logo
اتفاق ترامب مع بريطانيا والصين يبقى تحت رحمة المقامرات التجارية

اتفاق ترامب مع بريطانيا والصين يبقى تحت رحمة المقامرات التجارية

البيان١٣-٠٥-٢٠٢٥

يجمع صفقات ترامب التجارية مع الصين وبريطانيا قاسم مشترك مثير للدهشة، وهو افتقار هذه الصفقات لأي قوة إلزامية، ما يفتح الباب أمام جولات ماراثونية من المفاوضات المستقبلية. أمر صادم، أليس كذلك؟
والواقع أن التفاصيل الدقيقة لهذه الاتفاقات لا تزال مبهمة، خاصة الصفقة الصينية، التي تبدو كاللغز المحير، وحتى الآن يعكف خبراء التجارة الدولية على تحليل الإعلان الرسمي، في محاولة جاهدة لفهم حقيقة ما تم الاتفاق عليه، وقد سارعت مؤسسة أوكسفورد إيكونوميكس الاستشارية بنشر أول تقدير شامل للتعريفات الجمركية المقترحة، والذي يشمل متوسطات الأسواق الناشئة (باستثناء الصين) والاقتصادات المتقدمة على حد سواء.
وبطبيعة الحال تظل هذه الصفقات عرضة لنيران القرارات المتضاربة الأخرى لترامب، فقد أعلن أن قطاع الأدوية الأمريكي لن يسمح له بفرض أسعار داخل الولايات المتحدة، تتجاوز نظيرتها في أي دولة أخرى، والسؤال المُلحّ: هل يأتي هذا القرار إضافة للتعريفات القطاعية على الأدوية التي يطالب بها؟ وكيف سيؤثر ذلك على حجم التبادل التجاري الدوائي الضخم بين أمريكا وكل من بريطانيا والصين؟ الإجابة: لا أحد يعلم.
والأكثر إثارة للقلق أنه حرفياً في اليوم التالي لإعلان الصفقة البريطانية دشنت إدارة ترامب تحقيقاً جديداً تحت ما يسمى بالقسم 232 للأمن القومي، والذي يستهدف هذه المرة قطاع الطائرات، وهو ما قد يفضي إلى فرض تعريفات جمركية، فهل حظيت بريطانيا بإعفاء مسبق من هذه الرسوم بموجب الصفقة المبرمة؟ مرة أخرى، لا أحد يعلم.
ومن الناحية النظرية منحت الولايات المتحدة نفسها هامشاً واسعاً من النفوذ، لكن يبقى السؤال الجوهري - خاصة مع التهديد الدائم باضطرابات الأسواق المالية - هل ستجرؤ واشنطن على استخدام هذا النفوذ؟
إن الصفقة البريطانية، التي تنص صراحة على أنها غير ملزمة قانونياً، تجعل لندن في موقف ضعيف أمام احتمال ابتزازها للانضمام إلى عمل مشترك ضد الصين إذا ما قررت واشنطن ذلك. وقد نشر سايمون ليستر من مدونة القانون الاقتصادي الدولي والسياسات تحليلاً شاملاً هنا حول أوجه الغموض العديدة المحيطة بهذا الاتفاق.
وبالنسبة للصين فما زالت «تعريفات الفنتانيل» الأمريكية غير المتبادلة مرتفعة وغير متوازنة، ما يمنح بكين حافزاً للعودة إلى طاولة المفاوضات والموافقة على حزمة إضافية من إجراءات التحرير - أو كما أشار وزير الخزانة، سكوت بيسنت، إلى الموافقة على استقبال المزيد من الصادرات الأمريكية.
وهذا يعيدنا مباشرة إلى سيناريو صفقة «المرحلة الأولى» من رئاسة ترامب السابقة، فقد وافقت الصين حينها ظاهرياً على مجموعة من إجراءات التحرير، التي بالغ الممثل التجاري الأمريكي آنذاك روبرت لايتهايزر في الترويج لها، إلا أنها لم تمنع أمريكا من مواصلة انتقاداتها للدولة الصينية، كما تعهدت بكين بشراء كميات كبيرة من فول الصويا الأمريكي، ومنتجات أخرى، وهو تعهد لم تفِ به بالمرة.
ومع ذلك إذا كان هناك أمر واحد نعلمه على وجه اليقين فهو أن الولايات المتحدة تتجه نحو التفاوض لخفض التعريفات (مع اعتبار نسبة الـ10 % حداً أدنى غير قابل للنقاش على ما يبدو)، ما يمهد لمواجهة حتمية مع الهدف الأبرز لغضب ترامب - الاتحاد الأوروبي، الذي يصر على رفضه القاطع لهذا الحد الأدنى البالغ 10 %.
وستتحدد ملامح المرحلة المقبلة جزئياً على أساس من يقترب أكثر من الرئيس من بين أعضاء فريقه، نظراً لتباين وجهات نظرهم الشديد، ففي لعبة التناوب اللامتناهية بين المسؤولين التجاريين، يستحيل التنبؤ بمن سيتولى زمام القيادة في المكتب البيضاوي عندما يحين وقت اتخاذ القرارات الحاسمة.
وإذا كان بيتر نافارو، الصقر المتشدد تجاه الصين، هو صاحب الكلمة العليا، فقد تجد المملكة المتحدة نفسها منخرطة في حرب تجارية، بينما تحرم بكين من تخفيضات إضافية في التعريفات، أما إذا كان وزير التجارة هوارد لوتنيك، الذي يبدو أن دوره ينحصر في استكشاف رغبات ترامب اليومية والترويج لها، فالاحتمالات أقل حدة، ومن الواضح أن نافارو لم يكن له دور يذكر في صفقة بريطانيا، حيث تحدث لاحقاً عن ضرورة قبول المملكة المتحدة للحوم الأبقار والدجاج المنتجة وفق للمعايير الصحية الأمريكية، وهو ما رفضته حكومة السير كير ستارمر بحصافة.
السؤال الأخير والأهم: ما انعكاسات كل هذا على النظام التجاري العالمي القائم على القواعد؟ ليس من المشجع لهذا النظام التجاري العالمي أن تبرم الولايات المتحدة اتفاقات ثنائية في كل اتجاه، ومن الواضح أن الاتفاق البريطاني يعتبر أكثر ضرراً بشكل مباشر، كونه ينتهك مبدأ «الدولة الأولى بالرعاية»، من خلال منح الولايات المتحدة امتيازات تجارية لن تمنح لدول أخرى.
والفكرة التي تبادرت إلى ذهني فوراً كانت «ضريبة الدانيون»، وهي الأموال التي دفعها ملوك الأنجلوساكسون للفايكنغ مقابل الكف عن النهب لفترة مؤقتة.
وقد عُرف عن روديارد كيبلينغ، الروائي وكاتب القصص القصيرة والشاعر والصحفي الإنجليزي، معارضته الشديدة لهذا الأسلوب، إذ قال: «لقد ثبت مراراً وتكراراً أنك بمجرد دفع ضريبة الدانيون مرة واحدة، فلن تتخلص من ذلك أبداً».
يعني ذلك أن المملكة المتحدة سيتعين عليها مواصلة مراقبة الأفق بحثاً عن علامات ظهور الأشرعة المخططة للفايكنغ مجدداً، فقد تثبت المقامرة وخرق مبدأ الدولة الأولى بالرعاية جدواها، أو ربما لا، وربما تكون الصين قد توصلت لاستراتيجية أفضل (مع إقرارنا بأن موقفها مختلف جذرياً)، أو ربما لا. الحقيقة أن لا أحد يعلم شيئاً.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ارتفاع أسعار الذهب مع إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة
ارتفاع أسعار الذهب مع إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة

