logo
معركة الكرامة: حين كتب الأردنيون بأرواحهم ملحمةً لا تُنسى !

معركة الكرامة: حين كتب الأردنيون بأرواحهم ملحمةً لا تُنسى !

عمون٢٠-٠٣-٢٠٢٥

في فجر الحادي والعشرين من آذار عام 1968، لم تكن السماء فوق غور الأردن مجرد سماء عادية، بل كانت شاهدةً على ميلاد ملحمةٍ خالدة، كتبها الجيش العربي الأردني بدماء أبطاله، وأرواح شهدائه، وإرادةٍ لا تعرف الانكسار.
كانت معركة الكرامة أكثر من مجرد مواجهة عسكرية؛ كانت رسالةً إلى العالم بأن للأردنيين كرامة لا تُهزم، وأن الأرض لا تُسلم، وأن الأردن، برغم صغر مساحته، كبيرٌ بإرادته وعزيمته.
- السياق التاريخي: من ركام الهزيمة إلى شموخ النصر
بعد نكسة حزيران 1967، كانت المنطقة العربية تعيش في ظلال الهزيمة والإحباط، بينما كانت إسرائيل تتعامل بغطرسة المنتصر، معتبرة نفسها القوة العسكرية الأعلى التي لا تُقهر.
في هذا المناخ، قررت إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في غور الأردن، أطلقت عليها اسم "عملية توف"، بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية الناشئة، وتأديب الأردن لاستضافته تلك المقاومة حسب قولهم .
اختارت إسرائيل منطقة الكرامة لتكون ساحة المعركة، معتقدة أن تحقيق نصر سريع وحاسم هناك سيرسخ هيبتها العسكرية ويُرهب العرب؛ لكنها لم تكن تعلم أن الجيش العربي الأردني، بقيادته الهاشمية الحكيمة، كان ينتظرها بقلوبٍ لا تعرف الخوف، وعزيمةٍ لا تعرف التراجع.
- الصمود الأردني: جدارٌ من الإرادة والعزيمة
مع بزوغ فجر ذلك اليوم، بدأت القوات الإسرائيلية هجومها بعبور نهر الأردن في عدة محاور، مدعومةً بقوة نيران هائلة من الدبابات والمدفعية الثقيلة والطيران الحربي ، لكنها اصطدمت بجدارٍ من الصمود الأردني، جسدته بطولات الجنود الأردنيين الذين وقفوا كالجبال في وجه العدو.
بإشراف مباشر من المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، قاد القادة الأردنيون المعركة بذكاء عسكري فريد، مستغلين تضاريس المنطقة لصالحهم، ومحولين الأرض إلى ساحةٍ تلتهم قوات العدو.
رغم التفوق العددي والتكنولوجي للجيش الإسرائيلي، إلا أن بسالة الجنود الأردنيين وإيمانهم بعدالة قضيتهم قلبوا المعادلة، وحوّلوا الهجوم الإسرائيلي إلى هزيمةٍ مذلة.
- بطولات خالدة: دماءٌ كتبت المجد
لم تكن معركة الكرامة مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت سجلًا خالدًا للبطولات الفردية والجماعية ؛ قاتل الجنود الأردنيون بشراسة نادرة، ورفضوا التراجع رغم القصف العنيف ، ومن أبرز مشاهد البطولة، تلك اللحظات التي واجه فيها الجنود الأردنيون الدبابات الإسرائيلية بأسلحة خفيفة، لكن بإيمانٍ صلبٍ لا يلين.
نتج عن المعركة تدمير أكثر من 88 آلية عسكرية إسرائيلية، وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف العدو، مما أجبره على التراجع والانسحاب للمرة الأولى في تاريخ المواجهات العربية-الإسرائيلية.
كانت الكرامة أول انتصار عربي على الجيش الإسرائيلي، وكسرت أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر".
