logo
هل أبقت المنصات الرقمية حاجة إلى مؤسسات البث العامة؟

هل أبقت المنصات الرقمية حاجة إلى مؤسسات البث العامة؟

الشرق الأوسطمنذ 8 ساعات

لم يعد سراً أن علاقة الإدارة الأميركية، المقيمة في البيت الأبيض، بالصحافة السياسية ووسائل الإعلام، الخاصة أو الحكومية، تشهد تحولاً لم يعهده الأميركيون حتى في أحلك الأزمات والقضايا التي كانت تشغل الرأي العام. ولقد باتت تداعيات هذا التحول تشير إلى الهوة المتزايدة اتساعاً، وتأثيراتها ليست فقط على المؤسسات الإعلامية وصناعة الأخبار، بل أيضاً على الجمهور والبرامج السياسية، التي غالباً ما كانت محط اهتمام المشاهد والقارئ والمستمع الأميركي.
بيل أوينز مع شعار برنامج "60 دقيقة" ( سي بي إس)
في ظل حملات الرئيس دونالد ترمب المستمرة على الإعلام، بدت استمرارية الصحافة السياسية في واشنطن وتقاليدها أقل ضماناً مما كانت عليه سابقاً. فالبيت الأبيض هو من يُقرر الآن ما هي وسيلة الإعلام التي يمكنها أن تكون جزءاً من دورة تجمع الصحافيين أسبوعياً (بول روتايشن)، وليس جمعية مراسلي البيت الأبيض. فقد منع المكتب الصحافي للرئيس ترمب وكالة «أسوشييتد برس» من حضور إحاطاته في المكتب البيضاوي، لأنها أحجمت عن استخدام مصطلح «خليج أميركا» بدلاً من «خليج المكسيك» (رغم استخدامها للمصطلحين)، بناءً على الأمر التنفيذي الذي أصدره ترمب للحكومة الفيدرالية. كما أعلن البيت الأبيض أنه سيلغي المكان الدائم لوكالات الأنباء الدولية، «رويترز» و«أسوشييتد برس» و«وكالة الصحافة الفرنسية»، في تجمع الصحافيين. وبدلاً من ذلك، أصبح مراسلو وسائل الإعلام المحافظة وكذلك الوسائل غير التقليدية، مثل منصات التواصل الاجتماعي والبودكاست، أكثر بروزاً وحضوراً، ويستطيعون أحياناً كثيرة طرح أسئلة تتوافق بوضوح مع وجهة نظر الإدارة.
مارجوري تايلور غرين (آ ب)
«المقاومة» ضد ترمب تتراجع
في المقابل، بدا أن «مقاومة» وسائل الإعلام غير المحسوبة على المحافظين، باتت أقل حدة وأكثر قابلية للخضوع، في ظل استحواذ رأس المال الخاص عليها، وامتناعها عن الدخول في مواجهات قد تكلف مالكيها خسارة المليارات من العقود مع الحكومة الفيدرالية. وهو ما أدى غالباً إلى «خروج» كثير من الكُتَّاب والمنتجين ومقدمي البرامج من تلك المؤسسات، حفاظاً إما على استقلاليتهم، أو على استمرارية المؤسسة نفسها.
هذا ما جرى، على سبيل المثال، مع برنامج «60 دقيقة» الشهير الذي يُعرَض على شبكة «سي بي إس نيوز»، والذي واجه خلال حملة الانتخابات الرئاسية، ضغوطاً ازدادت بشكل كبير، سواء من الرئيس ترمب قبل انتخابه وبعده، أو من شركة «باراماونت»، المالكة للشبكة.
وفي نهاية أبريل (نيسان)، أعلن المنتج التنفيذي للبرنامج، بيل أوينز، استقالته، مُشيراً إلى انتهاكات لاستقلاليته الصحافية. وأبلغ موظفيه في مذكرة بأنه «خلال الأشهر الماضية، أصبح من الواضح أنه لن يُسمَح لي بإدارة البرنامج كما كنتُ أُديره دائماً، واتخاذ قرارات مستقلة بناءً على ما هو مناسب لبرنامج (60 دقيقة)، ومناسب للجمهور».
هذا، وكان ترمب قد رفع دعوى قضائية ضد شبكة «سي بي إس» والشركة الأم «باراماونت» بمبلغ 10 مليارات دولار، متهماً البرنامج بـ«السلوك غير القانوني وغير الشرعي». وعدّ ترمب مقابلة محرّرة أجراها البرنامج مع منافسته الرئاسية، كامالا هاريس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مخادعة بشكل كبير.