الإمارات اليوم

timeمنذ 39 دقائق

  • الإمارات اليوم

ارتفاع أسعار الذهب مع إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة

ارتفعت أسعار الذهب، اليوم، مع إقبال المستثمرين على أصول الملاذ الآمن وسط تصاعد المخاوف من اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط، إذ تراقب الأسواق عن كثب رد فعل إيران على هجمات أميركية استهدفت منشآتها النووية. وبحلول الساعة 00:20 بتوقيت جرينتش، زاد الذهب في المعاملات الفورية 0.1 بالمئة إلى 3371.30 دولارا للأوقية (الأونصة). واستقرت العقود الأميركية الآجلة للذهب عند 3387.20 دولارا للأوقية. في غضون ذلك، ظهر الانقسام الحاد في مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) حول ما إذا كان سيواصل التحوط ضد مخاطر التضخم أو المضي قدما بشكل أسرع في خفض أسعار الفائدة يوم الجمعة في أول تعليقات علنية من صانعي السياسة النقدية بعد قرار في الأسبوع الماضي بتثبيت تكاليف الاقتراض في الوقت الحالي. وطرح ترامب مرة أخرى يوم الجمعة فكرة إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي جيروم باول، الذي طالما انتقده لعدم خفض أسعار الفائدة بالقدر الذي يريده. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.1 بالمئة إلى 36.03 دولارا للأوقية. وتراجع البلاتين 0.3 بالمئة إلى 1260.78 دولارا. ونزل البلاديوم 0.1 بالمئة إلى 1043 دولارا للأوقية.

