
«إسرائيل» تحاول تفجير «الانعطافة الكبرى» للأمريكيين في الشرق الأوسط
نشأ مفهوم «الانعطافة الكبرى» بعد زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط في أيار 2025، وهي زيارة أثارت العديد من النقاشات بسبب عدم تقليديتها: رفع جزئي للعقوبات عن سورية، وتوقيع اتفاقيات استثمارية ضخمة مع دول الخليج، والأهم من ذلك – غياب تام لمحطة «إسرائيل» عن جدول الزيارة.
يرى كثيرون أن هذا التغييب المتعمد «لتل أبيب»، وسط تجدّد القتال في غزة واستئناف المحادثات النووية مع طهران في نيسان، يُعد رسالة سياسية واضحة: واشنطن تتقصّد «تجاهل» حليفتها التقليدية، وتركّز بالمقابل على شركاء بديلين في الخليج.
عززت التطورات اللاحقة من زخم هذا الخطاب. ففي 31 أيار الماضي، كشفت وكالة «بلومبرغ» عن تقارير حصرية تفيد بأن أكبر صانع للرقائق الإلكترونية في العالم (شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات TSMC) التقت مراراً مع مؤسسة إماراتية كبرى تدعى MGX، بهدف بحث إمكانية إنشاء مصنع رقائق في الإمارات. تعني خطوة كهذه، لو تحققت، أن أبوظبي ستقترب من حلم أن تصبح مركزاً إقليمياً لصناعة الذكاء الاصطناعي، كما أنها تعني دمج الإمارات بشكل أعمق في سلسلة التوريد التقنية الأمريكية.
عند النظر إلى الصورة الأشمل: من جهود التهدئة في غزة، إلى فتح باب التفاوض النووي مع إيران، إلى تهميش «إسرائيل»، إلى التركيز على دول الخليج، إلى التخفيف من العقوبات على سورية، وأخيراً السعي لإقامة «تايوان عربية»... فإن هيكلية «الانعطافة» تبدو واضحة، وتقوم على منطق بسيط: ترامب يستعد للقطيعة مع تقليد دعم «إسرائيل» غير المشروط، ويفتح صفحة جديدة مع الدول العربية.
لكن حتى مع كل هذه المؤشرات، تبقى الحقيقة صعبة الهضم: لو كانت واشنطن تنوي فعلاً فك الارتباط مع «تل أبيب»، لماذا لم توقف المساعدات العسكرية؟ ولماذا لا تفرض أي عقوبات على انتهاكات «إسرائيل»؟ الحقيقة أن العلاقة بين الطرفين أكثر تعقيداً مما تبدو، ومتشابكة استراتيجياً لدرجة يصعب معها الانفصال التام والسريع.
بل حتى «انعطافة» ترامب، عندما نفككها إلى عناصرها، نجد أنها ليست خروجاً تاماً عن السياسات الأمريكية القديمة، بل استئنافاً مُشوّهاً لسياسات أوباما: إعادة الانفتاح على إيران، وتقليص الوجود العسكري في الشرق الأوسط، والاستثمار في الخليج، وتقوية النفوذ التكنولوجي في مواجهة الصين، وهي كلها كانت من سمات المرحلة الأوبامية، لا سيما في 2015 حين أبرمت واشنطن الاتفاق النووي مع طهران. والمفارقة أن ترامب نفسه، في ولايته الأولى، نسف هذه السياسات بالكامل: انسحب من الاتفاق النووي، وصعّد الضغوط القصوى على إيران، وأمر باغتيال قاسم سليماني.
الخليج، الرقاقات، وأمريكا: البُعد الجيوتقني للانعطافة
إذا نظرنا إلى التفاعل مع دول الخليج، وخصوصاً في مجال الرقائق، سنجد أن الانعطافة تنبع من ديناميكيات جيوسياسية حقيقية: انسحاب أمريكي تدريجي من الشرق الأوسط، وتَنافس خليجي داخلي بين السعودية والإمارات لتزعّم قطاع الذكاء الاصطناعي، ومحاولات أمريكية للحدّ من تغلغل الصين في المنطقة.
بالتالي، السعي إلى إنشاء مصنع TSMC في الإمارات ليس حدثاً اقتصادياً فقط، بل انعكاسٌ لمعادلات جيوسياسية دقيقة: الإمارات تريد أن تصبح لاعباً مركزياً في عالم ما بعد النفط، وأمريكا تريد حليفاً تقنياً موثوقاً في الخليج، والصين تراقب وتتحيّن فرص الدخول. لهذا فإن المصنع، رغم أهميته، يتوقف على استقرار المنطقة: لا استثمار في الرقائق حين تكون الصواريخ فوق الرؤوس.
وهنا تحديداً تكمن المفارقة المأساوية: لأن كل مفاصل الانعطافة الأمريكية – من تهدئة إيران، إلى دعم الخليج، إلى مشاريع أشباه الموصلات – تستند إلى شرط أساسي: ألّا تنفجر حرب شاملة بين إيران و«إسرائيل». وما حدث في 13 حزيران، هو تفجيرٌ لهذا الشرط.
نموذج كلاسيكي لإدارة غير مستقرة
إذا ما عدنا إلى الشهور الأخيرة، نرى أن الأطراف الأمريكية «المعتدلة» حاولت بطرق شتى خلق بيئة إقليمية أكثر استقراراً وأقل تصعيداً، سواء لمصلحة «إسرائيل» أو دول الخليج. لكن هذه المساعي كانت تواجه مراراً وتكراراً ارتدادات عكسية من «تل أبيب» ومن تيار الحرب في واشنطن، مما أدى في نهاية المطاف إلى التصعيد الكارثي يوم 13 حزيران.