شعار إذاعة "صوت أميركا" (رويترز)
«لا يمكن إنقاذها!»
ومع استمرار الرئيس ترمب وإدارته في الهجوم على المؤسسات الإعلامية، أصدرت إذاعة «صوت أميركا» قراراً الأسبوع الماضي، بتسريح أكثر من ثلث الموظفين، بالتزامن مع عرض الحكومة المبنى الفيدرالي في العاصمة واشنطن، الذي يضمّ مكاتب المحطة، للبيع. كذلك فصلت الإدارة نحو 600 موظف في الإذاعة، من المتعاقدين، جلّهم من الصحافيين، بالإضافة إلى بعض الموظفين الإداريين. وعُدّت الخطوة إشارةً إلى أن إدارة ترمب تُخطط لمواصلة جهودها لتفكيك هذه المؤسسة، على الرغم من حكم قضائي صدر الشهر الماضي يأمر الحكومة الفيدرالية بالحفاظ على «برامج إخبارية قوية» في الشبكة، التي وصفها ترمب بأنها «صوت أميركا الراديكالية».
من جهة ثانية، قالت كاري ليك، كبيرة المستشارين في «الوكالة الأميركية للإعلام العالمي»، التي تشرف على «صوت أميركا»، إن «الإدارة تصرفت في حدود سلطتها القانونية».
وتابعت ليك، وهي سياسية جمهورية يمينية متشددة، أوكلت إليها قيادة خطط تقليص عمليات «صوت أميركا»، في بيان: «نحن بصدد تعديل حجم الوكالة، وتقليص البيروقراطية الفيدرالية لتلبية أولويات الإدارة... سنواصل تقليص حجم الإذاعة وتحويلها من مؤسسة قديمة إلى مؤسسة تستحق تمويلها من الأميركيين الكادحين».
وفي مارس (آذار)، قالت ليك، إن «الوكالة الأميركية للإعلام العالمي» نفسها التي تديرها «لا يمكن إنقاذها»، بعدما تفشَّى فيها وغرف الأخبار التابعة لها «الهدر والاحتيال والإساءة». وفي الأسبوع الماضي، أعلنت أن إذاعة «صوت أميركا» ستحصل على خدماتها الإخبارية من شبكة أخبار «ون أميركا»، وهي محطة تلفزيونية يمينية متشددة مؤيدة لترمب.
وقف التمويل الفيدرالي
الأمر، لم يقتصر على إذاعة «صوت أميركا»، إذ وقّع الرئيس ترمب هذا الشهر، أمراً تنفيذياً لإنهاء جميع التمويل الفيدرالي لشبكتَي التلفزيون العام (بي بي إس)، والإذاعة الوطنية (إن بي آر)، واصفاً ما تقدمانه بأنها «دعاية نشطة». ويذكر أنه في يناير (كانون الثاني) أمر رئيس «لجنة الاتصالات الفيدرالية» بإجراء تحقيق في برامج الشبكتين، كما خضع مسؤولوهما في مارس لاستجواب أمام لجنة فرعية بمجلس النواب بقيادة النائبة الجمهورية اليمينية المتشددة مارجوري تايلور غرين، التي وصفت جلسة الاستماع بأنها «موجات معادية لأميركا».
المؤسستان شهدتا عمليات تسريح لأعداد كبيرة من الموظفين الأسبوع الماضي، وفق بولا كيرغر، الرئيسة التنفيذية لـ«بي بي إس» بعدما أوقفت الحكومة نحو 15 في المائة من ميزانيتها، مع أن الباقي يأتي من مصادر تشمل التراخيص والرعاية والمستحقات من محطاتها الأعضاء، البالغ عددها 330 محطة تقريباً.
مؤسسات البث العام كانت قد أُسِّست عام 1967، وكانت تنفيذاً لرؤية الرئيس الديمقراطي الأسبق ليندون جونسون، الهادفة إلى «ربط أميركا، خصوصاً المناطق الريفية، بالبرامج التعليمية والثقافية». غير أنه وبسبب ازدياد ارتباط البلاد، أكثر من أي وقت مضى، رقمياً على وجه التحديد، بات نفر من الخبراء يتساءلون عمّا إذا كان لشبكتَي «بي بي إس» و«إن بي آر» أي دور تلعبانه في ظل تغيُّر مصادر المعلومات، وبروز منصات رقمية مثل «نتفليكس»، و«يوتيوب»، و«أمازون»، و«فيسبوك»، و«إكس»، وكثير من الخيارات الأخرى؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المطلوب من الشرع للحصول على اعتراف أميركي كامل
المطلوب من الشرع للحصول على اعتراف أميركي كامل

