
نَحن والشعوب في مواجهة السياسة بالنار الغرب على خطى أعادة عسكرة العالم
فبينما لا تزال غزة تحترق تحت القصف والأبادة الجماعية ، وتستمر محاولات تصفية القضية الوطنية التحررية الفلسطينية ، تتجه الأنظار غرباً حيث تتشكل ملامح مرحلة أكثر خطورة علىينا وعلى النظام العالمي بأسره . فسياسات الهيمنة الغربية ، التي تمارس أقصى درجات العنف والإرهاب في منطقتنا ، تعود اليوم بثوب أكثر عنفا في أوروبا نفسها من خلال قرارات تعيد عسكرتها وتذكر بها كان زمن صعود النازية فيها .
المجزرة المفتوحة في غزة ، وما رافقها من دعم البعض الأوروبي والشراكة الأمريكية غير المشروطة للأحتلال الإسرائيلي الأحلالي ، ليست معزولة عن مشروعهم الأوسع الذي يعيد إنتاج منطق القوة والغطرسة بوصفه الأداة الوحيدة لإدارة العالم . من هنا ، لا يمكن فصل عسكرة الأتحاد الأوروبي ، وعودة دونالد ترامب إلى الواجهة ، عن استمرار مشاريع التوسع والحرب في منطقتنا ، ولا عن محاولات فرض "شرق أوسط جديد" بالقوة .
-- أوروبا على مفترق طرق ، عسكرة شاملة أم أمن مشترك ؟
يثير برنامج "إعادة تسليح أوروبا" الذي أطلقه الأتحاد الأوروبي مؤخراً جدلاً متصاعداً ، مع تواجهاته لضخ أكثر من ٨٠٠ مليار يورو في الصناعات العسكرية . إنه نهج سياسي واقتصادي مدمر يُهدد بتحويل الموارد من قطاعات أساسية كالصحة والتعليم إلى جيوب المجمعات الصناعية العسكرية .
هذا التوجه يعكس تصاعداً خطيرا في النزعة العسكرية ، وتغول التيارات اليمينية المتطرفة والشعبوية ، وسط تغييب متعمد للرأي العام والقوى الشعبية . في واقع الأمر ، ما نشهده اليوم هو مشروع عدواني تُديره نخب سياسية واقتصادية أوروبية وامريكية مأزومة ، تحاول جاهدة الحفاظ على مكانتها في عالم يتغير لصالح التعددية القطبية ، وهو ما بعيد الى الذاكرة فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية .
ان تدفيع المواطنين الأوروبيين ثمن العقوبات ضد روسيا ، عبر ارتفاع أسعار الطاقة والأستعاضة عن الغاز الروسي بالغاز الأميركي الأغلى ، كشف عمق التبعية الأوروبية للولايات المتحدة ، ليس فقط اقتصاديا ، بل سياسيا وثقافيا أيضا ، رغم الحديث عن خلافات بينهم بين الفينة والآخرى ، في وقت يواصل "حلف الناتو" الذي يجمعهما من جهته تنفيذ خطته القديمة بمحاولة محاصرة روسيا وتقويض دورها في ظل انعدام رؤية وافتقار الى توازن
سياسي عقلاني .
وفي وقت تُوجه من جهة اخرى الاتهامات للاتحاد الأوروبي بالتواطؤ في انتهاك القانون الدولي بسبب صفقة غاز وقّعها مع إسرائيل ومصر قبل عامين ، التي تعتمد على أنبوب "خط غاز شرق المتوسط" يمر بمحاذاة ساحل غزة دون موافقتنا نحن الفلسطينيين ، ما يُعد اعتداءً على السيادة الفلسطينية وفق القوانين الدولية . التقرير الذي نشرته جريدة الغارديان اعتبر أن هذا التعاون يُساهم فعليا في تمويل العدوان على غزة . فبالرغم من المجازر المستمرة ، يواصل الاتحاد الأوروبي دعمه لإسرائيل بمجالات متعددة بلا مساءلة من خلال النفاق السياسي .
-- تأجيل المؤتمر الدولي لدعم مبدأ حل الدولتين .