إذا ما بدأنا بغزة، فبعد أن تعثّرت طروحات ترامب السابقة مثل «الإخلاء» أو «الوصاية»، عادت الإدارة الأمريكية إلى خيار أكثر شبهاً بخط بايدن: التهدئة أولاً، التركيز على مسألة الرهائن، ومحاولة إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل «عملية طوفان الأقصى»، دون الخوض في تعقيدات مثل حل الدولتين أو مستقبل حماس. هذه المقاربة، رغم مرونتها، لم ترضِ «تل أبيب»، التي استأنفت الحرب في آذار، فيما وقفت الإدارة في واشنطن عاجزة عن إيقافها.
أمّا في سورية، فمنذ سقوط سلطة الأسد، وبدافع الحدّ من نفوذ إيران وروسيا في دمشق، بدأت الولايات المتحدة حواراً مع السلطة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، تمثّل في رفع جزئي للعقوبات، ولقاءات مباشرة، وعودة رمزية للسفارة الأمريكية في دمشق. ورغم أنّ تجاوب السلطات السورية كان أكثر من إيجابي، لم ترضَ «تل أبيب» عن الخطوات المتَّخذة، فبادرت منذ كانون الأول للتوغل في جنوب سوريا، وأعلنت نيتها البقاء هناك. حتى بعد المصالحة الأميركية–السورية، واصلت «إسرائيل» قصف المواقع العسكرية داخل الأراضي السورية. وأمام ذلك، لم تحرّك واشنطن ساكناً.
وصولاً إلى ما يسمّى «الملف النووي الإيراني»: في آذار، أعلن ترامب عن رغبته في استئناف المحادثات، ولم تمانع طهران، بل أبدت تجاوباً حذراً. في 12 نيسان، انعقدت الجولة الأولى من المحادثات في عُمان، وتوصّل الطرفان إلى خطة من ثلاث مراحل. لكن بعد جولة ثانية في روما، بدأت الطائرات «الإسرائيلية» بإجراء تدريبات هجومية تحاكي قصف منشآت نووية إيرانية، في رسالة واضحة برفض الاتفاق، متذرعة بتعثر المفاوضات بسبب شرط «التخصيب الصفري» الذي أعلنت واشنطن تمسكها به. في 20 أيار، أعلن خامنئي رفضه التام لهذا الشرط، وكان ذلك أول تصريح علني له حول المفاوضات. ترامب ردّ بعدها مباشرة قائلاً إنه «لن يسمح لإيران بأي نشاط تخصيب».
في الأسبوع الأول من حزيران، وصلت الأزمة إلى ذروتها: أعلنت إيران في 9 حزيران عبر متحدث وزارة خارجيتها أنها سترسل مقترحاً إلى واشنطن عبر سلطنة عُمان. وفي اليوم التالي، كشف ترامب عن مكالمة هاتفية مع نتنياهو حول الملف النووي، قائلاً إنها أحرزت «تقدماً إيجابياً». في 12 حزيران، بدأت وسائل الإعلام تتحدث عن هجوم وشيك، ثم وقع الهجوم صباح 13 حزيران.
كل ذلك يدل على أن المسافة الزمنية بين محاولة إطلاق الحوار النووي والموافقة الضمنية على الهجوم «الإسرائيلي» لم تتجاوز الشهرين. وبين هذين التاريخين، انقلبت الإدارة الأمريكية من دبلوماسية مرنة إلى تصعيد صريح.
معضلة مستحكمة بلا حل؟
يعكس التحول السريع في موقف الإدارة الأمريكية – من الانفتاح إلى التصعيد – ليس فقط طبيعة سياسة ترامب المتقلبة، بل أيضاً تعقيد الملف النووي الإيراني نفسه، والذي يشبه إلى حد بعيد معضلة نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية.
بالنسبة «لإسرائيل»، فإنّ أيّ تفاوض بين واشنطن وطهران يُنظر إليه على أنه تهديد استراتيجي. صحيح أن «إسرائيل» حققت في الأشهر الماضية مكاسب ميدانية ضخمة، وقتلت قيادات عليا في «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وقصفت منشآت حيوية في غزة وبيروت وصنعاء وبغداد، إلا أن كل هذه العمليات لم تُنهِ الخطر. بل إن الحروب الموزعة على كل الجبهات تثبت أن خطر «محور المقاومة» ليس مرتبطاً بزعيم أو تنظيم، بل ببنية جيوسياسية قائمة.
في غزة، لا تزال «إسرائيل» تخوض حرب استنزاف ضد «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، تخللتها هدنات مؤقتة، لكن لم تستطع نزع سلاح المقاومة ولا الإفراج عن جميع الرهائن. في العراق، ورغم كلّ ما جرى، لم تتغيّر حقيقة أنّها نقطة انطلاق رئيسية في خارطة نفوذ طهران. وفي لبنان، رغم قتل قيادات حزب الله وتدمير لبنان والهدنة، إلّا أنّ حزب الله باشر بإعادة بناء قدراته العسكرية، في مشهد يعكس استعداداً لمعركة طويلة الأمد. وفي اليمن، لم تتمكن واشنطن من كبح الحوثيين بالكامل. وفي أيار 2025، تم التوصل إلى اتفاق هدنة بين واشنطن والحوثيين، لكن الاتفاق لا يشمل «إسرائيل»، ما يعني أن تل أبيب لا تتمتع بأي مظلة أمنية في هذا المسار.
من وجهة نظر «إسرائيل»، يشبه هذا الواقع تخصيب اليورانيوم الإيراني: طالما لم يتم تفكيك «محور المقاومة»، فإن التهديد قائم. ولذلك فإنها تعارض بشدة أي تحرك أمريكي يخفف من حدة التوتر مع طهران. هدف «تل أبيب» هو تثبيت هيكل المواجهة بين أمريكا وإيران، لتظل واشنطن «الضامن الأعلى» لأمن «إسرائيل» حتى زوال المحور وسقوط النظام الإيراني.