- الكرامة: اسمٌ لموقعٍ ورمزٌ لأمة
لم تكن "الكرامة" مجرد اسم للموقع الذي دارت فيه المعركة، بل كانت رمزًا لاستعادة كرامة العرب جميعًا ، فبعد نكسة حزيران 1967، كانت الأمة العربية تعيش حالة من الإحباط والتراجع، وكادت تفقد الثقة في قدراتها العسكرية والسياسية ، لكن معركة الكرامة أعادت للأمة العربية ثقتها بنفسها، وأثبتت أن العرب قادرون على الصمود والانتصار إذا ما توفرت لهم الإرادة والقيادة الحكيمة.
لقد كانت الكرامة رسالةً واضحةً إلى العالم بأن العرب، رغم التحديات، قادرون على استعادة كرامتهم ووحدتهم وكان الأردن، بجيشه العربي الباسل، في طليعة من حمل هذه الرسالة، ليصبح نموذجًا يُحتذى به في الصمود والتضحية.
- دروس الكرامة: الإرادة تصنع المستحيل
لم تكن معركة الكرامة عبارة عن انتصار عسكري وحسب، بل كانت درسًا بليغًا في قوة الإرادة والإيمان.
أثبتت المعركة أن النصر لا يُقاس بعدد الدبابات أو الطائرات، بل بإرادة القتال، والإيمان بالحق، والاستعداد للتضحية. لقد أظهرت الكرامة أن الجندي الأردني، متى ما توفرت له القيادة الحكيمة والتدريب المحترف، قادرٌ على تغيير معادلات القوة.
كما بعثت المعركة برسالة واضحة لكل من راهن على ضعف العرب، بأن الكرامة الوطنية ليست سلعة تباع وتشترى، وأن الأردن، بقيادته الهاشمية وجيشه العربي، كان وسيبقى خط الدفاع الأول عن قضايا الأمة.
- الكرامة في وجدان الأردنيين
اليوم، ونحن نحيي ذكرى هذه المعركة المجيدة، نقف إجلالًا وإكبارًا لشهداء الجيش العربي، الذين كتبوا بدمائهم صفحة مشرقة في تاريخ الأردن.
إن تضحياتهم لم تكن مجرد دفاع عن الأرض، بل كانت دفاعًا عن كرامة الأمة بأسرها.
وتأتي هذه الذكرى في ظل قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي يسير على نهج والده المغفور له الملك الحسين بن طلال، في دعم الجيش العربي الأردني، وتعزيز جاهزيته ليبقى الدرع الحصين لهذا الوطن العزيز.
كما أن سمو ولي العهد، الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، يمثل جيلًا جديدًا من القادة، يحمل لواء الكرامة، ويؤكد أن الجيش العربي سيبقى قوةً رادعة، حاميةً للوطن ومكتسباته.
- خاتمة: الكرامة نهجٌ للأجيال
معركة الكرامة مبدأ ونهج، يرسخ في وجدان كل أردني معنى التضحية والفداء وستبقى هذه الذكرى محفورةً في ذاكرة الأجيال، تذكرنا دومًا بأن الأردن، رغم صغر مساحته، كبيرٌ بعزيمته، وأن جيشه العربي، برغم التحديات، سيبقى رمزًا للشجاعة والبطولة.
في هذه الذكرى العطرة، نرفع أسمى آيات التقدير والاحترام لشهدائنا الأبرار، ونعاهد قيادتنا الهاشمية بأن نبقى أوفياء لهذا الوطن، حاملين راية الكرامة، وسائرين على درب المجد، دفاعًا عن الأردن وعروبته، ووفاءً لتضحيات رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
الرحمة لشهداء الجيش العربي، والمجد والخلود لذكرى معركة الكرامة، والنصر الدائم للأردن تحت راية الهاشميين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

التعليم العالي ركيزة الاستقلال وبوابة المستقبل
التعليم العالي ركيزة الاستقلال وبوابة المستقبل