ومن جهة اخرى ، فأن تأجيل المؤتمر الدولي لدعم مبدأ حل الدولتين الذي افرغه الغرب من المضمون وأستخدموه لأستدامة الأحتلال والتسويف في تجسيد اقامة الدولة الفلسطينية ، والذي كان يفترض أن يُعقد في حزيران الماضي برعاية فرنسية–سعودية ، كان أول مؤشر فعلي على تراجع باريس كأهم عاصمة بالإتحاد الأوروبي عن "وَعد ماكرون" الإعتراف بدولة فلسطين ، أو على الأقل على غياب الإرادة السياسية الحاسمة للمضي قدما في مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية الأمر الذي اكدته بعض التقارير الصحفية الدولية الصادرة أمس .
-- ترامب من جديد ، عسكرة العالم وإذلال الشعوب .
في هذا السياق المتوتر ، يعود دونالد ترامب منذ بدء دورته الرئاسية الثانية ليرسم معالم مرحلة أكثر قسوة من الأولى بعد ان صاغ فكرة "صفقة القرن" وبتخبط سياسي واداري لم نشهد له مثيلاً في تاريخ رؤساء الولايات المتحدة ، أعلن خلالها عن عزمه إعادة تزويد أوكرانيا بالأسلحة الاسبوع الماضي ، في انسجام تام مع مشروع التسليح الأوروبي ، وكأن الطرفين يجهزان لموجة جديدة من النزاعات العالمية وخلق بؤر توتر جديدة .
لم يكتفي ترامب العقائدي وصاحب فكر الصفقات التجارية بهذا وبالحديث عن "الدرع الإبراهيمي" في منطقتنا ، بل ووجه تهديدات صريحة إلى الصين ، وهاجم موسكو ، وأرسل إشارات واضحة بأن عودته إلى الحكم تعني سياسات أكثر تطرفا وعدوانية ، لا تجاه الخصوم فقط ، بل حتى تجاه الحلفاء .
لقاؤه الأخير مع زعماء أفارقة في البيت الأبيض كشف حجم الغطرسة والازدراء الذي يكنه ترامب للشعوب غير الأوروبية ، في مشهد يعيدنا لعقليات الاستعمار القديم ، حيث يُراد للعالم أن يُدار بالعصا والنار ، لا بالشراكة .
-- ترامب وازدراء القانون الدولي ، سياسة فوقية لا تعترف بالعالم .
ضمن عودته الثانية الصاخبة الذي اشغل العالم بها ، لم يكتف دونالد ترامب بتهديد الخصوم وأحتقار الحلفاء وجمع أموالهم بمئات المليارات ، بل واصل نهجه في ازدراء المنظمات الدولية ، مُعيدا إلى الواجهة ممارساته العدوانية السابقة ضد المحكمة الجنائية الدولية ، حين فرض عقوبات على قضاتها بسبب تحقيقاتهم في جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل وأميركا .
كما لوّح بالعقوبات مجددا بحق دول مختلفة حتى من حلفاء الولايات المتحدة التقليديين ، وضد منظمة الأمم المتحدة ومؤسسات أممية اخرى ، كما وبحق "فرنسيسكا البانيزي" ، وهدد دول أميركا اللاتينية التي لا تسير في فلكه ، كما وحظر على الرئيس الكوبي تاشيرة دخول للولايات المتحدة ، متجاهلاً مبدا السيادة والقانون الدولي ، في وقت يسعى هو لجائزة نوبل للسلام بترشيح من نتنياهو كمجرم حرب ، كما سعى "هتلر" هزلياً لهذه الجائزة عام ١٩٣٨ ، بما يؤكد ان التاريخ بعيد نفسه ، مرة على شكل مهزلة والأخرى على شكل مأسآة . في هذا الإطار ، جاء الرد الشجاع من عدد من القادة الأفارقة ومن الرئيس البرازيلي التقدمي اليساري "لولا دي سيلفا" ، الذي انتقد علنا سياسات ترامب ، ورفض الخضوع للأبتزاز السياسي الأميركي ، مؤكدا أن "زمن التبعية قد انتهى ، والعالم الجديد لا يُبنى بالتهديدات بل بالعدالة والمساواة والتوازن ".
-- السياسات نفسها والأدوات تتغير .
