحة زمن ترامب؟!!من قال إننا سنكون أمام حكومات غربية لم تعد لها في أغلبها أي علاقة بقيم الإنسانية وحتى المنطق السليم؟!! من قال إننا سنكون أمام منظومة دولية عاجزة بالكامل أن تفرض أي شيء خارج الإرادة الأمريكية؟!! ووضع رسمي عربي ضعيف ومخز إلى هذه الدرجة غير المسبوقة في التاريخ القريب؟!! وقضية فلسطينية بمثل هذه القيادة المشتتة في وضع لا يحتمل ذلك أبدا؟!! ورأي عام عربي يعاني الاستبداد والخنوع له لكنه يروم الحرية لفلسطين؟! وغير ذلك كثير.قد نكون جميعا في حيرة، لكن ما يدرينا لعلّ هذه الحيرة هي بداية الفهم، لكنه فهم مؤلم للغاية في كل الأحوال.كاتب وإعلامي تونسي
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اعتراض جديد لصاروخ يمني أطلق باتجاه إسرائيل.. وهاكابي يتوعد بقاذفات بي2
اعتراض جديد لصاروخ يمني أطلق باتجاه إسرائيل.. وهاكابي يتوعد بقاذفات بي2

البوابة

timeمنذ 12 ساعات

  • البوابة

اعتراض جديد لصاروخ يمني أطلق باتجاه إسرائيل.. وهاكابي يتوعد بقاذفات بي2

توعد السفير الأميركي في تل أبيب مايك هاكابي بإرسال قاذفات بي 2، المعروفة بقدرتها على حمل قنابل مدمرة، لليمن وذلك عقب إعلان الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخ زعم أنه أطلق من اليمن. ومساء الثلاثاء، تم تفعيل صفارات الإنذار في تل أبيب الكبرى والقدس ووسط إسرائيل، فيما سادت حالة من الرعب والخوف في إسرائيل. من جهته، توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بالرد على جماعة أنصار الله اليمنية (الحوثيين)، قائلا في بيان إن "مصير اليمن هو مصير طهران". وسارع السفير الأميركي في إسرائيل مايك هاكابي لتهديد اليمن بالقول "ربما على قاذفات بي 2 أن تزور اليمن"، وذلك إشارة إلى قصف الولايات المتحدة لمفاعل فوردو النووي الإيراني بتلك القاذفات خلال حرب الـ12 يوما مع إسرائيل. وأثنى هاكابي على منظومة اعتراض الصواريخ، مشيرا إلى أنه من حسن الحظ "يتيح لنا نظام الاعتراض المذهل التوجه للملاجئ والانتظار حتى زوال الخطر". في المقابل، أعلن الحوثيون أنهم نفذوا عملية استهدفت مطار اللد المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي، وأن العملية حققت هدفها بنجاح، مضيفة أن سلاح الجو المسير نفذ 3 عمليات ضد أهداف في يافا وعسقلان وأم الرشراش. ويقول الحوثيون، إنهم من خلال إطلاق الصواريخ يقومون بجبهة إسناد لغزة التي تتعرض لحرب الإبادة التي استئنافها الاحتلال قبل أكثر من 100 يوم، إذ أطلق الحوثيون 53 صاروخا باليستيا باتجاه إسرائيل، وفق إذاعة الجيش الإسرائيلي. وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي زعم مساء الثلاثاء، أنه اعترض صاروخين أطلقا من جنوب قطاع غزة تجاه مستوطنات قريبة. وقال الجيش، في بيان إن سلاح الجو اعترض صاروخين تم إطلاقهما من جنوب قطاع غزة واجتازا الحدود، دون وقوع إصابات. المصدر: الجزيرة

