logo

أوروبا تستعد لـ 'حرب تعرفات' مع أمريكا لكنها تفضل تفاهماً على الصيغة اليابانية!سعيد محمد

ساحة التحريرمنذ 14 ساعات
أوروبا تستعد لـ 'حرب تعرفات' مع أمريكا لكنها تفضل تفاهماً على الصيغة اليابانية!
يسعى الاتحاد الأوروبي جاهداً لتفادي حرب تجاريّة مع الولايات المتحدة عبر صفقة تعرفات متبادلة على غرار الاتفاق الأمريكي الياباني الأخير مع احتفاظه بحزمة إجراءات انتقامية حال تعثر المفاوضات
سعيد محمد*
تتجه العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة نحو منعطف حرج، مع اقتراب الموعد النهائي – الأول من أغسطس/ آب الجاري – الذي حدده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض تعرفات جمركية بنسبة 30% على الواردات من التجمع الأوروبي المكوّن من 27 دولة. ومع أن المفاوضات لا تزال جارية على قدم وساق سعياً إلى التوصل إلى اتفاق حل وسط، إلا أن الاتحاد الأوروبي يستعد للأسوأ، مجهزاً ترسانة من الإجراءات الانتقامية التي يمكن تفعيلها بسرعة وبأقل قدر من التشاور بين الدول الأعضاء، في حال إخفاق المفاوضات، أو عدم التزام واشنطن بأي اتفاق يتم التوصل إليه.
وكانت الدول الأعضاء قد صوتت في خطوة استباقية لصالح فرض تعرفات جمركية تصل إلى 30% على واردات أمريكية بقيمة 93 مليار يورو، على أن يبدأ سريانها في السابع من أغسطس/آب. وعلى الرغم من ارتفاع بورصة التوقعات بقرب التوصل إلى اتفاق مع واشنطن بحلول الأول من أغسطس/آب المقبل، فإن هذه التعريفات لن تُلغى بالكامل، بل ستُعلّق، ما يتيح للاتحاد الأوروبي تفعيلها بسرعة في حال عدم التزام الجانب الأمريكي بالبنود المتفق عليها. وتدعي يروكسيل (عاصمة الاتحاد الأوروبي) أن هذا النهج يجسد استراتيجية أوروبية موحدة للتفاوض بجدية، مع الاحتفاظ بقوة الردع، على أن الواقع يشير إلى تباينات في مواقف بعض الدول، مثل ألمانيا وإيطاليا، التي تميل إلى قبول الصفقة لتجنّب مواجهة شاملة بسبب اعتماد صناعاتها التصديرية بشكل كبير على السوق الأمريكي، فيما تخشى دول أخرى من 'الاستسلام لابتزاز تجاري' سيُكرّس نمطاً خطيراً في العلاقات الدولية.
ونقلت صحف لندن عن أحد الدبلوماسيين الأوروبيين قوله بأن 'أولويتنا الأولى، والثانية، والثالثة، هي التوصل إلى تفاهم عبر التفاوض. لكننا لن نتردد في استخدام جميع الأدوات المتاحة لنا في حال تعثر الاتفاق أو عدم الالتزام به'.
وتستهدف التعرفات الانتقامية الأوروبية مجموعة واسعة من المنتجات الأمريكية، بما في ذلك طائرات بوينج، الجينز، الدواجن، وفول الصويا، بالإضافة إلى فرض رسوم على خردة المعادن الأمريكية التي تستخدمها أوروبا في صناعة منتجات الصلب الجديدة. ويقول خبراء أن تصميم التعرفات الانتقامية يستهدف صناعات نافذة في ولايات انتخابية حساسة لمعسكر الرئيس ترامب.
