logo
من المادة 122 إلى 301.. هذه خطة ترامب للإبقاء على رسومه

من المادة 122 إلى 301.. هذه خطة ترامب للإبقاء على رسومه

سكاي نيوز عربيةمنذ يوم واحد

ورغم أن محكمة استئناف فيدرالية سمحت مساء الخميس باستمرار العمل بهذه الرسوم مؤقتاً، بانتظار البت في الاستئناف المقدم من إدارة ترامب ، إلا أن المسؤولين الأميركيين بدأوا يدرسون خيارات بديلة، تحسّباً للحاجة إلى الاستناد إلى صلاحيات قانونية جديدة تتيح لهم الإبقاء على هذه الرسوم الباهظة، التي يرى ترامب أنها ضرورية لإعادة التوازن التجاري لصالح الولايات المتحدة.
ويبرز الحكم الذي أصدرته محكمة التجارة الدولية الأميركية ، حجم التحديات التي تواجه النهج التجاري المتشدد الذي يتبناه ترامب، والذي استند إلى صلاحيات طارئة لفرض الجزء الأكبر من رسومه الجمركية، فبدلاً من استخدام الصلاحيات المحددة التي يمنحها الكونغرس للرئيس لفرض الرسوم الجمركية ، لجأ فريق ترامب إلى " قانون الطوارئ" الذي نادراً ما يُستخدم في هكذا حالات، حيث أنه مع تعرُّض هذه الاستراتيجية للخطر، يُفكّر فريق الرئيس في ردّ مزدوج، وفقاً لأشخاص مُطّلعين على الأمر.
وبحسب تقرير أعدته "بلومبرغ" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فإن الإدارة الأميركية تدرس اللجوء أولاً لخيار مؤقت يسمح لها بفرض رسوم جمركية على أجزاء واسعة من الاقتصاد العالمي استناداً إلى بند في قانون التجارة لعام 1974 لم يُستخدم من قبل، والذي يتضمن صياغة تتيح فرض رسوم تصل إلى 15 في المئة لمدة 150 يوماً، لمعالجة اختلالات الميزان التجاري الأميركي مع دول أخرى.
ومن شأن اللجوء إلى بند في قانون التجارة لعام 1974، أن يمنح ترامب الوقت الكافي لتنفيذ الخيار الثاني المتمثل بوضع رسوم جمركية مخصصة لكل شريك تجاري رئيسي على حدة، وذلك بموجب بند مختلف من القانون نفسه، حيث تم اللجوء إلى هذا الخيار مراراً في السابق، بما في ذلك الرسوم التي تم فرضها على الصين خلال الولاية الأولى لترامب.
واضطرار ترامب إلى الاعتماد في البداية على الخيار الأول ومن ثم الثاني، يعود إلى أن تطبيق مسار الخيار الثاني، يتطلّب فترة طويلة من الوقت، وبالتالي فإن الخيار الأول يمثل أداة قانونية فورية تتيح فرض الرسوم سريعاً، ريثما تكتمل إجراءات الإشعار والمراجعة المرتبطة بالخيار الثاني، الذي يُعتبر أكثر صلابة من الناحية القانونية.
خريطة طريق جديدة للتصعيد
وألمح بيتر نافارو، كبير مستشاري الرئيس للتجارة والتصنيع، إلى أن الإدارة الأميركية تدرس بالفعل، خطة بديلة مزدوجة لفرض الرسوم الجمركية، تستند في مرحلتها الأولى إلى المادة 122 من قانون التجارة لعام 1974، على أن يُستخدم لاحقاً البند 301 من القانون نفسه.
وعندما طُلب منه التعليق على هذه المواد خلال مقابلة مع قناة "بلومبرغ"، قال نافارو إن هذه هي بعض الأفكار التي يناقشها الفريق الاقتصادي حالياً، مشيراً إلى احتمال اللجوء إلى قانون سموت-هاولي للتعريفات الجمركية لعام 1930، الذي يتيح فرض رسوم على الدول التي تمارس تمييزاً تجارياً ضد الولايات المتحدة. ولفت أيضاً إلى أن الإدارة قد تسعى لتوسيع استخدام الرسوم القائمة، من خلال الاستناد إلى مبررات تتعلق بالأمن القومي.
ترامب يخطّط خلف الكواليس
ولكن الإدارة الأميركية لا تستطيع التقدّم كثيراً في الترويج، أو الحديث علناً عن خططها البديلة المتعلقة بفرض الرسوم الجمركية، حتى لو كانت هذه الخطط قيد الدراسة الفعلية داخل أروقة القرار، إذ أن المضي في هذا المسار علناً قد يُفسَّر من قبل الهيئات القضائية كإقرار غير مباشر بالهزيمة، أو بعدم الثقة في المسار القانوني الحالي، خصوصاً أن الحكم الصادر عن محكمة التجارة الدولية الأميركية، ما زال موضع طعن أمام محكمة الاستئناف الفيدرالية.