هل تستطيع «تايوان العربية» أن تبصر النور؟
أما دول الخليج، التي تبدو في الظاهر بعيدة عن هذه المواجهة، فهي في الواقع محاصَرة جغرافياً بين «محور المقاومة» و«إسرائيل»، وتواجه سؤالاً وجودياً: إلى متى يمكنها الوقوف على الحياد بأمان؟
يمتدّ تاريخ التنافس الجيوسياسي بين الرياض وطهران من سوريا إلى اليمن إلى الداخل الخليجي نفسه. كمثال، اندلعت أزمة قطر 2017 في جزء منها بسبب تقارب الدوحة مع طهران. لكن مآلات هذا التنافس كانت لصالح طهران. فالسعودية أعادت علاقاتها مع قطر، ثم مع سوريا، ثم مع إيران نفسها في 2023. والسبب؟ الإدراك بأن الولايات المتحدة في طريقها للخروج من الشرق الأوسط، وبالتالي لا يمكن كسب هذه المواجهة.
منذ ذلك الحين، انسحبت السعودية تدريجياً من حرب اليمن، وركّزت على مشاريعها التنموية في إطار «رؤية 2030»، بينما فضّلت الوقوف على الحياد تجاه التوترات بين «إسرائيل» و«محور المقاومة».
لكن بعد اندلاع حرب غزة، وجدت دول الخليج نفسها في موقف بالغ الحرج. هذه المفارقة تعكس جوهر معضلة الخليج: المصلحة تقتضي تجنّب الحرب، لكن الجغرافيا تلزمهم بالتورط بشكل غير مباشر.
«تايوان العربية» والمراهنة على الهدوء المؤجل
القلق في الخليج – وخصوصاً في السعودية والإمارات – له مبرراته العميقة. فهاتان الدولتان لا تمثلان فقط رأس الحربة في محاولات التحول الاقتصادي لما بعد النفط، بل تخوضان أيضاً سباقاً محموماً على لقب «مركز الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط».
سبق أن نشرت في كانون الأول 2024 مقالاً بعنوان «حرب الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط: السعودية مقابل الإمارات، والصين وأمريكا في قلب المعركة»، عرضتُ فيه كيف أن البلدين، بفضل ثروتهما النفطية وقدرتهما الاستثمارية، أصبحا ساحتين تتنافسان على اجتذاب شركات التقنية العالمية وتعزيز بنى تحتية قادرة على استضافة الجيل القادم من الصناعات فائقة التطور.
هذا التنافس الداخلي بات ميداناً آخر للصراع الجيوسياسي العالمي: الولايات المتحدة تسعى لضمان أن يكون الخليج منطقة خالية من النفوذ التكنولوجي الصيني، فيما تحاول الصين تكثيف حضورها عبر شراكات وشركات واجهة.
وفي هذا السياق، تندرج محاولة استقطاب شركة TSMC التايوانية، عملاق الرقائق، إلى المنطقة. ففي أيلول 2024، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مفاوضات متقدمة بين الإمارات من جهة، وشركتي TSMC وسامسونغ من جهة أخرى، لبناء مصنع للرقاقات في أبوظبي. لكن الولايات المتحدة، خشية من أن تجد الرقائق طريقها إلى الصين عبر الإمارات، سعت إلى فرض شروط رقابية صارمة.
حتى في حال تجاوز العوائق السياسية، تبقى التحديات اللوجستية هائلة: تأمين المياه فائقة النقاء، تأهيل العمالة المتخصصة، إنشاء شبكات طاقة مستقرة، وغيرها. باختصار، المسار طويل وشاق.
لكن بالنسبة للإمارات، فإن نجاح المشروع يعني الانتقال من مجرد مستورد للتكنولوجيا إلى منتِج ومُصدّر. وسيمكّنها من تعزيز الفارق مع السعودية، خصوصاً أن مشاريعها التكنولوجية تبدو أكثر نضجاً حتى الآن.
من هنا نفهم أهمية ما كشفته «بلومبرغ» في أيار 2025: إدارة ترامب تخلّت عن سياسة بايدن التي كانت تقاوم إنشاء المصنع في الخليج، وقررت – بدافع تعزيز التحالف مع أبوظبي – دعم الفكرة والمضي فيها. بهذه الطريقة، ستعزز واشنطن حضورها في سلسلة التوريد العالمية، وتكرّس الإمارات كحليف تكنولوجي، وتكافئها على الابتعاد عن الصين.
لكن... كما سبق وأشرنا، كل ذلك يتوقف على شرط أساسي: ألّا تقع حرب شاملة بين «إسرائيل» وإيران.
ولعل المثال الأوضح على هذه القاعدة، هو ما حدث في شرق آسيا: بعد تصاعد التوتر في مضيق تايوان، بدأت إدارة بايدن تضغط على شركة TSMC لنقل بعض قدراتها إلى أمريكا، في تحوّل من «درع سيليكوني» إلى «رهينة سيليكونية». الخطر المحتمل جعل المصنع هناك هدفاً استراتيجياً لا يمكن الركون إليه. وبالتالي، إذا تحوّل الخليج إلى ساحة حرب أو منطقة تهديد دائم، فلن يُنظر إليه كبيئة استثمار آمنة، وسينسحب المستثمرون فوراً – تماماً كما حصل في أوكرانيا بعد 2022.
هذا يعيدنا إلى جوهر استراتيجية ترامب في «الانعطافة الشرق أوسطية»: تهدئة العلاقة مع إيران، وتجميد النزاع مع «إسرائيل»، وتخفيض التهديد الأمني على الخليج، وفتح الطريق لمشاريع ضخمة مثل «تايوان العربية». لكن هذه الدائرة المحكمة، والتي لا تعمل إلا بوضع كل عناصرها معاً، تم نسفها بصاروخ واحد.