النفط عند أعلى مستوى في 5 أشهر بعد الهجوم الأمريكي على إيران
النفط عند أعلى مستوى في 5 أشهر بعد الهجوم الأمريكي على إيران

البيان

timeمنذ 44 دقائق

  • البيان

النفط عند أعلى مستوى في 5 أشهر بعد الهجوم الأمريكي على إيران

قفزت أسعار النفط اليوم الاثنين إلى أعلى مستوياتها منذ يناير، إذ تسبب تحرك واشنطن في مطلع الأسبوع للانضمام إلى إسرائيل في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية إلى تأجيج المخاوف بشأن الإمدادات. وبحلول الساعة 01.17 بتوقيت جرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.92 دولار أو 2.49 بالمئة لتبلغ 78.93 دولارا للبرميل. وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 1.89 دولار أو 2.56 بالمئة لتصل إلى 75.73 دولارا. وقفز كلا الخامين بأكثر من ثلاثة بالمئة في وقت سابق من الجلسة إلى 81.40 دولارا و78.40 دولارا على الترتيب للبرميل، وهو أعلى مستوى يبلغانه في خمسة أشهر، قبل أن يتخليان عن بعض المكاسب. وجاء ارتفاع الأسعار بعد أن قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه "محا" المواقع النووية الإيرانية الرئيسية في ضربات في مطلع الأسبوع، لينضم إلى هجوم إسرائيلي في تصعيد للصراع في الشرق الأوسط مع تعهد طهران بالدفاع عن نفسها. إيران هي ثالث أكبر منتجة للخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). ويتوقع المتعاملون في السوق المزيد من الارتفاع في الأسعار وسط مخاوف متزايدة من أن يشمل الانتقام الإيراني إغلاق مضيق هرمز الذي يتدفق عبره خُمس إمدادات الخام العالمية تقريبا. وذكرت قناة (برس تي.في) الإيرانية أن البرلمان الإيراني وافق على إجراء لإغلاق المضيق. وكانت إيران هددت في الماضي بإغلاق المضيق لكنها لم تنفذ هذه الخطوة قط. وقالت جون جو، كبيرة المحللين لدى شركة سبارتا كوموديتيز "مخاطر تضرر البنية التحتية النفطية.. تفاقمت". وأضافت أنه على الرغم من وجود طرق بديلة عبر خطوط الأنابيب خارج المنطقة، فسيظل هناك كمية من النفط الخام لا يمكن تصديرها بالكامل إذا أصبح مضيق هرمز مغلقا. وأضافت أنه سيتزايد بقاء شركات الشحن بعيدا عن المنطقة. وقال بنك جولدمان ساكس في تقرير صدر أمس الأحد إن خام برنت قد يصل إلى ذروته لفترة وجيزة عند 110 دولارات للبرميل إذا انخفضت تدفقات النفط عبر الممر المائي الحيوي إلى النصف لمدة شهر، وإذ ظلت منخفضة بنسبة 10 بالمئة خلال 11 شهرا التالية. ولا يزال البنك يفترض عدم وجود اضطراب كبير في إمدادات النفط والغاز الطبيعي، وإضافة حوافز عالمية لمحاولة منع حدوث انقطاع مستمر وضخم. ارتفع خام برنت 13 بالمئة منذ بدء الصراع في 13 يونيو، في حين ارتفع خام غرب تكساس الوسيط بنحو 10 بالمئة. وقال محللون إنه من غير المرجح أن تستمر علاوة المخاطر الجيوسياسية الحالية دون اضطراب ملموس في الإمدادات.

صادرات كوريا ترتفع 8.3% في يونيو بفضل الطلب على الرقائق
صادرات كوريا ترتفع 8.3% في يونيو بفضل الطلب على الرقائق

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

صادرات كوريا ترتفع 8.3% في يونيو بفضل الطلب على الرقائق

أظهرت بيانات اليوم الإثنين أن صادرات كوريا الجنوبية ارتفعت بنسبة 8.3% على أساس سنوي في أول 20 يوما من هذا الشهر، بفضل الطلب القوي على أشباه الموصلات. وبلغت قيمة الصادرات الكورية 38.67 مليار دولار أمريكي في الفترة من 1 إلى 20 يونيو، مقارنة بـ 35.69 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، وفقا للبيانات الصادرة عن دائرة الجمارك. وارتفع متوسط حجم الصادرات اليومي بنسبة 12.2% على أساس سنوي خلال الفترة المذكورة، فيما بلغ عدد أيام العمل خلال هذه الفترة 14 يوما، مقارنة بـ 14.5 يوما في نفس الفترة من العام الماضي. وزادت واردات البلاد بنسبة 5.3% على أساس سنوي إلى 36.1 مليار دولار خلال هذه الفترة، ما أدى إلى فائض تجاري قدره 2.6 مليار دولار. وتفصيلا، ارتفعت صادرات أشباه الموصلات بنسبة 21.8% مقارنة بالعام السابق لتصل إلى 8.85 مليارات دولار، وشكلت صادرات الرقائق 22.9% من إجمالي الصادرات خلال الفترة المذكورة، بزيادة قدرها 2.5 نقطة مئوية عن الفترة نفسها من العام الماضي، بينما ارتفعت صادرات السيارات بنسبة 9.2% على أساس سنوي إلى 3.65 مليارات دولار، وقفزت صادرات السفن بنسبة 47.9% إلى 1.58 مليار دولار. وبحسب الوجهة، ارتفعت الصادرات إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بنسبتي 4.3% و23.5% على أساس سنوي، على التوالي، بينما انخفضت الصادرات إلى الصين، الشريك التجاري الأول لكوريا الجنوبية، بنسبة 1% خلال الفترة نفسها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store