logo
تحولات الهوية الثقافية الكردية في سوريا.. من القمع إلى التأصيل

تحولات الهوية الثقافية الكردية في سوريا.. من القمع إلى التأصيل

الجزيرةمنذ 19 ساعات
في إحدى قرى القامشلي (شمال شرقي سوريا)، أوضح الكاتب والجامعي هيمن صالح، الذي ينشر كتاباته بالكردية (باللهجة الكرمانجية والحرف العربي)، أنه كان يخفي كتب اللغة الكردية خلف خزانة المونة، بعيدا عن أعين رجال الأمن. يقول في حديثه مع الجزيرة نت: "لم يكن الكتاب مدرسيا، بل كان كيانا مقاوما، رمزا لهوية مهددة بالنسيان". في "سوريا الأسد"، لم يكن الكرد ممنوعين فقط من التعليم بلغتهم بل -وفقا لتعبير هيمن- "حتى من الحلم بها أيضا، لهذا لم أخف كتابا، كنت أختبئ فيه كي لا أمحى".
هذه القصة الفردية ليست حالة استثنائية، بل تعكس ذاكرة جماعية ومسيرة طويلة من الطمس الثقافي، تخللتها لحظات شجاعة وتحدّ، وصولا إلى محاولات تأسيس نهضة ثقافية ما زالت تتلمس طريقها وسط العواصف السياسية والعسكرية. فكيف انتقل الكرد من الإنكار إلى التأصيل؟ وما رهاناتهم في الحفاظ على ثقافتهم كجسر نحو المواطنة لا كجدار عزل؟
عقود من الطمس
أضاف هيمن "منذ صغري وأنا أتساءل: لماذا لا أستطيع الكتابة بلغتي الأم؟ ولماذا كل هذا العداء والحقد من حزب البعث على اللغة الكردية في المدارس والمنازل؟".
وكرد فعل على تلك الممارسات، انضم هيمن إلى حزب كردي قومي محظور، "كان شرط الانتساب تعلم اللغة الكردية قراءة وكتابة، واقتنيت دواوين شعر كردية، ثم تحولت إلى تدريس اللغة الكردية لمن حولي سرا".
يختتم هيمن حديثه قائلا: "كنا ننسخ ألف باء تعلم اللغة الكردية باليد، فالنظام حرم طباعة أي شيء باللغة الكردية، ثم نقوم بتوزيعها على الطلبة وراغبي تعلم لغتهم الأم".
من جهته، قدم المؤرخ والروائي الكردي كوني رش، للجزيرة نت، مقتطفات من كتابه "الحياة الثقافية باللغة الكردية في الجزيرة ومسيرتي الأدبية"، تضمنت عرضا لسياسات الإنكار والتهميش الثقافي الذي مارسه نظام الأسد ضد الأكراد، قائلا: "تم حظر اللغة الكردية، ومنع تسجيل أسماء المحال التجارية والولادات الجديدة بأسماء كردية، وإلزامها بأسماء عربية، في سياق سياسات تهدف إلى إبادة الأكراد ثقافيا".
إعلان
وأضاف "حظر كل ما يمتّ للأكراد بصلة في المناهج المدرسية والثقافية، ومنع نشر الكتب والأغاني والشعر باللغة الكردية وكذلك طباعتها، لحظر الهوية الكردية، واستبدلت الأسماء بأخرى عربية".
الثقافة الكردية تتحرر من العزلة
وقال الرئيس السابق لاتحاد كتاب الأكراد في سوريا، قادر عكيد، للجزيرة نت، إن الثورة السورية كسرت طوق العزلة والمحق عن الثقافة الكردية، حيث تم "إعداد مؤسسات لتعليم اللغة، وطباعة وتأسيس عدد كبير من المؤسسات الثقافية والأكاديميات التعليمية المتخصصة باللغة والأدب الكردي".
وأضاف عكيد أنه "بدأ التعليم بالكردية تدريجيا منذ 2012، واعتمد منهجيا في المدارس منذ 2014، مع تطوير مناهج خاصة وتدريب آلاف المعلمين عبر مؤسسات الإدارة الذاتية".
وأشار أيضا إلى "تراجع الحظر على الكتابة بالكردية، فظهرت العديد من دور النشر والمجلات التي نشرت باللغة الكردية، وافتتحت مكاتب لتشجيع الجيل الجديد على القراءة، وإقامة مهرجانات ثقافية منوعة".
الثقافة الكردية تتجاوز السياسة
عبر حديثه مع الجزيرة نت، أكد الروائي والصحافي هوشنك أوسي ضرورة تأصيل الثقافة خارج الأطر السياسية والعسكرية، قائلا إن "أدلجة الثقافة وتسييسها يؤدي بها إلى التخندق، فتختفي بالمحصلة".