العودة إلى نقطة البداية
من الواضح أن ترامب – رغم كل تقلباته – كان يسعى لتكرار بعض ملامح استراتيجية أوباما: التخفيف من الانخراط العسكري، وفتح قنوات مع الخصوم، وتفعيل أدوات النفوذ غير المباشر. ورغم فارق الأسلوب، فالنية كانت واضحة: إعادة تموضع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بما يضمن مصالحها الحيوية بأقل تكلفة ممكنة.
لكن ضربة 13 حزيران، وما تبعها من تصعيد، أثبتت أن هذه «الانعطافة» لا يمكن لها أن تنجح ما دام العامل «الإسرائيلي» خارج الحساب، أو – بالأحرى – ما دام يُفترض به أن يصمت بينما طهران تفاوض، وسورية يتم شرعنتها، و«محور المقاومة» لا يزال قائماً.
النتيجة؟ إن واشنطن، التي كادت أن تبدأ مساراً جديداً، وجدت نفسها فجأة وقد عادت إلى النقطة ذاتها التي انطلقت منها قبل عامين: في قلب صراع مكلف، وبخطوات دبلوماسية غير مكتملة، وبشركاء خليجيين خائفين من الحريق المقبل، وبصورة تزداد فيها واشنطن عجزاً عن تأمين مسار ثابت في منطقة لا تقبل سوى المعادلات الصفرية. لتُثبت الصواريخ مرة أخرى أنها لا تقتل الناس فقط، بل تقتل أيضاً الاستراتيجيات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
نتنياهو: إسرائيل تعمل على تغيير وجه الشرق الأوسط
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، إن إسرائيل "تعمل على تغيير وجه الشرق الأوسط"، مؤكدا أن بلاده باتت "أقرب إلى تحقيق أهدافها" في إيران، وذلك بعد الضربات الأميركية الأخيرة التي استهدفت 3 مواقع نووية إيرانية. وأضاف نتنياهو في مؤتمر صحافي متلفز: "لقد حققنا الكثير، وبفضل الرئيس ترامب صرنا أقرب إلى تحقيق أهدافنا". وأشار إلى أنه "حين يتم تحقيق هذه الأهداف ستنتهي العملية". وأكد أن إسرائيل تقترب من هدفها بتدمير البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين، مشيرا إلى أن منشأة "فوردو" النووية الإيرانية "تضررت بشدة" جرّاء الضربات، وأن "نطاق الضرر لم يعرف بعد بشكل دقيق". وتابع قائلا: "نحن لا نسعى إلى حرب استنزاف، لكننا أيضا لن ننهي حملتنا قبل الأوان". وشدد على أن: "الحملة العسكرية في إيران لن تنتهي إلا بتحقيق الأهداف ولن نفعل أكثر مما هو مطلوب". وأوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي أن التنسيق مع الولايات المتحدة في هذه العملية أسفر عن تحقيق "إنجازات غير مسبوقة". واختتم نتنياهو قائلا: "لدينا معلومات استخباراتية عن أماكن احتفاظ إيران باليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة".

العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
مصادر إسرائيلية: سنقبل بوقف إطلاق النار مع إيران إذا وافق خامنئي
نقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن تل أبيب ستقبل بوقف النار مع إيران إذا وافق المرشد الإيراني علي خامنئي على ذلك. وقال مسؤولون إسرائيليون، اليوم الأحد، إن إسرائيل لا تسعى إلى إطالة أمد المواجهة مع إيران، وإن القرار الآن بيد المرشد الإيراني علي خامنئي. وأضاف أحدهم: "إذا أوقف خامنئي إطلاق النار غدا وأبدى رغبته بإنهاء الحادثة، فسنقبل بذلك". اتفاق نووي جديد وفيما يتعلق بإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي جديد، استبعدت المصادر الإسرائيلية هذا الخيار في الوقت الراهن، مشيرة إلى أن "فرص دخول إيران في مفاوضات الآن ضئيلة إن لم تكن معدومة". وبشأن التنسيق مع الولايات المتحدة، أكدت المصادر وجود تفاهمات بين الطرفين حول ما بعد الضربات، لكن التفاصيل ما تزال رهن تطورات الموقف الإيراني، قائلة: "إذا اختار خامنئي الرد على قاعدة أميركية فالوضع سيتغير جذريا، وإذا قرر مهاجمة إسرائيل فقط، فلكل سيناريو حساب مختلف". وأضافت المصادر: "واشنطن تفضل أن تتجه إيران نحو المفاوضات، ونحن ننتظر لنرى: هل سيرد خامنئي؟ هل سيتجه للتفاوض؟ أم سيستسلم؟ من جانبنا، لا نريد حملة طويلة، بل نأمل إنهاء الحدث هذا الأسبوع". ورغم عدم توافر تأكيد نهائي حول حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن الضربة "ألحقت ضررا بالغا بالبرنامج النووي"، وأن "الكتلة الكبيرة من المواد المخصبة لم تنقل قبل الهجوم، وقد تكون دمرت بنسبة 80-90%". وقالت المصادر إن البرنامج النووي الإيراني تأخر بفعل الهجوم "أكثر من عشر سنوات"، مضيفة: "ننتظر الأيام المقبلة للحصول على صورة أوضح، لكننا نعتقد أن الضربة كانت ناجحة للغاية". إسقاط النظام شددت المصادر على أن الهدف الاستراتيجي لإسرائيل لم يكن إسقاط النظام الإيراني، بل تعطيل قدراته النووية. وقال أحد المسؤولين: "إضعاف النظام قد يكون نتيجة جانبية للهجمات، لكن لم يكن ذلك هدفا في أي مرحلة". وبحسب التقييم الإسرائيلي، فقد تم تدمير أكثر من 50% من منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية، في حين لا يزال لدى طهران ما يقرب من 200 منصة و1500 صاروخ. وحذرت المصادر من احتمال لجوء إيران إلى تنفيذ هجمات خارجية ضد أهداف إسرائيلية ويهودية، وقالت: "التهديدات الخارجية واردة دوما، ولهذا السبب نرفع من مستوى التأهب ونعمل على إحباط أي مخطط مبكرا".


