
الصراع الهندي - الباكستاني... هل تُفتح أبواب الحرب الشاملة؟
بلغ التصعيد الهندي – الباكستاني ذروته، ووصل إلى مستوى الضربات العسكرية، بعد قصف متبادل أدّى إلى مقتل مدنيين وفق الإعلانات الرسمية، وشل حركة الطيران، وهي الحلقة الأحدث في مسلسل التوتر الآخذ بالتعقيد منذ أسابيع على خلفية هجمات طالت إقليم كشمير المتنازع عليه، والعين على مستقبل هذا الصراع الذي يُنذر بأن يصير نووياً.
وفي سياق التوتر، لم تلجأ الهند إلى الضربات العسكرية فحسب، بل شنّت حرب مياه على باكستان، وأعلنت أنها "ستقطع مياه" الأنهر التي تنبع من أراضيها وتروي باكستان، وعلّقت مشاركتها في معاهدة لتقاسم المياه أبرمت سنة 1960 مع جارتها اللدودة التي اعتبرت قطع المياه "عملاً حربياً"، ما ينذر بتفاقم الأزمة واحتمال أن تصبح أكثر شمولية.
احتمالات التهدئة والتصعيد
ويشير المسؤول السابق عن العمليات الخاصة ومكافحة الإرهاب في وزارة الدفاع الأميركية أليكس بليتساس إلى وصف وزارة الدفاع الهندية عمليتها بأنها "مركزة ومدروسة وغير تصعيدية"، مؤكداً أنها استهدفت فقط "البنية التحتية للإرهاب"، مثل معسكرات التدريب في مظفر آباد وكوتلي، وتجنبت المنشآت العسكرية أو الحكومية الباكستانية.
ويتحدث عن العملية، فيلفت إلى استخدام القوات الهندية صواريخ دقيقة، وعدم اختراق المقاتلات المجال الجوي الباكستاني، ما يشير إلى "ضبط النفس الهادف إلى منع نشوب صراع أوسع"، وهو ما يوافق عليه سروجان بالكار، الباحث في الشؤون الهندية العالمية في المجلس الأطلسي، الذي لا يرى "نوايا تصعيدية" من جهة الهند، مستبعداً "التصعيد الفوري أو التعبئة".
إن إجراءات الهند العسكرية كان هدفها "تحييد التهديدات المباشرة مع تقليل خطر التصعيد". ومن خلال تصوير الضربات علناً على أنها تركز على مكافحة الإرهاب وتجنب الأهداف السيادية الباكستانية، فقد سعت نيودلهي إلى الحد من الضغط الانتقامي على إسلام آباد، حسب تحليل بليتساس، الذي نشره المجلس الأطلسي.
ثمّة إجماع على أن الضربات الهندية كانت "مدروسة" لتفادي التصعيد. ووفق تحليل لمجلة "الإيكونوميست"، فإن "كل شيء يبدو مدبراً لتقليل خطر اندلاع حرب شاملة"، فالهند قالت إن ضرباتها كانت "مركزة ومدروسة وغير تصعيدية"، وأشارت إلى أنها لم تضرب القوات المسلحة الباكستانية، ولا أهدافاً اقتصادية أو مدنية، وهذا يُشير إلى أن "الهند حريصة على توفير منفذٍ لباكستان".
صحيفة "الغارديان" البريطانية نقلت رؤية معظم المحللين بأن "هذه المواجهة هي الأخطر في السنوات الأخيرة"، لكنها أشارت إلى أن هذا الواقع "لا يعني أن الحرب حتمية". وبتقديرها، فإن وجود الأسلحة النووية لدى الطرفين "يشكّل رادعاً"، وترى أن تأكيد الهند ضرب "معسكرات إرهابية معروفة"، وليس أهدافاً عسكرية أو مدنية، هو محاولة لوصف هجومها بأنه "خاتمة المواجهات وليس بدايتها".