وفي هذا السياق، يشير إيفريت إيسنستات، الذي شغل منصب نائب مدير المجلس الاقتصادي الوطني، خلال الولاية الأولى للرئيس ترامب، إلى أن الإدارة الأميركية تملك فعلياً أدوات قانونية بديلة، يمكنها استخدامها بسرعة لفرض الرسوم، غير أن اللجوء إليها في هذا التوقيت بالذات، أي أثناء استمرار مراجعة المحكمة للحكم، قد يُضعف موقف الإدارة أمام القضاء، وقد يُستخدم ضدها باعتباره دليلاً على تراجعها الضمني عن استراتيجية الطعن القانوني، أو اعترافاً بأن القرار القضائي النهائي قد لا يأتي لصالحها.
ولذلك تجد الإدارة الأميركية نفسها اليوم أمام توازن دقيق بين الاستعداد لخطة بديلة تحسّباً لأسوأ السيناريوهات، وبين الحفاظ على صورة الثقة في النظام القضائي الأميركي، واحترام مسار الطعون القائم حالياً.
ويقول المحلل الاقتصادي جوزف زغيب، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن ما تفعله إدارة ترامب اليوم، هو إدارة أزمة جمركية داخل أزمة قانونية، من خلال وسائل سياسية واقتصادية معقدة، مشيراً إلى أن "الخطة B" ستنجح في الحفاظ على الرسوم كونها تعكس مزيجاً من القوننة والواقعية، إلا أنها في الوقت عينه ستُبقي النظام التجاري الأميركي في حالة من الغموض وعدم اليقين وهو ما لا تحبّذه الأسواق.
ويشرح زغيب أن اللجوء إلى المادة 122 من قانون التجارة لعام 1974 والتي لم تُستخدم من قبل، هو تحرّك غير تقليدي ومثير للانتباه، فهذه المادة تمنح الرئيس صلاحية "مؤقتة" لمدة 150 يوماً، حيث يمكن القول أن هذا التحرّك يحمل طابعاً "إسعافياً" بامتياز، ويكشف أن فريق ترامب يريد كسب الوقت لتمهيد الطريق أمام تنفيذ خيار أكثر ديمومة من خلال المادة 301، لافتاً إلى أن هذه المقاربة تطرح علامات استفهام حقيقية حول مدى التزام الإدارة الأميركية بالمنطق المؤسسي الذي يقوم عليه النظام التجاري الأميركي والذي يشترط حصول مشاورات وتقييمات أثر قبل اتخاذ أي قرار.
وبحسب زغيب فإن المادة 301 من قانون التجارة تسمح بفرض رسوم لمواجهة الممارسات التجارية غير العادلة، من قبل شركاء تجاريين، وهي الأداة التي استخدمها ترامب بفعالية، في فرض الرسوم على الصين خلال ولايته الأولى، مشدداً على أن العودة إليها تحمل غطاءً قانونياً قوياً، ولكن هذه الخطوة تبقى محفوفة بتعقيدات بيروقراطية وقانونية، خاصة إذا أُسيء استخدامها أو تم تسريع تطبيقها بشكل يتجاهل الأصول الإجرائية.
ويرى زغيب أن الخطة البديلة التي يتحضّر ترامب لتنفيذها، في حال أقرّت المحكمة تجميد الرسوم الجمركية، ليست خروجاً عن نهجه السابق، بل استمراراً واضحاً لاستراتيجية تعهّد بعدم التراجع عنها ومفادها "أنا الرئيس القوي الذي يفي بوعوده ويقف في وجه الجميع لحماية الوظائف والشركات والصناعات الأميركية".
وشدد زغيب على أن ما يقوم به ترامب حالياً لناحية البحث عن خطة بديلة، هدفه أيضاً توجيه رسالة إلى شركائه التجاريين مفادها أن السبيل الوحيد لتفادي التصعيد الجمركي، هو التفاوض على اتفاقيات جديدة بشروطه، فالرئيس الأميركي يمتلك من الأدوات والسلطات، ما يكفي لإعادة فرض الرسوم متى شاء وبالطريقة التي يراها مناسبة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ويتكوف: رد حماس على اقتراح وقف إطلاق النار "غير مقبول على الإطلاق"
ويتكوف: رد حماس على اقتراح وقف إطلاق النار "غير مقبول على الإطلاق"