ما يحدث اليوم من عسكرة للأتحاد الأوروبي ، وتصعيد أميركي ، هو في جوهره استمرار للمشروع ذاته الذي دعم نظام الانقلاب في أوكرانيا ضد الديمقراطية منذ عام ٢٠١٤ والعدوان الإسرائيلي على غزة ، وموّل العدوان على إيران وساهم به ، وقبل ذلك في يوغوسلافيا والصومال وافغانستان وغيرها ، كما وحروب التقسيم والتفتيت والفوضى في العالم العربي وتدمير مؤسسات الدولة الوطنية القومية فيه .
-- السياسات واحدة ، وإن اختلفت الجغرافيا .
ما يُراد تطبيقه بحرب الوكالة من خلال أوكرانيا ضد روسيا يُستنسخ برؤية الهيمنة والتوسع الإستعماري الاستئصالي في فلسطين . وما يُخطط له في تايوان يُجرب في سوريا بعد ان قاموا بتنصيب "التكفيري الأمريكي - التركي - الخليجي أحمد الشرع الجولاني" وما سيتبعه في لبنان اثر تهديدات المبعوث الأمريكي أمس ، فالقوة هي المبدأ ، والعدالة غائبة دائما .
-- لا مخرج إلا بإرادة الشعوب .
هذا العالم الذي يُراد لنا أن نعيش فيه تحت سطوة الغطرسة لا مستقبل له . عسكرة أوروبا لن تمنحها أمناً ، وتهديدات ترامب لن تُخضع الصين ولا تُسكت الفلسطينيين ولا تُرهب روسيا ولن تُعيد عصر عبودية العرق الأسود أو نجاح الأنقلابات العسكرية الديكتاتورية الفاشية في القارة اللاتينية كالسابق .
--- بين فوقية العِرق الأبيض وروح الرأسمالية الفاشية .
لا يمكن فصل هذه السياسات المتجددة من عسكرة أوروبا إلى غطرسة ترامب ، ذات الابعاد الحضارية والجيوسياسية والإقتصادية عن الجذور الفكرية العقاىدية والثقافية التي تستند إليها ، وهي في جوهرها امتداد لثقافة التفوق العرقي الأبيض العنصرية التي نشأت في ظل المنظومة الأنجلو - ساكسونية ، ووجدت في الإستعمار القديم مشروعها الأول ، وفي الرأسمالية المتوحشة مشروعها الحديث .
إن منطق السيطرة الذي يحكم خطاب ترامب ومعه نتنياهو كحارس خط الدفاع الأول عن حضارة الغرب الإستعماري من مخاطر الشرق عليها ، ومثله العديد من الساسة الأوروبيين ، يستند إلى رؤية عنصرية تُقسم العالم إلى "شعوب متحضرة" تستحق الهيمنة و"شعوب متأخرة" تستحق الإخضاع ، أو يُعاد تشكيلها وفق هندسة إستعمارية ناعمة أو خشنة .
في المقابل ، فإن الرأسمالية النيوليبرالية التي يتبناها الغرب لم تعد مجرد نظام اقتصادي قائم على السوق ، بل أصبحت نموذجا فاشياً في جوهره ، يُقدس جشع الربح والمال على حساب الإنسان ، والشركات الكبرى الاحتكارية والمتعددة الجنسيات على حساب الحكومات ، ويبرر الحروب بوصفها فرصاً للأستثمار ، ويفرض الصمت على الشعوب من خلال القمع الإعلامي و"حروب الرسوم الجمركية" التي سترتد على الأمريكيين انفسهم وتزيد من تفاقم ازماتهم الاقتصادية والأجتماعية ونزاعات الأنفصال لعدد من الولايات . اضافة الى فرض الرقابة حتى على الافراد والعقوبات ومحاولة السيطرة التكنولوجية بالذكاء الأصطناعي الذي يُسخر اليوم لأعمال السيطرة والقمع والحروب والإبادة .
هذا التزاوج بين العنصرية الثقافية والاستغلال الاقتصادي العسكري هو ما يُنتج اليوم خطاب الغرب ضد فلسطين ، وفي أوكرانيا ، وفي أميركا اللاتينية ، وفي أفريقيا . وهو ما يجعل من مقاومتنا لهذه السياسات مع شعوب تلك القارات ، ليست فقط مقاومة سياسية ، بل معركة تحرر إنساني شامل من نظام عالمي فاسد في قيمه ، متعجرف في منطقه ، وخطِر في أدواته .