الباحثون يعودون إلى نمط الحروب بين باكستان والهند لمحاولة قراءة مستقبل التصعيد الحالي، والتي وقعت في الأعوام 2001 و2016 و2019، وبتقدير بليتساس، يحاكي تصميم عملية "سيندور" الهندية الحالية ضربات الهند في عامي 2016 و2019، والتي استهدفت المسلحين دون إشعال حرب شاملة، ما يشير إلى نمط من ردود الفعل المدروسة.
كرة التصعيد في ملعب باكستان، كونها الطرف الذي يرد على الهجمات الهندية. وبالعودة إلى "الغارديان"، فإن السؤال المطروح هو "هل ستتجنب إسلام أباد الأهداف التي قد تُسفر عن خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين؟"، وبتقديرها، يبدو أن هذه هي النتيجة الأكثر ترجيحاً، مهما كانت حدة الخطاب، لكنها تذكّر بأن "أي خطأ في التقدير قد يُطلق شرارة حرب شاملة".
عوامل تمنع التصعيد
ثمّة عوامل من شأنها تخفيف حدّة التصعيد يتحدث عنها بليتساس، العامل الأول هو "إدراك الطرفين لقدراتهما النووية"، والعامل الثاني هو الضغوط الديبلوماسية الجارية، إذ لا تزال القنوات الديبلوماسية، بما في ذلك الاتصالات الخلفية، مفتوحة، وتُظهر السوابق التاريخية أن كلا الجانبين قادر على تهدئة التوتر بعد إجراءات محدودة، لافتاً إلى مصلحة مشتركة للطرفين "لاحتواء الأزمة".
وفي السياق، لا تخدم الحرب الشاملة أياً من الطرفين، فالقوة العسكرية الباكستانية تقابلها هشاشة الوضع الاقتصادي والعمل العسكري سيقوّض تركيز البلاد على جذب الاستثمار الأجنبي. والهند، التي تُرسّخ مكانتها كقوة اقتصادية عالمية ناشئة، لا تستطيع تحمّل عدم الاستقرار، وفق منال فاطمة، وهي مساعدة مدير في مبادرة "سكوكروفت" لأمن الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي.
في المحصلة، فإن ثمة إجماعاً على أن الجارتين اللدودتين ليستا في وارد التصعيد وصولاً إلى الحرب الشاملة التي لا تخدم أحداً، والتجارب السابقة تثبت أن الحروب بينهما محدودة، لكنها متكرّرة ومن المتوقع أن تشتعل من جديد طالما أن الحلول الجذرية غائبة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ يوم واحد
- سيدر نيوز
'حلفاء رئيسيون لإسرائيل يهددون بالتحرك بشأن كارثة غزة، فلماذا لا تتحرك واشنطن؟'
في جولة الصحافة اليوم، نستعرض ثلاثة مقالات من صحف عالمية تناولت الحرب في غزة، واقتصاد سوريا في مرحلتها الانتقالية، والمفاوضات بين روسيا وأوكرانيا لوقف الحرب بوساطة أمريكية. نبدأ جولتنا الصحفية من صحيفة الغارديان البريطانية، ومقال للكاتب جوزيف جيديون الذي يبدأه مستنكراً عدم تحرك واشنطن إزاء إعلان إسرائيل شن 'هجوم غير مسبوق' على خان يونس جنوبي قطاع غزة، في الوقت الذي تهدد فيه كندا ودول أوروبية باتخاذ 'إجراءات ملموسة' إذا لم تخفف إسرائيل من هجومها. ويرى الكاتب أن الولايات المتحدة تواصل دعم إسرائيل علناً، رغم كل الضغوط التي يمارسها الرئيس دونالد ترامب لإدخال المساعدات إلى القطاع. ويقول الكاتب إن 'المعارضة الأمريكية خافتة إلى حد كبير إزاء وعود إسرائيل بتدمير غزة، في وقت تواجه فيه الأراضي المحتلة واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العالم'، مستنداً إلى بيانات منظمة الصحة العالمية بهذا الشأن. في المقابل، يُدرج كاتب المقال موقفاً آخر للأمريكيين