عمون

timeمنذ 4 ساعات

  • عمون

التعليم العالي ركيزة الاستقلال وبوابة المستقبل

تأتي الذكرى التاسعة والسبعون للاستقلال هذا العام في ظل ظروف دقيقة ومعقّدة تمر بها المنطقة، وتحديات تمسّ مختلف جوانب الحياة. ورغم ذلك، فإن الأردن اجتاز عبر تاريخه الطويل العديد من التحديات بصبر وحكمة واقتدار، مستندًا إلى رؤية قادته وبصيرة شعبه. ولا يمكننا أن ننسى أولئك الذين بنوا الاستقلال، وكيف قادوا الوطن وسط العواصف إلى برّ الأمان. فلا تغيب عن الأذهان تضحيات الملك المؤسس في سبيل القدس، ولا صمود الحسين بن طلال في وجه نكسة حزيران، وتحقيق نصر الكرامة، ثم بناء الدولة الحديثة، وصولًا إلى قيادة الملك عبدالله الثاني الذي حافظ على استقرار الأردن وسط محيطٍ مشتعل. ونستذكر هنا قول الشهيد وصفي التل: 'الأردن وُلد في النار وسيبقى ولن يحترق'. وقد أثبتت الأيام صدق هذه العبارة؛ إذ التهمت النار من حولنا، لكن الأردن ظل صامدًا، متماسكًا، فوق كل الظروف. ولهذا، فإن مسؤوليتنا اليوم أن نوحد الصفوف ونقف جميعًا في وجه التحديات، يدًا بيد، لإفشال كل المخططات التي تستهدف استقرار الأردن ووحدته الوطنية. وفي هذا السياق، فإن التعليم العالي يُعدّ الركيزة الأساسية لتعزيز الاستقلال، فهو الجسر الحقيقي إلى المستقبل، ووسيلة النهضة الفكرية والاقتصادية والسياسية. فالجامعات ليست مجرد مؤسسات تعليمية، بل مصانع للوعي والتحرر والمعرفة. ويؤدي التعليم العالي دورًا محوريًا في تعزيز الاستقلال على المستويين الفردي والمجتمعي، من خلال عدة جوانب: •الاستقلال الفكري: تشجع الجامعات على التفكير النقدي وطرح الأسئلة وتكوين الرأي والرأي الآخر، مما يُسهم في تشكيل شخصية الطالب المستقلة، ويحرره من القوالب الجاهزة والتفكير التبعي. •الاستقلال الاقتصادي: تزوّد الجامعات الطلبة بالمهارات الحياتية والمعرفة التخصصية، وتمكّنهم من دخول سوق العمل بكفاءة، مما يخفف من الاعتماد على الغير، ويعزز قدرتهم على تحقيق دخل ذاتي مستقر. •الاستقلال الاكاديمي : تتمتع الجامعات بالاستقلال الأكاديمي والإداري، مما يخلق بيئة تعليمية حرة تسهم في رفع جودة التعليم والبحث العلمي بعيدًا عن التأثيرات السياسية أو الأيديولوجية. •تعزيز المواطنة: من خلال المناهج التي تركز على الهوية الوطنية والتاريخ والسيادة، تعمل الجامعات على ترسيخ مفهوم الاستقلال في وعي الطلبة، وتحثهم على حمايته وتطويره. الابتكار والبحث العلمي: يسهم البحث العلمي في إيجاد حلول محلية مستقلة عن الخارج، ويقلل