ويربط أوسي بين الشعوذة السياسية ونظيرتها الثقافية فيقول إنهما "يحتاجان إلى بعضهما بعضا. المشعوذون محسوبون على الفعل والحراك الثقافي"، ويقارنها مع رهان الوعي النقدي الإصلاحي "الذي ينتج قيم الخير والحرية والكرامة والعدالة، ويتطلب إبقاء الثقافة خارج أطر السياسة الموبوءة بالمصالح الشخصية والفئوية".
في حين ذهب الكاتب والباحث فارس عثمان، في حديثه مع الجزيرة نت، إلى وصف سوريا بأنها "متشظية"، وحدد الثقافة وأدوارها على أنها الوحيدة "القادرة على تجاوز السياسة والسلاح، والأمل في إعادة بناء الإنسان والمجتمع".
وقدم شرحا مختصرا للتجربة الكردية السورية، فقال إنها "حملت مظلومية تاريخية عانت من السياسات الشوفينية والعنصرية، لكنها مع ذلك يمكن أن تتحول من حالة كردية إلى منصة للمشاركة الوطنية، ومن حكايات الأطراف المنسية والمهمشة إلى جوهر الثقافة الوطنية، بدلا من شيطنة الأكراد عند المتلقي العربي"، مؤكدا أهمية "بناء سردية ثقافية كردية لتتحول إلى جسر نحو المواطنة، عبر إنشاء منصات ثقافية وفلكلورية تعنى بالأدب والثقافة الكردية، وضرورة إبراز التنوع داخل المجتمع الكردي، عبر الانفتاح على فضاء ثقافي أوسع".
التواصل الثقافي الكردي والعربي
وكثيرا ما تساءلت القواعد الاجتماعية عن الأدوار الواجب فعلها من المثقفين والأدباء السوريين العرب تجاه الأكراد وتمازج الثقافات في ما بينهم. يقول الصحافي والكاتب يعرب العيسى في حديثه مع الجزيرة نت: "بعكس التوترات بين الكرد والعرب الشعبويين، كان الوسط الثقافي أنضج، والمثقفون الأكراد المستقرون في دمشق وحلب كانوا حاضرين في الوسط المجتمعي والثقافي بعمق، ومشاركين وبالتفاعل الأدبي والفني المتبادل، وانعدم الفوارق".
إعلان
ووفقا لعيسى، فإنهم "تعمقوا في الحياة والثقافة الكردية عبر نتاجات المثقفين الكرد، والأدباء العرب نجحوا في مدّ جسور مع نظرائهم الكرد، بقدر ما مدّ المثقفون الأكراد يدهم إلى الثقافة العربية".
أما الكاتب محمد أمين من أهالي الطبقة (مدينة الثورة) فيعزو، خلال حديثه مع الجزيرة نت، أسباب القصور إلى الكرد والعرب معا، "لا سيما في المجال الثقافي باعتباره الأكثر أهمية واستدامة". بالمقابل، استشهد بأدوار دور النشر في التقارب، إذ إن "كثيرا منها يشارك في معرض أربيل الدولي للكتاب، ويشهد دوما تفاعلا فكريا وثقافيا واسعا".
وعرّج على الأنشطة التي يشهدها المعرض وتمثل دورا في التفاعل الكردي العربي الثقافي، "كاستضافة عدد من الكتاب والمفكرين العرب"، وقال إن ذلك "يشكل دفعا باتجاه مد المزيد من الجسور بين الثقافتين والكثير من التأثير والتجانس المتبادل"، مستمرا بدفاعه عن التواصل الثقافي الكردي والعربي، إذ قال: "بيننا تشابه نشأ منذ نحو 1400 عام من التاريخ والدين الواحد، لذا تبادلنا التأثير العميق، مما شكل روابط فكرية بين الشعبين تحتاج اليوم إلى تعزيز".
كما يقدم محمد أمين العوائق أمام الكتّاب العرب للوصول إلى القارئ الكردي أكثر، "فاللغة تشكل عائقا كبيرا، خاصة ضعف الترجمات من العربية إلى الكردية أو العكس، مع ذلك فالثقافة العربية حاضرة بقوة في المشهد الكردي، والكثير من الإخوة الأكراد في سوريا والعراق يتقنون اللغة العربية، فالشعبان تربطهما مشتركات راسخة كالجغرافية والتاريخ والمصالح والمصير".
إن التحديات أمام الثقافة الكردية اليوم ليست كما في سابق عهدها من طباعة الكتب إلى إحياء اللغة، بل في كيفية تحرير الثقافة من سطوة الأدلجة الحزبية والسياسية، وتحويلها إلى فضاء نقدي جامع. ويشترك الأكراد والعرب معا في أدوار مد جسور الإبداع المشترك، فإما أن تكون دولة لكل ثقافاتها، أو تبقى حبيسة المركزية القامعة، تتكرر فيها حوادث الظلم والإنكار.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