من خلال مؤشرات استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب في مارس/آذار الماضي، تُظهر أن التعاطف مع الفلسطينيين ارتفع إلى 33 بالمئة، وهو 'مستوى قياسي'، مقارنة بالأرقام السابقة. وفي هذا الإطار، يستعرض الكاتب مواقف مشرعين تقدميين قال إنهم يعارضون الخطاب العام في واشنطن، من بينهم النائبتان ديليا راميريز، التي اعتبرت ترامب ونتنياهو 'ثنائي متطرف وغير مسؤول'، وإلهان عمر، التي رأت أن الفصل الأخير من حرب غزة 'وصمة عار أخلاقية أخرى غير مقبولة'، بحسب تصريحات أدلت بها النائبتان للصحيفة. ماذا نعرف عن 'الاتفاقيات الإبراهيمية' وتأثيرها في منطقة الشرق الأوسط؟ هل تستطيع إسرائيل تجاهل القانون الدولي والبقاء في غزة؟ ويرى الكاتب أن قرارات الكونغرس لا تعدو كونها إشارات رمزية تهدف إلى التعبير عن الرأي العام، لكنها تفتقر لأي قوة قانونية فعلية. وفي هذا السياق، يقول الكاتب إن ثأثير المشرعين على مسار السياسات يبقى محدوداً، وهو ما يعكس الهوّة المتزايدة بين النخب السياسية والرأي العام الأميركي. ويقول: 'خفوت الحركة الشعبية الداعمة لحقوق الفلسطينيين – نتيجة الحملة القمعية التي شنّتها إدارة ترامب على الجامعات بعد احتجاجات العام الماضي – قد خفف من الضغط الشعبي الذي كان من الممكن أن يُرغم السياسيين على التحرك'. وعلى الجانب الإسرائيلي، يستعرض الكاتب محاولة من نتنياهو لتخفيف الضغط الدولي بإعلانه استئناف إدخال كميات 'محدودة' من المساعدات لغزة – وهي الخطوة التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها لا تتجاوز 'قطرة في محيط' المأساة الإنسانية. ويختتم الكاتب بالسؤال: هل ستتحول الأصوات الأمريكية المطالبة بتغيير السياسة وإنهاء الحرب إلى واقع فعلي؟ هل نحتاج معجزة اقتصادية في سوريا؟ يرى الكاتب عصام شحادات أن سوريا، بعد سقوط حكم بشار الأسد قبل خمسة أشهر، تقف أمام تحدٍ بحجم معجزة. فالبلاد، كما يصوّر، خرجت من حكم استبدادي دام لعقود بـ 'كومة من الحطام الاقتصادي' تتطلب جهوداً شبه خارقة لإزالتها، ويقارن البعض حجم الدمار بما واجهته ألمانيا واليابان عقب الحرب العالمية الثانية، في إشارة إلى ضخامة المهمة المنتظرة. ويشير الكاتب في مقاله بصحيفة 'ديلي صباح' التركية، إلى أن أكثر كلمة تتردد في سوريا اليوم هي 'إعادة الإعمار'، وهي ليست فقط عملية عمرانية، بل مشروع متكامل لإعادة بناء الدولة والمواطن. ويقول: 'إنه مشروع شاق يبدأ من الصفر، وسط اقتصاد منهار، وفقر يكاد يصل إلى المجاعة، ودولة عاجزة عن تقديم خدماتها الأساسية'. ويؤكد الكاتب أن النظام السابق لم يكن لديه أي نية للإصلاح، بل استخدم موارد الدولة لخدمة آلة الحرب والقمع. ويضيف: 'ما تبقى من الثروة الوطنية تم تسخيره لعسكرة الاقتصاد، وتحولت القيمة المضافة إلى محرّك للتدمير والانهيار'. ويتساءل شحادات: 'كم من الوقت تحتاج سوريا لتنهض من ركامها؟' ويرى أن العودة إلى مستوى ما قبل الحرب قد يستغرق عقداً من الزمن – هذا في حال توفر الاستقرار السياسي والدعم الدولي. ومع أن رفع العقوبات الغربية، خاصة الأمريكية، أتاح بعض الانفراج في حركة الأموال والاستثمارات، إلا أن إعادة بناء اقتصاد بهذا الحجم تحتاج ما هو أكثر من مجرد رفع