البيان

timeمنذ 18 دقائق

  • البيان

ويتكوف: رد حماس على اقتراح وقف إطلاق النار "غير مقبول على الإطلاق"

انتقد موفد الولايات المتحدة الى الشرق الأوسط السبت رد حركة حماس على الاقتراح الأميركي في شأن وقف إطلاق النار في غزة والذي أعلنت فيه أنها ستفرج عن عشرة رهائن أحياء. وكتب ستيف ويتكوف على منصة اكس "إنه غير مقبول على الاطلاق ويعيدنا الى الوراء. على حماس أن تقبل بالاقتراح الذي قدمناه كأساس لإجراء مفاوضات يمكن ان نبدأها اعتبارا من الأسبوع المقبل".

قطاع الصناعة الصيني ينكمش في مايو رغم تعليق الحرب التجارية
قطاع الصناعة الصيني ينكمش في مايو رغم تعليق الحرب التجارية

صحيفة الخليج

timeمنذ 32 دقائق

  • صحيفة الخليج

قطاع الصناعة الصيني ينكمش في مايو رغم تعليق الحرب التجارية

أظهرت بيانات رسمية، السبت، انكماش النشاط الصناعي في الصين في مايو للشهر الثاني على التوالي، على الرغم من توصل بكين إلى هدنة مؤقتة في حربها التجارية الشرسة مع الولايات المتحدة. اتفق أكبر اقتصادين في العالم خلال مايو على تعليق العمل بالزيادات الكبيرة في الرسوم الجمركية بينهما. لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتهمها الجمعة (الصين) بانتهاك الاتفاق. وسجلت الصين انكماشا في إنتاج المصانع خلال الشهر. وبلغ مؤشر مديري المشتريات - وهو مقياس رئيسي للإنتاج الصناعي - 49,5 نقطة. ( أ ف ب)

اتجاهات التحول.. كيف ينعكس التوافق الأمريكي السوري على غزة؟
اتجاهات التحول.. كيف ينعكس التوافق الأمريكي السوري على غزة؟