من التبعية التقنية والعلمية، مما يعزز سيادة الدولة في مختلف المجالات. وها هي الجامعة الأردنية في طليعة هذه المؤسسات، تقود عبر السنوات نهضة علمية بارزة جعلتها من أبرز الجامعات على مستوى الوطن والعالم العربي. وحققت قفزات نوعية بفضل إدارة أكاديمية تؤمن بأن التعليم ليس تلقينًا، بل عملية شاملة لبناء الإنسان والوطن. وقد وضعت الجامعة استراتيجيات واضحة تركز على الجودة، والبحث العلمي، والانفتاح العالمي، وتنفيذ خطط قابلة للقياس والتطوير. وشهدت الجامعة الأردنية تطورًا ملحوظًا في النشر العلمي، إذ ارتفعت نسبة الأبحاث المنشورة في مجلات محكّمة ومصنفة دوليًا، كما زاد التعاون البحثي مع مؤسسات أكاديمية عالمية، مما عزز موقعها في التصنيفات العالمية مثل QS Ranking وTimes Higher Education. كما أطلقت الجامعة برامج أكاديمية حديثة تواكب سوق العمل المحلي والعالمي، في تخصصات مثل الذكاء الاصطناعي، والهندسة الحيوية، والتحول الرقمي. وقد طورت المناهج التعليمية لتأهيل جيل قادر على الابتكار والمنافسة. وفي إطار التحول الرقمي، استثمرت الجامعة في البنية التحتية الرقمية، وطورت أنظمة التعليم الإلكتروني، ووفّرت بيئة تعليمية تفاعلية ساهمت في رفع كفاءة العملية التعليمية. ويُعد مشروع 'رقمنة المحتوى التعليمي وإنتاج المحاضرات التفاعلية' الأول من نوعه في المنطقة، وخارطة طريق نحو التحديث والمرونة المؤسسية في قطاع التعليم العالي. ولم تغفل الجامعة الأردنية دورها في دعم الإبداع وريادة الأعمال، حيث شجعت الطلبة على تحويل أفكارهم إلى مشاريع واقعية، ما يعزز ثقافة الاستقلال والإنتاج، ويقلل من نسب البطالة بين الخريجين. كما فتحت الجامعة أبوابها نحو العالم عبر شراكات دولية، واتفاقيات تبادل أكاديمي، واستقطبت أساتذة من جامعات مرموقة، مما وفر فرصًا قيّمة للطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية للاطلاع على تجارب وثقافات متنوعة. وأخيرًا، لم تنسَ الجامعة رسالتها الوطنية والإنسانية؛ فهي تزرع في أجيالها قيم الانتماء والمواطنة والاستقلال، وتسهم في بناء أردن جديد متجذر في هويته، منفتح على العالم. إن الجامعة الأردنية ليست مجرد مؤسسة أكاديمية، بل منارة علمية تقود ثورة فكرية وعلمية بهدوء وثبات، وتؤكد أن الجامعات العربية قادرة على التميز عالميًا إذا توفرت الرؤية والإرادة والنية الصادقة للبناء والتطوير. وفي الختام، تبقى الجامعات حواضن الاستقلال، ومصانع الوعي والعمل والبناء، ورسالة الاستقلال إلى المستقبل.