القيود، بحسب شحادات. ويستحضر الكاتب التجربة الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية كنموذج يمكن التعلم منه، مشيراً إلى أن 'المعجزة الألمانية' لم تكن عشوائية، بل نتاج تخطيط اقتصادي محكم، ودعم مالي عبر 'خطة مارشال'، واستثمار في التعليم والبنية التحتية. ويتساءل شحادات: 'هل يمكن أن تحقق سوريا معجزة اقتصادية؟' ثم يجيب: 'ولِمَ لا؟' إذا توفرت الشروط المناسبة. فبحسب رأيه، تمتلك سوريا مقومات حقيقية: رأس مال بشري متعلم، كفاءات صناعية، مغتربون متفوقون في الخارج، وموقع استراتيجي، إضافة إلى ثروات طبيعية وزراعية وفيرة. ويحذر الكاتب من التفاؤل المفرط، لافتاً إلى أن الواقع الجيوسياسي لسوريا أكثر تعقيداً مما واجهته ألمانيا. ويضيف: 'سوريا جارة لإسرائيل، التي لا تريد نهوضها، ولم تُحاسب ألمانيا على خلفية دينية أو أيديولوجية كما تُحاسب سوريا اليوم'، في إشارة من الكاتب إلى المعايير المزدوجة في التعامل الدولي. ويشير شحادات إلى أنه لا يدعو إلى 'مدينة فاضلة'، بل إلى 'أمل واعٍ'. ويرى في الختام أنه إذا توفر الالتزام الصادق بالعمل وإعادة البناء، فإن ثمار هذه الجهود سوف تظهر حتماً. جهود ترامب لتحقيق السلام في أوكرانيا مبنية على ثلاثة أوهام وفي صحيفة 'واشنطن بوست' الأمريكية، يرى الكاتب ديفيد إغناطيوس أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتعامل مع ملف الحرب الروسية الأوكرانية بعقلية الشعارات، وليس من خلال استراتيجية مدروسة جيدا. فتصريحه المتفائل 'دعوا العملية تبدأ!'، عقب مكالمته الهاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد يبدو واعداً للوهلة الأولى، لكن الكاتب يُشكّك في جدية الأسس التي تُبنى عليها هذه 'العملية'. ويشير إغناطيوس إلى أن حديث ترامب عن إمكانية التفاوض بين الطرفين مباشرة، دون تدخلات أو شروط مسبقة، يُعد نوعاً من 'التفكير السحري'. ويضيف: 'بوتين، في الواقع، يرفض حتى الآن فكرة وقف إطلاق النار، ومع ذلك يوافقه ترامب ضمنياً بأن 'الشروط يجب أن يتفاوض عليها الطرفان فقط لأنهما يعلمان التفاصيل'، وكأن تعقيد الصراع يُحل بالإيماءات الدبلوماسية لا بالخطط المدروسة'، بحسب الكاتب. ويرى الكاتب أنه يتعين على ترامب أن يكون أكثر تماسكاً في تنظيم عملية التفاوض، وإلا ستفشل، بحسب تعبيره. ويشرح: 'المبادرات الأمريكية بدأت باقتراحات لهدن محدودة تخص البنى التحتية ومناطق الملاحة، لكنها فشلت. ثم طُلب من الطرفين صياغة 'مسودات تفاهم' – لكنها كانت متناقضة تماماً. انتقل الفريق بعدها إلى محادثات مباشرة، والتي تعطلت في إسطنبول، ثم تحوّلت أخيراً إلى ما يمكن وصفه بـ 'عملية ترامب-بوتين'. ويقول إغناطيوس بلهجة ناقدة: 'يبدو أن ترامب يريد من الأطراف أن يحلّوا الأمر بأنفسهم'. ويصف هذه المقاربة بأنها 'عشوائية ومتغيرة باستمرار'، وهو ما يجعل فرص النجاح ضئيلة للغاية. ويرى الكاتب أن المشكلة الأكبر تكمن في عدم تقديم بوتن أي دليل على رغبته بالسلام، بينما يعزز ترامب قناعاته بأن أوكرانيا لا يمكن أن تكون دولة أوروبية، كما تريد، بل يجب أن تبقى تحت الهيمنة الروسية. أما المشكلة الثانية بحسب الكاتب، فهي فكرة ترامب بأن روسيا تمثل منجم ذهب اقتصادي محتمل للولايات