توافق أردني سوري أميركي لإيجاد حل شامل لأزمة السويداء
توافق أردني سوري أميركي لإيجاد حل شامل لأزمة السويداء

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

توافق أردني سوري أميركي لإيجاد حل شامل لأزمة السويداء

أكد بيان مشترك في ختام اجتماع أردني سوري أميركي في العاصمة الأردنية عمّان، اليوم الثلاثاء، أن الاجتماع الثلاثي بحث الأوضاع في سوريا وسبل دعم عملية إعادة بنائها، وكذلك دعم وقف إطلاق النار في محافظة السويداء وإيجاد حل شامل للأزمة فيها. وأضاف البيان أن الاجتماع الذي شارك فيه كل من وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ونظيره السوري أسعد الشيباني والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم براك ، بحث أسسا تضمن أمن سوريا واستقرارها وسيادتها ووحدتها وعدم التدخل بشؤونها. وعقد في العاصمة الأردنية، اليوم، اجتماع ثلاثي أردني سوري أميركي مشترك لبحث الأوضاع في سوريا، وتثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء التي شهدت اشتباكات منذ أسابيع بين عشائر بدوية ومسلحين دروز، خلّفت مئات القتلى والجرحى قبل أن تتدخل القوات التابعة للحكومة لضبط الأمن. وأشار البيان الأردني السوري الأميركي إلى أن محافظة السويداء (جنوب) بكل مجتمعاتها جزء أصيل من سوريا، ورحب المجتمعون بإجراء تحقيقات كاملة ومحاسبة كافة مرتكبي الجرائم والانتهاكات في المحافظة. كما أشار البيان إلى الترحيب بزيادة دخول المساعدات للسويداء بما يشمل التعاون مع الوكالات الأممية، وكذلك الترحيب بتكثيف عمل المؤسسات لاستعادة الخدمات التي تعطلت جراء أحداث السويداء، وبدء إعادة تأهيل المناطق التي تضررت من الأحداث التي شهدتها المحافظة خلال الأسابيع الماضية. ورحب المجتمعون أيضا بالشروع في مسار مصالحات مجتمعية في السويداء وتعزيز السلم الأهلي. من جانبها، أعلنت الخارجية السورية في ختام الاجتماع الثلاثي الاتفاق على تشكيل مجموعة سورية أردنية أميركية لدعم جهود الحكومة لوقف إطلاق النار بمحافظة السويداء. ويعد هذا الاجتماع الثاني بين الشيباني والصفدي وبراك خلال أقل من شهر، بعد لقاء أول استضافه الأردن في 19 يوليو/تموز الماضي. مخرجات الاجتماع وأكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني التزام الحكومة السورية بمحاسبة كل من ارتكب انتهاكات من أي طرف، وحماية جميع المكونات في السويداء من دروز وبدو ومسيحيين. وشدد الشيباني على ضرورة التصدي الحازم لأي خطاب طائفي أو تحريضي صادر عن أي جهة، كما رفض بشكل قاطع أي محاولة لوضع الدروز في معادلة الإقصاء أو التهميش بأي ذريعة أو ظرف. وأكد استعداد الحكومة السورية الدائم لاستمرار إرسال المساعدات إلى السويداء، كما أكد دعم المبادرات التي تهدف إلى إعادة الخدمات وتعزيز المصالحة وردم الفجوة مع الدولة. وقال الشيباني إن العدالة تبدأ بالمحاسبة وإن الحكومة ملتزمة بمحاسبة كل من ارتكب انتهاكات من أي طرف كان. من جهته، قال المبعوث الأميركي إلى سوريا توم براك إن سوريا لا تزال ملتزمة التزامًا راسخًا بعملية موحدة تحترم وتحمي جميع مكوناتها وتعزز مستقبلا مشتركا للشعب السوري على الرغم من القوى المتدخلة التي تسعى إلى تمزيق مجتمعاتها وتهجيرها، دون أن يسمي تلك القوى. وأضاف أن تحقيق العدالة وإنهاء الإفلات من العقاب أمران أساسيان لتحقيق سلام دائم، وأشار إلى أن الحكومة