-- نحن والآفاق المطلوبة
لكننا نحن الفلسطينيون كجزء من شعوب العالم التي تتحرك يوميا لمناصرتنا ، ومكَون من معذبوا الأرض ، مطالبون اليوم بأن نعيد بناء ذاتنا الوطنية وتحالفاتنا الدولية ، وأن نُدرك أن لا خلاص إلا بالوحدة والارادة السياسية والتحرر من منطق الإستعمار والتبعية .
فكما تقاوم القدس التي يتجدد يوميا الإعتراف بها أمريكيا كعاصمة موحدة لإسرائيل ، ضد التهويد والتفريغ ، وغزة ضد الحصار والإبادة والقصف ومشروع "غيتو رفح" كمقدمة للتهجير ، والضفة الغربية ضد إرهاب المستوطنين وتهجير المخيمات ، وكما ترفض شعوب أفريقيا الإذلال وتقف شعوب أمريكيا اللاتينية منتصبة ، وكما يصمد الشرق رغم الجراح ، فإن الأمل لا يزال ممكناً شرط أن نمتلك الوعي الجمعي بضرورة إنهاء الانقسام السياسي الأجتماعي وتنفيذ "مبدأ الشعب هو مصدر السلطات " وبضرورة حماية شعبنا من إرهاب المستوطنين بالحد الأدنى ، وبتشكيل حكومة وحدة سياسية أجتماعية تحظى يتوافق وطني شامل لمواجهة مخططات ما يسمى "باللجنة الإدارية" في غزة وخلق مجموعات عميلة "كظاهرة ابو شباب" ، والإرادة والجرأة على مواجهة مخططات الإنتقال الى أشكال جديدة من العدوان الإستعماري ضد شعبنا في كل فلسطين من اجل وقف عدوان الإبادة وتمكين شعبنا من حق تقرير المصير والأستقلال الوطني في وطنه الذي لا نملك سواه .

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 18 ساعات
- معا الاخبارية
ترامب والسياسة الخارجية
استنت الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية سياسة الدفاع النشط ضد الخصوم المحتملين ومن الممكن أن يشكلوا خطراً مستقبلياً عليها وعلى مصالحها في العالم، هكذا ولدت الحرب الباردة بينها وبين الاتحاد السوفييتي السابق ، خير مثل على الدفاع النشط، تهديد الرئيس جون كنيدي بحرب نووية اذا لم يسحب خروتشوف صواريخه من كوبا. كانت الضربة القاضية للاتحاد السوفييتي سباق التسلح فوق المعتاد الذي بدأه ريغان وأطلق عليه اسم (حرب النجوم)، لم يستطع الاتحاد السوفييتي، المنهك بالبيروقراطية وعجز القيادات المسنّة، على مجاراتها، فسقط سقوطاً مدوياً، نشاهد آثاره حتى يومنا هذا في الحرب الاوكرانية التي هي نموذج لسياسة الدفاع النشط في ملاحقة الولايات المتحدة لروسيا التي ورثت الاتحاد السوفييتي السابق. عندما بدأت الصين في البروز على المسرح الدولي بدأت الولايات المتحدة سياسة الدفاع النشط ضدها منذ عهد كلينتون. بين كل الرؤساء الأمريكان، الرئيس الوحيد الذي حاد عن هذه الاستراتيجية هو دونالد ترامب، فقد ميّز بين الخصوم، استمر في ملاحقة الصين وتوقف كلية عن ملاحقة روسيا. مظاهر العلاقة الدافئة مع روسيا خلال الفترة الاولى لرئاسة ترامب (2016- 2020): نعمت روسيا بفترة ازهار اقتصادي غير معهود ، كانت المورد الرئيسي للغاز للقارة الاوروبية عبر خطين للأنابيب تحت سطح البحر نوردستريم 1 ونوردستريم 2 . وبدا أن روسيا الاتحادية ستصبح مع الوقت ، لو استمر الوضع على هذا المنوال، جزءاً لا يتجزأ من القارة الاوروبية الكبرى. استمرت العلاقة مع الصين باردة سياسياً وحارة اقتصادياً، انتظر الجميع نتائج لقاءات