
ما وراء الاعتراف الأوروبي بفلسطين حرب غزة أم أعباء 100 عام؟
لكن ما لم يتحدث عنه الوزيران هو دور بريطانيا وفرنسا الجدلي في اتفاقية "سايكس بيكو" لعام 1916، المعاهدة السرية التي قسّمت أراضي المشرق التابعة للإمبراطورية العثمانية إلى مناطق نفوذ بريطانية وفرنسية، إذ لفت الكاتب مارك لاندلر إلى أن القوتين الأوروبيتين تجاهلتا تلك الاتفاقية التي يُستشهد بها كمثال على "الغطرسة الإمبريالية الغربية"، ويرى كثير من العرب بأنها زرعت بذور صراعات دموية في الشرق الأوسط.
وأقر لاندلر في تحليل نشرته "نيويورك تايمز" بأن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، من مجاعة الأطفال وقيود إسرائيل على وصول المساعدات، إلى حوادث قتل الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، كان لها من دون شك وقع أكثر تأثيراً من أعباء الماضي في رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومع ذلك فإن قراراتهما المصيرية سلطت الضوء على الأدوار الملتبسة لدولتيهما في منطقة كثيراً ما تنازعتا فيها على النفوذ.
ووصف أستاذ التاريخ الحديث في جامعة أكسفورد يوجين روغن الاعتراف الفرنسي والبريطاني بفلسطين بأنه تصحيح لأخطاء الماضي، مشيداً بهذه الخطوة لأسباب ترتبط بالماضي والحاضر على حد سواء، فوفقاً له، تفتح إسرائيل، بسلوكها الحالي، الباب أمام تخيير الفلسطينيين بين التهجير من غزة أو ما هو أسوأ. أما الاعتراف بالدولة الفلسطينية فهو في صالح إسرائيل أيضاً كونه يمهد الطريق لـ"شكل من أشكال التعايش المستدام"، بحسب تعبيره.
الشق الثاني من وعد بلفور
لمح وزير الخارجية البريطاني في كلمته أمام الأمم المتحدة بأن الاعتراف بدولة فلسطينية يعد تصحيحاً لظلم تاريخي تعرض له الفلسطينيون بعد "وعد بلفور" الذي أيد إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وقد تضمن الإعلان شرطاً مفاده عدم المساس بالحقوق المدنية والدينية للجماعات غير اليهودية المقيمة في فلسطين، وهو الشرط الذي لم يتحقق بشهادة الوضع الحالي في غزة، فبعد 21 شهراً من الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع، قال لامي إن لبريطانيا "مسؤولية تجاه السكان الفلسطينيين المضطهدين منذ زمن طويل".
ولفت روغن، الذي ألّف كتباً عن تاريخ العرب ووعد بلفور بأن حجة وزير الخارجية البريطاني تتمثل في أن الوقت قد حان للوفاء بالشق الثاني من ذلك الوعد، وأضاف "في زمن وعد بلفور كانت بريطانيا إمبراطورية عالمية، لم يكن يخطر في بالها عام 1917 أنها قد تفقدها يوماً ما. أما ديفيد لامي فيعمل اليوم في بريطانيا ما بعد الاستعمار، وما بعد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، لكنه يستخدم التاريخ كأداة لمنح شرعية لقراره".
وفيما صرح وزير الخارجية البريطاني بأن بلاده فخورة بمساهمتها في إرساء أسس وطن قومي للشعب اليهودي، إلا أن روغن قال إن "الدافع البريطاني لدعم الكيان الذي أصبح لاحقاً إسرائيل لم يكن أخلاقياً بقدر ما كان إستراتيجياً، فقد كانت بريطانيا تبحث عن مجتمع حليف في فلسطين يمنع سقوط الإقليم في أيدي أعدائها، وكانت تخشى أن يُستخدم كمنصة انطلاق لهجمات على قناة السويس التي كانت تخضع آنذاك للسيطرة البريطانية".