المتحدة. ويرى الكاتب أنه لو كان لدى ترامب تقييم اقتصادي أكثر واقعية، لكان رأى رهاناً اقتصادياً أفضل في أوكرانيا. ويضيف: 'خلفت الحرب، رغم قسوتها، بيئة ابتكار في كييف قد تكون الأكثر إنتاجية في أوروبا. فبدلاً من شراء طائرات بدون طيار من إيران، تُصنّع أوكرانيا طائراتها الخاصة بشكل أكثر تطوراً'. والمشكلة الثالثة تتمثل في إمكانية إجبار أوكرانيا المتعثرة على الاستسلام، لكن اتضح أن لدى أوكرانيا ورقة ضغط قوية للغاية، وهي الدعم القوي من أوروبا، بحسب الكاتب. ويضيف: 'لن يتمكن ترامب من إجبار زيلينسكي على إبرام صفقة سيئة لأن حلفاءه الأوروبيين مستعدون للمقاومة'. ويرى أن لدى أوكرانيا فرصة مميزة في المفاوضات المقبلة، إذ لمس بوتن أن كييف مستعدة لمواصلة القتال بدعم من أوروبا. ويقول إن كبار حكومة زيلنسكي يريدون نجاح مبادرة ترامب للسلام، لكنهم يستعدون لاحتمال فشلها. مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.


النهار
منذ يوم واحد
- النهار
تخصيب اليوارنيوم يهدد المفاوضات النووية بين أميركا وإيران
فيما أجرت إيران والولايات المتحدة أربع جولات من المفاوضات في عُمان وإيطاليا للتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، وبدأ ممثلو إيران والاتحاد الأوروبي قبل أيام مشاورات في إسطنبول، أثارت تصريحات المسؤولين الأميركيين الأخيرة عن حظر تخصيب اليورانيوم في إيران حالة من الغموض بشأن آفاق المفاوضات المقبلة. الأسبوع الماضي، خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج، أعرب عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق مع إيران في وقت قريب، وكرر تصريحات علي شمخاني، مستشار قائد الجمهورية الإسلامية، التي قال فيها: "إذا رفعت أميركا جميع العقوبات عن إيران، فنحن مستعدون لتوقيع اتفاق معها". هذا الموقف من شمخاني، الذي يتولى مسؤولية لجنة اتخاذ القرار السياسي والأمني بشأن المفاوضات مع أميركا، وإعادة نشره من ترامب، كان إشارة إيجابية للاقتراب من اتفاق، بل وأثر بشكل جيد على أسواق المال والعملات في إيران. لكن تصريحات المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف بأن بلاده لا يمكن أن تسمح لإيران بامتلاك قدرة على تخصيب اليورانيوم، ألقت بظلالها على مسار المفاوضات ومواقف الطرفين. وقال ويتكوف في مقابلة مع شبكة "إي بي سي نيوز": "لدينا خط أحمر واضح وهو التخصيب. لا يمكننا السماح حتى بنسبة واحد بالمئة من القدرة على التخصيب، لأن التخصيب يمنح إيران إمكانية صنع قنبلة ذرية، وهذا لن نسمح به". رداً على هذه التصريحات، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال جلسة منتدى حوار طهران، بحضور ديبلوماسيين مقيمين في طهران، إن "امتلاك برنامج نووي سلمي هو حق لإيران، والتهديدات والعقوبات لن تجبرنا على تغيير هذا الموقف". من جانبه، وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي تصريحات ويتكوف بأنها "بعيدة عن واقع المفاوضات"، مضيفاً أن "المطالب غير الواقعية من إيران لن تؤدي إلى أي نتيجة". لكن الرد الأكثر حدة جاء من مجيد تخت روانجي، نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية وعضو فريق التفاوض، الذي قال: "لن نتنازل عن