وتتركز المفاوضات الجارية بين الجانبين حول صفقة تفرض 'رسوماً متبادلة' بنسبة 15% على معظم الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، على غرار الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخراً بين واشنطن وطوكيو. هذا الاتفاق، الذي وصفه دبلوماسي أوروبي بأنه 'ابتزاز مشروط'، يشير إلى استعداد الأوروبيين إلى قبول ما يشبه تسوية قسرية، سعياً لتجنّب الأسوأ.
وقد انعكست الآمال في التوصل إلى هذا الاتفاق إيجاباً على الأسواق الأوروبية، حيث سجل مؤشر يترصد حركة أسهم 600 شركة أوروبيّة أعلى مستوى له منذ ستة أسابيع. وشهدت أسهم شركات الأدوية والسيارات، التي قد تستفيد من تعرفات أقل مما هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرضه، مكاسب ملحوظة.
وأشار إيمانويل كاو، رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك باركليز، إلى أن الأسواق 'تأثرت بسبب عدم اليقين بشأن التعرفات لفترة طويلة'، وأنها تشعر الآن 'بالارتياح' لكون السيناريو الأسوأ المتمثل في رسوم متبادلة بنسبة 30% أصبح أقل ترجيحاً.
وتتضمن الصفقة المحتملة إعفاءات لبعض المنتجات، مثل الطائرات، والمشروبات الروحية، والأجهزة الطبية، من التعرفات. وأكدت مصادر المفوضية الأوروبية، المسؤولة عن سياسة التجارة في الاتحاد الأوروبي، أن 'الاتصالات المكثفة على المستويين الفني والسياسي مستمرة يومياً'، وأنها تميل إلى الاعتقاد بأن 'النتيجة التفاوضية في متناول اليد'.
وفرضت إدارة ترامب بالفعل تعرفة جمركيّة إضافية بنسبة 10% على السلع الأوروبية المصدرة إلى الولايات المتحدة منذ أبريل/نيسان، بالإضافة إلى الرسوم الحالية التي يبلغ متوسطها 1.6%. وتأمل بروكسيل أن تعرفة الـ 15% الدنيا المطروحة ضمن الاتفاق الإطاري موضوع التفاوض ستشمل هذه الرسوم الحالية. وتتمثل أولوية مفاوضي الاتحاد القصوى في خفض الرسوم المفروضة على السيارات الأوروبية، والتي تبلغ 27.5% حالياً.
في المقابل، تعتبر الولايات المتحدة أن تعرفاتها الجديدة تعكس 'مبدأ المعاملة بالمثل'. وتُظهر أرقام الفائض التجاري الأوروبي مع الولايات المتحدة – والذي يصل إلى عشرات المليارات من الدولارات سنوياً – أن واشنطن تشعر بضغط داخلي لإعادة التوازن في التبادل التجاري مع حلفائها، ولو عبر أدوات خشنة.
ويعبر الدبلوماسيون الأوروبيون عن حذرهم من أن الرئيس ترامب قد يفرض تعريفات أعلى على منتجات حساسة أخرى في المستقبل، مثل الأدوية والأخشاب، وهي تهديدات سبق أن أطلقها. كما تخضع واردات الصلب والألومنيوم الأوروبية لرسوم أمريكية بنسبة 50%، ولكن بروكسيل وواشنطن تناقشان حالياً تخفيض التعرفات على حصة ستكون مماثلة لمستويات التصدير الحالية.
