logo
مركز "عمليات الوعي" قسم الحرب النفسية باستخبارات إسرائيل العسكرية

مركز "عمليات الوعي" قسم الحرب النفسية باستخبارات إسرائيل العسكرية

الديارمنذ 2 أيام
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
مركز عمليات "تشكيل الوعي"، ويُسمى اختصارا "ملات"، هو قسم التأثير في الخصوم في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) بالجيش الإسرائيلي، تناط به قيادة عمليات الحرب النفسية ضد الخصوم، خاصة أثناء الحروب.
وأثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي انطلقت بعد عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023، كثّف المركز استخدام تكتيكات مختلفة لشن حرب نفسية ضد المقاومة الفلسطينية وسكان القطاع، بالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية التي كان يمارسها جيش الاحتلال.
النشأة والتأسيس
قبل عام 2005 كانت مهمة بث الدعاية في الجيش الإسرائيلي منوطة بقسم المتحدث باسم الجيش وجهاز الاستخبارات، وبعدها تأسس مركز عمليات "تشكيل الوعي" ضمن هيئة العمليات في الجيش الإسرائيلي، بتوجيه من وزير الجيش الإسرائيلي آنذاك موشيه يعالون.
وصرّح يعالون لصحيفة هآرتس في 25 كانون الثاني 2005 أنه مع الحروب المتكررة مع الفلسطينيين، نشأ إحباط كبير في الجيش الإسرائيلي نتيجة صعوبة التأثير في مواقف الفلسطينيين، أو حتى إيجاد طرق للتواصل معهم، وهو ما دفع قيادته إلى إنشاء "مركز عمليات تشكيل الوعي".
ومنح يعالون المركز مكانة قسم في الجيش، ووضع على رأس قيادته ضابطا مخضرما من المخابرات برتبة مقدم، ومنحه صلاحية تجنيد عدد كبير من الضباط والجنود في المركز، خاصة من الناطقين باللغة العربية، وكان ذلك جزءا من مساعيه لـ"تشكيل الوعي وبناء الإمكانات التنظيمية التي تدعم رؤية الجيش".
وكان المركز في البداية جهة للتخطيط والتنفيذ، هدفه تركيز وتطوير مجال الوعي، وتنسيق جهود التأثير الإدراكي داخل الجيش الإسرائيلي ضمن حملة وعي متكاملة.
وبعدها بعام نقل المركز إلى شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، وأصبح جهة تنفيذية فقط، وترتكز مهمته في التأثير في الخصوم، وأصبحت نشاطاته تتسم بالسرية.
الأهداف والوسائل
يناط بالمركز العمل على تغيير المواقف والمشاعر والسلوك لدى الجمهور المستهدف، ببث الدعاية والحرب النفسية وتمارين الخداع.
ووضع الجيش الإسرائيلي خطة متكاملة للتأثير في الخصوم وتغيير وعيهم، وهدف من وراء إنشاء المركز إلى:
وضع تصورات لشن حملات على الوعي لدى أعداء "إسرائيل".
تطوير الأدوات التكنولوجية وتدريب الأفراد الملائمين وبناء الأطر التنظيمية التي تدعم الرواية الإسرائيلية.
توجيه رسالة مباشرة إلى المجتمعات المستهدفة في الدول المعادية.
ولتحقيق أهداف مركز عمليات "تشكيل الوعي"، استخدم وسائل عدة، أبرزها:
توزيع المنشورات.
السيطرة على بث الإذاعات والتلفزيونات التابعة للخصوم والتشويش عليها.
إنشاء مواقع إنترنت وهمية للتشويش على الخصوم واغتيالهم معنويا.
إدارة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لتشوية الخصوم.
أبرز الحملات
قاد المركز حملة معنوية ضد الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصر الله أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، ألقت فيها الطائرات الإسرائيلية على لبنان رسومات لأشجار الأرز -الرمز الرسمي للبلاد- وشعار العلم الوطني للبنان أيضا، ويظهر خلف الشجرة نصر الله مختبئا، بهدف زرع فكرة لدى اللبنانيين بأن "مشاكلهم سببها حزب الله، وأنه يستخدم لبنان لمصالحه الشخصية ويختبئ خلفها".
كما ألقت الطائرات الحربية الإسرائيلية منشورات، كشفت فيها عن أسماء أعضاء الحزب وحجم خسائره، ومدى سيطرتها على قنوات الاتصال التابعة لحزب الله.
وبث المركز منشورات كان الغرض منها تشجيع اللبنانيين على التعاون مع "إسرائيل"، عبر موقع إلكتروني أنشأه لهذه الغاية، كما وفر رقما هاتفيا يمكن عبره الاتصال بممثلي الجيش الإسرائيلي باللغة العربية.
كما بث منشورات جاء فيها "ندعو المواطنين إلى رفع أصواتهم ضد تصرفات حزب الله التي تتسبب باستمرار الضربات الإسرائيلية".
وكان للمركز دور مركزي في الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، ففي حرب "الرصاص المصبوب" التي شنتها إسرائيل على القطاع عام 2008 استهدف قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبر إلقاء منشورات على الغزيين من الطائرات الحربية، والسيطرة على محطات إذاعية وتلفزيونية تابعة للحركة، وإنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وبث مقاطع فيديو عليها.
وأنتج المركز نشرات إخبارية، وأعاد بثها أكثر من مرة عبر الإذاعات التي استولى عليها، كما سيطر على بث قنوات فضائية، وأجرى مكالمات هاتفية مع سكان غزة لحثهم على الإبلاغ عن عناصر حماس.
وفي حرب عمود السحاب التي شنتها "إسرائيل" على القطاع عام 2012، وبعدها حرب "الجرف الصامد التي اندلعت صيف 2014، ركّز المركز على تشويه حركة حماس وقادتها، وعلى رأسهم رئيس مكتبها السياسي وأعضاء المكتب وأعضاء المجلس العسكري لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة، بهدف إضعاف معنويات عناصرها والتأثير في وعي السكان تجاهها.