استقلال المملكة واكبه حرية الشعب في ظل قيادة هاشمية رشيدة
استقلال المملكة واكبه حرية الشعب في ظل قيادة هاشمية رشيدة

جفرا نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • جفرا نيوز

استقلال المملكة واكبه حرية الشعب في ظل قيادة هاشمية رشيدة

جفرا نيوز - كريستين حنا نصر يحتفل الشعب الاردني بكل فخر واعتزاز بالذكرى 79 لاستقلال المملكة الاردنية الهاشمية، واليوم أرى أن معظم الدول العربية وبشكل خاص بعد استقلالها، تحتفل في كل عام بعيد استقلالها، وها نحن في بلدنا العزيز المملكة الاردنية الهاشمية نحتفل بذكرى عيد الاستقلال في هذه الأيام المباركة الغالية، وعبر تاريخنا الوطني كان الاحتفال بالطبع في ظل الراية الهاشمية ومنذ الذكرى الاولى للاستقلال بتاريخ 25 ايار عام 1946م وحتى اليوم ولله الحمد، وها نحن وبكل اعتزاز نحتفل مع قائدنا ومليكنا الهاشمي حفظه الله، وفي ظل قيادته الحكيمة التي ورث نهجها الاصيل من جده المغفور له الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين، مروراً بمسيرة الاباء من بني هاشم المغفور لهم الملك طلال بن عبد الله والملك الباني الحسين بن طلال. واليوم اعتقد أننا في أردن الهواشم وبعد مرور أكثر من مائة عام على مئوية المملكة الاردنية الهاشمية ، نلاحظ ومقارنة مع الدول العربية الاخرى التي تحتفل بعيد الاستقلال التي للاسف شهدت عدة انقلابات ومرت بحروب ونزاعات وتقلبات سياسية عصيبة، بأن الاردن حافظ على استقلاله وأمنه الوطني ويستمر بمسيرة العطاء والتنمية بحكمة قيادته ، ومن الواضح أيضاً وبشكل بارز ومشهود له دولياً أن المملكة الاردنية الهاشمية تحظى بحكم ونظام ناجح يمتلك ارادة العطاء والاستمرار والتطور التدريجي وبطريقة سلسة وبصورة حضارية تسعى لخدمة الوطن والمواطنين بالرغم من التحديات التي تشهدها المنطقة والعالم . ونلاحظ ولله الحمد أن بلدنا وعلى مدى العقود والسنوات ومنذ الاستقلال المجيد وحتى اليوم، لم نتعرض لأي اضطرابات أو خلل في البيئة السياسية والاقتصادية يؤثر على المسيرة التنموية، وهذا النجاح والقدرة على المضي قدماً في التنمية والتطور سببه أننا ننعم بحكم هاشمي رشيد عادل، خاصة في مجال التعامل مع الشعب بكل محبة فكان وما زال الاردن أولاً، والشعب وكل فئات المجتمع تعيش في استقرار وتقدم في مجالات التعليم والصحة والاقتصاد، ونشهد عملية بناء ونهضة شاملة، ومن المهم أن ندرك أن الاستقلال ليس هو استقلال البلد من المستعمر القديم فقط، بل استقلال الوطن من الداخل بمعنى استقلالية المواطن بما يتمتع به من حرية مضبوطة بالقانون، في ظل حكم معتدل يرعى الحريات ويصونها ، أي الحرية التي تحترم الاخرين ولا تتعدى على حقوقهم ، حرية سقفها السماء ودون اقصاء وتفرقة. فالشعب في عصر الاستقلال واحد متكامل مجتمعين وملتحمين مع القيادة، وذلك بهدف بناء الاردن الحديث والمعاصر الذي نعيش فيه اليوم، ومفهوم الاستقلال هو استقلال وحرية المواطن في وطنه ويعمل بمؤسسية ليبني ويتقدم في كل المجالات، مواطن مستقل غير مقيد بأي مظاهر استبداد، فالاردن