السورية "تعهدت بتسخير جميع الموارد لمحاسبة مرتكبي فظائع السويداء وضمان عدم إفلات أي شخص من العدالة والمساءلة عن الانتهاكات المرتكبة ضد مواطنيها". وقال إن سوريا "ستتعاون بشكل كامل مع الأمم المتحدة للتحقيق في الجرائم بما في ذلك العنف المروع في مستشفى السويداء الوطني"، وأكد التزام بلاده بزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى جنوب غرب سوريا لدعم المتضررين من النزاع. وفي وقت سابق اليوم، قالت وزارة الخارجية الأردنية، في بيان عبر منصة إكس ، إن الأطراف الثلاثة بدؤوا في عمّان اجتماعا ثلاثيا مشتركا لبحث الأوضاع في سوريا، بحضور ممثلين عن المؤسسات المعنية في الدول الثلاث، دون تسمية تلك الجهات. وأضافت أن الاجتماع يبحث "سبل دعم عملية إعادة بناء سوريا على الأسس التي تضمن أمنها واستقرارها وسيادتها، وتلبي طموحات شعبها الشقيق وتحفظ حقوق كل السوريين". وبينت أن لقاء اليوم يأتي "استكمالا للمباحثات التي كانت استضافتها عمّان بتاريخ 19 يوليو، لبحث تثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء جنوب سوريا وحل الأزمة هناك". ومنذ 19 يوليو/تموز الماضي، تشهد السويداء وقفا لإطلاق النار عقب اشتباكات مسلحة دامت نحو أسبوع بين مجموعات درزية وعشائر بدوية، دخلت على إثرها قوات الأمن العام إلى المحافظة، حيث شن الجيش الإسرائيلي ضربات استهدفتهم بذريعة حماية الدروز. وتنتشر في السويداء مجموعات مسلحة درزية، تتبنى توجها مناهضا لحكومة دمشق، وترفض الاندماج ضمن مؤسسات الدولة السورية، كما تتهمها أطراف محلية بأنها تحظى بدعم إسرائيلي. وتبذل الإدارة السورية الجديدة جهودا مكثفة لضبط الأمن في البلاد، منذ الإطاحة في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 بنظام بشار الأسد ، وفراره إلى روسيا بعد 24 سنة في الحكم. في سياق آخر، أعلنت إدارة الإعلام في وزارة الدفاع السورية مقتل أحد جنودها في اشتباكات مع عناصر مما يعرف "بقوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في منطقة تل ماعز شرق حلب. وأضافت إدارة الإعلام أن قوات الجيش السوري أفشلت محاولة تسلل لمجموعات تابعة لقوات سوريا الديمقراطية وأجبرتها على التراجع. وأشارت إلى أن قوات قسد تواصل تصعيدها باستهداف مواقع الجيش في منطقتي منبج ودير حافر، وبإغلاق بعض طرق مدينة حلب. كما دعت إدارة الإعلام قوات سوريا الديمقراطية إلى الالتزام باتفاقاتها مع الدولة السورية، والتوقف عن عمليات التسلل والقصف، محذرة من عواقب استمرار ذلك. وتعد قوات سوريا الديمقراطية القوة القتالية المتحالفة مع الولايات المتحدة في سوريا، حيث دعمتها واشنطن خلال السنوات الماضية بالمال والسلاح، إذ تعتبرها رأس الحربة في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر عام 2014 على مساحات واسعة من سوريا، قبل أن يتعرض للهزيمة بعد ذلك بـ5 سنوات. وفي 10 مارس/آذار الماضي، وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات "قسد" مظلوم عبدي اتفاقا لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في المناطق التي تسيطر عليها "قسد" شمالي وشرقي سوريا ضمن إدارة الدولة، بما فيها المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز، وتأكيد وحدة أراضي سوريا، ورفض التقسيم، لكن الاتفاق لم يطبق بشكل عملي حتى اليوم، ولا تزال اشتباكات متقطعة تدور بين الطرفين كل فترة.