وحسب دراسة لمعهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب نشرت يوم 15 شباط 2021، بعنوان "حملات المعلومات الإسرائيلية في غزة: العصر الرقمي ميدانا للحرب"، فإن من بين الأدوات التي استخدمها المركز، "المكالمات الروبوتية"، أي المكالمات الهاتفية التي يتلقاها المدنيون في غزة، وتحمل رسالة آلية يريد جيش الاحتلال نقلها إليهم، مثل "هذا ليس حلما، هذا كابوس حماس".
كما استخدم -حسب الدراسة نفسها- أحد الأساليب المتمثلة في نشر أسماء عناصر حماس الذين استشهدوا أثناء الحرب، وعرض صورهم مع علامة "إكس" حمراء عليها وساعة رملية في الخلفية، مما يشير إلى أن "الوقت ينفد أمام حماس".
فشل في تحقيق الأهداف
وقال معهد "دراسات الأمن القومي" إن مركز "عمليات تشكيل الوعي" أعدّ -من أجل تحقيق أهدافه- حملة بمساعدة مستشارين مدنيين، تضمنت مقاطع فيديو ومنشورات، كما طوّر قدرات لإنتاج محتوى سريع أثناء الحرب، لكنه فشل في تحقيق ذلك.
وحاول الجيش الإسرائيلي تعزيز الانطباع بأن حماس تعرضت لضربات قاسية، واختار لذلك عدم تركيز أنشطته النفسية على قيادة حماس، بسبب الاعتقاد أن "الهجمات الشخصية لن يكون لها تأثير مرغوب فيه في السكان، بل ربما تتسبب بحشد التأييد الشعبي لقادة حماس".
ووجد المركز "صعوبة في اكتساب زخم حقيقي لأي رواية تضر بالدعم الشعبي لحماس، إضافة إلى صعوبة قياس مدى الإنجاز في هذا المجال، بحيث يصعب إظهار النجاح الفعلي في تحقيق هذا الهدف"، حسب الدراسة.
معركة طوفان الأقصى
بعد معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد المستوطنات الإسرائيلية على غلاف غزة فجر 7 تشرين الأول 2023، عمل المركز على تشويه المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس، بهدف:
تهجير السكان من مناطقهم.
إضعاف معنويات المدنيين.
نشر الرعب.
تأليب السكان على المقاومة الفلسطينية، في محاولة لإحداث شرخ بينها وبينهم، وتحميلها مسؤولية ما يجري من قتل ودمار على صعيد الأرواح والممتلكات.
التركيز على سياسة العقاب الجماعي.
ومن بين المزاعم التي تعمّد نشرها بين الغزيين، بالتعاون مع مؤسسات إسرائيلية أخرى، أن "قادة حماس فروا وتخلوا عن المدنيين، وحماس تستخدم المدنيين دروعا بشرية، وتسرق المساعدات الإنسانية المخصصة لهم"، وحمل أحد هذه المنشورات اسم "صحيفة الواقع"، وتضمن تحريضا مباشرا على حماس.
كما تضمن أحد المنشورات مثلا شعبيا يقول "حماس مثل البومة ما بتلف إلا على الخراب"، ومنشور آخر احتوى على عبارة مأخوذة من سورة العنكبوت في القرآن الكريم وهي "فأخذهم الطوفان وهم ظالمون" (آية 14)، في محاكاة للتسمية التي أطلقتها المقاومة على معركة 7 تشرين الأول 2023.
كما اختُتم العديد من المنشورات بعبارة "قد أعذر من أنذر". وفي منشورات أخرى طبعت أسماء وصور تزعم "إسرائيل" أنها لأعضاء من جهاز الاستخبارات العسكري التابع لحركة حماس، ووضعت في منشورات أخرى أرقام هواتف وعناوين لبريد إلكتروني تحث الغزيين على الاتصال عبرها للإدلاء بمعلومات عن الأنفاق وأماكن الأسرى الإسرائيليين.
وشملت بعض المنشورات رسوما وصورا لمنازل مدمرة بغزة، وكُتبت على بعضها عبارات تسخر من المقاومة الفلسطينية، مثل "هل بات النصر على الأبواب أم ليس بعد؟"، وعلى أخرى "حلل يا دويري"، في إشارة ساخرة إلى الوضع الميداني جراء حرب الإبادة.
وظهرت عبارة "انتصار جديد للمقاومة" مرافقة برسومات تصور أطفالا وشيوخا ونساء يبكون فوق أنقاض منازل دمرتها إسرائيل في العدوان على غزة.
وإلى جانب ذلك، اخترق المركز موجات الإذاعات الفلسطينية وبث رسائل تحريضية ضد المقاومة، وأنشأ صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لتشويه المقاومة.
وفي كل مرة تلقي الطائرات الإسرائيلية المنشورات على غزة، كانت تحرص على إسقاطها بالقرب من مقرات الصحافيين في غزة، حتى "تتمكن الصحافة المحلية من نشرها".
وفي كانون الأول 2023، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريرا للصحفي ينيف كوفوفيتش، كشف فيه أن الجيش الإسرائيلي كان المسؤول، بشكل مخالف للقانون، عن إدارة قناة في "تليغرام" باسم "72 حورية-بدون رقابة".
‏وأوضح تقرير "هآرتس" أن وحدة الجيش الإسرائيلي المسؤولة عن عمليات الحرب النفسية، هي التي تدير القناة، وتستهدف فيها الإسرائيليين مع "المحتوى الحصري من قطاع غزة"، وتعرض جثث مقاتلي حركة حماس بوعد "تحطيم خيال الإرهابيين".
وتشجع القناة متابعيها البالغ عددهم أكثر من 5 آلاف متابع على مشاركة محتواها "الحصري من قطاع غزة" وفيه أكثر من 700 منشور وصورة وفيديو لفلسطينيين يقتلون ويدمرون في القطاع، حتى "يرى الجميع كيف أننا نحطمهم".
واضطر الجيش الإسرائيلي للاعتراف بأن "قسم التأثير" في قسم العمليات يشغل أيضا قناة "72 عذراء بلا رقابة".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'القسام' تنشر مشاهد من كمين مركّب شرق خانيونس ضمن عمليات 'حجارة داود'
'القسام' تنشر مشاهد من كمين مركّب شرق خانيونس ضمن عمليات 'حجارة داود'