Independent عربية

timeمنذ 38 دقائق

  • Independent عربية

المطلوب من الشرع للحصول على اعتراف أميركي كامل

حظيت الزيارة التي اختتمها دونالد ترمب أخيراً إلى الشرق الأوسط بتغطية إعلامية واسعة بفضل الاتفاقات التجارية والاستثمارات التي أعلنها ونظراؤه. غير أن أبرز ما في الزيارة كان إعلانه أن الولايات المتحدة سترفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على سوريا خلال حكم نظام الأسد. وفي هذا الشأن، قال ترمب في الرياض، "أفعل هذا من أجل ولي العهد (الأمير محمد بن سلمان)". إضافة إلى ذلك حظي زعيم سوريا الجديد أحمد الشرع بلقاء موجز مع ترمب في الرياض. وكانت الولايات المتحدة عام 2013 صنفت الشرع، المعروف باسمه الحركي أبو محمد الجولاني، "إرهابياً عالمياً مصنفاً بشكل خاص"، ورصدت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه. وكانت الولايات المتحدة سبق أن صنفت جماعته الإرهابية، "هيئة تحرير الشام"، التي كانت تعرف باسم "جبهة النصرة" والمرتبطة بتنظيم "القاعدة"، منظمة إرهابية أجنبية. لا يلتقي الرؤساء الأميركيون عادةً إرهابيين، لكن الشرع تلقى فيما يبدو نصائح جيدة في مجال العلاقات العامة بعد استيلائه على السلطة: لقد تخلى عن لقبه، وقصر لحيته، واستبدل بزته العسكرية ببدلة وربطة عنق، فبدا أشبه برجل أعمال منه إلى إرهابي، لكن هل تخلى الشرع و"هيئة تحرير الشام" فعلاً عن العقلية الإرهابية؟ لم ينتظر ترمب ليعرف الإجابة. صحيح أنه نصح الشرع خلال لقائهما بالتوقيع على اتفاقات أبراهام والاعتراف بإسرائيل، وطرد المقاتلين الإرهابيين الأجانب من سوريا، والانضمام إلى الحرب على تنظيم "داعش"، لكن الشرع لم يلتزم أياً من ذلك، أقلها علناً. ومن المؤكد أن ما جرى لا يعد مثالاً ناجحاً على "فن إبرام الصفقات". أما مصالح السعودية والعالم العربي الأوسع في قبول حكومة الشرع الجديدة فواضحة، فقد مثَّل سقوط الأسد هزيمة كبرى لإيران، إذ خسرت أهم حليف إقليمي لها وانقطعت طرق الإمداد البرية التي تمتع بها "حزب الله"، أبرز الأذرع الإيرانية الإرهابية. وكان من المهم أيضاً التحرك لتقليص نفوذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوريا، إذ ما كان لـ"هيئة تحرير الشام" أن تطيح الأسد لولا الدعم التركي الكبير. كذلك تصب هزيمة الملالي في طهران وتقييد النفوذ الأردوغاني العثماني الجديد والذي يستهدف سوريا خصوصاً، والشرق الأوسط عموماً في مصلحة الولايات المتحدة، لكن هذه الأهداف وحدها لا تكفي. تحتاج واشنطن من الشرع إجراءات تتجاوز مجرد الخطابات، مما يعني أفعالاً ملموسة تثبت أنه تخلى عن الإرهاب لا لفظياً فقط، بل فعلياً أيضاً. لقد ضيع ترمب الفرصة التي سنحت حين كان ينبغي عليه أن يربط رفع العقوبات بشروط أميركية واضحة، غير أن تصنيف الشرع كإرهابي، وتصنيف "هيئة تحرير الشام" كمنظمة إرهابية، وتصنيف سوريا في عهد الأسد كدولة راعية للإرهاب لا تزال قائمة. ويجب ألا تلغى هذه التصنيفات إلا إذا استوفت حكومة الشرع شروطاً إضافية عدة، كما هو مفصل أدناه، بل يجب إعادة فرض العقوبات إذا فشلت الحكومة