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
«مطرقة» ترمب تستهدف «النووي» الإيراني... وتتفادى النظام
شنّت الولايات المتحدة، فجر الأحد، غارات جوية استهدفت 3 مواقع نووية رئيسية داخل إيران، في أول تدخل مباشر لها في الحرب المتصاعدة بين تل أبيب وطهران، في عملية عسكرية أُطلق عليها اسم «مطرقة منتصف الليل»، في مقامرة محفوفة بالمخاطر، تهدف لإضعاف طويل الأمد للخصم، كما أثارت مخاوف من تصعيد إقليمي واسع. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الضربات الجوية التي نفّذتها بلاده «محَت بالكامل» منشآت إيران النووية في فوردو ونطنز وأصفهان، باستخدام قنابل خارقة للتحصينات. وفي المقابل، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن «زمن الدبلوماسية قد انتهى»، مؤكداً أن لإيران الحقّ في الدفاع عن نفسها، وأن واشنطن «تجاوزت خطاً أحمر كبيراً». وجاءت الضربات الأميركية، فجر اليوم العاشر من الحرب المفتوحة بين إيران وإسرائيل، التي بدأت في 13 يونيو (حزيران)، عندما شنّت إسرائيل هجمات جوية واسعة على مواقع عسكرية ونووية داخل إيران، أسفرت عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين. وقالت تل أبيب إن لديها معلومات استخباراتية تشير إلى أن برنامج إيران النووي بات قريباً من «نقطة اللاعودة». وأكّد ترمب أن الضربات شكّلت «نجاحاً عسكرياً مذهلاً»، واستهدفت المنشآت النووية الإيرانية الثلاث الأكثر أهمية؛ نطنز، وأصفهان، وفوردو. وكان ترمب قد تردد بين مواصلة الضغط الدبلوماسي أو الانضمام المباشر إلى الحرب، بل تحدث علناً في وقت سابق عن احتمال استهداف المرشد الإيراني علي خامنئي. ويُعدّ قراره بدعم الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران أخطر وأكبر مقامرة في السياسة الخارجية لإدارته خلال ولايتيه الرئاسيتين حتى الآن، وفقاً لوكالة «رويترز». وأبقى الرئيس الأميركي دونالد ترمب الباب مفتوحاً لتجنب صراع أوسع، إذا استجابت طهران للمطالب الأميركية، لكنه حذّرها من ردٍّ قد يجرّ مزيداً من الهجمات المدمرة. وفي خطاب متلفز وجّهه إلى الشعب الأميركي، مساء السبت، بحضور نائبه جيه دي فانس، ووزيري الدفاع والخارجية، قال ترمب: «هدفنا كان تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم ووقف التهديد النووي الذي تشكله الدولة الأولى الراعية للإرهاب». منشأة فوردو تحت الأرض قبل الضربة الأميركية وبعدها (رويترز) ووصف إيران بـ«المتنمرة في الشرق الأوسط»، مشيراً إلى شعاراتها المعادية للولايات المتحدة وإسرائيل، وأضاف: «مات مئات الآلاف نتيجة كراهيتهم، وكثيرون قُتلوا على يد جنرالهم قاسم سليماني». وقال ترمب إن مستقبل إيران سيكون «إما سلاماً أو مأساة»، ملوّحاً باستهداف مواقع إضافية، إذا لم تستجب طهران. وأضاف: «إذا لم يتحقق السلام سريعاً، فسنقصف أهدافاً أخرى بدقة وسرعة. معظمها يمكن تدميره في دقائق». وتابع: «لا جيش في العالم قادر على تنفيذ ما قمنا به الليلة، ولا الاقتراب منه». في مؤتمر صحافي بالبنتاغون، كشف وزير الدفاع الأميركي بيت تفاصيل الهجوم، قائلاً إن الضربات الأميركية «دمرت برنامج إيران النووي»، وأكّد أن العملية لم تستهدف القوات الإيرانية أو الشعب الإيراني. وقال هيغسيث إن ترمب «يسعى إلى السلام»، وإن هذه العملية «لم تكن تهدف إلى تغيير النظام»، بل جاءت لضرب التهديدات التي يشكّلها البرنامج النووي الإيراني «لمصالحنا الوطنية ولدعم دفاعنا المشترك مع حليفتنا إسرائيل». وأضاف أن «طموحات إيران النووية تم القضاء عليها»، مشيراً إلى أن إدارة ترمب التزمت بقانون صلاحيات الحرب، وأبلغت أعضاء الكونغرس فور خروج الطائرات من الأجواء الإيرانية بأمان. وقال هيغسيث: «كان الأمر الذي تلقيناه من القائد الأعلى واضحاً، وقوياً، ودقيقاً. لقد دمّرنا البرنامج النووي الإيراني، ومن المهم التأكيد على أن العملية لم تستهدف القوات الإيرانية أو الشعب الإيراني». وأضاف: «بفضل القيادة الجريئة والرؤية الواضحة للرئيس ترمب، والتزامه بتحقيق السلام من موقع القوة، تم القضاء على طموحات إيران النووية». وتابع: «الإيرانيون يدركون تماماً موقف الولايات المتحدة، ويعرفون الخطوات المطلوبة للسير نحو السلام. ونأمل أن يختاروا هذا الطريق». وكانت شبكة «سي إن إن» قد نقلت عن مصادر أميركية، أن الولايات المتحدة تبذل جهوداً متعددة للتواصل مع المسؤولين الإيرانيين عقب الضربات الجوية على المنشآت النووية. وأشارت المصادر إلى أن تنفيذ العملية جاء بعد أن تبيّن لإدارة ترمب أن المسار الدبلوماسي قد وصل إلى طريق مسدود. من جهتها، ذكرت شبكة «سي بي إس نيوز» أن واشنطن أرسلت رسائل دبلوماسية إلى طهران يوم السبت، أوضحت فيها أن الضربات تمثل كامل خطتها العسكرية، وأنها لا تهدف إلى