البوابة

timeمنذ 43 دقائق

  • البوابة

اتجاهات التحول.. كيف ينعكس التوافق الأمريكي السوري على غزة؟

يهدف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المضي قدمًا في تحقيق مكاسب سريعة في السياسة الخارجية وتكون ذات فوائد ملموسة، حتى لو تطلب ذلك تجاوز التحالف مع إسرائيل لصالح الاستعانة بمصادر خارجية لسياسة الشرق الأوسط مثل تركيا والمملكة العربية السعودية. من ناحية أخرى تهدف إدارة ترامب إلى تنفيذ مخططها للتهجير وأن تتمكن من إخراج مئات الآلاف من الفلسطينيين من غزة وإحياء نسخة من خطة السلام من أجل الازدهار وفي رؤيتها للحل في غزة. ومع ذلك، فإن السماح لإسرائيل بالسعي لإعادة التدخل والانخراط الميداني في سوريا، يُخاطر بزعزعة استقرار الحكومة في دمشق والعودة إلى مسار الحرب الأهلية. وهذا تحديدًا هو نوع المبادرات الفوضوية والمعقدة والمطولة التي يرغب البيت الأبيض في تجنبها، وهو أيضًا مؤشر على الخلافات السياسية الناشئة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. المشكلة في غزة وفق التصور الأمريكي، لم يُخفِ البيت الأبيض رغبته في رؤية إجلاء الفلسطينيين من غزة، بما سيسمح بإعادة إعمار القطاع قبل التحقق من عودة بعض اللاجئين. ويتماشى هذا مع خطط إدارة ترامب الأولى لاتباع نهج أكثر تكاملًا لعلاقة إسرائيل بالأراضي الفلسطينية، وهو نهج يلتزم بإطار قانوني واقتصادي موحد، ويجلب الأمن والاستقرار للمنطقة، إلى جانب احتمال حصول الرئيس على جائزة نوبل للسلام. وقد صاغ سياسيون من يمين الوسط في إسرائيل هذه الرؤية للسلام؛ حيث سعوا إلى معالجة الحقائق على الأرض مع مراعاة شكوك ومخاوف غالبية الجمهور الإسرائيلي. وبالتالي هناك تقارب بين المصالح الأمريكية والإسرائيلية في إيجاد حلٍّ لموقفٍ مُعقّد؛ حيث يختلف الرأيان الإسرائيلي والفلسطيني اختلافًا جذريًا حول مستقبل السلام والأمن. وبناءً على ذلك، تشير تقارير إلى أن الحكومة الإسرائيلية تسعى لإقناع دولٍ أفريقيةٍ مُختلفةٍ بقبول الفلسطينيين، بما في ذلك جنوب السودان والصومال لاستقبال الفلسطينيين. وقد قدّم المبعوث الأمريكي الخاص ويتكوف اقتراحًا أكثر جدية بشأن إندونيسيا في يناير الماضي. ومع ذلك، وفي ظل غياب عملية تفاوض متماسكة واستراتيجية إعلامية، رفضت جاكرتا هذا الاقتراح رفضًا قاطعًا. وانتشرت شائعات منتصف مارس عن تواصل البيت الأبيض مع سوريا عبر طرف ثالث، إلا أن الحكومة السورية نفت هذه التقارير. الحسابات الاستراتيجية لإسرائيل رغم هذا التقارب في المصالح، تنطلق إسرائيل من موقف مختلف تمامًا عن واشنطن. فمنذ انتهاء وقف إطلاق النار في ١٧ مارس ٢٠٢٥، حوّلت إسرائيل ٣٠٪ من غزة إلى منطقة عازلة، كما تعتزم وزارة الدفاع الإسرائيلية الاحتفاظ بها في ظل أي تسوية سلمية. فإلى جانب ممر نتساريم الذي يعزل مدينة غزة شمالًا، أقامت القوات الإسرائيلية الآن ممر موراج الذي يفصل رفح عن خان يونس جنوبًا. وتأتي هذه الخطوات بعدما دُمِّرَت الغالبية العظمى من القطاع، وحتى لو كانت تكلفة إعادة الإعمار في متناول تحالف من الشركاء، فلا أحد يرغب في إعادة الإعمار في ظل الظروف الحالية. ويتوقع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أنه في غضون ستة أشهر، سيُحشر سكان غزة في قطعة أرض صغيرة على طول الحدود والبحث عن مأوى لبدء حياة جديدة في أماكن أخرى. ولطالما تكهنت العديد من الدراسات والاتجاهات الفكرية داخل الولايات المتحدة الأمريكية بأن إسرائيل لا تملك خططًا لما بعد الحرب. وينتقدون إسرائيل لتفضيلها احتلالًا دائمًا يسمح بالعودة إلى بناء المستوطنات، أو حربًا لا نهاية لها لتأخير الانتخابات والتحقيقات الجنائية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو. ومع ذلك، فإن القول بأن إسرائيل تفتقر إلى استراتيجية، والتلميح إلى أن صانعي السياسات يُطلقون العنان لأسوأ دوافعهم للوحشية، هو قول خاطئ، ويتجاهل الكم الكبير من التخطيط الذي أظهرته الحكومة الإسرائيلية منذ ٨ أكتوبر ٢٠٢٣ في إدارة عملياتها العسكرية والسياسية. من غزة إلى سوريا وفق الرؤية الإسرائيلية فإنها تنظر إلى سوريا ضمن إطار استراتيجية تهيئة الأوضاع والبيئة اللازمة لتسوية الوضع في غزة، فقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيحتل جبل الشيخ والمنطقة الأمنية الموسعة حول القنيطرة إلى أجل غير مسمى، كما سمح