مناخ للحرية والتعايش منذ الاستقلال وعلى مدى تاريخنا، والملاحظ أن الاردن على سبيل المثال إذ وجد فيه معارضين للحكومات فإنه وبدلاً من معاقبتهم واعتقالهم فإنهم ينضمون الى الدولة ويساهمون في ادارة النهضة فيها، والامثلة على ذلك عديدة ففي عهد المغفور له الملك الحسين بن طلال على سبيل المثال لم تتعرض المعارضة للاعتقال بل اصبح الكثير منهم وزراء مقربين من الملك، وهذا النهج الهاشمي الرفيع الراقي والمستمر في نهجه الاصيل في التعامل الحضاري والقائم على الحرية والعقلانية. ان النهج الهاشمي في التعامل خلق اليوم المواطن الذي يخلص لوطنه وهو اسلوب نادر جداً مقارنة مع انظمة حكم عديدة في المنطقة، ومن ذلك على سبيل المثال ما تعرض له البعض في ظل حكم البعث البائد في سوريا والعراق في المعتقلات والسجون المشهورة ، حتى أن المعتقل فيها كان يسجن ولا يعرف أهله مصيرهم، ولا يستطيعون حتى زيارتهم وهي ابسط حقوقهم التي كفلها القانون الانساني والدولي. ان نظام الحكم الهاشمي الذي ننعم فيه اليوم يقوم على مبدأ بناء المواطن، وترسيخ قيم الولاء والانتماء لديه، حتى أننا نلاحظ أن مراكز الاصلاح والتأهيل اصبحت مؤسسات اجتماعية اصلاحية تعمل على غرس قيم المواطنة، ويتعلم فيها السجين الكثير من الحرف مثل النجارة والحدادة وغيرها، كما توفر له وبموجب القانون حقوق مثل زيارة الاهالي والرعاية والعلاج والحق في التعليم، وبالتالي يصبح السجين بعد مغادرته للسجن مواطن صالح يشارك المجتمع في خدمة وبناء وطنه، هذا هو معنى الاستقلال الذي يهتم بحرية وبناء الفرد ، استقلال كامل لا يقتصر على الخلاص من المستعمر بل هو الحكم الرشيد الذي يمنح المواطن الحرية ويصبح فيه المواطن صالحاً مستقلاً في وطنه. ومنذ استقلال المملكة الاردنية الهاشمية وحتى اليوم نلاحظ كشعب حنكة السياسة الاردنية الخارجية مع الدول العربية ومع كافة دول العالم، والادن على الدوام كان وما زال سنداً للدول العربية واستقبل اللاجئين الذين لجأوا من بلدانهم بسبب الحروب مثل الشعب الفلسطيني أولاً، ثم الشعب اللبناني اثناء الحرب الاهلية ولاحقاً السوريين واليمنيين ، ومعاملة الاردن الحسنة لهم وكأنهم في بلدهم الأم، وقد وفر الاردن لهم حق التعليم لاولادهم في المدارس الحكومية والصحة والعمل ، بالرغم من أن هذا شكل عبئاً اقتصادياً على الموازنة العامة للدولة الاردنية، ففي مجال التعليم مثلاً استحدث نظام التعليم الصباحي والمسائي بسبب كثرة العدد. المملكة الاردنية الهاشمية الان وبعد استقلالها وبفضل مواردها وسياستها الحكيمة على المستوى الداخلي والخارجي نجحت في مواكبة العالم، حيث وجود الحكومة الالكترونية واستقطاب للاستثمارات الخارجية وانتشار الجامعات ، لتصبح الاردن بمثابة الدولة والعاصمة العربية التي تستقطب الطلاب العرب للدراسة في جامعاتنا الوطنية، وفي المجال الزراعي هناك تطور في التقنيات الزراعية والمنتجات خاصة زراعة وانتاج زيت الزيتون، كما اشتهر الاردن في تصدير انواع مختلفة من التمور مثل التمر المعروف بالمجدول والمجهول وغيرها، وهو تمر مرغوب للتصدير