وتراجعت بريطانيا لاحقاً عن موقفها المؤيد للصهيونية عندما وجدت صعوبة في التوفيق بين قيام دولة يهودية والحفاظ على علاقاتها مع العالم العربي، فاقترحت في الوثيقة المعروفة باسم "الورقة البيضاء" لعام 1939، إقامة وطن قومي لليهود ضمن دولة فلسطينية مستقلة ذات أغلبية عربية، مع تقييد عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين بـ75 ألفاً لمدة خمسة أعوام.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
معارضة إسرائيلية
نددت حكومة بنيامين نتنياهو بالاعتراف البريطاني والفرنسي، وسعى مسؤولون سابقون مثل مايكل أورن الذي عمل سفيرا لإسرائيل في واشنطن إلى التقليل من القرار، قائلاً إنه "لن يسرع إنهاء الصراع في غزة بل سيطيله"، وأضاف بأن "هذه القوى كانت فاعلة في المنطقة وتريد اليوم أن تشعر بأنها لا تزال كذلك".
ويرى آخرون أنه لو لم يكن لتلك الخطوة أي تأثير لما استدعت ردود الفعل الغاضبة التي أبدتها حكومة نتنياهو والمسؤولون الإسرائيليون، فمع انضمام بريطانيا وفرنسا إضافة إلى كندا ومالطا، اللتين أعلنتا الأسبوع الماضي أنهما ستدعمان الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل، أصبح أكثر من ثلاثة أرباع أعضاء الأمم المتحدة الـ193 يعترفون بالدولة الفلسطينية.
وأوضحت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن فرنسا لديها مصلحة أقل مباشرة في فلسطين مقارنة ببريطانيا، بعدما تخلت عن مطالبها بموجب اتفاقية "سايكس – بيكو"، إلا أن اعترافها يمثل تحولاً مصيرياً جديداً في علاقتها بإسرائيل.
ومن عام 1945 إلى 1967 كانت فرنسا أكبر داعم غربي لإسرائيل، ويرتبط ذلك جزئياً بتجربتها مع تداعيات الاستعمار، ففي عام 1954 لاقت الانتفاضة التحررية في الجزائر دعم الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، فرأت فرنسا في إسرائيل سداً منيعاً في وجه عبدالناصر، فتقاربت معها، ومدّتها بمقاتلات "ميراج"، والتكنولوجيا النووية التي شكّلت أساس برنامجها النووي غير المُعلن، لكن التحول بدأ في عام 1967، فبعدما شنت إسرائيل ضربة عسكرية ضد مصر، فرض الرئيس الفرنسي شارل ديغول حظراً على بيع الأسلحة لإسرائيل وبدأ في توجيه بوصلة باريس نحو الدول العربية.
ومهد هذا التحول في السياسة الفرنسية إلى صعود أميركا كأقرب حليف غربي لإسرائيل، حين دعمتها في حرب 1967، في حين مدت فرنسا يدها للفلسطينيين وأصبحت بعد ذلك أول دولة غربية تُقيم علاقات وثيقة مع منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الدولي للفلسطينيين، التي يقودها اليوم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
ويقول السفير الفرنسي لدى إسرائيل بين 2003 و2006، جيرار آرو، إن ذلك التحول ترك أثراً لا يمحى، مشيراً إلى أنه كان يشعر دائماً بوجود انطباع داخل الدوائر الإسرائيلية الرسمية مفاده "لا تثقوا بالفرنسيين".
