
البنوك المركزية تعزز احياطياتها من الذهب.. 1000 طن حجم مشترياتها سنويًا
عاد الذهب مجددًا ليصبح ملاذًا للبنوك المركزية في أرجاء العالم في ظل حقبة سياسية باتت فيها الافتراضات الجوهرية للاقتصاد العالمي محل ارتياب، إلى حد أنها ذهبت إلى التشكيك في مصير 'العملات الورقية' التي رجح البعض أنها ستصبح في 'مهب الريح' أمام عودة المعدن الأصفر إلى سطوته السابقة.
ولفتت صحيفة 'فاينانشيال تايمز' – في تحليل مطول لها بعنوان: 'كيف أصبح الذهب ملاذًا للعالم ضد اللايقين' – إلى أن الذهب عرف مسيرته الصعودية مدعومًا بالحرب التجارية التي شنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وترافق ذلك بتصاعد التوترات الجيوسياسية، والشكوك بشأن دور العملة الأمريكية على المدى البعيد.
وكشفت الصحيفة البريطانية أن صافي مشتريات الذهب التي نفذتها البنوك المركزية بلغ أكثر من 1000 طن كل عام خلال السنوات الثلاث الماضية، فيما جاء النمو الأكبر في المشتريات من دول الأسواق الناشئة مثل الصين والهند وتركيا.
وقد قفزت سبائك الذهب إلى مستويات تعامل يومية غير مسبوقة في أبريل الماضي، متجاوزة بذلك مستوياتها القياسية المسجلة في عام 1980، وارتفعت خلال العام الجاري وحده بنحو 30 في المائة.
وتقول الصحيفة إنه في رحلة البحث عن الأمان، بات الذهب في المقدمة وفي قلب الحدث، إذ أعاد تشكيل الأسواق العالمية منذ بدء العهدة الرئاسية الثانية لترامب.. وفي ظل سعي المستثمرين لإيجاد ملاذ لهم من السقطات الدراماتيكة التي أعقبت التعريفات الجمركية، شرعوا في مراكمة أصول مثل المعدن النفيس والديون السيادية التي يعتقد أنها آمنة مثل السندات الحكومية الألمانية.
وذكرت أن صافي تدفقات الأموال داخلر صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب بلغ 322.4 طن خلال الأشهر الخمسة الأولى من العالم الجاري، وهي أعلى مستوى منذ جائحة 'كوفيد-19'.
ويعكس ارتفاع الذهب جزئيًا مساعي إدارة ترامب لتقويض الركائز الداعمة لهيمنة الدولار، فالدولار وسندات الحكومة الأمريكية، باتا يتعرضان لاختبار قاس في ظل اضطراب السياسات الأمريكية، بعد أن كانا ينتعشان بشكل اعتيادي أثناء الصدمات العالمية، وأصبح المعلقون أكثر تشككًا في إمكانية استمرار هيمنة الدولار، كعملة احتياط في النظام المالي والتجاري العالمي إلى ما لا نهاية.
لكن ترامب في حد ذاته يمثل اختبارًا شديدًا لذلك، إذ أن هناك تناميًا لمخاوف المستثمرين الأجانب بشأن استقلالية 'مجلس الاحتياط الفيدرالي' (البنك المركزي الأمريكي)، فضلًا عن تصاعد القلق حيال مدى استدامة الدين الأمريكي؛ الأمر الذي ينذر بإطلاق شرارة إعادة تقييم شاملة لدرجات الانكشاف على الأصول الدولارية.
ووسط حالة الاندفاع نحو اقتناء الذهب بين المستثمرين العالميين التي بلغت مستويات قياسية وفق المعايير التاريخية، يعتقد بعض المستثمرين أن السوق أصبح مليئًا بـ'الفقاعات'، فنسبة مديري الصناديق، الذين يعتقدون بأن الذهب حاليًا مقوم بأعلى من قيمته، بلغت 45 في المائة، وفق مسح أجراه 'بنك أوف أمريكا' الشهر الماضي، وهي نسبة قياسية لذلك المؤشر مقارنة ببيانات له تعود إلى عام 2008.