العالمي، فقد شاهدت منه في فرنسا على سبيل المثال. الاردن في عيد استقلاله التاسع والسبعون يستمر في مسيرة التقدم والبناء بما في ذلك على صعيد البنية التحتية السياحية مثل الفنادق ذات الخمس نجوم في مناطق سياحية اردنية متعددة مثل البحر الميت والعقبة والعاصمة عمّان، والاردن في عيد الاستقلال يتقدم في مسيرة التحديث السياسي والاقتصادي والأهم في مجال مشاركة المرأة والشباب في الحياة والاحزاب السياسية، التي نتجت عن عملية التحديث السياسي التي جرت مؤخراً، والاردن اليوم في ذكرى عيد استقلاله يتمتع بالتطور في الصناعات بما في ذلك الصناعات العسكرية وتميزه بجيش قوي محترف يحرص على التدريب مع عدة جيوش ودول عالمية ليستمر في التقدم ، والامن والامان والاستقرار الذي نعيشه في بلدنا هو جهد حثيث يبذله الجيش والاجهزة الأمنية وبتوجيهات ملكية مباشرة، حيث تسهر هذه الاجهزة الامنية على أمن وراحة المواطن وحماية حدود الدولة الاردنية، فالاردن تحيط به دول ومناطق ملتهبة بالصراعات والحروب، ولكن ولله الحمد وبهمة قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية ما زال وسيبقى الاردن واحة أمن وسلام، لكل من يعيش فيه بالرغم من التحديات المحيطة . والاردن يتميز بسياسة ونهج داخلي من مظاهرة المميزة اندماج لكامل المكونات الاجتماعية المختلفة والموجودة في المجتمع الاردني الواحد، مثل المسيحيين والدروز والارمن والاكراد والشركس والشيشان وغيرهم، فهم جميعاً جزء لا يتجزأ من المجتمع الاردني، وهم الان اردنيين ، وحكمة السياسة الاردنية الهاشمية تتمثل في منح الحقوق لكل هذه المكونات عبر تاريخ المملكة منذ النشأة والاستقلال وحتى اليوم، فالجميع يحصل على فرص متساوية في المناصب والوظائف السيادية مثل الوزارات والبرلمان وغيرها، وبشكل جعلنا مجتمعين كعائلة واحدة متحدة صلبة قوية هدفها هو سيادة ومصلحة وتقدم الاردن، وقد تقدم الاردن في ذلك على العديد من الدولة في المنطقة والعالم، ففي سوريا مثلاً بعد اسقاط نظام بشار الاسد البائد توجد مطالبات من الشعب بضرورة مشاركة جميع المكونات السورية في حكومة سوريا الجديدة، وبالتالي فإننا في الاردن سبقنا الكثير من الدول في هذه السياسة التي نهجها الهاشميون منذ قيام امارة شرقي الاردن مروراً باستقلال المملكة الاردنية الهاشمية وحتى اليوم، حيث كان أول رئيس وزراء اردني من الطائفة الدرزية، كما أن جدي ( خليل فارس نصر والملقب بشيخ الصحافة الاردنية) كان من الاوائل الذين ساهموا في بناء مؤسسات الدولة، فهو مؤسس اول جريدة أهلية اردنية بدأت اسبوعية ثم اصبحت يومية ، وقد واكبت هذه الجريدة واسمها ( جريدة الاردن) مسيرة التأسيس والاستقلال والبناء الاردني منذ عهد المغفور له الملك المؤسس عبد الله الاول وحتى عهد المغفور له الملك الباني الحسين بن طلال ، وها أنا اليوم وبكل اخلاص وولاء وانتماء اواصل مسيرة جدي و والدي رحمهما الله بالعمل الصحفي بكتابة المقالات الوطنية والقومية والانسانية في ظل قيادة صاحب الجلالة الملك المعزز عبد الله الثاني بن الحسين رعاه الله.