ويرى آرو أن "فرنسا وبريطانيا لم تُدركا أن زمن الاستعمار قد انتهى، وتصرفتا وكأنهما لا تزالان تملكان كل النفوذ"، في حين أوضح مؤرخون بأنه إذا كانت الدولتان تعتزمان الاعتراف بدولة فلسطينية، فعليهما أيضاً الاعتراف بتراجع نفوذهما في منطقة كانتا تحكمانها ذات يوم، بعد عقود من تقسيم مهندسي "سايكس – بيكو" الشرق الأوسط، مما خلف تداعيات ملموسة لليوم، وفق "نيويورك تايمز".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 7 دقائق
- حضرموت نت
أوتشا تحذر من فجوة تمويلية كبيرة تهدد ملايين اليمنيين رغم المساهمات الجديدة
حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من استمرار فجوة تمويلية كبيرة في خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2025، رغم حصولها على 36 مليون دولار إضافية خلال الأسبوع الأخير من المفوضية الأوروبية واليابان وجهات مانحة أخرى. وأوضح المكتب، في بيان حديث، أن إجمالي التمويل المخصص للخطة حتى 9 أغسطس الجاري بلغ نحو 374.6 مليون دولار، بزيادة 36.1 مليون دولار مقارنة بالأسبوع السابق، فيما ارتفع إجمالي التمويل الموجه لليمن من مختلف المصادر إلى 480.6 مليون دولار، منها 106 ملايين خارج إطار خطة الاستجابة. وأشار 'أوتشا' إلى أن الخطة، التي تتطلب 2.48 مليار دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة، لم تتلقَّ حتى الآن سوى 15.1% فقط من إجمالي المتطلبات، ما يهدد ملايين الأشخاص بفقدان المساعدات المنقذة للحياة. وأكد المكتب أن استمرار فجوة التمويل يعرقل تنفيذ برامج الإغاثة الحيوية، داعيًا المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تسريع وتيرة التعهدات وتقديم الدعم اللازم لتفادي تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.


الأمناء
منذ 2 ساعات
- الأمناء
غطاء أم التفاف.. لماذا أنشأ الحوثيون هيئة جديدة لإدارة موانئ الحديدة؟
أنشأت ميليشيا الحوثي هيئة جديدة لإدارة ميناءي الصليف ورأس عيسى في محافظة الحديدة؛ ما أثار مخاوف من استخدام واجهات مدنية للتغطية على أنشطة حربية والتمويه والالتفاف على العقوبات الأمريكية. وفي هذا الصدد، قال وكيل وزارة الإعلام لدى الحكومة الشرعية، أسامة الشرمي، في تصريحات لـ"إرم نيوز" إن ميليشيا الحوثي تريد استثمار أعمالها الإرهابية، كمورد دائم للجبايات في ممرات الملاحة الدولية. وأنشأ الحوثيون السبت الماضي، "الهيئة العامة لإدارة المنطقة الاقتصادية والتنموية بالصليف ورأس عيسى" في محافظة الحديدة الإستراتيجية، وفق قرار رئيس "المجلس السياسي الأعلى" التابع للميليشيا، مهدي المشاط. ورغم عدم إشارة القرار إلى أيّ تفاصيل بشأن الهيئة الجديدة، وطبيعة دورها وصلاحياتها، فإنه يشمل ميناءين مهمين في محافظة الحديدة الساحلية، على مقربة من خطوط الملاحة الدولية في مياه البحر الأحمر؛ ما قد يجعله قرارًا محوريًّا في أي حسابات عسكرية أو تجارية. استثمار الهجمات وأكد الشرمي، أن ميليشيا الحوثي تحاول استثمار أعمالها الإرهابية التي قامت بها خلال المرحلة الماضية، "من خلال تحويلها إلى مورد دائم للجبايات التي تفرضها على ممرات الملاحة الدولية في البحر الأحمر، عبر نهب السفن وفرض رسوم مقابل مرورها بسلام، وذلك بحجة إدارة المنطقة