الحيرة المؤلمة حين تسود الوضع العربي
الحيرة المؤلمة حين تسود الوضع العربي

السوسنة

timeمنذ 17 ساعات

  • السوسنة

الحيرة المؤلمة حين تسود الوضع العربي

يقول الصحافي الأمريكي إدوارد مورّو في معرض حديثه عما قد يواجهه الصحافي أحيانا من مواقف ومراحل تلتبس فيها عنده الأمور بحدة: «أي واحد لا يكون مشوّشا هو في الحقيقة لا يفهم الموقف».وإذا كان ما قاله هذا الصحافي الأمريكي المعروف (1908-1965) ينطبق على وضع يحتار فيه الصحافي في فهم مجريات الأحداث فيبدو عاجزا على التقاط خيوط المشهد، وبالتالي عاجزا أكثر على تنزيل ما يجري في سياق تحليل متكامل، واضح المعالم، عقلاني التسلسل، منطقي الاستنتاجات، فهو بلا جدال الوضع الذي عرفته وتعرفه منطقتنا أخيرا ومنذ عدة أشهر.ليس الصحافي وحده من وقف محتارا منذ السابع من أكتوبر 2023 عاجزا عن فهم كثيرا مما يدور حوله بل أغلب الناس التي وجدت نفسها عاجزة على الوقوف على حقيقة ما جرى في ذلك اليوم وما أعقبه من تطورات متلاحقة مذهلة إلى يومنا هذا.كان هناك مباشرة بعد بداية «طوفان الأقصى» هجوم إسرائيلي لا حدود لوحشيته على قطاع غزة ما زال مستمرا إلى اليوم، وما تزامن معه على الجبهة اللبنانية وانتهى بضربة قاسية لحزب الله أعادت خلط الأوراق كاملة في لبنان، وما صاحب ذلك أيضا من عمليات لجماعة «أنصار الله» في اليمن سواء في البحر الأحمر أو ضد إسرائيل، دون أن ننسى ما حدث في الأثناء من انهيار غريب لنظام بشار الأسد الدموي، وصولا في النهاية للحرب الإسرائيلية الإيرانية ودخول الولايات المتحدة على خطها سواء في ضرب المواقع النووية الإيرانية، أو العمل لاحقا على إيقافها بعد اثني عشر يوما فقط.المشكل هنا أن الناس، وهي تتابع بشغف وتوتر كل هذه التطوّرات، المتلاحقة كانت تلوذ بالمحلّلين العسكريين والسياسيين لمعرفة خلفية ما جرى ويجري ولكنها في الغالب ظلت على ظمئها فلم تظفر بكل الإجابات الشافية للغليل، والسبب أن هؤلاء المحللين في غالبهم لا يقلّون حيرة عن الرأي العام الذي يتابعهم.هل معنى ذلك أن كل المحلّلين السياسيين والعسكريين طوال هذه الأشهر لم يكونوا في مستوى الثقة التي وضعتها فيهم وسائل الإعلام التي استضافتهم أو الناس الذين يتابعونهم؟ طبعا لا، ولكن لا يمكن في المقابل الجزم بأن هؤلاء نجحوا في تقديم صورة كاملة وواضحة لما يجري، وهذا طبيعي في النهاية، لأن المشهد السياسي والعسكري في المنطقة والعالم كله سائل ومتحوّل باستمرار، بل وفيه الكثير من الغرائب التي لم يسبق للعالم أن تعامل معها بمثل هذه الدرجة.وإذا ما استثنينا التحليل العسكري التي يتعامل مع معطيات ميدانية محدّدة، واضحة المعالم إجمالا رغم قسوتها، فإن التحليل السياسي أصيب بضرر كبير نتيجة أننا في نهاية المطاف لم نكن نعلم حقيقة كل ما كان يدور فما لا يقال أكبر بكثير مما يقال، وما كان يدور في الغرف المغلقة هو المحدّد في النهاية حيث إن التصريحات العلنية نجدها في الغالب بعيدة عن الواقع الحقيقي، إن لم تكن أحيانا نوعا من التلهية أو التضليل.ما كنا نراه طوال الأشهر الماضية في المشهد الإعلامي العربي، سواء المكتوب أو السمعي البصري، هو في الغالب مجموعة آراء أو حتى تكهّنات خضعت في مجملها للقناعات المسبقة والأهواء السياسية أكثر مما خضعت لتفكيك منطقي مبني على الوقائع والمعطيات التي لا قيمة لأي تحليل دونها. لم يكن من السهل دائما أن نعثر على مقالات صحافية أم مشاركات تلفزيونية أو مساهمات مختلفة في مواقع التواصل مبنية على الحقائق الباردة وليس على ما يسمى التفكير الرغائبي الذي يعطي الأولوية لما تهواه الأنفس قبل أي شيء آخر، حتى وإن جاءت بعض الأحداث لتسفّهه أو تنسفه بالكامل.من الظلم التعميم طبعا، فما كان الجميع من كتاب ومحللين على هذه الشاكلة لكن هذا ما طبع أغلبهم في كل الأحوال. وقد تكون حالة التشوّش التي حالت دون أن نرى المشهد كما هو، وليس كما نريد أن نراه، أن هذا المشهد بدوره لم يبد في حال فوضى واضطراب وغياب للمنطق السليم كما رأيناه طوال هذه الفترة.من قال مثلا إننا سنكون أمام سياسة أمريكية رسمية موالية بهذه الفجاجة للعدوان الإسرائيلي على غزة وغيرها، مغرقة في التواطؤ اللئيم المخادع زمن بايدن، أو في التهريج والشعبوية الوقحة زمن ترامب؟!!من قال إننا سنكون أمام حكومات غربية لم تعد لها في أغلبها أي علاقة بقيم الإنسانية وحتى المنطق السليم؟!! من قال إننا سنكون أمام منظومة دولية عاجزة بالكامل أن تفرض أي شيء خارج الإرادة الأمريكية؟!! ووضع رسمي عربي ضعيف ومخز إلى هذه الدرجة غير المسبوقة في التاريخ القريب؟!! وقضية فلسطينية بمثل هذه القيادة المشتتة في وضع لا يحتمل ذلك أبدا؟!! ورأي عام عربي يعاني الاستبداد والخنوع له لكنه يروم الحرية لفلسطين؟! وغير ذلك كثير.قد نكون جميعا في حيرة، لكن ما يدرينا لعلّ هذه الحيرة هي بداية الفهم، لكنه فهم مؤلم للغاية في كل الأحوال.كاتب وإعلامي تونسي

'أنصار الله' تفاجئ إسرائيل بهجمات متزامنة بالصواريخ والطائرات المسيرة
'أنصار الله' تفاجئ إسرائيل بهجمات متزامنة بالصواريخ والطائرات المسيرة

صراحة نيوز

timeمنذ 18 ساعات

  • صراحة نيوز

'أنصار الله' تفاجئ إسرائيل بهجمات متزامنة بالصواريخ والطائرات المسيرة

صراحة نيوز- أعلنت جماعة 'أنصار الله' في اليمن (الحوثيون) تنفيذ أربع عمليات عسكرية نوعية، من بينها هجوم بصاروخ باليستي فرط صوتي على مطار بن غوريون في اللد المحتلة. وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة إن العملية التي استهدفت مطار اللد حققت هدفها بنجاح، وتسببت في هروب الملايين إلى الملاجئ، بالإضافة إلى توقف حركة المطار بشكل كامل. وأضاف أن سلاح الجو المسير نفذ ثلاث عمليات أخرى استهدفت مواقع حساسة في يافا وعسقلان وأم الرشراش (إيلات). وأكد المتحدث أن القوات المسلحة اليمنية ستواصل تنفيذ عملياتها الإسنادية رفضًا لما وصفه بـ'جرائم الإبادة' في غزة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store