ترامب مع كيم جونغ اون رئيس كوريا الشمالية. علاقة الولايات المتحدة مع روسيا أثناء فترة بايدن (2020 -2024): عادت الولايات المتحدة الى سياسة الدفاع (الاستفزاز) النشط ضد من تعتبرهم خصومها التقليديين، توّجت استفزازات حلف الناتو الى قيام الحرب الروسية الاوكرانية بتاريخ 24 فبراير 2022، وبتاريخ 26 سبتمبر من نفس العام، تم تدمير خطي الأنابيب نوردستريم 1،2 . يمكن الاستنتاج هنا أن لوبيات مصانع الاسلحة التي تعتاش على الحروب قد سجلت انتصاراً مبيناً، فقد شهدت مبيعاتها أرقاماً قياسية، كانت الإدارة الأمريكية تشتري الاسلحة وترسلها كمساعدات لاوكرانيا، في النتيجة المواطن الأمريكي ( الذين يطلقون عليه دافع الضرائب) هو الذي كان يدفع لأصحاب مصانع الأسلحة، هذه المساعدات سواء لاوكرانيا أو إسرائيل أدت الى رفع مديونية الولايات المتحدة وارتفاع التضخم ومن ثم تدهور الاقتصاد. مظاهر العلاقة الدافئة مع روسيا خلال الفترة الثانية لرئاسته (2024 - ): قال ترامب معلقاً على تدهور الاقتصاد الأمريكي ( لو كنت رئيساً لما حدثت هذه الحرب) ويقصد بذلك الحرب الروسية الاوكرانية، وهذا كلام دقيق، كما ظهر من فترة رئاسته الأولى. حاول ترامب بصفته رجلا قادما من عالم الأعمال ومستفيداً من تجربته السياسية اثناء فترة رئاسته الأولى اصلاح الاوضاع المالية المتأزمة للولايات المتحدة وكذلك تطبيق أفكاره عن المهاجرين اللاشرعيين ووصلت حتى إلى المهاجرين الشرعيين. كان أول ما فعله فرض الرسوم الجمركية بنسب متفاوتة على كل أقطار العالم، الأصدقاء والخصوم، بما فيهم إحدى جزر الماكدونالدز التي لا يسكنها إلا البطريق، كان هذا محل تندر من الجميع ولكن حوًل أنظارهم واهتماماتهم ولم يعيروا انتباهاً أن دولتين في العالم هما روسيا وإسرائيل، نجتا من غضب ترامب وقبضته الحديدية. من الجدير بالذكر أن روسيا صدرت الى الولايات المتحدة ما قيمته: 3 مليار دولار عام 2024، ومن الطريف أن نذكر هنا ان هذه الصادرات بلغت حوالي 30 مليار دولار عام 2021، وهذا يبين مدى تأثير العقوبات على اقتصاد الدول. أوقف ترامب صادرات الأسلحة والمعونات المالية لاوكرانيا وفرض عليها اتفاقية لاستغلال المعادن الثمينة لتعويض ما خسرته الولايات المتحدة خلال فترة بايدن. أمهل ترامب بوتين ستة أشهر لإنهاء الحرب ثم خمسين يوماً إضافية ثم خفض المدة الى عشرة أيام وفي تقديري أنه سيجد مبرراً للتخلص من الموضوع فالذريعة موجودة دائماً، كما لاحظنا تراجعه في مواضيع أخرى. لتفسير العلاقة مع بوتين ومحاولة لتفسير ما يحدث، علينا الرجوع للتاريخ. عقد حفل ملكة جمال العالم في موسكو في شهر نوفمبر 2013، كان رجل الأعمال دونالد ترامب هو منظم الحفل. بتاريخ 12 يناير 2017 وبينما كان ترامب رئيساً للولايات المتحدة ، نشرت هيئة الاذاعة البريطانية التصريح التالي: علمت بي بي سي أن ضابط الاستخبارات البريطاني السابق، كريستوفر ستيل، المعتقد تورطه في إعداد مذكرات تدعي أن لدى روسيا مواد فاضحة بشأن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، قد غادر منزله هذا الأسبوع، وأنه الآن "مختبئ". وتحوي المذكرات ادعاءاتٍ مبنية على غير