المنار

timeمنذ ساعة واحدة

  • المنار

'القسام' تنشر مشاهد من كمين مركّب شرق خانيونس ضمن عمليات 'حجارة داود'

نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة 'حماس'، مشاهد مصوّرة من كمين مركّب نُفذ يوم السبت الماضي، ضمن سلسلة عمليات 'حجارة داود'، واستهدف آلياتٍ تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة عبسان الكبيرة شرق مدينة خانيونس، جنوبي قطاع غزة. وأظهرت المشاهد استهداف ناقلتي جند تابعتين لجيش الاحتلال، ما أدى إلى مقتل ثلاثة جنود صهاينة وإصابة آخرين، بحسب ما أعلنه جيش الاحتلال في حينها. كما وثّقت اللقطات لحظة قيام أحد عناصر القسام بزرع عبوة ناسفة داخل قمرة قيادة إحدى ناقلتي الجند، في إطار ما وصفته الكتائب بـ'العمل الفدائي المباشر'. تأتي هذه العملية في سياق معركة 'طوفان الأقصى'، التي تواصل فيها المقاومة الفلسطينية تنفيذ كمائن وعمليات نوعية ضد قوات الاحتلال المتوغلة في قطاع غزة. سرايا القدس تعلن استهداف مواقع وتجمعات للعدو الصهيوني شمال وشرق غزة ضمن معركة 'طوفان الأقصى' وبدورها، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أنها استهدفت صباح الثلاثاء 16 تموز/يوليو 2025، مقر قيادة وسيطرة وتجمعًا لجنود وضباط من جيش الاحتلال الصهيوني شرق جباليا، شمالي قطاع غزة، بصواريخ من طراز (107)، مؤكدة تحقيق إصابات مباشرة في صفوفهم. وفي عملية ميدانية أخرى، أفادت السرايا أنها وبالاشتراك مع كتائب الأنصار، قصفت بقذائف هاون نظامية من عيار 60 ملم تجمعًا لجنود الاحتلال في محيط تلة المنطار شرق حي الشجاعية بمدينة غزة، وذلك في إطار العمليات المتواصلة ضمن معركة 'طوفان الأقصى'. المصدر: الاعلام العسكري