نتنياهو بزيارات تاريخية لقادة دينيين دروز سوريين إلى إسرائيل، وبتقديم العلاج الطبي لهم في المستشفيات الإسرائيلية. كما سعى إلى التودد إلى الأكراد السوريين بعروض المساعدة في وقت يطالب فيه الأكراد باللامركزية والحكم الذاتي الإقليمي. وفي هذا الإطار، ثمة تقارب بين المصالح الأمريكية والإسرائيلية في سوريا في ظل مخاوفهما من أن النظام الجديد في دمشق قد يعمل على تهديد مصالحهما، وقد يتحول لاحقًا إلى دولة إرهابية. كما أن هناك تردد في الثقة بمجموعة من المقاتلين الإرهابيين السابقين، ورغبة في رؤية تقدم ملموس من أحمد الشرع على جبهات متعددة. وقد دفعت هذه المخاوف إسرائيل إلى سيطرتها على عدد كبير من نقاط الضغط التي يمكنها من خلالها ممارسة نفوذها على دمشق، ويُفترض أن يكون ذلك موجهًا نحو هدف استراتيجي، ومن المؤكد أن التقارب الأمريكي الأحادي الجانب سيقوض ذلك. ومع ذلك، يُشير إعلان الرئيس ترامب تخفيف العقوبات الأمريكية على سوريا، وقراره لقاء الشرع في السعودية، إلى استعداد الإدارة الأمريكية للمضي قدمًا في الخطوات التالية تجاه دمشق، سواءً بمشاركة إسرائيل أو بدونها. كما تشير بعض الاتجاهات إلى أن واشنطن شجّعت المحادثات الإسرائيلية التركية الأخيرة في أذربيجان كوسيلةٍ لتقريب وجهات النظر والمضي قدمًا في تنفيذ الرؤية الأمريكية؛ حيث يريد البيت الأبيض المضي قدمًا في تحقيق مكاسب سريعة في السياسة الخارجية ذات فوائد ملموسة، لا في مناورات استراتيجية غير مؤكدة النتائج، حتى لو تطلب ذلك تجاوز إسرائيل لصالح إسناد سياسة الشرق الأوسط إلى تركيا والسعودية. الصفقة الكبرى يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تُبقي خيار إبرام صفقة مع الشرع مفتوحًا، وتشير جهود إسرائيل للترويج لأفعالها ونواياها في سوريا من خلال خطابات كبار المسئولين والتصريحات الصحفية إلى رغبة في توجيه رسالة إلى أطراف إقليمية أخرى مفادها أن هناك أوراقًا قد تكون إسرائيل مستعدة لاستغلالها. وتتضمن الصفقة انسحابًا عسكريًا إسرائيليًا من أجزاء من جنوب سوريا، وخفض مستوى التواصل المباشر مع الأقليات العرقية والدينية والوصول إلى تسوية مع تركيا، كما أن منح واشنطن الضوء الأخضر لاستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة، كل ذلك مقابل استقبال سوريا لمئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من غزة. ويمكن القول إن هذه ليست المرة الأولى التي تستقبل فيها سوريا أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين. تزعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا ) أنها تدعم ٤٣٨ ألف فلسطيني في سوريا اليوم. وتعيش الغالبية العظمى منهم في فقر، على الرغم من أن معظمهم، على الأقل قبل الحرب الأهلية السورية، كانوا يعيشون ظروفًا أفضل من نظرائهم في أجزاء أخرى كثيرة من المنطقة. ومع ذلك، يُنظر إلى احتمال التوصل إلى اتفاق إسرائيلي سوري بشأن غزة بقلق بالغ في المنطقة العربية. من ناحية أخرى، لا تزال سوريا ممزق بسبب الحرب، مع قلة أماكن إيواء اللاجئين، خاصةً مع توقف الحكومات الأوروبية عن قبول طلبات اللجوء للسوريين، وتزايد الضغوط على الكثير منهم للعودة إلى ديارهم. ومن ثم سيتعرض الشركاء الإقليميون الذين أعلنوا دعمهم المالي والدبلوماسي للحكومة الانتقالية في دمشق، لضغوط شعبية حادة للتنديد بهذه الخطوة بجانب الضغوط التي ستتعرض لها الحكومة السورية. وهو ما سيؤدي إلى تأجيج التوترات بين المجتمعات السورية التي تعاني أصلًا من شح الموارد. وهنا برزت التساؤلات حول ما إذا كانت إدارة ترامب تدرك أن نقل أجزاء كبيرة من السكان الفلسطينيين قد يُسبب حالة من عدم الاستقرار في أماكن أخرى، وأن واشنطن قد تضطر إلى التدخل لمنع أو تخفيف آثار الصراع الإقليمي. خاصة أن كبار المسئولين الأمريكيين يهدفون إلى تمكن الإسرائيليون والأتراك من تسوية خلافاتهم والتوصل إلى تسوية تُمكّن أمريكا من النأي بنفسها عن المشاكل المُحدقة في سوريا. ومع ذلك، قد لا يكون أي من هذين الطرفين مستعدًا للتعامل مع أسوأ سيناريو محتمل، والمتمثل في تجدد الحرب الأهلية السورية، كما أنه في حال ربط ترامب السياسة الأمريكية بالطموحات الإسرائيلية في الشرق الأوسط، فقد يُضحي بالاتجاهات العملية والبراجماتية التي يسعى لتنفيذها في سوريا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store