مسألة التخصيب بأي حال من الأحوال، وإذا كان هذا هو موقف أميركا، فمن الطبيعي ألا نصل إلى نتيجة". وأضاف أن "المواقف الأساسية تُطرح على طاولة المفاوضات". كذلك، شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية وعضو فريق المفاوضات إسماعيل بقائي على أن "التخصيب ليس موضوعاً يمكن أن يُطلب من إيران إيقافه أو تعليقه". وتابع: "نحن لا نطلب إذناً من أي دولة لتخصيب اليورانيوم على أراضينا، وأميركا ليست في موقع يسمح لها بإصدار تصريح بشأن حق أقرته معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) لنا". وأشار بقائي إلى التقلبات في مسار المفاوضات، قائلاً: "في كل جلسة تفاوض، نحرز تقدماً، لكن للأسف، بمجرد عودة المسؤولين الأميركيين إلى واشنطن يتبنون مواقف مختلفة تعقّد المفاوضات أكثر". ورداً على ادعاء ويتكوف بأن أميركا قدمت مقترحاتها مكتوبة لإيران، أكد بقائي أنه "لم يتم استلام أي مقترح مكتوب من الجانب الأميركي حتى الآن، وكل المقترحات كانت شفهية". وذكر بقائي أيضاً اقتراح إنشاء كونسورتيوم مع دول عربية في المنطقة لإنتاج الوقود النووي بشكل مشترك، وقال إن طهران ترحب بهذا الاقتراح، لكنه لا يمكن أن يكون بديلاً عن التخصيب داخل الأراضي الإيرانية. ونشرت صحيفة "الغارديان"، قبل أيام، تقريراً ذكرت فيه أن إيران طرحت فكرة تشكيل كونسورتيوم من دول الشرق الأوسط، يضم إيران والسعودية والإمارات، لتخصيب اليورانيوم. وخلال الأسابيع الماضية، ظهرت أنباء غير رسمية تفيد بأن إيران دعت الولايات المتحدة للاستثمار في برنامجها النووي لضمان طابعه السلمي، ولم يتم نفي هذا الخبر. علما أميركا وإيران (وكالات). من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، لشبكة "سي بي إس"، إن "التخصيب، أياً كان مستواه، يمكن أن يتيح لأي دولة الوصول بسرعة إلى المستوى المطلوب لصنع سلاح نووي". ويُشار إلى أن روبيو كان يتبنى منذ البداية مواقف سلبية ومتشددة تجاه إيران، ويُوصف بأنه يلعب دور "الشرطي السيئ" بين السياسيين الأميركيين، لكن طرح حظر التخصيب من ويتكوف، الذي يُعتبر "الشرطي الجيد"، زاد من القلق. وكان ويتكوف قد أثار هذا الموقف سابقاً بعد الجولة الثانية من المفاوضات، لكن المفاوضات استمرت بشكل جيد على عكس التوقعات. إنما هذه المرة، مع تصريحات المسؤولين الإيرانيين والأميركيين، وصل الخلاف بشأن تخصيب اليورانيوم إلى نقطة حساسة، ويبدو أنه إذا استمر هذا الموقف على طاولة المفاوضات، فقد تصل المحادثات النووية إلى طريق مسدود. وأعلن ويتكوف في المقابلة ذاتها أن الجولة الخامسة من المفاوضات ستُعقد قريباً في أوروبا، لكن المسؤولين الإيرانيين لم يعلقوا بعد على استمرار المفاوضات أو موعد ومكان انعقادها. ويبدو أن موقف ترامب سيكون حاسماً في مسار المفاوضات، وهو لا يزال يسعى للتوصل إلى اتفاق مع طهران، والجميع ينتظر لمعرفة موقفه بشأن تخصيب اليورانيوم في إيران، خاصة أن الوقت يمر لصالح تعثر الاتفاق. وتعدّ مواقف قادة البلدين مؤثرة للغاية في مسار المفاوضات، حتى أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، رغم تصريحات ترامب المعادية لإيران في السعودية، تجنب الإشارة إلى المفاوضات لئلا يؤثر سلباً على مسارها.