أبو الراغب يكتب: رجال الدولة
أبو الراغب يكتب: رجال الدولة

جفرا نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • جفرا نيوز

أبو الراغب يكتب: رجال الدولة

جفرا نيوز - "نحن مع الذين يجعلون من أجسادهم جسرًا ليعبر الأردن إلى عزّه وفخاره، ولسنا مع الذين يعتبرون الأردن جسرًا للوصول إلى مكاسبهم ومصالحهم الشخصية.' الملك الحسين بن طلال – جامعة مؤتة بهذه الكلمات الخالدة رسم جلالة الحسين – طيّب الله ثراه – ملامح رجل الدولة الحقيقي، وأرسى معيارًا أخلاقيًا وسياسيًا لا يقبل التأويل أو الالتفاف. فليس كل من تصدّر المشهد السياسي، أو جلس على مقعد المسؤولية، هو بالضرورة من أولئك الذين يبنون الجسور للوطن. رجل الدولة هو من يُضحي، لا من يُزايد، من يُعطي، لا من ينتظر، من يحمي الدولة ولا يتاجر بها. في زمنٍ تداخلت فيه المفاهيم، وتشوّهت فيه ملامح المسؤولية العامة، بات لزامًا علينا أن نُعيد الاعتبار لمصطلح "رجل الدولة'، لا بوصفه مجرد صفة شكلية، بل باعتباره مرتبة سيادية ترتبط بالوعي العميق، والانتماء الراسخ، والقدرة على تحمّل أثقال الدولة دون منٍّ ولا مقابل. رجل الدولة… حامل العقد السياسي لا مجرد موظف فيه رجل الدولة ليس نتاج لحظة وظيفية ولا نتيجة لتوازنات ظرفية. إنه حاملٌ للعقد السياسي غير المكتوب بين الدولة ومواطنيها، يحفظ اتّزانه في العاصفة، ويزن المواقف بميزان الذهب لا بميزان الحسابات الشخصية. هو من يدرك أن الدولة ليست سلعة للتفاوض، ولا مساحة للثأر، بل كيان مستمر، يحتاج إلى من يؤمن بثوابته ويذود عنها دون تردّد. هو من يغادر موقعه الرسمي دون أن يغادر موقعه الوطني، فلا يتحوّل إلى خصم سياسي أو مصدر تشويش شعبوي. ولا يقايض ماضيه الوظيفي بحاضرٍ من المعارضة المعلّبة، أو بانتظار "فرصة العودة'. الهاشميون… ضامنون تاريخيّون لوحدة الوطن رجل الدولة هو الذي يؤمن بأن القيادة الهاشمية تشكل حجر الزاوية في استقرار هذا الوطن، وبأنها تمثل بوليصة التأمين التاريخية لمستقبل الأردنيين، لا من خلال السلطة فقط، بل من خلال شرعية ارتضاها الأردنيون مرجعية وهوية سياسية. استمرار هذه الدولة هو استمرارٌ لما هو أعمق من الجغرافيا، إنه استمرار لوجودنا، ولفرص أبنائنا في الحياة الحرة الكريمة. ميزان المصلحة الوطنية… لا يقبل الكسر أو الميلان في عالم السياسة، يسهل الانزلاق نحو الأنا، لكن رجل الدولة هو من يوازن بوعي دستوري عميق بين السلطة والمسؤولية، بين الحق والمصلحة، بين الذات والدولة. لا يعارض الدولة لأنه غادر موقعًا، ولا يصطف ضدها ليحقق رغبة كامنة في الحضور أو التعويض. بل ينطلق من يقين ثابت أن الدولة فوق الجميع، وأن موقع الولاء لها لا يلغيه الغياب عن المناصب. رجل الدولة لا ينكفئ عند أول صدمة، ولا يُزايد في لحظات الخطر، بل يحافظ على صوته الوطني نقيًّا من شوائب الكراهية والانتقام السياسي. الخطاب السياسي… مسؤولية لا مساحة للتجييش نحن اليوم أمام تحديات وطنية وإقليمية معقّدة، تحتاج إلى خطاب رجال دولة، لا خطاب إثارة أو تهييج. الخطاب الذي يطمئن الناس لا الذي يُرعبهم، الذي يعزز الإيمان بثبات الأرض، لا الذي يوهم الناس بالانهيار. رجل الدولة يرفع منسوب الوعي الجمعي، لا منسوب التوتر العام. يؤكد على تماسك الدولة، لا هشاشتها. يدير الانفعال لا يركب موجته. في الأوقات الحرجة، لا نحتاج لمزيد من الأصوات، بل نحتاج لمن يحمل صوته بمسؤولية، ويضع كل كلمة في مكانها، ويدرك أن اللغة ليست مجرد أداة للتعبير، بل أداة للحفاظ على منعة الدولة وأمنها المعنوي. إننا اليوم، لا نبحث عن أوصاف جاهزة، ولا نُفتّش عن نجومية طارئة، بل نحن في لحظة تاريخية تتطلب عودة رجال الدولة الحقيقيين إلى واجهة المشهد. أولئك الذين يُدركون طبيعة اللحظة، ويقدّرون حساسية الموقف، ويقفون صفًّا واحدًا خلف الدولة، دون أن ينتظروا مكافأة أو تقديرًا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store