تغيير النظام في إيران. وقال وزير الدفاع الأميركي: «يمكنني التأكيد على أن رسائل علنية وخاصة توجه مباشرة إلى الإيرانيين عبر قنوات متعددة، بهدف منحهم كل فرصة ممكنة للجلوس إلى طاولة التفاوض». وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال دان كاين، إن العملية العسكرية الأميركية ضد إيران، يوم السبت، التي حملت اسم «عملية المطرقة في منتصف الليل»، شارك فيها أكثر من 125 طائرة، وتضمنت خطة خداع استخدمت فيها قاذفات فوق المحيط الهادئ كـ«طُعم» لتضليل الدفاعات الإيرانية. وأوضح كاين، خلال مؤتمر صحافي في البنتاغون، أن العملية غير المسبوقة شملت 7 قاذفات شبح من طراز «بي 2»، أسقطت أكثر من 12 قنبلة خارقة للتحصينات، تزن كل منها 30 ألف رطل، على منشأتي فوردو ونطنز النوويتين. كما أُطلقت صواريخ كروز من طراز «توماهوك» من غواصات أميركية استهدفت مواقع في أصفهان، في حين أفادت تقارير إعلامية أميركية بإطلاق 30 صاروخاً من هذا النوع. وشاركت في العملية قاذفات «بي 2»، أقلعت من ولاية ميزوري، إلى جانب طائرات للتزود بالوقود، وطائرات استطلاع، ومقاتلات. واستغرقت العملية نحو 20 دقيقة، بحسب كاين، وكانت هذه أطول مهمة تنفذها قاذفات «بي 2» منذ هجمات ما بعد 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وأقرّ كاين بأن الهجوم الذي نفّذته قاذفات «بي 2» على منشأة فوردو النووية لم يُدمّر الموقع المحصّن بالكامل، لكنه ألحق به أضراراً كبيرة. رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كاين خلال مؤتمر صحافي في البنتاغون بواشنطن (أ.ب) وقال: «في منتصف ليل الجمعة، حتى صباح السبت، انطلقت مجموعة كبيرة من قاذفات (بي 2) من الولايات المتحدة. وكجزء من خطة للحفاظ على عنصر المفاجأة التكتيكية، توجه جزء منها غرباً فوق المحيط الهادئ كطُعم، ضمن خطة خداع لم يكن مطلعاً عليها سوى عدد محدود جداً من المخططين والقادة في واشنطن وتامبا». وأضاف: «أما القوة الرئيسية، المؤلفة من 7 قاذفات (بي 2 سبيريت) يقود كل منها طاقم مكون من طيارَين، فقد تقدمت بهدوء نحو الشرق، مع الحدّ الأدنى من الاتصالات». في وقت لاحق، قال نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، إن الولايات المتحدة ليست في حالة حرب مع إيران، بل مع برنامجها النووي، مؤكداً أن الضربات الأميركية أعادت هذا البرنامج إلى الوراء «لفترة طويلة جداً». وأشار فانس إلى أن القصف «جاء نتيجة فشل طهران في التفاوض بجدية،» موضحاً أن واشنطن لا تسعى إلى تغيير النظام أو توسيع رقعة الصراع، بل إلى إنهاء البرنامج النووي والتوصل إلى تسوية طويلة الأمد. وأضاف أن الرئيس دونالد ترمب يأمل الآن في التوجه نحو حلّ دبلوماسي. وأكّد فانس أن ترمب اتخذ القرار النهائي بشنّ الضربات قبيل تنفيذها مباشرة، وأن إيران بعثت برسائل غير مباشرة بعد العملية. وشدّد على أن الولايات المتحدة لا تعتزم إرسال قوات برية إلى المنطقة، قائلاً في حديثه لشبكة «إن بي سي»: «لا نرغب في إطالة أمد هذا النزاع أو توسيعه، بل نريد إنهاء برنامجهم النووي، ثم التفاوض مع الإيرانيين على تسوية دائمة». من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن الضربات الجوية التي نفّذتها الولايات المتحدة «جعلت العالم أكثر أمناً»، مقللاً من المخاوف بشأن اندلاع نزاع أوسع نطاقاً. وفي تصريح على قناة «فوكس نيوز»، قال روبيو: «أعتقد أن العالم اليوم أكثر أمناً واستقراراً مما كان عليه قبل 24 ساعة»، محذّراً طهران من أنها ستواجه ضربات إضافية إذا أصرّت على الاستمرار في برنامجها النووي «السري». واتهم إيران بالدخول في «مفاوضات زائفة» قبل الضربات، في محاولة «للتلاعب بالرئيس الأميركي وكسب الوقت». تظهر صور الأقمار الصناعية للمنطقة الجبلية التي تقع فيها منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، بعض الأضرار عقب الضربات الأميركية، واحتمال وقوع تلفيات في المداخل القريبة. وكان من المستحيل إلى حد كبير تقييم حجم الأضرار داخل إيران، صباح اليوم (الأحد). وانقطعت الاتصالات داخل إيران ومع العالم الخارجي بشكل كبير في الأيام القليلة الماضية، مع انقطاع الإنترنت. وفي اللحظات الأولى من إعلان الهجوم، وصف التلفزيون الرسمي الإيراني الضربات بأنها في محيط منشآت فوردو ونطنز. وأشار مسؤول في التلفزيون الإيراني، الذي كان يتحدث على الهواء، إلى أن مخزون اليورانيوم، بما في ذلك المخصب بدرجة 60 في المائة، قد نقل إلى مكان آخر قبل الهجوم. وقال حسن عابديني، نائب الرئيس السياسي لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، إن البلاد أخلت في وقت سابق المواقع الثلاثة. وأوضح: «جرى نقل احتياطيات اليورانيوم المخصب من المراكز النووية، ولم يتبقَّ هناك أي مواد من شأنها أن