'القسام' تنشر مشاهد من كمين مركّب شرق خانيونس ضمن عمليات 'حجارة داود'
'القسام' تنشر مشاهد من كمين مركّب شرق خانيونس ضمن عمليات 'حجارة داود'

المنار

timeمنذ 2 ساعات

  • المنار

'القسام' تنشر مشاهد من كمين مركّب شرق خانيونس ضمن عمليات 'حجارة داود'

نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة 'حماس'، مشاهد مصوّرة من كمين مركّب نُفذ يوم السبت الماضي، ضمن سلسلة عمليات 'حجارة داود'، واستهدف آلياتٍ تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة عبسان الكبيرة شرق مدينة خانيونس، جنوبي قطاع غزة. وأظهرت المشاهد استهداف ناقلتي جند تابعتين لجيش الاحتلال، ما أدى إلى مقتل ثلاثة جنود صهاينة وإصابة آخرين، بحسب ما أعلنه جيش الاحتلال في حينها. كما وثّقت اللقطات لحظة قيام أحد عناصر القسام بزرع عبوة ناسفة داخل قمرة قيادة إحدى ناقلتي الجند، في إطار ما وصفته الكتائب بـ'العمل الفدائي المباشر'. تأتي هذه العملية في سياق معركة 'طوفان الأقصى'، التي تواصل فيها المقاومة الفلسطينية تنفيذ كمائن وعمليات نوعية ضد قوات الاحتلال المتوغلة في قطاع غزة. سرايا القدس تعلن استهداف مواقع وتجمعات للعدو الصهيوني شمال وشرق غزة ضمن معركة 'طوفان الأقصى' وبدورها، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أنها استهدفت صباح الثلاثاء 16 تموز/يوليو 2025، مقر قيادة وسيطرة وتجمعًا لجنود وضباط من جيش الاحتلال الصهيوني شرق جباليا، شمالي قطاع غزة، بصواريخ من طراز (107)، مؤكدة تحقيق إصابات مباشرة في صفوفهم. وفي عملية ميدانية أخرى، أفادت السرايا أنها وبالاشتراك مع كتائب الأنصار، قصفت بقذائف هاون نظامية من عيار 60 ملم تجمعًا لجنود الاحتلال في محيط تلة المنطار شرق حي الشجاعية بمدينة غزة، وذلك في إطار العمليات المتواصلة ضمن معركة 'طوفان الأقصى'. المصدر: الاعلام العسكري

بين ضغوط واشنطن وتجاهل تل أبيب للقرارات الدولية: لبنان في مهبّ معركة سياسية وعسكرية تُعيد رسم قواعد الاشتباك
بين ضغوط واشنطن وتجاهل تل أبيب للقرارات الدولية: لبنان في مهبّ معركة سياسية وعسكرية تُعيد رسم قواعد الاشتباك

صوت لبنان

timeمنذ 2 ساعات

  • صوت لبنان

بين ضغوط واشنطن وتجاهل تل أبيب للقرارات الدولية: لبنان في مهبّ معركة سياسية وعسكرية تُعيد رسم قواعد الاشتباك