بالإضافة إلى حزمة التعرفات الانتقامية، يدرس الاتحاد الأوروبي بجدية تفعيل ما يسمى ب'أداة مكافحة التعسّف ' (Anti-Coercion Instrument – ACI)، التي تمثل أقوى وسيلة لدى الاتحاد الأوروبي للرد على الضغوط الاقتصادية الخارجية. وقد تم تطوير هذه الأداة، التي لم تُستخدم من قبل، كجزء من استراتيجية الاتحاد الأوروبي لتعزيز قدرته على الرد على التعسف الاقتصادي، خاصة بعد مواقف مماثلة خلال ولاية ترامب الأولى وحادثة فرض الصين قيوداً على الواردات من ليتوانيا بعد فتحها مكتب تمثيل في تايوان.
وتسمح أداة مكافحة التعسف للاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق، تتراوح من قيود التجارة والاستثمار إلى العقوبات على حقوق الملكية الفكرية، ضد دول تُمارس ضغوطاً تجارية أو سياسية على دول الاتحاد، وتكمن قوتها في أنها لا تتطلب موافقة بالإجماع من الدول الأعضاء لفرض القيود التجارية، مما يسهل عملية تفعيلها مقارنة ببعض الأدوات الأخرى.
وعلى الرغم من أن تفعيل هذه الأداة يتطلب عدة خطوات، بدءاً من تحقق المفوضية الأوروبية من وجود تعسّف اقتصادي خلال أربعة أشهر، ثم إجراء محادثات دبلوماسية، وصولاً إلى موافقة أغلبية مؤهلة من الدول الأعضاء (15 دولة تمثل 65% من سكان الاتحاد)، فإن مجرد التلويح بها يشكل ورقة ضغط قوية. ويمكن للاتحاد الأوروبي من خلالها فرض أو زيادة الرسوم الجمركية، وتقييد الصادرات أو الواردات عبر الحصص أو التراخيص، وفرض قيود على تجارة الخدمات، وتحديد وصول الشركات من الدولة المستهدفة إلى المناقصات العامة، والاستثمار الأجنبي المباشر، وحقوق الملكية الفكرية، وحتى الأسواق المالية في دول الاتحاد.
وهكذا بينما تتجه المفاوضات نحو التوصل إلى اتفاق يبدو بشكل عام أقل ضرراً من عدمه، فإن استعداد بروكسيل لتفعيل تدابير انتقامية صارمة، وتلويحها بـالخيار النووي – عبر أداة مكافحة التعسّف -، تضع مصالح الأعمال على جانبي الأطلسي في حال توجس من حرب تعرفات ما تزال رغم كل شيء محتملة، وقد تؤثر حال اندلاعها بشكل كبير على الاقتصادات الأوروبية المحليّة، والأسواق العالمية، وتتسبب باضطرابات حادة لسلاسل الإمداد الدولية.
لندن
أوروبا تستعد لـ 'حرب تعرفات' مع أمريكا لكنها تفضل تفاهماً على الصيغة اليابانية
‎2025-‎07-‎27
The post أوروبا تستعد لـ 'حرب تعرفات' مع أمريكا لكنها تفضل تفاهماً على الصيغة اليابانية!سعيد محمد first appeared on ساحة التحرير.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يعلن التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي
ترامب يعلن التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي

وكالة أنباء براثا

timeمنذ 5 ساعات

  • وكالة أنباء براثا

ترامب يعلن التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأحد، عن التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي. وقال ترامب في كلمة له، "فتح أسواق جميع دول الاتحاد الأوروبي أمام المنتجات الأمريكية". وأضاف "الاتحاد الأوروبي سيشتري طاقة من الولايات المتحدة بقيمة 150 مليار دولار"، كاشفا "توصلنا لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي وسنفرض رسوما جمركية بقيمة 15%". ومنذ كانون الثاني الماضي، اعتاد العالم على إعلان الرئيس ترامب للرسوم الجمركية ثم التراجع عنها، أو سحبها في اللحظة الأخيرة، أو تعليقها بعد وقت قصير من بدء تنفيذها.

الاسكتلنديون يستقبلون ترامب بالاحتجاجات
الاسكتلنديون يستقبلون ترامب بالاحتجاجات

وكالة الصحافة المستقلة

timeمنذ 5 ساعات

  • وكالة الصحافة المستقلة

الاسكتلنديون يستقبلون ترامب بالاحتجاجات

المستقلة/-شهدت العاصمة الاسكتلندية إدنبرة تجمعات احتجاجية واسعة، تزامناً مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البلاد في زيارة تشمل جولات تجارية ولعب الغولف، في حين كان من المقرر تنظيم احتجاجات في مدن بريطانية أخرى، ضمن إطار ما يُعرف باسم 'ائتلاف وقف ترامب'. وتجمع مئات المحتجين أمام القنصلية الأميركية في إدنبرة، حيث احتشدوا في الشارع المظلّل بالأشجار، رافعين لافتات ترفض زيارة ترامب، بينما تعاقب الخطباء على منصة مؤقتة لوصفه بـ'غير المرحّب به'، والتنديد باستقباله الرسمي في المملكة المتحدة. كما وجه المحتجون انتقادات لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بسبب اتفاق تجاري تم التوصل إليه مؤخراً مع الولايات المتحدة لتفادي فرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع البريطانية، واعتبروا أن الاتفاق يُمثل تنازلاً أمام الضغوط الأمريكية، ويتعارض مع المبادئ التي تدّعي بريطانيا التزامها بها. ومن بين المشاركات في المظاهرة جون أوسبورن (52 عاماً)، مصوّرة ومؤرخة فنية من إدنبرة، التي ارتدت عباءة حمراء وغطاء رأس أبيض مستوحى من رمزية مسلسل 'حكاية الجواري'، كتعبير عن مخاوف من التراجع في الحريات المدنية. وقالت: 'أعتقد أن هناك الكثير من الدول التي تشعر بالضغط من ترامب، وتشعر أنها مضطرة لقبوله، لكننا لا يجب أن نقبله هنا'. ورفعت صورة لترامب عليها عبارة 'قاوموا' مطبوعة على وجهه. وأُعلن عن نية تنظيم احتجاجات في مدن بريطانية أخرى، حيث توحد عدد من النشطاء البيئيين، ومعارضين للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، ومؤيدين للقضية الفلسطينية، وجماعات تضامنية مع أوكرانيا. ورغم حجم التجمع في إدنبرة، فإن أعداد المتظاهرين لم تصل إلى المستوى الذي شهدته الاحتجاجات الواسعة خلال زيارة ترامب السابقة إلى اسكتلندا عام 2018، عندما خرج آلاف المواطنين في مظاهرات ضخمة. وخلال زيارته الحالية، أمضى ترامب جزءاً من يومه في لعب الغولف في ملعب 'تيرنبيري' على الساحل الجنوبي الغربي لاسكتلندا، وهو ملعب تاريخي استحوذت عليه شركة عائلة ترامب عام 2008. وشارك في الجولة ترامب وابنه إريك، إلى جانب السفير الأمريكي لدى بريطانيا، وارن ستيفنز. ومن المقرر أن يجري ترامب خلال الزيارة محادثات تجارية مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تتركز على العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. كما سيزور ترامب ملعب غولف آخر تابع له في منطقة أبردين بشمال شرق اسكتلندا، حيث من المخطط له أن يُدشّن رسمياً الملعب الثاني تحت علامته التجارية في حفل من المقرر أن يُقام يوم الثلاثاء. المصدر:يورونيوز

ترامب: سنقدم مزيداً من المساعدات إلى غزة
ترامب: سنقدم مزيداً من المساعدات إلى غزة

الأنباء العراقية

timeمنذ 5 ساعات

  • الأنباء العراقية

ترامب: سنقدم مزيداً من المساعدات إلى غزة

متابعة - واع أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الأحد، بأن الولايات المتحدة ستقدم مساعدات إضافية إلى غزة، مشيرًا إلى أنه على الاتحاد الأوروبي المساهمة أيضا. وقال ترامب في تصريحات صحفية، تابعتها وكالة الأنباء العراقية (واع): إن "الولايات المتحدة ستقدم مساعدات إضافية إلى غزة والاتحاد الأوروبي يجب أن يساهم أيضًا". وأضاف "قدمنا 60 مليون دولار قبل أسبوعين لإدخال أغذية إلى غزة ولم يشكرنا أحد"، مضيفًا "لا أعلم ما الذي قد يحدث في غزة، و يجب على (إسرائيل) ان تتخذ قرارًا حاسمًا بشأن الوضع في غزة". واختتم تصريحاته بالتأكيد على أن "ما يحدث في غزة يمثل معضلة دولية وليست أميركية، وأن جميع الدول معنية بتقديم المساعدة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store