الاقتصادية". وقال إن الحوثيين يسعون للاستفادة من ذلك كمورد اقتصادي طويل الأمد، حتى بعد انتهاء العمليات في قطاع غزة، خصوصًا مع اقتراب جهود المجتمع الدولي من إنجاز اتفاق للتهدئة أو إنهاء الحرب فيها. وأشار الشرمي إلى أنه لم يعد لدى الميليشيا ما تهدد به المجتمع الدولي، في ظل تزايد عمليات ضبط شحنات الأسلحة المهرّبة القادمة إليها من إيران، وحجم الخسائر التي أوقعتها الغارات الأمريكية في قدراتها العسكرية خلال الفترة الماضية. وشدد على أن هذا "الأمر الذي يجعلها تحاول الاستعانة بالاتفاقيات الدولية التي هي ليست جزءًا منها، ولا يحق لها تحت أي ظرف من الظروف أن تتخذها مستندًا قانونيًّا لصالحها". وذكر المسؤول اليمني، أن قرار إنشاء الهيئة الجديدة، "يدخل في اشتباك واضح مع اتفاق ستوكهولم الذي ترعاه الأمم المتحدة، والذي ينص على إدارة مدنية لموانئ الحديدة، ويمنع ميليشيا الحوثي من التدخل فيها وفي مواردها". غطاء اقتصادي ورأى خبير الشؤون العسكرية والإستراتيجية، الدكتور علي الذهب، من جهته، أن قرار الحوثيين إنشاء هيئة لإدارة المنطقة الاقتصادية بالصليف ورأس عيسى بالحديدة، "قد يمثّل غطاءً اقتصاديًّا عنوانه مدني لنشاط عسكري، وبالتالي أيّ استهداف له قد يَلقى استهجانًا دوليًّا وإقليميًّا، ويمكّن الحوثيين من حجة المرافعة بشأنه، ومحاولة المعاملة بالمثل". ولا يستبعد الذهب في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن يكون الأمر مجرد ادعاء إعلامي "بهدف التفاخر، لأن الحوثيين لا يملكون في سياق الإنجاز الاقتصادي والتجاري والاجتماعي ما يعود بمردود على المجتمع في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، ولذلك يصدرون عناوين فضفاضة لمشاريع وقوانين وانتصارات وهمية". وأشار إلى سيناريو تجاري، يحاول الحوثيون من خلاله استقطاب الشركات الأجنبية من غير الأمريكية أو البريطانية. وبحسبه فإن هذا الجانب "يأتي في إطار التنافس، لكن لا أعتقد أن أيّ شركة أجنبية، آسيوية مثلًا أو شرق آسيوية أو غيرهما، يمكنها أن تغامر بالاستثمار في بيئة حرب مستمرة". تحايل على الضغوط في المقابل، ذكر الخبير الاقتصادي، محمد الجماعي، أن القرار لا يمكن فصله عن المسار المتراكم لدى الحوثيين، المتمثل في إعادة بناء واجهة منفصلة عن مؤسسات الدولة؛ إذ تحرص الميليشيا منذ أول أيام انقلابها على خلق مؤسسات بديلة. وقال الجماعي لـ"إرم نيوز"، إن توجه الحوثيين، يأتي متزامنًا هذه المرة مع حاجتهم لمواجهة الضغوط الدولية من خلال التمويه والالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة مؤخرًا، على شبكات حوثية إيرانية لتهريب النفط وتمويل الميليشيا عبر موانئ الحديدة، "ما يعني أنها مجرد محاولة لخلق مظلة أو مسميات جديدة للتعامل الخارجي". وأوضح أن الميليشيا "تسعى إلى فرض أمر واقع من خلال إيجاد مجال حيوي آخر، وقد تقوم بنقل مركز الثقل التجاري من ميناء الحديدة الذي أصبحت السفن الواردة إليه، خاضعة لإجراءات مشددة من قبل آلية التفتيش الأممي، بعد عمليات القرصنة الحوثية الأخيرة". وأكد أن مصير الهيئة الجديدة هو الفشل، "لأنه ما من جهة رسمية يمكن أن ينطلي عليها ذلك، فالجميع تحت رقابة أمريكا والمجتمع الدولي، إلا إنْ كانت واشنطن خلف خطوة الحوثيين هذه".