في خضمّ التصعيد السياسي والضغوط الدولية المتزايدة على لبنان، برز مؤخرًا موقف جديد للمبعوث الأميركي، اعتبره البعض تغريدة عابرة، بينما رآه آخرون امتدادًا لمسار استراتيجي أميركي بات واضحًا في مقاربته للملف اللبناني، لا سيما ما يتعلق بملف سلاح "حزب الله". في هذا السياق، يرى الصحافي والمحلل السياسي محمد علوش، في حديث خاص إلى موقع VDLNews، أن الموقف الأميركي الأخير يأتي ضمن نهج ضغط متصاعد تمارسه الإدارة الأميركية على الدولة اللبنانية والحكومة، بهدف دفعها نحو طرح ملف "حصر السلاح" داخل مجلس الوزراء، حتى ولو جاء ذلك على حساب الاستقرار الداخلي وبرأي علوش، فإن "الولايات المتحدة لا تعير اهتمامًا لما يمكن أن ينجم عن هذا الطرح من أزمة داخلية، وكل ما يعنيها هو تنفيذ أهدافها ولو على حساب المصلحة الوطنية اللبنانية، وهو نهج لطالما سلكته واشنطن في تعاطيها مع لبنان." ويضيف علوش: "أما الحديث عن المماطلة في الملف، فهو توصيف غير دقيق، إذ لا يمكن توصيف ما يجري بالمماطلة في ظل وجود احتلال إسرائيلي مستمر للبنان واعتداءات متكررة، في مقابل عدم التزام إسرائيل بأي من بنود قرار وقف إطلاق النار في المقابل، التزم لبنان والمقاومة بهذا القرار، بينما تجاهلته إسرائيل تمامًا، ما يجعل الحديث عن أي معضلة أخرى محاولة مكشوفة للتعمية على الواقع الحقوقي الحقيقي وتزوير الوقائع." وحول احتمالية اندلاع تصعيد ميداني أو حرب شاملة، يرى علوش أن "العدو الإسرائيلي، ومنذ نشأته، يشكّل مصدرًا دائمًا للخطر على لبنان والمنطقة وهو اليوم مستمر في تنفيذ حربه، لكن بأشكال مختلفة، وقد يتخذ خطوات تصعيدية أو يُدخل تغييرات على أدوات المواجهة، إلا أن الواقع يؤكد أننا أصلًا في قلب هذه المعركة." ويحذّر علوش من أن أي تصعيد دولي يُغذّى من الإسرائيليين سيشكّل ضربة قاسية لمسار الإصلاحات والدولة، وسيدمّر فرص بناء عهد جديد، و"سيضع كل محاولات التغيير والتحسين على خط الانهيار التام، ويفتح الباب أمام عدوان إسرائيلي جديد يخدم مشروعًا إقليميًا واسعًا يتجاوز حدود لبنان." وفي ما يتعلق بالمواقف الدولية، يوضح علوش أن "الضغط الممارس على لبنان يأتي بتنسيق واضح بين الولايات المتحدة والسعودية، فيما يظهر الفرنسيون ضمن هذا المسار لكن بمقاربة مختلفة، إذ إنهم لا يتبنّون خيار الضغط الأقصى، ولا يفضلون المسارات العسكرية التي لن تحقق – برأيهم – الأهداف المرجوة، بل قد تؤدي إلى نتائج عكسية تمامًا." ويشير إلى أن "هذا التنسيق الدولي بدأ منذ لحظة انتهاء الحرب السابقة، حين قرّر المجتمع الدولي ربط أي مسار لإعادة إعمار لبنان بتحقيق أهداف سياسية مسبقة وقد تم غضّ النظر عن الاعتداءات الإسرائيلية، وتم السماح لإسرائيل بالتمادي دون رادع، في ظل غياب أي محاسبة أو رقابة دولية حقيقية." وفي ما يتعلق بالمبادرة التي طرحها مؤخرًا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، بشأن حصر السلاح جنوب الليطاني والتزام لبنان بالقرار الدولي، يرى علوش أن الردّ الأميركي الأولي – سواء من واشنطن أو من مقربين من المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين – كان سلبيًا، ما يعكس تجاهلًا للموقف اللبناني الرسمي، الذي لا يمكن للبنان أن يذهب إلى ما هو أبعد منه في هذه المرحلة. ويوضح أن "الموقف اللبناني يتمحور حول الالتزام بعملية نزع السلاح جنوب الليطاني، كما يحصل الآن، مقابل التزام إسرائيل بتطبيق قرار وقف إطلاق النار، وهو ما تمّ التأكيد عليه في اتفاق نوفمبر 2024 إلا أن الطرف الإسرائيلي، ومعه الإدارة الأميركية، لا يبدوان في صدد احترام هذا الاتفاق، بل عبّرا سابقًا عن رغبة واضحة في تجاوز اتفاق وقف إطلاق النار، والتوجه نحو تفاهم جديد، لم تتضح حتى الآن طبيعته أو أهدافه أو تداعياته."

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store