تسبب إشعاعات وتضرّ بمواطنينا إذا استُُهدفت». وقالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إنها لن تسمح بوقف تطوير «صناعتها الوطنية». وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن المنظمة خفّضت عدد كوادرها في الموقع المذكور إلى أقل مستوى. وصرّح محمد منان رئيسي، عضو البرلمان عن مدينة قم، القريبة من فوردو، لوكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» بأن المنشأة لم تتضرر بشكل خطير، دون الخوض في تفاصيل. وكانت الوكالة وزّعت مقطع فيديو يظهر من موقع ما، وقاله إنه منشأة «فوردو» ولم يتضح شيئاً سوى ضوء المصابيح. وأظهرت صور أقمار صناعية للمنطقة الجبلية التي تقع فيها منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم مؤشرات على وقوع أضرار في منشأة فوردو المدفونة داخل جبل، فيما شوهد دخان رمادي خفيف في الأجواء، بما في ذلك احتمال تضرر المداخل القريبة من المنشأة. وفي الأيام الثلاثة التي سبقت الضربات الأميركية، رُصدت تحركات غير اعتيادية مكثفة بالقرب من نفق الدخول في منشأة فوردو النووية الإيرانية، وفقاً لتحليل أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» استناداً إلى صور أقمار صناعية نشرتها شركة «ماكسار تكنولوجيز» المتخصصة في تقنيات التصوير الفضائي. وفي 19 يونيو، أفاد أحد المحللين بأن 16 شاحنة شحن كانت متمركزة بالقرب من نفق الدخول. وفي اليوم التالي، تحركت تلك الشاحنات باتجاه الشمال الغربي بعيداً عن الموقع، لكن شوهدت شاحنات أخرى وجرافات بالقرب من المدخل. ووفقاً لتحليل أجراه «مركز المصادر المفتوحة» في لندن، فإن إيران ربما كانت تُعدّ المنشأة لمواجهة ضربة محتملة. وفي ظل انقطاع واسع للاتصالات داخل إيران ومع الخارج خلال الأيام الأخيرة، بدا من الصعب صباح الأحد تقييم حجم الأضرار بشكل دقيق. وكانت السلطات الإيرانية قد خفّضت بشكل ملحوظ الوصول إلى الإنترنت، ما صعّب مهمة التحقق المستقل من الوقائع على الأرض. في الساعات الأولى من الإعلان عن الهجوم، أشار التلفزيون الرسمي الإيراني إلى أن الضربات وقعت بالقرب من منشآت فوردو ونطنز. وقالت طهران إن العملية العسكرية الأميركية لم تسفر عن وقوع قتلى. من جانبها، أكّدت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أنها لن تتوقف عن تطوير «صناعتها الوطنية»، في إشارة إلى برنامجها النووي. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن المنظمة خفّضت عدد العاملين في المواقع المتضررة إلى أدنى مستوى. في السياق ذاته، حاولت السلطات التقليل من حجم الدمار، إذ صرّح النائب البرلماني محمد منان رئيسي، عن مدينة قم القريبة من فوردو، لوكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، أن المنشأة «لم تتعرض لأضرار جسيمة»، دون تقديم مزيد من التفاصيل. ونشرت الوكالة مقطع فيديو، قيل إنه من داخل فوردو، إلا أنه لم يُظهر سوى أضواء المصابيح، دون أن يوضح حجم الأضرار. أدان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الأحد، «العدوان الأميركي»، متهماً واشنطن بالوقوف خلف الهجوم الذي بدأته إسرائيل الأسبوع الماضي. وقال، في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»: «هذا العدوان كشف أن الولايات المتحدة هي المحرّك الأساسي وراء الأعمال العدائية التي ينفّذها الكيان الصهيوني ضد الجمهورية الإسلامية في إيران»، مضيفاً أن واشنطن تدخلت بعدما لمست «عجزاً واضحاً» لدى حليفتها إسرائيل. وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن طهران ستدافع عن نفسها «بكل الوسائل اللازمة» رداً على الضربات الأميركية، قائلاً خلال اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول: «بلادي تعرضت لهجوم وعدوان، ومن حقّنا الردّ في إطار الدفاع المشروع عن النفس، وسنفعل ذلك». وأضاف: «لم تبقَ خطوط حمراء لم يتم تجاوزها، وآخرها كان الليلة الماضية حين استهدفت الولايات المتحدة منشآتنا النووية»، في إشارة إلى الضربات على فوردو ونطنز وأصفهان. The United States, a permanent member of the United Nations Security Council, has committed a grave violation of the UN Charter, international law and the NPT by attacking Iran's peaceful nuclear events this morning are outrageous and will have everlasting... — Seyed Abbas Araghchi (@araghchi) June 22, 2025 وأشار عراقجي إلى أنه سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الاثنين، في موسكو لإجراء «مشاورات جدية»، موضحاً أن روسيا والصين كانتا تعملان على إعداد مشروع قرار في مجلس الأمن لوقف التصعيد العسكري. وقال: «لكن الوضع تطور، وسنناقش معهم الخطوات المقبلة». وفي منشور على منصة «إكس»، اتهم عراقجي الولايات