أساس، تفيد بأن فريق ترامب تواطأ مع روسيا، وأن لدى موسكو فيديو مسجل لترامب مع عاهرات. وتفيد المزاعم بأن لدى روسيا معلومات مسيئة عن أعمال الرئيس المنتخب ومصالحه، وعلى أشرطة فيديو محرجة عن حياته الخاصة، بينها إقامته علاقات جنسية مع بائعات هوى في فندق ريتز كارلتون في موسكو. ونفى ترامب كل هذه المزاعم قائلا إنه كشخصية مهمة يتوخى الحذر فيما يقوم به عندما يسافر إلى الخارج. وقد عرفت ال بي بي سي جاك ستيل بأنه يعتقد أنه عضو سابق في وكالة الاستخبارات البريطانية (إم آي 6)، وأنه كان مدير شركة تعرف باسم "أوربيس"، وهي جهة تصف نفسها بأنها شركة استخبارات رائدة اسسها ستيل نفسه عام 2009 مع مجموعة من رجال الاستخبارات البريطانية السابقين. نفت موسكو هذه المزاعم وقالت ان هدفها الاساءة للعلاقات بين البلدين. جرى تحقيق من قبل الاف بي أي في الموضوع ، الملفت للنظر أن دونالد ترامب طرد جيمس كومي ( عضو الحزب الجمهوري) رئيس الوكالة في شهر مايو 2017. يقول المثل العربي : لا دخان بلا نار، عندما نحلل هذه الوقائع نجد ما يلي: 1. أعلن دونالد ترامب نيته الترشح لرئاسة الولايات المتحدة في عام 2010 كما ذكر ستيف بانون، صديقه الحميم ومستشاره فيما بعد ، ويمكن أن بانون نفسه قد اقنع ترامب بالفكرة. 2. ربما كان اعلان هذه النية هي سبب استضافة موسكو لحفل ملكات الجمال بعدها بثلاث سنوات، فجهاز المخابرات الروسية ، وريث جهاز الكى جي بي السوفييتي لن يترك فرصة للتدخل في الشأن الأمريكي حتى يغتنمها ومواصفات البليونير دونالد ترامب تؤهله للرئاسة. ولكن لن نتأكد من هذا الموضوع إلّا اذا بحثنا وتأكدنا أن الذي دفع نفقات هذه الاستضافة هي الحكومة الروسية. 3. لن نعرف حجم ونوعية تسجيلات الفيديو التي تم تسجيلها لترامب ، ولكن ستكون كافية لإخضاع الرجل، مثل هذه التسجيلات لن تظهر أبداً للعلن، ولكن صاحبها يعرف خطرها على سمعته ومستقبله السياسي والاجتماعي. وبالطبع فإن مثل هذا التحليل سيكون مغلوطاً لو اتخذ ترامب خطوات مضادة قوية لروسيا ورئيسها بوتين الذي أدار جهاز المخابرات الروسي قبل صعوده لرئاسة روسيا. استكمالاً لهذا التحليل ، من المعروف أن جهاز المخابرات الاسرائيلي المعروف باسم الموساد يعتبر أحد أقوى أجهزة المخابرات في العالم، وأتوقع أنه استطاع الحصول على نسخة من هذه التسجيلات، إذ يقدر عدد الروس الذين وصلوا الى إسرائيل بعد سقوط الاتحاد السوفييتي قرابة مليون نسمة ، هؤلاء ما زالوا يحتفظون بعلاقاتهم مع وطنهم الأم، ومن السهل شراء المعلومات بين هذه الاجهزة المتنافسة ولكنها في نفس الوقت لا تحمل عداوة بعضها لبعض. بين ترامب ونتنياهو المتتبع للعلاقة بين ترامب ونتنياهو ، يجد علاقة حميمية من نوع خاص فاقت بكثير علاقة أقرانه من الرؤساء الآخرين، بدأت بالاعتراف بضم القدس والجولان في عهد رئاسته الأولى ، واليوم نجد التاييد الكامل في حرب غزة. زار نتنياهو مع زوجته سارة ترامب خلال فترة حكم بايدن في مقر سكنه في مار ديلاجو - فلوريدا على الأقل مرة واحدة ، ومن نظر للأمر، قال أنها زيارة مجاملة اجتماعية ، ولكنها لم تكن كذلك ، كانت لإظهار دعم نتنياهو وإسرائيل