كما أن مشتريات اللجوء إلى ملاذ آمن ساهمت في دعم مسيرة المعدن الأصفر للصعود بفضل مشتريات البنوك المركزية، ولاسيما في الأسواق الناشئة.
وعادة ما تقتني البنوك المركزية أصول احتياطية لديها كمبالغ تروية لمساعدة نفسها أثناء فترات الاضطرابات المالية، لا تنظر حينذاك إلى الأصول التي تجلب المزيد من العوائد المبالغ فيها، لكن تهتم بتلك الأصول التي تحتفظ بقيمتها ويسهل بيعها عند حدوث أزمة ما.
ولعقود طويلة، ظل الدولار الأمريكي اختيارًا أوليًا، في ضوء ضخامة سوق أذون الخزانة الأمريكية، البالغة 29 تريليون دولار، وهي الأضخم والأكثر سيولة على مستوى العالم.
بيد أنه في السنوات الأخيرة، شرع مديرو الاحتياطيات في البنوك المركزية العالمية في تخفيض معدلات انكشافهم على الدولار الأمريكي، بسبب ازدياد مخاطر تعرض احتياطياتهم الدولارية لعقوبات أمريكية.
ويعلق باري إيتشينجرين المؤرخ الاقتصادي في جامعة 'كاليفورنيا بيركلي' قائلا: 'تعاظم ظهور الذهب في احتياطيات البنك المركزي والنظام النقدي يعكس ارتفاع الأسواق الناشئة'.
وتقترب حيازات الذهب لدى البنوك المركزية في الوقت الراهن (من حيث الوزن) مع ذروة حيازاتها التي تحققت في عام 1965، ضمن حقبة اتفاقات 'بريتون وودز'.
وتعتقد روث كراويل الرئيس التنفيذي لـ'اتحاد سوق لندن للسبائك الذهبية'، أننا نعيش عصرًا جديدًا بسبب توافر اعتراف بين المستثمرين الرئيسيين بالدور الذي يلعبه الذهب في أزمنة اللايقين، وفي المقابل، لا يعتقد غالبية المستثمرين والاقتصاديين أن الذهب سيحل محل الحيازات الدولارية، باعتباره أصل احتياطي بارز، لأن العملة الأمريكية لا زالت تتمتع بمحورية دورها بالنسبة للنظام المالي والتجاري العالمي، فضلا عن توافر سيولتها على نحو هائل.
وفي المقابل، فإن الذهب لديه عيوب مادية غير مرغوب فيها، تتمثل في المخاوف من الرسوم الجمركية الأمريكية، التي تقود إلى ارتفاع حاد في كميات الذهب ماديًا داخل نيويورك. ورغم ذلك، فإن تلك المخاوف قد خفت حدتها بعدما أوضح ترامب أن تلك التعريفات لن تُطبق على السبائك.
وتنقل 'فاينانشيال تايمز' عن راندي سمولوود، الرئيس التنفيذي لشركة 'ويتون للمعادن الثمينة' قوله 'إننا بحاجة إلى امتلاك مخزن قيمة غير سياسي، لا يخضع للنفوذ السياسي'، معتبرًا أن انتعاش الذهب وعودته إلى الواجهة تمثل لحظة 'عودة إلى المستقبل'.