في القيام بالمطلوب بسرعة. الأهم من ذلك كله، أن على الشرع أن يبطل نهائياً سياسات الأسد التي أدت إلى عزل سوريا، وأن يكون شفافاً تماماً في شأن محتويات أرشيف حكومة الأسد وسائر المواد ذات الصلة. وبما أن الحكومات غير الإرهابية لا تأخذ رهائن، ينبغي على الشرع أن يفتح سجلات الحكومة السورية أمام مراجعة دولية في خصوص حالات اختطاف الأجانب كلها على مدى العقود الماضية من الزمن. ولصالح عائلات الرهائن، يجب الكشف الكامل عن هذه القصص، والإفصاح عن أي علاقات سورية بجهات أجنبية ساعدت في هذه العمليات لتتولى أجهزة إنفاذ القانون متابعتها. كذلك تتوجب القطيعة التامة مع جهود نظام الأسد كلها في مجالات تطوير الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية، ولا سيما تلك المندرجة من ضمن العلاقات التي أقامها مع حكومات مثل حكومة إيران. بعد سقوط الأسد، أفادت تقارير بأن إسرائيل قصفت منشآت مشتبه في إنتاجها أسلحة كيماوية، ومع ذلك ينبغي على الشرع أن يحدد المواقع كلها المتصلة بهذه الأسلحة في سوريا، وأن يفتح هذه المواقع والملفات الحكومية أمام تفتيش تجريه واشنطن أو منظمة حظر الأسلحة الكيماوية. وينبغي اتخاذ خطوات مماثلة في شأن الأسلحة البيولوجية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أما في خصوص النشاط النووي السوري، فمن المرجح أنه تمحور حول المفاعل النووي الذي ساعدت إيران وكوريا الشمالية في بنائه دير الزور. وقد تكون السجلات السورية المتعلقة بدير الزور وعلاقات أخرى مع إيران مفيدة للغاية في مواجهة التهديد الإقليمي الإيراني. ويجب على سوريا اتخاذ الإجراءات كلها لحفظ هذه الأدلة وإتاحتها أمام مراجعة دولية. كذلك ينبغي على الشرع التخلي عن دعم الجهود التي تبذلها إيران بغرض السيطرة على لبنان من خلال "حزب الله". وإلى ذلك، إذا كان الشرع قد تخلى فعلاً عن الإرهاب، عليه أن يكشف القائمة الكاملة لممولي "جبهة النصرة" على مر السنوات. كذلك يجب أن يلتزم التعاون مع الأكراد، ولا سيما "قوات سوريا الديمقراطية"، في تأمين احتجازهم آلاف الأسرى من تنظيم "داعش". ويجب سجن الإرهابيين الآخرين في سوريا، لا طردهم، وفق اقتراح ترمب، ذلك أن طردهم يتيح لهم العودة إلى ممارسة الإرهاب في أماكن أخرى. أما مؤشرات المصالحة التركية المحتملة مع الأكراد داخل تركيا فلا تثبت أن الطموحات العثمانية الجديدة الخاصة بأردوغان، والتي تستهدف المناطق الكردية داخل سوريا وخارجها قد انحسرت. وعلى ذلك، ينبغي أن تبقى القوات الأميركية في الشمال الشرقي لسوريا إلى أن يثبت حسن نية "هيئة تحرير الشام" بشكل كامل. وأخيراً، ينبغي على سوريا طرد روسيا من قاعدتها البحرية في طرطوس وقاعدتها الجوية في حميميم المجاورة. ذلك أن عدوان روسيا غير المبرر على أوكرانيا عام 2022، فضلاً عن دعمها الطويل للأسد، يثبتان مدى خطورة الوجود العسكري الروسي الواسع النطاق في سوريا. باختصار، لا يزال أمام الشرع ونظام "هيئة تحرير الشام" الذي يترأسه طريق طويل قبل أن يستحقا اعترافاً كاملاً وشرعية من الولايات المتحدة. هذه "الصفقة" لم تبرم بعد.