رتل عسكري إسرائيلي يتوغل بريف القنيطرة
رتل عسكري إسرائيلي يتوغل بريف القنيطرة

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

رتل عسكري إسرائيلي يتوغل بريف القنيطرة

قالت قناة الإخبارية السورية إن دورية لقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي توغلت، اليوم الثلاثاء، داخل بلدة طرنجة شمال القنيطرة جنوب سوريا. وأضافت أن الدورية توقفت في ساحة بلدة طرنجة قبل أن تتابع تحركها نحو بلدة حضر بريف القنيطرة. كما ذكرت الإخبارية السورية أن رتلا عسكريا للاحتلال تحرك من تل الأحمر الغربي نحو أطراف قرية الأصبح بريف القنيطرة. والسبت الماضي، توغل جنود إسرائيليون في عدد من مدن وقرى محافظة القنيطرة جنوب غربي البلاد، ونصبوا حواجز لتفتيش المارة، قبل انسحابهم. ومن حين لآخر، تنفذ إسرائيل بشكل متكرر عمليات توغل وانتهاك لسيادة سوريا، تشمل غارات جوية على أهداف مدنية وعسكرية، مما يسفر عن سقوط قتلى وجرحى. وتؤكد حكومة دمشق أن هذه السياسة تهدف إلى زعزعة الاستقرار الوطني وفرض واقع انفصالي، بينما تسعى الدولة لترسيخ الأمن والتعافي من آثار الحرب. وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلنت إسرائيل انهيار اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا واحتلال جيشها المنطقة العازلة منزوعة السلاح بهضبة الجولان المحتلة جنوب غربي سوريا. واتفاقية فصل القوات (فض الاشتباك) تم توقيعها بين إسرائيل وسوريا في 31 مايو/أيار 1974، وقد أنهت حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 وفترة استنزاف أعقبتها، على الجبهة السورية.

محللون: التدخل الإسرائيلي يعمق أزمة الدروز في سوريا
محللون: التدخل الإسرائيلي يعمق أزمة الدروز في سوريا