واختتم سمولوود تصريحاته قائلًا 'لن أتفاجأ، بعد 20 عامًا، عندما ننظر إلى مسيرة الاقتصاد، بأن هناك نقاشًا يتحدث عن تجربة العملات الورقية على مدار الـ60 عامًا من 1970 – 2030، وكيف فشلت'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة المال
منذ 43 دقائق
- جريدة المال
رويترز: ترامب يرهن الموافقة على استهداف خامنئي بمقتل أمريكيين
شنت إسرائيل وإيران هجمات جديدة على بعضهما البعض يوم الأحد، مما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين وإثارة مخاوف من صراع أوسع نطاقًا، وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يمكن إنهاؤه بسهولة، محذرًا طهران من ضرب أي أهداف أمريكية. في واشنطن، صرّح مسؤولان أمريكيان لرويترز بأن ترامب استخدم حق النقض ضد خطة إسرائيلية في الأيام الأخيرة لاغتيال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي. وقال أحد المصدرين، وهو مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية: "هل قتل الإيرانيون أمريكيًا حتى الآن؟ لا. إلى أن يفعلوا ذلك، لن نتحدث حتى عن استهداف القيادة السياسية". في إسرائيل، مشطت فرق الإنقاذ أنقاض المباني السكنية التي دمرتها الصواريخ الإيرانية، مستخدمةً الكلاب البوليسية والحفارات الثقيلة، بحثًا عن ناجين بعد مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص، بينهم أطفال، ليرتفع عدد القتلى خلال يومين إلى 13. دوّت صفارات الإنذار في جميع أنحاء البلاد بعد الساعة الرابعة مساءً. في يوم الأحد في أول إنذار نهاري من هذا القبيل، وسُمع دوي انفجارات جديدة في تل أبيب. في إيران، أظهرت صور من العاصمة سماء الليل مضاءة بحريق هائل في مستودع وقود بعد أن بدأت إسرائيل ضربات ضد قطاع النفط والغاز الإيراني - مما زاد من المخاطر على الاقتصاد العالمي وسير عمل الدولة الإيرانية. لم تعلن إيران عن عدد القتلى بالكامل، لكنها قالت إن 78 شخصًا قُتلوا يوم الجمعة ولقي العشرات حتفهم منذ ذلك الحين، بما في ذلك في هجوم واحد أودى بحياة 60 شخصًا يوم السبت، نصفهم من الأطفال، في مبنى سكني من 14 طابقًا سُوي بالأرض في طهران. قال ترامب إن الصراع - الذي أثار مخاوف من اندلاع حريق أوسع - يمكن أن ينتهي بسهولة، بينما حذر إيران أيضًا من أن الولايات المتحدة قد تتدخل إذا ضربت إيران أي أهداف أمريكية.


المصريين بالخارج
منذ ساعة واحدة
- المصريين بالخارج
ترامب: إيران وإسرائيل ستتوصلان لاتفاق على غرار الهند وباكستان
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "إن إيران و إسرائيل ستتوصلان إلى اتفاق لوقف الصراع الدائر بينهما على غرار الهند وباكستان". وأضاف ترامب - في منشور عبر منصة "تروث سوشيال" للتواصل الاجتماعي، اليوم /الأحد/ - "سنحقق قريبا سلاما بين إسرائيل وإيران.. لنجعل الشرق الأوسط عظيما من جديد"، مشيرا إلى أنه يتم إجراء العديد من الاتصالات واللقاءات في الوقت الحالي في هذا الشأن. Page 2


أهل مصر
منذ ساعة واحدة
- أهل مصر
أحمد موسى: إيران لن تتراجع عن تخصيب اليورانيوم ولم تهاجم القواعد الأمريكية
أكد الإعلامى أحمد موسى أن ترامب لم ينف أن بلاده قد تدخل الحرب على إيران وهنا يكون الحديث عن حرب شاملة لأن إيران وضعت خطوط حمراء وهو أن مشاركة واشنطن يعني توسع الحرب. وتابع موسى عبر برنامج "على مسؤليتى" على قناة "صدى البلد" أن وزير الخارجية الإيراني أعلن عدم مهاجمة القواعد الأمريكية طالما أنها لم تدخل الحرب، لافتا إلى أن بلاده لن تتراجع عن تخصيب اليورانيوم وفي الوقت نفسه أكد ترامب عدم السماح لإيران بمواصلة البرنامج النووي. وأوضح موسى، أن إيران سخرت كل مواردها واقتصادها من أجل البرنامج النووي على مدار سنوات طويلة ولا يمكنها أن تخسر كل هذا اليوم بعد كل ما وجدته وخسرته بسبب الحرب الإسرائيلية.