هيمنة للتنين الصيني فوق أفريقيا بأجنحة "مال الاستثمارات"
هيمنة للتنين الصيني فوق أفريقيا بأجنحة "مال الاستثمارات"

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

هيمنة للتنين الصيني فوق أفريقيا بأجنحة "مال الاستثمارات"

تسعى الصين التي تتزاحم مع المعسكر الغربي في مقدمه الولايات المتحدة إلى تعزيز نفوذها السياسي في أفريقيا، وذلك بعدما كان دورها يقتصر على الاستثمارات التي تضخها في كثير من الدول على غرار الكونغو الديمقراطية. وأخيراً، كشفت تقارير عن ضغوط مارستها الصين على دولتي مالاوي وغامبيا من أجل إجبار برلماني هاتين الدولتين على الانسحاب من قمة للتحالف البرلماني الدولي من أجل بكين وهو تحالف يضم أحزاباً وبرلمانيين من كثير من الدول، عُرف بتوجيه انتقادات لاذعة للسياسات الصينية. وليس هذا التحرك السياسي الأول للصين في أفريقيا، إذ تتواتر الزيارات لمسؤولي الحزب الشيوعي على كثير من الدول، وعادة ما تُعرض خلال تلك الزيارات "التجارب الناجحة" له من أجل الترويج إليها كبديل عن النموذج الديمقراطي الغربي. وكان الرئيس الصيني شي جينبينغ أكثر جرأة في هذا الشأن أخيراً عندما هاجم الغرب قائلاً إن "عملية التحديث التي يقودها الغرب في أفريقيا تسببت في معاناة كبيرة لشعوب المنطقة". ضغوط حقيقية أُسس التحالف البرلماني الدولي للصين عام 2020، وهو تحالف يثير هواجس لدى بكين خصوصاً أنه يعالج ملفات حساسة على غرار تايوان وقضايا حقوق الإنسان المتعلقة بها. ويرى الباحث في الشؤون السياسية بجامعة أنجمينا في تشاد، الحسن صالح محمد، أن "الضغوط الصينية تأتي بسبب مواقف هذا التحالف المعروف بمواقفه الناقدة لسياسات بكين، خصوصاً في ملفات حقوق الإنسان والسياسات التجارية والوضع في هونغ كونغ وغيره من الانتقادات الموجهة إليها". وأردف صالح في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أنه "لذلك سعت الصين إلى الضغط على بعض الدول خصوصاً الأفريقية الصغيرة للوقوف ضد هذا التحالف، وعُرف عن بكين أنها مخلصة دول القارة السمراء من هيمنة الغرب لا سيما في المجالات الاقتصادية والتجارية، فبعدما كانت الدول تُعامل بطريقة فيها كثير من الاستغلال أعطتها الصين مكانة من جهة التعامل بندية والمصالح المشتركة". واستدرك بالقول، "لكن بدأ التحول التدرجي للمشهد، فأصبحت الصين من مُعين ومُخلّص إلى مؤثر مباشر في الشؤون الأفريقية، إذ أصبحت تتدخل في الشؤون البرلمانية والسياسية وتضغط على بعض الدول للتدخل في قراراتها وهو ما حدث على سبيل المثال في الاجتماع الأخير إذ ضغطت على دول أفريقيا بالفعل". وشدد على أن "هناك ضغوطاً صينية حقيقية على الدول الأفريقية، لكنها غير مباشرة وغير تقليدية، إذ يمكن القول إنها ضغوط ناعمة وهي تأتي من خلال مثلاً التلويح بوقف الدعم أو الاستثمارات أو التأثير في النخب السياسية". أوراق ضغط في كثير من الأحيان حذرت تقارير دولية من أن الصين تستعمل "فخ القروض" من أجل إغراق دول أفريقية بها، وتُعد بكين الشريك التجاري الأكبر للقارة السمراء، إذ بلغت قيمة المبادلات بين الطرفين عام 2022 على سبيل المثال 250 مليار دولار. في المقابل، حققت الشركات الصينية عوائد هائلة من استثماراتها في البنى التحتية مثل بناء الجسور والطرقات والسكك الحديد، فعام 2022 حققت تلك الشركات أرباحاً وصلت إلى 40 مليار دولار. وقال صالح محمد إن "الاستثمارات الصينية في البنى التحتية في القارة في مجالات مثل الموانئ والسكك الحديد والكهرباء والمياه والزراعة تُمنح للدول الأفريقية بقروض ضخمة جداً وهو تمويل يمنح بكين أوراق ضغط على الدول". دفاع عن المصالح على رغم ذلك لا ترى الصين أنها تتدخل في الشؤون الداخلية والسياسية للدول الأفريقية، لكن ضغوطها الأخيرة تثير مخاوف في شأن ذلك خصوصاً إذا ما طلبت بكين تصويتاً محدداً للأفارقة في اجتماعات الأمم المتحدة أو غيرها. وتواجه الصين كثيراً من الانتقادات على الصعيد الأممي والدولي في شأن الوضع في هونغ كونغ وتايوان وغيرهما، وأخيراً، أعرب الرئيس التونسي، قيس سعيد، عن دعمه "وحدة جمهورية الصين الشعبية" من دون أن يذكر تايوان. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقالت الباحثة السياسية المتخصصة في الشؤون الآسيوية، تمارا برو، إن "للصين بالفعل مطامع في أفريقيا تتمثل في استغلال الموارد والمعادن النادرة الموجودة في القارة التي تحتاج إليها بكين من أجل تنمية اقتصادها والتحول نحو الطاقة النظيفة فضلاً عن رغبتها في قيادة الجنوب العالمي". وأوضحت تمارا في تصريح خاص أنه "مع ذلك تواجه الصين تحديات كبيرة في القارة، لا سيما المنافسة مع الولايات المتحدة التي تحاول منع تدفق المعادن النادرة على بكين وتقليل استثماراتها في أفريقيا". وبينت أنه "من المعروف أن الصين لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى لكن لديها قلق من الضغوط التي تمارسها واشنطن للحد من التمدد الصيني في القارة الأفريقية، والضغوط التي تمارسها أميركا بصورة خاصة على الدول للابتعاد عن بكين". ولفتت إلى أنه "بطبيعة الحال، ما دام للصين نفوذ في أفريقيا فإنه من البديهي أن تقاوم أي نشاط تقوم به الدول التي تستثمر فيها وتحاول الإضرار بمصالحها، وبكين لا تتدخل في الشؤون السياسية لكن إذا وجدت أن أي أمر أو تحرك يمكن أن يضر بمصالحها تتحرك لمنع ذلك".