Independent عربية
منذ 5 ساعات
- Independent عربية
شركة استشارات أميركية أعدت مشروعاً لنقل سكان غزة إلى الصومال
تزامناً مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو احتلال كامل قطاع غزة، كشفت تقارير صحافية عن نموذج أعده مستشارون من مجموعة بوسطن الاستشارية الأميركية، لترحيل الفلسطينيين إلى الصومال وأرض الصومال في إطار مشروع تناول مرحلة ما بعد حرب غزة. ووفقاً لتفاصيل المشروع التي نشرتها صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية اليوم السبت، فإن وجهات محتملة عدة أدرجت في جدول بيانات معقد أُعد لصالح رجال أعمال إسرائيليين كانوا يرسمون خططاً لإعادة تطوير غزة بعد الحرب وأسهموا في تصميم "مؤسسة غزة الإنسانية". ونشأ النموذج انطلاقاً من عمل المجموعة الاستشارية على إنشاء "مؤسسة غزة الإنسانية"المسؤولة عن خطة توزيع المساعدات الغذائية في غزة بدعم إسرائيلي - أميركي لتحل بدلاً من النظام التقليدي الذي تقوده الأمم المتحدة، غير أن النظام الجديد فشل في تأمين الغذاء لسكان القطاع المنكوب وأسفر عن سقوط قتلي خلال عمليات توزيع الطعام. وتضمنت بعض الافتراضات التي بُني عليها النموذج، دولاً يمكن نقل مئات الآلاف من سكان غزة الراغبين في الترحيل إليها، إذ كان الصومال وإقليم أرض الصومال الانفصالي ضمن القائمة، إلى جانب الإمارات ومصر والأردن. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ووفق التصور، فإن 25 في المئة من سكان غزة سيقررون الانتقال خارج القطاع، وأن غالبية هؤلاء لن يعودوا. وتوقعت مجموعة بوسطن الاستشارية أن تحقق الدول التي تستقبل الفلسطينيين فوائد اقتصادية قدرها 4.7 مليار دولار خلال الأعوام الأربعة الأولى، كذلك فإن الافتراضات حول برنامج الترحيل شكّلت الأساس لتقديرات أخرى في شأن كلف توفير مساكن موقتة ثم دائمة جديدة للغزيين، إلى جانب مجموعة متنوعة من خطط إعادة التطوير الأخرى. وتتطابق هذه الافتراضات مع تقارير إعلامية ظهرت في وقت إعداد النموذج في مارس (آذار) الماضي، أفادت بأن الحكومتين الأميركية والإسرائيلية قد تواصلتا مع دول في شرق أفريقيا في شأن استقبال لاجئين فلسطينيين، على رغم الصراعات الأهلية ومستويات الفقر المرتفعة في هذه المنطقة. وذكرت الصحيفة أن مسؤولين أميركيين أجروا أيضاً محادثات أولية مع إقليم أرض الصومال الانفصالي حول اتفاق أوسع يشمل أيضاً إقامة قاعدة عسكرية أميركية في الإقليم مقابل الاعتراف بدولته. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب طلب في فبراير (شباط) الماضي من مصر والأردن استقبال فلسطينيي غزة، بعدما طرح فكرة إخلاء غزة بالكامل من سكانها البالغ عددهم نحو مليوني نسمة وإعادة تطويرها لتصبح "ريفييرا الشرق الأوسط". وقوبل الطلب الأميركي برفض عربي واسع للخطط التي تنطوي على تهجير سكان غزة والتي تمثل عملية تطهير للقطاع من سكانه وتعني "تصفية القضية الفلسطينية"، وفق وصف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. ولم يتحقق أي تقدم في خطط الترحيل هذه، التي شبهها مسؤولو الأمم المتحدة بالتطهير العرقي، وأدانها حلفاء إسرائيل الأوروبيون. وكانت صحيفة "فايننشيال تايمز" قد كشفت الشهر الماضي عن مشاركة مجموعة بوسطن للاستشارات في مشروع النمذجة لمرحلة ما بعد الحرب، مما دفع شركة الاستشارات إلى التنصل من العمل، وأخبرت الشركة لجنة برلمانية بريطانية الشهر الماضي أن الشريك المسؤول قد أُبلغ "بعدم الانخراط في أي عمل متعلق بإعادة الإعمار لا يشمل مشاركة السكان المتأثرين"، لكنه نفذ المشروع سراً.