المتحدة بـ«انتهاك جسيم لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ومعاهدة حظر الانتشار النووي»، مضيفاً: «الهجمات على منشآتنا النووية السلمية هذا الصباح كانت شنيعة، وستخلّف تداعيات دائمة». وفي بيان رسمي، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الضربات الأميركية كشفت أن واشنطن لا تتردد في «انتهاك القانون وارتكاب الجرائم» دعماً لحليفتها إسرائيل. وأضاف البيان: «بات من الواضح أن دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن لا تلتزم بأي قواعد أو أخلاقيات، ومستعدة لخرق القانون خدمةً لكيان استيطاني يرتكب الإبادة». وأفادت تقارير بموافقة البرلمان الإيراني على مشروع قرار لإغلاق مضيق هرمز، إلا أن التلفزيون الرسمي أوضح أن التنفيذ يتطلب موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي. وقال النائب والقيادي في «الحرس الثوري»، إسماعيل كوثري، للتلفزيون الرسمي، إن خيار الإغلاق مطروح «وسيُتخذ القرار إذا اقتضت الضرورة». في السياق، حذّر «الحرس الثوري» الأميركيين من ردود «تفوق حساباتهم»، وقال في بيان: «العدوان الأميركي دفع الجمهورية الإسلامية، ضمن حقّها المشروع في الدفاع عن النفس، إلى تفعيل خيارات تتجاوز فهم الجبهة المعتدية»، مضيفاً أن على «المعتدين أن يتوقعوا ردّاً يجعلهم يندمون». ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن البيان، إنه «بعد الهجوم على المنشآت النووية السلمية، تضع القوات الأميركية نفسها بالفعل في خطر مباشر». في غضون ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول إيراني رفيع أن «أي استهداف للمرشد علي خامنئي سيغلق الباب أمام أي اتفاق أو مفاوضات، وسيؤدي إلى ردّ بلا حدود». وأضاف: «سيُعدّ ذلك تجاوزاً لكل الخطوط الحمراء». في إسرائيل، وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الأحد، شكره لحليفه ترمب على «الهجوم الجريء» ضد المواقع النووية الإيرانية، واصفاً الضربات بأنها «منعطف تاريخي» قد يمهّد الطريق نحو السلام في الشرق الأوسط. وفي رسالة موجهة للإسرائيليين، قال نتنياهو إن «الوعد بتدمير البرنامج النووي الإيراني قد تم الوفاء به»، مؤكداً أن الهجوم الأميركي نُفّذ «بتنسيق كامل» مع إسرائيل. وأضاف في رسالة مصوّرة باللغة الإنجليزية موجهة إلى ترمب: «أشكركم، وشعب إسرائيل يشكركم... قراركم الجريء باستخدام القوة العادلة والجبارة للولايات المتحدة ضد المنشآت النووية الإيرانية سيُغيّر مجرى التاريخ». في وقت لاحق، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إيفي ديفرين، إن الجيش يقيّم نتائج الضربات الأميركية على منشأة فوردو النووية الواقعة في عمق الجبال، مشيراً إلى أنه «من المبكر جداً» تحديد ما إذا كانت مخزونات اليورانيوم المخصب قد دُمّرت. وأضاف: «نحن نتابع الوضع على مدار الساعة، وسنعرف لاحقاً». تزامناً مع الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية، تصاعدت وتيرة المواجهات بين إيران وإسرائيل، حيث تبادل الطرفان موجات جديدة من الهجمات الجوية، والصواريخ، والطائرات المسيّرة. وأعلن «الحرس الثوري» الإيراني أنه أطلق 40 صاروخاً باتجاه إسرائيل خلال الليل، محذّراً من أن «الجزء الرئيسي من قدراته لم يُستخدم بعد». وأشار إلى أن الضربة شملت صواريخ من طراز «خرمشهر 4» القادرة على حمل رؤوس متعددة. وأسفر القصف عن إصابة أكثر من 80 شخصاً بجروح طفيفة، وفق السلطات الإسرائيلية، فيما تضرر مبنى سكني في تل أبيب بشكل كبير بعد أن تهشّمت واجهته بالكامل، وتعرّضت منازل في الجهة المقابلة لأضرار جسيمة. تعرض لوحة إعلانية إلكترونية صورة للرئيس دونالد ترمب إلى جانب رسالة تقول «شكراً لك سيادة الرئيس» في رمات غان قرب تل أبيب (أ.ب) وفي بيان عسكري، نقلته وكالة «فارس»، قالت القوات المسلحة الإيرانية إنها استهدفت مطار بن غوريون وعدداً من المواقع العسكرية واللوجستية ومراكز القيادة في إسرائيل، في إطار «الموجة العشرين من عملية الوعد الصادق 3»، باستخدام صواريخ بعيدة المدى تعمل بالوقود الصلب والسائل. ودوّت صفارات الإنذار في تل أبيب والقدس، مع سماع أصوات انفجارات قوية. من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ ضربات جديدة، الأحد، ضد أهداف عسكرية في غرب إيران، شملت منصات إطلاق صواريخ وقوات إيرانية. وأكّد الجيش أن الضربات استهدفت «منصات استخدمت لإطلاق الصواريخ نحو الأراضي الإسرائيلية قبل قليل». في المقابل، توقفت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية عن عرض صور للأضرار، بعد أن كانت تبثّ لقطات حية خلال الأيام الأولى من الهجمات الإسرائيلية. وشهدت طهران حركة نزوح جماعي من السكان إلى الأرياف، مع تصاعد الغارات الإسرائيلية على العاصمة.