إيران تتلقى مقترحا حول المحادثات النووية وخامنئي يشكك
إيران تتلقى مقترحا حول المحادثات النووية وخامنئي يشكك

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

إيران تتلقى مقترحا حول المحادثات النووية وخامنئي يشكك

نقلت وسائل إعلام رسمية عن نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي قوله اليوم الثلاثاء إن بلاده تلقت مقترحاً لجولة خامسة من المحادثات النووية مع الولايات المتحدة وتدرسه حالياً. كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب ذكر قبل أيام أن إبرام اتفاق نووي جديد مع طهران بات قريباً للغاية بعد تقديم مقترح إلى إيران، وأضاف أنه يتعين على الإيرانيين "التحرك بسرعة وإلا سيحدث أمر سيئ". وحذر ترمب طهران مراراً من أنها ستتعرض للقصف وعقوبات قاسية ما لم يتم التوصل إلى تسوية في شأن البرنامج النووي الإيراني. وقال مسؤول إيراني لـ"رويترز" إن الجولة المقبلة من المحادثات قد تعقد في مطلع الأسبوع في روما، وإن كان ذلك لم يتأكد بعد. وعلى رغم أن المتحدث باسم وزير الخارجية قال إن طهران ستواصل المفاوضات، فإن المحادثات لا تزال على أرض غير صلبة نظراً إلى الخلاف بين إيران والولايات المتحدة في شأن مسألة تخصيب اليورانيوم. وقال مجيد تخت روانجي، وهو نائب آخر لوزير الخارجية الإيراني أمس الإثنين إن المحادثات ستفشل إذا أصرت واشنطن على تخلي إيران عن تخصيب اليورانيوم الذي تقول الولايات المتحدة إنه طريق محتمل لصنع قنابل نووية، وتقول طهران إن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية بحتة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وخلال فترة ولايته الأولى بين 2017 و2021، انسحب ترمب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية والذي فرض قيوداً صارمة على أنشطة تخصيب اليورانيوم في مقابل تخفيف العقوبات الدولية. وأعاد ترمب، الذي وصف اتفاق 2015 بأنه يخدم إيران، فرض عقوبات أميركية شاملة على طهران التي ردت بزيادة تخصيب اليورانيوم. وفي السياق ذكرت وكالة "مهر" للأنباء أن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي عبر اليوم الثلاثاء عن شكوكه في شأن ما إذا كانت المحادثات النووية مع الولايات المتحدة ستؤدي إلى اتفاق. وقال خامنئي خلال كلمة ألقاها في ذكرى وفاة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي "لا أعتقد أن المحادثات النووية مع الولايات المتحدة ستؤدي إلى نتائج، لا أعلم"، مؤكداً أن حرمان إيران من حق تخصيب اليورانيوم سيكون "خطأً فادحاً". ووجه خامنئي حديثه إلى الولايات المتحدة قائلاً "امتنعوا عن تقديم مطالب تثير الحفيظة، مضيفاً "القول إنكم لن تسمحوا لإيران بتخصيب اليورانيوم مطلب مبالغ فيه".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store