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

محللون: التدخل الإسرائيلي يعمق أزمة الدروز في سوريا

لا تبدو أزمة الدروز في جنوب سوريا قريبة من الحل في ظل إصرار إسرائيل على استغلال ملف الأقليات لتقويض قوة دمشق، وذلك رغم تأكيد كل من الولايات المتحدة وسوريا والأردن العمل على إيجاد حل سياسي لأزمة السويداء. وقد أصدرت الدول الثلاث بيانا -اليوم الثلاثاء- بعد اجتماع في عمّان ضم وزيري الخارجية الأردني أيمن الصفدي والسوري أسعد الشيباني والمبعوث الأميركي توماس براك، على تشكيل مجموعة عمل ثلاثية لدعم جهود دمشق في تعزيز وقف إطلاق النار في السويداء. كما نص البيان على عمل الأطراف من أجل إيجاد حل شامل للأزمة، وذلك بالتزامن مع بدء مفاوضات جديدة بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) لبحث استكمال خطوات تنفيذ اتفاق 10 مارس/آذار الماضي. ويعكس هذا البيان موقفا إقليميا ودوليا إيجابيا من رغبة الحكومة السورية الجديدة بسط سيادتها على كافة أراضيها وتأمين حدودها مع دول الجوار، برأي الباحث السياسي والإستراتيجي ياسر النجار. ووفقا لما قاله النجار، خلال مشاركته في برنامج "ما وراء الخبر"، فقد أظهرت سوريا رغبة في القضاء على تهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود، والذي مثل أزمة لبلد مثل الأردن خلال عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد. لذلك، يعتقد النجار أن الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة يعني توافقا على تحقيق الاستقرار في سوريا وحصر السلاح بيد الدولة بعد أن عاد الدروز لعمليات التهريب عبر الحدود الجنوبية. تحديات سياسية كبيرة لكن الباحث السياسي محمود علوش يعتقد أن الحديث عن أزمة السويداء لا يزال مبكرا في ظل تمسك إسرائيل بلعب دور حامية الأقليات كجزء من إستراتيجيتها لتقويض سوريا الجديدة. وإلى جانب ذلك، فإن الموقف الأميركي لا يزال ضبابيا حيث تحاول الولايات المتحدة التوفيق بين مصالحها مع تركيا وإسرائيل وبين موقفها من الحكومة السورية الجديدة التي لن تتمكن من حسم ملف الأقليات منفردة، كما يقول علوش. إعلان ورغم حديث البيان عن ضرورة تكريس وقف القتال بين دمشق والدروز، فإن تحويل هذا الجهد إلى مسار سياسي هو الخطوة الأهم، برأي علوش، لأنه لا توجد أرضية مشتركة بين الجانبين خصوصا بعد التدخل الإسرائيلي الأخير الذي دعمه شيخ العقل الدرزي حكمت الهجري. ويمكن لحكومة الرئيس أحمد الشرع تحقيق بعض التقدم مع الأقليات من خلال الحوار الداخلي لكنها لن تتمكن من حسمه تماما طالما هناك أطراف أخرى تلعب بهذه الورقة كجزء من الصراع الإقليمي والدولي الذي يقول علوش إنه بدأ على هوية سوريا الجديدة. واشنطن متمسكة بحماية الأقليات ولم يختلف كبير الباحثين في المجلس الأميركي للسياسة الخارجية جيمس روبنز عن الرأي السابق، بقوله إن الملف الدرزي معقد، وإن إدارة دونالد ترامب تعهدت بوحدة سوريا الجديدة ودعمها الاستثمار فيها مع الحفاظ على حقوق الأقليات. وبرر روبنز التدخل الإسرائيلي في سوريا بوجود علاقات قرابة ومصاهرة بين دروز سوريا ونظرائهم في إسرائيل، معتبرا أن "الفظائع التي حدثت في السويداء تتناقض مع ما تريده الولايات المتحدة". وكان موقع أكسيوس الإخباري نقل عن مسؤولين أن ضغوطا تمارس على دمشق حاليا من أجل السماح بفتح هذا الممر الإنساني. وقال الباحث الأميركي إن قبول دمشق بفتح ممر آمن بين السويداء وإسرائيل سيعزز الاستقرار ويخفف الضغط على الدروز السوريين، وإن كان معقدا من ناحية السيادة السورية. وخلص روبنز إلى أن الاجتماع الأخير "يمثل خطوة أولى إيجابية"، لكنه أكد وجود العديد من التحديات التي تواجه حل هذا الملف، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لا تريد فرض مواقف بعينها على دمشق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store