ليبانون ديبايت
منذ 4 أيام
- ليبانون ديبايت
مشهد استثنائي في قمة تيرانا: رئيس وزراء ألبانيا يجثو أمام ميلوني! (فيديو)
شهد لقاء رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، ورئيس وزراء ألبانيا، إيدي راما، الجمعة، خلال قمة المجتمع السياسي الأوروبي في العاصمة الألبانية تيرانا، مشهدًا غير مألوف خطف الأضواء وتحوّل إلى مادة تفاعلية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل. فمع وصول ميلوني إلى السجادة الحمراء، جثا راما أمامها، واضعًا مظلته جانبًا، وضمّ يديه كما لو كان يصلي، قبل أن ينهض ويعانقها، وسط دهشة ميلوني التي ردّت ضاحكة: "لا يا إيدي!". ثم خاطبت الصحافيين مازحة: "إنه يفعل هذا فقط ليبدو بطوليًا!"، في إشارة إلى الفارق الكبير في الطول بينهما، إذ يبلغ طول راما نحو مترين، فيما لا يتجاوز طول ميلوني 1.60 متر. 🚨⚡️ غـير عـادي: رئيس وزراء ألبانيا إيدي راما "يركع على ركبتيه" في السجادة الحمراء أمام نظيرته الإيطالية الشقراء جورجيا ميلوني! بدايةً خرجت ميلوني من سيارتها ورفضت المظلة وسط المطر.. ليكتمل هذا المشهد الرومانسي قبيل القمة الأوروبية! 😁 — الموجز الروسي | Russia news 🇷🇺 (@mog_Russ) May 16, 2025 هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها راما، لاعب كرة السلة السابق، بمثل هذه اللفتات تجاه ميلوني، إذ كرر التصرف نفسه سابقًا في أبوظبي خلال تقديمه هدية عيد ميلادها، وكذلك خلال قمة أذربيجان عام 2024. وتعكس هذه المشاهد علاقة شخصية مميزة تجمع الزعيمين، رغم التباين السياسي بينهما، إذ ينتمي راما إلى الحزب الاشتراكي، بينما تمثل ميلوني التيار المحافظ في أوروبا. لكن هذا التصرّف الودي انقلب على النقيض تمامًا في اليوم التالي خلال لقاء راما مع رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر. فلم يُبدِ راما أي لفتة ودّية مشابهة، بل اصطدم الاثنان بمواقف حادّة بشأن ملف الهجرة. وفي مؤتمر صحافي مشترك، حاول ستارمر طرح خطة لتكرار نموذج مراكز احتجاز اللاجئين خارج بريطانيا، على غرار الاتفاق مع رواندا، قائلاً إن لندن تجري محادثات مع دول عدّة، من بينها ألبانيا. إلا أن راما قاطع المقترح بردّ ساخر أمام وسائل الإعلام قائلاً: "قلنا لا... نحن متزوجون من إيطاليا، وما تبقّى مجرد حب"، في تلميح حاد إلى الاتفاق الإيطالي ـ الألباني بشأن استقبال المهاجرين. الردّ الصادم أثار استياء أوساط حزب العمّال، فيما اغتنم حزب المحافظين الفرصة لانتقاد أداء ستارمر، معتبرين أن زيارته لم تسر وفق الخطة، وفق ما نقلته صحيفة "الغارديان". وجاءت هذه المشاهد في وقت تتصاعد فيه المعركة السياسية في بريطانيا حول ملف الهجرة، حيث يحاول ستارمر تشديد الخطاب لكسب التأييد الداخلي، وسط اتهامات له بالارتباك في السياسة الخارجية.