واللوبيات الصهيونية لترشيح ترامب لمنصب الرئاسة في انتخابات عام 2020، بالنسبة لنتنياهو رئيس مطوّع ( Compromised) أفضل ألف مرة من رئيس يصف نفسه بأنه صهيوني (بايدن) أو من نائبة رئيس ( كامالا هاريس) عملت في كنفه ، حتى لو كانت متزوجة من يهودي. بالنسبة لترامب كان هدفه الوصول الى السلطة مرة ثانية بأي وسيلة ، كما أن أفكاره ومعتقداته تتماشى مع الأفكار الصهيونية. أداء ترامب في الفترة الثانية من رئاسته: لوحظ في تصريحات ترامب أنه يصرح في موضوع ما بطريقة ما، ثم يصرح بنقيض الفكرة في اليوم التالي. وصف بعض المحللين هذا بأنه تخبط وعدم وضوح افكار، ولكن في الحقيقة ان هذه التصريحات المتناقضة في منتهى الذكاء، فهو يحمي نفسه من اللوم فهناك مساحة شاسعة مناسبة لجميع الأطراف. اضرب مثلاً حياً: بتاريخ 3 أغسطس قال ترامب أنني أعرف أن هناك مجاعة في غزة ويجب أن تنتهي. في اليوم التالي، بتاريخ 4 أغسطس قال نتنياهو أن ترامب يؤيد احتلال غزة والقضاء على حماس، وهذا التصريح غير المألوف من رئيس وزراء اسرائيل قيل نيابة عن رئيس الولايات المتحدة ولم نجد في كل تصريحات ترامب خلال أكثر من شهر وخاصة بعد فشل المفاوضات مع حماس أي إشارة الى احتلال غزة. في اليوم الذي يليه، بتاريخ 5 أغسطس وعندما سئل ترامب عن الموضوع قال أن هذا الأمر متروك لإسرائيل. وعلى هذا المنوال يمكن تفسير الهجوم الإسرائيلي على إيران.


معا الاخبارية
منذ يوم واحد
- معا الاخبارية
ترامب: لا أعرف عن خطة احتلال غزة.. والأمر يعود لإسرائيل
واشنطن- معا- قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه لا يعرف شيئا عن خطة إسرائيلية محتملة لاحتلال قطاع غزة، مؤكدا أن القرار في هذا الشأن "يعتمد بالأساس على إسرائيل". وفي تصريحات صحفية، وردا على سؤال حول ما إذا كان سيواصل دعم إسرائيل في حال نفذت عملية احتلال لغزة كما اقترح بعض المسؤولين، قال ترامب: "لست مطّلعا على ذلك، لكن هذا يعتمد بشكل أساسي على إسرائيل". وأضاف ترامب: "أعلم أننا نحاول إيصال الغذاء لسكان غزة، وقدّمت الولايات المتحدة مساعدات بقيمة 60 مليون دولار. إسرائيل ستساعدنا في توزيع المساعدات وأيضا من الناحية المالية، هذا ما أركّز عليه حاليا". واختتم تصريحاته بالقول: "فيما يتعلق بكل ما تبقى، لا أستطيع أن أقول، فهذا يعتمد بشكل أساسي على إسرائيل".


معا الاخبارية
منذ يوم واحد
- معا الاخبارية
الخارجية الأميركية: ترمب سيعلن قريبا عن خطة مساعدات بشأن غزة
غزة -معا- قال موقع أكسيوس عن مسؤولين أميركيين ان ترامب وويتكوف بحثا أمس خططا لزيادة الدور الأميركي في تقديم المساعدات الإنسانية لغزة. واضاف الموقع ان واشنطن ستتولى إدارة الجهود الإنسانية بغزة لأن إسرائيل لا تتعامل معها بشكل مناسب. وقال الموقع عن مسؤول أميركي أن مشكلة الجوع في غزة تتفاقم، وأن ترامب لا يحب ذلك ولا يريد أن يموت الأطفال جوعا. وواضاف عن مصادر أن بعض مسؤولي إدارة ترامب بدأوا يشعرون بالقلق إزاء اقتراح نتنياهو توسيع نطاق الحرب. ونقل عن مسؤول إسرائيلي أن نتنياهو أثار خلال زيارة ويتكوف إمكانية توسيع نطاق الحرب بغزة وناقشها مع البيت الأبيض.